إسلام ويب

شرح رياض الصالحين - فضل الأذانللشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الشعائر العظيمة لديننا الحنيف شعيرة الأذان، وهي اعتراف للعظيم بعظمته وتوحيده، وإعلان هذه العظمة ليسمعها كل موجود، ويرددها المسلمون لتتأكد في أذهانهم معانيها العميقة، ويشاركوا المؤذن فضلها حين يسمعون هذا النداء الذي تهفو لإجابته القلوب السليمة، وتنفر منه القلوب السقيمة وعلى رأسها الشيطان، ثم يذكرون علم الهدى -بعد الفراغ منه- بالدعاء له وفق ما بينه لأمته صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    فضل الأذان والصف الأول

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    ذكر الإمام النووي رحمه الله باباً في فضل الأذان، قال رحمه الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً)، متفق عليه.

    وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)، رواه مسلم.

    وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له: (إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة)، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.

    فضل الوضوء وتمييزه للمسلمين في الآخرة

    هذه الأحاديث ذكرها الإمام النووي رحمه الله في كتاب الصلاة، وهي العبادة العظيمة التي فرضها الله عز وجل على عباده، فذكر أحاديث في فضل الصلاة، ثم أحاديث في فضل الوضوء، وكيف أن الوضوء يجعل المؤمن في نور يوم القيامة، ويمحو الله عز وجل عنه به الخطايا، فكلما توضأ وغسل عضواً من أعضاء الوضوء كلما نزلت الخطايا مع آخر قطر الماء، والوضوء يجعل المؤمن يوم القيامة معروفاً للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأثره على صاحبه، ولذلك قال لأصحابه: (إن أمتي يأتون غراً محجلين من آثار الوضوء)، هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، وقال أيضاً يوماً لأصحابه: (أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف تعرفهم -هؤلاء الذين ليسوا معنا وسيأتوا بعد ذلك-؟ قال صلى الله عليه وسلم: إنهم يأتون غراً محجلين من أثر الوضوء).

    كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الوضوء: أنه شطر الإيمان، وكأن الطهور مفتاح إيمان الإنسان أنه يعبد الله عز وجل بهذه الصلاة، والصلاة لا تصح إلا بهذا الوضوء، وسميت الصلاة إيماناً، والصلاة لا يصححها إلا الوضوء فهو شرط في صحتها، فالشطر بذلك جزء للصلاة، وجزء للوضوء، فصار الوضوء شطراً للصلاة.

    كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في الذكر الذي يقال بعد الوضوء أنه قال: (ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)، فهذه فضيلة عظيمة، وهذا كله في الوضوء ولم تأت الصلاة بعد، فكيف تصنع الصلاة إذا كان الوضوء يصنع هذا كله؟ يكفر من خطايا العبد، وينور له وجهه ويديه ورجليه وآثار وضوئه، كذلك يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنك إذا توضأت فقلت هذا الذكر العظيم تفتح لك أبواب الجنة الثمانية.

    حث الشرع على الأذان

    الأذان هو المدخل للصلاة، فالوضوء شرط لصحة الصلاة، والأذان للنداء على هذه الصلاة فيه فضيلة عظيمة جداً، ومن الأحاديث الواردة في الأذان ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه)، فلو يعلم المؤمنون فضل الأذان وفضل الصف الأول، وكلهم يريد أن يؤذن ويريد أن يقف في الصف الأول، ولا يوجد وسيلة لأن يرجع البعض ويقف البعض إلا باستهام وقرعة لفعلوا ذلك.

    والمعنى: احرصوا على الصف الأول، احرصوا على أن تؤذنوا إذا كانت أصواتكم تصلح لذلك ولا يوجد من يؤذن، ولا ينبغي أن تستحي أن تؤذن، فالكثير من الناس يحب أن يؤذن، وقد يجد مكاناً لنفسه أن يؤذن في جماعة ليس فيهم مؤذن، أو في مسجد غاب مؤذنه، وتجد من يستحي ويتراجع عن ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لك: لا تستحيي أن تؤذن في جماعة أو في مسجد؛ بل اصدح بالأذان ولو في صحراء، فلك أجر عظيم عند الله سبحانه تبارك وتعالى بهذا الأذان، لكن إذا وجد المؤذن الراتب للمسجد فلا يشرع أن ينازعه أو أن يؤذن بدون إذنه، فمؤذن النبي صلى الله عليه وسلم كان بلال رضي الله عنه، ولم ينازعه أحد من الصحابة، أو يقول له: اتركني أؤذن.

