هذا الدرس الثاني والعشرون من الدروس العلمية العامة في ليلة الإثنين التاسع عشر من شهر ربيع الأول لعام (1411هـ).
إخوتي الأكارم.. سيكون هذا الدرس بإذن الله تعالى تصفية للأسئلة التي سبق أن تقدمتم بها, ولم يتح لي الإجابة عليها فيما مضى, ووعدت أن أخصص درساً لها وهذا هو الدرس, ومما يجدر التنبيه إليه أن هذا الدرس يعتبر الحلقة الثانية من الإجابة على الأسئلة, فقد سبق أن عقدت المجلس الأول يوم أن كان الدرس في الجامع الكبير, وكان بعنوان:
قبل أن أدخل في الأسئلة والأجوبة أود أن أذكر بأمور فيما يتعلق بالسؤال وإن كان موضوع السؤال يحتاج إلى جلسة خاصة.
وكان الصحابة رضي الله عنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم حتى نهوا عن ذلك, كما في حديث أنس أنه قال: {نهينا أن نسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يأتي الرجل العاقل من أهل البادية, فيسأل الرسول صلى الله عليه وسلم...} يفرحون إذا جاء رجل أعرابي ليس منهي عن السؤال, يسأل النبي عليه الصلاة والسلام فيستفيدوا من سؤاله, جاءه أعرابي مرة, فقال: يا رسول الله، أرأيت الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ رجل يحب الناس يحب الصالحين لكن ما وصل إلى درجتهم, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {المرء مع من أحب} وفي رواية {أنت مع من أحببت}.
وقائل هل عمل صالح أعددته ينفع عند الكرب |
فقلت حسبي سنة المصطفى وحبه فالمرء مع من أحب |
إذاً كان الصحابة رضي الله عنهم يفرحون بمن يأتي ويسأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن أشياء حتى يجيب عن هذه الأسئلة, وقد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أثنى على بعض الصحابة مثل ابن مسعود بقوله: {إنه فتى الكهول، له قلب عقول، ولسان سئول} ويروى عن ميمون بن مهران أنه كان يقول: حسن السؤال نصف الفقه.
فالسؤال -على كل حال- هو تفاعل بين السامع والمتحدث, ليس صحيحاً أن يكون الأمر للمتحدث دائماً, بل ينبغي أن يكون للسامع دور من خلال السؤال, ومن خلال الإيراد, ومن خلال الاتصال، وكونك تأتي بقصاصة من جريدة أو مجلة أو خبر يحتاج إلى تعليق, هذا نوع من التفاعل والترابط بين المتحدث والسامع, وكونك تنبه على أمر تعتقد أنت أنه خطأ, أو تسأل عن أمر أو تنبه على صواب كان ينبغي أن يقال, هذا كله نوعٌ من التفاعل بين السائل والمتحدث.
كذلك بعض الإخوة قد يكتب سؤاله عدة مرات، أحد أحبابي من الشباب كتب إليَّ أوراق عدة في موضوع معين, يتعلق بما يمكن أن نسميه شباب الأرصفة, وفي نيتي أصلاً أن أتحدث عن هذا الموضوع, لكن بعدما تكتمل المادة عندي، وبعد ما يكون عندي إطلاع واضح وقوي وجيد على ما يعانيه أولئك الشباب, بحيث يمكن وصف الحالة، وذكر العلاج المناسب والتنبيه على بعض الأشياء, فالتكرار في مثل موضوع واحد معين يكرره الإنسان مرة ومرتين وثلاثة وأربعة وخمسة, ثم يتضايق ألاَّ يكون هناك إجابة عاجلة هذا أيضاً من الإلحاح الذي لا أرى له داعياً.
وإنما على الإنسان أن يبذل جهده في إيصال المعلومات، والموافاة بالجديد المفيد, ثم بعد ذلك يترك تقدير المصلحة في الحديث عن هذا الموضوع أو إرجائه يتركها لغيره.
أحياناً يقول بعض الإخوة في سؤاله: "يزعم بعض الناس أن الأمر كذا وكذا.., أو يدعي، كذلك كلمة يزعم أو يدعي تدل على الجواب, فالأصل أن السؤال إذا كان سؤالاً للاستيضاح والاستفسار، ينبغي أن يكون سؤالاً لا يتضمن الجواب, بحيث أن السائل يعرض المشكلة ويقول: ما رأيكم في هذه المشكلة؟ هل هذا العمل صحيح أم خطأ؟ أو ما أشبه ذلك, هذا إذا كان السؤال على سبيل الاستفسار.
أخيراً بعض الأسئلة تكون لإظهار الخبرة والمعرفة, سألني في يوم من الأيام أحد الشباب عن حديث من الأحاديث المُشْكِلة التي يسميها العلماء أحاديث مشكلة, أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يكون معناها، غير ظاهر يحتاج إلى بيان, فسألني عن هذا الحديث فأجبته بما أعلم, وذكرت، له أقوال بعض أهل العلم التي أحفظها, فقال: ولكنني قرأت في كتاب كذا, كذا وكذا.., وقرأت للبيهقي كذا وكذا.., وقرأت لـابن قتيبة كذا وكذا.., وقال ابن فورك كذا وكذا.., وصار يسرد لي حوالي عشرة أقوال, فقلت له: ما شاء الله، تبارك الله! إذاً أنت يا أخي قد أحطت بالموضوع علماً, ومثلك لا ينبغي أن يسأل عن مثل هذا الموضوع, إنما يسأل الإنسان عما لا يعلم, أما ما يعلم فلا داعي للسؤال عنه.
وهذا اقتراح جاءني الآن يطلب فيه الأخ السائل أن ألفت النظر إلى محاضرة لي سبق أن ألقيتها في الخبر في المنطقة الشرقية, ويقول: إنها صالحة ومناسبة، وهذا بحسب ظنه هو, ويقول أن عنوان المحاضرة "
وهذا يقول: أريد دروساً خاصة فيها دعوة للشباب المنحرف، لعل الله أن ينفع بها في سبيل التأثير بهم بإذن الله تعالى, وقد سبق أن ذكرت أنني سأتحدث -إن شاء الله- عن هذا الموضوع في محاضرة خاصة.
وهذا أيضاً اقتراح يقول في كل درس نجد أنك تكمل الأسئلة بعد الدرس المقبل, ثم لا نجد ذلك لماذا لا يحدد درس خاص؟ هاهو الدرس الخاص لهذه الأسئلة.
وهذا يقول: إن الدرسين غير كافيين فنرجو المزيد, -يقصد بلوغ المرام ودرس هذه الليلة- وأقول إن شاء الله في النية إحداث درس ثالث ويعلن عنه في حينه بإذن الله تعالى.
وهذا يطلب إعادة جدول الدروس, أما بالنسبة للدروس التي هي دروس أقوم بإلقائها فقد سبق أن ذكرت أن الدروس المسائية يوم الأحد ليلة الاثنين وهو هذا الدرس, ويوم الثلاثاء ليلة الأربعاء شرح بلوغ المرام في الجامع الكبير, أما الدروس الصباحية فهي دروس يومية بعد صلاة الفجر باستثناء يومي الخميس والجمعة, أما يوم السبت والأحد والثلاثاء والأربعاء فهي شرح صحيح البخاري, وشرح صحيح مسلم, وقد وصلنا في شرح صحيح البخاري إلى كتاب الشروط أو انتهينا منه, وأما في شرح صحيح مسلم فنحن في كتاب البيوع, أما يوم الإثنين فنحن نقرأ في العقيدة الواسطية وفي نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر للـحافظ ابن حجر, لكن هناك دروس أخرى أود أن ألفت النظر إليها، وقد سبق أن أعلن عنها في أكثر من مناسبة, فمن هذه الدروس درس لفضيلة الشيخ عبد الرحمن العجلان رئيس المحاكم في فقه المعاملات, وهذا الدرس في مسجد العامر بطريق الشاحنات يوم الثلاثاء بعد صلاة العصر, وهناك دروس للشيخ علي بن عبد الله الجمعة وهو دكتور في جامعة الإمام في قسم السنة ثلاثة دروس: فقه زاد المستقنع، ونحو ألفية ابن مالك هذا في مسجد الجمعة بـالفائزية يوم الجمعة ليلة السبت بعد العشاء الآخرة, الدرس الثاني في المصطلح والتوحيد وهو في نفس المسجد مسجد الجمعة يوم الأحد ليلة الإثنين كهذه الليلة بعد العشاء الآخرة أيضاً, الدرس الثالث حديث وقراءة في زاد المعاد وهو في نفس المسجد في يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء بعد العشاء الآخر, وكذلك درس الشيخ صالح بن شاوي العنـزي فقه في جامع الفائزية مخطط (ب) مسجد ابن عبد الرحيم يوم الإثنين ليلة الثلاثاء بعد المغرب.
كما أنوه بدرس للشيخ صالح بن سليمان المجيطيب, في مسجد المجيطيب بحي البشر, وهذا الدرس فجر الخميس اعتباراً من الخميس القادم وهو أيضاً في النحو, فألفت النظر إلى هذه الدروس وأؤمل من الإخوة الشباب أن يعمروا هذه الدروس, ويعطوا أنموذجاً حسناً في المحافظة عليها والإسراع إليها، والتنويه إليها.
وهذا يقول: أغلب الحضور أئمة مساجد ويحضرون من أمكنة بعيدة, ويصعب عليهم الحضور بعد الصلاة مباشرة, فيقترح التأخر في بدء الدرس؟
سنفعل -إن شاء الله- أن نراعي الإخوة في حدود خمس دقائق أو قريباً من ذلك.
الجواب: أقول لا أعلم هذا حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أظنه حديثاً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {رحم الله امرءاً كف لسانه عن أعراض المسلمين, فإنه لا تحل الجنة للعان ولا طعان} وهذا الحديث أيضاً رواه الديلمي عن عائشة وهو ضعيف لا يصح.
الجواب: الأحاديث تختلف فمنها ما حدث فعلاً, كما نعلم فيما حدث من القتال بين الصحابة رضي الله عنهم, أو انتهاء عصر الخلفاء الراشدين, أو تفرق شمل الأمة, أو ما أشبه ذلك, فهذا حدث بلا خلاف، ولا بأس أن يقول الإنسان: إنه حدث, وهناك أشياء يتصور الإنسان أنها حدثت وقد لا تكون حدثت, فمثل هذه لا ينبغي أن يتسرع الإنسان فيها.
الجواب: الحديثان الأولان: الحديث الأول: {لا تقوم الساعة}, صواب، والحديث {لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان من أمتي دعواهما واحدة} والحديث متفق عليه, عن أبي هريرة ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر: أن الساعة لا تقوم حتى تتقاتل طائفتان من المسلمين دعواهما واحدة، والمقصود بهذا الحديث -والله تبارك وتعالى أعلم- القتال الذي وقع بين الصحابة رضي الله عنهم, فإنهما فئتان عظيمتان ودعواهما واحدة، أي: كلاً من الطائفتين كانت تدعو إلى الحق, وإلى الإسلام, وإلى إقامة الخلافة الراشدة, لكنهم اختلفوا في الاجتهاد, فكلهم مجتهدون بلا شك, ولكن منهم مصيب ومنهم من اجتهد فكان غيره أصوب منه, فكان علي رضي الله عنه أقرب إلى الحق من غيره, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر أمر الخوارج, قال: {تقتلهم أولى الطائفتين بالحق} أو {أقرب الطائفتين إلى الحق}, فالمقصود بالفئتين العظيمتين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الحديث الثاني: {لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه} فهذا الحديث أيضاً رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه, والجزم بأن هذا الأمر وقع أو لم يقع من الأمور الصعبة العسيرة, فإن من الناس من زعم أنه وقع في القديم, ومنهم من زعم أنه وقع في التاريخ الحديث, وطبق ذلك على بعض الشخصيات المعروفة, ومنهم من قال: إنه لم يقع والجزم بذلك عسير.
أما الحديث الذي أشار إليه السائل وهو حديث "الجهجاه" {أنه لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل -أو يحكم رجل- يقال له
الجواب: كلا، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك, وإنما يتناقل العامة رواية إسرائيلية مختلقة مكذوبة, أن الذئب الذي جاء به أخوة يوسف إلى يعقوب، لما أحضروه إلى يعقوب، وقالوا: إنه قد أكل يوسف, إن هذا الذئب قال: إنني ما أكلت وإن كنت أكلته فلعلي أحشر مع القرن الخامس عشر؟ وهذه من حكايات العجائز التي تحكى ليُضحك منها, وإلا فليس حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: أسباب السلامة من الفتن كثيرة, من أهمها الاعتصام بالكتاب والسنة, بأن يقبل الإنسان على فقه القرآن والسنة، علماً وقراءة وعملاً وتطبيقاً, فأقبل على القرآن فإنه هو المخرج من الفتن, أقبل عليه قراءة وفهماً وتدبراً وعملاً فهذا هو الذي يعصمك بإذن الله تعالى من الفتن.
الأمر الآخر: هو الإقبال على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم, فإن الذي وصف تلك الفتن وبينها, هو الذي بين الشفاء الناجح الناجع منها.
الأمر الثالث: هو الاعتصام بالعقل, فإن العقل الراجح بعد فهم الشرع هو بإذن الله تعالى من أهم أسباب العصمة من الفتنة, فإن كثيراً ممن يقعون في الفتن هم من أصحاب العقول الطائشة, الذين يركضون خلف كل ناعق, ويتأثرون بكل فتنة, ويستجيبون لكل دعوة, فهم أصحاب عقول خفيفة لا تدرك ما وراء الأكمة, وأكثر هؤلاء من السذج والجهلة والعوام, فعلى الإنسان أن يعتصم بالعقل الراجح عند هذه الفتن.
أمر آخر: إذا قلت: أنا لا أستطيع أن أدرك هذه الأشياء كلها, فنقول حينئذٍ: عليك أن تكون تابعاً لمن تثق بعقله ودينه وعلمه من أهل العلم, الذين جمعوا بين العلم بالشرع, والعلم بالواقع والعقل الراجح فيسعك ما وسعهم.
1- لم يحتلم طول حياته.
2- ليس له ظل.
3-تبتلع الأرض ما يخرج منه.
4-بدنه محرم على جميع الحشرات.
5-تنام عينه ولا ينام قلبه.
6- يرى من خلفه كما يرى من أمامه.
7- لم يتثاءب.
8- ولد مختوناً.
9- تأتي إليه جميع الدواب طائعة إذا دعاها.
10- كان ربعة ولكن قامته تعلو كل قامة مهما بلغت من الطول.
هل هذه صحيحة؟
الجواب: هذه فيها الصحيح, وفيها غير الصحيح, وفيها ما يتوقف فيه, فأما كونه صلى الله عليه وسلم لم يحتلم طول حياته: فهذا ذكره جماعة من أهل العلم الذين ألفوا في خصائصه صلى الله عليه وسلم, وقد جاء في الصحيح عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: [[أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يصبح جنباً من جماع غير احتلام, ثم يغتسل ويصوم]] فذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع غير احتلام, وهذا الحديث استدل به بعضهم على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقع منه الاحتلام, واستدل به آخرون على أن الاحتلام جائز أن يقع منه صلى الله عليه وسلم, لأنه لو لم يكن جائزاً أن يقع منه لما نفته أم سلمة رضي الله عنها, على كل حال لم يثبت شيء صحيح في عدم احتلام النبي صلى الله عليه وسلم, اللهم إلا أن يقال: إن الاحتلام من الشيطان والرسول صلى الله عليه وسلم معصوم من الشيطان, وهذا ليس أمراً ظاهراً.
أما أنه ليس له ظل: فهذا لا أعلم فيه شيئاً.
تبتلع الأرض ما يخرج منه: كذلك لا أعلم فيه شيئاً.
بدنه محرم على جميع الحشرات: إن كان يقصد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؛ فهذا معروف أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء.
تنام عينه ولا ينام قلبه: فهذا صحيح، وقد جاء في الصحيح في قصة الملكين اللذين جاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: أهو نائم أم يقظان؟ فقال أحدهما: تنام عيناه ولا ينام قلبه.
يرى من خلفه كما يرى من أمامه: هذا أيضاً صحيح وثابت عنه صلى الله عليه وسلم؛ أنه أمر أصحابه أن يعتدلوا في الصف وقال: {إنني أراكم من ورائي}.
لم يتثاءب: هذا لا أعلم فيه شيئاً, وإن كان التثاؤب من الشيطان.
ولد مختوناً: هذا فيه اختلاف, وقد جاء فيه حديث باطل لا يصح, وقال بعضهم: ولد مختوناً, وقال بعضهم: ختن بعد ولادته.
أما أن تأتي إليه دواب الأرض طائعة, وكان ربعة لكن قامته تعلو كل قامة: فهذا لا أعلم فيه شيئاً.
الجواب: هذا كلام باطل، فإن مسند الإمام أحمد فيه ما بين 30 إلى 40 ألف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وغالب هذه الأحاديث صحيح أو حسن, حتى إن الإمام أحمد قال لولده عبد الله: احتفظ بهذا المسند فإنه سوف يكون للناس إماماً، وقلّما يخرج عن المسند من أحاديث الكتب الستة, أي أن معظم الأحاديث الموجودة في الكتب الستة موجودة في مسند الإمام أحمد لا يكاد يوجد حديث في الكتب الستة إلا ويكون موجوداً في مسند الإمام أحمد.
والأحاديث الضعيفة في مسند الإمام أحمد موجودة, لكنها قليلة, أما الأحاديث الموضوعة فهي أقل من القليل, وقد دافع عنه الإمام الـالحافظ ابن حجر في رسالة مختصرة سماها "القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد" ذكر فيها الأحاديث التي قيل بأنها موضوعة, وبين أنه لا يصح الحكم عليها بالوضع, بل منها ضعيف جداً, ومنها ضعيف, ومنها حسن, وقد يكون الصواب مع الـحافظ ابن حجر في كثير مما قال، قد يكون قد اجتهد ولم يوفق في بعض ما ذكر.
الجواب: نعم هذا يقع مع الأسف حتى من بعض طلبة العلم, إذا قلت له: ما مدى صحة هذا الحديث؟! تمعر وجهه وغضب.. وتضايق من ذلك! وهذا خطأ، بل ينبغي أن تفرح إذا سألك سائل عن صحة الحديث, وكان هذا دأب الصحابة رضي الله عنهم, فأنت الآن في القرن الرابع عشر فلا غرابة أن يسأل؛ لأنه قد وجدت أحاديث كثيرة موضوعة على الرسول صلى الله عليه وسلم, ووجدت أحاديث كثيرة ضعيفة, فلا غرابة أن يسأل إنسان ما مدى صحة الحديث, لكن في عهد الصحابة رضي الله عنهم وهم حديثو عهد برسول الله صلى الله عليه وسلم, ولم يكن هناك أسانيد طويلة ولا رجال مجهولون ولا، ولا.., ومع ذلك كان الصحابي إذا سمع حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ما مدى صحته, روى أصحاب السنن وأحمد بسند صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: [[كنت إذا حدثني أحد حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحلفته، فإن حلف لي صَدَّقته]] أي: يقول له: احلف أنك سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا حلف صدقه, قال علي رضي الله عنه: وقد حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من عبدٍ يذنب ذنباً ثم يتوضأ فيقوم ويصلي ركعتين ويقول: اللهم إني أذنبت فاغفر لي إلا غفر له} إذاً كان علي رضي الله عنه يستحلف من حدثه من الصحابة, وفي مقدمة صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان في حضرة جماعة من التابعين، فكان فيهم رجل اسمه بشير بن كعب يقول: [[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فلقيه
إذاً لا حرج أن يستثبت الإنسان من صحة الحديث, لكن أنبه إلى أمر, أحياناً يأتيني بعض الشباب فيقول: ما حكم كذا وكذا..؟ فأذكر له الحكم, ثم يقول لي: ما هو الدليل؟ فأقول: الدليل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه كذا وكذا.., فيقول لي: هل هو صحيح؟! أقول له: نعم هو صحيح, بعد هذا أنا أرى أنه عند هذا الحد يجب أن يقف؛ ما دام قلت له: أنه صحيح, يجب أن يقف, فإذا شك يبحث في الكتب للزيادة, وبعضهم يسترسل معك يقول: إذا قلت له صحيح, قال: من صححه؟! أقول: صححه فلان وفلان وفلان, قال: في أي كتاب؟! إذا قلت في كتاب كذا, قال: في أي جزء؟! بعد ذلك يقول: في أي صفحة مثلاً؟! ويمكن يقول لك: في أي سطر؟! أو لو قلت له هذا الحديث ضعيف, قال لك: ما سبب ضعفه؟ قد لا أحفظ سبب الضعف, أحفظ الحكم لكن لا أحفظ سبب الضعف, أجل قلت له: فيه فلان وهو رجل ضعيف, قال لك: من ضعف هذا الرجل؟! قلت: ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة, قال: في أي كتاب؟!!وهكذا..! صار يستطرد معك في أسئلة أقرب للتعجيز.
إذاً المطلوب العدل، من حقك أن تسأل عن صحة الحديث أو من خرجه لكن الاستطراد أين رواه؟ وفي أي مكان؟ وفي أي كتاب؟ ومن صححه؟ ومن ضعفه؟ وما سبب تصحيحه؟ وما سبب تضعيفه؟ هذا أمر صعب يحتاج إلى بحث, فإذا أحببت ذلك فعليك بالرجوع إلى المطولات.
- يقصد أن بعض المتحدثين أحياناً يذكر قصة طويلة ويقول: أصلها في الصحيح, ما معنى الكلام هذا؟
الجواب: معناه أن القصة أصلاً في صحيح البخاري, أو في صحيح مسلم, لكنها مختصرة بخلاف السياق الذي سقته فهو طويل, فأصل القصة في صحيح البخاري, لكن هذا السياق بهذا الطول ليس موجوداً في صحيح البخاري هذا هو المعنى.
الجواب: نعم، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة سوف تتبع سُنن بضم السين جمع سنة، أو سَنن بفتح السين يعني: طريق اليهود والنصارى, وكذلك فارس والروم, والجمع بينهما أن هذه الأمة سوف تتبع سنن الجميع اليهود والنصارى, والنصارى هم الروم, فنقول اليهود والنصارى والفرس, ثلاث أمم سوف تتبع هذه الأمة سننهم وطرائقهم حذو القُذَّة بالقُذَّة من هم؟ هم اليهود والنصارى والفرس.
الجواب: أولاً: كل قاعدة لها استثناء, فإن قوله صلى الله عليه وسلم: {لا يأتيكم زمن إلا والذي بعده شر منه} هذه قاعدة عامة لها استثناء, فمثلاً الزمن الذي يكون في آخر الدنيا زمن عيسى بن مريم والمهدي عليهما السلام, هذا لاشك أنه من أفضل الأزمنة, بل إن بعض أهل العلم دخلوا في مقارنة بينه وبين زمن بعض الصحابة رضي الله عنهم كالخلفاء الراشدين، وإن كان الأمر في ذلك مما لا ينبغي، لكن على أي حال المقصود أن الزمن الذي يكون فيه عيسى بن مريم والمهدي في آخر الزمان, هو من أفضل الأزمنة بعد قرون الصحابة رضي الله عنهم, والتابعين, وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن الإسلام يضرب بجدرانه؟؟ في الأرض, والحقد يرفع, والأديان كلها تنمحي أو تكاد أن تنمحي ولا يبقى إلا الإسلام, ويقبل الناس على العبادة، ويهم الرجل الغني المال لا يدري من يأخذه, ولا يجد من يقبله منه لغنى الناس، ويوفق الناس بحاكم عادل منصف يحثو المال حثياً, ولا يعده عداً, يعطي الناس المال بالكوم، لا يعده بالدرهم والدينا, إلى غير ذلك مما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
مثل ذلك الأزمنة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها أزمنة المجددين, أخبر {أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها} كما رواه أبو داود بسند جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه, فزمان المجدد -والله تعالى أعلم- أفضل من الزمن الذي قبله، إنما الغالب أن كل سنة شر من التي قبلها, كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: ليس عام أمطر من عام, لكن يرفع العلم ويظهر الجهل, وترفع السنن, وتنتشر البدع بين الناس، هذه نقطة.
النقطة الثانية:- أن المقصود بالحديث النظرة العامة للأمة، بل للدنيا كلها, أما في بلد معين فقد يكون عام خير من عام, أو يكون بعض الأوقات خير من بعض, وهذا أمر مشاهد، فمثلاً لو نظرت في الجزيرة العربية قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- كانت بلداً تنتشر فيه عبادة الأوثان بشكل ظاهر, وكان الناس يعبدون أوثاناً من أشجار, أو أحجار, أو غيرها, وكانوا يحكمون عادات وسلوكاً وطرائق من أنظمة الجاهلية, وكان همهم السلب والنهب, حتى أنه لو ظهر عليهم صاحب الرسالة الأولى صلى الله عليه وسلم لما عرف من أمرهم شيئاً, فلما ظهر الشيخ بدعوته جدد لهذه الأمة أمر دينها, وتبعه الناس وأحيا ما اندرس، وظهرت معالم الشريعة, وخفيت معالم البدعة والشرك, وصارت هذه البلاد إلى خير عظيم, ولا تزال إلى يومنا هذا -والحمد لله- تعيش في وضع جيد نسبياً من آثار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
كذلك يمكن أن يجاب بجواب ثالث: وهو أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم: {أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره} أن المقصود بآخره عيسى بن مريم والمهدي عليهما السلام وهذا ذكره بعض أهل العلم.
الجواب: أقول جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث فيها ذكر الخيول والسيوف وغيرها, وهذه الأحاديث يمكن أن تحمل على أحد محملين:
- إما أن يكون المقصود بالسيوف والخيول وغيرها, تعبير نبوي من النبي صلى الله عليه وسلم عن الآلات الحديثة, عبر بالأشياء التي كان الناس يفهمونها في عصره ووقته عليه الصلاة والسلام, ولو قال لهم صلى الله عليه وسلم الطائرة, والدبابة, والمدفعية, والصاروخ لكان مُلغزاً في ذلك, وكان الناس الذين حوله لا يفهمون ما قال, وقد بعث صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين, وكان الناس الذين حوله يفهمون عنه ما يقول, ثم يبلغونه إلى من بعدهم, ولم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم أن يأتي للناس بألفاظ وعبارات لا يفهمون معانيها, وإنما يفهمها من بعدهم هذا احتمال.
- والاحتمال الثاني أن يكون ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أن الحضارة الحديثة سوف تندثر, وتنهار, ويعود الناس إلى السلاح القديم, أو ما يسمونه بالسلاح الأبيض: السيف والسكين, والخنجر, وغيرها, هذا محتمل والخيول, ولذلك جاء في أحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الذين يفتحون القسطنطينية, وأنهم يعلقون سيوفهم بشجر الزيتون, هذا في صحيح مسلم، وذكر الخيول حين تغدر الروم بالمسلمين فيقاتلونهم ويرفع رجل من أهل الروم الصليب فيقول: غلب الصليب, فيقوم إليهم المسلمون ويقاتلونهم.
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أسمائهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم, ذكر أنهم فرسان يركبون على الخيول, فيحتمل أن يكون المقصود الخيول الحقيقة, ويكون هذا إشارة إلى أن الحضارة الحديثة سوف تندثر وتنهار, وهذا محتمل جداً متى يحدث بعد مائة سنة أو أكثر, هذا غيب من غيب الله لا يعلمه إلا الله.
لكن حتى الدراسات الحديثة تتوقع أن يكون هناك أحداث وأوضاع وحروب طاحنة, تدمر الحضارة البشرية الموجودة اليوم, وتبدأ الحياة البشرية بداية جديدة.
أقول تعقيباً على ذلك: لا ينبغي للمسلمين أن يتعلقوا بمثل هذه الأمور, وإن كنا نقول أنها محتملة جداً, لكن ينبغي ألا نتعلق بها؛ لأنها متى تحصل هذه، أبعد مائة سنة, بعد مائتين بعد أكثر بعد أقل؟ الله أعلم.
فهل صحيح أننا نحن المسلمين سوف ننتظر انهيار الحضارة الغربية, وانهيار التقدم المادي المعاصر, وبداية الحياة من جديد حتى نرفع ديننا وندعو إليه, هل هذا يليق, أو يجوز, أو يسوغ؟! كلا, بل يجب على المسلم أن يسعى إلى نصر دينه, ورفع راية لا إله إلا الله بالوسائل الموجودة، والإسلام يمكن أن يحكم في كل عصر, وفي كل بيئة, حتى في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي والمادي والحضاري, يمكن أن يحكم الإسلام ويهيمن, لكن بشرط أن يوجد الرجال الذين هضموا العلم المادي البشري, وفي نفس الوقت هضموا العلم الشرعي, أو أخضعوا العلم المادي البشري للشرع, وهذا الذي ننتظره من شباب المسلمين.
الآن المسلمون في الواقع في ذيل القافلة, وإذا كنا نمني أنفسنا بالأماني, ونقول: الآن انهارت الشيوعية, ونحن في انتظار انهيار أمريكا الوجه الغربي الآخر للحضارة المادية, نقول: نحن في انتظار انهيار الحضارة الغربية صحيح, والدراسات الغربية الأمريكية -وقد اطلعت على شيئ منها- تتوقع بأن هناك أزمات خانقة عاصفة سوف تهدد أمريكا, وسوف تنذر بفنائها وانهيارها, لكن السؤال الذي أطرحه عليكم: افترضوا أن أمريكا انهارت اليوم وليس غداً, هل عندنا نحن المسلمين الآن القوة والاستعداد والوسائل التي تجعلنا نطمئن إلى أننا سوف نقود البشرية إلى الإسلام، وإلى كلمة الله جل وعلا؟
في الواقع نحن أقل من ذلك بكثير, نحن ضعفاء الإيمان, ثقتنا بديننا ضعيفة, علمنا ضعيف, قدرتنا على قيادة البشرية ضعيفة.
بيننا نحن المسلمين الآن من المشكلات, والأزمات, والخلافات, والاهتمامات الجانبية, وضعف التفكير, قدر كبير يحتاج إلى أن ننفض هذه الأشياء عنا, ونبدأ حياة صحيحة, وحينئذٍ فإنه لا يهمنا أن يواجهنا تحديات كبيرة من أمريكا, ومن روسيا, ومن اليهود, ومن غيرهم, فإنه من كان الله تبارك وتعالى معه، فإنه لا يمكن أن يقف في وجهه أي قوة مهما كانت, وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31] فلو كنا مسلمين حقاً سواءً بتمسكنا بشرعنا, أو ثقتنا بالله عز وجل وتوكلنا عليه, أو في تحقيقنا لوسائل النصر المطلوبة والتي منها الحصول على التقنية, والحصول على السلاح, والحصول على الصناعة, ووحدة الكلمة, والله لا يمكن أن تقف في وجهنا أي قوة مهما كانت.
الجواب: نعم الحديث رواه البخاري كما ذكر السائل ومعنى الحديث يحتمل معنيين:
المعنى الأول:- أن يكون الرجل تلوذ به خمسون امرأة, أمه, وأخته, وزوجته, وبنته, وبنت أخيه, وبنت أخته, وخالته, وعمته, يعني قريبات له ليس لهن قيم إلا هو, هذا احتمال.
المعنى الثاني:- ذكره بعض أهل العلم قالوا: إن المقصود أنه يدل على قلة الرجال وكثرة النساء، كذلك يدل على انتشار الجهل, وخفاء العلم, فأصبح الناس لا يعرفون الحلال والحرام حتى إن الرجل قد يتزوج خمسين امرأة , لجهله أن النكاح بأكثر من أربع لا يجوز, والعجيب في الأمر أن هذا موجود الآن, أقصد زواج رجل بخمسين امرأة أو أكثر, موجود الآن؛ ولا أقول لكم موجود في بعض مناطق أفريقيا بين الجهلة والوثنيين, لا, بل موجود في مناطق عديدة من بين المنتسبين للإسلام, وقد سمعت من بعض المشايخ -وهم ثقات- عن أشخاص جاءوا في أعوام ماضية، وزاروا والتقوا ببعض الشيوخ, وكان أحدهم عنده خمسون امرأة, فكلموه على أنه لا يجوز ويجب أن يمسك أربعاً ويفارق سائرهن, فتلكأ وتعذر, ورفض أن يطلق منهن أحداً, فتحقق بعض ما أخبر صلى الله عليه وسلم.
وكأن في الحديث إشارة إلى الحروب الطاحنة التي تقع في آخر الزمان, لأن غالب وقود الحروب هم الرجال, فيقل الرجال حتى يصبح لكل خمسين امرأة رجل واحد.
الجواب: كتاب الإذاعة وغيره من الكتب المؤلفة في أشراط الساعة, غالبها -كما أسلفت في المحاضرة الماضية- لا تهتم بإيراد الأحاديث الصحيحة, بل تذكر الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة, بل ربما تذكر أحاديث موضوعة, فينبغي للإنسان أن يتحرى؛ ومن الكتب التي عني فيها مؤلفوها باختيار الأحاديث الصحيحة والكلام عليها كتاب "أشراط الساعة" لـيوسف الوابل.
الجواب: نعم، في حديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان أن: {القابض على دينه كالقابض على الجمر } وذكر أن المتمسك بالدين يومئذٍ له أجر خمسين, قالوا: منا أو منكم؟ قال:{بل منكم} وفي حديث آخر قال: {لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه} كيف نوفق بين الحديثين؟ يكون التوفيق بين الحديثين بأمور:
فيمكن أن يقال: إن قوله عليه الصلاة والسلام له أجر خمسين من الصحابة, يعني باستثناء فضل الصحبة, فإن لكل صحابيٍ من فضل صحبة النبي صلى الله عليه وسلم, والجلوس معه, والاكتحال برؤيته, وسماع حديثه, وخدمته وغير ذلك, ما لا يدركه من بعده, فيكون له أجر خمسين باستثناء فضل الصحبة.
الأمر الثاني: أن يكون له أجر خمسين في العمل, بمعنى أنك لو أنفقت ديناراً, لأخذت بهذا الدينار الذي أنفقته في آخر الزمان أجر خمسين ديناراً أنفقها المتقدمون, ولا يعني هذا أنك أفضل منهم خمسين مرة لا؛ لأنهم أكثر منك عملاً, وأكثر منك إخلاصاً, فالصحابة -مثلاً- تميزوا بكثرة الإخلاص, تميزوا بكثرة العمل, تميزوا بالتضحية, تميزوا بأمور, تميزوا بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم, أنت ليست لك هذه الأشياء لكن ما تعمله من الأعمال الصالحة لك فيه أجر عمل خمسين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, مثل هذا العمل بالذات.
فمثلاً: صليت ركعة هي لك عن خمسين ركعة, لكن لا يعني أكثر منهم؛ لأنهم أكثر منك عملاً, وأكثر منك إخلاصاً, فتميزوا عنك بجوانب أخرى, وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يمكن أن يأتي بعد الصحابة رضي الله عنهم أحد في مثل فضلهم, لا فرد, ولا جماعة.
وذهب ابن عبد البر وبعض العلماء إلى أنه يمكن أن يأتي أفراداً قلائل يكونون في منـزلة الصحابة وفي عيارهم, أو أفضل من بعضهم, مثلاً ابن عبد البر -رحمه الله- مذهبه ومذهب بعض أهل العلم يقول: يمكن أن يأتي في الجيل الثاني أو الثالث أو الرابع أو العاشر رجل أو آحاد قد يكون الواحد منهم أفضل من بعض المتقدمين, هذا مذهب ابن عبد البر خلافاً للجماهير من أهل العلم, فإنهم يرون أن الصحابة أفضل ممن بعدهم أفراداً وجماعة.
الجواب: نعم لاشك أننا في هذا العصر نعيش جوانب من غربة الإسلام في أمور كثيرة، غربة الإسلام في جانب الحكم, فإن الحكم بما أنـزل الله نادر في هذا الزمان، وكثير من البلاد لا تحكم بما أنـزل الله عز وجل في الدماء, ولا في الأموال, ولا في الأعراض, ولا في الأبشار, ولا في غيرها, وأقل البلاد تحكم بما أنـزل الله فيما يسمونه بالأحوال الشخصية, في الطلاق، والمواريث، وما أشبه ذلك, وحتى في قوانين الأحوال الشخصية أو فيما يسمونها بالأحوال الشخصية حاولوا تحويلها في عدد من البلاد إلى قوانين وضعية.
غربة للإسلام في الجهاد, فإن الجهاد في سبيل الله الذي يهدف إلى رفع كلمة الله كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وقد أصبح الجهاد ألعوبة يعلنه كل يوم طاغية, أو فاسق, أو علماني, أو بعثي, أو كافر, يضحك على عقول الناس برفع هذه الكلمة, وما أكثر ما سمعنا من هذه النداءات والصيحات بالأمس أعلنها الخميني, واليوم أعلنها صدام، وقبل ذلك وبعد ذلك وما أكثر هذه الدعاوى, فأصبحنا نعيش غربة الجهاد الحقيقي، وغربة الجهاد في سبيل الله, غربة في السلوك, غربة في الفكر, ولكن مع ذلك ينبغي أن ندرك أن هذه الغربة ليست هي الغربة الأخيرة, لا, إنما هي غربة كغربة الإسلام في عهد الصحابة رضي الله عنهم -في أوائل عهود الصحابة- غربة نرجو وننتظر أن يتلوها زوال لهذه الغربة, وارتفاع لشأن الإسلام, فأنا أشبه هذه الغربة بالشمس أول ما تشرق أشعتها ليست منتشرة، لكنها قوية، وحية، ومشرقة، وتزداد لحظة بعد لحظة, وليست الغربة الأخيرة التي في آخر الزمان، والتي يمكن أن تشبه بالشمس قبيل الغروب, الشمس على رؤوس الأبنية, وأطراف النخيل, والجبال المرتفعة, وما هي إلا لحظات حتى تغيب الشمس ثم ينتهي الأمر, لا, فينبغي أن يكون عند الإنسان ثقة بوعد الله عز وجل وأن المستقبل لهذا الدين كما ذكرنا.
الجواب: في الواقع أنني لا أجزم بأن التجمع الذي يعيشه اليهود الآن هو التجمع الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث, إنما أقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن اليهود سوف يقاتلون المسلمين, وجاء في الحديث الآخر الذي حسن إسناده جماعة من أهل العلم أنهم على نهر الأردن أنتم شرقيه وهم غربيه, وهذه الأحداث تسير في هذا الاتجاه، اليهود يتجمعون في هذا الموضع ويقابلهم المسلمون في الجانب الآخر, والحديث وإن ضعفه بعض أهل العلم, فإن الواقع يشهد له وكذلك الحديث الآخر المتفق عليه عن أبي هريرة يشهد له, فالأولى أن يكون الحديث حسناً وليس ضعيفاً, فنحن نتوقع أن يكون هذا هو ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم, متى يحصل هذا؟ الله أعلم.
الجواب: أما فتنة المحيا: فهي فتنة الحياة، وهي كثيرة, فتنة الرجل في أهله, وماله, ونفسه, الفتن التي تصيب الإنسان في دينه فتن الشهوات, وفتن الشبهات, هذه فتنة المحيا.
أما فتنة الممات: فقد اختلف فيها أهل العلم, فقال بعضهم: المقصود بفتنة الممات ما يحدث للإنسان عند الموت عند النـزع, فإن الإنسان عند النـزع تحضره الشياطين, وتحاول أن تصده عن دينه, ولذلك جاء في الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة} فقال بعضهم: فتنة الممات ما يحصل للإنسان عند النـزع, وقال آخرون: بل فتنة الممات ما يحصل للإنسان في قبره من السؤال, وقد ثبت هذا في الصحيح: {أن العبد يسأل في قبره عن ربه, ودينه, ونبيه، يأتيه ملكان -ثبت في الصحيح- أن أحدهما منكر, والآخر نكير, فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فأما المسلم والمؤمن فيقول: ربي الله, وديني الإسلام, ونبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم, فيقولان له: ما علمك؟ وهذا سؤال رابع, فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به, وصدقت؛ وأما الكافر أو المنافق فيقول: هاها لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس} أي: مقلد في الدنيا، كان يردد ما يقوله الناس بحكم الوراثة, بحكم البيئة, لكن ما قرأ, ولا تعلم, ولا علم, فهذا والعياذ بالله يخفق في الامتحان في قبره, ولا يوفق للجواب ويقول: نسيت كنت أذكر اسم النبي, وأذكر اسم الدين, ولكن نسيت كنت أقول ما يقول الناس، وذلك غاب عن باله وقت الحاجة إليه.
الجواب: معناها: أن فتنة الإنسان عن دينه أشد من قتله, وذلك لأن الإنسان إذا فتن عن دينه فكفر والعياذ بالله كان مصيره النار إذا مات على ذلك, أما إذا قتل وهو مسلم؛ فإن مصيره الجنة بإذن الله تعالى، ففتنة الإنسان عن دينه أعظم من قتله.
الجواب: الحديث ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم لـحذيفة حين قال حذيفة: {إن الله جاء بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم, قال: فهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن, قال: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، ويستنون بغير سنتي تعرف منهم وتنكر} فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سوف يأتي خير ولكن فيه دخن وضعف, فيه نقص, فيه ناس يهتدون بغير هدي النبي صلى الله عليه وسلم, ويستنون بغير سنته, تعرف منهم وتنكر, يعني فيهم خير وشر, وحق وباطل, وهدى وضلال, ومعروف ومنكر, ليس خيراً خالصاً, قال حذيفة: هل بعد هذا الخير من شر؟ قال: {نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها} أي ناس يدعون إلى النار, أئمة يدعون إلى النار, يدعون إلى الكفر, دعاة إلى القومية, دعاة إلى العلمانية, دعاة إلى الاشتراكية والشيوعية, دعاة إلى الفساد, دعاة إلى الحداثة, دعاة إلى ألوان الانحراف الفكري أو الخلقي, فقال حذيفة رضي الله عنه: يا رسول الله! فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: {الزم جماعة المسلمين وإمامهم} الإمام هو الحاكم الذي يحكم بالكتاب والسنة, الحاكم المسلم الذي يطبق شرع الله, الزم الحاكم, والجماعة: العلماء والفقهاء الذين يكونون ملتقين ومحيطين بهذا الحاكم, وذلك لأن الأصل أن العلم والحكم واحد, فأولي الأمر هم العلماء والأمراء, قال تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] من هم أولي الأمر؟ هم العلماء والأمراء, والأصل أن العالم والأمير أمرهما واحد, والعالم هو الذي يقود الأمة ويوجهها ويرشدها, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {الزم جماعة المسلمين وإمامهم} قال: إن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ -بمعنى خسروا الاثنتين لا يوجد حاكم يحكم بالشرع, ولا يوجد علماء يرفعون راية الكتاب والسنة ويدعون الناس إلى الحق قال: اعتزل تلك الفرق الضالة كلها، لا تتبع أحد من هذه الفرق، ولو أن تعض على جذع شجرة حتى يأتيك الموت، وأنت على ذلك, إذاً الحديث أفاد أنه إن وجدت جماعة المسلمين وإمامهم الزم جماعة المسلمين وإمامهم وإن وجدت الإمام الذي يحكم بالكتاب والسنة؛ لكن ليس حوله علماء وفقهاء يرفعون الراية فالزم العالم الحاكم الذي يحكم بالكتاب والسنة, وإن لم تجده لكن وجدت العالم الذي يدعو إلى الكتاب والسنة, فالزم العالم أيضاً, وإن لم تجد لا حاكماً يحكم بالشرع ولا عالماً يدعو إلى الشرع, فاعتزل الفرق كلها إن لم تستطع أن تقوم بجهد كأن تكون عالماً ناشراً للسنة, قامعاً للبدعة, فاعتزل هذه الفرق ولا تفكر باتباع الفرق الضالة حتى لو دعاك الأمر إلى الاعتزال الكلي.
الجواب: هذا الحديث ليس بصحيح, فقد رواه أحمد, والحاكم عن ثوبان وسنده ضعيف.
الجواب: تفتح القسطنطينية أكثر من مرة بلا شك, أما الفتح الأول فقد مضى في القرن التاسع حين فتحها السلطان محمد الفاتح, وقد جاء في حديث رواه أحمد والحاكم عن بشر الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لتفتحن القسطنطينية, فنعم الأمير أميرها, ولنعم الجيش ذلك الجيش} وهذا الحديث رواه أحمد -كما ذكرت- ورواه الحاكم وقال الحاكم: صحيح الإسناد, ولم يخرجه ووافقه الذهبي فقال: صحيح, وفي سنده ضعف, لعله ينجبر بشواهده.
وأما الفتح الثاني: فهو فتح في آخر الزمان أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم: {أن مدينة نصفها في البر ونصفها في البحر, فيذهب إليها المسلمون فيكبرون تكبيرة واحدة فينهد نصفها الذي في البحر, ثم يكبرون تكبيرة أخرى فينهد نصفها الذي في البر, ويدخلها المسلمون فاتحين فبينما هم جالسين قد علقوا سيوفهم بشجر الزيتون, إذ سمعوا صارخاً يصرخ: إن الدجال قد خلفكم في أموالكم وأهليكم, وهو كاذب, فيدعون ما بأيديهم ويرجعون فإذا رجعوا خرج الدجال}.
الجواب: هذا الحديث رواه الترمذي بسند ثلاثي ورواه غيره, وهو حديث صحيح, وهو يدل على أنه يأتي على الناس أزمنة في بلاد مختلفة يصعب على الإنسان التمسك بالدين حتى كأنه قابض على جمرة, كل لحظة يقول الآن ألقيها, الآن ألقيها, وهذا قد يكون وقع الآن في بعض البلاد ولا شك، وهو سيقع في آخر الزمان في جميع الدنيا.
الجواب: أما حديث: {كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع} فهو ضعيف جداً, رواه الخطيب البغدادي, ورواه السبكي في طبقات الشافعية, ولا يصح, أما بلفظ: {كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله} فقد رواه أبو داود وغيره وأصحاب السنن من حديث الزهري عن أبي هريرة, والصواب الذي صوبه أبو داود والدارقطني وغيرهم أنه مرسل عن الزهري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: اليمن التي تكلم عنها الرسول صلى الله عليه وسلم أشمل من اليمن الحالية, فـمكة تعتبر من اليمن بالنسبة لـأهل المدينة, وكذلك تهامة تعتبر من اليمن, وقيل: إن مقصود الرسول صلى الله عليه وسلم الأنصار, لأن الأوس والخزرج في الأصول من قبائل يمنية, ويدخل فيها اليمن المعروف اليوم.
الجواب: الأحزاب هم: اليهود, وقريش, وغطفان, وهم الذين تألبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: أولاً: أنبه أخي الكريم السائل إلى أنه كان يجب أن لا يعبر بكلمة تعارض, لأن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ليس فيه تعارض, وإنما التعارض في ذهن الإنسان بسبب عدم إدراكه لمعنى الحديثين, وأما دفع التعارض فأقول يكفي أن تعلم أن قوله: {وسيعود غريباً كما بدأ} أن هذا يعني به الرسول صلى الله عليه وسلم -والله تعالى أعلم بمراد رسوله- والغربة الأخيرة في آخر الزمان التي لا يكون بعدها قيام لشأن الإسلام, ولذلك قال: {وسيعود غريباً كما بدأ} حتى قال بعض أهل العلم: إن الإسلام بدأ برجل وسينتهي برجل واحد, ونحن نعلم وسبق أن قررت أنه في آخر الزمان يبعث الله ريحاً طيبة فتقبض أرواح المؤمنين, ولا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله, ويبقى شرار الناس وعليهم تقوم الساعة.
الجواب: حكم اتخاذ السترة مستحب عند جماهير أهل العلم في الحضر والسفر, وهذا هو القول الوسط، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة وهذا قول ضعيف, وذهب بعضهم إلى أنها لا تستحب إلا في الحضر أما في السفر فلا تستحب, وهذا أيضاً قول ضعيف.
الجواب: هذا لا ينبغي إلا أن يكون على سبيل الاستثناء المنقطع, إنما هو مما ينبغي تركه, فإن الطاعة ليست فتنة ولا لهو, لو قال: "اللهم لا تشغلنا إلا في طاعتك" لكانت الطاعة شغلاً, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إن في الصلاة لشغلاً} كما في حديث ابن مسعود في صحيح مسلم.
الجواب: الجمع يتضح من خلال قراءة الآية: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ) هذا هو السبب: بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [المائدة:81-85] الآيات، إذاً هذا الكلام فيمن أسلموا من النصارى والله تبارك وتعالى أعلم.
الجواب: إذا صليت الراتية فإنها تكفيك عن تحية المسجد.
الجواب: سواء كانت العمالة من شرق آسيا أو من غرب آسيا أو من أي مكان في الدنيا، بالنسبة للكفار الذين أتوا إلى هذه البلاد بطريقة نظامية؛ فإن الإنسان ينبغي أولاً أن يتذكر أنه كلما استطاع أن يأتي بمسلم فإنه لا يسعه أن يأتي بكافر, ألا اتخذت حنيفاً, كل عمل في الدنيا يمكن أن يعمله المسلمون بدلاً من الكفار, فكلما استطعت أن تأتي بمسلم بدلاً من الكافر, كان هذا هو الواجب عليك واللائق بك, وهذه الجزيرة طهرها الله عز وجل, وأمر ألاَّ يجتمع فيها دينان، فلا تكن أنت ممن غير وبدل وخالف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وسمحت لهؤلاء الكفرة من يهود أو نصارى أو غيرهم أن يأتوا إلى بلاد المسلمين, فحاول أن تستقدم عمالاً مسلمين، لكن إذا ابتليت بهؤلاء، فينبغي أن تعمل على دعوتهم إلى الإسلام بكل ما تستطيع, سواء عن طريق الكتب، أو الأشرطة، أو الدعوة, ولا شك أنك إذا أردت أن تدعوهم؛ فأنت محتاج إلى أن تتلطف معهم في الحديث، وتعاملهم بخلق حسن, أركبه معك على السيارة إذا وجدته في الطريق, لكن إذا أركبته تكلم معه وعرّفه مثلاً بأماكن الدعوة؛ كمكتب الجاليات الذي فيه دعوة لغير المسلمين, وأعطه بعض النشرات والكتب التي بلُغته, لعل الله أن يهديه على يديك: {ولئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم}.
الجواب: لا, يجب أن تطعم عشرة مساكين، كما قال الله عز وجل: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أو كسوتهم [المائدة:89].
الجواب: إذا كان هذا الإنسان أو الشاب عاقل مميز يحسن الوضوء والصلاة, وصليت وراءه فصلاتك صحيحة, وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث عمر بن أبي سلمة أنه صلى بقومه وعمره سبع أو ثمان سنوات؛ لأنه كان أكثرهم قرآناً.
الجواب: في الواقع أن موضوع تطبيق السنة يحتاج إلى كلام طويل, وقد سبق أن تكلمت عن هذا الموضوع في أكثر من مناسبة؛ منها محاضرة خاصة بعنوان: كيف ننشر السنة، ذكرت فيها وجهة نظري التي إن أصبت فيها فمن الله -والحمد لله- وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، والتي أرى فيها أن الإنسان قد يترك السنة أحياناً مراعاة لما هو أهم منها, وقد يرى أن الفرصة مناسبة لتعليم الناس السنة فيفعلها، وهذا كله يختلف بحسب أحوال الناس, وبحسب نوعية الفاعل للسنة, فمثلاً إذا كان الذي يفعل السنة شخص معروف كبير وله شأن, فإن الناس يقبلون منه؛ لأنهم لا يمكن أن يقولوا هذا جاهل, أو متسرع, أو طائش, أو ما أشبه ذلك, لكن إذا فعلها شاب صغير، قالوا: هذا متعجل, هذا لا يدري, هذا كذا, هذا كذا.., ثم بدءوا ينالون منه.
فينبغي أن تسلك الطرق المناسبة في نشر السنة بين الناس, ومن الطرق المناسبة أن تقرأ عليهم من بعض الكتب، إذا أردت أن يطبق الناس السنة، يمكن أن تقرأ من كتاب لسماحة الشيخ ابن باز أو غيره من العلماء، أنه يقول كذا ويقول كذا ويقول كذا.., حتى يعلم الناس أن فعل السنة ليس من عند أنفسنا بل هو أمر يعرفه أهل العلم.
الجواب: عمل الإنسان في مثل هذه الأماكن التي فيها خلوة واختلاط يختلف، فإن كان بقاؤك في مثل هذا العمل فيه مصلحة ظاهرة مثل دفع بعض الشر والفساد, أو القضاء على بعض المنكرات, أو ما أشبه ذلك, فبقاؤك حينئذٍ فيه خير كثير, وكم من إنسان في مثل هذه الأجهزة وغيرها، يكون سبباً في القضاء على منكرات كثيرة, أما إن كان الأمر ليس كذلك، وكنت تجد في نفسك ضعفاً بحيث إنك لا تستطيع أن تصبر على هذه المنكرات, وقد تقع فيها، وتخشى على نفسك من الوقوع في الفواحش والفتن والمفاسد, فحينئذٍ ننصحك: أن تنجو بنفسك، واعمل على أن تحول عملك إلى مجال ليس فيه اختلاط بالنساء, كأن تكون في المستودعات أو غيرها من المجالات التي لا يكون فيها اختلاط.
الجواب: آيات الله نوعان:
1- الآية الشرعية، أي القرآن يجوز القسم بها, لأنها من صفات الله جل وعلا, فإذا أقسمت بآيات الله وأنت تقصد القرآن, جاز ذلك.
2- أما الآيات الكونية: كالشمس والقمر وغيرها, فإنه لا يجوز القسم بها.
الجواب: كل كلمة فيها تعظيم للكافر, فإنها لا تجوز, لا يجوز أن يقال له: سيد أو قائد أو زعيم أو عظيم, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد وأصحاب السنن وسنده صحيح؛ قال عليه الصلاة والسلام: {لا تقولوا للمنافق سيدنا؛ فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل} فمجرد كلمة سيد للكافر لا تجوز, فما بالك أن يكون الكافر سيداً سيادة حقيقية؟! هذا لا شك أنه أعظم جرماً وإسخاطاً لله جل وعلا, فلا يجوز أن يقال للكافر: صديق أو رفيق أو غيرهما من الكلمات المرادفة لهما.
الجواب: القانون الوضعي, يتعلق به طرفان:
الطرف الأول: من فرض القانون, يعني الحاكم الذي فرض القانون على الناس, وألزمهم به وتوعد من يخالفه أو يخرج عليه بالقتل والسجن والصغار, فهذا العمل كفر وردة عن الإسلام, لأن الله عز وجل قال: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47] وهذا لا شك أنه نوع من الشرك في التشريع, حتى أن الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتاب "البداية والنهاية" لما تكلم عن الياسق وهو جنكيز خان, قال ابن كثير: فمن حكم بالشرائع المنسوخة من اليهودية والنصرانية فهو كافر, فكيف بمن حكم بشرائع البشر وأنظمتهم وقوانينهم؟ هذا لا شك في كفره بإجماع المسلمين, هكذا يقول: ابن كثير, فهذا يجب أن يعلم أن القوانين التي تفرض على الناس بقوة الحديد والنار والسلاح، والسلطة الذي يفرضها عمله كفر وردة.
أما بالنسبة للإنسان, فإن الإنسان إذا كان يستطيع أن يتخلص من هذا القانون, ولو تنازل عن بعض حقه فهذا هو الذي ينبغي له, وإما إذا أكره على ذلك فإن المكره لا يتعلق بفعله حكم, لكن ينبغي أن يبغضه بنفسه ويسعى إلى إزالته بكل ما يستطيع من قوة, حتى لو استطاع أن يهاجر عن البلد الذي يحكم فيه بالقانون ووجد بلداً آخر يحكم فيه بالشرع، ويستطيع أن يستقر فيه لكان عليه أن يفعل ذلك؛ إذا لم يكن في بقائه في بلده الأصلي مصلحة ظاهرة من الدعوة، والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الجواب: عفا الله عنا وعنكم أجمعين، وقول الناس: إننا في أزمة, لا أظن أنه يعارض أن يكون الناس في فتن في دينهم أو بعض أمورهم؛ فإن الأزمة هي الأمر الضيق الذي يضيق على الإنسان وليس التعبير بلفظ الفتنة مما يتعبد به.
الجواب: أقول لأخي الكريم, أنت في حل، وسامحنا الله وإياك، وعفا الله عنا وعنك, وينبغي لنا جميعاً أن نحرص على أن نتبين ونتثبت كما أمرنا الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6].
الجواب: -استئصال أي: فناء تام- أقول: لا, استئصال بعذاب لا، إنما تستأصل وتنتهي أمة الإجابة -والله تبارك وتعالى أعلم- بالريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين في آخر الزمان, وإلا فأمة الإجابة باقية إلى قبيل قيام الساعة.
الجواب: نعم، موجودة في كل زمان إلى وقت هبوب الريح، وليست محصورة في جهة واحدة ولا يلزم أن توجد في كل مكان, قد توجد في مكان واحد وقد توجد في أمكنة متفرقة.
الجواب: الحجاج لا شك أنه كان أميراً على العراق في عهد بني أمية, وكان ظلوماً غشوماً جباراً سفاكاً للدماء, وهو المبير الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أسماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {سيكون في ثقيف كذاب ومبير} ومبير: يعني يكثر القتل وسفك الدماء وهكذا كان، فإن الحجاج كان ظلوماً غشوماً, ولكن مع هذا فإن الحجاج كان صاحب عبادة وذكر وبكاء, فلم يكن كطغاة هذا العصر لا يعرفون الله عز وجل طرفة عين, حتى طغاة ذلك العصر الأول يختلفون عن طغاة عصرنا هذا, كان الواحد منهم مسرعاً إلى الدماء وقد يكون ظالماً وقد يكون غشوماً, لكن مع ذلك لعل كثيراً من الأحداث والقصص التي تروى في التاريخ فيها مبالغة, وذلك لأن التاريخ كَتَبَ كثيراً منه, أو كُتِبَ كثير منه بأقلام الشيعة, والشيعة كانوا حاقدين على دولة الخلافة الإسلامية, فكانوا يجعلون من الحبة قبة -كما يقال- ويضخمون بعض الأخطاء التي تقع كما ضخموا حادثة الحرة, وكما ضخموا القتال الذي حصل بين الصحابة, وكما ضخموا بعض أعمال الحجاج بن يوسف إلى غيرها, ولعلكم تعرفون أن كثيراً من مرويات ابن جرير الطبري في أحداث التاريخ الإسلامي, كانت عن طريق أبي مخنف لوط بن يحي وهو شيعي هالك محترق, فينبغي أن يتفطن لذلك.
الجواب: إن هذا ليس في الواقع تقليداً أو تشبيهاً بهم, بل هذه هي الحكمة التي هي ضالة المسلم أنى وجدها فهو أحق بها, والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الأشياء المفيدة الموجودة عند الأمم الأخرى -والكلام في هذا يطول- ولكن أذكر له بعض الأمثلة: لما جاءت الأحزاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حفر الخندق, وكان حفر الخندق عادة مأخوذة عن الفرس، أخذها النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة سلمان الفارسي وطبقها, لأنها عبارة عن خدعة عسكرية، وحيلة لم تكن تعرفها العرب، وهي نافعة وليس فيها تشبه بالمشركين, وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما ولي الخلافة أخذ عدداً من الأشياء المفيدة كنظم إدارية مثل تدوين الدواوين وغير ذلك, بل الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث رواه الشيخان قال: {لقد هممت أن أنهى عن الغيل -والغيل هو: وطء المرأة وهي ترضع- ثم وجدت أن فارس والروم يفعلون ذلك فلا يضرهم} يعني الرسول عليه الصلاة والسلام همَّ أن ينهى الناس عن أن يطئوا المرأة حال إرضاعها للطفل, ثم لم ينه عن ذلك, لأنه لاحظ حال فارس والروم وأنهم يفعلون ذلك فلا يضرهم، فهم أقوياء وشجعان وفرسان ولم يضرهم أن الرجل يطأ المرأة وهي ترضع, أي: خلال فترة الإرضاع.
فإذاً الرسول صلى الله عليه وسلم استفاد حينئذٍ من خبرة اجتماعية أو قضية اجتماعية موجودة عند فارس الروم, وكذلك لما كانوا لا يقرءون كتاباً إلا مختوماً ختم النبي صلى الله عليه وسلم، وضع خاتماً ونقشه محمد رسول الله, إذاً المنهي عنه هو التشبه بهم في خصائصهم, في أخلاقهم, وفي عادتهم, والكلام في التشبه كلام يطول.
الجواب: في الواقع قبل أن أقول أننا متعبدون بالحزن, كنت قرأت كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكلام ابن القيم في هذا الباب, وليس مقصودي أننا نتعبد الله تعالى بأن نبقى في حزن دائم, كلا، ولكنني أقصد أن الحزن الذي يصيب المؤمن بسبب غيرته على حرمات الله, أنه مما يثاب عليه ويؤجر عليه, وهو فضل بالنسبة إلى ذلك الآخر الذي يرى المنكرات فلا يتمعر وجهه, ولا يحزن قلبه, ولا يتكدر صفاؤه, وإلا فالواقع أن مسألة التعبد بالحزن أن يجلس الإنسان حزيناً ويعتبر هذه عبادة ليس هذا مما يتعبد به.
الجواب: هذه الأبيات لشاعر من شعراء الشام اسمه عمر الأميري وأظنها موجودة في ديوانه.
الجواب: كثيرة منها كتاب "تهافت العلمانية" لـعماد الدين خليل, ومنها كتاب "العلمانية" للشيخ سفر الحوالي, ومنها كتاب "مذاهب فكرية معاصرة" للأستاذ محمد قطب.
الجواب: -هذا السؤال تكرر أيضاً وأنا أشكر الأخوين السائلين- لأنه أولاً يجب أن لا نقارن كلام المخلوق بكلام الخالق, إذا كان أحداً ادعى كلاماً وفي القرآن الكريم ما يناقضه فإننا نرد هذا الكلام؛ لأننا نقول هذا كلام مرفوض ومردود, والدليل قول الله عز وجل: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الزمر:7] هكذا ينبغي أن يكون, إلا أن يكون قصد السائل أنه قد يكون للكلام معنى لم يفهمه، على كل حال أقول: هذا كلامي أنا، وكلام فلان، وكلام علان (وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل):
دعوا كل قول عند قول محمد فما آمن في دينه كمخاطر |
أنا استغفر الله تعالى وأتوب إليه إن كنت أخطأت, بعض أهل العلم قد يقول: إنه كما يقال الولد سر أبيه، فإن كان الأب صالحاً, فالغالب أن الأولاد يغلب عليهم الصلاح, وإذا كان الأب فاسداً فالأمر كذلك غالباً, ولذلك جاء في سورة الكهف في قصة موسى والخضر قول الله عز وجل: وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنـزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنـزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [الكهف:82] فقد يقال: إنه إذا كان الأب فاسداً والولد مثله أيضاً؛ فإنه قد يعاقب الولد بذنب أبيه, كما في القصة التي سقتها سابقاً؛ الرجل الذي عاهد الجنود ثم لما نـزلوا سحلهم في الشوارع, فبعد ذلك قبض على ولده وكان أميراً فسحل في الشارع عقوبة له ولأبيه, وذلك لأن الولد هو الآخر كان على خُطى أبيه.
الجواب: هذا لا شك أنه تحفظ جيد على العنوان؛ لأنه يقصد عدالة الله جل وعلا، وعبر بالسماء وهو يقصد الله تبارك وتعالى, وكان ينبغي ألا يستخدم هذا الأسلوب.
تابع السؤال: ثم يقول ما تقييمكم للكتاب من ناحية صحة القصص الموجودة فيه؟
الجواب: الذي يظهر لي أن عدداً من القصص الموجودة فيه صحيحة, وشهود بعضها أحياء, ثم إنها تسير في اتجاه طيب؛ لأن القصص فيها عبر فلا يلزم أن تكون قصصاً ثابتة, لأننا لن نستخرج منها أحكاماً شرعية.
الجواب: في الواقع أن مشكلة مثل هذا الشاب أنه ينطبق عليه المثل الذي يقول: فاقد الشيء لا يعطيه، فمثل هذا الشاب أنت تكلمه عن موضوعات عديدة وهو يبتسم ويضحك؛ لأنه في واد وأنت في واد آخر, فكيف السبيل إلى الوصول إلى قلوبهم؟! هنا لا بد من التربية, لا بد من الجهد, لا بد من التسلل إلى قلوبهم بكل وسيلة حتى نستطيع أن تخرجهم مما هم فيه, لأن القضية الأساسية -كما سبق أن نوهت- هي أننا إذا أفلحنا أن نوجد في قلوب الشباب همَّ للواقع وللإسلام وللأمة, إذا بدأ الشباب يهتم للأمة فأبشر بنجاة هذا الشاب بإذن الله تعالى, لكن مادام هذا الشاب محصوراً همه في كيفية كي الغترة وإيجاد ما يسمى بـ "المرزاب" وكيفية إصلاح السيارة, وتغسيلها وغسل الكفرات, وجعل السيارة بشكل معين ثم الدوران في الشوارع, ثم صحبة بعض الصبيان وما أشبه ذلك من المظاهر السيئة, والركض وراء الموضات وتسريحات الشعر, وإلى غير ذلك من الأمور التوافه, فمثل هذا الشاب الآن وهو في غمرة هذه الأمور في وادٍ بعيد، عندما تكلمه أنت عن مثل هذه القضايا ينظر إليك بسخرية, فهو غير مؤهل أن يستمع إليك, فهو يحتاج إلى دعوة جادة تخرجه مما هو فيه حتى يتحرك قلبه, وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب}.
الجواب: لا يا أخي.. أنا ما ذكرت أن الذين سوف يقاتلون المشركين واليهود هم الملائكة, وإنما ذكرت أن الذين سوف يقاتلونهم هم المسلمون, إذاً معناه أنه قتال بعد جهد وإعداد, إعداد مادي, وإعداد معنوي, وبعد ما يتقدم المسلمون، وبعدما يتخلص المسلمون من سلبياتهم, وعيوبهم, ويصبحون على مستوى المعركة, بعد ذلك يُقاتلون وينصرون, وليس الملائكة هم الذين سوف يقاتلون حتى نقف نحن مكتوفي الأيدي ننتظر نـزول الملائكة.
الجواب: الموسيقى لا شك في تحريم سماعها, فإذا استطاع الإنسان أن يتخلص منها فعل, أما إذا جاء صوت ضعيف ليس مقصوداً, والإنسان لا يقصد سماعه فلعله لا حرج في ذلك -إن شاء الله- لكن على الإنسان أن يبذل جهده في التخلص من هذا الصوت.
الجواب: في الواقع لا أعلم مصادر أخبارية موثوقة، ولعل من أكثر ما يمكن أن يوثق به بعض الصحافة الإسلامية, وكثير منها توقفت لأنها كانت في الكويت كـالفرقان والبلاغ والمجتمع, وما بقي إلا صحف إسلامية قليلة, لعل منها مجلة البيان، وبعض الصحف، وهي قليلة جداً، فعلى الإنسان أن يستفيد منها.
أما بالنسبة للمصادر الإخبارية فهناك إذاعات غربية يسمعها الناس كما يستمعون إلى إذاعة لندن في بريطانيا, أو مونتكارلو في فرنسا, أو صوت أمريكا أو غيرها, ومثل هذه الإذاعات هي لا شك أكثر دقة؛ لكن مع ذلك ينبغي أن ندرك أنهم يدسون السم في الدسم أحياناً, وإن كانوا يحرصون على ما يسمونه بالموضوعية والدقة, إلا أنهم أحياناً ينشرون بعض الأخبار المغرضة، ويحاولون أن ينشروا الخبر بطريقة ذكية يلبسون فيها على بعض المغفلين.
الجواب: في الواقع يوجد غثائية كثيرة, لكن بدأ المسلمون يعون واقعهم, وبدءوا يدركون الأمر الذي يجب أن يفعلوا, فنرجو أن ننتقل من مرحلة الغثائية إلى مرحلة القوة والإعداد المادي والمعنوي.
الجواب: في الواقع أنه لا داعي لفرض المستحيل؛ لكنني أقول: إننا يجب أن نعلم أن الله يؤتي النصر من يشاء، يقول الله عز وجل: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40] توقف عند هذه الآية وتأمل من هم الذين ينصرهم الله، قال الله عز وجل: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:41] فالمعنى -والله تعالى أعلم- أن الله تعالى يعلم من حال هؤلاء الذين يجاهدون ويرفعون راية الإسلام؛ أنهم سوف يصبرون إذا انتصروا, فإذا مكنوا وحصل لهم النصر ثبتوا وصبروا فأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر, فحينئذٍ ينصرهم بمعنى أنك قد تجد أناساً يقيمون الصلاة, ويؤتون الزكاة, ويأمرون بالمعروف, وينهون عن المنكر, ويجاهدون فلا ينصرون؛ لأن الله علم أنهم لو مكنوا ما صبروا على النصر, بل لتخلوا عنه.
فمن باب أولى أنك تجد أناساً يرفعون راية العلمانية مثلاً, ويرفعون راية القومية, والديمقراطية, ويرفعون راية وحدة الأديان, فهؤلاء لا ينصرهم الله عز وجل, لأنهم حتى قبل أن ينصروا ما نصروا الله تعالى؛ حتى وهم مهزومون مخذولون تقصفهم الأعداء من كل جانب, ومع ذلك فإنهم ما تابوا إلى الله عز وجل: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون:76] ترى هتافاتهم وشعاراتهم تدور بين القومية والعلمانية والبعثية وغيرها من الشعارات الأرضية.., فكيف ينصرون؟! هيهات أن ينصروا, لا ينصرون أبداً لأن نصرهم خلاف السنن الإلهية, خلاف الشرع الذي أخبرنا الله تبارك وتعالى به, لا ينصرون أبداً, لن ينتصر على اليهود إلا حملة راية لا إله إلا الله.
والغريب -أيها الإخوة- أن اليهود يعرفون ذلك, لعلكم سمعتم في الأخبار -أمس أو قبل أمس- أن اليهود قتلوا مواطناً حاول التسلل إلى إسرائيل, ما صفة هذا الإنسان الذي حاول التسلل؟! قالت الإذاعات والأخبار: إن هذا الرجل من الأصوليين المتشددين, وأنه كان يحمل معه بندقية, أو قالوا يحمل معه... المهم الرجل متدين, صورة الرجل الملتحي ينـزعج منها اليهودي في كل مكان, المسلم أصبح رعباً ينـزل على رءوس اليهود والنصارى والكفار نـزول الصواعق, والله لا يخافون من أصحاب الشعارات البراقة, ولا يخافون من الوعيد والتهديد عبر أجهزة الإعلام, إنما يخافون من هؤلاء المؤمنين الذين وضع الواحد منهم روحه على يده يتمنى أن يقتل شهيداً في سبيل الله عز وجل, هذا الذي يخيفهم ويزعجهم, وهم يصرحون ويتكلمون بذلك صراحة.
هذا، وأسأل الله عز وجل أن يوفقني وإياكم إلى صالح القول والعمل, وأن يجعل خير أعمالنا خواتمها، ويتوب علينا ويهدينا سواء السبيل, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وعملاً يا رب العالمين, ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر