إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [110]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحدث الشيخ في هذا الدرس عن تفسير آيات من سورة الحجرات تحدث من خلالها عن النهي عن التقديم بين يدي الله ورسوله في أي شيء، وكذلك النهي عن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى ذلك النهي على أن يكون مناداة الرسول كما ينادي الشخص صاحبه والنتيجة هي حبوط العمل لمن لا ينتهي عن ذلك، ثم ذكر سبحانه وتعالى الصنف الآخر من الناس وهم الذين يخفضون أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لهم مغفرة من الله لذنوبهم وأجر عظيم على أعمالهم الصالحة، ثم انتقل الشيخ للإجابة على الأسئلة الشرعية المتنوعة.

    1.   

    تفسير آيات من سورة الحجرات

    الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء العاشر بعد المائة من اللقاءات الأسبوعية التي تتم في كل يوم خميس, وهذا هو الخميس الثامن من شهر رجب عام (1416هـ).

    تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ...)

    نتكلم فيه أولاً على ما تيسر بما بدأنا به من سورة الحجرات، فقد تكلمنا على قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات:1] وهذا أدب عظيم, وجه الله عباده إليه.

    أما الأدب الثاني ففي قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2].

    في الآية الأولى النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله في أي شيء، سواء من الأقوال أو الأفعال أو غيرها, وبينَّا على أي شيء تدل الآية فيما سبق, أما الثانية فهي في رفع الصوت وإن لم يكن هناك تقدم في الأحكام من تحليل أو تحريم أو إيجاب, يقول الله عز وجل: لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ فإذا خاطبك النبي صلى الله عليه وسلم بصوت فاخفض صوتك عن صوته, وإذا رفع صوته فارفع صوتك لكن لا بد أن يكون دون صوت الرسول عليه الصلاة والسلام, ولهذا قال: لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ .

    وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أي: لا تنادونه بصوت مرتفع كما ينادي بعضكم بعضاً، بل يكون جهراً بأدب وتشريف وتعظيم يليق به صلى الله عليه وسلم, وهذا كقوله: لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور:63] أي: إذا دعاكم لشيء فلا تجعلوا دعاءه كدعاء بعضكم لبعض، إن شئتم أجبتم وإن شئتم فلا تجيبوا, بل يجب عليكم الإجابة، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24] وهنا قال: وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ [الحجرات:2].

    كذلك أيضاً: لا تنادونه بما تتنادون به, فلا تقولون: يا محمد! ولكن قولوا: يا رسول الله! يا نبي الله! وما أشبه ذلك, وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ أي: كراهة أن تحبط أعمالكم, أي: إنما نهيناكم عن رفع الصوت فوق صوته وعن الجهر له بالقول كجهر بعضكم لبعض كراهة أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون, ففي هذا دليل على أن الذي يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم أو يجهر له بالقول كجهره لبعض الناس فيه أنه قد يحبط عمله من حيث لا يشعر, لأن هذا قد يجعل في قلب المرء استهانة بالرسول صلى الله عليه وسلم، والاستهانة بالرسول ردة عن الإسلام توجب حبوط العمل.

    ولما نزلت هذه الآية كان ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه جهوري الصوت, وكان من خطباء النبي صلى الله عليه وسلم فلما نزلت هذه الآية تغيب في بيته, وصار لا يحضر مجالس النبي صلى الله عليه وسلم, فافتقده الرسول وسأل عنه فأخبروه أنه في بيته منذ نزلت الآية, فأرسل إليه رسولاً يسأله فقال إن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] وأنه قد حبط عمله, وأنه من أهل النار, فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فدعا به, فحضر وأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة, وقال: (أما ترضى أن تعيش حميداً وتقتل شهيداً وتدخل الجنة؟ قال: بلى رضيت) فقتل رضي الله عنه شهيداً في وقعة اليمامة, وعاش حميداً وسيدخل الجنة بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم, ولذلك كان ثابت رضي الله عنه ممن يشهد له بأنه من أهل الجنة بعينه, لأن كل إنسان يشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه في الجنة فهو في الجنة, وكل إنسان يشهد أنه في النار فهو في النار, وأما من لم يشهد له الرسول فنشهد له بالعموم, نقول: كل مؤمن في الجنة, وكل كافر في النار, ولا نشهد لشخص معين بأنه من أهل النار، أو من أهل الجنة؛ إلا بما شهد له الله ورسوله.

    وفي هذه الآية الكريمة بيان تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يجوز لإنسان أن يجهر له بالقول كجهره لسائر الناس, وأنه لا يجوز له أن يرفع صوته على صوت الرسول عليه الصلاة والسلام, ولما نزلت هذه الآية تأدب الصحابة رضي الله عنهم بذلك حتى كان بعضهم يكلمه مسارةً ولا يفهم الرسول ما يقول من إسراره حتى يستثبته مرة أخرى.

    وفي هذه الآية أيضاً دليل على أن كل من استهان بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام فإن عمله حابط؛ لأن الاستهانة بالرسول عليه الصلاة والسلام ردة، والاستهزاء به ردة, كما قال الله تعالى في المنافقين الذين كانوا يستهزءون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التوبة:65] وكانوا يقولون ويعنون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً -أي: أوسع-، ولا أجبن عند اللقاء, ولا أكذب ألسناً. فأنزل الله هذه الآية, ولما سألهم الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك قالوا: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التوبة:65] -يعني: نتكلم بكلام لا نريده ولكن لنقطع به عنا الطريق- فأنزل الله هذه الآية: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66].

    ولهذا كان الصحيح: أن من سب الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كافر مرتد, فإن تاب قبلنا توبته لكننا لا نرفع عنه القتل، بل نقتله أخذاً بحق الرسول صلى الله عليه وسلم, وإذا قتلناه بعد توبته النصوح الصادقة صلينا عليه كسائر المسلمين الذين يتوبون من الكفر أو من المعاصي.

    تفسير قوله تعالى: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله...)

    أثنى الله تعالى على الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [الحجرات:3] لما نهى عن رفع الصوت فوق صوته, وعن الجهر له بالقول كجهر بعضنا لبعض, أثنى على الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله, أي: يخفضونها, ويتكلمون بأدب, فلا إزعاج ولا صخب ولا رفع صوت, لكن يتكلمون بأدب وغض, قال الله: أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ذكر الإشارة فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ تعظيماً لشأنهم, ورفعة لمنزلتهم, لأن أولاء من أسماء الإشارة الدال على البعد, وذلك لعلو منزلتهم, وكان الكلام سيتم لو قال: إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله هم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى, لكن أتى باسم الإشارة بياناً لرفعة منزلتهم وعلوها.

    امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى قال العلماء: معناه أخلصها للتقوى, فكانت قلوبهم مملوءة بتقوى الله عز وجل, ولهذا تأدبوا بآداب الله الذي وجهها لهم, فغضوا أصواتهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم.

    ثوابهم: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ مغفرة من الله لذنوبهم, وأجر عظيم على أعمالهم الصالحة, وفي هذه الآية إشارة إلى أن الصلاح صلاح القلب, لقوله: أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى , وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (التقوى هاهنا وأشار إلى صدره الذي هو محل القلب ثلاث مرات) ولا شك أن التقوى تقوى القلب, أما تقوى الجوارح وهي إصلاح العمل ظاهراً فهذا يقع حتى من المنافقين, وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ [المنافقون:4] لكن الكلام على تقوى القلب, هي التي بها الصلاح, نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم ذلك.

    أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى يفعل بعض الناس المعاصي وإذا أنكرت عليه قال: التقوى هاهنا, كأنه يزكي نفسه, وهو قائم على معصية الله, فنقول له بكل سهولة: لو كان ما هاهنا متقياً لكانت الجوارح متقية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإن فسدت فسد الجسد كله) تجد شخصاً مصراً على معصية ما, كإسبال الثوب وحلق اللحية وشرب الدخان، فتنهاه وتخوفه من عقاب الله, ويقول: التقوى هاهنا, الجواب نقول: لو كان ما هاهنا -أي القلوب- فيه تقوى, لكان ما هاهنا -أي الجوارح- فيه تقوى, الدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإن فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) .

    1.   

    الأسئلة

    الانصراف بعد طواف الوداع

    السؤال: شخص يقول: اعتمرت وأردت الخروج يوم الجمعة, فهل لي أن أجلس ساعة بعد طواف الوداع وأذهب؟

    الجواب: طواف الوداع لابد أن يكون آخر شيء, لكن لو طاف للوداع ثم حضر الإمام للجمعة وبقي معه وصلّى فلا بأس أن ينصرف بعد الصلاة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه طاف للوداع ثم صلّى الفجر ثم سافر).

    حكم من أدرك الإمام في التشهد الأخير وكان مسافراً

    السؤال: ما الحكم عندما آتي إلى المسجد وأجد الإمام في التشهد الأخير, ودخلت معه فسلم, فلا أدري هل أتم رباعية أم قصراً, على قولكم يا فضيلة الشيخ بأن الطلاب المغتربين لهم حق القصر, علماً بأن هذه الجماعة التي أتيتها أغلبهم من الطلاب المغتربين, وعلماً بأنها ليست الجماعة الأصلية وإنما هي جماعة ثانية؟

    الجواب: في هذه الحال ينظر إلى ظاهر الحال, لأن ما ذكرت يحصل في بعض المساجد, يمر بها الإنسان في الطريق ويجد أناساً يصلون, أو في المطار يجد أناساً يصلون, فيشك هل هم مقيمون أم مسافرون, ينظر إلى ظاهر الحال, إذا كان ظاهر هذا الرجل أنه مسافر لكون حقيبته أمامه, وكونه لابس ملابس السفر, فيعتبر مسافراً, وإذا لم يترجح عندك شيء فأتم, لأن الأصل الإتمام.

    حكم من صلى إلى غير القبلة جاهلاً

    السؤال: رجل صلّى في جدة في وسط المدينة قريب من البحر, فصلى إلى اتجاه غير اتجاه القبلة, فبعد ما انتهى من صلاته اكتشف أن القبلة في الموضع المغاير, في العكس، فماذا على هذا الشخص خاصة أنه مر عليه أيام كثيرة؟

    الجواب: الواجب على هذا أن يعيد الصلاة الآن؛ لأن صلاته لغير القبلة غير صحيحة, وهو ليس في محل اجتهاد حتى نقول ليجتهد, فعليه أن يعيد صلاته الآن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن نام عن صلاة أو نسيها (فيلصلها إذا ذكرها) وهذا لم يعلم الحكم إلا الآن فليصل الآن.

    حكم الصلاة والصيام لمن أسقطت الجنين في الشهر الثاني

    السؤال: امرأة أسقطت جنيناً وهي في الشهر الثاني من الحمل, ما حكم الصلاة والصيام في هذه الحالة؟

    الجواب: هذه المرأة تصوم وتصلي, ويأتيها زوجها, لأن هذا الدم ليس نفاساً ولا حيضاً, وإنما يسمى عند العلماء: دم فساد وذلك أن النفاس لا يثبت إلا بعد أن يتبين في الجنين خلق الإنسان, وأثناء الشهرين لا يمكن أن يتبين فيه خلق الإنسان.

    السائل: إلى كم شهر يتبين الخلق تقريباً؟

    الشيخ: غالباً يتبين في ثلاثة أشهر.

    توجيه في كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    السؤال: كما يعلم فضيلتكم ويعلم الجميع وجود بعض المنكرات الظاهرة خاصة في المدن الكبيرة وما فيها من الفتن, وقد أشكل على الكثير كيفية الإنكار، هل هي مقتصرة على رجال الهيئة, حيث أن أغلب الشباب هداهم الله من الملتزمين لا يقومون بواجب الإنكار بحجة أن هذا العمل يسقط عنهم لوجود رجال الهيئة, وبعضهم لا ينكر بحجة الخوف من الوقوع في الخطأ والمساءلة, لذلك يا شيخ! أصبحت المنكرات تزداد يوماً بعد يوم, فالله المستعان فما رأي فضيلتكم؟

    الجواب: رأيي: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية, إذا قام به من يكفي سقط عن الناس, وإذا لم يقم به من يكفي وجب على الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر, لكن لابد أن يكون بالحكمة والرفق واللين, لأن الله أرسل موسى وهارون إلى فرعون وقال: فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44].

    أما العنف سواء كان بأسلوب القول أو أسلوب الفعل فهذا ينافي الحكمة, وهو خلاف ما أمر الله به, ولكن أحياناً يعترض الإنسان شيء يقول: هذا منكر معروف, كحلق اللحية مثلاً, كل يعرف أنه حرام خصوصاً المواطنين في هذا البلد, ويقول: لو أنني جعلت كلما رأيت إنساناً حالقاً لحيته وما أكثرهم, وقفت أنهاه عن هذا الشيء فاتني مصالح كثيرة, ففي هذه الحال ربما نقول بسقوط النهي عنه؛ لأنه يفوت على نفسه مصالح كثيرة, لكن لو فرض أنه حصل لك اجتماع بهذا الرجل في دكان أو في مطعم أو في مقهى فحينئذٍ يحسن أن تخوفه بالله, وتقول: هذا أمر محرم، وأنت إذا أصررت على الصغيرة صارت في حقك كبيرة, وتقول الأمر المناسب, وأما الخوف من أن يكون عنيفاً في أمره ونهيه فهذا على الإنسان, يستطيع الإنسان أن يأمر برفق وأن ينهى برفق.

    السائل: بعض رجال الهيئة تخيفهم كثرة المنكرات.

    الجواب: رجال الهيئة ليسوا في كل مكان, ولهذا قلنا فرض كفاية, إذا قام به من يكفي سقط عن الناس, وإذا لم يقوموا به وجب على الناس وهذا غير تغيير المنكر؛ لأن هناك ثلاثة أمور: دعوة وأمر وتغيير.

    الدعوة واجبة على كل أحد, بأن يعرض الإسلام، ويحذر من الشرك والفسوق, والأمر أن تخص الإنسان: افعل كذا.. أو النهي: لا تفعل كذا.. مباشرة.

    والتغيير: أن تقوم أنت بنفسك بتغيير المنكر.

    ولهذا جاء الأمر بالدعوة إلى الله مطلقاً, قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ [النحل:125] وجاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقاً, وجاء بالأمر بالتغيير مقيداً فقال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه) وبعض الناس تلتبس عليهم هذه الأحوال, يظنون أن الأمر بالتغيير كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس كذلك, النبي صلى الله عليه وسلم فرق بينهما, بل فرق بين هذه الثلاث كلها, فإذا لم نجد مثلاً من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ وجب علينا أن نأمر نحن بالمعروف وننهى عن المنكر, لكن إذا سلطنا الأمر على شخص معين صار أمره معروفاً أو نهيه عن منكر, أما إذا قمنا مثلاً في هذا الجمع وصرنا نتكلم على المعصية التي تلبس بها هذا الرجل صار هذا من باب الدعوة إلى الله.

    نصيحة لمن أصيب بالسحر أو توهم بذلك

    السؤال: يلاحظ انتشار السحر بكثرة, ونسمع أحياناً ونعاين بعض الحالات المنتشرة بشكل عجيب، وهناك من يظهر عليه أنه مسحور، وحين يقرأ عليه الآيات التي فيها السحر -إن صح التعبير- مثل قصة موسى مع فرعون والسحرة, يحدث تفاعلات مباشرة مع هذه الآيات, ولكن بعض الأشخاص حقيقة ينفر من العلاج أحياناً ويتردد.. إلخ, ثم يصبح هناك غلبة للشيطان, فالنصيحة يا فضيلة الشيخ! خاصة لأمثال هؤلاء الأشخاص الذين أصيبوا وظهرت عليهم علامات مثل هذه, عل الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيها الفائدة, بارك الله فيك؟

    الجواب: النصيحة للعموم, إنني أقول: الوهم له أثر كبير في اعتلال الصحة واعتلال العقل أيضاً, وكثير من الناس يتوهم أنه مسحور، أو أنه مصاب بالعين، وليس كذلك, لكن لما كثر التوهم والتخيل انفعل في النفس وظن أنه على حق وأنه مسحور أو مصاب بالعين.

    فأولاً: أنصح إخواني المسلمين ألا يخضعوا لهذه الأوهام, لأن هذه الأوهام من إملاء الشيطان, والإنسان إذا غفل وتلهى عنها زالت بإذن الله مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, لكن إذا وقع الأمر حقيقة وصار الإنسان معتل الصحة، أو معتل التفكير فإنه ينقض السحر بالآيات الكريمة مثل: المعوذتين الفلق والناس, وآية الكرسي, وما ذكره الله تعالى عن موسى: مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ [يونس:81] وما أشبه ذلك, أو بأدوية إذا كان السحر بأدوية فهو يقابل بأدوية أخرى معروفة عند الذين يعالجون الناس.

    حكم العصبية القبلية وحكم إجبار الوالد ولده على الطلاق

    السؤال: فضيلة الشيخ! تعلم ما يحدث في المجتمع من قضية العصبية (هذا قبيلي, وهذا غير قبيلي) رجل تزوج من غير قبيلته فغضب عليه أبوه, وقال: طلقها وإلا تنقطع الصلة بيني وبينك, فما رأيك؟

    الجواب: أولاً: أنصح المسلمين في مثل هذه الأمور, لأن الله تعالى أذهب عنا برسالة النبي صلى الله عليه وسلم تربية الجاهلية, ونهانا عن التعصب, ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبغي أحد على أحد, والناس كلهم لآدم وآدم من تراب, ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى, قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] لكن لا شك أن الأنساب تختلف منها ما هو عال، ومنها ما دون ذلك, ومنها من لم يعرف له نسب في العرب, وهذا ما يسمى عند الناس بالنبطي أو بالخضيري أو ما أشبه ذلك, وكل هذه ذهبت بالإسلام, قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] ولهذا جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه -ولم يذكر النسب- إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

    فإذا كانت هذه المرأة قد أعجبت الرجل -وهذا هو الجواب المباشر لسؤالك- في دينها وخلقها فليستمسك بها, حتى وإن أمره أبوه بطلاقها فلا يسمع له ولا يطيعه, ولا يعتبر معصيته في ذلك عقوقاً, بل إن الوالد هو الذي قطع الرحم, إذا قال: إن أبقيتها فإني أقطع صلتي بك فهو القاطع للرحم، وقد قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] ولا شك أن محاولة التفريق بين المرء وزوجه من الإفساد في الأرض, ولهذا جعل الله ذلك من عمل السحرة, قال: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102] والسحرة مفسدون, كما قال موسى عليه الصلاة والسلام: مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:81] فجعل السحرة من المفسدين.

    ومن أعظم سحرهم التفريق بين الرجل وأهله, فهذا الأب الذي يحاول أن يفرق بين ابنه وزوجته, يكون فعله من جنس فعل السحرة, وهو من الفساد في الأرض, فيكون هذا الأب الذي يأمر ابنه بطلاق الزوجة وإلا قاطعه, يكون ممن قطع الرحم وأفسد في الأرض, فيدخل في الآية: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23].

    وأنا الآن أوجه نصيحتي إلى الابن وأقول: الزم زوجتك ما دامت قد أعجبتك في دينها وخلقها, ونصيحة أخرى إلى الأب وأقول: اتق الله في نفسك, ولا تفرق بين ابنك وأهله, فتقع في الإفساد في الأرض، وكذلك في قطع الرحم, والابن نقول له: امضِ فيما أنت عليه, وسواء رضي أبوك أم لم يرضَ, وسواء قاطعك أم وصلك, ولكن إذا قُدِّر أنه نفذ وقاطع, فأنت اذهب إليه وحاول أن تصله فإذا أبى فالإثم عليه وحده.

    قد يقول بعض الناس: إن عمر رضي الله عنه أمر ابنه أن يطلق زوجته فطلقها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم, وأنا آمر ولدي فليطلق زوجته, نقول: إن هذه المسألة سئل عنها الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: فجاءه رجل يقول: إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي؟ فقال له: ولو أمرك لا تطلقها, وأظن الإمام أحمد سأله: هل هو راغب فيها أم لا؟ فلما أخبره بأنه راغب قال: لا تطلقها, قال: أليس عمر قد أمر ابنه أن يطلق زوجته فطلقها؟ قال: وهل أبوك عمر ؟ عمر ما أمر ابنه أن يطلق امرأته بمجرد هوىً أو عصبية, لكن لأمر رأى أنه من المصلحة.

    وخلاصة القول: أن للولد أن يبقي زوجته ما دامت قد أعجبته ديناً وخلقاً سواء رضيت أمه أو أبوه أو لم يرضيا.

    أهمية التوحيد عند كل الرسل

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما رأيكم في هذه العبارة: (إن مفتاح دعوة الرسل وزبدة رسالتهم هي معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله)؟

    الجواب: هذا عبر به بعض العلماء, وذكرها شيخ الإسلام في الفتوى الحموية أنها زبدة الرسالة الإلهية, لكن معرفتها تستلزم الشهادة له بأنه لا إله إلا هو, لأن كل من عرف الله بأسمائه وصفاته لزم من ذلك أن يوحده.

    الخطوات النافعة لطالب العلم

    السؤال: فضيلة الشيخ! بالنسبة لطالب العلم ما هي الخطوات التي تجب على طالب العلم حتى يكون عالماً أصولياً قائماً على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح رضي الله عنهم؟

    الجواب: أول مرتبة هي: حفظ كتاب الله عز وجل، القرآن الكريم يحفظه تلاوة، ويتدبره معنىً، ويعمل به حكماً, هذا أول شيء, ثم بعد ذلك ما صح من السنة النبوية مثل الكتب المختصرة: كـعمدة الأحكام وبلوغ المرام , ثم ما كتبه العلماء في العقائد والتوحيد, ويبدأ بالمختصرات أولاً, ثم ما كتبه العلماء في الفقه وكذلك يبدأ بالمختصرات, بالإضافة إلى علوم الآلة وهي: علوم العربية من نحو، وصرف، وبلاغة بقدر المستطاع, ولكن الشيء الذي أنصح به طالب العلم ألا يحمّل نفسه ما لا تتحمل, بحيث يقرأ في اليوم الواحد عدة كتب؛ لأن هذا يوجب أن ينسي بعضها بعضاً, وألا يحمل من العلم إلا نُتفاً فقط كالعامي.

    وأهم شيء في طلب العلم أن يعتني الإنسان بالأصول والقواعد؛ لأن الأصول والقواعد عبارة عن ضوابط، أو قواعد تجمع مسائل كثيرة, ويحيل الإنسان كل مسألة تأتي عليه إلى هذه القاعدة أو الضابط وينتفع انتفاعاً كبيراً.

    وعلى كل حال لابد للطالب أن يطلب العلم على يد عالم, والعالم يوجهه بما يرى أنه مناسب لحاله.

    النهي عن رفع الصوت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: هل يشمل عدم رفع الصوت عند النبي صلى الله عليه وسلم عدم رفعه عنده بعد موته, أي: عند قبره؟

    الجواب: رفع الصوت عند قبر الرسول عليه الصلاة والسلام يدخل في قوله تعالى: وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ [الحجرات:2] وإن كنا لا نخاطبه لكن لا يليق أن ترتفع الأصوات عند قبره, ولهذا لما سمع عمر رضي الله عنه رجلين من الطائف يرفعان أصواتهما عند قبر النبي عليه الصلاة والسلام, سألهما وقال: [أتعلمان أين أنتما؟ ثم قال: من أي بلد أنتما؟ قالا: من الطائف, قال: لو كنتما من هذا البلد لفعلت كذا وكذا] فدل هذا على أن من تمام الأدب ألا يرفع الإنسان صوته عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم, وأما ما يفعله بعض الغلاة تجده يقف أمام القبر والقبلة خلفه على ذراعه اليسرى وخشع أكثر من خشوعه في الصلاة فهذا منكر, والرسول صلى الله عليه وسلم لا يحب هذا ولا يرضى به, لأننا نشاهد أناساً يقفون عند القبر على هذه الصفة، ومع ذلك لا يمكن أن يتزحزح، حتى لو أردت أن تزحزحه لتمر من عنده أبى أن يتحرك, وهذا لا شك أنه منكر عظيم, والله أعلم بما في قلبه, ربما يكون هذا الوقوف تعبداً للرسول عليه الصلاة والسلام فيكون مشركاً من حيث لا يشعر.

    حكم الاجتماع في المسجد للذكر

    السؤال: سمعت لكم يا شيخ! في برنامج نور على الدرب, وكان السؤال: ما الحكم في قوم يجتمعون في المسجد على الذكر؟ فتفضلتم بالجواب، وقبل الجواب ذكرت أن فيه تفصيلاً, فحبذا لو ذكرتم هذا التفصيل .......؟

    الجواب: الاجتماع على الذكر فيه تفصيل: إن اجتمعوا على قراءة ودرس سواء كان في التفسير، أو الحديث، أو الفقه، أو غيره؛ فهذا لا بأس به, وهذا هو من عادة الرسول عليه الصلاة والسلام، وعادة الأمة إلى يومنا هذا, وإن اجتمعوا أيضاً على القرآن بحيث يتلو بعضهم على بعض القرآن لحفظه، فهذا أيضاً لا بأس به, سواء كان كل شخص يقرأ لوحده، أو كان واحد يقرأ والجماعة يتبعونه, لكن للتعليم لا للتعبد, وأما إذا كان للتعبد بمعنى أنهم يجتمعون ويرفعون الأصوات بالذكر جميعاً، أو بالقرآن جميعاً تعبداً لا تعلماً فهذا من البدع.

    حكم من قتل ابنه خطأً

    السؤال: رجل كبير في السن قام بدهس ابنه بغير عمد, ما هو الحكم عليه علماً أنه مريض بمرض السكر؟

    الشيخ: لكنه خطأ؟

    السائل: نعم.

    الجواب: إذا قتل الإنسان ابنه خطأً فهو كغيره من الناس, بمعنى: أنه يلزمه أن يكفر بإعتاق رقبة, فإن لم يجد فبصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فلا شيء عليه, أما الدية فهي للورثة الذين هم سوى الأب, فمثلاً: إذا كان له إخوان وأم، وليس له أبناء صارت الدية لأمه وإخوانه.

    السائل: هل يلزم الأب بدفع الدية؟

    الشيخ: نعم يلزم الأب بدفعها إلا إذا سمح الورثة, لأنها حق للورثة، وإذا سمحوا فلا بأس.

    السائل: ليس عليه كفارة من إطعام يا شيخ؟!

    الشيخ: كفارة القتل ليس فيها إطعام إنما فيها إعتاق أو صيام.

    تعدي الأخوة بالرضاعة إلى أبناء الأم من زوج آخر

    السؤال: هناك امرأة تزوجت رجلاً وأنجبت منه أبناء, وأرضعت بنتاً من غير بناتها, وتوفي الزوج, وتزوجت من رجل آخر وأنجبت أبناء من الزوج الثاني, هل البنت المرضعة الأولى تكون أختاً للإخوة من الزوج الثاني؟

    الجواب: نعم, ويكونون إخوة من الأم, لأن أمهم واحدة, ونحن نضيف على هذا الجواب: لو كان هذا الزوج له زوجة أخرى فهل تكون البنت التي رضعت من الزوجة أختاً لأولاد الزوجة الأخرى؟ هذا رجل له زوجتان: واحدة زينب والثانية فاطمة, فأرضعت زينب بنتاً فهل تكون هذه البنت أختاً لأولاد فاطمة؟ يكونون إخوة من الأب, والمسألة التي سألت عنها يكونون إخوة من الأم, وأولاد المرضعة من زوجها يكونون إخوة للراضع منها من الأم والأب, فالرضاع كالنسب تماماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وعلى هذا فقد يكون الإخوة إخوة من الأب فقط، وقد يكونون إخوة من الأم فقط, وقد يكونون إخوة من الأم والأب.

    حكم الصيام والقيام الجماعي

    السؤال: ما حكم الصيام والقيام الجماعي؟

    الجواب: أما القيام أحياناً جماعة فلا بأس؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام معه بعض الصحابة أحياناً, كـحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس, وأما الصيام جماعة فلا أصل له, لكن لو اتفق أن صاموا هذا اليوم وقالوا نفطر عند واحد منا فلا بأس, وإذا اتفقوا على أنهم سيصومون غداً، أو سيصومون كل اثنين، أو كل خميس فهذا لا أصل له.

    عدم جواز تعليق عين الذئب لدفع الجن

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم تعليق عين الذئب على شكل تميمة خوفاً من الجن ويقولون: أنها تطرد الجن, وهل يعذر بالجهل؟

    الجواب: هذا لا يجوز؛ لأن هذا ليس سبباً شرعياً ولا طبيعياً, فهو من التمائم التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها شرك, ثم من قال: إن الجن يهربون من الذئب؟! نسمع هذا كثيراً لكن لا ندري هل هذا حقيقة أو لا, ولهذا بعض الناس يجعل عنده شيئاً من جلد الذئب ويعلقه في بيته ويدعي أن الجن لا تدخل البيت إذا كان ذلك فيها, ولكن هذا خطأ, الذي يمنعك من الجن حقيقة هو قراءة آية الكرسي, (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح).

    السائل: نفس السؤال يا شيخ! من قال: إنه كفر مخرج من الملة ولا يعذر بالجهل؟

    الشيخ: لا. هذا غير صحيح, هو لا يخرج من الملة, بناءً على ما اشتهر ظن أن هذا سبب فيقال: هذا ليس بسبب شرعي وتعليقه من الشرك؛ لكنه من الشرك الأصغر.

    السائل: يعذر بالجهل يا شيخ؟!

    الشيخ: نعم, لا شك أنه يعذر بالجهل, كل إنسان معذور بالجهل رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت.

    الأحكام المترتبة على من سب الله ورسوله والدين

    السؤال: لقد ذكرت في معرض حديثكم في تفسير أول سورة الحجرات, أن ساب الرسول صلى الله عليه وسلم يقتل حتى ولو تاب, فما وجه قتله؟ وما رأيك فيمن يسب الله سبحانه وتعالى، أو يسب الدين عندما ينكر عليه أحد، أو عندما يغضب يقول: ألعن دينك أو ألعن ربك؟

    الجواب: أما وجه قتله -أعني ساب الرسول صلى الله عليه وسلم- فلأن هذا حق للرسول عليه الصلاة والسلام, ولابد أن نثأر لرسولنا صلى الله عليه وسلم ونقتله, وإذا كان قد تاب فهو كسائر المسلمين يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين, وأما من سب الله وتاب من سبه توبة نصوحاً نعرف أنه صادق, فهذا يرتفع عنه القتل؛ لأن القتل حق لله، وقد أخبر الله تعالى بأنه يغفر الذنوب جميعاً قال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] وكذلك من سب الدين فإنه كالذي يسب الله, إذا تاب توبة نصوحاً حقيقة رفعنا عنه القتل.

    حكم الدعاء عند الفراغ من قراءة الدرس

    السؤال: يوجد عندنا في المسجد قوم إذا جلسوا بعد أن تنتهي صلاة الفجر يقرءون رياض الصالحين, وبعد أن ينتهوا يرفعون أيديهم، ويدعو -هذا الذي يحدثهم- ويؤمنون خلفه, فهل هذا الدعاء جائز؟

    الجواب: نعم! هذا الدعاء جائز لأن أصل الجلسة ليست للدعاء أو الذكر, أصل الجلسة لقراءة علم, لكن لا ينبغي أن يتخذ هذا سنة راتبة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان كلما وعظ أصحابه أو حدثهم يقوم فيدعو.

    السائل: هم مستمرون في ذلك يا شيخ!

    الشيخ: يقال لهم: لا تستمروا, أحياناً.

    نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756189015