    وابن أم مكتوم أيضاً كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف أن أحداً نازعه الأذان ولا استأذنه أن يؤذن مكانه، وطالما أن المسجد قد استتب أمره بمؤذن المسجد فقد انتهى الأمر، لكن هذا إذا وجد مكان ليس فيه مؤذن والناس يتراجعون عن الأذان فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لو عرفتم فضله لتسابقتم إليه.

    فضل الصف الأول والحرص عليه

    قال عليه الصلاة والسلام: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول)، فليحرص المؤمن دائماً على أن يقف في الصف الأول، وإذا لم يكن الأول فالثاني.

    كما أن الحرص ليس بالمزاحمة ولا بالجري ولا بأذى الناس كمن يدفع الإنسان ويقف مكانه، بل الحرص أن تأتي مبكراً قبل أن يأتي أحد فتكون في الصف الأول، فإن امتلأ الصف الأول فلا يشرع أن تزاحم أحداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، فنهانا أن يؤذي بعضنا بعضاً، فلا تزحم الصف وتشغل الناس عن صلاتهم، وقد يأتي البعض من أجل حرصه على الصف الأول فيدفع المصلين، أو يطلب من المصلين أن يوسعوا له، وقد يقف غير متجه للقبلة، فلا ينبغي أن تؤذي الناس طالما فاتك الصف الأول قف في الصف الثاني، ولك فضل في ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا للمصلين في الصف الأول والصف الثاني فاحرص على ذلك، وأحياناً قد نجد البعض من إخواننا في الصلوات التي تليها دروس يستمع واقفاً، وقد يجتمعون كلهم في نصف المسجد حرصاً منهم على طلب العلم -وجزاهم الله خيراً- لكن ينبغي ألا تضيع على نفسك الصف الأول.

    الحث على إتمام الصف

    كما ننبه على إتمام الصفوف، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نصف كما تصف الملائكة، فقال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة؟ قالوا: وكيف تصف الملائكة؟ قال: يتمون الصف الأول)، وفيه إخبار بأن الملائكة يصفون عند ربهم سبحانه، فيتممون الصفوف الأول فالأول، وعليكم كذلك أن تحرصوا على أن تتموا الصف الأول، ثم الثاني.. وهكذا.

    ومعلوم أن الصف الأول يبدأ من وراء الإمام، فيبدأ الجميع من خلف إمامهم، ولا يتفرقوا، فهذا يقول نبتدئ شمالاً، والآخر يقول: نبتدئ يميناً، فيتفرق الناس نصفهم هنا ونصفهم هناك، بل كن خلف الإمام لينضبط الصف، فيبدأ الأول من وراء الإمام لا من اليمين ولا من الشمال، وهو أفضل مكان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى)، فالذين خلف الإمام هم أهل الأحلام والنهى والعقول، وهم أفضل الناس، والصف الثاني يبدأ من نفس المكان الذي خلف الإمام، فلا بد أن ينتظم الجميع وراء الإمام من اليمين والشمال، ولا يختلف بعضهم مع بعض.

    فضل التهجير إلى الصلوات

    ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النداء، ثم ذكر الصف الأول، ثم قال: (ولو يعلمون ما في التهجير)، والمعنى: الذهاب إلى المسجد لصلاة الظهر، وهنا ستجد أن كل صلاة لها فضيلة، فالشريعة تحثك على المواظبة والحضور في جميع الصلوات في بيت الله عز وجل، فلو تعرف ما في التهجير، وهو أن تأتي مبكراً لصلاة الظهر، وإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام؛ لتسابقت مع غيرك عليه، فلك فضيلة عظيمة، وثواب عظيم جزيل أن تأتي إلى بيت الله عز وجل في وقت الهجير في صلاة الظهر.

