إسلام ويب

فضل العبادة في شعبانللشيخ : أحمد سعيد الفودعي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن ذكر المسلم ربه حين غفلة الناس يعتبر سبباً لحب الله له، وشهر شعبان -كما لا يخفى- من الأزمنة الفاضلة التي يغفل كثير من الناس عنها، لكن المؤمن اليقظ كما هي عادته يستغل شعبان بالصيام وقراءة القرآن والتوبة والعفو عن الناس ونحو ذلك.

    1.   

    الثلاثة الذين يحبهم الله وبيان سبب ذلك

    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    إخوتي في الله! روى الإمام الحاكم رحمه الله تعالى في المستدرك وصححه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله، أما الذين يحبهم الله: فرجل أتى قوماً فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة بينه وبينهم )، يعني: جاءهم وطلب منهم، وقال لهم: أسألكم بالله أن تعطوني، سألهم بالله ولم يسألهم بقرابة بينه وبينهم، ( فمنعوه، فتخلف عنهم رجل بأعقابهم فأعطاه سراً، لا يعلم عطيته أحد إلا الله والذي أعطاه )، والثاني: قال: ( وقوم كانوا في سرية -يعني: يمشون في الليل- حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به)، يعني: لما غلبهم النعاس واشتاقوا إليه شوقاً شديداً حتى أنهم لا يعدلون به شيئاً، ولا يساوونه بشيء، نزلوا فناموا، (قام رجل يتملقني ويتلو آياتي، وأما الثالث قال: ورجل كان في سرية فلقوا العدو فانهزموا، يعني: فروا وتراجعوا، فأقبل بصدره يقاتل حتى يفتح الله له أو يقتل، وأما الثلاثة الذين يبغضهم الله فالفقير المختال، والغني الظلوم ... )، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، نبقى مع الثلاثة الذين يحبهم الله، ولماذا أحبهم الله؟

    وفي حديث آخر في رواية أخرى عند الطبراني وحسنه الألباني يعد عليه الصلاة والسلام الثلاثة أيضاً، لكنه زاد رجلاً آخر، قال: ثلاثة يحبهم الله، وذكر منهم: (ورجل له امرأة حسناء، وفراش حسن لين فقام من الليل، فقال الله تعالى: يترك شهوته ويقوم لي ولو شاء لرقد)، هؤلاء الأصناف الذين يعدهم النبي عليه الصلاة والسلام ويخبر بحب الله لهم، إنما أحبهم سبحانه لمعنى واحد، وهو أنهم انفردوا عن الناس، خالفوا الناس، تميزوا عن الناس، فالناس في غفلة وهم في طاعة، والناس في غفلة وهم في ذكر، تميزوا عن الناس والناس في لهوٍ ولعب وهم في جهاد للنفس وذكر للرحمن، أحدهم يتخلف عن قومه الذين منعوا الصدقة وهو يريد أن يتصدق، ومع ذلك يفعل ذلك سراً، لا يعلم عطيته إلا الله والذي أعطاه، ولو شاء لأعطاه أمامهم، والثاني: رجل يترك الناس حتى يرقدوا، فإذا رقدوا قام بين يدي الله يتملق الله هكذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول الله: (يتملقني)، يعني: يتضرع لي، ويتذلل بين يدي، ويثني عليّ ويمدحني يريد أن أعطيه.

    والثالث: رجل تميز عن الناس وقت الفرار من العدو، انهزموا وقابل العدو بصدره، إما أن يفتح له وإما أن يقتل، فاستحقوا محبة الله تعالى، فالتميز عن الناس بالذكر وقت الغفلة، وبالطاعة وقت الكسل، وبالإقبال وقت الإدبار، وبالجهاد وقت التخاذل، بهذه الصفات ينال المؤمن محبة الله تعالى، هكذا كان حال النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان، وهو موضع حديثنا.

    1.   

    سبب إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان

    غفلة الناس عن شعبان لوقوعه بين شهرين عظيمين

    نحن في أول جمعة من شعبان، وفي اليوم الخامس منه، فماذا ينبغي لنا أن نكون عليه في شعبان، كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان؟ يقول أسامة رضي الله عنه كما في سنن النسائي : ( يا رسول الله! لم أرك تصوم شهراً من الشهور كما تصوم في شعبان ), لا أراك تكثر في أي شهر من الشهور من الصوم كما تكثر في شعبان، وصفته كما في صحيح مسلم : ( كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً )، يعني: أكثر ما يصوم في شعبان، يسأله أسامة : لماذا تكثر الصيام في شعبان؟ لم أرك تصوم من الشهور كما تصوم في شعبان، ما السبب؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: ( ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان )، شهر يغفل الناس عنه، واقع بين شهرين عظيمين، والناس في جاهليتهم كانوا يعظمون رجباً، وجاء الإسلام وأقرهم على تعظيم رجب، وهو أحد الأشهر الحرم الأربعة، لكن لما جاء الإسلام عظّم شهر رمضان، فأنزل الله فيه القرآن، وفرض فيه الصيام، وفيه ما فيه من الفضائل التي نعلمها ونسمعها دائماً، شهران عظيمان، وبينهما في الوسط شهر شعبان، الناس كانوا يشتغلون بتعظيم رجب، وبتعظيم رمضان، وربما يغفلون عن شعبان، فنبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن إلى هذه الجهة المهمة، وهي الاهتمام بهذا الشهر وقت غفلات الناس، فالناس يغفلون عنه، ونحن اليوم أشد غفلة؛ لأنه وافق إجازتنا الصيفية، ووافق اشتداد الحر في الدوحة، فالناس يتقلبون في أرض الله في الأسفار، منهم من يضرب في الغرب، ومنهم من يضرب في الشرق، ومنهم من يذهب إلى زيارة الأهل والأوطان، وكل ذلك يجمعه قاسم مشترك واحد وهو الغفلة عن هذا الشهر، الغفلة عن اغتنام أيام هذا الشهر، شهر شعبان، قد لا تكون هذه الغفلة محرمة، ليس بالضرورة أن يقع الإنسان في الإثم، ولكن الإنسان الحريص على نفسه يبغي عند الله تعالى أعلى المقامات وأرفع الدرجات، ليس بالضرورة أن يغفل فيقع في الحرام، ولكنه يغفل فيفوت كثيراً من الحسنات، وقد جاء في الحديث: ( إن أهل الجنة يوم القيامة لا يندمون على شيء ) وهم أهل الجنة، ويعلمون يقيناً أنهم سيساقون إلى الجنة آمنون من العذاب، ومع ذلك يندمون ويتحسرون، لا يندمون ولا يتحسرون على شيء ( إلا على ساعة مرت عليهم في الدنيا لم يذكروا الله تعالى فيها )؛ لأنه لو كان ذكر الله فيها لارتفع درجات، وقد سماه الله يوم التغابن، يعني: كل واحدٍ يرى نفسه مغبوناً حتى من دخل الجنة يرى نفسه مغبوناً؛ لأنه لو ازداد عملاً صالحاً لكانت درجته أعلى ومقامه أرفع، وماذا يضيره؟ ما الذي سيكلفه لو كان ذكر الله تعالى، فإن ذكر الله يسير على اللسان؟ وبه يرتقي الإنسان أعلى الدرجات في الجنان، فحق له أن يتحسر، وحق له أن يتندم؛ لأنه لم يتنبه لساعات عمره في الدنيا، فشهر شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، هذه العلة الأولى.

    شعبان شهر تعرض فيها الأعمال

    والعلة الثانية: وردت في حديث آخر: ( فيه تعرض الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ) الأعمال تعرض على الله عرضات عديدة، تعرض عرضاً يومياً، كل يوم يعرض عملك على الله، وكل ليلة يعرض عملك فيها على الله، كما جاء في الحديث: ( يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل )، فترفع الأعمال وتعرض على الله عرضاً تفصيلياً، كل ما قلته، وكل ما فعلته يعرض على الله تعالى في اليوم والليلة، وهناك عرض أسبوعي يوم الإثنين ويوم الخميس، قال عليه الصلاة والسلام: ( فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم )، وهناك عرض سنوي فتعرض الأعمال على الله في شعبان، وهناك عرض كلي بعد ذلك فتعرض الصحائف على الله وعلى صاحبها يوم القيامة، فيقول كل إنسان: مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49].

    تعرض الأعمال على الله في شهر شعبان، وفيها تفصيلات كثيرة، كل كلمة تقولها ربما تكون من اللغو، وربما تكون من الإثم، كل حركة تحركتها يداك أو عيناك، فيحب النبي عليه الصلاة والسلام، وهو من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، هذا إذا كانت له ذنوب، فيحب أن يعرض عمله وهو صائم؛ حتى يتجاوز الله عز وجل عنه، فيمسح عنه ما شاء، ويثبت ما شاء، كما قال سبحانه: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39]، يمحو الله بعض الأعمال، ويثبت بعض الأعمال، حين تعرض عليه الأعمال، تعرض عليه التفصيلات، كل كلمة تقولها، يقال: فلان قال كذا وقال كذا وقال كذا، فيمحو الله ما يشاء، يعفو.. يصفح.. يأمر بأن تمسح هذه وتثبت هذه، يمحو ما يشاء ويثبت، فيحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض عمله على الله تعالى وهو صائم.

    كتابة أقدار العباد في شهر شعبان

    وهناك علة ثالثة من الإكثار من الصيام في شهر شعبان جاءت في حديث آخر، قال فيه عليه الصلاة والسلام: ( يكتب الله عز وجل فيه كل نفسٍ ميتة، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم ) يقدر الله في هذا الشهر أقدار الناس، أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم، وتملى على الملائكة هذه الأعمال، وتدون في صحف الملائكة، والإنسان يتقلب في الدنيا يذهب ويجي، يشتري ويتزوج ويبني، وهو مكتوب في هذه الصحف أنه من الأموات، وأنه لن يأتي شعبان التالي إلا وهو في القبر وهو لا يدري، فقال عليه الصلاة والسلام: ( فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم ).

    شعبان توطئة لشهر رمضان

    أيها الإخوة! هذه المعاني كلها يكتنفها هذا الشهر المبارك، شهر شعبان، وهذا الشهر الفضيل بين رجب ورمضان، فيه معانٍ أخر، وهو التمهيد والتوطئة لشهر رمضان المبارك، شهر الخيرات، مواسم التجارة مع الله، يوشك أن يقوم ذلك السوق، وتوشك أن تفتح تلك الأبواب والإنسان يحتاج إلى الاستعداد لتلك المواسم، يحتاج إلى أن يكلف نفسه قليلاً من جهاد النفس في شعبان، حتى تستمرئ العبادة، وحتى تستلذ بالذكر، وحتى تتمرن وتتمرس على الصلاة وقراءة القرآن، فإذا دخل شهر رمضان وجدت نفسها ميسرة سهلة ذليلة منقادة لأداء الطاعات في رمضان، لا سيما في هذا العام الذي نرى فيه ما نرى من الحر واشتداد الجو، نحن بحاجة إلى أن نمرس أنفسنا وندربها على الطاعات قبل دخول هذا الشهر، ولذلك كان السلف يسمون شهر شعبان شهر القراء، لأن الناس ينصرفون فيه إلى قراءة القرآن، ينصرفون فيه إلى ذكر الله، وإلى الصدقات، ويكثرون فيه من الصيام استعداداً لرمضان، وهذا من حكمة الله، أن جعل عبادات من جنس العبادات المفروضة علينا تسبقها وتلحقها، فالصلاة هناك سنن قبلية لها وسنن بعدية، يا ترى ما الحكمة من شرع الله تعالى أن يصلي الإنسان السنة قبل الفريضة؟

    يقول العلماء: هناك حكم جليلة، ومن أهمها: الاستعداد النفسي للطاعة المفروضة، فقبل أن يدخل الإنسان في الفريضة هناك أحاديث للنفس، ربما لو جاء مباشرة إلى المسجد ودخل في الفريضة ذهب أجر الفريضة في أحاديث النفس، وذهبت الفريضة في الوساوس والخطرات، فإذا صلى قبل الفريضة ركعتين استفرغت النفس حاجتها، فإذا لم يستطع مجاهدتها ومقاومتها، ذهبت حاجات النفس ووساوسها وأحاديثها في هاتين الركعتين، فإذا دخل في الفريضة دخل بنفس مقبلة على هذه الطاعة فسلمت الفريضة، هذا شيء من رحمة الله بهذا الإنسان ليكمل لك الأجر، وتتم لك الفريضة، ولذلك شرع لك أن تصوم في شعبان قبل رمضان.

    أفضل شهر يصام بعد رمضان

    والفقهاء مختلفون: أي الصيام أكثر أجراً بعد رمضان؟ فكثير منهم يقول: بأن صيام شعبان أفضل الصيام بعد الفريضة، ودليلهم على هذا أمران:

    الأمر الأول: إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان، فقد كان يصوم شعبان كله إلا قليلاً، كما قالت عائشة : فإكثاره من الصيام في شهر شعبان، وتحريه للصيام في شهر شعبان دليل على فضله.

    الأمر الثاني: أن شعبان قبل رمضان، فمقامه كمقام الراتبة من صلاة الفريضة، ولا شك أن الراتبة أهم من غيرها من النفل المطلق.

    التحذير من الغفلة في شهر شعبان

    أيها الإخوة! نحن في زمن شريف فاضل، إنه شهر شعبان، ينبغي ألا نغفل عنه، وأن نطرد عن أنفسنا الغفلة، ونحاول تمرين أنفسنا وتدريبها على الطاعات حتى تسهل علينا في شهر رمضان، وهذه الطاعات مراتب، والناس فيها أوزاع وأصناف، وما كل أحدٍ منا يقدر على ما كان يقدر عليه رسول الله، لو شق على الواحد منا الإكثار من الصيام في شهر شعبان، فلا أقل من أن يجاهد نفسه ليصوم الإثنين والخميس، ويصوم الأيام البيض الثلاثة، وإذا عجز عن ذلك كله فلا أقل من أن يكثر من قراءة القرآن، والإكثار من ذكر الله والمحافظة على الجماعة في المسجد لا سيما جماعة الفجر وجماعة العشاء، فـ(من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله)، و(من قال: سبحان الله وبحمده غرست له في الجنة نخلة)، اقرءوا القرآن فإن لكم بكل حرف حسنة، قال عليه الصلاة والسلام: ( لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف، والحسنة بعشر أمثالها، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن )، أكثروا من الصدقات في شهر شعبان إعانة للفقير على التقوي في شهر رمضان، وقضاء حاجاته، وتسكين روعته، وما أكثر الأعمال الصالحة التي يستطيع الإنسان بها أن يمهد لنفسه عند الله، ويدخر لنفسه خبيئة عند الله، فيكون ممن أحبهم الله: (رجل تخلف عن قومه، فتصدق بصدقة فأخفاها فلا يعلم عطيته إلا الله والذي أعطاه، فنال محبة الله، ورجل قام يصلي في الليل ولو ركعتين، يتملق فيها لله عند غفلات الناس، فأحبه الله)، فطريق محبة الله ميسورة.

    نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.

    1.   

    أحكام مهمة تتعلق بشهر شعبان

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    إخوتي في الله! ومن الأحكام المهمة في شهر شعبان: التفطن لأحكام قضاء من عليه قضاء من رمضان، وهذا نحتاجه في تنبيه الأهل في البيوت: النساء والبنات، فقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها كما في الصحيح: ( كان يكون عليّ الصوم من رمضان فلا أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، لشغلي برسول الله صلى الله عليه وسلم )، تحكي أنها كانت تؤخر صيام القضاء، فلا تقضي ما عليها إلا في شعبان، والسبب الاشتغال برسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لا يجوز التأخير حتى يدخل رمضان الآخر، لا يجوز للإنسان إذا كان عليه قضاء أن يؤخر القضاء من غير ضرر حتى يدخل رمضان التالي، أما من كان له عذر كمرض دام عليه حتى دخل رمضان التالي، أو امرأة حامل لا تستطيع الصيام أو نحو ذلك، من كان له عذر فلا حرج عليه أن يؤخر القضاء حتى يدخل رمضان التالي ثم يقضي بعد رمضان التالي، أما لغير عذر فلا يجوز، ومن أخر القضاء حتى دخل رمضان لغير عذرٍ وجب عليه أن يقضي بعده، وأن يكفر عن هذا الإثم الذي ارتكبه، فيكفر مع الصيام إطعام مسكين عن كل يوم، كفارة لما ترك وفاته من قضاء الصوم في محله، إلا إذا كان له عذر فلا كفارة عليه.

    ومن الأعذار: الجهل بوجوب الكفارة، فإذا كان الإنسان لا يعلم أن عليه كفارة إذا أخر الصيام، فإن هذا من جملة الأعذار التي تسقط عنه الكفارة.

    المهم علينا أن نتنبه، وأن ننبه من ولانا الله أمرهم من النساء والبنات بأن من عليها قضاء أن تتدارك ما عليها قبل أن يدخل رمضان، كما سمعتم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها.

    نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يأخذ بأيدينا إلى كل خير، وأن يعصمنا من كل شرٍ وضير، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

    اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

    اللهم اغفر لمن حضر هذه الجمعة ولوالديه، وافتح للموعظة قلبه وأذنيه، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

    اللهم انصر عبادك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين!

    اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756234730