إسلام ويب

تفسير سورة طه [128-132]للشيخ : محمد إسماعيل المقدم

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    تفسير قوله تعالى: (أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون...)

    قال تبارك وتعالى: أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي النُّهَى [طه:128]، (( أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ )) أي: لهؤلاء المكذبين، (( كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ )) أي: الأمم المكذبة للرسل، (( يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ )) يريد قريشاً حيث يتقلبون في بلاد عاد وثمود ولوط، ويعاينون آثار هلاكهم، فقوله: (( مَسَاكِنِهِمْ )) يعود إلى هؤلاء المعذبين من القرون المهلكة، أما قوله: (( يَمْشُونَ )) فالواو تعود إلى كفار قريش، أي: هم يتقلبون في بلاد عاد وثمود ولوط، ويعاينون آثار هلاكهم، وأنه ليس لهم باقية ولا عين ولا أثر. (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي النُّهَى )) أي: العقول السليمة، كما قال تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى)

    قال عز وجل: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى [طه:129]، هذا بيان لحكمة تأخير عذابهم، مع إشعار قوله تبارك وتعالى: (( أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ )) بإهلاكهم مثل هلاك أولئك، يعني: كما كذب هؤلاء المكذبون من قريش فلهم نفس المصير الذي لقيه المكذبون فيما مضى، لكن يمنع من نزول العذاب بهم الآن كما نزل على من قبلهم أن لذلك أجلاً محتماً لا يخلفه الله سبحانه وتعالى، وما هي هذه الكلمة السابقة؟ قال القاشاني : هو القضاء السابق ألا يستأصل هذه الأمة بالدمار والعذاب في الدنيا؛ لأن محمداً عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة، فقد قضى الله سبحانه وتعالى ألا يهلك أمته إهلاكاً عاماً يستأصل شأفة المكذبين منهم كما حصل في الأمم السابقة. وقال الزمخشري في تفسير الكلمة السابقة: هي العدة بتأخير جزائهم إلى الآخرة، فقد وعد الله سبحانه وتعالى أنه يؤجل عذابهم إلى الآخرة، فلولا هذه العدة؛ لكان مثل إهلاكنا عاداً وثمود لازماً لهؤلاء الكفرة. وقوله: (( لَكَانَ لِزَامًا )) يعني: كان إهلاكهم لازماً ومحتماً كما أهلك الأولون، واللزام مصدر لازم كالخطاب، وصف بالمصدر مبالغة كما تقول: رجل صدق، فيوصف الإنسان بالمصدر أحياناً للمبالغة، أو أن اللزام اسم آلة؛ لأنها تبنى عليه، كحزام وركاب، واسم الآلة يوصف به مبالغة أيضاً كقولهم: مسعر حرب، ونزال خصم، بمعنى: مجهز على خصمه، من نز بمعنى ضيق عليه، وجوز أبو البقاء كون لزام جمع لازم، كقيام جمع قائم.

    معنى قوله تعالى: (وأجل مسمى)

    قوله تعالى: (( وَأَجَلٌ مُسَمًّى )) عطف على (كلمة)، (ولولا كلمة وأجل) أي: ولولا أجل مسمى لأعمارهم أو أجل مسمى لعذابهم وهو يوم القيامة؛ لما تأخر عذابهم أصلاً، فهم يستحقون العذاب؛ لأنهم كذبوا، فالأصل أنهم يعاقبون كما عوقب السابقون الذين أشير إليهم في قوله تعالى: (( أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ )) إلا أن الله سبحانه وتعالى بين أن هناك مانعين يمنعان أن يكون العذاب لازماً لهم الآن، فالأول هو العدة بتأخير جزائهم إلى يوم القيامة، ولولا أيضاً أجل مسمى، فلا يستغرب أحد كيف أن (لزاماً) منصوبة، و(أجل) مرفوعة؛ لأن (أجل) معطوفة على (كلمة)، وكلمة مرفوعة، قال تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى ، إذاً: لولا كلمة سبقت من الله ولولا أيضاً أجل مسمى لكان نزول العذاب فيهم أمراً لازماً محتماً. وقوله تعالى: (( وَأَجَلٌ مُسَمًّى )) إذا كان في الدنيا فقد يكون يوم بدر كما قال الله: فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا [الفرقان:77]، وفي حديث أشراط الساعة التي تكون قبل يوم القيامة: (اللزام) وهو العذاب الذي لزمهم يوم بدر، أو يكون الأجل المسمى يوم القيامة، فلولا هذا الأجل المسمى لما تأخر عذابهم أصلاً. قال أبو السعود : وفصله عما عطف عليه -يعني: مع تقارب المعنى بين قوله: (( كَلِمَةٌ سَبَقَتْ ))، وبين قوله: (( أَجَلٌ مُسَمًّى ))- للإشعار باستقلال كل منهما، فالعطف للمغايرة، ولنفي لزوم العذاب، ومراعاة لفواصل الآية الكريمة، ويحتمل أن المقصود (( لَكَانَ لِزَامًا )) يعني: لكان الأخذ العاجل (( لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى )) كدأب عاد وثمود وأضرابهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك)

    قال تعالى: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى [طه:130] أي: إذا كان تأخير عذابهم ليس بإهمال، بل إمهال، فإن الله يمهل ولا يهمل؛ فاصبر على ما يقولون من كلمات الكفر. فهذه الفاء سببية في قوله: (( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ))، والمراد بالصبر عدم الاضطراب لما صدر منهم، وليس المراد ترك القتال فتكون الآية منسوخة، لكن المقصود: لا تضطرب ولا تجزع لما صدر منهم من الأقوال الكفرية.

    معنى قوله: (وسبح بحمد ربك)

    قوله تعالى: (( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا )) في المراد بالتسبيح هنا وجهان: الأول: أنه التنزيه، والثاني: أنه الصلاة، فيحتمل أن المقصود: (( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ )) يعني: نزه ربك عن الشرك، وسائر ما يضيفون إليه من النقائص، حامداً له على ما ميزك بالهدى، معترفاً بأنه المولي للنعم كلها، ومن الصيغ الثابتة المأثورة في التسبيح: سبحان الله وبحمده. وخصص هذه الأوقات بالتسبيح؛ لأن لبعض الأوقات مزية على غيرها فقال: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39]، وذكر طرفي النهار؛ ليعم الأمر بالتسبيح الليل والنهار، فكأنه قال: سبح بحمد ربك في كل وقت، فذكر الطرفين؛ ليفيد عموم هذه الأوقات، أو يكون المقصود أن لهذين الوقتين بالذات مزية على غيرهما من الأوقات، وهذا صحيح، فإن بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس -اللذان هما طرفا النهار- من الأوقات المباركة، وثبت في فضيلتهما كثير من الأحاديث، وهما أفضل أوقات الذكر في النهار على الإطلاق. إذاً: القول الأول: (( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ )) يعني: نزه ربك متلبساً بحمده؛ لأن الكمال يتضمن أمرين: نفياً وإثباتاً، فالنفي يشير إليه التسبيح، فلفظة التسبيح تفيد تنزيه الله سبحانه وتعالى عن النقائص وعن كل ما لا يليق به، أما التحميد فهو الثناء على الله بالكمالات كلها، فله صفات الكمال والجمال والجلال. والحمد أعم من الشكر، فالحمد هو الثناء الحسن، والمدح بصفات الكمال والجمال والجلال، فإذا قلنا: سبحان الله وبحمده، استجابة لقوله: (( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ))؛ فهذه الباء تفيد التلبس، يعني: سبح بحمد ربك متلبساً بتحميده، يعني: اقرن بين التسبيح وبين التحميد؛ لتجمع بين السببين، نفي النقائص وإثبات الكمالات، فهذا معنى: سبحان الله وبحمده، سبحان الله: أي: أنزه الله عما لا يليق، وبحمده أي: أقول بجانب سبحان الله: الحمد لله، يعني: أثني عليه بإثبات الكمالات له وأمدحه بذلك. القول الثاني: أن المراد بالتسبيح هنا: الصلاة، (( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ )) أي: صل لربك، وهو الأقرب عند القاسمي رحمه الله، بدلالة قوله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] وهذه دلالة الاقتران، فقرن الصبر بالصلاة، فنفهم آية طه في ضوء آية البقرة: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] أي: استعينوا على البلاء الذي منه أذية الكفار للمؤمنين بما يسمعونه منهم من كلمات الكفر والأذى، كما قال تعالى: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا [آل عمران:186]، وهنا يقول: (( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ )) يعني: اصبر على ما يقولون من كلمات الكفر والأذى الذي يؤذونك به، فهذه الآية مثل قوله في الآية الأخرى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45]. قوله تعال: (( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ )) عطف على الأمر بالصبر على ما يقولون من الأذى، وفي الآية الأخرى عطف على الأمر بالصبر، فيصير المقصود بالتسبيح هنا الصلاة، والآيات يفسر بعضها بعضاً، وفي بعض الأحاديث يطلق على الصلاة تسبيح، مثل حديث: (كان لا يسبح في السفر)، وقول ابن عمر : (لو كنت مسبحاً لأتممت) يعني: لو كنت متنفلاً في السفر لأتممت، وفي الحديث: (جمع النبي عليه الصلاة والسلام بين المغرب والعشاء بمزدلفة جمع تأخير ولم يسبح بينهما شيئاً) يعني: لم يتنفل بينهما، فالصلاة يطلق عليها تسبيح، باعتبار أن التسبيح أحد أعمال الصلاة، فيجوز أن يطلق عليها جزء من أجزائها. إذاً: المعنى: (( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ )) أي: صل وأنت حامد لربك على هدايته وتوفيقه. (( قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ )) يعني: صلاة الفجر، (( وَقَبْلَ غُرُوبِهَا )) يعني: صلاة الظهر والعصر؛ لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار، بين زوال الشمس وغروبها، (( وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى )) أي: من ساعات الليل، والمراد: صلاة المغرب والعشاء، وإنما جعل وقت الصلاة فيهما لاختصاصهما بمزيد من الفضل؛ وذلك لأن أفضل الذكر ما كان بالليل لاجتماع القلب، وهدوء الرجل، والخلو بالرب تبارك وتعالى، ولأن الليل وقت السكون والراحة، فصرفه للعبادة على النفس أشد وأشق، وللبدن أتعب وأنفق، فكانت أفضل عند الله وأقرب؛ لأن فيها مجاهدة للنوم واللجوء إلى الراحة. وقوله: (( وَأَطْرَافَ النَّهَارِ )) ظرف، يعني: سبح أطراف النهار، وقوله: (( وَأَطْرَافَ النَّهَارِ )) تكرير لصلاة الفجر والعصر، إيذاناً باختصاصهما بمزيد مزية، ومجيئه بلفظ الجمع مشاكلة لآناء الليل، أو لأن صلاة الظهر في نهاية النصف الأول من النهار وبداية النصف الأخير، فجمع باعتبار النصفين، أو لأن النهار جنس فيشمل كل نهار، أو أمر بالتطوع في أجزاء النهار. قال الرازي : إنما أمر عقيب الصبر بالتسبيح؛ لأن ذكر الله تعالى يفيد السلوى والراحة، إذ لا راحة للمؤمنين دون لقاء الله تبارك وتعالى. وقد أشير إلى حكمة الأمر بالصبر والتسبيح بقوله تعالى: (( لَعَلَّكَ تَرْضَى )) أي: رجاء أن تنال ما به ترضى نفسك، يعني: الزم هذين الأمرين: الصبر والتسبيح لعلك تنال ثواب ذلك وهو أن يرضيك الله، وتنال به ما ترضى به نفسك من رفع ذكرك، ونصرك على عدوك، وبلوغ أمنيتك من ظهور توحيد ربك، وهذا كقوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، وقوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى:5]، وفي الحديث القدسي: (يا محمد! إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك).

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم ..)

    أشار تعالى إلى أن ما متع به الكفار من زخارف الدنيا إنما هو فتنة لهم، فلا ينبغي الرغبة فيه، وأن ما عنده أجل وأسمى، فقال تبارك وتعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه:131]، (( أَزْوَاجًا )) أي: أصنافاً، (( زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا )) أي: زينتها، منصوب على البدلية، بدل من (( أَزْوَاجًا )) أو منصوب بـ (( مَتَّعْنَا ))، على تضمين معنى أعطينا أو خولنا. وقوله: (( لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ )) أي: لنختبرهم فيما متعناهم به من ذلك ونبتليهم، فإن ذلك فان وزائل، وغرور وخداع مضمحل. قال أبو السعود : قوله تعالى: (( لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ )) متعلق بقوله: (( مَتَّعْنَا )) يعني: متعناهم بهذه الدنيا، لنفتنهم فيه، جيء به للتنفير عنه، ببيان سوء عاقبته مآلاً، إثر إظهار بهجته حالاً، فهو في الحال زهرة، لها بهجة ونضارة، لكن في المآل تضمحل وتزول، ولذلك قال: (( زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا )) فهذا إشارة إلى سوء عاقبة ما هم فيه من المتاع مآلاً إثر إظهار بهجته حالاً، أي: لنعاملهم معاملة من يبتليهم ويختبرهم فيه، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه. (( وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى )) أي: ثوابه الأخروي خير في نفسه مما متعوا به وأدوم، (( وَرِزْقُ رَبِّكَ )) يعني: ثوابه في الآخرة، خير في نفسه، (( وَأَبْقَى )) يعني: أدوم؛ لأنه لا يفنى، بل يكونون خالدين فيه، فلذلك قال: (ورزق ربك خير) مما هم فيه من زهرة الحياة الدنيا، والثواب الأخروي أفضل وأبقى مما هم فيه؛ لأن ما هم فيه زهرة لا تلبث أن تضمحل، أما رزق ربك وثواب الآخرة فإنه باق لا يضمحل ولا يفنى، وهذا كقوله تعالى: ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا [القصص:80]. أو المعنى: ما أوتيت من النبوة والهدى خير مما فتنوا به وأبقى، (( وَرِزْقُ رَبِّكَ )) يعني: ما أوتيت -يا محمد- من النبوة والهدى، خير مما فتنوا به وأبقى؛ لأنه لا مناسبة بين الهدى الذي تتبعه السعادة في الدارين، وبين زهرة يتمتع بها مدة ثم تذبل وتفنى، وفي التعبير بالزهرة إشارة لسرعة الاضمحلال، فإن أجلها قريب.

    قول الزمخشري في تفسير هذه الآية

    من لطائف الآية ما قاله الزمخشري رحمه الله ونصه: مد النظر تطويله، وألا يكاد يرده استحساناً للمنظور إليه، وإعجاباً به، وتمنياً أن يكون له، كما فعل نظارة قارون حين قالوا: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [القصص:79]، قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا [القصص:80]. قال: وفيه: أن النظر غير الممدود معفو عنه، فالنهي ليس عن النظر، وإنما هو عن مد النظر، فالنظر غير الممدود معفو عنه، وذلك مثل نظر من باده الشيء بالنظر، ثم غض الطرف، يعني: مثل نظرة الفجأة، فمن نظر نظرة لا يقصدها، فرأى شيئاً ينبغي له أن يغض النظر عنه، فيغض طرفه بسرعة، ولا حرج عليه في ذلك، فالنهي هو عن مد البصر وإدامته كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لـعلي بن أبي طالب : (يا علي ! لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة) له الأولى التي نفهمها في ضوء حديث جرير في نظرة الفجأة، قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؛ فأمرني أن أصرف بصري). إذاً: نظر الفجأة هي النظرة التي تقع بطريقة غير إرادية، وغير مقصودة، وسرعان ما يغض الطرف عن المنظور، لكن لو كانت النظرة الأولى ناشئة عن عمد ونية فلا تحل الأولى ولا الثانية، وبعض الناس عندهم مرض في قلوبهم؛ ولذلك يفهمون الأحاديث والنصوص فهماً سقيماً، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لك الأولى وليست لك الآخرة) فيظن أن له أن ينظر الأولى عامداً إلى حرم الله النظر إليه، وليس هذا هو المقصود، وإنما المقصود: لك الأولى إذا كانت نظرة فجأة بغير قصد، أما بقصد فلا تحل أولى ولا أخرى. يقول الزمخشري : ولما كان النظر إلى الزخارف كالمركوز في الطباع، وأن من أبصر منها شيئاً أحب أن يمد إليه نظره، ويملأ منه عينيه، قيل: (( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ )) أي: لا تفعل ما أنت معتاد له، وظالم به، ولقد شدد العلماء من أهل التقوى في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة، وعدد الفسقة، في اللباس والمراكب وغير ذلك؛ لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة، فالناظر إليها محصل لغرضهم. وهم إنما اتخذوها لجذب ولفت أنظار الناس إليهم، فمن ينظر إليهم فكأنه يغريهم على اتخاذ هذه الأشياء؛ لأنه يحصل لهم غرضهم الذي اتخذوها من أجله، والنظر إلى صورة المنظور تؤثر في القلب، وكذلك النظر إلى الظلمة له تأثير في إمراض القلب؛ ولذلك يجتهدون الآن في تدخيل التقنية الحديثة في تضخيم الأصوات، والتحدث بطريقة معينة، والتحرك بطريقة معينة، وكل ذلك أمور مدروسة؛ لإظهار الهيبة من هؤلاء.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ..)

    قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132] يعني: بأهله: أهل بيته أو التابعين له صلى الله عليه وسلم، والراجح: أن أهل النبي عليه الصلاة والسلام هم كل مؤمن كما حققه العلامة ابن القيم في كتابه: جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام، صلى الله عليه وسلم، فمن أراد تحقيق هذه المسألة فليراجع كتاب جلاء الأفهام للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فقد شرح وبين أن المقصود بالآل في قولنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، أتباعه المؤمنون به عليه الصلاة والسلام. يقول: (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ )) يعني: أهل بيته أو التابعين له، أي: مرهم بإقامتها لتجذب قلوبهم إلى خشية الله سبحانه وتعالى.

    معنى قوله تعالى: (واصطبر عليها)

    قوله تعالى: (( وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا )) أي: اصطبر على أدائها؛ لترسخ بالصبر عليها ملكة الثبات على العبادة؛ لأن الإنسان إذا واظب على الصلاة فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيع الصلاة فهو لما سواها أضيع، فلذلك هل يمكن أن تجد من هو محافظ على الصلوات الخمس في جماعة، ثم يفطر في رمضان عامداً؟ لا؛ لأنه إذا حافظ على الصلاة فلابد أنه سيحافظ على الزكاة والحج وصوم رمضان وغير ذلك، لكن إذا هان على إنسان أن يضيع الصلاة فإنه يهون عليه ما عدا الصلاة من العبادة. ثم أشار تعالى إلى أن الأمر بها؛ إنما هو لفلاح المأمور ومنفعته، فالأمر بالصلاة ليس لأن الله سبحانه وتعالى محتاج إلى عباده، أو أن صلاتهم تعود عليه بنفع ما، وإنما لأن نفع الصلاة يعود إليهم هم؛ فلذلك عقب الأمر بالصلاة بقوله: (( لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )).

    معنى قوله تعالى: (لا نسألك رزقاً نحن نرزقك)

    الأمر بالصلاة إنما هو لفلاح المأمور ومنفعته، ولا يعود على الآمر بها وهو الله سبحانه وتعالى نفع ما، لتعاليه وتنزهه، ولذلك قال: (( لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ )) أي: لا نسألك مالاً، بل نكلفك عملاً ببدنك نؤتيك عليه أجراً عظيماً وثواباً جزيلاً، ومعنى (( نَحْنُ نَرْزُقُكَ )) أي: نحن نعطيك المال ونكسبك، ولا نسألك هو، وهذا قاله ابن جرير رحمه الله تعالى. وقال أبو مسلم : المعنى: أنه تعالى إنما يريد منه ومنهم العبادة: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، ولا يريد منه أن يرزقه كما تريد السادة من العبيد الخراج، فإن شأنكم معشر البشر إذا كان للرجل منكم عبيد فإنه يترك هؤلاء العبيد يعملون ويكتسبون المال، ويعودون بهذا المال على سيدهم، فهو ينتفع بهم؛ لأن المال الذي في يد العبد ملك لسيده في الحقيقة، فالله تبارك وتعالى يبين أنه ما يريد منهم ولا منه عليه الصلاة والسلام سوى العبادة، ولا يريد من العباد أن يرزقونه، كما تريد السادة من العبيد الخراج، وهذه الآية كقوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58]، فالله سبحانه وتعالى غني عن العالمين قال الله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15]. وقال بعض المفسرين: معنى الآية: أقبل مع أهلك على الصلاة، واستعينوا بها على خصاصتكم، ولا تهتموا بأمر الرزق والمعشية. وهذه الآية من أعظم ما يرد به على قول بعض المفرطين: العمل عبادة، وهي كلمة صحيحة إذا حملت على أحسن الوجوه، لكنهم قد يتركون الصلاة ويقولون هذه الكلمة! مرة في مجلس الشعب دخل عليهم وقت المغرب، فقام رجل من الدعاة الصالحين الموجودين، فقال: الصلاة يا رئيس! فقال له: نحن في عبادة! وهذا نسمعه الآن في كل مكان، تنصح إنساناً وتقول له: أترك ما في يدك واذهب إلى الصلاة، فيقول: العمل عبادة، فنقول: العمل عبادة، والصلاة أليست عبادة؟! ثم إن العمل وقته متسع لكن الصلاة وقتها يضيق، خاصة صلاة الفجر أو العصر، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر ماله وأهله) يعني: كأن مصيبة أصابته ضاع فيها كل أهله وكل ماله، وأصبح بلا أهل ولا مال، وفي حديث آخر: (من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله)، فترك الصلاة من كبائر الذنوب العظيمة، فكيف يقال: العمل عبادة، إذا كان هذا العمل يعطل عن الصلاة؟! المفروض أن الناس ينظمون مواعيدهم وأعمالهم بحيث لا تعارض أعمالهم مواعيد الصلاة، فهو إذا طرأت عليه الحاجة البشرية فلا شك أنه يسارع ويبادر لقضاء هذه الحاجة، مثل الطعام، فلماذا لا يبقى في العمل ويقول: العمل عبادة، ويترك الطعام والشراب؟! لماذا عند ذكر الله وعند فرائض الله يقول: العمل عبادة؟! العمل الذي هو عبادة هو العمل الذي لا يلهي عن طاعة الله سبحانه وتعالى، والصلاة هي أشرف الأعمال على الإطلاق، قال عليه الصلاة والسلام: (الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر)، وهذا القول من تلبيس الشيطان ولعبه بعقول هؤلاء الناس، يضيع الصلاة ويقول: العمل عبادة، يترك العبادة بحجة العمل، فهذه عبادة للشيطان في الحقيقة، وليست عبادة للرحمن جل وعلا. هذه الآية: (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ )) لابد لكل إنسان دائماً أن يتذكرها، وأن يكرر الأمر لأهله بالصلاة، ففي كل وقت صلاة يأمرهم بها، حتى لو كان يتوقع أنهم سيبادرون إلى الصلاة؛ امتثالاً لهذه الآية، لابد أن الإنسان يعود نفسه، ولي الأمر هو المسئول الأول أن يأمر أولاده بالصلاة قبل ذهابه لصلاة الجماعة، فيأمرهم بالصلاة، ويقول لهم: بادروا بالصلاة، لا تؤخروا الصلاة، حضرت الصلاة، فيذكرهم باستمرار بحضور وقت الصلاة، ويأمرهم بذلك، فينبغي أن يكون هذا سلوك ثابت في كل بيت مسلم، فالأصل أن الذي يقود دفة السفينة يأمرهم دائماً بالصلاة، والصلاة -بلا شك- أولى من متابعة الواجبات المدرسية والمذاكرة وغير ذلك من الأمور التي هي دون الصلاة بكثير، فلابد أن يكون من وظائف ولي الأمر التي لا يخل بها أبداً الأمر بالصلاة امتثالاً لهذه الآية: (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا )). أيضاً في هذه الآية بيان أن الصلاة هي السبب في سعة الرزق، فمن أراد سعة الرزق فلا يترك الصلاة اشتغالاً بالرزق، والحقيقة أن ما عند الله ينال بطاعته ولا ينال بمعصيته، فالرزق عند الله كما قال تعالى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذاريات:22]، فإذا كان الرزق من عند الله فهل نطلب ما عند الله بمعصية الله أم بطاعة الله؟ نطلب الرزق الذي عند الله بطاعته، فإذا أطعنا الله يبارك لنا في هذا الرزق، والآية تشير إلى أن الصلاة سبب في سعة الرزق، ولا يمكن أن تكون الصلاة عائقة عن الرزق؛ لأنه عقب قوله: (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا )) بقوله: (( لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ )) فالذي يرزقنا وضمن لنا أرزاقنا هو الذي أمرنا بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها. فالإنسان إذا نزلت به خصاصة أو حاجة أو فقر، فمن أعظم أسباب سعة الرزق أن يبادر إلى الصلاة، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أصابته خصاصة فزع إلى الصلاة، وكان يفزع إلى الصلاة إذا أصابه أي مكروه، امتثالاً لقوله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45]، يقول بعض المفسرين: معنى الآية: أقبل مع أهلك على الصلاة، واستعينوا بها على خصاصتكم، يعني: على حاجتكم، فلا تهتموا بأمر الرزق والمعيشة، فإن رزقك مكفي من عندنا، مضمون، ونحن رازقوك: (( لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ ))، وهذا المعنى تدل عليه الآية مفهوماً. وليس في الآية حث على القعود عن الكسب، وليست مستنداً للكسالى القابعين في المساجد عن السعي المأمور به، فبعض الناس يقعد عن الكسب والعمل، ويقول: نصلي ونمكث في المساجد ونترك العمل والوظيفة والسعي وراء الرزق الحلال، فهل استدلالهم بهذه الآية يكون في محله؟ لا، فليس الأمر كما يقول بعضهم: جنون منك أن تسعى لرزق ويرزق في غشاوته الجنين فالله سبحانه وتعالى أمرك بالسعي في طلب الرزق كما قال: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ [الملك:15]، وقال في سورة الجمعة: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10] يعني: بعد أن تؤدي الواجب افعل لطلب الرزق ما شئت، لكن المهم ألا تضيع الصلاة بحجة الرزق، والدليل أن الله قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، وهذا أمر صريح بترك ما يسميه بعضهم الآن: العمل عبادة، فالله يأمرك بترك هذه العبادة وقت الصلاة. ومن العجيب أن يطلق على طلب الدنيا عبادة بهذا المعنى! بل هذا كله من عبادة الدنيا، فالدنيا استعبدته في الحقيقة، فهو عابد للدنيا، فالعمل الذي هو عبادة هو الذي لا يشغلك عن أشرف العبادات، والكسب الحلال والسعي وراء الرزق عبادة يثاب عليها الإنسان، لكن لا ينبغي أن يغتر بمن يقيم التعارض بين الأمرين، قال تعالى: رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ [النور:37]، إلى آخر الآية في سورة النور؛ إشارة إلى جمعهم بين الفضيلتين، يعني: يحافظون على الصلاة، ويعمرون المساجد بصلاة الجماعة، وفي نفس الوقت يسعون إلى الرزق الحلال؛ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ [النور:36] * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ [النور:37]، وقال تبارك وتعالى رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]. (( وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )) أي: والعاقبة الحسنة من عمل كل عامل لأهل التقوى والخشية من الله دون من لا يخاف منه عقاباً ولا يرجو منه ثواباً، كما قال في الآية الأخرى: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756230586