    فضل صلاتي العشاء والصبح

    قال صلى الله عليه وسلم: (ولو يعلمون ما في العتمة -أي: صلاة العشاء- والصبح لأتوهما ولو حبواً)، مر فضل صلاة الظهر، وهذا الفضل لصلاة العشاء وصلاة الصبح، فقال: لو يعلمون فضلهما لأتوهما ولو حبواً، فلو أن الإنسان لا يقدر أن يذهب ماشياً على رجليه مشى حبواً على الأرض، مع أن هذا الذي يحبو لا تجب عليه الصلاة جماعة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يخبره أن فيهما فضيلة عظيمة لو يعلمها لتناسى الإنسان مرضه معها، وإن كان ليس على المريض حرج، كما قال تعالى: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ [النور:61]، ولكنه الحث على أن تدرك الجماعة ولا تفوتها إلا إذا كان العذر يمنعك من ذلك.

    وقوله: (لو يعلمون ما في العتمة)، أي: صلاة العشاء، والمعنى: كم يكون فيها من الثواب والفضل! ومثلها الصبح، وخاصة إذا جاء يوم القيامة وجد أن أكثر ما ينير له ظلمات يوم القيامة صلاة الصبح والعشاء في جماعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم مخبراً عن النور الذي تمنحه صلاة الفجر وصلاة العشاء (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)، ما ذهب مرة لصلاة الفجر فحسب بل هو مشاء أي: كثير المشي والذهاب إلى بيت الله عز وجل في صلاة الفجر، لا يمنعه حر في الصيف، ولا برد في الشتاء، ولا مطر ولا شدة رياح، فلا يمنعه شيء عن أن يصلي جماعة في بيت الله عز وجل، فلهذا يقول: أبشر فلك نور تام يوم القيامة، ومن الناس من يكون له نور على قدره، فبعضهم له نور يخفت مرة ويزيد أخرى وينطفئ ثالثة، لكن هذا المواظب على صلاة الفجر والعشاء في الجماعة له النور التام يوم القيامة، نسأل الله عز وجل أن ينير لنا الطريق في الدنيا والآخرة.

    وقد تفسر كلمة الهجير والتهجير بمعنى التبكير، فتشمل كل الصلوات، والمعنى: لو تعلمون ما فضيلة التبكير إلى جميع الصلوات لأتيتم الصلاة مبكرين، وخاصة ما ذكرنا قبل ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن صلى لله عز وجل في جماعة أربعين يوماً يدرك تكبيرة الإحرام، أنه تكتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق.

    المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة

    من الأحاديث التي جاءت في فضل الأذان ما رواه مسلم عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)، يقال: فلان هذا طويل العنق بمعنى: أنه شريف، فكأنه يقول: أشرف الناس يوم القيامة، إذ إن الله عز وجل يميزهم على غيرهم بطول عنق، وهيئة جميلة تكون لهم، والإنسان في الدنيا عندما ينظر إنساناً ذا رقبة طويلة هل يراها جميلة؟ لا، بل ذلك قبح وليس بجمال، ولكن الله يجمل هؤلاء بتشريفهم يوم القيامة، فيجعلها لهم علامة على الشرف والجمال الذي يكون لهم ذلك اليوم.

    كذلك مما جاء في ذلك: ما رواه البخاري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له: [ إني أراك تحب الغنم والبادية ]، فـأبو سعيد ينصح واحداً من التابعين وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة يقول له: أرى لديك غنماً تخرج بها إلى البادية، فلا تضيع صلاة الجماعة إذا كنت بالبادية بل أذن، فقد يأتي معك من كان هناك فيصلون معك صلاة الجماعة؛ لأنه يستحيل أن يكون لدى الإنسان غنم في البادية ترعى ومن ثم يأتي وقت الصلاة فيذهب إلى المسجد ليصلي، إذ إن الغنم ستضيع، فهو يقول له (فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء)، كما لو كنت في صحراء، فلا تقل: من سيأتي ليصلي معي، فإن الله يبعث من يشاء ويوصل من يشاء، فيستحب أن تؤذن للصلاة، وقد يصلي خلفك أحد من الإنس أو من الجن وأنت لا تدري.

