حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير عن سهيل عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا تثاءب أحدكم فليمسك على فيه؛ فإن الشيطان يدخل) ].
قوله: [ باب ما جاء في التثاؤب ]
يعني: ما جاء فيه من أحاديث تبين أحكامه وآدابه، وما يتعلق بذلك.
والتثاؤب هو ما يحصل من الإنسان عندما يكون فيه كسل وخمول، ويكون غالباً عن كثرة أكل، فإنه يترتب على ذلك أن الإنسان يتثاءب، والشيطان يريد هذا الشيء؛ لأن كل ما فيه ضرر على الإنسان فإن الشيطان يريده.
وقد جاء عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن الإنسان عندما يتثاءب فإنه يتأدب بآداب، فمن هذه الآداب ما جاء في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه الذي أورده المصنف، وهو أن الإنسان إذا تثاءب يمسك بيده على فيه؛ فإن الشيطان يدخل، وذلك أنه إذا أمسك على فيه، فإنه يمنع فمه من الانفتاح ويكظم ما استطاع؛ لأن ذلك يمنع من حصول التثاؤب على وجه يفرح به الشيطان ويريده.
وجاء في هذه الرواية أن الشيطان يدخل من فيه، وجاء في رواية أخرى أنه يضحك معجباً ومسروراً بما يحصل للإنسان من تلك الهيئة الكريهة، التي هي غير مرضية وغير مستحسنة.
والحديث الذي معنا فيه أنه يدخل، ويمكن أن كلاً من الأمرين يحصل، بحيث يحصل منه الدخول والضحك، ومعلوم أن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم، فيدخل ويضحك فرحاً وسروراً بهذا الشيء الذي فيه مضرة على الإنسان وفيه كسل وخمول.
أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهذا هو الذي أثنى عليه الإمام أحمد ووصفه بأنه شيخ الإسلام.
[ حدثنا زهير ].
زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهيل ].
هو سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وروايته في البخاري مقرونة، أما مسلم فإنه روى عنه على سبيل الإفراد، ومما روى عنه مسلم في صحيحه حديث: (الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟!) فإنه من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه، وأما البخاري فإنه لم يخرجه في صحيحه، ولكنه أورد الحديث في ترجمة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة) وهو يدل على صحته عنده، ولكنه ليس على شرطه.
[ عن ابن أبي سعيد الخدري ].
هو عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله تعالى عنه، مشهور بكنيته أبي سعيد وبنسبه الخدري ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام والذين جمعهم السيوطي في ألفيته بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر
أبو هريرة يليه ابن عمر
و أنس والبحر والخدري
وجابر وزوجة النبي
البحر المقصود به ابن عباس ، وزوجة النبي هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فهم ستة رجال وامرأة واحدة، بلغت أحاديث بعضهم ما يزيد على الألف، وبعضهم ما يزيد على الألفين، وبعضهم ما يزيد على ذلك.
فالتمكن حاصل والدخول ممكن، والأصل هو الحقيقة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.).
وكون الإنسان يأتي بأذكار اليوم والليلة والأذكار التي يكون فيها حرز من الشيطان، فمعنى ذلك أن الحرز يدفع عنه الضرر، وأما كون الشيطان يدخل فقد يدخل، وكونه يحصل شيء يفرحه وشيء يسره يمكن.
أورد أبو داود رواية ثانية وفيها: (في الصلاة) وهذا لا يدل على قصر الحكم على الصلاة كما أشرت، والحكم أنه يكظم ما استطاع في الصلاة وغير الصلاة، وإن غلبه التثاؤب فإنه يمسك فمه في الصلاة وفي غير الصلاة.
قوله: [ حدثنا ابن العلاء ].
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهيل نحوه ].
هو سهيل بن أبي صالح وقد مر.
[ نحوه ] يعني: نحو ما تقدم بنفس الإسناد.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب).
العطاس محبوب إلى الله عز وجل؛ لأن فيه استخراج أشياء من الدماغ، فالإنسان يتخلص منها ويكون فيه نشاط فيكون محموداً، والله تعالى يحبه، وأما التثاؤب فإن الله تعالى يكرهه؛ لأن فيه ثقلاً وكسلاً وخمولاً، وهذا مما يعجب الشيطان.
