إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [269]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم التختم بالحديدة

    السؤال: هل يجوز التختم بالحديد، وإذا كان جائزاً فما هي الأحاديث الواردة في ذلك؟

    الجواب: التختم بالحديدة اختلف فيه أهل العلم، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز، إما مكروه كراهة تنزيه، وإما مكروه كراهة تحريم، واستدلوا على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه حلية أهل النار، وذهب آخرون إلى أنه مباح، واستدلوا لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي طلب منه أن يزوجه المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: ( التمس ولو خاتماً من حديد )، وهذا دليل على جواز التختم بالخاتم، إذ أن الخاتم لا ينتفع به إلا بالتختم، فلولا أنه جائز ما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( التمس ولو خاتماً من حديد )، والأصل الحل إلا ما ثبت تحريمه، والذي أرى في هذه المسألة أنه ينبغي للإنسان أن يتجنبه، لأن الحديث الذي استدل به من قالوا بكراهته تنزيهاً أو تحريماً، وإن كان بعضهم طعن فيه، لكن يوجب للإنسان شبهة، واجتناب الشبهات مما جاءت به الشريعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ).

    1.   

    من عليه ديون كثيرة وعليه نذر فماذا يقدم

    السؤال: رجل عليه ديون كثيرة وعليه نذر أيهما الذي يقدم الأول؟

    الجواب: إذا توفي الإنسان وعليه ديون لله عز وجل من نذر أو كفارة أو زكاة وديون للآدميين، فإن القول الراجح في هذه المسألة، هو محاصة بين الديون التي لله عز وجل والتي للآدميين.

    وكيفية المحاصة: أن نحصي ما عليه من الدين، ثم ننسب ما خلفه من المال إليه، فإذا قدر أن نسبة ما خلفه من المال إلى الديون النصف أعطينا كل ذي دين نصف دينه، وإذا كانت النسبة الربع أعطينا كل ذي دين ربع دينه، وإذا كانت النسبة بين ثلثين، أعطينا كل ذي دين ثلثي دينه وهكذا، أما إذا كان ذلك في حياته، وتعارضت هذه الديون، فإنه كذلك يجعل ما عنده بينها بالحصص، إلا ما سبق وجوبه.

    1.   

    معنى قوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق..)

    السؤال: ما معنى الآية الكريمة: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ [فصلت:53]، والآية الثانية يقول: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118]، من هم الثلاثة الذين خلفوا، وما سبب نزول هذه الآية؟

    الجواب: أما الآية الأولى وهي قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت:53]، فإن هذه الآية يعد الله سبحانه وتعالى فيها أنه سيري هؤلاء المكذبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، سيريهم آياته، أي: العلامات الدالة على صدق نبيه صلى الله عليه وسلم وصحة رسالته، والسين هنا للتنفيس والتحقيق، وهو وقوع الشيء عن قرب، وقوله: فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ [فصلت:53]، و(في الآفاق) جمع أفق وهي النواحي، سيريهم الله عز وجل الآيات الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في الآفاق، في فتحه للبلاد وإسلام أهلها، وربما تكون الآفاق هنا أوسع من الفتوحات، فيكون كل ما يظهر من الأمور الأفقية شاهداً لما جاء في القرآن، فإنه يكون دليلاً على صدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وصحة نبوته، وقوله: وَفِي أَنْفُسِهِمْ [فصلت:53]، أي: في أنفس هؤلاء المكذبين، حيث تكون الدولة عليهم فيغلبون، وتكون الغلبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت:53]، أي: حتى يظهر ويبين أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو الحق، ثم قال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53]، يعني: أو لم تكف شهادة الله تعالى على كل شيء، عن كل آية، فإن شهادة الله على الشيء أعظم من شهادة غيره، وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [النساء:79]، وشهادة الله تعالى لرسوله بالحق نوعان: شهادة قولية، وشهادة فعلية.

    أما الشهادة القولية: فإن الله تعالى قال في القرآن الكريم: لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [النساء:166]، فهذه شهادة قولية بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وأما الشهادة الفعلية: فهي تمكين الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض ونصره إياه وإدالته على أعدائه، فإنه إن كان صلى الله عليه وسلم غير صادق فيما جاء به من الرسالة والنبوة ما مكن الله له، لأن الله تعالى لا يمكن لظالم في أرضه، كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء:105]، وقال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور:55]، ولهذا كل من ادعى النبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى لا يمكن له ولا ينصره، بل يخذله ويبين كذبه حتى يظهر للناس أمره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم.

    وأما الآية الثانية: وهي قول السائل: من هؤلاء الثلاثة الذين خلفوا؟ فالثلاثة هم: كعب بن مالك و هلال بن أمية و مرارة بن الربيع ، هؤلاء الثلاثة تخلفوا عن غزوة تبوك التي قادها النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت في وقت حار والثمار قد طابت، والظل محبوب إلى النفوس، ولهذا بين النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الغزوة أنه سيذهب إلى كذا وكذا، فبين للناس جهة قصده، مع أنه كان من عادته إذا أراد غزوة ورى بغيرها عليه الصلاة والسلام، لكن لما كانت هذه الغزوة بعيدة المسافة، وكان الذين يقابلون المسلمين بها جمع كثير من الروم، بين النبي صلى الله عليه وسلم وجهة قصده، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم، تخلف هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم عن هذه الغزوة بدون عذر، فأنزل الله تعالى فيهم: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة:118]، وكان من قصتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة راجعاً من تبوك، جاء إليه المنافقون يعتذرون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ظواهرهم ويكل سرائرهم إلى الله عز وجل، فيستغفر لهم حين يقولون: إن لنا عذراً بكذا وبكذا وبكذا فيستغفر لهم، أما كعب بن مالك وصاحباه رضي الله عنهم فقد صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبروه بالخبر الصحيح بأنهم تخلفوا بلا عذر، فأرجأ النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم حتى يحكم الله فيهم، وأمر الناس بهجرهم وعدم إيوائهم وعدم الكلام معهم، حتى إن كعب بن مالك رضي الله عنه جاء إلى أبي قتادة وكان ابن عمه، فتسور عليه حائطه وسلم عليه ولكنه لم يرد عليه السلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهجرهم، وكان هو -أي: كعب - يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه، يقول: فلا أدري أحرك شفتيه برد السلام أم لا، مع كمال حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، ولما بقوا أربعين ليلة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتزلوا نساءهم، كل هذا مبالغة في هجرهم وتعزيراً عن تخلفهم، حتى يقول الله تعالى في أمرهم ما يريد، وكان في هذه القصة التي بلغت منهم هذا المبلغ العظيم بأن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وظنوا -أي: أيقنوا- أن لا ملجأ من الله إلا إليه، حتى إن كعب بن مالك يقول: تنكرت لي الأرض فلم تكن الأرض التي أنا أعرفها، وتنكر له الناس لا يؤونه ولا يسلمون عليه، ولكن بعد أن مضى خمسون ليلة أنزل الله تعالى الفرج بتوبته عليهم، فلما صلى النبي عليه الصلاة والسلام أخبر الناس أن الله قد أنزل توبتهم، فزال هذا الغم الشديد والكرب العظيم الذي أصابهم في هذه المحنة، وكانت هذه المحنة منحة عظيمة في عاقبتها، حيث صبروا على ما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم من هجرهم، وصبروا على هذه النكبة العظيمة، مع أن كعب بن مالك رضي الله عنه أتاه كتاب من ملك غسان، يقول فيه: إنه قد بلغنا أن صاحبك قد هجرك أو قد قلاك يعني النبي صلى الله عليه وسلم، فالحق بنا نواسك، يعني: ائت إلينا نواسك ونجعلك مثلنا ولكنه رضي الله عنه لقوة إيمانه لما أتاه هذا الكتاب عمد إلى التنور فسجره به وأحرقه وصبر، وإلا فإن الفرصة مواتية له لو كان يريد الدنيا، لكنه يريد الله ورسول الله، فكانت هذه النتيجة العظيمة التي تعتبر من أعظم المفاخر، أنزل الله فيهم كتاباً يتلى إلى يوم القيامة: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة:117-118]، ومعنى قوله: الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118]، يعني: خلفهم النبي صلى الله عليه وسلم وأرجأ أمرهم فلم يقض فيهم بشيء سوى أن أمر بهجرهم، وليس معنى الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118]، يعني: تخلفوا عن الغزوة، ولو كان هذا هو المراد لقال الله عز وجل: وعلى الثلاثة الذين تخلفوا، لكنه قال: الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118]، أي: خلف النبي عليه الصلاة والسلام أمرهم وأرجأه حتى يقضي الله فيه ما أراد، وفي قوله سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة:118]، دليل على كثرة توبة الله عز وجل، لأن التواب صيغة مبالغة تعني الكثرة، وعلى أنه عز وجل يحب التوبة من عباده، وهذا ظاهر في النصوص من الكتاب والسنة، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم براحلته )، وذكر صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل أضاع راحلته في أرض فلاة وعليها طعامه وشرابه، فطلبها فلم يجدها، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت، لأنه أيس من الحياة، فاستيقظ وإذا بخطام ناقته متعلقاً بالشجرة، فأخذ بخطامها، وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح، فإذا كان الله عز وجل يحب التوبة من عبده، فهو كذلك يحب التوبة على عبده، فالعبد يتوب إلى الله، والله عز وجل يتوب على العبد، نسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعلى إخواننا المسلمين.

    1.   

    صفة صلاة الخوف ووقت فرضيتها

    السؤال: ما هي صفة صلاة الخوف، ومتى فرضت؟

    الجواب: صلاة الخوف لها صفات متعددة، منها: ما في حديث سعد بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الجيش إلى قسمين: قسم جعلهم تجاه العدو، وقسم آخر صلى بهم، فصلى بهم ركعة، ثم قام إلى الثانية فبقي قائماً، فأتموا لأنفسهم، أي: أنهم قرءوا ما تيسر من القرآن مع الفاتحة، ثم ركعوا وسجدوا وأتموا الصلاة وانصرفوا في مكان الطائفة التي تحرس، ثم جاءت الطائفة التي تحرس والنبي صلى الله عليه وسلم لم يزل قائماً، فدخلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وصلوا معه الركعة التي بقيت، ثم لما جلس للتشهد قاموا وأتموا صلاتهم وهو في تشهده ينتظرهم، فلما جلسوا للتشهد وتشهدوا سلم بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت المزية للطائفة الأولى أن أدركوا تكبيرة الإحرام، وكانت المزية للثانية أن أدركوا التسليم مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من تمام العدل والإنصاف، وهذه الصفة هي الموافقة لظاهر القرآن، قال الله تعالى: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ [النساء:102]، ومعنى (فإذا سجدوا)، أي: أتموا صلاتهم: فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء:102]، وهذه الصفة التي ذكرناها تطابق ظاهر القرآن، أما الصفة الثانية: فهي ما إذا كان العدو أمامهم تجاه القبلة، ولم يخافوا من كمين يأتيهم من وراء ظهورهم، وهذه الصفة أن الإمام يجعل الجيش صفين: صفاً مقدماً وصفاً مؤخراً، فيبتدئ الصلاة بهم جميعاً، فإذا ركع ركعوا جميعاً، ويقومون جميعاً من الركوع، فإذا سجد سجد معه الصف المقدم، وبقي الصف المؤخر واقفاً، لئلا يأتي العدو فيدهم المصلين، فإذا قام إلى الركعة الثانية وقام معه الصف المقدم، سجد الصف المؤخر، فإذا قاموا تقدم الصف المؤخر وصاروا في مكان الصف المقدم وتأخر الصف المقدم فكان في مكان الصف المؤخر، ثم يفعلون في الركعة الثانية كما فعلوا في الأولى، فإذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم للتشهد وجلس معه الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود، ثم جلسوا معهم ثم سلم بهم جميعاً، ففي هذه الصفة ابتدأ بهم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة جميعاً، وسلم بهم جميعاً، وانظر إلى تمام العدل في شريعة الإسلام، حيث إنه جرى حتى في أماكن هؤلاء المصلين، الذين في الصف المقدم تأخروا وتقدم الصف المؤخر لئلا يقولوا: لماذا يكون هؤلاء في الصف المقدم في كل الصلاة، ونحن في الصف المؤخر في كل الصلاة، وهناك صفات أخرى لصلاة الخوف كلها جائزة، ولكن ليس معنى قولنا: كلها جائزة أنها جائزة على التخيير، بل إنها جائزة على صفة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمثلاً: الصفة الثانية التي ذكرناها لا تصح في مكان الصفة الأولى، والصفة الأولى لا تصح في مكان الصفة الثانية، بل تصلى كل صلاة على صفتها المناسبة بحال القتال، وقد استدل أهل العلم على أن صلاة الجماعة واجبة بما جاء في صلاة الخوف، وقالوا: إنها تتضمن أفعالاً وحركات لا يمكن أن يفعلها الإنسان في حال الأمن، كل ذلك من أجل مراعاة الجماعة، فيدل ذلك على وجوبها، أي: وجوب صلاة الجماعة، وفي قوله: وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ [النساء:102]، دليل على أن صلاة الجماعة فرض عين، ولو كانت فرض كفاية لاكتفى بجماعة الطائفة الأولى.

    1.   

    من هم أصحاب الصفة؟

    السؤال: من هم أصحاب الصفة؟

    الجواب: أصحاب الصفة هم الذين يهاجرون من مكة إلى المدينة وهم فقراء لا يجدون مأوى، فيأتون إلى هذه الصفة التي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ويعيشون فيها على ما تجود به أيدي الناس، وهم غير معينين بأشخاصهم، ولا محصورين بعدد بل يزيدون وينقصون، ويخرج واحد منهم ويرجع آخر وهكذا.

    1.   

    قضاء الصلوات التي تركها الإنسان ثم تاب بعد ذلك

    السؤال: كم كنت أصلي وأترك الصلاة بين فترة وأخرى، عندما أكون في حالة عصبية، ولكنني الآن مستمر عليها، وكذلك الصيام ومن مدة ثلاث سنوات لم أتركها، فهل عليّ قضاء ما فات من الصلاة، وما الحكم؟

    الجواب: قضاء ما فاتك من الصلاة والصيام الذي تركته عمداً لا يشرع لك، لأنه لا ينفعك، فكل عبادة مؤقتة بوقت، وهو أول وآخر، إذا أخرها الإنسان عن وقتها بدون عذر فإنها لا تقبل منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، ومن أخر الصلاة عن وقتها المحدد لها شرعاً فإنه قد عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله، فيكون مردوداً عليه.

    وعلى هذا فنقول لهذا السائل: إنه يكفيك أن تخلص التوبة لله عز وجل، وأن تصلح العمل، وأن تندم على ما مضى، وأن تعزم على أن لا تعود في المستقبل لمثل هذه الأعمال المحرمة، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الثبات على دينه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755805237