بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآل كل، وصحب كل أجمعين.
أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسأل الله عز وجل أن يعينني وإياكم على فعل الخيرات، وترك المنكرات، وأن يستعملنا في طاعته، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
وأذكركم في بداية هذه الحلقة بأن غداً إن شاء الله هو اليوم العاشر من المحرم, فاحرصوا بارك الله فيكم! على صيامه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أحتسب على الله في صيام يوم عرفة أن يكفر ذنوب سنة ماضية وسنة آتية، وأحتسب على الله في صيام عاشوراء أن يكفر ذنوب سنة ماضية )، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يواظب على صيام هذا اليوم المبارك الذي نجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، وأسأل الله أن يتقبل منا أجمعين.
وأذكر إخوتي وأخواتي بأن الحديث الذي يروى عن نبينا صلى الله عليه وسلم ( من وسع على أهله في يوم عاشوراء وسع الله عليه في سائر سنته )، هذا الحديث كثير من أهل العلم قال: أنه لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, بل بعضهم عده كذباً، وبعضهم عده من وضع النواصب الذين يبغضون آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام, كأنهم يحتفلون بعاشوراء ويفرحون سروراً بمقتل الحسين والعياذ بالله، ولا يسر بهذا مسلم، في مقابل فعل الروافض الذين يجعلون من عاشوراء موسماً للأحزان والبكاء والعويل وضرب الصدور وشق الجيوب، ويأتون بتلك الفعلات العجيبة من جرح أنفسهم واستعمال الآلات الحادة في إسالة دمائهم بزعم أنهم يكفرون عن مقتل الحسين ، ولا شك أن هذا منكر وزور، وكذلك الأول منكر وزور، والمطلوب التوسط والاعتدال، رضي الله عن الحسين وأرضاه وجمعنا به في مستقر رحمته، ودار كرامته.
المتصل: عندي سؤالان لو سمحت:
السؤال الأول: أحياناً أكون في محل عام, كالسوق مثلاً، وتدركني صلاة الظهر أو العصر في المسجد، ويكون هناك زحام شديد في حمامات المسجد ولا أجد محلاً أقضي فيه حاجتي، ولم يبق على الصلاة إلا خمس دقائق أو سبع دقائق أو أقل، والحمام يكون مزدحماً فهل في هذه الحالة يجوز أن أصلي بدون أن أقضي حاجتي؟
السؤال الثاني: ما هو الرأي الشرعي الإسلامي في المحامين الذين يدافعون عن أناس مجرمين، أو متهمين في قضايا كبيرة كقضية قتل أو اغتصاب أو ما أشبه ذلك، فهناك محامون يدافعون عن هؤلاء المتهمين؛ لأن الدستور السوداني يا مولانا ينص بأنه: أي متهم له الحق بأن يوكل محامياً يدافع عنه, كما أن الدولة تتكفل بإحضار محام ينوب عنه، فنريد أن نعرف ما حكم الشرع في المحامي الذي يدافع عن شخص مجرم، أو شخص متهم في قضية أخلاقية، أو ما أشبه ذلك؟
الشيخ: أكرمك الله نجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة: السؤال الأول: ما الفرق بين الشهادة والرؤية في الصيام؟
السؤال الثاني: هل يجوز الإتيان بالصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول خلف الإمام؟
السؤال الثالث: ما حكم الحناء للرجال في أي طرف كان؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
الشيخ: بالنسبة للمحامي الذي يدافع عن مجرم في جريمة قتل أو اغتصاب أو غير ذلك، فنقول: بأن المحاماة: عبارة عن وكالة. والوكالة من العقود الجائزة التي تصح بإجارة وبغير إجارة، والمحامي مأجور إن كان غرضه بيان الحق وإيصال الكلام الذي لا يستطيع موكله إيصاله، فهو مأجور في عمله ذلك، وهو في عمل مبرور إن شاء الله، أما إذا كان غرضه تحريف الكلم عن مواضعه، وتلبيس الحق بالباطل من أجل أن ينتزع البراءة لمن يعلم بأنه قد أسرف على نفسه، وأن الإجرام قد أحاط به؛ لأنه قد ارتكب ما حرم الله عليه؛ ففي هذه الحالة يكون داخلاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من دخل في خصومة لا يعلمها كان في سخط الله حتى ينزع )، أو كما قال عليه الصلاة والسلام؛ فلذلك نقول: هناك فرق بين محامي غرضه إظهار الحق، وبين محامي غرضه تلبيس الحق بالباطل.