قوله: [ (فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع) ] يعني: يحاول أن يكظم ذلك النفس الذي يظهر من فمه ويؤدي إلى انفتاحه، وهي هيئة مستقذرة مستكرهة، فإن غلبه وصار لا بد من الانفتاح، فإنه يضع يده على فيه؛ لأنه بذلك يمنع من زيادة الانفتاح في الفم، ويمنع أيضاً من حصول الصوت الذي يكون نتيجة لهذا الانفتاح، ولهذا قال في الحديث: (إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ولا يقل: هاه، هاه) وهذه حكاية للصوت الذي يخرج من الفم عند التثاؤب بسبب هذا الانفتاح؛ وبسبب هذا النفس.
وإذا حدث مثل هذا الصوت فهذا يدل على أن التثاؤب قد بلغ حده وبلغ نهايته، وصار على هذه الهيئة الكريهة، وصار منه هذا الصوت الذي هو صوت خروج النفس منه، وليس معنى ذلك أن الإنسان يقول: هاه، بحيث ينطق بها ويأتي بها، وإنما المقصود بذلك حكاية صوت النفس الذي يحصل نتيجة لهذا الانفتاح وخروج النفس بهذه الطريقة.
قوله: [ (فإنما ذلكم من الشيطان يضحك منه) ] يعني: يضحك سروراً؛ لأنه وجد ما يسره ويعجبه، وفي هذا إثبات أن الشيطان يحصل منه الضحك ويفرح بما يسوء الإنسان وبما لا خير فيه للإنسان، كما جاء أنه يأكل بشماله ويشرب بشماله، فكذلك أيضاً جاء عنه أنه يضحك فرحاً وسروراً لحصول الهيئة التي يكرهها الله.
هو الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
هو يزيد بن هارون الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا ابن أبي ذئب ].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد المقبري ].
هو سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
وهو كذلك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله تعالى عنه مر ذكره.
و سعيد بن أبي سعيد يروي عن أبي هريرة مباشرة ويروي عنه بالواسطة، وهنا روى عنه بواسطة أبيه.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض أو غض بها صوته) شك يحيى ].
أورد أبو داود [ باباً في العطاس ]
يعني: ما يتعلق بآدابه، وقد مر أن الله تعالى يحب العطاس ويكره التثاؤب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم -كما في حديث أبي هريرة هذا- إذا عطس وضع يده أو وضع ثوبه على فمه وغض صوته بالعطاس.
وهناك فوائد لوضع الثوب على الفم والأنف في حالة العطاس منها:
أولاً: أنه يخفض الصوت.
ثانياً: أنه يمنع من حصول أشياء تتطاير وتنتشر بسبب العطاس الذي يحصل بقوة، وتخرج من الدماغ، فينتج عنه أن يخرج من أنفه أشياء، فهذا يمنع من خروجها على جسمه أو على من حوله.
قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض أو غض بها صوته) شك يحيى ].
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عجلان المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سمي ].
هو سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صالح ].
هو ذكوان السمان اسمه ذكوان ولقبه السمان ويقال: الزيات ؛ لأنه كان يجلب الزيت ويجلب السمن، فلقب بـالزيات والسمان ، فهي نسبة حرفة ومهنة وعمل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه وقد مر ذكره.
وإذا كان العطاس يحبه الله تبارك وتعالى فلا يعني ذلك أن يكثر منه؛ فالإكثار منه غير جيد؛ لأنه مرض، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا زاد العاطس على ثلاث لا يشمته، ويقول: مزكوم!
أورد أبو داود حديث أبي هريرة : خمس تجب على المسلم لأخيه المسلم وهي: رد السلام، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، واتباع الجنازة، وإجابة الدعوة.
هذه تجب على المسلم لأخيه، وهذا يدل على وجوب التشميت للعاطس، واختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إنه وجوب عيني، ومنهم من قال: إنه وجوب كفائي.
قوله: [ (خمس تجب للمسلم على أخيه) ].
هذا الأسلوب من الأساليب التي جاءت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو كونه يذكر العدد أولاً ثم يذكر المعدود بعد ذلك؛ لأن هذا فيه تحفيز السامع إلى أن يتهيأ لاستيعاب هذا العدد، وألا يفوته منه شيء، وأنه إن قصر عن استيعابه فمعناه أنه فاته شيء، وهذا من كمال بيانه وكمال نصحه لأمته عليه الصلاة والسلام، فإنه يأتي بمثل هذه العبارات التي تحفز السامعين إلى أن يعنوا وأن يهتموا بما يلقى بعد ذكر هذه الخمس، بخلاف ما لو جاء المعدود بدون ذكر العدد في الأول، فإن الإنسان قد يفوته شيء ولا يدري أنه قد فاته.
وقد جاء هذا كثيراً في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، منها: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان) ومنها: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً) ومنها: (خمس من الفطرة) وهنا: (خمس تجب على أخيه المسلم) ومنها: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن) يعني: ذكر أنهما كلمتان وذكر صفاتهما ثم ذكرهما في الآخر: (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).
فهذا الحديث من أمثلة ما اشتمل عليه كلامه صلى الله عليه وسلم من البلاغة، وما اتصف به صلى الله عليه وسلم من كمال النصح للأمة، فهو أفصح الناس وأنصح الناس للناس عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
قوله: [ (خمس تجب للمسلم) ].
وهذا فيه التصريح بالوجوب.
قوله: [ (للمسلم على أخيه) ] ومعنى هذا: أن هذا الحق إنما هو للمسلم وليس لغيره.
قوله: [ (رد السلام) ] ورد السلام واجب، وابتداؤه سنة، وهذا مما يقال فيه: إن السنة فيه أفضل من الواجب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) فالذي يبدأ بالسلام ويبادر إليه أحسن وأفضل ممن يُسْبَقُ بالسلام، ويكون شأنه راداً وليس مبتدئاً، لكن كما هو معلوم جاءت أحاديث تبين من الناس من يكون منه السلام، كأن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على الجالس وهكذا.
قوله: [ (وتشميت العاطس) ].
وتشميت العاطس هو ما نحن فيه.
قوله: [ (وإجابة الدعوة)].
آكد ما يكون فيها دعوة الزواج ووليمة العرس، وكذلك إذا كانت الدعوة يترتب عليها مصلحة وفائدة كبيرة، ولا يترتب على الإنسان مضرة، أو لم يحصل فيه إخلال بعمل أو بموعد آخر أو ما إلى ذلك، فإن ذلك متأكد.
قوله: [ (وعيادة المريض)].
يعني: كون الإنسان يعود أخاه في مرضه، فإنه يدخل عليه السرور ويؤنسه، وهو في ظرف وفي حالة هو بحاجة إلى الإيناس وإلى أن يحسن إليه وأن يسر، بأن يؤتى إليه ويدعى له ويطمأن.
قوله: [ (واتباع الجنازة)].
يعني: إذا مات فإنه يتبع جنازته.
محمد بن داود بن سفيان مقبول، أخرج له أبو داود .
[ وخشيش بن أصرم ].
خشيش بن أصرم ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن المسيب ].
هو سعيد بن المسيب وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة مر ذكره.
ولكن الإنسان يحرص على أن يكون مؤدياً لهذا الواجب، سواء قام به غيره أو لم يقم به غيره، وقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (فحق على كل من سمعه أن يشمته).
وهذا يدل على الوجوب، لكن كما قلت وكما هو معلوم أنه الوجوب الكفائي، فهو واجب على الجميع في الأصل، ولكن الإثم يسقط عنهم لقيام البعض به.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف قال: (كنا مع
أورد أبو داود [ باب ما جاء في تشميت العاطس ].
وتشميت العاطس هو أنه إذا حمد الله يدعى له بالرحمة فيقال: يرحمك الله! هذا هو التشميت، ويقال له التسميت بالسين.
والتشميت إنما يكون لمن عطس وحمد وليس لكل عاطس، ويجيب الذي دعي له بالرحمة وقد حمد الله في الأول بقوله: (يهديكم الله ويصلح بالكم) كما جاء في ذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الحديث قال: (يغفر الله لنا ولكم) ولكن الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه.
ثم ما جاء في الحديث من ذكر السلام يحتمل أنه سبق لسان أو أنه ظن أن هذا يقال في هذا الموقف، ولكن الحديث غير صحيح؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه، ولكن السنة ثبتت بأن العاطس يحمد الله، وأن سامعه يشمته، فيقول: يرحمك الله، والعاطس يجيب من شمته بقوله: يهديكم الله ويصلح بالكم.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هلال بن يساف ].
