إسلام ويب

القلب وما يتعرض له من أحوالللشيخ : أحمد سعيد الفودعي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القلب في بدن الإنسان ملكه الآمر وسلطانه الحاكم، وهو الذي تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده، ويلين القلب بذكر الله والموت والتفكر في أحوال الماضين، ويقسو القلب بمعصية الله وكثرة الأكل والكلام.

    1.   

    منزلة القلب والخوف من قسوته

    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    إخوتي في الله! قال الإمام الواعظ مالك بن دينار رحمه الله: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلبه.

    وفي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي وغيره عن عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب! ثبت قلوبنا على طاعتك ).

    القلب هذه القطعة الصغيرة الحجم، الكبيرة القدر، هي بمنزلة الملك على هذا البدن المالك له، المتصرف في أجزائه، يأتمر بأمره، ويقف عند نهيه. والقلب وما يتعرض له من لين وقسوة، وعليه مدار السعادة أو الشقاء، فهنيئاً لمن رزق قلباً ليناً سليماً، وسحقاً وبعداً لمن مات على قلب شقي قاس، فإن أبعد الناس من الله القلب القاسي.

    القلوب تلين، فإذا لانت وخضعت أقبلت على الله، وأكثرت من ذكره وطاعته، فأفلح صاحب ذلك القلب، والقلوب تقسو وتجفوا فتكون سبباً للابتعاد عن الله وعن ذكره، والطرد من رحمته.

    فما أحوج الإنسان العاقل أن يتفكر في أحوال قلبه، وما يعرض له من الآفات، وما ينقصه من الدواء حتى يعالج هذه المضغة (فإذا صلحت صلح الجسد كله), كما أخبر بذلك الصادق المصدوق.

    يقول الإمام ابن القيم رحمه الله وهو يتكلم عن هذه الجزئية: إذا تأملت حال القلب مع الملك والشيطان رأيت أعجب العجاب، فهذا يلم به مرة، وهذا يلم به مرة، فإذا ألم به الملك حدث من لمته الانفساح والانشراح، والنور، والرحمة، والإخلاص، والإنابة، ومحبة الله، وإيثاره على ما سواه، وقصر الأمل، والتجافي عن دار الغرور، فلو دامت له تلك الحال كان في أهنئ عيش وألذه وأطيبه.

    لكن تأتيه لمة الشيطان فتحدث له من الضيق، والظلمة، والهم، والغم، والخوف، والسخط على المقدور، والشك في الحق، والحرص على الدنيا وعاجلها، والغفلة عن الله ما هو من أعظم عذاب القلب!

    الإنسان يتنعم حين يلين قلبه، ويشقى ويتعذب حين يقسو هذا القلب.

    لين القلب أو قسوته له أسباب في متناول العبد، فإذا تناول العبد أسباب القسوة قسا قلبه فابتعد عن الله، وابتعد عن رحمته، وقلل من ذكره، وزهد في طاعته، وإذا ما أخذ بأسباب لين القلب ورقته قرب من الله فصلحت له أحوال دنياه وأحوال أخراه.

    نحن نريد أن نقف في لحظات نذكر أنفسنا بأسباب المسألتين: أسباب لين القلب، وأسباب قسوته.

    1.   

    أسباب قسوة القلب

    إن ما نراه اليوم من أحوال في مجتمعاتنا، وما نراه اليوم من فساد في دنيانا، وما نراه اليوم من قلة ذكر الله، والابتعاد عن شرعه، ما هو إلا أثر بسيط من آثار هذه القسوة الغالبة، فإذا قست القلوب حصل ما حصل بالناس من فساد.

    أيها الإخوة! هنا نذكر أنفسنا بهذه الأسباب بغية الابتعاد عنها، ومعالجتها، والتقليل منها، ومجاهدة النفس لتجنبها.

    كثرة الكلام بغير ذكر الله

    أول هذه الأسباب: كثرة الكلام بغير ذكر الله, كما نطق بذلك الشرع الحنيف، فقد روى الترمذي رحمه الله في سننه وحسنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله, فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسي القلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي ) .

    وكثرة الكلام بغير ذكر الله أن تلهج هذه الألسن صباحاً ومساء بأغراض الدنيا، ولكل واحد منكم أن يسأل نفسه سؤالاً منصفاً ناقداً عن المجالس التي نعقدها بالساعات، ونقضيها على كراسينا في الوظائف، وفي طرقاتنا، يا ترى ما هو الغالب من كلامنا فيها؟ أليست مجالسنا نوادٍ للحديث عن البنيان والعمران؟ أليست مجالسنا نوادٍ للحديث عن الناس وما فعلوا وما كسبوا؟ أليست مجالسنا نوادٍ للحديث عن الأسهم صعوداً وهبوطاً؟ أليست مجالسنا مجالاً للحديث عن الدنيا وأعراضها وأغراضها؟

    كم مرة في المجلس يذكر الله؟! كم مرة في المجلس يصلى على رسول الله؟! كم مرة في المجلس يذكر الموت؟! كم مرة في المجلس يطلب الجالسون أحداً ليعظهم ويذكرهم؟!

    إنه الكلام بغير ذكر الله، إنه الاشتغال بغير الله، وهذا لازم له تلك القسوة في هذه القلوب، (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله! فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسي القلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي).

    كثرة الضحك

    ومن أسباب قسوة القلب: كثرة الضحك، وكثرة اللهو، وكثرة اللعب، وفي الحديث: ( فإن كثرة الضحك تقسي القلب ) هكذا يقول عليه الصلاة والسلام.

    كثرة الأكل

    ومن أسباب قسوة القلب: كثرة الأكل، فإذا شبع البطن غفل القلب عن ذكر الله، وإذا شبع البطن نامت العينان، وإذا شبع البطن اشتغل بعد ذلك بما يمليه ذلك الشبع من الشهوات، فكلما أكثر الإنسان من الأكل ترتب على ذلك مفاسد تلحقه من ذلك، فإذا قل طعام الإنسان وإذا جاع بطنه وإذا أظمأ نهاره قربت نفسه من الله.

    وفي ذلك جاءت حكمة الله عز وجل بتشريعه الصيام، فما أحوج الإنسان أن يكثر من هذه العبادة الجليلة ليعالج قلبه، فإن القلب أقرب ما يكون من الله مع المعدة الفارغة.

    الأكل من الحرام

    ومن أسباب قسوة القلب وهو أعظمها وأهمها: الأكل من الحرام وإن قل، فإذا أكل المسلم ديناراً أو درهماً من الحرام أثر ذلك في قلبه لا محالة. ألم تسمع النبي عليه الصلاة والسلام وهو يتكلم عن الرجل: ( أشعث أغبر، يطيل السفر، يمد يديه إلى السماء، يقول: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له!).

    إذا أكل الإنسان الحرام فقد أخذ بالأسباب التي تبعده عن الله بجدارة، إذا أكل الإنسان الحرام فقد ركب الطريق الذي يوصله إلى عدو الله، ويبعده عن رضوان الله.

    فما أحوج الإنسان الحريص على سلامة آخرته أن يحاسب نفسه على كل درهم ودينار يصل إلى يديه!

    كثرة الذنوب

    ومن أسباب قسوة القلب: كثرة الذنوب، كما أخبرنا الله جل شأنه في كتابه: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14].

    إن هذا القلب جوهرة مضيئة في جوف هذا الإنسان يدله على الخير ويدفعه إليه، فإذا أظلم هذا القلب أو لطخ بأنواع الذنوب وأنواع المعاصي أغلقت أمامه الأبواب، وأظلمت أمامه الطرق، فهيهات بعد ذلك أن يصل إلى مقصود الله.

    وهذه الجوهرة النظيفة كلما لطختها بذنب ينبغي لك ويجب عليك إن كنت عاقلاً أن تحرص على التوبة والاستغفار لتصقله من جديد، هكذا يقول عليه الصلاة والسلام: ( إن العبد إذا أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء, فإذا هو نزع ترك الذنب واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن زاد زادت )، أي: إذا زاد من الذنوب زادت تلك الظلمات عليه، (ثم تلا قول الله سبحانه وتعالى: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14] ).

    وصدق من قال:

    رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها

    وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها

    إذا شئت أن يحيا قلبك نقياً طاهراً بعيداً فعليك إذا وقعت في الذنب أن تبادر وأن تسرع إلى التوبة والاستغفار، فباب التوبة مفتوح.

    وإذا ما وقعت في زلة أو معصية فاعلم (أن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل)، والمحروم من حرم نفسه.

    النظر إلى الحرام

    ومن أسباب قسوة القلب والابتعاد عن الله: تلك المناظر التي نراها صباحاً ومساءً بأعيننا، فإذا جلسنا في مجالسنا فإن الشاشة تطاردنا بأنواع المناظر المحرمة، وإذا خرجنا إلى أسواقنا فإن أعيننا تقع على أنواع شتى من المنكرات وتطارد أبصارنا هنا وهناك، والعين بريد القلب، فإذا رأى العين ما يسخط الرحمن أرسل تلك الصورة إلى القلب فطبعت فيه ما تطبع فيه، فأورثت فيه أنواع البلابل والحسرات.

    أيها الإخوة! إننا بحاجة أن نصون هذا القلب، وأن نصون منافذه، ومن المنافذ التي منها يصل الشيطان إليه لإفساده: السمع، البصر، اللسان، المأكل، المشرب، المناكح، فإذا وصل عدوك إليه وأفسده فهيهات أن يظفر الإنسان بشيء بعد ذلك، ( ألا وإن في الجسد مضغة, إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ).

    أقول ما تسمعون, وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    أسباب لين القلب

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    إخوتي في الله! علينا أن نعلم يقيناً بأن هذا القلب إذا صلح بيسير من الأعمال فإنه يدفع بالإنسان إلى رضوان الله والفوز الذي لا بعده خسارة، ويدفع به إلى الرضوان الذي ليس بعده سخط، ويدفع به إلى السعادة التي لا يشقى بعدها أبداً، وإذا صلح هذا القلب دفع به إلى لحظة يكتب الله عز وجل فيها على هذا العبد رضوانه، فلا يسخط عليه أبداً.

    إن الله عز وجل حرم على النار عيناً بكت من خشية الله، وهيهات أن تدمع العين ما دام القلب قاسياً.

    ومن العجيب أن يقف أحدنا على القبر، والناس يوسدون الميت في قبره ويضعونه في تلك الحفرة الضيقة وبعض الناس يضحكون على القبر.

    فهيهات أن يلين القلب! وهيهات أن تدمع العين إذا قسا القلب.

    إذا قسا القلب حرم الإنسان كثيراً من المقامات الإيمانية التي بها يكتب الله عز وجل عليه الرضوان، والله! ثم والله! ما شيء أشد على الإنسان اهتماماً في هذه الدنيا من إصلاح قلبه، ولو لم يكن الأمر كذلك ما كان أكثر دعاء النبي عليه الصلاة والسلام: ( يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ).

    هذا الدعاء الذي كأن يكثر منه المعصوم عليه الصلاة والسلام، فهل يليق بعد ذلك بأمثالنا أن يغفل عن هذا الحدث العظيم؟ إنه لين القلب كيف نحصله؟ لين القلب كيف نأخذ بأسبابه؟

    هذه أسباب مطروحة للناس، والعاقل من جاهد نفسه للأخذ بها، والمغفل من تعامى عنها كما أفسد قلبه قبل سماعها.

    كثرة الذكر

    أول هذه الأسباب: كثرة ذكر الله تعالى, فإن من لهج بشيء أوصله ذلك إلى حب ما ذكر، فمن أحب الدنيا أكثر من ذكرها، ومن أحب الله أكثر من ذكره، ومن أحب الآخرة أكثر من التعلق بها وتذكرها، ومن أحب الدنيا وانغمس فيها إلى أذنه اشتغل بها.

    إن كثرة ذكر الله من أعظم الأسباب التي تحيي القلب، وتعيد للروح نقاءها وصفاءها، وتعيد لهذا الوجدان إقباله على الله، وهذه الحقيقة تقررها آيات القرآن في مواضع عديدة: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد:28].

    إن العاقل من سأل نفسه: كم من لحظات اليوم والليلة يشغلها بذكر الله؟ هل إذا استيقظت من نومك ذكرت الله؟ هل إذا أتيت فراشك ذكرت الله؟ هل إذا دخلت الخلاء ذكرت الله؟ هل إذا دخلت المسجد ذكرت الله؟ هل تؤدي أذكار الصباح والمساء؟ هل تجلس بعد الصلاة لأداء الأذكار الراتبة؟

    كم مرة ذكرت الله قبل غروب الشمس وقت الأصيل؟ وكم مرة ذكرت الله قبل طلوع الشمس؟ كم ساعة من نهارك تشغله بذكر الله تعالى؟ والله إنها عبادة كما أنها عظيمة الأجر هي والله عظيمة الأثر في صنع إنسان مؤمن تقي.

    ولذلك حثنا القرآن على ذكر الله بأنواع الحث، ومن ذلك قوله: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر:23] ، لا سبيل إلى إلانة القلب وإلى إصلاح أحوال الإنسان غير ذكر الله والتعلق بكتابه!

    وهؤلاء هم الذين هداهم الله فسلكوا الطريق الأرشد، والطريق الأقوم، وسلكوا الهدي القاصد فوصلوا إلى ما أراده الله عز وجل لعباده المؤمنين.

    إن كثرة ذكر الله كما جاء في الأثر عن أبي ذر : ( إن القلوب لتصدأ )، نعم يصيبها الصدأ، وتصيبها الأوساخ، وليس لها علاج ناجع فيها مثل ذكر الله، ( إن القلوب لتصدأ، وإن جلاءها ذكر الله )، أي: تصفيتها بالتوبة والاستغفار وذكر الله آناء الليل وآناء النهار، فهو والله الحديث النافع.

    الإحسان إلى الضعفاء واليتامى

    ومن أعظم ما يؤثر في القلب رقةً وليناً: الإحسان إلى الضعفاء، والإحسان إلى اليتامى، وتفقد أحوال المستضعفين، فقد شكا رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام قسوة قلبه فدله على الطريق الناجع، قال: ( إذا أردت أن يلين قلبك فامسح رأس اليتيم، وأحسن إلى المسكين ).

    التفكر في أحوال الماضين

    ومن أكثر ما يلين القلب ويعيد الإنسان إلى الرشد التفكر في أحوال الماضين، كم قبلك من أناس ملكوا؟ كم قبلك من أناس سادوا وترأسوا؟ كم قبلك من أناس وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الدنيا؟ أين هم اليوم؟ أين يتقلبون اليوم؟ وأين تلك الحصائل التي حصلوها؟

    إن ذكر الموت وزيارة القبور والتفكر في أحوال الموتى علاج ناجع لمن قسا قلبه.

    ولذلك أخبرنا عليه الصلاة والسلام بأن زيارة القبور تذكر الآخرة، فقال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكر الآخرة ) .

    جاء بعض الناس إلى الإمام أحمد يشكو إليه قسوة قلبه، فقال له رحمه الله: ادخل المقبرة لترى الرؤساء والزعماء والأثرياء والأغنياء، لترى الوجهاء والشرفاء، لترى كل من وصلوا إلى شيء من نعيم الدنيا، أين هم اليوم؟ ومصيرك مصيرهم.

    تذكر الموت

    إن تذكر الموت، وتذكر القبور، وما يجنيه الإنسان بعد موته، وربما يفصله عن الموت لحظات، وربما أنفاس، إن تذكر هذه الحقائق يعيد إلى الإنسان رشده، فيرتب أولوياته، ويهتم بأعماله أولاً بأول، والموفق من استمع القول فاتبع أحسنه.

    نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

    اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار.

    اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

    اللهم اغفر لمن حضر هذه الجمعة ولوالديه، وافتح للموعظة قلبه وأذنيه، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

    اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، واخذل الكفرة والمشركين، أعداءك أعداء الدين.

    اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واشغله في نفسه، واجعل تدميره في تدبيره يا قوي يا عزيز.

    اللهم يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام أنج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل لهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية.

    اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755812730