إسلام ويب

أين العيون الدامعة ؟للشيخ : أيمن الجروي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر الشيخ ما ابتلينا به من جراء الذنوب والمعاصي، وقسوة القلب، وجمود العين، مرغباً في البكاء، ومبيناً أنه صفة الأنبياء والصالحين، ثم تكلم عن ثمراته العظيمة، وفوائده الجليلة في الدنيا والآخرة.

    1.   

    الترغيب في البكاء

    الحمد لله، الحمد لله الذي خضعت جميع الكائنات لربوبيته، وانسلكت جميع المخلوقات في سلك عبوديته، وانصاعت الأرض والسماوات لأمره ومشيئته، أحمده حمداً يليق بجلاله وعظمته، ولا يبلغ شكر جوده وفضله وعطيته، فسبحان الذي سبح من في السماوات والأرض من هيبته، وسبَّح الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ [الرعد:13]، وسبحان من خشعت القلوب لسطوته، وذرفت العيون دموعاً من خشيته.

    وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة صدقٍ على وحدانيته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى عبادته، رغب الأمة في طاعته ونيل كرامته، وحذرها من مغبة معصيته ومن عقوبته، صلى الله وسلم عليه صلاةً وسلاماً يليقان بحفاوته، وعلى آله وصحبه المقتدين بهديه والمتبعين لسنته.

    أما بعد:

    أيها المسلمون! إن من أعظم العقوبات التي ابتلينا بها من جراء الذنوب والمعاصي قسوة القلب وجمود العين، قست القلوب حتى صارت كالحجارة، وجمدت العيون حتى غدت كالصخر، فلم تعد القلوب تلين لموعظة ولا لسماع ذكر، ولم تعد العيون تدمع لنزول الموت أو لرؤية قبر، وأصبحنا نخشى على أنفسنا أن نكون ممن قال الله فيهم: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة:74].

    فهلمُّوا عباد الله إلى القلوب نُلِيْن قسوتها، ونعالج جمود العين ونستمطر دمعتها، فإن مداواة جمود العين سبيل إلى علاج قسوة القلب، فمتى ذرفت العيون دموعها لانت القلوب وخشعت، ألم تسمعوا إلى قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [الإسراء:107-109]؟!

    فبكاء العيون سببٌ في خشوع القلوب، ولذا ورد الترغيب في البكاء في الكتاب والسنة وفي أقوال سلف الأمة.

    روى الإمام الترمذي في سننه ، وحسن الحديثَ الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع ، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله تعالى، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصَّعُدات تجأرون إلى الله تعالى).

    قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: [ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، فوالذي نفسي بيده لو يعلم العلمَ أحدُكم لصرخ حتى ينقطع صوته، وصلى حتى ينكسر صلبه].

    وقال ابن عباس رضي الله عنهما: [إذا قرأتم سجدة سبحان -أي سجدة سورة الإسراء- فلا تعجلوا بالسجود حتى تبكوا، فإن لم تبكِ عينُ أحدِكم فليبكِ قلبُه].

    البكاء من خشية الله صفة الأنبياء والصالحين

    عباد الله! لِعِظَم شأن البكاء اتصف به أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، واتصف به كذلك عباد الله الصالحون، قال تعالى في سورة مريم: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً [مريم:58].

    وقال تعالى في وصف من آمن من أهل الكتاب: وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [المائدة:83].

    قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أر اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً صفراً غبراً، بين أعينهم أمثال ركب المِعْزى، قد باتوا سجداً وقياماً، يتلون كتاب ربهم، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا ذكروا الله فمادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهَمَلت أعينهم بالدموع حتى تبل ثيابهم، والله فكأني بالقوم باتوا غافلين].

    عباد الله! أكثر السلف رضي الله عنهم من البكاء حتى ظهر ذلك على وجوههم! فكان لـعمر بن الخطاب رضي الله عنه في وجهه خطان أسودان من كثرة البكاء، وكان ابن عباس رضي الله عنهما تحت عينيه مثل الشراك البالي من كثرة الدموع، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يبكي حتى يأخذ بكفيه من دموعه فيرمي بها، وأكثر بعضُهم من البكاء حتى نُسِب إليه، كـيحيى البكاء رحمه الله.

    وكان أحدهم يبكي حتى تكاد أن تذهب عينه، كما رُوِي عن ثابت البُناني رحمه الله أنه بكى حتى كادت أن تذهب عينه، فجاءوا بطبيبٍ يعالجها، فقال له الطبيب: أعالجها على أن تطيعني؟ قال: وأي شيءٍ تريد؟ قال: على ألا تبكي. قال: فما خيرهما إن لم تبكيا، وأبى أن يعالجهما.

    وكان الفضيل بن عياض رحمه الله قد أَلِفَ البكاء فربما بكى في نومه فيسمعه أهل الدار.

    1.   

    ثمرات البكاء

    عباد الله! اعلموا أن للبكاء ثمرات عظيمة وفوائد جليلة في الدنيا والآخرة، نذكرها حثاً للنفوس على البكاء، وترغيباً لها في بذل الدموع:

    النجاة من النار

    فمن فوائد البكاء: النجاة من النار :-

    روى الترمذي في سننه، وصحح الحديثَ الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبارٌ في سبيل الله ودخان جهنم في منخري مسلم أبداً).

    وكان محمد بن المنكدر رحمه الله إذا بكى مسح وجهه ولحيته بدموعه وقال: بلغني أن النار لا تأكل موضعاً مسته الدموع.

    وكان عون بن عبد الله إذا حضر مجلس أبي حازم الأعرج يبكي ويمسح وجهه بدموعه، فقيل له: لِمَ تمسح وجهك بدموعك؟ قال: بلغني أنه لا تصيب دموعُ الإنسان مكاناً من جسده إلا حرَّم الله ذلك المكان على النار.

    الاستظلال يوم الموقف

    من فوائد البكاء: الاستظلال يوم الموقف :-

    روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذَكَرَ منهم: ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).

    زيادة الخشوع في القلب

    النجاة من فتن الدنيا

    النجاة من قتر الوجه والذلة يوم القيامة

    من فوائد البكاء: ما ذكره أبو سليمان الداراني رحمه الله قال: ما ترقرقت عينٌ بمائها إلا لم يُرْهِق وجهَ صاحبِها قترٌ ولا ذلةٌ يوم القيامة.

    حب الله سبحانه وتعالى

    من فوائد البكاء: أنه محببٌ إلى الله تعالى :-

    وإذا أحب الله صفة أحب المتصف بها ولا شك؛ روى الترمذي بسندٍ حسنٍ عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس شيءٌ أحب إلى الله تعالى من قطرتين وأثرين: قطرة دموعٍ من خشية الله، وقطرة دمٍ تهراق في سبيل الله. وأما الأثران: فأثر في سبيل الله، وأثر في فريضة من فرائض الله).

    1.   

    أين العيون الدامعة من خشية الله؟

    عباد الله! حُقَّ لنا بعد الذي سمعناه أن نتساءل: أين العيون الدامعة التي تقطر لله سبحانه وتعالى مهما تنوعت الأسباب؟! فإن أسباب البكاء كثيرة، والمهم أن تكون الأسباب كلها متعلقة بالله تعالى.

    فهيا نتساءل معاً ونحن نذكر أحوال السلف رضي الله عنهم ترغيباً في امتثال أفعالهم، وحثاً على الاقتداء والتشبه بهم، فإن (مَن تشبه بقومٍ فهو منهم).

    هيا بنا نتساءل ونقول:

    أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة التي تبكي من خشية الله تعالى؟!

    روى الإمام الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه، وصحح الحديثَ الشيخ الألباني في صحيح الجامع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عينان لا تريان النار: عينٌ بكت وجلاً من خشية الله، وعينٌ باتت تكلأ في سبيل الله).

    قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: [لَأَنْ أدمع من خشية الله عز وجل أحب إليَّ من أن أتصدق بألف دينار].

    وقال كعب الأحبار رحمه الله: [لَأَنْ أبكي من خشية الله، فتسيل دموعي على وجنتي أحب إليَّ من أن أتصدق بوزني ذهباً].

    1.   

    أين العيون الدامعة عند ذكر الموت؟

    أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة عند ذكر الموت؟!

    كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يجمع كل ليلة الفقهاء، فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة، ثم يبكون كأن بين أيديهم جنازة.

    بل أين العيون الدامعة إذا نزل بها الموت؟!

    عجيب أن يذكر الإنسان الموت ولا يبكي! ولكن الأعجب أن ينزل به الموت ولا يبكي على نفسه!

    لما حضرت أبا هريرة رضي الله عنه الوفاةُ بكى، فقالوا: [ما يبكيك؟! قال: بُعْدُ السفر، وقلة الزاد، وضعف اليقين، وخوف الوقوع من الصراط في النار].

    ولما حضرت الوفاة إبراهيم النخعي بكى، فقيل له: ما يبكيك؟! قال: أنتظر رسولاً من ربِّي يبشرني بالجنة، أو بالنار.

    ولما حضرت الوفاةُ محمد بن المنكدر بكى، فقيل له: ما يبكيك يرحمك الله؟! قال: والله ما أبكي لذنبٍ أعلم أني أتيته؛ ولكن أخاف أني أتيت شيئاً حسبته هيناً وهو عند الله عظيم.

    ولما احتضر هارون الرشيد رحمه الله أمر بحفر قبره، ثم حُمِل إليه، فاطَّلع فيه فبكى حتى رُحِمَ، ثم قال: يا مَن لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه.

    فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعدٍ ما أصدقه! ومن حاكمٍ ما أعدله! فكفى بالموت مقرحاً للقلوب، ومبكياً للعيون، ومفرقاً للجماعات، وهادماً للذات، وقاطعاً للأمنيات!

    1.   

    أين العيون الدامعة عند قراءة القرآن؟

    أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة عند قراءة القرآن؟!

    لقد عاب الله عز وجل على قومٍ يسمعون القرآن فيضحكون ولا يبكون، ويختالون ولا يخشعون، فقال تعالى: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ [النجم:59-60].

    وفي المقابل امتدح الله عز وجل قوماً فاضت أعينهم بالدمع عند سماع القرآن، وصاروا بعد الكفر من أهل الإيمان، قال تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [المائدة:83].

    كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرئ عليه القرآن بكى قلبه، ودمعت عينه كما روى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرأ عليَّ القرآن! فقلت: يا رسول الله! أقرأ عليك وعليك أنزل؟! فقال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأتُ عليه سورة النساء حتى بلغت إلى قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً [النساء:41]، قال: حسبك. فالتفت فإذا عيناه تذرفان) بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الصديق أبو بكر رضي الله عنه ما كان يقرأ القرآن إلا بكى، كما تصفه عائشة رضي الله عنها في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعُه -أي: في مرضه الذي توفي فيه- قيل له في الصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت عائشة رضي الله عنها: إن أبا بكر رجلٌ رقيق إذا قرأ القرآن غلبه البكاء).

    وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ سورة الطور حتى بلغ: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ [الطور:7-8] بكى واشتد بكاؤه، حتى مرض وعادوه لا يعرفون ما به.

    وعن نافع قال: [كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء].

    عباد الله! هذا كتاب الله يُتْلى بين أيديكم، ويُسْمع، وهو القرآن الذي لو أنزل على جبلٍ لرأيته خاشعاً يتصدع، ومع هذا فلا أذن تسمع، ولا قلبٌ يخشع، ولا عينٌ تدمع، ولا امتثالٌ للقرآن فيرجى به أن يَشْفَع، قلوبٌ خلت من التقوى فهي خرابٌ بلقع، وتراكمت عليها ظلمة الذنوب فهي لا تبصر ولا تسمع، أين نحن من قومٍ إذا ما سمعوا داعي الله أجابوا الدعوة! وإذا تليت عليهم آياته وَجِلَتْ قلوبُهم وَجَلَتْها جَلَوْة؟!

    1.   

    أين العيون الدامعة إذا قامت تصلي بين يدي الله؟

    أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة إذا قامت تصلي بين يدي الله تعالى؟!

    روى أبو داود في سننه بسند صحيح، والترمذي في الشمائل المحمدية ، عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء)، لجوفه غليان كغليان القدر على النار من شدة بكائه صلى الله عليه وسلم.

    وعن عبيد بن عمير قال: [صلى بنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاة الفجر، فافتتح سورة يوسف، فقرأها حتى إذا بلغ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ [يوسف:84] بكى حتى انقطع صوته فركع].

    وعن عاصم قال: سمعت شقيق بن سلمة يقول وهو ساجد: ربِّ اغفر لي، ربِّ اعفُ عني، إن تعفُ عني تعفُ عني تطَوُّلاً منك وفضلاً، وإن تعذبني تعذبني غير ظالمٍ لي، ثم بكى حتى سُمِع نحيبه من وراء المسجد.

    وقال محمد بن واسع رحمه الله: لقد أدركتُ رجالاً كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة، قد بَلَّ ما تحت خده من دموعه لا تشعر به امرأته، ولقد أدركتُ رجالاً يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خده، ولا يشعر به الذي إلى جنبه.

    فلله در هؤلاء القمم!

    يحيون ليلهم بطاعة ربهم     بتلاوةٍ وتضرعٍ وسؤالِ

    وعيونهم تجري بفيض دموعهمْ     مثل انهمالِ الوابل الهطَّالِ

    في الليل رهبان وعند جهادهمْ     لعدوهم من أشجع الأبطالِ

    بوجوههم أثر السجود لربهمْ     وبها أشعة نوره المتلالي

    1.   

    أين العيون الدامعة على ما يفوت من طاعة؟

    أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة على ما يفوتها من طاعة الله عز وجل؟!

    كان السلف رضي الله عنهم يبكي الواحد منهم عند موته فيُسأل عن سبب بكائه فيقول: أبكي على يومٍ ما صمتُه، وليلةٍ ما قمتُها.

    لما حضرت الوفاة معاذ بن جبل رضي الله عنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟! قال: [أبكي على ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر].

    وبكى أبو الشعثاء رحمه الله عند موته، فقيل له: ما يبكيك؟! قال: لن أشتفي من قيام الليل.

    ولما حضرت عامر بن قيس الوفاةُ بكى وقال: إني لم أبك جزعاً من الموت، ولا حرصاً على الدنيا؛ ولكني أبكي على عدم قضاء وطري من طاعة ربي، وقيام الليل في أيام الشتاء، فذلك الذي أبكاني.

    وبكى يزيد الرَّقَّاشي عند موته، فقيل له: ما يبكيك؟! قال: أبكي على ما يفوتني من قيام الليل، وصيام النهار، ثم جعل يقول: يا يزيد ! مَن يصلي لك بعدَك؟! ومَن يصوم عنك بعدَك؟! ومن يتقرب إلى الله عز وجل بالأعمال بعدَك؟! ويحكم يا إخواني لا تغتروا بشبابكم، فكأنْ قد حل بكم مثلما قد حل بي.

    وبكى بعض السلف عندما احتضر وقال: ما تأسفي على دار الهموم، والأكدار، والأحزان، والخطايا، والذنوب، وإنما تأسفي على ليلة نمتُها، ويومٍ أفطرته، وساعة غفلتُ فيها عن ذكر الله.

    1.   

    أين العيون الدامعة لما أصاب المسلمين؟

    أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة على مصائب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!

    فما من بقعة على ظهر الأرض إلا وتحكي قصصاً من مصائب المسلمين على أيدي أعداء الله، قَتْلٌ، وتعذيبٌ، نفيٌ، وتشريد، وانتهاكٌ للأعراض، واستباحة للحرمات، واعتداء على المقدسات، إذا أدرت عينيك في المشارق والمغارب مِن خلال وسائل الإعلام المقروءة والمرئية عادت إليك لتخبرك عما رأت مما حل بالمسلمين؛ أبٌ يُذْبَح، وأمٌّ تُبْقَر، وأخت تُغْتَصب، وطفلٌ ييتم، والناجون منهم حالهم أسوأ من الهالكين، وهم ما بين طفلٍ قد فقد أمه، ووحيدٍ قد فقد أهله، وآخر فقد عقله، ذاك ضاع أولاده، وذا فُقِد ماله، وهذا تُهُدِّم بيته.

    فأين (مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم)؟!

    أين (مَثَل الجسد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

    كان الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله إذا رأته أمه باكياً حزيناً قالت له: ما لك؟! هل قتل مسلمٌ بـالصين ؟!

    لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ     إن كان في القلب إيمانٌ وإسلامُ

    تبصر العين ولا تبكي، ولا تزيد الألسن عن أن تشكي، وجراح المسلمين تخبر عنهم وتحكي.

    أحلَّ الكفرُ بالإسلام ضيما     يطول عليه للدين النحيبُ

    فحقٌ ضائعٌ وحمى مباحٌ     وسيفٌ قاطعٌ ودمٌ صبيبُ

    وكم من مسلمٍ أمسى سليباً     ومسلمة لها حَرَم سليبُ

    وكم من مسجدٍ جعلوه ديراً     على محرابه نُصِب الصليبُ

    أمورٌ لو تأملهن طفلٌ     لَطَفَّل في عوارضه المشيبُ

    أتسبى المسلمات بكل ثغرٍ     وعيشُ المسلمين إذاً يطيبُ

    أما لله والإسلام حقٌ     يدافع عنه شبانٌ وشيبُ

    فقل لذوي البصائر حيث كانوا     أجيبوا الله ويحكمُ أجيبوا

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

    أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    أين العيون الدامعة عند سماع المواعظ؟

    الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلاماً على رسوله الذي اصطفى، وعلى آله وصحبه ومن لأثره اقتفى.

    أما بعد:

    أيها الأحباب الكرام! أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة عند سماع المواعظ؟!

    كم من موعظةٍ سمعناها! وكم من خطبة حضرناها فما اتعظنا بفحواها! ولا عملنا بمحتواها!

    الآذان صاغية؛ لكن القلوب خاوية، والجوارح لاهية، فكيف ينتفع من هذا وصفه بالوعظ؟! فكأنّه طُبِع على قلبه فهو غليظٌ فظ، وليس له من قبول الوعظ نصيبٌ ولا حظ.

    أين نحن من قومٍ إذا سمعوا الموعظة رقت قلوبهم، ودمعت عيونهم، وكثرت طاعاتهم، وقلت معصيتهم؟!

    فاسمعوا إن كان للكلام صدىً، واتعظوا بمن قد مضى، فلربما انجلى عن القلوب الصدى، كان الصحابة رضي الله عنهم إذا سمـعوا من النبي صلى الله عليه وسلم الموعظة بكَوا، كما روى العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وَجِلَت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودِّعٍ فأوصنا؟ قال: أوصيكم بالسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبدٌ حبشي، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) والحديث رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي في سننهما وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع .

    كان السلف رحمهم الله يبكون عند الموعظة، بل ويطلبونها!

    هذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله يدخل عليه يزيد الرَّقَّاشي فيقول له: عظني يا يزيد! فقال: اعلم يا أمير المؤمنين أنك أول خليفة تموت -لأنه ليس من خليفة في ذلك الوقت إلا عمر -. فبكى عمر ، ثم قال: زدني يا يزيد ؟ فقال: يا أمير المؤمنين! ليس بينك وبين آدم إلا أبٌ ميت. فبكى عمر ، وقال: زدني يا يزيد ؟ قال: يا أمير المؤمنين! ليس بين الجنة والنار منزلة، فسقط عمر مغشياً عليه رحمه الله.

    وروى سعيد بن سليمان قال: كنت بـمكة وإلى جنبي عبد الله بن عبد العزيز العمري مِن ولد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد حج هارون الرشيد ، فقال له رجلٌ: يا أبا عبد الرحمن! هاهو ذا أمير المؤمنين يسعى قد أُخْلِي له المسعى. فقال العمري للرجل: لا جزاك الله عني خيراً، كلفتني أمراً كنتُ عنه غنياً، ثم علَّق نعليه وقام.

    يقول سعيد : فتبعته، وأقبل هارون الرشيد من المروة يريد الصفا فصاح به: يا هارون ! فلما نظر إليه قال: لبيك يا عم. قال: ارْقَ الصفا. فلما رقيه قال: ارمِ بطرفك إلى البيت. قال: قد فعلتُ. قال: كم هم؟ قال: ومَن يحصيهم؟! قال: فكم في الناس مثلهم؟ قال: خلقٌ لا يحصيهم إلا الله. قال: اعلم أيها الرجل أن كل واحدٍ منهم يُسأل عن نفسه خاصة، وأنت تسأل عنهم كلهم، انظر كيف تكون! قال: فبكى هارون ، وجلس، وجعلوا يعطونه منديلاً منديلاً للدموع. ثم قال العمري : وأخرى أقولها. قال: قل يا عم. قال: والله إن الرجل ليسرف في ماله فيستحق الحجر عليه، فكيف بمن يسرف في مال المسلمين؟ ثم مضى وهارون يبكي.

    الله أكبر أيها المسلمون! أرأيتم كيف تصنع الموعظة الصادقة بالقلوب، فتشرق فيها شمس التقى بعد أن مالت للغروب؟! فأنَّى لنا بواعظ نمحو على يديه بدمع العين أثر الذنوب؟! بل أنَّى لنا بمن يقبل الوعظ فيستغفر الله من ذنوبه وإليه يتوب؟!

    1.   

    أين العيون الدامعة عند رؤية المقابر واتباع الجنائز؟

    أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة عند رؤية المقابر واتباع الجنائز؟!

    قال ثابت البُناني رحمه الله: كنا نشهد الجنائز فلا نرى إلا متقنعاً باكياً.

    وعن إبراهيم بن الأشعث قال: كنا إذا خرجنا مع الفضيل بن عياض في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكي حتى لكأنه يودع أصحابه، ذاهباً إلى الآخرة، حتى يبلغ المقابر فيجلس، فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها.

    وكان عمرو بن عتبة رحمه الله يخرج على فرسه ليلاً إلى المقبرة فيقف على القبور فيقول: يا أهل القبور! قد طُوِيَت الصحف، ورُفِعَت الأعمال، ثم يبكي، ويصفُّ قدميه؛ يصلي حتى يصبح، فيرجع فيشهد صلاة الصبح مع الناس.

    قال ميمون بن مهران : خرجت مع عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى المقبرة، فلما نظر إلى القبور بكى، ثم أقبل عليَّ فقال: يا ميمون ، هذه قبور آبائي بني أمية، كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذاتهم وعيشهم، أما تراهم صرعى قد حلت بهم المَثُلات، واستحكم فيهم البِلَى، وأصابت الهوام مقيلاً في أبدانهم؟!.

    وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على القبر بكى حتى يبل لحيته، فسئل عن ذلك وقيل له: (تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتذكر القبر فتبكي! فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه فما بعده أشد منه)، والحديث رواه الترمذي في سننه وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع.

    1.   

    أين العيون الدامعة عند ذكر القيامة وأهوالها؟

    وأخيراً: أين العيون الدامعة؟! أين العيون الدامعة عند ذكر القيامة وأهوالها؟!

    كان السلف رحمة الله عليهم إذا ذكروا القيامة والجنة والنار بكوا خوفاً من سوء الخاتمة، وحذراً من دخول النار، هذا مع شدة اجتهادهم في طاعة الله بالليل والنهار.

    كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: [أضحكني ثلاثة، وأبكاني ثلاثة: فأما الذي أضحكني: مُؤَمِّلُ دنيا والموت يطلبه! وغافلٌ وليس بمغفولٍ عنه! وضاحكٌ بملء فيه، ولا يدري أأرْضَى اللهَ أم أسخطه؟!

    وأما الذي أبكاني: ففراق الأحبة؛ محمدٍ وصحبِه صلى الله عليه وسلم! وهول المطلع. والوقوف بين يدي الله، لا أدري إلى أين يأمر بي ربي، أإلى الجنة أم إلى النار؟!].

    وقف قومٌ على عابدٍ وهو يبكي، فقالوا: ما الذي يبكيك؟! قال: قرحةٌ يجدها الخائفون في قلوبهم. قالوا: وما هي يرحمك الله؟! قال: روعة النداء بالعَرْض على الله عز وجل يوم القيامة.

    كان عطاء السلمي رحمه الله إذا عوتب في كثرة بكائه يقول: إني إذا ذكرتُ أهل النار مَثَّلْتُ نفسي بينهم، فكيف بنفسٍ تُغَلُّ وتُسْحَب ألاَّ تبكي؟!

    أُتِي الحسن البصري رحمه الله بكوزٍ من ماءٍ ليقطُرَ عليه، فلما أدناه إلى فيه بكى وقال: ذكرتُ أمنية أهل النار: أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ [الأعراف:50]، وذكرت ما أجيبوا به: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ [الأعراف:50].

    وهذه الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها تذكر النار فتبكي، كما روى ذلك أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه ، وخرج الحديث الإمام المنذري في: الترغيب والترهيب وسكت عنه. قالت: (ذكرتُ النار، فبكيتُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيكِ يا عائشة ؟ قلت: ذكرتُ النار فبكيتُ، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أما في ثلاثة مواطن فلا يَذْكُر أحدٌ أحداً: عند الميزان؛ حتى يَعْلَمَ أيخف ميزانه أم يثقل! وعند الكتب؛ حتى يعلم أين يقع كتابه؛ أفي يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره! وعند الصراط؛ إذا وضع بين ظهراني جهنم، حفاتاه كلاليب كثيرة، وحَسَكٌ كثير يحبس الله به من شاء من خلقه؛ حتى يَعْلَم أينجو أم لا!).

    نعم. هذه هي القيامة بما فيها من أهوال، وجنة ونار، كان يبكي لها الصالحون، وحُقَّ لنا أن نبكي مثل بكائهم، لا سيما إذا تصورنا أنفسنا ومثَّلْنا أنفسنا ونحن نعاين هذه الأهوال.

    مَثِّل وقوفك يوم الحشر عريانا     مستعطفاً قلق الأحشاء حيرانا

    النار تزفر من غيظٍ ومن حنقٍ     على العصاة ورب العرش غضبانا

    اقرأ كتابك يا عبدي على مهلٍ     وانظر إليه ترى هل كان ما كانا

    لما قرأتُ كتاباً لا يغادر لي     حرفاً وما كان في سرٍ وإعلانا

    نادى الجليل: خذوه يا ملائكتي     مُروا بعبدي إلى النيران عطشانا

    فيا رب لا تخزنا يوم الحساب ولا     تجعل لنارك فينا اليوم سلطانا

    اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعفُ عنا، وأكرم نزلنا، ووسع مدخلنا، واغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد.

    اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلِّط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.

    اللهم لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا غائباً إلا رددته، ولا مطروداً إلا آويته، ولا فقيراً إلا أغنيته.

    اللهم اجعلنا لك ذكَّارين، لك شكَّارين، لك رهَّابين، إليك أوَّاهين منيبين،اللهم تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وأجب دعوتنا، اللهم تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وأجب دعوتنا،اللهم ارزقنا عينين هطَّالتين بذروف الدمع قبل أن تصير الدموع دماً، والأضراس جمراً.

    اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً،اللهم إنا نعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن عينٍ لا تدمع، ومن دعاءٍ لا يُسْمع، اللهم إنا نعوذ بك من هؤلاء الأربع،اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، وتقبل منا، برحمتك يا رب العالمين!

    اللهم اجز نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عنا خير ما جزيت به نبياً عن أمته، ورسولاً عن قومه، واحشرنا اللهم في زمرته، ولا تحرمنا رفقته، واسقنا بيده الشريفة شربة ماءٍ لا نظمأ بعدها أبداً.

    عباد الله! إن الله عز وجل أمركم بأمرٍ عظيم جليلٍ في كتابه فقال سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756188443