هلال بن يساف وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ كنا مع سالم بن عبيد ].
وهو صحابي أخرج له أصحاب السنن.
والحديث فيه انقطاع بين هلال بن يساف وبين سالم بن عبيد .
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن سالم ، وأحال على الطريق السابقة، وهذه الطريق تختلف عنها بوجود واسطة، ثم أيضاً قد اختلف في وجود الواسطة على عدة أوجه، والذي ذكره أبو داود هنا واسطة هو مقبول.
قوله: [ حدثنا تميم بن المنتصر ].
تميم بن المنتصر ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا إسحاق يعني ابن يوسف ].
إسحاق بن يوسف وهو المشهور بـالأزرق وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بشر ورقاء ].
أبو بشر ورقاء وهو صدوق في حديثه عن منصور لين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهذه أيضاً علة أخرى؛ لأنه هنا يروي عن منصور بن المعتمر فهذه علة غير علة الانقطاع بين هلال بن يساف وسالم بن عبيد ، وأيضاً غير علة الواسطة التي بين هلال وبين سالم الذي هو ابن عرفجة .
[ عن منصور عن هلال بن يساف عن خالد بن عرفجة ].
خالد بن عرفجة ويقال عرفطة وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن سالم بن عبيد الأشجعي ].
سالم بن عبيد الأشجعي مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه تفصيل ما يقوله العاطس في البداية وما يقوله في النهاية، وما يقوله من يسمعه في الوسط، فالعاطس يقول: الحمد لله على كل حال، وجاء أنه يقول: الحمد لله رب العالمين، وسامعه يقول: يرحمك الله، وهو يجيب بعد التشميت بقوله: يهديكم الله ويصلح بالكم.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ].
هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن دينار ].
عبد الله بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الجواب: لا أعلم شيئاً في ذلك، والذي أعلم هو قوله صلى الله عليه وسلم: (يهديكم الله ويصلح بالكم).
الجواب: ما دام أنه جاء ذلك في السنة فيؤتى بما جاءت به السنة، ومعلوم أن ذلك فيه مبالغة في الثناء على الله عز وجل، وأنه محمود في جميع الأحوال، ولا يقال: إنها خاصة بالمكروه، بل تكون فيه وفي غيره؛ لأنها تشمل المكروه وتشمل غير المكروه.
الجواب: يحمد الله ولكن لا يشمت، ولا يرفع صوته بحيث يشوش على الناس، وإنما يحمد بينه وبين نفسه.
الجواب: لا يقال هذا وإنما يسكت، وجاء عن الأوزاعي أنه عطس عنده شخص فقال له: ماذا تقول إذا عطست؟ قال: أقول: الحمد لله، قال: يرحمك الله، وقيل: إن هذه القصة عن ابن المبارك .
إذاً: قبل أن يشمت يُذّكَّر، ويقال له: إن العاطس يحمد الله، أما لو قال له: كيف حالك؟ فقال: الحمد لله، فلا نقول له: يرحمك الله؛ لأنه لم يحمد الله على العطاس، وإنما حمد الله على هذا الشيء.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: شمت أخاك ثلاثاً فما زاد فهو زكام ].
أورد أبو داود [ باب كم مرة يشمت العاطس ] والمقصود أنه يشمت ثلاث مرات: إذا عطس الأولى وحمد الله يشمت، ثم إذا عطس الثانية وحمد الله يشمت، ثم إذا عطس الثالثة وحمد يشمت، فإن زاد على ذلك فإنه لا يشمت وإنما يقال: أنت مزكوم أو زكام.
أما إذا عطس وهو يقضي حاجته فإنه لا يحمد الله لا جهراً ولا سراً، لكن يحمد الله في قلبه.
لكنه لا يزال يحمد الله كلما عطس وإن زاد على الثلاث؛ لأنه ليس هناك شيء يمنع من هذا، لكن التشميت ينتهي عند الثلاث.
مسدد مر ذكره، ويحيى بن سعيد القطان مر ذكره أيضاً.
[ عن ابن عجلان حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة ].
سعيد بن أبي سعيد يروي عن أبيه، وهنا يروي عن أبي هريرة مباشرة، وكما ذكرت أن أبا هريرة يروي عنه أبو سعيد المقبري ويروي عنه سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد الحديث من طريق أخرى وفيها شك في الرفع، ولكن الرواية الأولى مصرحة بالوقف.
قوله: [ حدثنا عيسى بن حماد المصري ].
عيسى بن حماد المصري هو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة، وهو الذي يلقب بـزغبة .
[ أخبرنا الليث ].
هو الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
وهذه طريق أخرى وفيها أنه رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ قال: أبو داود رواه أبو نعيم ].
أبو نعيم هو الفضل بن دكين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن موسى بن قيس ].
موسى بن قيس وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن محمد بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
أورد أبو داود حديث عبيد بن رفاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تشمت العاطس ثلاثاً، فإن شئت أن تشمته فشمته وإن شئت فكف) يعني: أنه بعد الثلاث مخير، وفي الثلاث الأول يشمت، وقد مر أنه يشمت ثلاثاً وبعد ذلك يقال له: مزكوم.
وهذا الحديث الذي فيه أنه مخير غير صحيح؛ لأن في إسناده ضعفاً؛ لأن راويه قيل إنه ليس من الصحابة وإنما هو مرسل، وكذلك أيضاً فيه كلام آخر في بعض رواته.
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا مالك بن إسماعيل ].
مالك بن إسماعيل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد السلام بن حرب ].
عبد السلام بن حرب وهو ثقة له مناكير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن عبد الرحمن ].
هو يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدلاني، صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ].
يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وهو ثقة، أخرج له أبو داود .
[ عن أمه حميدة أو عبيدة بنت عبيد بن رفاعة الزرقي ].
وهي مقبولة، أخرج لها أصحاب السنن.
[ عن أبيها ].
ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو من ثقات التابعين، يعني: لم تثبت صحبته، فيكون الحديث مرسلاً. فإذاً: فيه الإرسال، وفيه أيضاً الراوية التي هي مقبولة، وفيه أيضاً الشخصان اللذان دونها فواحد منهما كثير الخطأ والآخر له مناكير.
وعبيد بن رفاعة أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
كذلك إذا عطس من كان مصلياً فحمد الله فسمعه من لم يكن في صلاة فليس له أن يشمته؛ لأن المصلي لا يخاطِب ولا يخاطَب، اللهم إلا في السلام فإنه يسلم عليه ويرد بالإشارة.
أورد أبو داود حديث سلمة بن الأكوع قال: (أن رجلاً عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يرحمك الله، ثم عطس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل مزكوم)، وهنا لم يثبت تكرار، ولكن جاءت الأحاديث المبينة بأن الإنسان يشمت إلى ثلاث، وبعد ذلك يقال له: مزكوم.
أما كون الزكام يتتابع بسبب غبار أو غيره فهذا ليس هو الزكام العادي، وإنما هو لمرض أو غيره.
هو إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا ابن أبي زائدة].
هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عكرمة بن عمار ].
عكرمة بن عمار وهو صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن إياس بن سلمة بن الأكوع ].
إياس بن سلمة بن الأكوع وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
كذلك إذا علمت أن الرجل مزكوم من أول مرة فشمته إلى ثلاث مرات.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن حكيم بن الديلم عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه قال: (كانت اليهود تعاطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لها: يرحمكم الله، فكان يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم) ].
أورد أبو داود [ باب كيف يشمت الذمي ] وهو أنه يشمت بأن يقال له: يهديكم الله ويصلح بالكم، وهذا هو الذي يناسبه، وأما الرحمة فإنها تناسب المسلمين الذين هم أهل الرحمة، وأما أولئك فهم أهل العذاب والمستحقون للعذاب، ولكن يدعى لهم بالهداية، فالكافر يدعى له أن يهديه الله للإسلام، وأن يخرجه من الظلمات إلى النور.
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن اليهود كانوا يتعاطسون ويتكلفون العطاس؛ رجاء أن يدعو لهم بالرحمة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: (يهديكم الله ويصلح بالكم).
مر ذكر الثلاثة.
[ عن حكيم بن الديلم ].
حكيم بن الديلم صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن أبي بردة ].
هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه صحابي جليل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير ح وحدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان المعنى قالا: حدثنا سليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما وترك الآخر، قال: فقيل: يا رسول الله! رجلان عطسا فشمتّ أحدهما، قال
أورد أبو داود [ باباً فيمن يعطس ولا يحمد الله ] والمقصود أنه لا يشمت؛ لأن التشميت تابع للحمد ومبني على الحمد من العاطس، فإذا عطس وحمد الله بعد عطاسه استحق أن يشمت، وإن لم يحمد فإنه لا يشمت.
أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن رجلين عطسا عند رسول الله عليه الصلاة والسلام فشمت أحدهما، وأحد الشيخين لـأبي داود قال: (سمت) بدل شمت؛ لأن معناهما واحد، فقيل له: رجلان عطسا شمت أحدهما ولم تشمت الآخر، فقال: هذا حمد الله، وهذا لم يحمد الله، فدل هذا على أن التشميت تابع للحمد، وأنه يأتي بعد حصوله.
أحمد بن يونس مر ذكره، وزهير مر ذكره، ومحمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
هو سفيان الثوري مر ذكره.
[ قالا: حدثنا سليمان التيمي ].
هو سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
الجواب: نعم يحمد الله ولو كان لوحده.
الجواب: نعم؛ لأن هذا شيء طارئ ولا يمنع من المواصلة.
الجواب: لا تشمته إلا إذا سمعته؛ لأنه قد ينسى.
الجواب: إذا كانت بدعته مكفرة يدعى له كما يدعى للكفار، وإن كانت بدعته مفسقة، فإنه يدعى له كما يدعى للمسلمين.
الجواب: لا ينبغي ذلك مع الأجنبيات؛ لأن هذا يؤدي إلى تخاطب وإلى كلام، والمرأة الأجنبية كما هو معلوم عليها ألا ترفع صوتها بالحمد إذا عطست، فهي ليس لها أن تظهر صوتها وأن تحمد الله عند الرجال، والرجال أيضاً كذلك لا يجيبونها، وقد جاء في السنة أن الإمام إذا حصل له شيء في صلاته فإنه يسبح الرجال وتصفق النساء، والمقصود بذلك ألا يسمع صوتها وألا يظهر صوتها.
الجواب: السنة أن يحمد الله، ويقال له: يرحمك الله.
الجواب: هو يحمد الله كما يحمد الله في الصلاة ولكن لا يشمت.
الجواب: على كل الحكم يبين؛ لأنه حتى في نفس البلاد الإسلامية الذي يترك الصلاة أناس كثيرون، فعلى هذا لا توزع أبداً ولا توجد.
الجواب: إذا سمى في نفسه بدون نطق لم يسم كلاماً؛ لأن الكلام إنما هو باللسان وتحريك الشفتين لا بسكون اللسان وإطباق الشفتين، فهذا لا يقال له كلام؛ لأن حديث النفس ليس بكلام، قال رسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل).
فالكلام هو ما يسمعه المتكلم سواء كان سراً أو جهراً، فهو إن كان المقصود به أنه يسمي بينه وبين نفسه بحيث يسمع نفسه فلا بأس، وكذلك أيضاً كونه سمى ليسمع غيره حتى يعلم وينبه هذا شيء طيب.
الجواب: على الإنسان أن يحرص على رضا الوالدين وعلى إقناعهما، ويخبرهما بأن هذا خير له ولهم؛ لأنه بذلك يؤدي عبادة عظيمة ويدعو لنفسه ولهم في تلك الأماكن المقدسة الفاضلة.
الجواب: الإعطاء لكل أحد قد لا يكون مناسباً؛ لأنه قد يعطيها لشخص ويتهور في قيادتها ويتلفها، ولكن إذا كان الذي أعطاه إنساناً عاقلاً ومأموناً ودعت الحاجة إلى ذلك، فالناس يحتاج بعضهم إلى بعض، ولا يستغني بعضهم عن بعض، ولكنه يقنع والدته ويقول لها: كما أن الواحد منهم يعطيني سيارته إذا احتجت فهم أيضاً كذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) يعني: يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، لكنه لا يعطيها لكل أحد؛ لأنها قد يحصل لها دمار ويحصل لها تلف.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر