إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [492]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    الحيلولة بين الإنسان ومن يريد الزواج منها بسبب مشاكل بين الأسرتين

    السؤال: فضيلة الشيخ! عزم أخي على الزواج من امرأة لكنها من عائلة بيننا وبينهم خلافات، فحاولنا أن نثنيه عن عزمه بالقول له بأنها ليست جميلة وبأنها ليست على دين حتى غير رأيه في الزواج وتزوج بأخرى، وفي الحقيقة ما ذكرناه فيها ليس صحيحاً، فهل علينا إثم في ذلك؟

    الجواب: ينبغي للإنسان إذا أراد أن يتزوج أن يختار ما اختاره النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: ( تنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك )، فأهم شيء في المرأة أن تكون صالحة في دينها مستقيمة في أخلاقها، فإن هذه هي أهم الأوصاف التي تطلب لها المرأة.

    وينبغي لمن أراد أن يتزوج بامرأة أن يتشاور مع أهله ومع إخوانه قبل أن يقدم، فإذا اتفق الرأي على امرأة فهذا هو المطلوب، وإن اختلف الرأي فلا شك أن المقدم قول الخاطب؛ لأنه هو الذي سوف يتلقى هذه المرأة بخيرها وشرها، ولا يحل لأهله أن يعارضوه فيما يريد؛ لأن ذلك حيلولة بين الإنسان وما هو حق له، فإذا رأوا أن هذا الخاطب مصر على أن يتزوج بهذه المرأة التي أعجبته فإنه لا يحل لهم أن يمنعوه منها على أي حال كان، وهؤلاء القوم الذين حاولوا منع صاحبهم بالكذب على المرأة ووصفها بأنها غير جميلة وغير صالحة في دينها هؤلاء آثمون؛ لأنهم قالوا في المرأة ما ليس فيها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الغيبة: ( إنها ذكرك أخاك بما يكره، قالوا: يا رسول الله! أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته )، وهم بإمكانهم أن يثنوا عزم صاحبهم بوسائل أخرى غير القدح في هذه المرأة.

    فعليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يستغفروا للمرأة التي وصفوها بما ليس فيها من صفات العيب ولعل الله أن يتوب عليهم، ولكني أكرر مرة أخرى: أنه لا يحل لأحد أن يحول بين الإنسان وبين من يريده من النساء ويمنعوه من خطبتها سواء كان الأب أو الأم أو الأخ أو العم أو أي إنسان، نعم لو فرض أن الرجل اختار من ليس لها دين أصلاً كما لو عرف بأنها امرأة لا تصلي مثلاً فإنه لا يحل له أن يخطبها، ولأهله أن يمنعوه منها؛ لأن التي لا تصلي لا يحل للمسلم أن يتزوجها، فإن المسلم لا يتزوج الكافرة أبداً، إلا أهل الكتاب فإن الله أباح لنا نساءهم وأباح لنا ذبائحهم فقال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5].

    أقول وأكرر: إنه لا يجوز للإنسان أن يحول بين الرجل وبين مخطوبته إذا كان يرغبها، نعم إذا رأى أن من المصلحة ألا يتزوجها فليحاول إقناعه، وأما إذا أصر على أن يخطب هذه المرأة فإنه لا يحل لأحد منعه منها إلا لسبب شرعي.

    1.   

    ذكر بعض أصناف الناس ممن لا يغفر له في الدنيا

    السؤال: صعد رسول صلي الله عليه وسلم المنبر ذات يوم فقال: آمين ثلاث مرات، فسأله الصحابة رضي الله عنهم: على ما أمنت يا رسول الله. فما هو الحديث؟ وما معناه؟

    الجواب: الحديث أن النبي صلي الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: ( آمين آمين آمين، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن تأمينه فقال: أتاني جبريل فقال: رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك، قل آمين فقلت آمين، ثم قال: رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له قل آمين فقلت آمين، ثم قال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قل آمين فقلت آمين )، والمعنى ظاهر، فالجملة الأولى في رجل ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصل عليه، وهذا الحديث يدل على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر عند الإنسان، فإن لم يفعل فإنه يستحق أن يدعى عليه بهذا الدعاء: رغم أنفه، ومعنى رغم أنفه أي: سقط في الرغامة والتراب، وهذا كناية عن ذله وإهانته.

    الثاني: أدرك رمضان فلم يغفر له؛ وذلك بأن يهمل صيام رمضان وقيام رمضان، فإن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، فإذا أهمل وأضاع فإنه لن يحصل على هذا الثواب العظيم ويكون قد رغم أنفه.

    والثالث: رجل أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة أي: لم يقم ببرهما الذي يكون سبباً لدخول الجنة؛ فهذا أيضاً ممن دعا عليه جبريل وأمن عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرغم أنفه، أي: يصاب بالذل.

    1.   

    الخروج من خطبة الجمعة لإطفاء الحريق

    السؤال: ذهب رجل إلى المسجد لصلاة الجمعة، وبعد أن حضر الإمام إلى المنبر وبدأ خطبة الجمعة جاء ابن هذا الرجل وقال له: إن حريقاً شب في البيت فخرج الرجل مستنفراً البعض من المصلين فأطفئوا الحريق وعادوا إلى المسجد وقد انتهت الصلاة، فما حكم ذلك؟ وما حكم الناس الذين فاتتهم الصلاة؟

    الجواب: ذلك لا بأس به، أي: أن الإنسان إذا تخلف عن الجمعة أو غادر مكان الجمعة ولو بعد حضور الإمام من أجل إطفاء الحريق الذي في بيته أو في بيت أخيه المسلم فلا بأس به، بل قد يكون هذا واجباً عليه، وإذا فاتته الصلاة فإنه يكتب له أجرها كاملاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المعذور: ( من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً )، فلا حرج على هذا الرجل الذي خرج بعد أن حضر الإمام حين قيل له إن بيتك قد شب فيه الحريق، ولا حرج على الآخرين الذين قاموا بمساعدته، وإذا كانوا رجعوا إلى المسجد بعد أن انتهت الصلاة فإنهم يصلونها ظهراً؛ لأن كل من فاتته صلاة الجمعة فإنه يصليها ظهراً، أما من أدرك بعض صلاة الجمعة فينظر: إن أدرك ركعة كاملة فإنه يصليها جمعة، وإن أدرك أقل من ركعة بأن جاء والإمام قد رفع رأسه من الركوع في الثانية فإنه يصليها ظهراً.

    1.   

    دفع الزوجة زكاة مالها لزوجها وأبنائها

    السؤال: ما حكم دفع الزكاة إلى الزوج إذا كان محتاجاً مثل تسديد الديون؟

    الجواب: دفع الزكاة إلى الزوج إذا كان محتاجاً لتسديد الديون جائزة ولا حرج فيها، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة ذات يوم فأخبرت امرأة عبد الله بن مسعود زوجها بذلك، فطلب أن تتصدق عليه وعلى أولاده، ولكنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ( صدق عبد الله بن مسعود ، زوجكِ وولدكِ أحق من تصدقتِ عليه )، ولأن الله سبحانه وتعالى ذكر أهل الزكاة بأوصاف معينة فقال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ [التوبة:60]، ولم يأت نص من كتاب أو سنة على أن الزوج لا تدفع له زوجته زكاتها أو أن الزوج لا يدفع لزوجته زكاته، فإذا تحقق وصف استحقاق الزكاة في أي إنسان فإنه يجوز أن يدفع له من الزكاة، إلا إذا كان الإنسان الذي يدفع الزكاة للشخص يدفع بذلك حقاً واجباً عليه فإنه لا يجوز، ومعلوم أن الزوجة لا يجب عليها الإنفاق على زوجها ولا يجب عليها قضاء دينه، ولهذا نقول: لو أن الشخص قضى الدين عن والده من زكاته وكان والده لا يستطيع الوفاء فإن ذلك جائز، ولو دفع الزوج زكاته في قضاء دين زوجته وهي لا تقدر على الوفاء فإنه لا بأس بذلك؛ لأنه يصدق عليهم أنهم من الغارمين.

    أما لو أراد إنسان أن يدفع زكاته لأبيه أو ابنه من أجل أن ينفق بذلك على نفسه والأب الذي دفع الزكاة قادر على الإنفاق على ولده فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه بذلك يدفع عن نفسه واجباً. فالقاعدة العامة في أهل الزكاة: أن كل من اتصف بوصف من أوصاف أهل الزكاة فإنه يجوز أن تدفع إليه الزكاة، لكن إذا كان دافع الزكاة يدفع عن نفسه حقاً واجباً بها فإن ذلك لا يجوز.

    مداخلة: الأم تعطي أولادها من الزكاة؟

    الشيخ: الأم نعم تعطي أولادها من الزكاة إذا كانوا فقراء ولم تجب عليها نفقتهم، أما إن وجبت عليها نفقتهم لكونها غنية جداً وأولادها فقراء فإنها تنفق عليهم من مالها، لكن لو لزم أحدهم دين فإنه يجوز أن تقضيه من زكاتها.

    1.   

    ضوابط في إصلاح المرأة شعرها وزينتها فيه

    السؤال: ما حكم جمع الشعر من الأمام في جهة معينة وذلك بأن تفرق المرأة شعرها من الأمام باتجاه مائل؟ وهل يعد عمل هذه المرأة من المائلات المميلات؟

    الجواب: أولاً: يجب على المرأة في تصليح شعر رأسها وتحسينه أن تتجنب شيئين:

    الشيء الأول: أن تتجنب قص شعر الرأس حتى يكون كشعر الرجل، وذلك لأنها إذا قصت شعرها حتى كان كشعر رأس الرجل صارت متشبهة بالرجال، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء ).

    ثانياً: ألا تصلحه على وجه يشبه شعور نساء الكفار فإن ذلك حرام، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم ).

    وبناءً على هذا نقول: إذا أصلحت المرأة شعر رأسها على وجه سليم من هذا فإنه لا بأس به، لكن قد ذهب كثير من العلماء إلى أن المشطة المائلة تدخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات )، فقالوا: إن هذه المشطة المائلة تدخل في قوله: ( مائلات مميلات ).

    كذلك ذهب كثير من أهل العلم إلى أن قص المرأة رأسها مكروه بكل حال، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وذهب آخرون إلى تحريم قص المرأة رأسها إلا في حج أو عمرة.

    1.   

    مس الحائض كتاباً يتضمن شيئاً من القرآن

    السؤال: البعض من المعلمات تضطر إلى أنها تمسك المصحف وهي غير طاهرة وذلك في مجال التعليم الابتدائي علماً بأن المصحف مضاف إلى كتاب التوحيد والفقه، فهل يعتبر هذا في حكم المصحف؟

    الجواب: إذا كان المصحف مضافاً إلى كتاب التوحيد والفقه وكان هذا المجلد أكثر ما فيه من غير القرآن فإنه لا بأس بمسه؛ لأنه لا يعد مصحفاً إذ أن أكثره ليس من القرآن، وأما إذا أضيف إلى غيره وأكثره من القرآن فإنه في حكم المصحف، فلا يجوز لمن عليه حدث أكبر أو أصغر أن يمسه بيده مباشرة، ولكن يمكن أن يمسه من وراء حائل بأن يجعل على يده منديلاً أو تلبس المرأة قفازين أو ما أشبه ذلك.

    1.   

    العدول عن الخطبة وما يترتب عليه

    السؤال: أبعث إليكم برسالتي وأريد منكم التوضيح، حيث إنني وعدت جماعة بأن أتزوج منهم ولم تسمح لي الظروف أن أتزوج منهم، فهل هناك حرج علي أم لا؟

    الجواب: إذا خطب رجل من جماعة أو وعدهم بأن يتزوج منهم ثم بدا له ألا يفعل فلا حرج عليه في العدول عنهم، وهذا هو السر في أن الإنسان ينبغي له قبل أن يخطب المرأة أن ينظر إليها وتنظر إليه فإنه أحرى أن يؤدم بينهما، فإذا نظر إليها ولم تعجبه فله أن يدعها، لكن إن رأى أن يجبر قلبها وقلوب أهلها بشيء من المال فهو حسن، وليس هذا بواجب عليه، بل ولا أعلم فيه سنة، لكن أقوله من عند نفسي: إنه إذا رأى أن يجبر خواطرهم ولا سيما إن كانوا فقراء بشيء من المال فهو حسن؛ لأنه من الإحسان والله يحب المحسنين.

    1.   

    الشعر المباح وميمية ابن القيم

    السؤال: حدثوني عن الشعر المباح؟

    الجواب: هذا يرجع إلى اختيار القصيدة التي تريدها هذه المرأة، ومن أحسن القصائد التي سمعتها الميمية لـابن القيم فإن فيها مواعظ وحكماً ترقق قلب الإنسان، والقصائد في المواعظ والحكم كثيرة ومعروفة يمكنها أن تطالع كتب الأدب وتأخذ منها ما شاءت.

    1.   

    القيام للمعلمة عند دخول الفصل

    السؤال: ما حكم قيام التلميذات في الصف للمعلمة احتراماً عند دخولها الفصل؟

    الجواب: القيام للمعلمة أو المعلم عند دخول الفصل احتراماً وتعظيماً لا ينبغي؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يفعلون ذلك مع نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم وهو أحق الناس بالاحترام والتعظيم، لكن يقال: إنهم يفعلون ذلك من أجل الانتباه والاستعداد للمعلم وما يلقيه من العلم، فإذا كان هذا هو المقصود فأرجو ألا يكون به بأس.

    1.   

    بر الأبوين المتوفين في حق من عقهما في حياتهما

    السؤال: ما أفضل شيء يفعله الولد تجاه والديه المتوفين حيث كان مقصراً في حقهما كثيراً حيث كان خارج البلاد أثناء موتهما، مع أنني عدت إلى بلدي وتمسكت بعقيدتي وصلاتي ولزمت المسجد كثيراً، فهل يكفي الدعاء فقط؟

    الجواب: ليس عليك شيء بالنسبة لأبويك ما دمت قائماً بما تستطيع من برهما في حياتهما، ولك أن تبرهما بعد موتهما بالدعاء لهما والاستغفار والصدقة وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي ليس لك صلة بها إلا بهما، فأنت والحمد لله حسب ما فهمت من سؤالك مستقيم حريص على بر والديك فأكثر من الدعاء لهما، وبذلك يحصل لك تمام البر في الحياة وبعد الممات.

    1.   

    الخشوع في الصلاة وأسبابه

    السؤال: كيف يخشع المسلم في صلاته؟ وما عدد الحركات التي تبطل الصلاة؟

    الجواب: الخشوع في الصلاة ليس هو البكاء كما يظنه بعض العامة، لكن البكاء من أثر الخشوع، الخشوع هو طمأنينة القلب وثباته مع سكون الأطراف، أي: الجوارح اليدين والرجلين والبصر والرأس، والخشوع هو لب الصلاة وروحها، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الإنسان وهو يدافع الأخبثين، أو أن يصلي وهو بحضرة الطعام فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: ( لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ).

    ولا شك أن الشيطان يهاجم المصلي بكل ما يستطيع، فيفتح له من أبواب الوساوس والهواجيس ما لم يخطر له على بال من أجل أن يضيع هذا المقصود الأعظم في الصلاة وهو الخشوع، فتجد الشيطان يطيح به يميناً وشمالاً ويفتح له كل باب، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أعطانا طباً لهذا بأن يتفل الإنسان على يساره ثلاثاً ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فإنه يذهب بإذن الله، والتفل عن اليسار إذا كان الإنسان في غير المسجد واضح، لكن إذا كان في المسجد أو كان على يساره أحد من المصلين فإنه لا يتفل عن يساره ولكن يلتفت إلى يساره ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

    ثم إن من أسباب الخشوع أيضاً: الحرص على التفكر والتأمل فيما تقوله في الصلاة، إن كان قرآناً ففي معنى القرآن، وإن كان دعاء فباستحضار أنك محتاج إلى هذا الدعاء وأن الله قريب مجيب وما أشبه ذلك، فإذا فعلت هذا وكنت تتأمل ما تقوله وتفعله في صلاتك فإن هذا مما يعين على الخشوع في الصلاة.

    وليعلم أن أهل العلم اختلفوا رحمهم الله فيما إذا غلبت الهواجيس على الصلاة أو أكثرها هل تكون مجزئة مبرئة للذمة؟ على قولين، منهم من قال: إذا غلب الوسواس على الصلاة وكان أكثر صلاته هواجيس فإن صلاته لا تصح لفقد الخشوع والخضوع فيها، ولأنه جاء في الحديث أن الإنسان ينصرف من صلاته وما كتب له إلا ربعها، عشرها، وما أشبه ذلك، ولكن أكثر أهل العلم على أن الصلاة مجزئة تبرأ بها الذمة لكنها ناقصة جداً.

    على كل حال، ليحذر الإنسان من انفتاح هذه الوساوس عليه، وليقم بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من التفل عن اليسار ثلاثاً والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فإن الله تعالى يذهب ذلك عنه.

    وأما الحركات التي تبطل الصلاة فليس لها عدد معين، ولكن الحركات التي تنافي الصلاة بحيث تكون كثيرة متوالية هي التي تكون حراماً وتبطل الصلاة إن وقعت من المصلي، إلا أن تكون لضرورة كالهرب من النار أو سبع أو عدو أو ما أشبه ذلك فإنها لا تبطل الصلاة ولو كثرت وتوالت، لقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    766312589