السؤل: أخونا متوكل يسأل عن الفرق بين الشهادة والرؤية، ويقصد بذلك الصيام والإفطار وما إلى ذلك من العبادات المتعلقة بالأهلة؟
الجواب: نقول: الرؤية: أن يرى الإنسان بنفسه، والشهادة أن يشهد غيره بأنه قد رأى الهلال، ونبينا صلى الله عليه وسلم بكلا الأمرين قد عمل، فتارة كان يرى بنفسه، وتارة كان يشهد شاهد أو شاهدان، ومن هنا قال علماؤنا رحمهم الله: بأن الصيام والإفطار كلاهما يلزم حكمهما إما برؤية الشخص بنفسه، وإما بأن يشهد شاهدان مسلمان عدلان بأنهما قد رأيا الهلال، وإما بالاستفاضة، أي: بأن يستفيض بين الناس أن غداً رمضان، أو أن غداً شوال، أو أن غداً هو الأول من ذي الحجة، ثم الطريق الرابعة هي إكمال العدة ثلاثين، فإذا اكتمل شعبان ثلاثين لم يبق إلا أن اليوم الذي بعده هو الأول من رمضان، وكذلك لو اكتملت عدة رمضان ثلاثين فالذي بعده هو الأول من شوال، وقل مثل ذلك في سائر الشهور.
الشيخ: وبالنسبة للصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول فلا مانع، فلو أن الإنسان فرغ من التشهد قبل إمامه فلا حرج عليه أن يأتي بالصلاة الإبراهيمية، وهو في ذلك مأجور، ولو أنه دعا أيضاً فهو مأجور، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إذا فرغ أحدكم من التشهد قبل إمامه فليتخير من الدعاء أطيبه ).
الشيخ: الحناء للرجال يا متوكل ! لا ينبغي إلا في التداوي، أعني بذلك: اليدين والرجلين، فالرجل لا يخضب يديه ولا رجليه إلا على سبيل التداوي، أما على سبيل التزين فلا؛ لأنها زينة خاصة بالنساء، وقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم النساء.
وأما الرجال فإنهم يخضبون رءوسهم ولحاهم، وأما اليدين والرجلين فهذه زينة خاصة بالنساء، وقد ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال )، ( ولعن الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل )، ونسأل الله أن يهدينا جميعاً، والأعراف الفاسدة إن شاء الله يأتي على الناس زمان تتغير فيه كما تغيرت أعراف كثيرة كان الناس متلبسين بها، فقيض الله من غيرها، ومن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر.
المتصل: عندي سؤال: دخلت المسجد في صلاة المغرب والإمام راكع في الركعة الثانية، وكان معي رجل فكبرنا معاً تكبيرة الإحرام قبل أن يقول الإمام: سمع الله لمن حمده, فلما سلم الإمام قمت للركعة الأولى التي فاتتني, وأما صاحبي الذي كان معي وكبرنا تكبيرة الإحرام معاً صلى ركعتين، مما جعلني أشك بأننا لم ندرك الركعة الثانية فهل كانت صلاتي ناقصة أو صاحبي صلاته زائدة؟ نرجو التوضيح.
السؤال: بالنسبة لصيام عاشوراء بعض الناس صام اليوم، وبعضهم قال: الصيام غداً فأنا أريد أن أتأكد هل الصيام اليوم أم غداً؟
الجواب: لا ليس اليوم، وإنما الذين صاموا اليوم يريدون أن يجمعوا بين الحسنيين، فيريدون أن يصوموا التاسع والعاشر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ).
عندي سؤال: رجل عنده لي دين فأراد أن يضحي، فقلت له: الإنسان إذا كان عليه دين فليس عليه أضحية، فقال لي: الحكم هذا للحجاج فقط, ولا ينطبق على غير الحاج؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: اللون الأصفر هل يعتبر طهراً بالنسبة للمرأة؟
السؤال الثاني: كان علي قضاء قديم من رمضان فسألت فقالوا لي: إن عليك الكفارة، والكفارة هي أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، وعندما أردت أن أطعم وجدت أن الوجبة بألف أو بألفين، فما رأيكم؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: إذا رأى رجل الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، لكن ما رآه بعينه، وإنما يشعر أنه بجانبه ويتكلم معه بخير وما رآه رأي العين، فهل هذه تعتبر رؤية أو من الشيطان؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤال: هناك حديث يقول: ( نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الماء )، فهل يدخل فيها الرسوم التي تأخذها هيئة المياه، وأيضاً الناس الذين يكون ما عندهم ماء ويشترون بالكارو (الوايت) أو له معنى آخر؟
السؤال: ما هو تفسير الآية التي في سورة الواقعة: عُرُبًا أَتْرَابًا [الواقعة:37], وجزاك الله خيراً؟
الجواب: قول الله عز وجل: عُرُبًا أَتْرَابًا [الواقعة:37]، هذا في وصف نساء الجنة من الحور العين، بين ربنا جل جلاله أن من نعيم أهل الجنة -نسأل الله أن يجعلنا منهم- أنهم يستمتعون بالحور العين، بعدما ذكر ربنا بأن أهل الجنة فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ [الواقعة:28-34]، الله عز وجل قال عن الحور العين: إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً [الواقعة:35]، أي: خلقهن الله عز وجل بحكمته، وقد أحسن كل شيء خلقه، إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا [الواقعة:35-36]، أبكاراً جمع بكر، وهي التي لم توطأ، وقوله تعالى: عُرُبًا أَتْرَابًا [الواقعة:37]، عرباً: جمع عَروب, أي: متحببات لأزواجهن متعشقات، أتراباً: أي: على سن واحدة، يعني: كلهن على سن واحدة، كما أن أهل الجنة كلهم يدخلون على سن واحدة ثلاث وثلاثين سنة, وعلى طول واحد، طول أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء، وفي حسن يوسف عليه السلام, وهذا لمزيد من الألفة؛ لأن الشاب الصغير لو جلس مع الشيخ الطاعن فربما لا يأتلفان، ولذلك كان أهل الجنة كلهم في سن واحد، وكلهم في طول واحد، وكلهم على حسن يوسف عليه السلام.
