إسلام ويب

دليل الطالب كتاب الحدود [2]للشيخ : حمد الحمد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الحدود الشرعية في الإسلام حد الزنا وحد القذف، وهما مما شرع لحماية الأعراض وصونها من الجناية عليها، ولهذه الحدود شروط وأركان وأسباب وآداب.

    1.   

    حد الزنا

    تعريف الزنا

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب حد الزنا ].

    الزنا هو فعل الفاحشة في قبلٍ أو دبر، والدبر وإن كان لا يحل من الزوجة، وليس محلاً للوطء المشروع، لكن الفقهاء يذكرون مسائل تترتب على فعله، وإلا فإنه لا يجوز شرعاً، وتقدم شرح هذا في كتاب عشرة النساء، والمراد هنا الدبر من أجنبية.

    قال: [ هو فعل الفاحشة في قبلٍ أو دبرٍ ] يعني: أن يطأ امرأة لا تحل له في قبلها، أو أن يطأ دبر أجنبية، ويأتي الكلام على اللواط في مسألة في هذا الباب إن شاء الله تعالى.

    حد الزاني المحصن

    قال الله جل وعلا: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]، فإذا زنا المحصن وجب رجمه حتى يموت، وعلى ذلك فحد الزاني المحصن الرجم، وقد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين قال: (واغدُ يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)، ورجم عليه الصلاة والسلام ماعزاً كما في الصحيحين، ورجم الغامدية كما في الصحيحين أيضاً، وكان في القرآن آية تتلى فيها الرجم، فنسخ لفظها وبقي حكمها؛ ابتلاءً لهذه الأمة.

    وقد جاء في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال: إن الله قد بعث محمداً بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فجلد النبي عليه الصلاة والسلام وجلدنا بعده، وإني أخشى إن طال بالناس زمنٌ أن يقول قائل: إنا لا نجد الرجم في كتاب الله، وإن الرجم حقٌ في كتاب الله على من زنا إذا أحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف ]]، والحبل هو الحمل.

    وعلى ذلك: كانت آية من القرآن تتلى، ثم نسخ لفظها وبقي حكمها؛ ابتلاءً لهذه الأمة، ولبيان فضيلتها وأنها تعمل بما نسخ لفظه من القرآن وبقي حكمه، بخلاف أهل الكتاب الذين تركوا العمل بما بقي حكمه وبقي لفظه عندهم، وتحايلوا في ترك العمل به، كالرجم هنا، فقد وضع رجل من اليهود يده على آية الرجم بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، وهي مكتوبة في كتابهم كما ثبت في الصحيح.

    قال: [ وجب رجمه حتى يموت ]، وقد جاء في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم).

    ضابط الإحصان

    قال: [ والمحصن ]، المحصن هو الذي إذا زنا وجب رجمه، قال: [ والمحصن هو من وطئ زوجته في قبلها ]، يعني: بهذا يثبت الإحصان، أي: نحكم بأنه محصن إذا وطئ زوجته في قبلها بنكاحٍ صحيح، وعلى ذلك فإذا عقد فقط ولم يطأ فلا يكون محصناً حتى يطأ، ويكون وطؤه لزوجته، فلو كان وطؤه لسريته -وهي أمته- فلا يكون محصناً، وإنما يكون بكراً غير محصن.

    إذاً: المحصن هو المتزوج الذي وطئ زوجته في قبلها بنكاحٍ صحيح لا بنكاحٍ باطل، ولا بنكاح فاسدٍ يعتقد فساده، فإذا نكحها بنكاحٍ باطل كالذي ينكح المعتدة فهذا النكاح للمعتدة نكاح باطل، ولا يحصل به الإحصان، وكذلك إذا كان بنكاحٍ فاسدٍ وهو يعتقد فساده، كنكاح المرأة بلا ولي وهو يعتقد أنه فاسد، وأما إذا كان على مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله أو من وافقه، فهو يعتقد صحته، فإنه يكون محصناً بذلك، لكن الذي ينكح بلا ولي وهو يعتقد أن هذا فاسد، فلا نقول إنه محصن بذلك بحيث إنه إذا زنا بعد ذلك أقمنا عليه الحد، لا.

    قال: [ وهما حران ]، فلو كانت زوجته أمةً فلا إحصان؛ لا إحصان إلا بالحرة.

    [ مكلفان ]: إذا كان هو أو هي غير مكلفين فكذلك، فلا بد أن يكون هو مكلفاً، وأن تكون هي مكلفة، ومعلوم أن المكلف يحصل به من الإحصان والحفظ ما لا يحصل بمن هو دونه، وهذا هو قول جمهور العلماء.

    إذاً: أن يطأ زوجة لا سرية، في قبلٍِ، وأن يكون حراً، وأن يكون مكلفاً، وأن يكون الطرف الثاني كذلك، وعلى ذلك فلو كان رجلاً مكلفاً لكن زوجته صبية، فلا يقام عليه حد الزنا للمحصن، وإنما يقام عليه حد الزنا لغير المحصن وهو البكر، والحدود تدرأ بالشبهات.

    حد الزاني غير المحصن

    قال: [ وإن زنا الحر غير المحصن جلد مائة جلدة ]، ما تقدم في المحصن، وأما غير المحصن فإنه يجلد مائة جلدة؛ للأحاديث التي تقدم ذكرها، ولا خلاف بين أهل العلم في هذا، قال: [ وغرب عاماً ]؛ للحديث المتقدم وهو حديث عبادة ، وفيه: (البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة)، وفي الترمذي أن أبا بكر رضي الله عنه جلد وغرب، وأن عمر رضي الله عنه جلد وغرب.

    [ إلى مسافة قصر ]؛ لأن المسافة التي هي دون هذه المسافة لا تعد تغريباً، بل ويكون من حاضري المكان، وعلى ذلك فيغرب مسافة قصرٍ فأكثر، والمرأة كذلك تغرب مسافة قصرٍ وأكثر، لكن لا بد لها من محرم يحفظها، [ وأما في الرجم فيكفي فيه -على الصحيح، وهو المذهب، وهو قول الجمهور- يكفي فيه الرجم ]، وأما حديث عبادة الذي فيه: (خذوا عني) الحديث، وفيه: (والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) فهذا منسوخ؛ لأن آخر الأمر من النبي عليه الصلاة والسلام أنه اكتفى بالرجم كما في حديث: (واغدُ يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)، ورجم ماعزاً والغامدية ولم يثبت أنه عليه الصلاة والسلام جلدهما.

    وصح ذلك أيضاً عن عمر رضي الله عنه كما في مصنف ابن أبي شيبة أنه رجم ولم يجلد، ولأن الرجم يأتي على الجلد، فالقتل يحيط بما دونه، وحديث عبادة واضح في أن النبي عليه الصلاة والسلام قاله في أول الأمر؛ لأنه قال: (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً)، والله جل وعلا يقول في كتابه: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ [النساء:16] إلى أن قال سبحانه وتعالى: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء:15].

    حكم الذمي إذا زنا بمسلمة وكذلك الحربي

    ثم قال: [ وإن زنا الذمي بمسلمة قتل ]، الذمي إذا زنى بمسلمة فإنه يقتل؛ لأنه يكون بذلك قد نقض عهده، فلا ذمة له، وإن زنى الحربي فلا شيء عليه؛ لأنه غير ملتزمٍ بشريعتنا، ولأنه مهدر الدم، فدمه هدر، وعلى ذلك فلا شيء عليه من هذه الجهة؛ لأنه حربي والحربي مهدر الدم.

    حكم الرقيق إذا زنا

    وقال قبل ذلك: [ وإن زنا الرقيق جلد خمسين ]؛ لأن الله جل وعلا قال: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25]، ومعلوم أن الرجم لا يمكن تنصيفه؛ لأنه قتل، وعلى ذلك فحدهن وحد العبيد هو الجلد فقط، ويكون الجلد خمسين جلدة، فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25]، ولا يغرب؛ لأن تغريبه إضرارٌ بسيده، فبذلك نفوت حق السيد.

    حكم المحصن إذا زنا بغير المحصن

    قال: [ وإن زنى المحصن بغير المحصن فلكل حده ]، إذا زنى رجل محصن بامرأة بكر ليست محصنة فهذا له حده وهذا له حده، فالمحصن حده الرجم، والبكر حده الجلد، ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (واغدُ يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)، وقال للرجل: (على ابنك جلد مائة وتغريب عام)، فقضى أن على العسيف الذي زنى بهذه المرأة أن عليه جلد مائة وتغريب عام؛ لأنه بكر، وقضى على المرأة بالرجم، فهنا أحدهما يرجم والآخر يجلد.

    والتغريب عاماً يكون باعتبار السنة الهجرية؛ لأن هي المعتبرة في الشرع، فيكون بالسنة الهجرية لا الشمسية.

    حكم من زنا ببهيمة

    قال: [ ومن زنى ببهيمة عزر، ولا حد عليه؛ لأنها معصية، والمعصية فيها التعزير ]، كما سيأتي إن شاء الله، فالمعصية فيها التعزير، ولا يقتل رجماً إن كان محصناً، ولا يجلد إن كان بكراً، وأما ما جاء عند الخمسة إلا النسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة) فالحديث منكر، وقد رواه أحمد وأبو داود والترمذي والطحاوي وغيرهم، فلا يصح هذا الحديث، بل هو حديث معل.

    حكم اللواط

    قال: [ ولو تلوط ]، اللواط فيه الحد في المشهور في المذهب، وقد جاء عند البيهقي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان، وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان)، والحديث لا يصح، لكنهم جعلوه قياساً على الزنا؛ بجامع أن كليهما وطء لفرج.

    والقول الثاني في المسألة، وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم الجوزية ورواية عن أحمد : أنه يرجم مطلقاً محصناً كان أو غير محصنٍ، وذلك لإجماع الصحابة على ذلك، وقد حكى الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية ، وأورد الآثار في ذلك ابن نصر ، وأورد الآثار في ذلك الآجري رحمه الله تعالى في كتابه (تحريم اللواط).

    واختلف الصحابة في كيفية قتله مع إجماعهم على أنه يقتل، فمنهم من قال: إنه يرجم، كـابن عباس ، ومنهم من قال: إنه يرمى من شاهق، ومنهم من قال: إنه يحرق، ومنهم من قال: إنه يقتل بالسيف، وأصحها أنه يرجم، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه، قال الله جل وعلا: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ [الحجر:74]، فأمطر الله عز وجل عليهم هذه الحجارة، وعلى ذلك فلإجماع الصحابة رضي الله عنهم نقول: بأنه يقتل، ويكون قتله بالحجارة، يعني: يرجم، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

    من شروط وجوب حد الزنا تغييب الحشفة

    قال: [ وشرط وجوب الحد ثلاثة أحدها: تغييب الحشفة أو قدرها ]، هذا هو الشرط الأول: أن يغيب الحشفة وهي موضع الختان من الرجل، [ وهي موضع الختان من المرأة ]، بأن يكون هناك إيلاج بتغييب هذه الحشفة، فلا بد من إيلاج، فإذا لم يكن هناك إيلاج فلا حد، ولا بد أن يكون هذا الإيلاج بالحشفة، أو بقدرها لمن لا حشفة له.

    قال: في فرجٍ أو دبرٍ لآدمي حي لا ميت. فلو وطئ ميتةً لم يحد؛ لأنها لا تشتهى في العادة، وتنفر الطباع منها ، إذاً: لا بد من الإيلاج، فلو باشر المرأة بين فخذيها أو نحو ذلك فإنه لا يحد، وإنما يعزر، وأما الحد فإنه لا بد فيه من إيلاج، يعني: بأن يولج في المرأة كالرشا في البئر، وكالمرود في المكحلة.

    من شروط وجوب حد الزنا انتفاء الشبهة

    قال: [ الثاني: انتفاء الشبهة ]، وقد جاء في الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ادرءوا القتل والقطع عن المسلم ما استطعتم)، والحديث ضعيف، لكنه صح عن ابن مسعود رضي الله عنه عند البيهقي ولا يعلم له مخالف، بل قد أجمع أهل العلم كما قال ابن المنذر رحمه الله على ذلك: إن الحدود تدرأ بالشبهات.

    وعلى ذلك فلو وطئ أمةً له فيها شرك، يعني: مشتركة بينه وبين صاحبٍ له، فهذه لا توطأ في الأصل، فلو وطئها فهذه شبهة، فيعزر ولا يحد، ولو وطئ الأب أمة ولده كذلك، ولو نكح نكاحاً مختلفاً فيه إن كان يعتقد فساده، كالذي ينكح امرأةً بلا ولي، يعني: يكتفي بالرضا وبقية الشروط لكن لا يكون هناك ولي، فهذا نكاح فاسد عند الجمهور، فإذا فعله من يعتقد فساده، وأنه لا يجوز للرجل أن ينكح المرأة إلا بولي، ومع ذلك نكح، فإنا لا نقيم عليه الحد؛ للشبهة، أو نكح امرأة معتدة، وهو يعتقد الصحة ويظن أنها غير معتدة، أو يجهل ذلك، أو يخفى عليه، فهذه شبهة.

    من شروط وجوب حد الزنا ثبوته

    الثالث: [ ثبوته؛ إما بإقرار أربع مرات ] إذاً: الشرط الأول أن يولج الحشفة أو قدرها عند عدم الحشفة، الثاني: انتفاء الشبهة؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، الثالث: ثبوت الزنا.

    وبماذا يثبت الزنا؟ قال: إما بإقرار أربع مرات، ففي حديث أبي هريرة في الصحيحين: (فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي عليه الصلاة والسلام فقال: أبك جنون؟ قال: لا. قال: اذهبوا به فارجموه)، فلا بد إذاً أن يقر على نفسه أربع مرات في مجلس أو في مجالس، فيقر على نفسه بالزنا الصريح أربع مرات ولا تكفي مرة، ولا مرتان، ولا ثلاث، ولا أربع، فلا بد أن يقر على نفسه أربعاً.

    فثبوته إما بإقرارٍ أربع مرات ويستمر على إقراره، فإن رجع عن إقراره تُرك، ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام عندما فر ماعزاً لما مسته الحجارة فلحقوه وقتلوه، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (هلا تركتموه؛ لعله أن يتوب فيتوب الله عليه).

    إذاً: إذا رجع فإنه يترك، هذا في الإقرار، وأما في البينة فلا يقبل رجوعه.

    قال: [ أو شهادة أربعة رجالٍ عدول ]، قال جل وعلا: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ [النور:4]، فلا بد أن يأتي بأربعة شهداء ليس فيهم زوج؛ لأن الله جل وعلا قال: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ [النور:4]، ولم يعد الزوج شاهداً، ولأنه متهم في حق امرأته، كما تقدم هذا في باب اللعان، وليس فيهم أعمى؛ لوجود مانع.

    إذاً: أربعة شهود عدول ليس فيهم زوج وليس فيهم أعمى، وهؤلاء الشهود العدول يثبتون الزنا في مجلسٍ واحد لا في مجالس، ويصفونه، يقولون: رأيناه كذا وكذا بالجماع الصريح، مثل أن يقولوا: رأينا المرود في المكحلة، والرشا في البئر، فيصفونه وصفاً تاماً واضحاً.

    إذا كان أحد الشهود غير عدل

    قال: [ أو شهادة أربعة رجالٍ عدول، فإذا كان أحدهم غير عدلٍ حد للقذف ]، أي: لو أن هؤلاء الأربعة كان أحدهم ليس عدلاً فإن هؤلاء الثلاثة يجلدون حد القذف، ولذا جلد عمر رضي الله عنه الثلاثة كما عند البيهقي ، فلم يثبت الرابع الزنا الصريح، فحد رضي الله عنه الثلاثة جميعاً.

    إذاً: فهؤلاء الشهود الأربعة إذا كان أحدهم ليس عدلاً فإن هؤلاء الثلاثة يجلدون حد القذف، وقلنا: إنه لا بد أن تكون شهادتهم في مجلسٍ واحد، يعني: في مجلس القاضي الواحد، فإذا كان له مجلس في الضحى فأتى ثلاثة وشهدوا في أوله، وأتى الرابع وشهد في آخره قبل، لكن لو أتى الرابع في مجلسٍ ثانٍ وشهد، لم يقبل ذلك، ولذا فإن عمر رضي الله عنه جلد الثلاثة ولم ينتظر حتى يأتوا بشاهدٍ رابع في مجلسٍ آخر، وهذا كله من باب حفظ عرض المسلم، وألا يقدم أحد على الكلام في مثل هذه المسائل إلا ببينة واضحة.

    إذاً: لا بد أن يكون ذلك في مجلسٍ واحدٍ، وأن يصفوه الوصف الصريح في الجماع.

    إذا شهد أربعة بزناه بفلانة وشهد أربعة آخرون بزنا الشهود السابقين

    قال: [ وإن شهد أربعة بزناه بفلانة ] أي: شهد أربعة أن فلاناً قد زنا بفلانة، فشهد أربعة آخرون أن الشهود هم الزناة، أي: أتى أربعة وهم عدول فقالوا: إن هؤلاء الأربعة هم الزناة، صُدِّقوا، وحُدَّ الأولون فقط والمرأة لا تحد؛ لأن الأربعة الذين شهدوا عليها ثبت أنهم غير عدول، وهؤلاء قالوا: هم الزناة، ولم يقولوا: إنهم قد زنوا بفلانة، ولا يحد المشهود عليه لقدح الآخرين في شهادتهم، وحد الأولون فقط للقذف والزنا، فقد قذفوا هذه المرأة، ولأنهم زنوا.

    حكم من حملت وليس لها زوج ولا سيد

    قال: [ وإن حملت من لا زوج لها ولا سيد لم يلزمها شيء ]، أي: إن حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد لم يلزمها شيء؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، وقد جاء عند البيهقي : أن امرأة -والأثر صحيح- حملت فأتي بها إلى عمر ، فقالت: إنها يثقل رأسها في النوم، وإنها حملت من ذلك، فلم يقم عليها الحد، فهذا واقع لا سيما في القديم مع كثرة العمل وتعب النساء، فترمي بنفسها وتنام وتكون ثقيلة الرأس، فلا تشعر فقد يطأها وهي لا تشعر، وتحمل من هذا الزنا، والحدود تدرأ بالشبهات، لكن إذا أتوا بها حامل ولم تدعي شبهة فعن الإمام أحمد : أنها إذا لم تدعي شبهة فإن الحد يقام عليها، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه، ويدل على ذلك أن عمر رضي الله عنه قال: إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف، والشبهة البعيدة جداً لا ينظر إليها، وإنما ينظر إلى الشبهة التي يجوز وقوعها، فالمرأة إذا وجدت حاملاً وأتي بها حاملاً ولم تدعي شبهةً، فالذي يظهر في هذا أنها يقام عليها الحد، والله أعلم.

    1.   

    حد القذف

    قال: [ باب حد القذف ].

    القذف: هو الرمي بالزنا أو اللواط، قال الله جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:23]، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منهن عليه الصلاة والسلام: قذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

    حد القذف للحر والرقيق

    قال: [ ومن قذف غيره بالزنا حد للقذف ثمانين إن كان حراً للآية، وأربعين إن كان رقيقاً؛ لأثر عبد الله بن عامر أنه أدرك عمر رضي الله عنه ومن بعده على ذلك، وأنهم كانوا لا يجلدون المملوك في القذف إلا أربعين. رواه ابن أبي شيبة وغيره ].

    وعلى ذلك فالمملوك يجلد أربعين، والحر إذا قذف يجلد ثمانين.

    شروط القاذف

    وإنما يجب بشروط تسعة، فلا حد حتى تجتمع هذه الشروط التسعة، يعني: لا نقيم الحد على من قذف؛ حتى تثبت أو تجتمع هذه الشروط التسعة، أربعة منها في القاذف، وهو أن يكون -أي: القاذف- بالغاً عاقلاً؛ لأن المجنون والصبي لا حد عليهما كما تقدم، والحديث فيه: (رفع القلم عن ثلاثة، وذكر منهم: الصبي والمجنون) .

    إذاً: لا بد أن يكون هذا الذي رمى بالزنا غيره لا بد أن يكون عاقلاً، وأن يكون بالغاً.

    قال: [ مختاراً لا مكرهاً ]، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، فإذا أكره بحبسٍ أو جلدٍ أو سيفٍ أو نحو ذلك على أن يرمي فلاناً بالزنا أكره الإكراه المعتبر شرعاً فإنه لا يقام عليه الحد.

    قال: [ ليس بوالدٍ للمقذوف وإن علا كالقود ]، أي: لو قذف الوالد ولده، أو قذفت الأم ولدها، فلا حد، إذاً: هذه شروط أربعة لا بد من توفرها في القاذف: أن يكون القاذف بالغاً، وأن يكون عاقلاً، وأن يكون مختاراً، وألا يكون والداً، أي: القاذف.

    شروط المقذوف

    قال: [ وخمسة في المقذوف ] أي: خمسة لا بد أن تتوفر في المقذوف، فإذا وجدنا أن القاذف مكلف، ووجدناه مختاراً، وليس بوالد فننظر إلى المقذوف، وفيه خمسة شروط يجب توفرها، وهي: هذه الخمسة؟ قال: وهي كونه حراً؛ لأن الله قال: الْمُحْصَنَاتِ [النور:4]، والمحصنات هن الحرائر العفيفات، فلا بد أن يكون المقذوف حراً، وأما العبد ففيه التعزير، فلو أن رجلاً قذف عبداً فإنه لا يقام عليه الحد، وإنما يعزر؛ لأن العار الذي يلحق العبد ليس كالعار الذي يلحق الحر؛ فإن هذا عبدٌ يباع ويشترى، وليست حاله كحال هذا الحر.

    قال: [ وهو كونه حراً ]، ولذا في الآية كما تقدم: الْمُحْصَنَاتِ [النور:4]، والعبد كالأمة، فالأمة لا حد في قذفها وإنما فيه التعزير، والعقوبة والتعزير من قبل القاضي بما يراه.

    [ مسلماً ]، فلو أنه قذف كافراً ذمياً فلا يحد، وإنما يعزر، ولذا قال الله جل وعلا: الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ [النور:23]، وعلى ذلك فمن قذف من ليس بمؤمن كالكافر الذمي فإنه لا يحد، وإنما يعزر.

    قال: [ عاقلاً ]؛ لأن المجنون لا يلحقه عار، فلا عقل له حتى يلحقه العار، ولذا فإن الناس لا يعيبون المجنون بالزنا؛ لأنه لا عقل له.

    فلو قذف مجنوناً أو مجنونة فقال مثلاً: مجنونة آل فلان يزنى بها، فإنه لا يحد بذلك. [ عفيفاً ]، أما إذا كان ظاهر الفجور فإنه لا حد في ذلك، فإذا كان الرجل معروفاً بالفجور، أو كانت المرأة من النساء الفاجرات المشهورات بذلك المعروفات بالفجور عند الناس؛ فإن في ذلك التعزير؛ لأن في هذا شبهة، فالمرأة عندما تشتهر بالزنا، أو الرجل عندما يعرف بالزنا، فالرجل عندما يرميه بالزنا إنما يرميه بناءً على أن الناس يقولون ذلك، وأن هذا الأمر مشتهر، وأن هذا الأمر معروف، وأن هذا ظاهر في حاله، وما يكون عليه من خلقٍ، فهذا لا يحد، ولذا قال الله جل وعلا: يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ [النور:23]، وفي الحديث كذلك: (المحصنات الغافلات المؤمنات)، فهذا قذف غافلة، وأما هذه التي تعرف بالفجور، ويظهر عليها الفجور، فإنه لا حد في قذفها، وإنما فيه التعزير، فلها أن تطالب وإن كانت معروفة بالفجور، وهذا الرجل الذي يعرف بالفجور له أن يطالب بالتعزير.

    قال: [ عفيفاً عن الزنا، يطأ ويوطأ مثله ] أي: إذا كان مثله يطأ، أو كان مثلها يوطأ، وهو ابن عشر في المذهب الذي تم له عشر من الرجال، والتي تم لها تسع سنين للنساء ، وتقدم أن الراجح أن هذا لا حد له من جهة الزمن، وإنما ينظر في ذلك إلى خلقته وبدنه ونحو ذلك، وعلى ذلك فنقول: لا بد أن يكون مثله يطأ، فلو أن رجلاً أتى إلى طفل وقال: فلان زانٍ، وهو طفل لا يطأ مثله، فلا يحد؛ لأن كذبه معلوم، لكنه يعزر.

    كذلك إذا كانت المرأة ممن لا يوطأ مثلها لأنها صغيرة فكذلك لا حد في ذلك؛ لأن كذبه معروف، فلا يلحق هذه البنت العار، لكنه يعزر.

    حكم من قذف غير البالغ

    قال: [ لكن لا يحد قاذف غير البالغ حتى يبلغ ويطالب بحقه ].

    أي: فمن قذف غير بالغٍ، يعني: قذف صبياً، وهذا الصبي يطأ مثله، كأن يكون مثلاً ابن إحدى عشرة سنة، أو ابن اثنتي عشرة سنة، أو ابن ثلاث عشرة سنة ولم يبلغ بعد، فقذفه رجل بالزنا، يقول: لا يحد هذا القاذف حتى يبلغ هذا المقذوف، ويطالب به بعد بلوغه.

    إذاً: من قذف صبياً يطأ مثله ففي ذلك الحد، ولذا قال المؤلف هنا: عاقلاً، ولم يقل بالغاً، فلا يشترط البلوغ في المقذوف، وإنما يشترط في القاذف، فالمقذوف وإن كان غير بالغٍ يحد قاذفه ما دام أن مثله يطأ، لكن يقام الحد إذا بلغ، وطالب بحقه؛ وذلك لأن المذهب -وهو قول الجمهور-: أن القذف حق للمقذوف، فلا يقام ولا يستوفى إلا بطلبه، ولذا فإن له العفو، قالوا: ولأن هذا -أي: القذف- جناية على العرض، فكان كالجناية على البدن.

    فإن قيل: فلماذا لم يقتص منه برميه بالزنا؟ نقول: هذا إثم، فلا يقتص بمثله، ولذا وضع الشارع له حداً وهو ثمانون جلدة.

    وقال الأحناف وهو رواية عن أحمد : بل هو حق لله، فإذا قلنا: إنه حقٌ لله، فلا يسقط بالعفو، ويستوفى من دون مطالبة إذا بلغ الحاكم، لكن ما ذهب إليه أهل القول الأول هو الأقرب.

    وعلى ذلك فنقول: هو حق لهذا الآدمي المقذوف، فلا يقام إلا بمطالبته، ولا يستوفى إلا بمطالبته، وهذا صبي إلى الآن فيحق له أن يطالب إذا بلغ، فإذا بلغ اعتبر قوله، وسألناه إن فلاناً قد قذفك وأنت صبي، ومثلك يطأ، والعار يلحقك، فهل تطالب؟ فإذا قال: لا ما أطالب، وأنا قد عفوت عنه، سقط الحد.

    حكم من قذف غير المحصن

    قال: [ ومن قذف غير محصنٍ عزر ]، الذي يقذف المجنون يعزر، الذي يقذف الأمة كذلك، الكلام فيما تكلم في الحد، وأما التعزير وهي العقوبة التي تكون من القاضي فإنها تثبت كما تقدم شرحه.

    كيفية ثبوت حد القذف

    قال: [ ويثبت الحد هنا، وفي الشرب والتعزير بأحد أمرين: إما بإقراره مرة، أو شهادة عدلين ] يعني: يثبت إما بأن يقر على نفسه ولو مرة، يقر على نفسه أنه قذف فلاناً، فأدعى عليه فلان أنه قذف فأقر، أو أن يشهد اثنان بأن فلاناً قذف فلاناً، فهذه بينة، ويكفي هنا شهادة اثنين عدلين، ويأتي شرح هذا في الشهادات إن شاء الله.

    1.   

    الأمور التي يسقط بها حد القذف

    قال: [ فصل: ويسقط حد القذف بأربعة:

    بعفو المقذوف ]، وقد تقدم؛ لأنه حقه، [ أو بتصديقه ] يعني: يقر على نفسه بالزنا، فيقال له: إن فلاناً قد رماك بالزنا، فيقول: صدق، فهذا أقر على نفسه بالزنا.

    قال: [ أو بإقامة البينة ] فنقول مثلاً: يا فلان! إنك قد قذفته بالزنا فنريد أن نقيم عليك الحد، فيقول: لا، أنا عندي أربعة شهود، فأتى بأربعة شهود، فهنا يسقط عنه.

    قال: [ أو باللعان ]، وهذا بين الزوجين كما تقدم شرحه.

    إذاً: هذه الأمور يسقط فيها حد القذف، وهي أولاً: أن يعفو المقذوف، وثانياً: أن يصدق القاذف المقذوف، والثالث: أن يأتي المقذوف ببينة وهي أربعة شهود، والرابع: اللعان.

    1.   

    أقسام القذف

    قال: [ والقذف حرام وواجب ومباح ]، فيحرم فيما تقدم؛ لأنه من الكبائر، ويجب على من يرى زوجته تزني ثم تلد ولداً يغلب على ظنه أنه من الزاني؛ لشبهه به، فهذا يجب عليه أن يقذفها؛ ليلاعنها وينفي هذا الولد؛ لئلا يدخل هذا الولد على غير أهله، فيرث، ولا تحتجب عنه النساء وغير ذلك من الأحكام.

    قال: [ ويباح إذا رآها تزني، أي: يباح القذف ]، إذا رآها تزني ولم تلد لا يلزمه نفيه، وفراقها أولى، فيفارقها أولى من قذفها؛ لأن هذا أستر لها ولأهلها ولأولاده إن كان لها أولاد منه.

    إذاً: إذا كان رآها تزني لكنها لم تأت بولد يشبه الزاني ويغلب على ظنه أنه منه، فنقول: يباح لك أن تقذفها، لكن الستر أولى، فالله ستير يحب الستر جل وعلا.

    1.   

    ذكر ألفاظ القذف الصريحة والألفاظ المكنية

    ثم قال: [ فصل: ذكر صريح القذف وذكر كنايته ]، الصريح: كل لفظ يدل على الزنا أو اللواط صراحةً لا يحتمل غيره، يعني: لا يمكنه أن يقول: أنا أريد كذا، فهو لا يحتمل غير الزنا الصريح، هذا هو صريحه، وهنا لو ادعى أنه يريد شيئاً آخر لم يقبل منه، فلو قال: يا فلان! أنت زانٍ، ثم بعد ذلك لما أتي به إلى القاضي قال: أريد أنه ينظر إلى النساء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (والعينان تزنيان وزناهما النظر)، فنقول: لا. هذا وجه بعيد لا يحتمل، فهذه ألفاظ صريحة، والألفاظ الصريحة يؤخذ بها مطلقاً، ثم ذكرها رحمه الله.

    قال: [ وكنايته ]، الكناية هي التي تحتمل الزنا وتحتمل غير الزنا، فإذا ادعى القاذف أنه يريد غير الزنا، فقال: أنا ما أريد الزنا وإنما أريد كذا، مثل أن يقول: يا خبيث مثلاً أو غير ذلك من الألفاظ، وقال: أنا أريد بالخبيث هنا خبيث الطباع، أو رماه بالتخنث، وقال: أنا أريد هنا التكسر والتشبه بالنساء ولا أريد الزنا، فيقبل هذا الكلام منه بيمينه.

    إذاً: اللفظ الصريح لا يقبل منه التخلص منه، ويقام عليه الحد، وغير الصريح الذي يحتمل إن ادعى هذا الاحتمال قُبل ذلك منه، ولكن لا بد من يمينه، وظاهر ذلك: أنه يقبل منه ولو كانت هناك قرائن تدل على أنه يريد زنا الصريح، واختار ابن القيم وهو قول ابن عقيل وهو مذهب المالكية: أنه إذا كانت القرائن تدل على أنه يريد الزنا الصريح، وأتى بلفظٍ محتمل فإنا نحمل كلامه على الزنا الصريح؛ لوجود قرائن، فهذه القرائن تبعد ذلك الاحتمال، وهذا هو القول الراجح؛ لئلا يتذرع الناس إلى قذف غيرهم بالزنا بألفاظ محتملة.

    إذا أراد بألفاظ الكناية حقيقة الزنا

    قال: [ فإن أراد بهذه الألفاظ حقيقة الزنا حُدّ، وإلا عُزِّر ]، يعني: إذا قال: ما أريد الزنا الصريح، وكان اللفظ محتملاً قبل ذلك منه كما تقدم بيمينه، لكنه يعزر.

    حكم من قذف أهل بلدة أو جماعة لا يتصور الزنا منهم عادة

    قال: [ ومن قذف أهل بلدة، أو جماعة لا يتصور الزنا منهم عادة عزر ]، لو قال: أهل البلدة الفلانية زناة، أو دولة أو مدينة كبيرة، أو قبيلة كبيرة، فهذا لا يتصور، ويعلم كذبه عادة، فهذا يعزر فقط ولا يقام عليه الحد، فيعزره القاضي ولا يقام عليه الحد؛ لأن العار لا يلحقهم بمثل هذا القول؛ لأن كذب هذا معلوم.

    حكم من قذف جماعة يتصور الزنا منهم عادة

    قال: [ وإن كان يتصور الزنا منهم عادة مثل عشيرة معينة آل فلان رماهم بالزنا يتصور ذلك منهم؛ لأنهم محدودون، وقذف كل واحدٍ بكلمة، فلكل واحدٍ حد ]، فهم مثلاً خمسون، وقال: فلان زانٍ، وفلان زانٍ، وفلان زانٍ، واحداً واحداً، فيقام عليه الحد، ولو خمسين حداً؛ وذلك لأن لكل واحدٍ منهم قذف، وأما إذا قذفهم بكلمة واحدة فحد واحد، ولذا قال: وإن كان إجمالاً فحد واحد، وهذا هو ظاهر الآية؛ فإن الله قال: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ [النور:23] فقال: (المحصنات) وهذا جمع، فدل على أن من رمى جماعة بلفظٍ واحد فحدٌ واحد إن كان يتصور وقوع ذلك منه، وأما إذا فصل فقال: فلان، وفلان، وفلان، فلكل واحدٍ منهم حدٌ.

    والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755963147