    قال: (فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهدوا له يوم القيامة)، والمعنى: أنه يشهد لمن يؤذن الإنس والجن وأي شيء سمعه حتى الجماد يشهد للإنسان الذي يؤذن يوم القيامة، قال: (جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة) قال أبو سعيد: (سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم).

    فرار الشيطان عند سماع الأذان

    في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب للصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا وكذا اذكر كذا لما لم يذكر من قبل حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى).

    هذا الحديث العظيم عن النبي صلى الله عليه وسلم يبين حيل الشيطان، كما يبين أن الأذان يطرد الشيطان فإذا سمعه يهرب فزعاً، ولشدة فزعه يهرب وهو يضرط، ومعلوم أن الإنسان حين يرى شيئاً يفزعه قد يبول على نفسه أو يتغوط أو يخرج منه ريح؛ لأنه لا يستطيع أن يتحكم في نفسه، كذلك الشيطان يفزع حين يسمع الأذان، فيحدث منه ذلك لأمرين: الأول: من شدة فزعه ورعبه من الأذان. والثاني: لأنه لا يريد أن يسمع الأذان، فيضرط بهذه الصورة القبيحة ليسمع ضراطه ولا يسمع الأذان؛ ولذلك كان الأذان شفاء للإنسان المؤمن حين يسمعه؛ لما فيه من إذهاب للشيطان والنجاسات عن الإنسان المؤمن من الجان الذين لا يؤمنون بالله.

    يقول: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل)، أي: إذا أكمل المؤذن يرجع الشيطان للناس فيوسوس لهم، (حتى إذا ثوب للصلاة أدبر)، فسواء سمع الأذان أو الإقامة يهرب، (حتى إذا قضي التثويب)، أي: إقامة الصلاة (أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه)، فالشيطان له تمكن من الإنسان بصورة لا نعرفها، ولكن يخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن لم نر الشيطان، فيقول: يأتي الشيطان ويوسوس لك ما كنت في الصلاة: (حتى يقول: اذكر كذا واذكر كذا)، فأهم شيءٍ عند الشيطان أن تخرج من الصلاة ليس لك منها شيء.

    وفي الحديث: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة أحدكم)، الالتفات في الصلاة كما لو كنت تصلي فتنظر عن شمالك أو يمينك متلهياً عن صلاتك، وقد تنظر شيئاً أمامك كألوان الحائط، أو صورة عليه، فالشيطان يسرق بذلك من صلاتك، ويترصدك كلما تلهيت وتعمدت ذلك، ولو كنت تفكر في شيء غير الصلاة لضاع منك بعض الثواب، والشيطان يفرح بذلك، ولذلك يحرص على أن يشغلك في الصلاة ويقول لك: اذكر كذا، فلو نسيت موعداً ذكرك به في الصلاة، أو شيئاً نسيت موضعه ذكرك به في الصلاة.

    على أن هذه الأشياء وإن كانت مهمة بالنسبة لك لكنها بالنسبة للشيطان لا تعني شيئاً، والأهم عنده أن يضيع عليك الصلاة، إذ الصلاة هي التي تدخلك الجنة، وهو لا يريدك أن تدخل الجنة، قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:82]، فقد توعد الشيطان آدم وبنيه أن يدخلوا النار، وأقسم على ذلك بعزة الله وقال: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:82].

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لما لم يذكر من قبل؟)، فالذي ما كان يتذكره قبل هذا يتذكره وهو في الصلاة، كلما انتبه للصلاة أو دخل فيها بجد إذا بالشيطان وراءه حتى يلهيه عن الصلاة .. (حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى)، فالشيطان يريد أن يجعلك لا تدري كم صليت، فإذا بالإنسان يضجر من الصلاة، وكلما صلى ثلاث ركعات أو أربعاً لا يدري كم ركعة صلى، فإذا به من شدة ما ألم به من الشك يخرج من الصلاة، والشيطان يريد ذلك، ولذا إذا ابتليت بالسهو في الصلاة فاسجد للسهو؛ فإنك تؤذي الشيطان بذلك وتغيظه، إذ كلما سجد العبد فر الشيطان وهو يبكي ويقول: (يا ويله -يدعو على نفسه بالويل والثبور- أمرت بالسجود فلم أسجد، وأمر بالسجود فسجد)، فقد جاء يوسوس له من أجل ألا يدري هل صلى ركعتين أو ثلاثاً، فإذا جعلهن ثلاثاً وسجد سجدتين زاد على ما كان يريد ألا يفعله، فهنا تغيظ الشيطان بطاعتك لله عز وجل، وبإقبالك على الله سبحانه تبارك وتعالى.

    1.   

    الترديد مع المؤذن والدعاء بعده وفضلهما

    عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة).

    وهنا يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم ويرشدنا إلى أن نقول كما يقول المؤذن: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول)، وقد كان الصحابة يتمنون الأذان حتى قال قائلهم: تركتنا نتشاح في الأذان، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يتعاركوا على الأذان، ودلهم إلى شيء آخر يصلون به إلى ما يصل إليه المؤذن، وذلك بأن يقولوا مثلما يقول، إذ ليس من الممكن أن كل الناس يؤذنون، ولكن البعض يؤذن والباقون يرددون فيؤجرون كما يؤجر هذا المؤذن.

    قال عليه الصلاة والسلام: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول)، ففي كل ألفاظ الأذان تقول كما يقول إلا في الحيعلتين، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (وإذا قال: حي على الصلاة فقولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال: حي على الفلاح فقولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله)، أما باقي الألفاظ فيقول كما يقول المؤذن.

    قال: (ثم صلوا علي)، فنصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان، فليس المؤذن هو الذي يصلي عليه فقط، بل الجميع يفعلون هذا، ولا معنى أن يمسك المؤذن الميكرفون ثم يقول: اللهم صل على محمد! بل قل هذا في سرك؛ لأن الناس كلهم مشغولون بأن يقولوا هذا الذكر الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً)، فالمؤذن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وكذا المستمعون، واعلم أنك إذا صليت صلاة واحدة فالله يصلي عليك عشراً، ومعنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن تسأل الله عز وجل أن يثني عليه صلوات الله وسلامه عليه، وعندما تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليك ربك ويرحمك، فتستحق من الله عز وجل بكل صلاة تصليها على النبي صلى الله عليه وسلم عشر صلوات.

    قال صلى الله عليه وسلم: (ثم سلوا الله لي الوسيلة)، الوسيلة: هي منزلة في الجنة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تنبغي أن تكون إلا لعبد واحد، قال: (وأرجو أن أكون أنا هو)، والنبي صلى الله عليه وسلم هنا يقولها تواضعاً، وإلا فقد أخبره ربه سبحانه تبارك وتعالى بذلك في قوله: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، فسأل ربه المقام المحمود، وأخبر بأنه أهله صلوات الله وسلامه عليه، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يتواضع ويقول: (أرجو أن أكون أنا هو).

    قال: (فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) وفي رواية: (حلت عليه)، أي: صارت حلالاً له، فكأنها محظورة إلا بذلك، فإذا صليت على النبي صلى الله عليه وسلم وسألت الله له الوسيلة عليه الصلاة والسلام استحققت ما كان محظوراً قبل ذلك.

    ومن الأحاديث حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم النداء فقولوا كما يقول المؤذن)، قوله: (فقولوا) فيه استحباب أن تقول وتردد مع المؤذن ما يقوله.

    وحديث آخر رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة)، ومعلوم أن خير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وخير الذكر ما لفظ به النبي صلى الله عليه وسلم، فليس من الممكن أن يأتي إنسان بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أو بنحو ما قاله؛ فقد أوتي جوامع الكلم، ولذلك إذا أردنا أن نصلي عليه فأفضل صلاة نصليها عليه هي ما علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تجد بعض الصوفية يرددون أوراداً في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقول قائلهم: سيدي فلان قال: الصلاة الفلانية، وقد يؤلف صفحة كاملة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني يصنع كذا، ولذا نقول: خير صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي ما قالها هو وما علمها أصحابه صلوات الله وسلامه عليه، ولكن قد يجهل الكثيرون المعاني التي في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فيظنون أنهم يأتون بأفضل مما قال صلوات الله وسلامه عليه، فقد نرى بعض الناس يقول: يا رب لك ألف حمد، ويظن أنه أتى بعدد كبير جداً! وهو عدد كبير فعلاً، ولكن الإنسان المؤمن يقول: الحمد لله، وهو يفهم أن اللام لام الجنس، والمعنى: كل الحمد الذي أعرفه والذي لا أعرفه هو لك.

    فالحمد لله جنس لا يوجد لها تثنية ولا جمع ككلمة الإنس، فهي كلمة مفردة فيها لام الجنس، وقد أعطت العدد كله، فانظر إلى هذا الذي يقول: لك ألف حمد، والآخر الذي يقول: الحمد لله، فالأخير يفهم المعنى فأتى بخير مما أتى به الأول الذي قال: لك ألف حمد، فجمعها على عدد قليل.

    كذلك الذي يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم صل على محمد ألف مرة .. اللهم صل عليه مليون مرة، وقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم حين سألوه: (قد علمتنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)، هذا ما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولو وجدت صيغة أخرى أحسن من تلك لعلمهم إياها صلى الله عليه وسلم. فأنت تطلب من الله عز وجل أن يصلي على محمد كما صلى على إبراهيم، وقد علمت مقام إبراهيم، فهو الذي أحبه الله واختاره لأن يكون خليلاً له، وأعلى درجة عنده عز وجل هي الخلة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أبرأ إلى الله أن أتخذ منكم خليلاً؛ فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً)، أما ما يقوله البعض: أن إبراهيم كان خليلاً، ومحمد كان حبيباً، فهذا يقلل من شأن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الخليل أعظم من الحبيب، فالخليل في الناس الذي أحبه صاحبه حتى تخلل هذا الحب شغاف قلبه، هذا في الناس، أما الله عز وجل فلا نقول مثل ذلك، وإنما نقول: هذه أعظم درجة عند الله عز وجل في المحبة أن يكون خليلاً.

    فإذا كان إبراهيم خليل الله ومدحه الله في كتابه فقال عنه: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ [هود:75]، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:120]، وقال: وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا [النساء:125]، فكم سيصلي الله عز وجل على إبراهيم إذا كان حبيب رب العالمين وخليل رب العالمين؟ لا شك أنها صلوات عظيمة كثيرة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بإبراهيم وأمر أن يعلم الناس أن يقولوا ذلك: يا رب صل على محمد كما صليت على إبراهيم، وليس إبراهيم فحسب، بل إبراهيم وآل إبراهيم، أي: الأنبياء كلهم من بعد إبراهيم من ذريته عليه الصلاة والسلام.

    فإذا كانت الصلاة على إبراهيم وعلى كل الأنبياء من ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام فكم سيكون عددها؟ لا شك أن هذا عدد كثير جداً لا نستطيع أن نعرف له نهاية، فلذلك نقول: يا رب! صلِ على محمد كما صليت على إبراهيم، وليس هذا فقط، بل وآل إبراهيم، وآل إبراهيم فيهم الأنبياء، وفيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فالصلاة على إبراهيم والأنبياء بما فيهم محمد لها جمع، والصلاة على محمد لها جمع آخر، فصلِ على هذا وحده كما تصلي على الجميع بما فيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا عدد لا يتخيل أصلاً، ولذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقول ذلك، بل إني إذا قلت: ألف مرة كأنني هضمت حقه صلى الله عليه وسلم، وكذا إذا قلت: مليون مرة كأني هضمت حقه صلى الله عليه وسلم، ولذلك قل: كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، عندها تأتي بالعدد العظيم.

    ومرة أخرى نعلم أن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم هو أجمل وأعظم مما يؤلفه الناس في ذلك من أذكار، ولذا لا بد من أن نتمسك بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ونصلي عليه كما أمرنا أن نصلي عليه في صلاتنا وفي غير صلاتنا بالصيغة نفسها.

    يقول صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة)، فهذا النداء دعوة تامة (والصلاة القائمة)، أي: التي ستقام (آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة)، آت هذه الدرجة التي جعلتها لعبد من عبادك لمحمد صلوات الله وسلامه عليه، واجعل له الفضيلة على خلقك أجمعين، (وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته)، ولم يأت في الحديث: (والدرجة الرفيعة) والأصل أن نتوقف على ما قاله صلى الله عليه وسلم، كما لم يأت فيها زيادة: (إنك لا تخلف الميعاد)، فنتوقف على ما قاله النبي صلوات الله وسلامه عليه.

    فالذي يقول ذلك: (حلت له شفاعتي يوم القيامة)، ومعنى حلت أي: صارت الشفاعة حلالاً له وحلالاً عليه أن أشفع له يوم القيامة.

    ومن الأحاديث ما رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً؛ غفر له ذنبه)، فإذا رددت الأذان إلى أن انتهى المؤذن مما قال فعليك تقول هذا الذكر: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً)، فإذا قلت ذلك غفر لك ما تقدم من ذنبك.

    1.   

    فضل الدعاء بعد الأذان

    من الأحاديث أيضاً في هذا الباب: ما رواه الترمذي وقال: حسن، وصححه الشيخ الألباني عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة)، والمؤمن عندما يأتي إلى بيت الله عز وجل يرجو أن يتقبله، فقد جاء يطلب فضل الله عز وجل ورحمته ويذكر الله تبارك وتعالى، فلم يأت كي يضيع وقته في بيت الله، ولا ليسأل الناس، بل جاء يسأل الله سبحانه وتعالى، فإذا جاء إلى بيت الله فلا يضيع الوقت بالحديث مع فلان ولا ليمزح مع فلان، وتجد بين الأذان والإقامة كل اثنين يتحدثون مع بعضهم، ونسوا أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة، والأصل أن ننشغل بالدعاء والأذكار، فينبغي أن تذكر ربك سبحانه وترفع يديك بالدعاء بين الأذان والإقامة؛ فإن الدعاء لا يرد بينهما كما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه.

    وقد نرى أحياناً بعض المصلين إذا أقيمت الصلاة وقف ورفع يديه يدعو، وهذا لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالوارد بعد الإقامة أن يتوجه إلى القبلة ويدخل في الصلاة كما كان يفعل صلوات الله وسلامه عليه.

    1.   

    فضل الأذان وأجره العظيم

    ومن الأحاديث التي لم يذكرها الإمام النووي وفيها وهو حديث صحيح رواه ابن ماجة عن ابن عمر مرفوعاً وصححه الشيخ الألباني قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أذن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة)، ولم يقل: كل الصلوات، ولكن كأنها صارت له عادة حتى لو كان يؤذن في اليوم أذاناً، أو حتى كل أسبوع، لكنه مواظب على ذلك، فإذا مرت عليه اثنتا عشرة سنة استحق هذا الفضل من الله سبحانه وتعالى، وهذا العدد من السنين عدد كبير، فإذا كان الإنسان يؤذن أحبه وصار له الأذان طبيعة، فإذا ظل يؤذن اثنتي عشرة سنة قال: (وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة، وبكل إقامة ثلاثون حسنة)، بالتأذين ستون حسنة وبالإقامة ثلاثون حسنة، فلو ترك النبي صلى الله عليه وسلم الناس سيتشاحون في الأذان، فقال لهم: قولوا كما يقول المؤذن يكن لكم نفس الفضل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

    نسأل الله من فضله ورحمته فإنه لا يملكها إلا هو.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755970658