الشيخ: بالنسبة لحديث ( نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الماء )؛ لأن الناس شركاء في ثلاثة: الماء، والكلأ، والنار، ولكن هذه الثلاثة إذا كان فيها مؤنة، وفيها كلفة، فلا مانع من البيع، فمثلاً الآن بعض الناس قد يتكلف فيأتي بالماء وينقله فيما يسمى بالتانكر أو الوايت أو ما كان يجر بواسطة الدواب ونحو ذلك، فهذه كلفة، وكذلك مثل من يبيع الماء بالثلج يقول لك: برد جوفك، فهذا لا مانع أنه يبيع؛ لأن الثلج هذا فيه مؤنة، ولكن الممنوع: بيع الماء الذي لا مؤنة فيه، ويمنع بيع الماء لابن السبيل المحتاج إليه وهو ظمآن ولعله لا يملك ثمنه، وقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان عنده فضل ماء فمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنيا إن أعطي منها رضي، وإن منع منها سخط، ورجل حلف على سلعة بعد العصر أنه اشتراها بكذا وهو كاذب ).
الشيخ: أخونا محمد الفاتح يقول: بأنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام، لكن ما رآه رؤيا واضحة ظاهرة بينة بوجهه الشريف المبارك، وإنما جاءه إحساس وشعور بأن الذي يكلمه هو النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وقد أمره بالخير، كما هي عادته وكما هو دينه وديدنه صلوات ربي وسلامه عليه, لا يأمر إلا بالخير والبر والمعروف، فنقول لك يا أخانا محمد : أبشر بخير إن شاء الله، وهذه رؤيا لكن ليست رؤيا كاملة، فإن بعض الناس قد يرى النبي صلى الله عليه وسلم مولياً ظهره، يراه من ظهره, ولربما يرى النبي صلى الله عليه وسلم من جانب، ولربما يكون في مجلس ما يرى وجهه لكن يأتيه شعور بأن هذا الذي يتكلم أو هذا الجالس هو النبي الأكرم والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم, والرؤيا الكاملة: أن يراه بوجهه الأنور، وجبينه الأزهر صلوات ربي وسلامه عليه، يراه بوجهه الذي وصفه الصحابة بأنه كان في وجهه تدوير أبيض مشرباً بحمرة, أزج الحواجب في غير قرن, بينهما عرق يدره الغضب، وأنه صلى الله عليه وسلم كان كث اللحية تملأ لحيته صدره، ويقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلوات ربي وسلامه عليه, فأنت استبشر بهذه الرؤيا، وإني موصيك ونفسي بأن نحرص على اتباع السنة وإحيائها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، فنتبع سنته في جميع أمره صلوات ربي وسلامه عليه أقوالاً وأفعالاً وصفات وتقريرات.
السؤال: الأخت أم المنذر سألت عن اللون الأصفر، هل يعتبر طهراً؟
الجواب: نقول: لا يعتبر، فالمرأة إذا حاضت ثم بعد ذلك بدأ الدم يقل تدريجياً ولونه يتغير إلى أن صار أصفر؛ فلا تتعجل الحكم بالطهر، وإنما تنتظر حتى ترى القصة البيضاء، كما كانت أمنا عائشة رضي الله عنها تقول: ( لا تعجَلْن حتى تريْن القصة البيضاء )، أو إذا كان طهرها بالجفوف تنتظر حتى ترى الجفوف.
السؤال: من لزمها قضاء من رمضان ففرطت وأخرت فهل عليها كفارة؟
الجواب: نعم، عليك إطعام مسكين عن كل يوم، والأفضل أن يكون طعاماً وليس نقداً، فتخرج عن كل يوم سبعمائة وخمسين جراماً من القمح، فانظري كم عليك من الأيام وأخرجي كفارتها عن كل يوم، يعني: كيلو إلا ربع من القمح وتبرأ ذمتك إن شاء الله.
السؤال: أخونا الصادق محمد يقول: بأنه كان له دَين على أحد الناس، وطلب منه قضاءه، والرجل ماطله، فـ الصادق في العيد قال له: من كان عليه دين فلا أضحية له، والآخر قال له: لا، إنما هذا بالنسبة للحجاج فقط؟
الجواب: الأضحية سنة وأداء الدين واجب، فإذا كان الدين مؤجلاً، مثلاً: لو أن إنساناً عليه دين، وهذا الدين حلوله في رمضان بعد ثمانية أشهر مثلاً، فلا مانع بأن يضحي، أما إذا كان الدين حالاً، ومن باب أولى إذا كان قد مضى ففي هذه الحالة الإنسان لا يضحي؛ لأنها سنة في قول جماهير العلماء، وإنما يقضي دينه الذي يجب عليه قضاؤه.
المتصل: عندي سؤالان: السؤال الأول: أنا قبل فترة سقت سيارة فصدمت بنتاً عمرها اثنتا عشرة سنة، والبنت مسيحية ودفعت الدية، فهل علي صيام شهرين أم لا؟
السؤال الثاني: إذا جلس الرجل مع امرأته في نهار رمضان فخرج منه المذي فقط، فما حكم صيامه؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
السؤال: الله يعطيك العافية يا شيخنا! عندنا امرأة طلقها زوجها الطلقة الأولى وهي حامل، وطلقها الزوج وهو لا يريد أن يطلق، وكذلك طلقها الطلقة الثانية من غير إشهاد ومن غير نيته فما حكم هذا الطلاق؟
الجواب: أولاً: يا أيها الإخوة والأخوات نحن نقول دائماً بالنسبة لقضايا الطلاق هي أعظم وأجل من أن يجاب عنها بالهاتف في مثل هذا البرنامج.
ثانياً: مسائل الطلاق لا يصح فيها التوكيل، كأن يطلق ثم بعد ذلك يوكل الزوجة من أجل أن تسأل؛ لأن هناك ملابسات، وهناك أشياء لا بد من السؤال عنها، ولا بد من الاستفسار، ولا بد من معرفتها، وأمر الطلاق أمر خطير، وأنا أنبه هنا إخواننا الأئمة والدعاة ومن يفتون بأن لا يتعجلوا؛ لأن الأصل في الفروج التحريم، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين، فقضايا الطلاق يترتب على الحكم فيها إما تحليل فرج أو تحريمه، وليس هذا بالأمر السهل، فإما أن تقول: هذا الفرج أصبح حراماً عليك، وإما أن تقول: هو ما زال حلالاً لك، وهذه مسألة تحتاج إلى تريث وإلى تثبت.
وأيضاً أنبه الذين يسألون عن قضايا الطلاق أنهم لا يبحثون عن المسوغات التي يسقطون بها الطلاق، فإن الإنسان لو خدع المفتي أو خدع القاضي فالله عز وجل لا يخادع، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمع, فإنما أنا بشر، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من نار، إن شاء فليأخذ وإن شاء فليدع )، فالآن الأخت تقول: طلقها وهي حامل وما عنده نية، وطلقها في المرة الثانية وما عنده نية، لكن هذه النية ما يعرفها إلا صاحبها، بل صاحبها أحياناً حين يسأل ما يستطيع أن يجزم هل كانت له نية أو لم تكن له نية، ثم إن الطلاق الصريح لو صدر أو خرج من فم الإنسان أو كتبه كتابة فلا يحتاج إلى نية، والنية إنما يسأل عنها في طلاق الكنايات إذا قال لها: أنت حرة، أو اذهبي إلى بيت أبيك، أو حبلك على غاربك، أو أنت خلية، أو أنت برية، ونحو ذلك من الألفاظ التي نحتاج فيها إلى سؤال الإنسان عن نيته، أما من قال: أنت طالق، أو طلقانة، أو كذا، فهذا لا يحتاج إلى سؤاله عن نيته؛ لأنه لفظ صريح لا يفتقر إلى نية.
كذلك الطلاق والمرأة حامل كثير من الناس يعتقد بأنه لا يقع، وهذا ليس بصحيح، بل طلاق الحامل طلاق سنة وهو واقع.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أسأل ما حكم مصافحة النساء هل هو حرام؛ لأن بعض الناس يا دكتور! يقولون: إن حديث عائشة رضي الله عنها حين قالت: ( ما مست يد النبي صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط )، إن هذا من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فسره بعض الأعلام، وهو رجل عالم من علماء هذه الأمة معتبر، والناس يسايرونه على ذلك؟
السؤال الثاني: هل يجوز أن نشارك المسيحيين في أعيادهم ومناسباتهم الدينية؟
الشيخ: طيب. نجيبك إن شاء الله.
السؤال: الصادق محمد يقول: كبر في الركعة الثانية قبل أن يرفع الإمام من الركوع، وكان إلى جواره رجل كبر معه أيضاً، ثم لما انقضت الصلاة الصادق قام فأتى بركعة لأنه أدرك مع الإمام ركعتين، وصاحبه الذي جاء معه وكبر معه قام فأتى بركعتين.
الجواب: فعلك هو الصواب طالما أنك أدركت الإمام ولم يستتم قائماً, أي: لم يعتدل وينتصب واقفاً, فصاحبك الذي ركع ركعتين لعله والله أعلم يأخذ بمذهب بعض أهل العلم، ومنهم: الإمام أبو عبد الله البخاري رحمة الله عليه, الذي يرى بأن الإنسان لو لم يقرأ الفاتحة فلا يعتد بهذه الركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، وهذا الحديث جمهور العلماء قالوا: محمول على من أدرك الركن الذي تقرأ فيه الفاتحة وهو القيام، أما من أدرك الإمام راكعاً فقد أدرك الركعة وإن لم يقرأ الفاتحة.
فالمقصود يا أيها الصادق! بأن هذا الرجل يحتاج إلى أن يستفسر هل فعله هذا قد استند فيه على شيء أو على فتوى أو هو على علم بهذا الخلاف؟ أو أنه فعل ذلك جهلاً؟ فإن كان جاهلاً يعلم ما عليه الجمهور، أما إذا كان يأخذ بذلك المذهب وبذلك الرأي فليس عليه حرج إن شاء الله.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: إذا اغتسل إنسان في الخلاء, فهل يؤجل الذكر بعدما يخرج من الحمام؛ علماً بأن الذكر في الخلاء يذكره بقلبه؟
السؤال الثاني: نجد في بعض الأحاديث بعض المفردات أو العبارات عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: (بخ بخ), أو (ثكلتك أمك يا فلان)، ما معنى هذه المفردات؟
السؤال الثالث: هل هناك فضل عظيم في الأذان؛ لأن في مسجدنا لا يوجد مؤذن واحد معين لكل الصلوات، وأنا أكون في المسجد، فأقيم الأذان للصلوات الخمس، فهل الأجر يكون على حسب الأذان الواحد أو كلما أذنت تأخذ أجراً؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: الله يكرمك يا شيخنا! يوجد عندنا أئمة يستعجلون في التشهد، بحيث لا نتمكن من الدعاء عقب التشهد، فالإمام إذا سلم أنتظر نحو دقيقة ليس أكثر لأدعو فيها ثم أسلم, فهل عملي هذا صحيح؟
السؤال الثاني: في الحي يقرءون الختمة لروح الميت، ويدعوننا لنكون معهم، فما حكم هذه الختمة والدعوة إليها؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
السؤال: نسأل يا شيخ! عن سلفة بنك الأسرة لبناء سكن ويكون فيه أقساط وأرباح.
الجواب: طيب يا أخي! هذا ما يتأتى، فهذا هو عين الربا، والربا ممنوع بالقانون، فهذا الربا واضح صريح، فأرجو أنك يا عزام تتأكد من المعاملة كيف تكون, وحبذا لو أرسلت لي صورة من العقد، وإن شاء الله يكون الجواب على بينة.
السؤال: أخونا الطيب علي يقول: بأنه قتل امرأة نصرانية ودفع الدية فهل عليه صيام؟
الجواب: نقول: ما عليك صيام، وهذا مذهب مالك رحمه الله تعالى, بأن الكفارة تكون في قتل المؤمن؛ لأن الآية بدأت بالكلام عن المؤمن, قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:92]، فالإمام مالك رحمه الله يرى بأن شرط الإيمان هو الذي مع وجوده توجد الكفارة ومع عدمه لا كفارة.
السؤال: أخونا الطيب يقول: إنسان كان جالساً إلى جوار أهله في نهار رمضان فأمذى فما حكم صيامه؟
الجواب: نقول: إذا كان هذا المذي قد خرج منه غلبة بغير فعل منه، ولا تأمل ولا طول تفكر فما عليه حرج إن شاء الله, فهو مبتلى, يعني: هو رجل مذَّاء، أما إذا كان المذي قد خرج بفعله لأنه باشر امرأته, أو أدام النظر والتفكير فعليه القضاء؛ لأن صومه فاسد.
السؤال: أخونا صهيب يسأل عن حكم مصافحة النساء الأجانب؟
الجواب: نقول: يا صهيب ! الذي عليه الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم, والذي عليه علماؤنا المتقدمون بأن المرأة الأجنبية لا ينبغي مماستها لا مصافحة ولا غيرها؛ استدلالاً بالقرآن في قول ربنا الرحمن: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]، وفي الآية الأخرى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، قالوا: واللمس أشد من النظر، واستدلالاً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ( بأنه ما مست يده يد امرأة قط إلا امرأة يملكها )، والله عز وجل يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].
وما ذكره بعض الفضلاء من أن هذا من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم.
نقول: الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم أنها للتأسي والاقتداء إلا إذا قام الدليل على التخصيص، ومن أمثلة ذلك قول الله عز وجل: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:50]، وقد ينص النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث على أن هذا الأمر خاص به، ومن مثل ذلك: كان ينام عليه الصلاة والسلام ثم يقوم ويصلي، فسأله بعض الصحابة فقال صلى الله عليه وسلم: ( تنام عيناي ولا ينام قلبي )، فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم، أما نحن الواحد منا إذا نام فلا بد أن يقوم ويتوضأ؛ لأن ( العينين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء )، ولذلك دائماً في كتب الفقه تجد باباً يسمى: باب الخصائص, فيبينون الأشياء التي تحل للنبي صلى الله عليه وسلم ولا تحل لغيره؛ مثل أن يتزوج أكثر من أربع، وأن يتزوج امرأة من غير صداق، وأن يتزوجها من غير ولي، وأنه لا يجب عليه القسم بين النساء؛ لأن الله تعالى قال له: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ [الأحزاب:51]، فهذه أشياء تحل للنبي صلى الله عليه وسلم ولا تحل لغيره.
وهناك أشياء تحرم على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحرم علينا؛ مثل: الصدقة, تحرم عليه، سواء كانت صدقة واجبة، أو صدقة تطوع، ويحرم على النبي صلى الله عليه وسلم الفرار أمام العدو ولو كانوا ألفاً، بينما نحن يجوز للإنسان إذا كان العدو أكثر من الضعف أن يفر؛ لأن الله تعالى قال: فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ [الأنفال:66]، فإذا كان العدو أكثر من الضعف، يعني: أمامك أكثر من اثنين يجوز لك الفرار.
فالمقصود يا صهيب بارك الله فيك! أن مسألة ادعاء الخصوصية تحتاج إلى دليل، ولا دليل هاهنا، بل على العكس نقول: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبرأ من العيب، المنزه من الميل، الذي عصمه الله عز وجل من خائنة الأعين ونحو ذلك، إذا كان لا تمس يده يد امرأة يتورع عن ذلك, فمن باب أولى نحن المساكين المذنبين.
الشيخ: وأما مشاركة النصارى في أعيادهم الدينية فلا تجوز؛ لأن الله تعالى قال: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ [الفرقان:72]، وقد فسر غير واحد من أهل العلم بأنها الأعياد الكفرية، وبالنسبة للنصراني فإن بعض الناس يشتبه ويقول لك: هو جارنا. فنقول: نعم, جارنا نحسن إليه، ونتعامل معه المعاملة الطيبة التي يأمرنا بها ديننا، ونهنئه بما هو جائز عندنا، فلو تزوج نهنئه، ولو ولد له مولود نهنئه، ولو شفي من المرض نهنئه، ولو نجح نهنئه، ولو نال منصباً نهنئه، لو فتح عليه في الدنيا نهنئه، أما بالنسبة للعيد المرتبط بدينه فلا؛ لأننا نعتقد أن كل دين سوى الإسلام فهو باطل، كما قال ربنا: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85].
السؤال: يا شيخ! إنسان كان في حالة غضب مع زوجته فسب الدين، فما حكمه؟
الجواب: سب الدين كفر مخرج من الملة، فمن سب دين الله عليه أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويدخل في الإسلام من جديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
السؤال: يا شيخ عبد الحي ! عندي سؤال: إذا أردت صيام رمضان وأنا مرضعة وعندي طفل عمره سنتين, وقبل رمضان أخذت حبوب منع الحيض حتى لا أفطر، وأنا أعرف من نفسي أني إذا أفطرت في رمضان فإن فطري سيطول؛ لأن الدورة غير منتظمة، فأتى شخص وقال لي: أخذ هذه الحبوب في رمضان حرام، وأنا إذا أوقفتها من المحتمل أن أفطر اثنين وعشرين يوماً.
الجواب: الحبوب إن شاء الله لا نقول إنها حرام، لكن إذا لم يكن فيها ضرر فلا حرج على المرأة في تناولها، وهذا أمر يرجع فيه إلى الطبيب الاختصاصي، أو الطبيبة الاختصاصية في أمراض النساء والتوليد.
المتصل: يا شيخ! أنا عندي سؤالان:
السؤال الأول: حكم البسملة في الصلاة, عندنا الإمام يقول: الله أكبر، ومباشرة يقرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ؟ فما حكمها وما حكم تاركها؟
السؤال الثاني: نحن في بورليف على مذهب الإمام مالك , وبعض المسائل التي فيها اختلاف عند الأئمة يقال: هذه على مذهب الإمام أبي حنفية , فهل يجوز للإنسان أن يأخذ من هذا المذهب وهذا وهذا, أم أن الإنسان ملزم باتباع مذهب معين, فمثلاً: في ذبح الأضحية يستند على مذهب معين, وفي مسألة أخرى يستند على مذهب آخر، نرجو التوضيح؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
السؤال: أسألك عن صيام يوم عاشوراء هذا، هل يجوز للإنسان أن يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر أو لا يجوز؟
الجواب: يجوز، صم إن شاء الله غداً وبعده.
الشيخ: أخونا أحمد آدم يسأل عن أداء الذكر إذا اغتسل في الحمام، نقول: اذكر الله بقلبك، يعني: الإنسان إذا أراد أن يدخل الخلاء يذكر الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الخلاء قال: ( بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ).
والعلماء رحمهم الله فرقوا بين المكان المعَد، والمكان غير المعَد، فالمكان المعَد: هو مثل الحمامات الآن التي ندخلها، أو ما يسمى بالكنيف، أو ما يسمى بالأدب خانة، أو نحو ذلك من الأسماء، فهذا مكان مجهز من أجل أن يكون لقضاء الحاجة، وربما يكون لقضاء الحاجة والاغتسال وما إلى ذلك.
فالإنسان يأتي بهذا الذكر قبل الدخول, ( كان إذا أراد الخلاء )، كما قال الله عز وجل: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [النحل:98]، يعني: إذا أردت أن تقرأ القرآن، تستعيذ قبل القراءة، لا في أثنائها، فهاهنا نستعيذ قبل الدخول.
أما المكان غير المعد, ونعني بذلك: الخلاء, والفضاء، كما كانت عادة العرب الأولين الذين كانوا يستنكفون أن يتخذوا الكنف كما تتخذها الأعاجم، ففي هذه الحالة الإنسان يأتي بهذا الذكر قبل أن يجلس لقضاء حاجته، فيقول: ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ).
وبالنسبة للغسل فيه بسملة، والبسملة هذه تكون في قلبك، وكذلك لو توضأت في الحمام تكون البسملة بقلبك ولا تتلفظ بها؛ لأن ذلك المكان ينزه اسم الله جل جلاله أن يذكر فيه.
السؤال: أخونا أحمد : يسأل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (بخ بخ)، أو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثكلتك أمك)، ونحو ذلك.
الجواب: أما (بخ بخ) فقد قالها صلى الله عليه وسلم لـ صهيب لما جاء مهاجراً وقد ساومه المشركون، فترك لهم ماله وخرج مهاجراً إلى الله ورسوله، ونزل على النبي صلى الله عليه وسلم قول ربنا جل جلاله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [البقرة:207]، فلما جاء صهيب رضي الله عنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( بخ بخ! ربح البيع أبا يحيى , ربح البيع أبا يحيى ).
وقالها صلى الله عليه وسلم كذلك لما نزل قوله تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، فجاء أبو طلحة الأنصاري فقال: ( إن أَحب مالي إلي بيرحاء, فيا رسول الله! هي لك ضعها حيث أراك الله، فقال: بخ بخ! ذاك بيع رابح )، بخ بخ: كلمة تعجب تدل على استعظام الأمر واستكثاره؛ ومثلما قال عمير بن الحمام رضي الله عنه لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( والذي نفسي بيده لا يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، فقال: بخ بخ, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ذلك؟ قال: ما بيني وبين الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء؟ فألقى تمرات كن في يده، ودخل رضي الله عنه فقاتل حتى قتل ).
أما (ثكلتك أمك يا معاذ ), التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ بن جبل لما قال: أو -إنا لمؤاخذون بما نقول؟ فالثكل: هو الفقد، قال أهل العلم: وهذا الدعاء ليس على بابه، يعني: ليس على حقيقته، ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو على معاذ بالهلاك، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول كلاماً جرت به عادة العرب.
ومثله أيضاً: (تربت يمينك)، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم لـصفية رضي الله عنها: ( حلقى عقرى أحابستنا هي؟ ), فهذا كله لا يراد به حقيقته، وإنما يراد به الكلام بما كانت العرب تتكلم؛ مثلما نقول الآن في كلامنا: والله فلان هذا شيطان، ولا يقصدون به حقيقة الشيطان يعني: إنه شيطان, أو إنه جني، أو إنه مارد، أو إنه عفريت، أو إنه كذا، وإنما يقصدون: إنسان مدردح، أو ملحلح كما يقولون بكلامهم.
الشيخ: بالنسبة لما تقوم به من أذان يا أحمد آدم فأنت مأجور أجراً عظيماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم اغفر للمؤذنين )، وقال: ( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة )، وقال لـأبي سعيد : ( ارفع صوتك بالأذان فإنه لا يسمع صوت المؤذن شيء إلا شهد له يوم القيامة )، وهذا الأجر يتضاعف كلما أذنت، وليس معناه تؤجر مرة واحدة والباقي يكون بالمجان لا ليس كذلك، وأبشر؛ لأن الله عز وجل يكتب لك الأجر كلما أذنت، وأنت داخل في قول ربنا: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]، وداخل في قول نبينا عليه الصلاة والسلام: ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً )، فواظب بارك الله فيك! خاصة بأنك متطوع ولا تأخذ على أذانك أجراً.
الشيخ: أخونا أسامة يقول: بأن بعض الأئمة عافاهم الله يتعجلون السلام بعد التشهد قبل الدعاء، نقول: لا شك بأن هذا تقصير، والمفروض بأن الإمام يستعيذ بالله من أربع كما أوصى بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال )، وبعد ذلك يدعو فيقول: ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم ).
ولو أن الإمام سلم يا أسامة وأنت فرغت من التشهد فسلم معه ولا تتأخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه )، فإن سَلَّم سِلِّم معه، والدعاء دبر الصلوات متقبل إن شاء الله.
الشيخ: بالنسبة لقراءة الختمة لروح الميت، والاجتماع لذلك، ودعاء الناس لها، فأقول: ليس هذا من السنة، ثم إنه لا يسلم من رياء، فبعض الناس قد يأتي مجاملة لأهل الميت، وبعض الناس قد يأتي من أجل اللقيمات اللائي يقدمن بعد الختمة, أو من أجل الفتة، أو من أجل الوجبة، أو من أجل كذا، فمن أراد أن ينفع الميت يقرأ قرآناً وحده فيما بينه وبين الله، وبعد ذلك يدعو ويقول: اللهم اجعل ثواب ما قرأت لروح فلان من الناس.
الشيخ: بالنسبة لقراءة البسملة في الصلاة فإن البسملة تكون سراً يا عبد الصمد ، والإمام الذي يبدأ بالحمد لله رب العالمين بسمل في سره، وهذه هي السنة، فإن أنساً قال: ( صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر و عمر فكانوا يبدءون الصلاة بالحمد لله رب العالمين ).
والسيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين ).
الشيخ: أما بالنسبة لاتباع المذاهب فالمفروض أنك تسأل من تثق في دينه وعلمه، فإذا أجابك؛ فهي فتوى تتعبد الله بها، وليس لك حق في أن تنتقي من المذاهب, فمرة تأخذ من مالك ، ومرة من أبي حنيفة، ومرة من أحمد ، ومرة من الشافعي ، ومرة من سفيان ، ومرة من الليث ، ومرة من داود ، ومرة من الحسن البصري ، وإنما تسأل؛ لأن الحق واحد لا يتعدد، وما من أحد من الأئمة زعم بأنه قد جمع العلم كله، أو أن قوله حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل كان الواحد منهم يقول: قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب، وكان الآخر يقول: قولنا هذا رأي، فمن جاءنا بأحسن منه اتبعناه، فأنت تسأل إن شاء الله من تثق في دينه وعلمه، وهذا الذي كلفك الله به حين قال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].
نكتفي بهذا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
السؤال: أخونا أبو محمد يقول: بأنه أحياناً تدركه صلاة الظهر أو صلاة العصر وهو لم يصل إلى البيت بعد، ويكون المسجد فيه مرافق قليلة وعدد الناس كثير، فيصلي دون أن يقضي حاجته، فما حكم ذلك؟
الجواب: نقول: يا أبا محمد لا بد أن نفرق بين حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون الإنسان حاقناً أو حاقباً، حاقناً بمعنى: أنه محتاج إلى التبول، وحاقباً أي: محتاج إلى التغوط، بحيث لو دخل في الصلاة سيشغل عنها، فنقول: في هذه الحالة لا ينبغي أن يصلي، وصلاته فيها كراهة، بل يصبر إلى أن يجد المكان الذي يقضي فيه حاجته، ولو أدى ذلك إلى أن يؤخر الصلاة حتى يرجع إلى بيته؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان )، يعني: البول والغائط.
الحالة الثانية: أن يكون في وضع معتاد، وليس بحاجة شديدة إلى الخلاء ففي هذه الحالة يتوضأ ويصلي، ولا كراهة في صلاته إن شاء الله, وهذا الأمر يحتاج منا إلى أن نوجه رسالة أو خطاباً إلى الجهات المسئولة عن المساجد بأن تعتني ببناء المرافق، وأن تعتني بتهيئة المساجد من أجل أن يؤدي الناس صلاتهم خاشعين وهم في حال طيبة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بأن تطهر المساجد، وأن تنظف، وأن توضع على أبوابها المجامر والمطاهر، وهذا كله داخل في قوله تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ [التوبة:18]، ونسأل الله أن يتقبل منا أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر