إسلام ويب

تفسير سورة الواقعة (4)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن أصناف الناس يوم القيامة ثلاثة: سابقون ومؤمنون وكافرون، فالكافرون هم المعرضون عن الذكر، المكذبون للرسل، المقبلون على الدنيا وزخارفها وملذاتها، المتناسون لليوم الآخر وما فيه من الجزاء والعقاب، فكان جزاؤهم أن استحقوا الخلود في النار، يأكلون فيها من شجرة الزقوم فيملئون منها البطون، ثم يشربون على هذا الطعام المشئوم من ماء الحميم، فيا حسرتهم وهم ماكثون في العذاب المقيم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال)

    الحمد لله, نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وها نحن الآن مع سورة الواقعة المكية، ومع هذه الآيات منها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ * وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [الواقعة:41-56].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ [الواقعة:41] تقدم في سياق الآيات أن هناك السابقين، وأن هناك أصحاب اليمين, والكل سعداء والكل في دار النعيم, والآن مع الثلة الثالثة؛ إذ أصناف البشر ثلاثة: سابقون، ومؤمنون، وكافرون.

    فماذا يقول تعالى؟ يقول: وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ [الواقعة:41] والعياذ بالله تعالى مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ [الواقعة:41]! يا له من شقاء وتعاسة وبلاء! فمن أصحاب المشأمة والشمال؟

    هم اليساريون الشيوعيون، والملحدون العلمانيون، والكافرون والمشركون، أصحاب الشمال هم الذين يؤخذون شمالاً يوم القيامة إلى جهنم، فهم أصحاب المشأمة والشؤم كذلك.

    ومن اللطائف العلمية التي حدثت: أن اليهود والنصارى -وهم أهل الكتاب- يقال فيهم: اليمينيون, وأما الشيوعيون والملاحدة والعلمانيون فسموهم باليساريين.

    هذه الظاهرة منذ سنوات ظهرت, فأهل الكتاب من اليهود والنصارى يقولون: نحن اليمينيون، والملاحدة والشيوعيون البلاشفة الحمر يقال فيهم: اليساريون، وانتقل هذا إلى العرب في بلادهم، فهذا يساري وهذا يميني, وفي الانتخابات هذا يساري وهذا يميني.

    فأصحاب اليسار هم أصحاب الشمال أهل النار، وستسمعون ماذا أعد الله لهم، لأنهم كافرون بالله ولقائه؛ لأنهم مشركون في عبادة الله وربوبيته وألوهيته؛ لأنهم فسقة فجرة لا خير فيهم، فأين ينزلهم الله؟ منازل السوء والشقاء والعذاب في أتون جهنم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (في سموم وحميم ...)

    قال تعالى: وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ [الواقعة:41-42], والسموم: ريح حارة تدخل مسام الجسم والعياذ بالله تعالى، ريح حارة سامة تدخل في سموم الجسم، والحميم: ماء حار لا يطاق ولا يشرب، هذه هي حالهم: فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ [الواقعة:42].

    وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ [الواقعة:43] السحاب الذي فيه ظل هو من النار، فهو من أشد الحرارة, ظل فوقهم وهو هذا السحاب من دخان النار, فالأول السموم, يدخل في عروقهم لحرارته، ثم بعد ذلك في ظل من يحموم.

    قال تعالى: لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الواقعة:44], هذا الظل الذي فوقهم من النار لا هو بارد كأصل الظل, فإذا أظلتك سحابة أو شجرة فظلها يكون بارداً، وهذا ليس ببارد, وَلا كَرِيمٍ [الواقعة:44] قبيح لا كرم فيه, كله قبح وسوء.

    هكذا يقول تعالى: وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الواقعة:41-44] لا بارد ينتفعون ببرودته، ولا كريم له منظر حسن أبداً, كله قبح.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إنهم كانوا قبل ذلك مترفين)

    وعلل تعالى لذلك فقال: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ [الواقعة:45], هذه الآية قفوا عندها وتأملوها، إنهم كانوا قبل موتهم وانتقالهم إلى الدار الآخرة ووجودهم في هذا العذاب الأليم في جهنم؛ كانوا مترفين، فما هو الترف؟

    الترف: كثرة المال والطعام والنكاح والشراب واللباس والسكن وما إلى ذلك، والإعراض عن ذكر الله وشكره، ولهذا ما ينبغي للمؤمن أن يسرف ولا أن يتبجح بطعام ولا شراب ولا لباس ولا سكن ولا مركوب؛ فإن هذه من شأنها أن تغلق القلب عن الإيمان وتبعثه إلى الأهواء والأباطيل.

    فالله تعالى يقول عن أولئك: إنهم قبل وقوعهم في هذا العذاب كانوا مترفين، يقال: أترف يترف: إذا تجاوز الحد في طعامه وشرابه ولباسه وركوبه وسكنه وما إلى ذلك، وأعرض عن ذكر الله وشكره؛ لأنه انغمس في الشهوات والملاذ, فهلك -والعياذ بالله تعالى- ومات على الكفر والشرك، فهذا مصيره, إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ [الواقعة:45], هذا أولاً.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وكانوا يصرون على الحنث العظيم)

    ثانياً: وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ [الواقعة:46], وكانوا يصرون إصراراً كاملاً على الذنوب والآثام، فالحنث هو الذنب العظيم كالشرك والكفر والفسق والفجور والاعتداء والظلم وما إلى ذلك.

    فهنا صفتان نبرأ إلى الله منهما: الأولى: الترف، أترفوا في أموالهم في طعامهم وشرابهم، فلا يزكون ولا يتصدقون ولا يشكرون، انغمسوا في شهوات الدنيا فتركوا الله وذكره.

    ثانياً: الإصرار على الذنوب والآثام، فالحنث هو الإثم العظيم, وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ [الواقعة:46] ألا وهو الكفر والشرك والفسوق والفجور والخروج عن عبادة الله وطاعته.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون ...)

    ثالثاً: وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الواقعة:47], هكذا يتهكمون، هكذا يسخرون، هكذا يستهزئون بمن يقول لهم: اتقوا الله فسوف تموتون وسوف تبعثون وسوف تحاسبون، وتجزون على عملكم، فاتقوا الله. فماذا يقولون؟

    يقولون: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الواقعة:47]؟ أئنا لمدينون؟ هكذا إلى الآن يقولون، فقل للشيوعي الملحد اليساري: ستبعث وتجزى بكذا، فسيقول: كيف أحيا بعد موتي؟ لأن إبليس هو الذي يعلمه هذا ويقرره في نفسه.

    وَكَانُوا يَقُولُونَ [الواقعة:47] أي: في الدنيا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الواقعة:47].

    وَكَانُوا يَقُولُونَ [الواقعة:47] في الدنيا حين يعظهم الواعظ ويذكرهم المذكر، ويدعوهم الداعي إلى الله, يقولون: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الواقعة:47]؟ ومن ثم ما أقاموا الصلاة ولا عبدوا الله.

    ثم يقولون: أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ [الواقعة:48] أيضاً؟ حتى أجدادنا يبعثون؟ فهذا هو التكذيب بالبعث والجزاء والدار الآخرة، والآن أكثر، أما الشيوعيون والعلمانيون والمشركون فوالله! ما بينهم من يؤمن بلقاء الله والدار الآخرة أبداً، لكن اليهود والنصارى الذين على النصرانية واليهودية يؤمنون بالبعث والدار الآخرة، لكن هل ينفعهم هذا الإيمان؟ إذا لم يعملوا الصالحات التي شرعها الله وبينها وأنزل بها كتابه وبعث رسوله فوالله! ما ينفعهم، لكن حالهم أحسن من حال أولئك الملاحدة والعلمانيين والشيوعيين.

    هكذا يقول تعالى عنهم: وَكَانُوا [الواقعة:47] أي: في دنياهم قبل موتهم يَقُولُونَ [الواقعة:47] متبجحين مستهزئين: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ [الواقعة:47-48]؟

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم)

    قل لهم يا رسولنا, قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة:49-50], قل لهم أيها الداعي، أيها المبلغ عن الله, إذا قالوا هذا الكلام فقل لهم: إِنَّ الأَوَّلِينَ [الواقعة:49] الذين كانوا من عهد آدم إلى عهدنا، وَالآخِرِينَ [الواقعة:49] الذين يأتون من بعدنا إلى يوم القيامة، الكل مجموعون في صعيد واحد لحسابهم وجزائهم، مجموعون إلى وقت معين وهو يوم القيامة في ساحة فصل القضاء على عرصات الأرض.

    هكذا يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ليرد على هؤلاء الملاحدة العلمانيين, قل لهم: إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة:49-50] أولاً.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ثم إنكم أيها الضالون المكذبون ...)

    ثم قل لهم: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ [الواقعة:51], الضالون الذين ضلوا الطريق, كل من خرج عن الإسلام ضل الطريق، الإسلام صراط الله المستقيم، فمن كفر به وخرج عنه ضل.

    فالإسلام طريق يوصل السالكين إلى الجنة، بل إلى سعادة الدنيا والآخرة، فمن ارتد وانتكس وكفر وخرج عن يمينه أو شماله هلك والعياذ بالله تعالى.

    ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ [الواقعة:51] لله فيما أخبر به، والمكذبون لرسول الله فيما أعلمكم به، والمكذبون لدعاة الإسلام وعلمائه؛ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ [الواقعة:52], شجر الزقوم هذا ما تستطيع أن تعرفه، ثمر مرارته ما فوقها مرارة، هذا طعامهم.

    ثم قال تعالى: فَمَالِئُونَ مِنْهَا [الواقعة:53] أي: من تلك الثمار الْبُطُونَ [الواقعة:53], يأكلون ويأكلون فما يشبعون حتى تمتلئ بطونهم وتنتفخ, فيعطشون فيحتاجون إلى الماء.

    قال تعالى: فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ [الواقعة:54] أي: على ذلك الطعام الزقوم مِنَ الْحَمِيمِ [الواقعة:54], من أشد الماء حرارة في جهنم.

    قال تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ [الواقعة:51-53] أي: بطونهم, فَشَارِبُونَ [الواقعة:54] على ذلك الأكل من الزقوم فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ [الواقعة:54], أي: من الماء الحار المتناهية حرارته.

    فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ [الواقعة:55] كيف يشربون؟ يشربون شرب الهيم, يقال: هيماء وأهيم، وهو البعير يصاب بحمى في بطنه فيلتهب من باطنه فيشرب لا يرتوي أبداً، حمى تصيب البعير في بطنه في أمعائه فيحترق فيشرب وما يرتوي، فكذلك هؤلاء يشربون شرب الهيم، شرب هذه البهائم لشدة الحرارة والعطش في بطونهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (هذا نزلهم يوم الدين)

    ثم يقول تعالى: هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [الواقعة:56], هذه هي ضيافتهم، الذي سمعتموه هو ضيافة لهم يأكلون ويشربون, هَذَا نُزُلُهُمْ [الواقعة:56] أي: ضيافتهم, يَوْمَ الدِّينِ [الواقعة:56] يوم القيامة، ما هذه الضيافة؟ الماء الحار للشرب، والزقوم للطعام، ويشربون ولا يرتوون كالإبل الهيم, وما المراد بيوم الدين؟

    هو يوم الجزاء, ألا وهو يوم القيامة, ليجزي الله فيه عباده المؤمنين والكافرين، واقرءوا لذلك: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]، من الملك ليوم الدين؟ الله، من المالك ليوم الدين؟ الله، ما يوم الدين؟ هو يوم القيامة، لم سمي يوم الدين؟ لأنه يوم الجزاء، فالدين هو الجزاء، يوم الجزاء على العمل, هَذَا نُزُلُهُمْ [الواقعة:56] ضيافتهم، متى هذا؟ يوم القيامة.

    وهكذا -معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات- نحذر الترف والعياذ بالله تعالى، ونحذر الشرك والكفر حتى لا نكون من أصحاب الشمال، ونحذر من الفسق والفجور حتى لا يطغى على قلوبنا وننسى ذكر ربنا ونموت فاسقين فاجرين، فنطعم هذا الطعام ونعذب هذا العذاب، ويستهزأ بنا ويقال: هذا نزلهم، هذه ضيافتهم يوم الدين, فاللهم ثبتنا على الحق وأعنا عليه.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: أصحاب الشمال يدخل فيهم كل كافر وجد على وجه الأرض؛ فإنهم في التقسيم ثلث الناس، وفي الواقع هم أضعاف أضعاف السابقين وأصحاب اليمين؛ لأن أكثر الناس لا يؤمنون ].

    من هداية الآيات: بيان أن كل كافر وكل مشرك من أصحاب الشمال أبيض كان أو أسود, في الأولين أو الآخرين؛ لأن القسمة ثلاثية، وأصحاب الشمال هم أكثر الناس في أي عهد من عهود الأنبياء والمرسلين إلى اليوم، أصحاب الشمال أكثر من أصحاب اليمين, وهو الواقع والعياذ بالله تعالى.

    [ ثانياً: التنديد بالترف والتنعم في هذه الحياة الدنيا؛ فإنه يقود إلى ترك التكاليف الشرعية فيهلك صاحبه لذلك, لا لكون طعامه وافراً وشرابه لذيذاً ].

    من هداية هذه الآيات: التنديد بالترف وبالمترفين, فيا عباد الله! ينبغي ألا نعيش على الترف، لا نتوغل في الشر والفساد من أجل الطعام والشراب، لا بد من الاعتدال، لا بد من القصد في الأكل، في الشرب، في اللباس، في المركوب في المسكون, لا نقبل على الدنيا بشهواتنا عليها وفيها، فننتحر والعياذ بالله تعالى ونسقط ونهلك، فقد ندد الله بالمترفين، فالترف هو الذي أنساهم ذكر الله، فالمترفون ما يصلون، وإذا صلوا يصلون صلاة ليست كالصلاة، ولا يزكون، ولا يقومون الليل، المترفون مشغولين بالشهوات والأطماع في الدنيا، فالآية تندد بالترف وأهله، نعوذ بالله من الترف وأهله.

    [ ثالثاً: تقرير عقيدة البعث والجزاء بما لا مزيد عليه من العرض والوصف لحال الناس ].

    من هداية الآيات: تقرير عقيدة البعث والجزاء؛ إذ وصف الله الدار الآخرة بكل أوصافها، وصف السابقين وما لهم، وأهل اليمين وما لهم، وأهل الشمال وما لهم من ألوان الطعام والشراب وما إلى ذلك، هذا كله تقرير لعقيدة الدار الآخرة، فاللهم إنا نؤمن بك وبلقائك.. اللهم إنا نؤمن بك وبلقائك كما آمنا بكتابك ورسولك يا رب العالمين، فاقبلنا عباداً صالحين، وأبعدنا عن الترف والمترفين يا رب العالمين.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755801634