إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (497)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم كشف المرأة وجهها أمام غير المحارم

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات من الخبر، أختنا عرضنا لها سؤالاً في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة تسأل وتقول: ما حكم كشف الوجه على بعض أبناء العمومة، وذلك بسبب أننا نعيش جميعاً في منزل واحد إذ من الصعب تغطية الوجه، أما باقي الأعضاء فالحمد لله مغطاة، وأنا لا أضع أي نوع من المساحيق في وجهي، مع العلم أننا لا نأكل جميعاً على مائدة واحدة، بل النساء منعزلات عن الرجال، كذلك لا نتخالط كثيراً بل مجرد الصعود والنزول من الطابق العلوي إلى السفلي وبالعكس، نرجو توجيهنا؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن المرأة عورة يجب عليها الحجاب عن غير محارمها، ولا يجوز لها إبداء الزينة لغير محارمها، سواء كانوا من بني العم أو بني الخال أو من غيرهم، يجب الحجاب عنهم وإن كانوا أقرباء إذا لم يكونوا محارم، لقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] هذه الآية عامة تعم جميع النساء، وإن كان الخطاب لأزواج النبي رضي الله عنهن وصلى الله عليه وسلم ولكن غيرهن من باب أولى، فإذا أمر أتقى النساء بذلك فغيرهن من باب أولى، ثم بين العلة التي تعم الجميع، قال: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) فإذا كان أطهر لقلوب الصحابة وهم الأخيار خير هذه الأمة بعد الأنبياء وأطهر لقلوب الصحابيات من أمهات المؤمنين وغيرهن، فغيرهن في حاجة إلى هذه الطهارة، بل في أشد الضرورة إلى هذه الطهارة، ويقول جل وعلا في آية أخرى من سورة النور: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ [النور:31] الآية.

    والزينة هي الزينة الظاهرة والباطنة، وأعظمها الزينة الخلقية، زينة الوجه والشعور والذراع واليد والساق والقدم ونحو ذلك، هذه الزينة التي تفتن الناس.

    أما زينة الملابس فقد تفتن لكنها دون هذه الأشياء، وإذا ظهرت إلى غير محارمها يكون عليها ملابس غير فاتنة، وهكذا في الأسواق تكون ملابس عادية ليس فيها فتنة، ولكن أعظم من ذلك ظهور الزينة الخلقية زينة الوجه أو اليد أو الشعور أو الساق أو الذراع أو القدم، كل هذه تحتاج إلى ستر، لأن الآية عامة: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الآية.

    وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صفوان يسترجع لما رآها في السفر حين تخلفت -خلفها الغزو- يحسبون أنها في الهودج قالت: فلما سمعت صوته خمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب فعرفني، فلما سمعت صوته خمرت وجهي، فدل ذلك على أن نزول الحجاب يقتضي تخمير الوجه وأنه يخمر.

    وفي السنن عنها رضي الله عنها أنهن كن في حجة الوداع إذا دنا منهن الرجال سدلت إحداهن جلبابها على وجهها فإذا بعدوا كشفت.

    هذا يدل على أن الوجه مما يستر، ومن الزينة التي يجب أن تستر، وهي أعظم زينة المرأة تعرف بوجهها، إن كانت دميمة، قيل: دميمة وإن كانت جميلة قيل: جميلة من وجهها، فهو أعظم الزينة وأعظم من اليد وأعظم من الرجل وأعظم من الساق وأعظم من الشعر، فإذا وجب ستر الشعر فستر الوجه من باب أولى.

    أما الحديث الذي يحتج به بعض دعاة السفور وهو حديث عائشة في قصة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه)، رواه أبو داود ، وفي بعض الروايات عند غير أبي داود : (وأشار إلى نصف الساعد) فهذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو ضعيف وباطل من عدة أوجه:

    الوجه الأول: أن الراوي له عن عائشة هو خالد بن دريك وهو منقطع لم يسمع منها كما قال أبو داود رحمه الله وغيره، والمنقطع لا حجة فيه.

    الثاني: أنه من رواية سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج بروايته.

    الثالث: أنه من رواية قتادة بالعنعنة وقتادة مدلس ، ولا تقبل روايته إذا دلس إلا إذا صرح بالسماع إلا فيما جاء في الصحيحين، فروايته في الصحيحين معروفة ومنتقاة.

    الرابع: لو صح لكان محمولاً على حال النساء قبل الحجاب، كن يبدين وجوههن وأيديهن قبل نزول الحجاب ثم أنزل الله الحجاب فمنعن من ذلك.

    خامساً: في متنه ما يدل على نكارته؛ لأن في الحديث: أن عليها ثياباً رقاقاً، فهل يليق بـأسماء أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق زوج أختها وهي امرأة من أصلح النساء زوجة الزبير بن العوام هذا لا يمكن أن يقع من أسماء ، بل دينها وخلقها وعفتها وإيمانها يمنعها من هذا أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق لا تسترها، فلا يجوز أن يظن هذا بـأسماء رضي الله عنها وأرضاها.

    فهذه وجوه خمسة كلها تدل على عدم صحة الاحتجاج بهذا الحديث، وتدل أربعة منها على عدم صحته وأنه غير صحيح، والخامس لو صح لكان محمولاً على ما قبل الحجاب، والله ولي التوفيق.

    1.   

    حكم جلوس الحائض والجنب في المسجد لسماع الدروس والمحاضرات

    السؤال: أخيراً تسأل أختنا وتقول: ما حكم الذهاب للمسجد لحضور الندوات والمحاضرات إذا كانت المرأة حائضاً وذلك للاستفادة من الدروس التي غالباً ما تكون قيمة؟

    الجواب: إذا كان لها مكان قرب المسجد تسمع منه عند المحراب أو في جانب المسجد أو في آخر المسجد تسمع فلا بأس، أما في داخل المسجد فلا؛ لأن النبي عليه السلام قال: (إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)، وقال في حق الجنب: إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ [النساء:43]، وقال لـعائشة لما أمرها أن تأتي بالخمرة من المسجد، قالت: (إني حائض، قال: إن حيضتك ليست في يدك) فأمرها أن تعبر وتأخذ الخمرة الحصير من المسجد.

    أما المرور للجنب والحائض فلا بأس أما الجلوس فلا، لكن إذا وجد مكان خارج المسجد تسمع منه الدروس فهذا لا بأس به.

    1.   

    كيفية التصرف لمن وجد شاة مع ولدها

    السؤال: المستمع (ع. م. م) من الرياض يقول: سبق وأن أخذت شاة مع ولدها وذلك قرب البلد أنا وبعض الزملاء وذلك له عشر سنوات، ما هو الواجب علينا الآن أن نتصرف؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: إذا كنت لم تعرفها سنة كاملة في مجامع الناس من له الشاة وطفلها في كل شهر مرتين أو ثلاثاً أو أكثر، إذا كنت ما فعلت هذا فعليك أن تتصدق بقيمتها وقيمة ولدها بالنية عن مالكها مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، تخرج قيمتها ذاك الوقت وقت أكلها وذبحها، وتتصدق بها على الفقراء والمساكين وتنويها عن صاحبها وصاحب طفلها مع التوبة إلى الله والندم والعزم على أن لا تعود إلى مثل هذا؛ لأن الواجب على من وجد لقطة أن يعرفها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها)، فالضالة: ما يكون من الحيوانات كالغنم، فإذا لقطها الإنسان يعرفها سنة كاملة فإن لم تعرف فهي له، ومتى عرفت بعد ذلك سلمها أو قيمتها لصاحبها، أما الإبل فلا تلتقط بل تترك لأنها (معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها) وهكذا البقر؛ لأنها كذلك تمنع عن نفسها الذئب ونحوه.

    أما الحيوان الذي لا يمنع عن نفسه كالخيل والحمر والبغال فهذه تلتقط مثل الشاة وتعرف إذا وجدت ضائعة، تعرف من له الحمار من له البغل من له الخيل من له الشاة سنة كاملة، فإن لم تعرف ملكها ولكن متى عرف صاحبها بعد ذلك ولو بعد السنة ردها إليه.

    1.   

    كيفية صلاة الاستخارة لمن أراد تأخير الزواج

    السؤال: المستمع (أ. خ) من السودان، بعث يسأل ويقول: إذا رغبت في الزواج من امرأة فهل لي أن أستخير الله في شأنها في الحال، علماً بأني سأؤخر هذا الزواج لعدة سنوات لعدم استطاعتي عليه حالياً؛ لأني أريد أن أتقدم لهم ببعض الهدايا إلى حين أن أتقدم لزواجها؟ ثم ما هي كيفية انشراح الصدر التي وردت في شرح دعاء الاستخارة؟

    الجواب: إذا أردت أن تتزوج من امرأة وأنت مطمئن إليها تعرف فضلها ودينها وخلقها وأنك لست في شك منها فلا حاجة للاستخارة، الاستخارة في الشيء الذي تشك فيه، إذا كنت تشك في صلاحها لك تستخير الله، فإذا صليت الركعتين ورفعت يديك وطلبت الله بدعاء الاستخارة ثم انشرح صدرك فاستقم وبادر إلى خطبتها ولو تأخر الدخول بها اخطبها واتفق مع أهلها ولو تأخر العقد أو الدخول.

    أما إذا كنت منشرح الصدر قد عرفتها تمام المعرفة ليس عندك شك في أمرها فلا يظهر هناك حاجة للاستخارة؛ لأن الاستخارة إنما تفعل في الأمور التي قد يقع فيها اشتباه أو يخشى من عاقبتها، أما الشيء الواضح الذي ما فيه اشتباه فليس فيه استخارة، صل ولا تحتاج استخارة، تزور أقاربك الطيبين وصلة الرحم ما فيه استخارة، إذا كان ما عندهم محذور، تبر والديك ما فيه استخارة، تصلي الظهر ما فيها استخارة، العصر ما فيها استخارة، المغرب ما فيها استخارة، العشاء ما فيها استخارة، الفجر ما فيها استخارة، الجمعة كل هذه ما فيها استخارة، تحج والطريق آمن وأنت قادر ما فيه استخارة، أما إذا كان الطريق ما هو بآمن تخاف تستخير الله هل تحج هذا العام من أجل خوف الطريق ما هو من أجل الحج.

    فالمقصود أن الاستخارة تكون في الشيء الذي فيه أدنى اشتباه، أما الشيء الواضح الذي ما فيه اشتباه وأنت قادر عليه وهو خير محض فليس فيه استخارة، مثلما أنك لا تستخير هل تتغدى أو ما تتغدى تتعشى أو ما تتعشى هل تجامع زوجتك ما فيه استخارة؛ لأنها أمور معروفة مصلحتها، وفق الله الجميع.

    1.   

    حكم الحلف بالطلاق

    السؤال: المستمع حفظ الله الشعيبي من اليمن بعث يسأل ويقول: حدث في يوم من الأيام مشاجرة بيني وبين زوجتي في موضوع غسل ملابسي، وبعد ذلك تناوشنا مع بعض بغضب شديد، وفي ساعة هذا الغضب قلت: علي الطلاق ما تغسلي ملابسي مرة ثانية، ومن ذلك الوقت أغسل ملابسي في المغسلة خارج البيت، هل إذا أردت أن تغسل زوجتي ملابسي بعد اليمين لأنني محتاج لذلك، هل إذا أردت أن تغسل ملابسي أن أتصرف بتصرف معين؟ أرجو أن تفيدوني جزاكم الله خيراً.

    الجواب: هذا يختلف بحسب نيتك، وما كان ينبغي لك التعجل بالطلاق، نصيحتي لكل زوج أن لا يتعجل بالطلاق ولو غضب يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولا يعجل في الطلاق أبداً، ولو شدت عليه المرأة ولو غضبت ولو طلبت لا يعجل في الطلاق، الشيطان يحضر ويزين لها ويزين لزوجها الطلاق.

    فالمشروع لك يا أخي ولكل إنسان عدم العجلة في الطلاق حتى تطمئن وحتى تعلم أن الطلاق أصلح لدينك ودنياك فلا بأس.

    ونصيحتي لكل امرأة أن تتقي الله ولا تعجل في طلب الطلاق ولا تؤذي زوجها في ذلك ولا سيما إذا كان زوجها طيباً صاحب دين وصاحب صلاح، تتقي الله ولا تعجل في الأمور تصبر عليه ولو أبغضها في بعض الأحيان ولو حصل منه بعض الأذى في بعض الأحيان؛ لأن الزوج الصالح اليوم قليل، والزوجة الصالحة قليلة، فينبغي للمؤمن أن يتمسك بالزوجة الصالحة ولا يعجل في الطلاق ولو جرى منها بعض النقص، وهكذا المرأة إذا حصلت الزوج الصالح فينبغي لها أن تتمسك به وتحرص على البقاء معه وأن لا تغضبه أبداً، بل تتحمل وتحرص على التحمل فإذا غضبت تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهي كذلك تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كرروا هذا عند الغضب ويزول الغضب، لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شخصاً قد غضب واحمرت أوداجه من شدة الغضب قال: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، فأنت يا أخي كذلك استعذ بالله من الشيطان الرجيم.

    وهذا الطلاق الذي وقع منك يختلف بحسب نيتك، إن كنت نويت منعها من غسلها الملابس بعد ذلك وأنك تستغني عنها وأردت تخويفها وتهديدها بهذا الطلاق فلك أن تسمح عنها وتكفر عن يمينك له حكم اليمين، إذا كنت قصدك منعها من الغسل غضباً عليها ولم ترد فراقها إن غسلت ثيابك إنما أردت تهديدها بهذا والشره عليها والغضب عليها، ولم ترد فراقها بهذا لو غسلت، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين كل واحد يعطى نصف الصاع تمر أو رز كيلو ونصف كل واحد، أو كسوة على قميص قميص، أو عتق رقبة، فمن عجز يصوم ثلاثة أيام.

    أما إن كنت أردت الطلاق أردت إيقاع الطلاق عليها إن غسلت يقع طلقة واحدة، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق إن غسلت ثيابك فإنها إذا غسلتها يقع عليها طلقة واحدة وتراجعها تقول: اشهد يا فلان وفلان أني مراجع زوجتي تشهد اثنين من الطيبين من جيرانك أو أصحابك أنك مراجعها، هكذا السنة إذا كان ما قبلها طلقتان، إذا كنت ما طلقها قبلها طلقتين، أما إذا كان قبلها طلقتين ما تصلح إلا بعد زوج، لكن إذا كنت ما طلقتها قبلها طلقتين وأنت أردت الطلاق إذا غسلت ثيابك تكون طلقة واحدة وتراجعها بإشهاد اثنين تقول: اشهد يا فلان وفلان أني راجعت زوجتي فلانة، ما دامت في العدة.

    أما إن كنت ما أردت الطلاق مثلما تقدم، وإنما أردت منعها والغضب عليها وتهديدها حتى لا تغسل ثيابك مرة أخرى من أجل غضبك، ولم ترد إيقاع الطلاق ولا فراقها ولكن أردت المنع فهذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين غداء أو عشاء أو تعطي كل واحد نصف الصاع كيلو ونص كل واحد من التمر أو الحنطة أو غيرهما من قوت البلد، وفق الله الجميع.

    1.   

    درجة حديث: (أنا والإنس والجن في نبأ عظيم...) وشرحه

    السؤال: من الزلفي المستمع عبد الله الشمري بعث يسأل ويقول: قرأت حديثاً قيل: إنه قدسي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: أنا والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري)، إذا كان هذا الحديث صحيح فاشرحوه لنا؟ جزاكم الله خيرا.

    الجواب: هذا الحديث ليس بصحيح، وإنما هو من أخبار بني إسرائيل التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)، ولكن معناه صحيح فإن أكثر الخلق كفروا نعم الله ولم يعبدوه وحده بل عبدوا الشياطين وعبدوا الهوى وعبدوا الأصنام والقبور وغير ذلك، فالمعنى صحيح يقول جل وعلا فيما يروى في هذا الأثر القدسي: (إني والجن والإنس في نبأ عظيم) صحيح خبراً عظيم نبأً عظيم (أخلق ويعبد غيري)، هو خلاق جل وعلا لجميع الخلق، الله خالق كل شيء، وهو سبحانه وحده الخلاق العليم، وهو القائل سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] (وأرزق ويشكر سواي)، يعني: يشكر في الغالب غير الله يشكر زيد وعمرو وينسى الله هذا حال الأكثرين وتمام الأثر: (خيري إليهم نازل وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إلي بالمعاصي) وهذا واقع من أكثر الخلق، فالواجب على المكلف الواجب عليه أن يعبد الله وحده ويشكره على نعمه بطاعته، يشكره ويثني عليه سبحانه.

    وأعظم الشكر طاعة الأوامر وترك النواهي مع الثناء على الله جل وعلا، وهو القائل سبحانه وتعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي [البقرة:152] وهو القائل جل وعلا: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7].

    فالواجب على جميع العباد من الجن والإنس من الرجال والنساء أن يعبدوا الله وحده، بدعائهم وخوفهم ورجائهم وصلاتهم وصومهم، وغير هذا من العبادات كلها لله وحده، وأن يشكروه على إنعامه من الصحة والمال والزوجة والذرية وغير ذلك، وهكذا المرأة تشكر الله، على زوجها، على ذريتها، على صحتها، على ما أعطاها من الأرزاق هكذا على جميع الجن والإنس عليهم الشكر لله والطاعة لله وعبادته سبحانه وتعالى خلقوا لهذا الأمر، الله ما خلقهم عبثاً ولا سدى خلقهم ليعبدوه وأمرهم بهذا، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، وقال عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] يعني: أمر، فالواجب على الجميع أن يعبدوا الله وحده بالصلاة والصوم والدعاء والاستغاثة به سبحانه والحلف به جل وعلا، وغير هذا من العبادات كلها لله وحده سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، فعلى العبد رجلاً كان أو أنثى، على جميع العباد الرجال والنساء العرب والعجم الجن والإنس الملوك وغيرهم، عليهم جميعاً أن يعبدوا الله وأن يتقوه ويطيعوا أوامره بصلاتهم وصومهم وغير ذلك، وينتهوا عن نواهيه فلا يعصوه جل وعلا وعليهم أن يشكروا نعمه فيصلوها بطاعته.

    ومن شكرها طاعتهم لله وترك معصيته، هذا من شكر النعم، نعمة الصحة.. نعمة الأمن .. نعمة المال.. نعمة الذرية.. نعمة التجارة إلى غير هذا، هذا الواجب على جميع الثقلين أن يعبدوا الله وحده بصلاتهم وصومهم ودعائهم وغير ذلك، وأن يتبرءوا من عبادة ما سواه، وأن يشكروه في جميع إنعامه بطاعة الأوامر وترك النواهي والثناء على الله يحمده سبحانه ويثني عليه بأنه الكريم بأنه الجواد بأنه المحسن ويطيع أوامره، وينتهي عن نواهيه، ويقف عند حدوده، ويسارع إلى مراضيه، ويبتعد عن معاصيه، هكذا المؤمن وهكذا المؤمنة، وهذا هو الواجب على الجميع، وهذا هو الشكر الذي أمر الله به، وفق الله الجميع.

    1.   

    حكم قول المضيف لضيفه: في السنة عيدان وهذا الثالث

    السؤال: المستمع عبد الله محمد علي العمر من الرياض، بعث يسأل ويقول: ما حكم من أتى إليه أناس وقال لهم: بالسنة عيدين وهذا الثالث؟

    الجواب: ما نعلم في هذا شيء، معناه أن هذا عيد لنا يعني: نفرح بكم، هذا مما يتساهلوا فيها، ما هو معناه أنه يقيم عيد ويحط عيد ثالث، المقصود أننا نفرح بكم كأنه عيد عندنا، ما فيه شيء.

    1.   

    حكم قول: (حصل هذا الشيء صدفة)

    السؤال: ما حكم قول الإنسان: حصل هذا الشيء صدفة؟

    الجواب: ليس فيه شيء؛ لأن المراد حصل من دون ميعاد له، مثل وافق فلان في الطريق فسلم عليه ما واعده، وافقه عند إنسان زاره ففرح به، ليس عن موعد الصدفة عن غير ميعاد، يعني: حصل الشيء عن غير ميعاد بينه وبين زيد أو عمرو أو فلان أو فلان هذا معنى الصدفة يعني: من غير ميعاد.

    1.   

    نصيحة لمن ابتلي بخجل يمنعه من مقابلة الناس

    السؤال: المستمع المحتار كما وصف نفسه (م. س. ح. ن) من منطقة تربة، بعث يقول: لدي مشكلة وهي الخجل من الناس، إنني لا أستطيع المجالسة معهم ولا أستطيع مقابلتهم أدنى مقابلة، وأنا أعيش في حالة رهيبة أرجو أن توجهوني علماً بأنني أصلي وأدعو الله كثيراً وعمري في الثامنة عشرة؟

    الجواب: عليك بارك الله فيك أن تسأل الله أن يزيل من قلبك هذه الأوهام وهذه التوهمات وهذا الخجل، تسأل ربك أن يزيل هذا من قلبك وتجاهد نفسك في الجلوس مع زملائك ومع الإخوان ومع أهلك وأي شيء في هذا، هذا كله من الشيطان، هذا الخجل من الشيطان فتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتعزم على نفسك في الجلوس مع الناس والتحدث مع الزملاء ومع الأهل والأقارب حتى يزول هذا، في المساجد في حلقات العلم في البيت في التزاور مع إخوانك، جاهد نفسك، لأن هذا لا يليق بالرجل بل هذا من الشيطان، فينبغي لك أن تجاهد نفسك وأن تسأل الله جل وعلا أن يعينك على ذلك وأن يزيل من قلبك هذه الأوهام وهذا الخجل الذي لا وجه له، وأبشر بالخير متى صدقت يسر الله أمرك.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756178310