أما بعـد:
هذه هي الحلقة الرابعة من سلسلة الدروس العلمية العامة، تنعقد في ليلة الإثنين، الثامن من شهر شعبان لعام (1410 هـ).
وفي بداية هذه الحلقة، أود أن أؤكد على بعض التعليقات التي لها تعلق بموضوع الدرس الماضي، وقد تحدثت في الدرس الماضي عن موضوع الأسماء، وبينت معنى الاسم، وما يحمد من الأسماء وما يذم منها، ثم تكلمت عن بعض أحكامها، وأشير -الآن- إلى بعض التعليقات الخفيفة.
1- الأسماء الأجنبية:
النوع الأول: الأسماء الأجنبية، كأسماء اليهود -مثلاً- أو أسماء النصارى، أو الشيوعيين، أو الكفار على مختلف طوائفهم وأصنافهم، فإن من المعلوم أن لكل طائفة ولكل أمة ولكل ملة أسماء، فـاليهود مثلاً يتميزون بأسماء مثل: (ديفيد) و(باروخ) و(إيلي) و(عزرا) و(ناحوم) وما أشبه ذلك من الأسماء اليهودية، وكذلك النصارى لهم أسماء يتميزون بها مثل: (جورج) و(ميشيل) و(بطرس) و(بولس) و(يوحنا) وغيرها من الأسماء النصرانية المعروفة التي انتشرت عند النصارى سواءً من النصارى، العرب أم من النصارى غير العرب، فهذه الأسماء لا يجوز أن يسمى بها أحد من المسلمين قط.
ومثلها الأسماء التي عُرفت بأشخاص من أئمة الكفر كـالشيوعيين مثل: (لينين) أو (ماركس) أو (إنجلز) أو غيرها، فهذه الأسماء فضلاً عن أنها أجنبية هي أسماء لأناس من أئمة الكفر، فلا يجوز لمسلم أن يسمي ولده بمثل هذه الأسماء؛ لأن هذا من باب التشبه بالكفار، ومن بابٍ آخر فهو فألٌ سيئ، وشؤمٌ على من تسمى بها، فلا يجوز لأحد أن يسمي بها.
ومما ينتشر في مجتمعنا تسمية البنات بالأسماء الأجنبية، التي لا هي معروفة بلغة العرب، ولا هي أسماء تاريخية ولا شرعية، ولا موجودة أصلاً في مجتمعنا، وإنما استوردت من الكفار معلبة وأطلقت على بعض البريئات فكانت شؤماً عليهن وعلى من سماهن، كما نجد -مثلاً- كثيراً من الناس يسمي ابنته: (يارا)، فهذا الاسم ليس له معنى في اللغة العربية وهو اسم أجنبي، فلا يجوز تسمية أحد من الذكور ولا من الإناث بمثل هذه الأسماء، ومثله اسم (ريانا) وأحياناً تجد فتاة مسلمة تسمى (فكتوريا)، وهذه كلها أسماء لنساء من أهل الكتاب، أو أحياناً من الفراعنة، كما نجد بعضهم يسمى (كليوباترا) وفيما أحسب وأعتقد أن هذا اسم فرعوني.
فعلى أية حال، الأسماء الأجنبية سواء كانت من أسماء اليهود، أم من أسماء النصارى، أو الشيوعيين، أو الوثنيين من أعداء الدين، فإنه يحرم التسمي بها لوجوه:
أولاً: إن هذا تشبه، والتشبه حرام أو أقل أحواله أنه حرام.
ثانياً: إن هذا فأل سيء فيمن سمى بذلك أو من سمي به. والرسول عليه الصلاة والسلام كان يعجبه الفأل الحسن.
فقد رأيت مرةً رجلاً اسمه: (سبحان الله) ومثل هذا مدعاة إلى أن يهان الذكر بسبب هذا الرجل، فإذا سبه أحد أو شتمه أو تكلم فيه، فإنه يأتي بلفظ: سبحان الله في هذا الموضع، وهذا يتنافى مع الأدب الواجب مع الله تعالى وآياته ورسله وكتابه، ومع الذكر أياً كان الذكر.
فمثلاً: التسمي بسبحان الله، أو بالحمد لله، أو بأمر الله، أو بأسماء سور القرآن، مثل (طسم) أو (يس) أو بعضهم طه، وما أشبه ذلك، وقد ظن بعض العوام أن هذه أسماء للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا وإن ذكره بعض المصنفين الذين بالغوا في حشد أسماء للرسول عليه الصلاة والسلام، أوصلها بعضهم إلى مئات، إلا أنه لا دليل عليها، ولهذا قال الإمام ابن القيم: إن هذا لا يعرف بحديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف، ولا أثر موصول، ولا مقطوع، أن مثل هذه أسماء للرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هي من الحروف المقطعة في أوائل السور مثل: (الم) (وحم) (والر) وما أشبه ذلك، فهي حروف مقطعة في أوائل السور تكلم المفسرون حولها.
المقصود أنها ليست أسماء للرسول صلى الله عليه وسلم، والتسمي بها مدعاة لتعرضها أيضاً للإهانة والسب والشتم وسوء الأدب -كما سلف- فلا ينبغي التسمي بمثل هذه الأسماء، ولذلك ورد عن الإمام مالك رحمه الله نص على كراهية التسمي بـ(يس)، فهذا هو الأمر الأول، وهو يتعلق بإضافة قسمين من الأسماء المكروهة الممنوعة.
نسبة المجهول إلى من رباه:
فمن الأخطاء أن بعض الناس ينسبون المجهول إلى من رباه، فإذا وجدوا رجلاً منبوذاً، أو فتاة منبوذة، أي مجهول الأبوين، ولا يدرى من أهله حيث أنهم وجدوه في مسجد -مثلاً- أو في غيره، أو أخذوه من الجهات الرسمية، فإنهم ينسبونه إليهم، فيكون اسمه ابن فلان، وفلان أبوه وفلانة أمه، وأحياناً يسجل هذا في الأوراق الرسمية، عن طريق الجهل من الأبوين، وخاصة الأب، فتعرف البنت بأنها ابنة فلان، أو يعرف الولد بأنه ولد فلان، وهو ليس أبوه الحقيقي، وإنما هو الذي رباه، وقد يكون أباً له من الرضاعة، وهذا لا يجوز، لأن الله عز وجل يقول: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5] فإذا لم نعلم من أبوه، فإننا نسميه باسم عام كعبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الكريم، وما أشبه ذلك، دون أن ينسب إلى شخص معين، لأن هذه النسبة لا تجوز، وهي خلاف ما ذكر الله عز وجل في كتابه، وأمر به: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ [الأحزاب:5] ثم قال: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5] أي: فلا تنسبوهم إلى أحد منكم، فهذا من الأخطاء التي تقع كثيراً.
وقد أبطل الإسلام نظام التبني الذي كان موجوداً في الجاهلية، فقد كانوا في الجاهلية إذا وجد رجل رجلاً، فإنه ينسبه إلى نفسه، كما كان زيد بن حارثة يسمى في الجاهلية زيد بن محمد، لأنه أسر في معركة فكان رقيقاً عند الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان أبوه يبحث عنه، ويبكي الليل والنهار على ولده، حتى كان يقول في ضمن كلامه وشعره، كان يقول:
بكيت على زيد ولم أدرِ ما فعل أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل |
فوالله ما أدري وإني لسائل أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل |
تذكرنيه الشمس عند طلوعها وتعرض ذكراه إذا غربها أفل |
وإن هبت الأرياح هيَّجن ذكره فيا طول ما حزني عليه وما وجل |
ثم وجده عند الرسول عليه الصلاة والسلام، فلما جاءوا إليه، خيره الرسول عليه الصلاة والسلام، إن شاء جلس عنده، وإن شاء لحق بأبيه وعمه، فقال: ما أنا بالذي يختار عليك أحداً، وهذا قبل النبوة. وذلك لما رأى من حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم، فخرج به الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قريش، وقال: {يا معشر قريش! أشهدكم أن هذا ابني أرثه ويرثني} فكان يسمى في الجاهلية زيد بن محمد، ثم جاء الإسلام: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40] وأبطل الإسلام نظام التبني وألغاه بالكلية.
ومن الأخطاء التي تقع في التسميات: أن بعضهم ينسبون الولد إلى غير أبيه لسبب أو لآخر، فمن ذلك مثلاً: أن بعضهم قد يخترعون اسماً آخر للولد، فقد يسمي الولد نفسه باسم آخر غير اسمه مع اسمه الأول، فيقول: أنا فلان بن فلان، إضافة إلى اسمه الأصلي، فنسب نفسه إلى غير أبيه، وهذا لا يجوز.
وأحياناً إذا ولد لرجل ولا، سماه باسم مركب كامل، كما يروى في الطرائف والنوادر يقال: إن رجلاً ولد له ولد، فقيل له: ماذا نسميه؟
قال: سموه عمر بن عبد العزيز، فإنه بلغني أنه كان رجلاً صالحاً، وهذا موجود، ويذكر لي أحد الشباب؛ أن رجلاً كان في هذه البلاد، فأحسن إليه رجل له اسم معين، لنفترض أن اسمه عبد الرحمن المحسن ما دام أنه أحسن، فتوفي هذا الرجل، ثم وُلد للآخر ولد، فلا زال يذكر إحسان صاحبه القديم، فلما جاءه ولد سماه عبد الرحمن المحسن، مع أن (أل) هذه عندنا بمعنى (ابن) أو تقوم مقام (آل) فلا ينبغي أن يسمي ولده باسم كامل؛ لأنه يترتب على هذا أن يكون نسبه إلى غير أبيه.
وأحياناً قد يكون الولد قد تربى عند أخواله، إما لأن أمه مطلقة، أو ما أشبه ذلك، فينسب إلى أخواله، وهو ابن ابنتهم، ويشتهر هذا حتى لا يعرف إلا به حتى عند أهله، ولا شك أن ابن البنت ليس ابناً لجده من الأم، كما قال الأول:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
فلا يجوز أن ينسب ابن البنت إلى جده من أمه، وإن كان تربى عندهم، أو رضع عندهم، أو ما أشبه ذلك.
وأحياناً الأجانب ينسبون الزوجة إلى زوجها، وهذا تقليد غربي عند الكفار -النصارى- لأنهم كانوا لا يرون للمرأة قيمة، وكانوا يحتقرون المرأة ويزدرونها، ولا يرون لها قيمة ولا شخصية، ولذلك كانوا ينسبونها إلى زوجها، فإذا تزوجت نسبت إلى زوجها أياً كان، وألحقت بالعائلة التي منها الزوج، وهذا تقليد غربي سرى إلى المسلمين، حتى نجد كثيراً من أمصار المسلمين، سواء من علية القوم أم من سَقَطهم، إذا تزوج الرجل امرأة فإنها تنسب إليه، وكثيراً ما تقرءون هذا في الصحف والمجلات وغيرها، فينسبون المرأة لزوجها وهذا لا يجوز؛ لأن الله عز وجل يقول كما سبق: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ [الأحزاب:5] .
حذفة كلمة ابن من الاسم:
ومن الأخطاء التي تقع في موضوع التسمية: أن بعضهم يحذفون كلمة (ابن) من الاسم، وهذا كثير جداً، فبدلاً من أن يقول: محمد بن عبد الله، يقول: محمد عبد الله، محمد صالح علي إبراهيم، أحمد محمد، وهذه مشكلة من الناحية اللغوية ومن الناحية الشرعية، وأنا لا أستطيع أن أقول: إن هذا العمل محرم، وسبق أن المجامع اللغوية درست هذا الأمر، ولم تخرج فيه بنتيجة واضحة وحاسمة، ولكن ليس هناك شك أن الشرع كان على ما هو دارج ومعروف في لغة العرب وفي القرآن والسنة، كانت تسمى الأسماء بغير هذا، كما في قوله تعالى: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا [التحريم:12] وكذلك في مواضع كثيرة، وفي السنة النبوية من ذلك شيء كثير.
فهذا هو الذي كان معروفاً عند العرب، وهو الذي جاءت به السنة، وجاء به القرآن الكريم، وهو أن الإنسان يقال له: ابن فلان، محمد بن علي مثلاً، وليس محمد علي، وحذف (ابن) هنا يُوجد لبساً، لأنه قد يوهم الناس بأن محمداً هو علي، فعندما تقول: محمد علي، فقد يوهم الناس بأن له اسمان مثلاً محمد، وعلي، والواقع أن محمداً اسمه، وعلياً اسم أبيه.
فحذف (ابن) هذه -أيضاً- من العادات الأجنبية، وعادة غربية، كما ذكرت دراسة نشرت في المجلة العربية، ومن قبل نشرت في مجلة العرب، وأذكر أنهم ذكروا أن هذه العادة أو هذه الطريقة في النسب، موجودة عند الغربيين، وسرت إلى المسلمين من أعدائهم، فينبغي التعود والتعويد على أن يذكر (ابن) في الاسم فيقال محمد بن عبد الله، وما أشبه ذلك.
وأيضاً من الأخطاء التي نقع فيها خاصة في هذه البلاد: هي إضافة كلمة (أل) في الإسم فتجد مثلاً: اسم فلان محمد العبد الله أو العبد الرحمن، و(أل) فيما يبدو لي أنها مخففة من (آل) من آل عبد الله، أو آل عبد الرحمن، لكنها أحياناً توقع في لبس شديد، خاصة في هذين الاسمين: عبد الله وعبد الرحمن؛ لأنك إذا قلت: العبد الله أو العبد الرحمن قد يوهم -أيضاً- أن العبد هو الله، أو العبد هو الرحمن، وهذا قطعاً ليس مقصوداً لكنه يوهم، وفيه سوء أدب مع اسم الله تعالى، ولذلك ينبغي اتقاء ذلك، وكثيراً ما نجد في اللوحات واللافتات، التي تعلق على الدكاكين والأسواق وغيرها، بهذه الصورة العبد الله العبد الرحمن، وهذا أيضاً من الأشياء التي ينبغي أن تتقى، فيقال: ابن عبد الله، أو آل عبد الرحمن.
بعض العادات البدعية في التسمية:
ومن الطرائف المنكرة في موضوع التسمية؛ أن بعض البلاد وخاصة في مصر في الصعيد -عندهم عادة في التسمية غريبة، وهي أنه إذا ولد الولد عندهم، فإنهم يوقدون سبع شمعات، ويسمون كل شمعة باسم، الشمعة الأولى -مثلاً- اسمها محمد، والثانية علي، والثالثة: صالح، والرابعة: إبراهيم، والخامسة: أحمد، والسادسة: خالد، والسابعة: سليمان -فرضاً- ثم ينتظرون حتى تطفأ جميع الشمعات، فينظرون آخر شمعة انطفأت، فيسمون الولد باسم الشمعة هذه، فإذا كانت آخر شمعة انطفأت هي التي أطلقوا عليها اسم أحمد فإنهم يسموا الولد باسم أحمد، وهم بذلك يتفاءلون بأنه سوف يطول عمره كما طال عمر تلك الشمعة فلم تنطفئ.
وهذه بدعة لا إشكال فيها، وهي من الخرافات التي جاء الدين بالقضاء عليها والنهي عنها.
وكذلك من البدع الموجودة في عدد من الأمصار الإسلامية: أنهم يجعلون للرجل أو للمرأة اسمين، أحدهما ظاهر والآخر خفي، ويعتقدون بذلك معتقدات، فبعضهم يظنون أن هذا ينجيه من المرض، وبعضهم يقول: إنه يقيه من العين، وبعضهم يقول: إنه يقيه من الجن، وكأنهم يعتقدون بوجود لبس عند الجن أو عند العائن فلا يعرف ماذا يعين، والجني لا يعرف ماذا يصيب؛ لأن الرجل له اسمان، اسم ظاهر معلن ينادى به واسم خفي.
وكذلك أحياناً يسمون الذكر باسم الأنثى، فمثلاً بعض الآباء -وهذا موجود عندنا في بعض البيئات، خاصة التي يغلب عليها الجهل- كلما ولد له ولد ذكر مات، فأحياناً يولد له ولد ذكر، فيسميه باسم أنثى، بل يسميه باسم: بنية، فيكون اسمه: بنية هكذا، وهذا الأب يفعل ذلك من أجل أنه لا يموت؛ لأنه تعود أنه كلما جاءه ذكر مات، والإناث يعشن لا يمتن، فسمى الولد باسم أنثى حتى يعيش، وهذه مغالطة صريحة؛ لأن الأمور كلها أقدار بيد الجبار جل وعلا، والاسم لا يقدم ولا يؤخر في الأمر شيئاً، والمقدر سيكون والمكتوب سيجري، سواء سميته أم لم تسمه.
وكذلك بعضهم -وهذه عادة يهودية- لكنها انتشرت عند بعض المسلمين- يغيرون اسم المريض، فإذا كان اسم المريض أحمد ثم مرض، ففي أثناء مرضه يغيرون اسمه إلى صالح أو علي، من أجل أن لا يموت، لأنهم يقولون: قد يكون ملك الموت مكلف بقبض روح أحمد، فإذا غير اسمه لم يقبضه، هذا -ولله الحمد- نحن نضحك منه؛ لأنه أمر بالغ في الجهل مبلغاً عظيماً، لكنه موجود، وهي عادة في الأصل يهودية ثم انتقلت وسرت عدواها إلى بعض البيئات الإسلامية، التي يكون فيها أقليات أو طوائف يهودية، ولا يبعد هذا عن اليهود، بالنسبة لهم فإنه ليس غريباً، لأن اليهود إذا كانوا نسبوا لله جل وعلا كل نقص، كما في القرآن الكريم: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ [آل عمران:181] وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:64] إلى غير ذلك، فإذا كان هذا كلامهم في الله جل وعلا فلا نستغرب أن يحطوا من قدر الملائكة، فيظنون أن ملك الموت يمكن أن يلتبس عليه الأمر إذا غير الاسم مثلاً، كما أنهم حطوا من قدر الأنبياء، ونسبوا إليهم كل نقيصة.
وبالمناسبة: فإن من الشائع عند العامة أن ملك الموت اسمه: عزرائيل، وهذا الاسم ليس له أصل ثابت في الشرع، وقد ذكر ابن كثير، ثم الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، وغيرهما من أهل العلم، أن هذا الاسم ليس له أصل في الشرع، إنما هو في القرآن الكريم باسم: ملك الموت، قال الله تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ [السجدة:11] وقال تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ [الأنعام:61] فليس لملك الموت اسم معلوم.
وأيضاً من العادات الموجودة عندنا: أن الناس يعتقدون أن الرجل لا يجوز أن يسمى باسم أبيه، وهذا أيضاً لا أعلم له أصلاً في الشرع، صحيح أن فيه مصلحة ظاهرة، وهي ألا يكون اسم الابن على اسم الأب، لأنه قد يحدث لبساً أحياناً، فإذا كان الأب اسمه عبد الله والابن عبد الله فنودي عبد الله فإنه لا يدرى من المقصود، الأب أم الابن، وهذا صحيح لكنه جائز. وقد كان رجل من خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اسمه عبد الله بن عبد الله، وهوp=1002436عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول
، رضي الله عن الابن فإنه كان رجلاً براً مؤمناً صادقاً، وأما الأب فإنه كان رأساً من رءوس النفاق في المدينة، وكثيراً ما تجد كثير من العلماء المشاهير يكون اسمه واسم أبيه وجده وأبي جده واحداً، وأذكر من أمثالهم: أبو حامد الغزالي، فإنه محمد بن محمد بن محمد، ومثل ذلك كثير جداً في المصنفين، فلا بأس بذلك.ومن العادات الموجودة عندنا: أن الناس -أحياناً- يحذفون بعض الحروف من الاسم، فيلحنون فيه ويغيرونه تغييراً شديداً، فبعض الناس عندنا -نظراً للاستعجال- إذا أراد أن ينادي عبد العزيز. فلا ينطق بالاسم كاملاً بل ينطق بالعبد ثم يضيف إليها الياء والزاي، فيقول: عبديز ويكون هذا على سبيل الاستعجال، ويكون بذلك قد عبَّد الاسم لغير الله تعالى، وإن كان هذا غير مقصود لكنه لا يجوز، ولا أرى أن هذا يجوز لمن أدرك وعقل أن يختصر هذا الاختصار، الذي هو يتعلق باسم الله جل وعلا وهو العزيز.
فهذان تعليقان على ما سبق.
فالكنية مأخوذة من الكناية، وهي: التعريض بالشيء دون التصريح باسمه، فعادة الناس أنهم قد يعرضون بالشيء، ولا يصرحون بذكر اسمه، فهذا يسمى كناية أو كنية، فالكنية مشتقة من الكناية.
والكنية معروفة عند العرب، حتى كان العرب يكنون الصبي من يوم أن يولد، فيسمونه ويكنونه في نفس الوقت، بخلاف العجم والفرس، فإنهم كانوا لا يستخدمون الكنية بل يستخدمون اللقب، كما سيأتي في موضوع الألقاب.
وكانت العرب تتيمن بتكنية الولد تفاؤلاً بأنه سيطول عمره حتى يتزوج وينجب ويسمي، وهذا فأل حسن، وورد الشرع به، فهو محمود، كما أنهم كانوا يقولون: كنوا أولادكم -أو بادروا أولادكم بالكنى- حتى لا تغلب عليهم الألقاب، لأنهم يرون أن الإنسان إن لم يكنى، فإنه قد يلقب، وهذا موجود الآن في كثير من مجتمعاتنا، لا تكاد تجد صغيراً ولا كبيراً إلا له لقب، واللقب: هو شئ يعتبر به، ويكون غالباً من الألقاب المذمومة غير المحمودة، فالكنية هي البديل الشرعي لهذه الألقاب المكروهة التي يتداولها الناس، خاصة في البيئات والمجتمعات الريفية -في القرى والأرياف والمدن الصغيرة- حيث يكثر التلقيب بالأسماء المكروهة، والكنية هي البديل الشرعي، كأبي فلان أو ما أشبه ذلك.
لكن العبرة في الواقع بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فما دام أن الرسول عليه الصلاة والسلام كنى المغيرة بـأبي عيسى، وثبت هذا، فنقول: إن الواقع أن كنية أبي عيسى لا بأس بها، وقد تكنى بها طائفة كثيرة من أهل العلم، من أشهرهم: الإمام أبو عيسى محمد بن سورة الترمذي صاحب السنن، فإنه يكنى بـأبي عيسى.
الأمر الأول: لكي لا يكنى الإنسان بكنية تكون مدعاة إلى إهانة شيء من الذكر.
الأمر الآخر: الإشارة إلى أن من أهل الأدب والطرف، من يكون عندهم شيء من المجانة والاستخفاف، فيتوسعون في رواية الحكايات والقصص والطرائف والنكت المتعلقة بالقرآن الكريم، أو بالسنة النبوية، أو بالله جل وعلا، أو بالرسل، وهذا لا يجوز، لأن القرآن لم ينـزل ليكون نكتة يتداولها الأدباء والشعراء، وهذا الموضوع -موضوع النكت والطرائف إن شاء الله- سوف أفرد له جلسة خاصة؛ لأتحدث عن ما يسوغ له وما لا يسوغ، والآداب العامة المتعلقة به، وأذكر أمثلة مما يصلح وما لا يصلح.
فأقول: في بعض كتب الأدب ككتاب نثر الدر والعقد الفريد وغيرها، يقول: إن رجلاً قيل له: ما كنيتك؟ فقال: كنيتي أبو عبد رب السماوات والأرض إن كنتم موقنين. فقال له رجل: حياك الله يا نصف القرآن. فهذا فيه:
أولاً: هم يسوقون مثل هذه الأشياء للتندر، والتندر بالآيات القرآنية لا يجوز، وربما أن الناس إذا سمعوا نكته تتعلق بآية -أحياناً- أنها تسرع إليهم النكتة أكثر مما يسرع إليهم التأثر بالآية، أو الخشوع عندها، أوتدبر معانيها.
وذكروا من هذا أشياء كثيرة، لا أرى أنه يصلح أو يسوغ أن أستطرد في ذكرها، إنما قصدت مجرد المثال.
أولاً: الرسول صلى الله عليه وسلم كنى المغيرة بن شعبة بـأبي عيسى -كما سبق-.
ثانياً: الرسول صلى الله عليه وسلم كنى أبا الحسين علي بن أبي طالب،كناه بـأبي تراب، كما في صحيح البخاري، ومسلم، عن أبي العباس سهل بن سعد رضي الله عنه: [[أن رجلاً جاءه، فقال: ألا تسمع ماذا يقول أمير المدينة على المنبر في علي بن أبي طالب؟ قال: وماذا يقول؟ قال: يقول: أبو تراب - أي يعير علياً أنه أبو تراب وكان هذا في عهد بني أمية؛ لأنهم كانوا على علي رضي الله عنه، حتى كانوا يسبونه أحياناً على المنابر، ومن ذلك أنهم يلقبونه بـأبي تراب على سبيل الحط من شأنه، غفر الله لهم ورضي الله عنه -فضحك سهل بن سعد، وقال: والله ما كناه بهذا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان له كنية أحب إليه من أبي تراب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى ابنته فاطمة رضي الله عنها زوج علي، فقال لها: أين ابن عمك؟ قالت: يا رسول الله! كان بيني وبينه شيء فغاضبني - غضب منها فخرج، وكان من عادته أن يخرج لئلا يتكلم عليها بسوء رضي الله عنه وأرضاه، لما يعلم من شدة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لها، ومكانتها عنده فذهب ونام في المسجد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي وهو نائم في المسجد، وقد انحسر رداؤه عن ظهره، فأصابه التراب، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي- يقعد علياً ويحث التراب عن ظهره، ويقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب
فالرسول صلى الله عليه وسلم كنى علياً بـأبي تراب فكان علي رضي الله عنه يحب هذه الكنية.
فهذه من الكنى التي أطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض أصحابه، وأما تعيير بني أمية لعلي بهذا، فهذا لا يضره، فهو كما عير أهل الشام عبد الله بن الزبير، حين قالوا له: يا ابن ذات النطاقين، فضحكت أسماء، وقالت له:
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها |
أي: هم يعيرونك بأنك ابن ذات النطاقين، وذات النطاقين هي أسماء وإنما سميت بذلك؛ لأنها في الهجرة شقت نطاقها، وهو الذي تعتجر به المرأة وتتحزم به، فجعلت نصفه لفم القربة، وتحزمت بالنصف الآخر -تمنطقت بالنصف الآخر- فسميت بـذات النطاقين، فهذا مفخرة لها ومدح لها ومدح لابنها، وهو أن يقال له: يا ابن ذات النطاقين.
وعيرني الواشون أني أحبها وتلك شكاة ظاهر عنك عارها |
فقالت له أمه ذلك، فهذا كتعيير بني أمية لـعلي بن أبي طالب بقولهم: أبا تراب.
ومن الكنى التي أطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه أطلق على عائشة أم عبد الله، فقد روى أبو داود بسند صحيح أن عائشة رضي الله عنها قالت له: { يا رسول الله! كل صواحبي لهن كنى، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: تكني بابنك
ومن الكنى التي أطلقها الرسول عليه الصلاة والسلام أبو شريح لـأبي الحكم، حيث كانت كنيته أبا الحكم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: {ألك ولد؟ قال: نعم، قال: من أكبرهم؟ فقال: شريح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأنت
ومن الكنى التي أطلقها النبي صلى الله عليه وسلم: أبو عبد الرحمن، فإنه كنى ابن مسعود. بـأبي عبد الرحمن، كما رواه الطبراني بسند صحيح، عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: {إن النبي صلى الله عليه وسلم كناني بـ
ومنها أيضاً إن صحت كنية أبي رقاد -والرقاد هو النوم- فقد ورد عند الواقدي، والواقدي متكلم فيه، بل هو متروك، وإن كان عالماً بحراً في السير خاصة، لكن ذكر الواقدي: أن في غزوة الخندق -الأحزاب- أن زيد بن ثابت كان يحمل التراب، فأصابه نعاس فنام، فجاء رجل من الأنصار اسمه عمارة بن حزم، فأخذ سلاحه على سبيل الممازحة والمداعبة، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: {يا
فلو صحت هذه الرواية لكانت كنية أبي رقاد من الكنى التي أطلقها النبي عليه الصلاة والسلام، على سبيل المداعبة لـزيد رضي الله عنه وأرضاه، وزيد -كما يقول أهل السير-: كان فكهاً في بيته، وقوراً في مجلسه، فإذا جلس في بيته كان صاحب دعابة ومزاح ومضاحكة لأهله وأولاده وجلسائه، وإذا كان في مجلسه كان وقوراً جليلاً فخماً في عين من حوله.
ومن الكنى التي أطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم -إن صح أيضاً- كنية أبي هر ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: {قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا
فهذه بعض الكنى التي أطلقها الرسول عليه الصلاة والسلام على بعض أصحابه.
جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم، عن أنس رضي الله عنه: {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في طريق مع بعض أصحابه، فقال رجل: يا أبا القاسم، فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! لست أعنيك، إنما أعني رجلاً آخر، فقال عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي}.
وفي الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي } ومن هناك اختلف الناس في التكني بكنية أبا القاسم هل يجوز أو لا يجوز؟
ومن الأدلة التي استدلوا بها على ذلك: ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن، وابن حبان أيضاً وصححه، عن جابر رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {من تسم باسمي فلا يتكن بكنيتي، ومن تكن بكنيتي فلا يتسم باسمي}
فهذا الحديث الذي حسنه الترمذي وصححه ابن حبان، يدل على النهي عن الجمع بينهما، وأنه لا بأس بأن يكنى أبا القاسم لكن لا يسمى محمداً، أو يسمى محمداً لكن لا يكنى أبا القاسم، وأن النهي منصب على الجمع بينهما، وقد جاء عن أبي هريرة نحو هذا الحديث أيضاً. ورواه الطبراني من حديث محمد بن فضالة: {أن أمه ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ولادته بأسبوعين، فمسح الرسول صلى الله عليه وسلم على رأسه، وسماه محمداً وقال: لا تكنوه أبا القاسم -أو لا تكنوه بكنيتي-}.
أولاً: السبب السابق في حديث أنس في قصة الأنصاري الذي قال: {يا أبا القاسم، فقال: لا أعنيك يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي} فدل على أن هذا لئلا يلتبس الأمر، فيظن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه المقصود فيكون في ذلك نوعاً من المشقة عليه.
ثانياً: وكذلك مما استدلوا به ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: {أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إني ولدت ولداً فسميته محمداً وكنيته أبا القاسم، وبلغني أنك تكره ذلك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ما الذي أحل اسمي وحرَّم كنيتي، أو حرم كنيتي وأحل اسمي والحديث فيه ضعف لأن فيه محمد بن عمران الحجبي وهو مجهول؛ لكن له شاهد رواه البخاري في التاريخ الكبير وأبو داود والترمذي، وقال حسن صحيح، عن علي رضي الله عنه أنه قال: {يا رسول الله! أرأيت إن ولد لي بعدك غلام، هل أسميه محمداً وأكنيه أبا القاسم؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: نعم} والحديث صححه الحاكم وابن التركماني والترمذي وغيرهم، وسنده جيد، وهو حجة في هذا الباب. حيث أن علياً رضي الله عنه قال: {يا رسول الله، أرأيت إن ولد لي بعدك ولد -أي بعد وفاتك -هل أسميه محمداً وأكنيه أبا القاسم؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد لـ
والحديث جاء أيضاً له رواية أخرى عن ابن عساكر قال ابن حجر في فتح الباري: سندها قوي، وهي تدل على جواز ذلك بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام.
والإمام مالك كان له ولد اسمه محمد وكنيته أبو القاسم، فقالوا له: يا إمام كيف يكون لك ولد اسمه محمد وكنيته أبو القاسم؟
فقال: ما أنا كنيته لكن أهله كنوه، ولا أرى بذلك بأساً، ولم أسمع في النهي عن ذلك شيئاً، وحمل الإمام مالك النهي عن التكني بأبي القاسم على أن ذلك كان خاصاً في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: ومما يدل على قوة هذا القول: أن جماعة كثيرة من الصحابة كان لهم أولاد أسماؤهم محمد وكُناهم أبو القاسم، من ذلك: طلحة بن عبيد الله كان له ولد اسمه محمد بن طلحة، وهو رجل فاضل، وعابد من العباد الزهاد، حتى كان يسمى بالسجاد لكثرة سجوده وعبادته، وقد حفر السجود في جبهته، وأثر فيه، وكان عابداً قتل في المعارك بين علي ومعاوية رضي الله عنهم، واختلفوا فيمن قتله قيل: قتله رجل من بني أسد، وكان يمدحه فيقول في مدحه:
وأشعث قوام بآيات ربه قليل الأذى فيما يرى الناس مسلم |
شككت إليه بالرماح قميصه فخر صريعاً لليدين وللفم |
على غير شيء غير أن ليس تابعاً علياًومن لا يتبع الحق يندم |
يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقـدم |
رضي الله عن محمد بن طلحة، لما جاء هذا الرجل ليطعنه، لم يرد أن يدافع عن نفسه، ويحتمل أنه كان مع أبيه فلم يرد أن يدافع عن نفسه، واستشار عائشة، فقالت له: كن كخير بني آدم، إن مد إليك ليقتلك فلا تقتله أنت، فسكت محمد بن طلحة ولم يدافع عن نفسه فلما أهوى إليه هذا الرجل بالرمح ذكره بالقرآن، ذكره بـ" حم" وذكره بالله جل وعلا فهذا الرجل أقدم وقتل وقال:
يذكرني (حم) والرمح شاجر فهلا تلى (حم) قبل التقدم |
أي لو أنه فعل ذلك لما قتلته، فـمحمدٌ السجادرضي الله عنه -وقد ذكر هذه القصة الحاكم في المستدرك- كان يكنى بـأبي القاسم واسمه محمد، وجماعة آخرون من الصحابة، منهم محمد بن عبد الرحمن بن عوف، ومنهم محمد بن أبي بكر، وكنيته أبو القاسم أيضاً كما هو معروف ومشهور، ومنهم أيضاً محمد بن الأشعث وغيرهم كثير.
فالمهم أن ذلك كان معروفاً في الصحابة، حيث كان يسمي الواحد منهم ولده بمحمد ويكنيه بأبي القاسم. وكذلك سعد بن أبي وقاص، وجعفر بن أبي طالب، كان لهم أولاد أسماؤهم محمد وكناهم أبو القاسم، وحاطب بن أبي بلتعة وغيرهم، هذا يدل على أن هذا الأمر كان شائعاً عند الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذهب بعض أهل العلم إلى كراهية ذلك دون تحريمه.
وأعظم وأشهر وأعرف كنى النبي عليه الصلاة والسلام هي: أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، وهذه الكنية المشهورة التي كان يعرف بها حتى كان بعض الصحابة يقول: حدثني أبو القاسم، كما قال أبو هريرة رضي الله عنه: حدثني أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، قال: {تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي} وكما قال أبو هريرة للرجل الذي خرج: [[أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم]] ولما جاء اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا له: بارك الله عليك يا أبا القاسم. فهذه هي أشهر كنى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
ومن كناه: أنه كان يكنى بأبي إبراهيم، وكان له ولد يسمى إبراهيم -كما سبق في الدرس الماضي- وقد جاء عند البيهقي وغيره من طرق: {أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم}.
وذكر بعضهم أن من الكنى التي تطلق على النبي صلى الله عليه وسلم: أبو المؤمنين، وذلك لأن أُبيَّ بن كعب وابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم، كانوا يقرءون: [[النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب:6] وهو أب لهم]] هكذا كانت القراءة عند من ذكرت، كما ذكرها جماعة من العلماء، كما في الدر المنثور وغيره، (وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) وليس المقصود قطعاً أبوة النسب، فهذا منفي بقوله تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ [الأحزاب:40] وإنما المقصود بالأبوة: أبوة العطف والرحمة والشفقة والفضل له صلى الله عليه وسلم على أمته، وهذه على أية حال لا تصح أن تكون كنية، إنما كنيته المعروفة صلى الله عليه وسلم: أبو القاسم.
من الأحكام: أنه يجوز أن يكنى الرجل أو المرأة بأكثر من كنية، فمثلاً علي رضي الله عنه كانت كنيتهأبا الحسن وأبا تراب.
يقول الشاعر:
وكان لنا أبو حسن علي أباً براً ونحن له بنينا |
فهذه أيضاً بنوة وليست هي البنوة الحقيقية، إنما هي بنوة التقدير والإجلال له رضي الله عنه. وكذلك كنيته أبو تراب، كما سبق في حديث سهل بن سعد، ومثله النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم كثير.
فلا مانع من أن يجمع الإنسان بين كنيتين.
وكذلك لا مانع من أن يكنى الإنسان بغير ابنه الأكبر، فيكنى بالأوسط أو الأصغر، إذا لم يكن في ذلك غضاضة، بل لا مانع من أن يكنى الإنسان بغير أبنائه.
فمثلاً أبو موسى الأشعري، أكبر أولاده سماه النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم، كما في الحديث المتفق عليه، ومع ذلك اسمه أبو موسى، وليس أبا إبراهيم، فلا مانع من أن يكنى الإنسان بغير ولده، بل هذا كثيرٌ جداً، وأبو بكر -مثلاً- هل له ولد اسمه بكر؟
كلا، وعمر ما هي كنيته؟
أبو حفص فهل له ولد اسمه حفص؟
كلا، وأبو قحافة والد أبي بكر ليس له ولد اسمه قحافة، أبو ذر ليس له ولد اسمه ذر، وإنما هذه كنى عرفت واشتهرت وتناقلها الناس، ومثله أبو سلمة ليس له ولد اسمه سلمة، وأبو سليمان خالد بن الوليد أيضاً، إنما المقصود بالكنية المدح والتفخيم والإجلال للإنسان، كما يقول الأول:
أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا ألقبه والسوءة اللقب |
فاللقب فيه سبة وعار وذمة غالباً، أما الكنية فهي مدح وتفخيم، ولذلك تعداد وتكثير الكنى للإنسان أمر محمود وحسن ولا شئ فيه بل هو قد يكون من باب التفخيم للمكنى.
فكان يقرأ هذه الآية ويرددها ويبكي حتى الصباح، وله فضائل كثيرة مذكورة في موضعها.
وممن كني بابنته: أبو لبابة، وأبو أروى، وأبو أسماء، وأبو هند، وأبو أمامة، وأبو جميلة، وأبو صفية وهو مهاجري مولى لرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك أبو هند كان حجاماً لبني بياضة، ومثله أبو طيبة وكان حجاماً، حجم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مولى لـمحيصة بن مسعود.
وهذه الأسماء، يحتمل أن تكون أسماء لرجال، فقد يسمى الرجل بأسماء، وقد يسمى الرجل بهند، لكن الغالب عليها أنها أسماء إناث، فدل على أنه لا بأس بأن يكنى الرجل باسم ابنته، أو باسم أنثى على سبيل الإجمال.
وقد ذكرها الحافظ ابن حجر، ثم أضاف إليها فوائد أخرى كثيرة، ومن الطرائف المتعلقة بهذه القصة ما رواه الحاكم في علوم الحديث عن أبي حاتم الرازي الإمام المشهور المعروف، أنه قال: جزى الله أخانا صالح بن محمد كل خير -وصالح بن محمد هذا كان يلقب بـجزرة عند المحدثين، وسيأتي إن شاء الله في الألقاب، وجزرة هذا من الألقاب التي اشتهر بها وعرف بها- فيقول أبو حاتم: جزى الله أخانا صالح بن محمد جزرة كل خير، فإنه لا يزال يباسطنا حاضراً وغائباً. أي يمازحهم ويضحكهم فيما لا إثم فيه.
يقول: إنه لما مات الذهلي أقاموا شيخاً يحدثهم ويروي لهم الحديث، وكان هذا الشيخ اسمه مَحمِش، بفتح الميم الأولى وكسر الميم الثانية -هكذا ضبطها العلماء كـابن حجر وغيره- فيقول: إن هذا الشيخ روى لهم حديث أنس في قصة أبي عمير وأخطأ فيه في عدة مواضع منها أنه كان يقول: فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: {يا
وهو دليل على جواز تكنية الإنسان قبل أن يولد له، وهو لايزال صبياً -كما سبق- وقد روى الحاكم وغيره بسند صحيح، وأحمد من حديث صهيب أن عمر قال له: [[مالك تكنى
وكما في صحيح البخاري من حديث أسامة بن زيد: {أن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما جاء إلى المدينة، ركب على حماره في ملأ من أصحابه وذهب في شوارع المدينة، فمر بملأ من الأنصار فيهم المؤمنون، كـعبد الله بن رواحة، وفيهم المشركون والمنافقون، وفيهم اليهود، فلما غشيتهم عجاجة الدابة؛ نـزل الرسول صلى الله عليه وسلم، وسلم عليهم ودعاهم إلى الله عز وجل، فقام عبد الله بن أبي بن سلول، وقال: يا هذا، ما أحسن ما تقول إن كان حقاً- قبح الله عبد الله بن أبي، يقول: ما أحسن ما تقول إن كان حقاً، وهذا تحصيل حاصل: إن كان حقاً فهو حسن، لكن هو خبيث لا يريد أن يقول إنه حق، أو حسن، لكن يقول: إن كان صحيحاً فهو صحيح- فلا تغشانا في مجالسنا، من أرادك أتاك وأنت في مكانك. فقال عبد الله بن رواحة: بل اغشنا يا رسول الله، فتنازع القوم واختلفوا حتى كادوا أن يقتتلوا، ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهم وهدأهم وسكن ثائرتهم، ثم ذهب إلى سعد بن عبادة، فقال له: ألم تسمع ما قال أبو حُباب؟ -وهذا هو الشاهد- أي عبد الله بن أبي بن سلول المنافق، فقال: ماذا قال يا رسول الله؟ فأخبره بالخبر، فقال: ارفق به يا رسول الله، فو الله لقد جاء الله بهذا الخير الذي أنـزل عليك، والحق الذي أنـزل عليك، وإن أهل هذه المدينة-أي: المدينة قد أطبقوا وأجمعوا على عبد الله بن أبي بن سلول أن يسودوه ونظموا له الخرز ويعصبوه بعصابة -أي يجعلوه ملكاً عليهم- فلما رد الله ذلك بالحق الذي أنـزل عليك شرق به
فانظر كيف الحسد، فهو حسد الرسول عليه الصلاة والسلام، وأصابته غيرة شديدة أنه زال الملك الذي كان يتربص وينتظر ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يقبل هذا الحق، بل سار يظهر الإسلام ويبطن الكفر بعدما أعز الله الإسلام، فرفق النبي صلى الله عليه وسلم به، والشاهد أن الرسول عليه الصلاة والسلام كناه بـأبي الحباب.
وتكنية المشرك تكون في ثلاث حالات:
الحالة الأولى: إذا اشتهر وعرف بذلك، كما كنى الله تعالى في القرآن الكريم أبا لهب تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [المسد:1] فقيل: سُمي أبا لهب لأنه كان جميل الوجه، يتلهب وجهه حسناً وجمالاً، وتناسب هذا مع قوله تعالى: سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ [المسد:3].
ومثله أيضاً: أبو طالب فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كناه أبا طالب كما في الحديث المتفق عليه عن العباس قال: {يا رسول الله! هل نفعت
الحالة الثانية: التي يكنى بها المشرك والكافر: إذا كان في ذلك تأليف لقلبه، أو قلب من حوله، كما كنى الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بن سلول بـأبي الحباب؛ لأن القوم كانوا يحبونه ويعظمونه، ولم يكتشفوا حاله، وربما في أول الإسلام كان له مكانة عندهم قبل أن يسلم أيضاً، وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام امتنع من قتله تأليفاً لقلوب المؤمنين، فما بالك بأن يلقبه الرسول عليه الصلاة والسلام أو يكنيه أو ما أشبه ذلك.
الحالة الثالثة: التي يكنى بها الكافر: إذا كانت الكنية كنية ذم وحط من قدره، كما يقال -مثلاً- أبو جهل فإن تكنيته بالجهل ذم وحط من قدره ولا بأس بها.
يشتهر عند العامة أنهم يذكرون الله تعالى -أحياناً- فيقولون: أبا الأفراج، فهذا موجود، حتى إن الشاعر المشهور من هذه البلاد العوني، في قصيدته المشهورة استخدم هذه العبارة يقول فيها:
وانظر بعينك يا أبا الأفراج حالي فرد غريب والمصافي ذليلة |
وهذا لا يجوز بلا شك، فلا يجوز -بلا إشكال- وصف الله تعالى بأنه أبو كذا، وإن لم يكن المقصود الأبوة، ولكنه لا يجوز وهو محرم، لسوء الأدب فيه مع الله تعالى، ولأنه لا يجوز أن يوصف الله تعالى أو يسمى إلا بما ثبت في الكتاب والسنة، والعامة أحياناً يقولون مثلاً: فلان ضربته حتى قال يا أبا الأفراج، أو فلان نـزل عنده ضيف وأطال عنده حتى قال: يا أبا الأفراج، وهذا بعتبر عندهم نداء، أي أن هذا الإنسان تطاول مكث الضيوف عنده فصار يدعو الله تعالى بالفرج، ويجوز أن يقولوا يا ذا الأفراج بالذال، لأن الله تعالى هو الذي يفرج عن عباده كرباتهم.
وكذلك من الأخطاء: أن بعضهم يكنون بكنى أهل الجاهلية، ولو على سبيل المزاح، فقد بلغني أن بعض الشباب -مثلاً- يسمي أحدهم الآخر أبا جهل على سبيل الممازحة والدعابة والنكتة، فهذا أيضاً لا يجوز، فهو حرام أن يسمى به أو يقبل ذلك، سواء كان هازلاً أم جاداً.
ومن الأخطاء: أن بعضهم يسمون الولد اسماً ممنوعاً أو مكروها، ثم يتكنون به -كما سبق في باب الأسماء الممنوعة والمكروهة- فيقال في الكنية ما يقال في الاسم.
وبذلك نكون قد أتينا على أهم الكلام الذي يمكن أن يقال في موضوع الأسماء والكنى.
ويبقى -إن شاء الله- الدرس الأخير في باب الأسماء والكنى وأخصصه للألقاب، وسيكون -إن شاء الله- درساً فيه فوائد كثيرة حول الألقاب الشائعة عند الناس وفي التاريخ، ألقاب الكبار سواء من العلماء أم الزعماء أم غيرهما، وبيان بعض الطرائف المتعلقة بذلك، وما يحل وما لا يحل من التلقيب.
الجواب: الحقيقة أنمعاوية كما تعلمون، هو أمير المؤمنين وسيد من سادات المسلمين، وصحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم، ووصاه، وكان يكتب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو خال المؤمنين فهو أخو أم حبيبة، وله فضائل عظيمة منها: الحلم، ومنها السؤدد، ومنها توسيع رقعة الإسلام، إلى غير ذلك، ولذلك فإن التسمي باسم معاوية كالتسمي بأسماء بقية الصحابة والصالحين من الأمور الحسنة، ومما يزيده استحباباً -ما أشار إليه الأخ- أن الرافضة يشتمون معاوية رضي الله عنه، ويحطون من قدره، ففي هذا مضادة ومناوأة لهم، وقد كان السلف يستحبون الأمور التي تكون فيها مخالفة لأهل البدعة، كما استحبوا -مثلاً- المسح على الخفين مخالفة للرافضة واستحبوا أشياء كثيرة لمخالفة ومنابذة أهل البدعة.
الجواب: عمر رضي الله عنه، سبق أنه كان يرى منع التسمي بأسماء الأنبياء، ولذلك منع ابنه أن يُسمي محمداً، ومنع هذا أن يُكنى بـأبي عيسى، وهذا مذهب خاص لـعمر رضي الله عنه، والجماهير على خلافه، بل التسمي بأسماء الأنبياء مستحب.
الجواب: في الواقع أنه إذا كان الإنسان يريد أن يبتدئ اسماً فنقول له الأفضل ألَّا تسمي: يس، أو طه، أو حم، أو ما أشبه ذلك، أو سبحان الله، أو تبارك الله كما سلف؛ لكن إذا كان الاسم موجود ومدون في الأوراق الرسمية والدواوين، ففي تغييره صعوبة، فلذلك لا أرى أن يتعجل الإنسان في التغيير؛ لأني لا أستطيع أن أقول: إن هذا الاسم محرم جزماً، فأنا أقول: إنه مكروه وممنوع لما فيه من احتمال التعرض للآيات بالإهانة، لكن إذا كان واقعاً موجوداً فإنه يتريث فيه ويتثبت، وإذا ثبت تحريمه يغير.
الجواب: لا يلزم ذلك، إنما الرسول صلى الله عليه وسلم سماه بديلاً عن الاسم الذي ذكر، والتسمي بالأكبر هو الأصل المعروف، لأن التسمي بمن دونه قد يكون أحياناً فيه نوع من ضعة قدر الأكبر، أو كان يحدث في نفسه شيئاً: لماذا تتجاوزه، لماذا تتركه إلى غيره، ولذلك نجد بعض الآباء إذا غضب على ابنه الكبير لا يكنى به ويكنى بمن هو دونه.
الجواب: لا أعلم في هذا حرجاً.
الجواب: بالمناسبة هناك جماعة من المحدثين عرفوا بهذا الاسم: دحيم وأذكر منهم: عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي أبو زرعة الدمشقي، وهو إمام حافظ مصنف مشهور، فكان يسمى بـدحيم، وجماعة مثله كان اسمهم عبد الرحمن فكانوا يلقبون بدحيم، والأولى أن يقال عبد الرحمن وعبد العزيز.
الجواب: اسم عبد المطلب تعبيد لغير الله، ولذلك الظاهر أنه لا يجوز. أما حكاية ما مضى فلا بأس في ذلك، فأنت لو قلنا لك: ما نسب الرسول صلى الله عليه وسلم؟
تقول هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فهذا اسمه، فالحكاية لأمر قد مضى لا بأس بها لكن الابتداء هو الذي لا يجوز.
الجواب: لا بأس بذلك.
الجواب: ليست ملزمة، بل أي كنية تكنى بها الإنسان إذا لم تكن تكون ممنوعة فهي جائزة، وينبغي أن نشيع الكنى بين الناس ونتداولها حتى الصبيان الصغار ينبغي أن يكنوا، وكان هذا معروفاً عند الصحابة، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي} والمرأة ولدت ولداً فقالت: يا رسول الله، سميته باسمك وكنيته بكنيتك، فكانوا يسمون ويكنون في نفس الوقت.
الجواب: اسم إيمان وهدى ونحوها ليس محرماً، لكن يقال فيه مثل ما يقال في الأسماء التي همَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بالنهي عنها؛ لأنه يقال: هل هناك إيمان؟
فيقال: لا، هل هناك هدى؟
فيقال: لا، فهو مكروه لكنه ليس بحرام، ولذلك أقول كما سبق من كان عنده ابنة يريد أن يسميها إيمان أو هدى، نقول له: الأفضل ألا تسميها، لكن إذا كانت ابنه سميت وكتبت هكذا في الأوراق الرسمية كلها، فإن التغيير فيه صعوبة أحياناً.
الجواب: إذا كان لا يرضى بها، فلا يجوز أن تقال له ولو كانت على سبيل المزاح بل يشترط رضاه في ذلك.
الجواب: نعم لا بأس بذلك.
الجواب: الحديث في الصحيح لكن ليس بهذا اللفظ، والذي أذكر أنه في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {كفرٌ بالمرء تبرؤه من نسب وإن دق}.
الجواب: هل تعرف من القرآن سورة اسمها سورة صالح؟ كلا، أما محمد فنعم، ولكن سميت سورة محمد بهذا الاسم لذكر اسم الرسول عليه الصلاة والسلام فيها، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نـزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ [محمد:2] ولم يسم الرسول عليه الصلاة والسلام باسم السورة، فالاسم قبل نـزول السورة، حيث كان اسمه عليه الصلاة والسلام محمد، وكان معروفاً عند العرب في الجاهلية.
الجواب: لوط كما تعرفون نبي من أنبياء الله، وقد ذكره الله تعالى في كتابه، والتكني بأبي لوط لا بأس بذلك، ووجد في التاريخ من تكنى بذلك، ولا أعلم فيه جرجاً.
الجواب: الأسماء الجديدة التي أحدثها الرسول صلى الله عليه وسلم ليس فيها تزكية دينية بالبر وما أشبه ذلك، وقد يكون فيها تفاؤل ولكن ليس فيها تزكية.
الجواب: أسلفت أنه لا بأس أن يسمي الرجل ولده باسمه هو، أو يسميه باسم أبيه، والناس بعضهم يعتبر أن من البر أن تسمي ولدك باسم الأب، وبعضهم يعتبر أنه لا ينبغي أن تسمي الابن باسم أبيه، ويقول: إن هذا مدعاة لأن يموت، وهذا لاشك أنه أيضاً من البدع والخرافات الباطلة.
الجواب: نعم يجوز للإنسان أن يغير اسمه إلى اسم آخر، لكن هنا أنبه على ضرورة إرضاء الوالدين في ذلك، وألَّا يفعل الإنسان هذا فيكون فيه مسخطة لوالديه، اللهم إلا أن يكون الاسم قبيحاً، وفي الواقع أنني سمعت أسماءً لبعض الشباب، فيها قبح، فقد يسمون باسم ذئب من الذئاب فيكون اسماً بشعاً، أو يسمونه اسماً منسوباً إلى بعض الملل الضالة والنحل الكافرة، أو ما أشبه ذلك، وربما يكون السبب في ذلك: أنه يأتيهم رجل يكون من أهل تلك النحلة فيكون طبيباً أو غير ذلك، فيعجبهم وهم لا يدرون ما هو، فيسمون الولد باسمه، ويكون اسمه اسماً بشعاً أو محرماً، فإذا كان الاسم محرماً يجب تغييره وإن سخط الوالد.
الجواب: عيسى عليه السلام -كما نعلم- ولد من أم بلا أب، إنما قال الله تعالى له: كن فكان، كما ورد في القرآن الكريم من أن أمه حملت به من غير أب، والنصوص في ذلك كثيرة في مواضع منها في سورة آل عمران، ومريم، وغيرها، فلذلك نسب إلى أمه.
الجواب: يكنى بالاسم الذي يريد؛ لأن الكنية ملك للأب، فإذا كان يريد أن يكنى بأبي محمد فينبغي أن يكنى بهذا، وإن كان يريد أن يكنى بأبي أحمد فيكنى بهذا.
الجواب: نعم يكنى بأصغر الأبناء.
الجواب: هذا ليس اسماً إنما هو نداء مثل يا فلانة أو يا هذه، فلا بأس بذلك.
الجواب: أما صالح فحسن، وأما إيمان وصلاح، فأرى فيهما ما سبق. أما آية الله، فأقول: هذا لا ينبغي، لأن أقل ما يقال فيه: أن فيه مضاهاة للرافضة أعداء الله.
الجواب: لا يجوز التعبيد، أو التسمي بأسماء لم تثبت لله جل وعلا فيما أعلم.
الجواب: الأسماء القليلة تنتشر وتشتهر بعد فترة عند الناس، ولذلك تغيير الاسم فيه مشقة وفيه كلفة وله تكاليف، فما دام الاسم حسناً أرى ألا يغير.
الأول: لاشك أن الرسول عليه الصلاة والسلام أحرص الأمة على الكمال، فإذا كان اسم عبد الله، وعبد الرحمن أفضل الأسماء عند الله، فلماذا لم يغير اسمه إلى أحدهما، وهو الذي غير أسماء كثير من الصحابة؟
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم اسمه محمد في التوراة والانجيل وعند الأمم السابقة، وبشر به النبيون هكذا، قال الله: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6] وموجود حتى في بعض نسخ الإنجيل الموجودة اليوم -كإنجيل برنابا- ذكر اسم الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالله تبارك وتعالى لحكمة يعلمها اختار له هذا الاسم وسماه به، ولذلك كان عدد من العرب يسمون أولادهم باسم محمد رجاء أن يكونوا أنبياء، وكذلك أمية بن أبي الصلت سمى نفسه بمحمد رجاء أن يكون هو النبي، فلذلك لم يغير الرسول صلى الله عليه وسلم اسمه. وقد يكون هناك أيضاً علل وأسباب أخرى.
الجواب: أما هذه فلا، ولو تصفحت -مثلاً- سير الصحابة وارجع في ذلك إلى كتاب الإصابة لـابن حجر، أو أسد الغابة أو الاستيعاب أو غيرها، تجد أن عدداً من اسمهم محمد من الصحابة كثير، ولعلي أشرت إلى بعضهم فيما سبق.
الجواب: كلا، بل الوارد في الصحيحين أن آدم عليه السلام كان طوله في السماء ستون ذراعاً، هذا هو الثابت في الصحيحين.
الجواب: دانة -فيما أعلم- هذا نوع من الأشياء التي توجد في البحار -معادن توجد في البحار- فلا بأس به. أما لارا اسم أجنبي وقد سبق الكلام في الأسماء الأجنبية.
الجواب: أقول عن نفسي -لا أقول عن دين الله أو شرع الله -إنني أكرهها، لأنها تتعلق بأمور لها تعلق بالفن والغناء، لأن الشادي هو المغني أوالمتغني، وكذلك الأنغام معروفة، فلذلك ليس من الفأل الحسن أن يسمى الإنسان بنيه بمثل ذلك.
الجواب: كلا، ليس فيما في صحيح البخاري شك، لكن الذي شككت فيه أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي كناه أبا هريرة، فإن الأصح في الرواية أن الذي كناه أبو هريرة هم أهله قبل الإسلام، لأنه كان يحمل هرة في كمه أثناء ما كان يرعى الغنم، أما الرسول عليه السلام فإنه قلب الكنية من أبي هريرة إلى أبي هر، وليس قلبها دائماً وإنما سماه في تلك المناسبة. ولهذا أبو هريرة كان يقول: [[لا تقولوا لي
أما في صحيح البخاري فكله صحيح.
هذا والله تبارك وتعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر