إسلام ويب

تفسير سورة القمر (2)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مكث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى عبادة الله وتوحيده، واستعمل معهم شتى وسائل الإقناع، وطرح لهم دعوته بكل طريقة، فدعاهم في السر والعلن، ودعاهم جماعات وفرادى، لكنهم كذبوه، وبالجنون اتهموه، فدعا ربه أن ينصره، ومن بين أظهر الظالمين أن يخرجه، فأمره سبحانه ببناء الفلك، وأمره بالركوب فيه، وأخبره بما ينتظر الظالمين من الإغراق، وما يدخره لهم ربهم يوم القيامة في النار من الإحراق.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر)

    الحمد لله, نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد.

    فها نحن مع هذه الآيات من سورة القمر، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:9-17].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ [القمر:9], هذا يسلي به الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ليحمله على الصبر والثبات، فما هو بأول رسول كُذّب، ولا أول رسول عصي، ولا أول رسول اعتدي عليه، بل كذب قبله نوح ومن بعده، فهذا للتعزية والحمل على الصبر، يقول تعالى له: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ [القمر:9] أي: كذبت قبل كفار قريش قوم نوح، وقوم نوح أول قوم أرسل الله تعالى فيهم رسوله، وهم أول العباد عبدوا غير الله وأشركوا به سواه، أما قبله إلى آدم فما هناك رسل ولا أمة كفرت بالله وعبدت غيره.

    وقد بينت غير ما مرة أنهم كانوا مؤمنين يعبدون الله عز وجل، وإذا بهم يموت الصلحاء منهم والعلماء فيبنون على قبورهم ويضعون تماثيل لهم للتبرك بها، فيموت الجيل الأول ويجيء الثاني فيأخذ يعبد تلك الأصنام التي هي تماثيل موضوعة على القبور, وهم خمسة: يغوث ويعوق ونسر وود وسواع، فلما عبدوها وأشركوا بها أرسل الله تعالى إليهم رسوله نوحاً عليه السلام.

    قال تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا [القمر:9] أي: رسولنا نوحاً عليه السلام، كذبوه كما كذبتك قريش يا رسول الله، هو رسول الله إليهم ومعه الآيات وكذبوه، فاصبر أنت يا رسولنا على تكذيب قريش لك.

    فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ [القمر:9] أيضاً، وقد أقام معهم ألف سنة إلا خمسين عاماً, تسعمائة وخمسين سنة وهو يدعوهم ليلاً ونهاراً، وفي النهاية رفضوا التوحيد ورفضوا أن يؤمنوا بالله, وَقَالُوا مَجْنُونٌ [القمر:9] لولا الجنون ما قال هذا القول، ما قال: اتركوا آلهتكم واعبدوا الله وحده! وهذا الذي قالوه لرسولنا صلى الله عليه وسلم.

    وَازْدُجِرَ [القمر:9] زجروه، آلموه، اضطهدوه، شتموه، عيروه، توعدوه بالقتل والعذاب, زجر كامل.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فدعا ربه أني مغلوب فانتصر)

    فما كان منه عليه السلام إلا أن دعا الله تعالى, فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [القمر:10] بعد ألف سنة إلا خمسين سنة دعا ربه, سأل ربه وقال: إني مغلوب فانتصر لي، نعم غلبوه وقهروه, أمة كاملة برجالها ونسائها، والمؤمنون عدد قليل لا يزيدون على الثمانين رجلاً وامرأة وطفلاً.

    فَدَعَا رَبَّهُ [القمر:10] ماذا قال؟ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [القمر:10] لي يا رب.

    وهنا لطيفة علمية: وهي أن الأنبياء والرسل ما كانوا يدعون على أممهم بالهلاك والدمار، هو قال: فانتصر لي, ما قال: أهلكهم ودمرهم، فانتصر الله له ونصره، ودمر تلك الأمة وانتهت نهائياً.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ...)

    قال تعالى: فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ [القمر:11] يصب عجباً كالأودية تسيل، وقالت العلماء: لم يكن يومها سحاب أبداً ولا قزعة من السحاب، ودام أربعين يوماً.

    فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ [القمر:11] يسيل سيلاناً, وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا [القمر:12] الأرض تفجرت بالعيون، ماء السماء كماء الأرض بمقدار بلا زيادة ولا نقصان، ما نزل من السماء كالذي خرج من الأرض، هذه آيات دالة على عظمة الله، على علم الله، على قدرة الله، على أنه لا إله إلا الله ولا رب سواه.

    اسمع ما قال: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا [القمر:10-12] تسيل فَالْتَقَى الْمَاءُ [القمر:12] ماء السماء مع ماء الأرض عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [القمر:12], على مقدار معين ليس فيه نقص ولا زيادة، فقولوا: آمنا بالله.. آمنا بالله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وحملناه على ذات ألواح ودسر)

    قال تعالى: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ [القمر:13] لما نزل الماء من السماء ونبع من الأرض والتقى وغرق البشر كلهم كان الله تعالى قد أمر نوحاً قبل هذه الحادثة بأيام أن يصنع سفينة، أول سفينة على وجه الأرض سفينة نوح عليه السلام، الفلك المشحون أول فلك، وعلمه كيف يصنعها بإرشاد الملائكة له، وصنع السفينة وركب فيها المؤمنون والمؤمنات وكانوا قرابة الثمانين نسمة، ومع الأسف أن أحد أبنائه -وهو كنعان- رفض أن يركب وقال: ما هنا غرق ولا هلاك، فأهلكه الله عز وجل، وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ [هود:41-43] أما سام وحام ويافث أولاده المؤمنون الصالحون فنجوا معه.

    وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [القمر:12] في كتاب المقادير.

    وَحَمَلْنَاهُ [القمر:13] أي: حملنا نوحاً عبدنا ورسولنا عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ [القمر:13] لا على بعير ولا بقرة ولا فرس، عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ [القمر:13] جمع لوح, وهي السفينة, وَدُسُرٍ [القمر:13] الدسر المسامير التي تلصق الألواح بها، أو حبال تربط بعضها ببعض، والظاهر أنها مسامير جمع دسار، فدسر واحده: دسار, ككتاب وكتب.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر)

    قال تعالى: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:13-14] هذه السفينة تجري على سطح الماء والأرض كلها ماء، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14], وقيل بدأت من طنجة، وطنجة الآن موجودة, بدأ الطين هناك فقالوا: طنجة, واستمرت السفينة ووقفت في بحر الجزيرة هذه.

    وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:13-14] أي: تحت رعايتنا وحفظنا وتوجيهنا, جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر:14] جزاء منا لمن كفروا به وكذبوه وعصوه وخرجوا عن طاعته، وحاولوا قتله وسبوه وشتموه وزجروه أعظم زجر والعياذ بالله تعالى.

    ويجوز أن يكون المعنى على قراءة: (جزاء لمن كان كَفر), أي: هذا العذاب والدمار لمن كان كفر، لكن التوجيه الأول هو الصحيح: جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر:14] من كُفِرَ؟ نوح عليه السلام, كفروا برسالته، بنبوته، بدعوته، بما جاء به, فهو جزاؤه هو؛ لأنه دعا ربه: أني مغلوب يا رب فانتصر لي، فاستجاب الله له فنصره، فأهلك الأمة كلها إلا راكبي السفينة فقط، وهم نيف وثمانون رجلاً وامرأة وطفلاً، والباقي كلهم هلكوا لأنهم آثروا الكفر والشرك على الإيمان والتوحيد، فأهلكهم الله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولقد تركناها آية فهل من مدكر)

    ثم قال تعالى: وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً [القمر:15] تركنا هذه الحادثة بما فيها من السفينة ومن نجا فيها، وإغراق الكافرين، ونزول الماء من السماء والماء الذي نبع من الأرض, آية تدل على وجود الله، على علمه، على حكمته، على رحمته، على قدرته، على ربوبيته وإلهيته, فوالله! لا إله إلا هو ولا رب سواه، آية بقيت في البشرية من عهد نوح إلى اليوم ولا يكذب بهذا الحادث إلا أحمق مجنون, لا يهود ولا نصارى ولا غيرهم، كل البشرية معترفة بهذا الحادث العظيم.

    وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا [القمر:15] أي: هذه الحادثة بما فيها آيَةً [القمر:15] علامة على ماذا؟ على أنه لا إله إلا الله، على أنه لا يعبد إلا الله، على أنه لا كمال ولا سعادة إلا في الإيمان وطاعة الله.

    ثم قال تعالى: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:15] فهل من متذكر يعرف هذا ويبكي ويعبد الله ولا يخرج عن طاعته، ولا يفسق عن أمره؟

    فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:15]؟ هذه الأمم الكافرة الفاجرة الآن لا تخاف أن يصيبها ما أصاب قوم نوح, أن ينزل الله بها العذاب والبلاء، والذي يتوقع لها -حسب جهدنا في هذا الموضوع- أن حرباً عالمية بالهيدروجين أو بالذرة تدمر العالم، ولن يبقى إلا مجموعة من النصارى ومجموعة من المؤمنين، وما طالت المدة, فنوح عليه السلام جلس ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو يدعو، وهؤلاء من يوم كفروا بمحمد وحاربوا دينه مر عليهم ألف وأربعمائة سنة فقط، وما زالوا مصرين على الكفر والشرك والإنكار والتكذيب والإلحاد، فلا بد أن تنزل بهم نقمة الله، وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم شرف وكمال أن الله لا يهلك أمته بالهلاك الكامل كما أهلك الأمم السابقة والبشرية كلها.

    وأمة محمد من يوم بعثه الله؛ إذ أرسله إلى الناس أجمعين، فالأبيض والأسود كلهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فالذي يتوقع -وهناك أحاديث تشير إلى هذا وتدل عليه- أن حرباً ذرية تدمر العالم, فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:15].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فكيف كان عذابي ونذر)

    ثم قال تعالى: فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ [القمر:16] كيف كان؟ كما أراد الله عز وجل، دمر قوم نوح وأهلكهم، وهي يومها البشرية كلها، ما هناك أمم من هنا وهنا كما هي الآن، كل البشرية معه, فهو في بداية الأمر, ما بينه وبين آدم إلا ألف سنة فقط، فأهلكوا جميعاً إلا من نجا الله في هذه السفينة, فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي [القمر:16]؟ كان كما أراد الله عز وجل, نصر أولياءه وهزم أعداءه، نجى المؤمنين وأغرق وأهلك الكافرين.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)

    ثم قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ [القمر:17] ولقد سهلنا القرآن لحفظه, وصدق الله العظيم، ما أحد يحفظ التوراة ولا الإنجيل أبداً، والتوراة ما حفظها إلا أربعة: موسى وهارون ويوشع بن نون وعزير فقط، واليهود إلى الآن -والله- ما يحفظون التوراة, ولا النصارى يحفظون الإنجيل، ولا يعرفون إلا أن يقرءوا في الكتاب.

    وأما نحن ففي هذه الحلقة عشرات يحفظون القرآن، أطفال صغار, وتعجب -والله- كيف يحفظ القرآن؟ مائة وأربع عشرة سورة, ستون حزباً، ثلاثون جزءاً، أنت ما تحفظ قصة فيها عشرة أحاديث, أليس كذلك؟

    فكيف تحفظ هذا القرآن بكامله لولا أن الله يسره! هذه وحدها آية من آيات الله الدالة على أنه لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن البعث الآخر حق.

    فمن يسر القرآن لحفظه؟ والله! إنه لأمر عجب، فهيا تعلم قصة من القصص واحفظها، والله! ما تحفظها كاملة إلا بشق النفس، وإذا تركتها نسيتها، فكيف بقصص وأحكام وشرائع وآداب وأخلاق وقضايا في كتاب الله، تجد الطفل في عشر سنوات يحفظه، يحفظه في سبع سنوات, وأيما مؤمن يرغب في ذلك يحفظه كبر السن أو صغر.

    وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ [القمر:17] فقولوا: الحمد لله، ربنا لك الحمد على تيسيرك، ربنا لك الحمد على تسهيلك، ربنا لك الحمد على ما أوليت وأفضلت، هذه نعمة الله علينا, حفظة القرآن بالملايين بين المسلمين يحفظونه من الفاتحة إلى سورة الناس آية آية.

    وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:17]؟ فهل من متذكر، فهل من متعظ، فهل من تائب، فهل من راجع إلى الله، فهل من باك على ما أسلف من ذنوب، فهل من نادم على ما فرط؟

    اللهم اجعلنا من المتذكرين التائبين النادمين الباكين بين يديك يا رب العالمين.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    والآن مع هداية الآيات.

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية هذه الآيات:

    أولاً: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم ].

    من هداية هذه الآيات التي تدارسناها الآن بفضل الله: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وتعزيته ليصبر على دعوته؛ لأن المشركين في مكة واجهوه مواجهة شبيهة بمواجهة قوم نوح لنوح, بل أكثر، فقد تآمروا على قتله وعقدوا ندوة وتقرر قتله, ولكن عجزوا عن ذلك، فالله يسليه بذكر هذا القصص.

    [ ثانياً: تحذير قريش من الاستمرار في الكفر والمعاندة ].

    من هداية هذه الآيات: تحذير كفار قريش من عذاب سينزل بهم, من بلاء ينزل بساحتهم كما نزل بساحة قوم نوح وعاد وثمود وما إلى ذلك، فذكر هذا الحادث أمامهم يعظهم ويذكرهم, وإلا فسوف تنزل بهم محن الله، إلا أن الله رحمهم فأسلموا ونجوا.

    [ ثالثاً: تقرير حادثة الطوفان والتي لا ينكرها إلا سفيه لم يحترم عقله ].

    من هداية هذه الآيات: تقرير حادثة الطوفان، وقد قلت لكم: العرب والعجم من قديم الزمان لا ينكرونها، فلهذا لا ينكرها ولا يكذب بها إلا أحمق مجنون؛ لأنها حادثة عالمية وتناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل، وجاء القرآن بها وبينها.

    [ رابعاً: فضل الله على هذه الأمة بتسهيل القرآن للحفظ والتذكر ].

    من هداية هذه الآيات: بيان فضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث سهل لها حفظ كتاب الله، فأصبح يحفظه النساء والرجال والأطفال الصغار والكبار، هذا من فضل الله على هذه الأمة, وأهل التوراة -والله- ما يحفظون منها شيئاً، وأهل الإنجيل كذلك، وأهل الزبور كذلك, وهذه الأمة الوحيدة التي تحفظ كتاب الله عز وجل.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755984647