إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (11)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من أركان الإيمان بالله الإيمان بالرسل والأنبياء، وأن خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أرسله الله إلى الناس كافة، عربهم وعجمهم، وختم الله بنبوته النبوات، وبرسالته الرسالات، وخصه بخصائص لم تكن لأحد سواه كالوسيلة، والكوثر، والحوض، والمقام المحمود، وقد شهد الله سبحانه في القرآن على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وكفى بها شهادة.

    1.   

    أهمية العقيدة الإسلامية

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن ما زلنا مع العقائد.

    وهنا ألفت النظر، وأذكر الناسين، وأعلم غير العالمين: أن العقيدة الإسلامية بمثابة الروح سواء بسواء، صاحبها حي، مره يفعل، انهه يترك، بشره يستبشر، أنذره ينتذر، علمه يتعلم؛ وذلك لكمال حياته، وفاقدها ميت، إذا أمر لا يفعل، وإذا نهي لا يترك، وهذا شأن الميت.

    وبلغوا الناس! أن العقيدة الإسلامية الصحيحة التي إن عرضناها على القرآن وافق عليها، وإن عرضناها على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وافقت عليها، هذه العقيدة الصحيحة السليمة بمنزلة الروح للجسد، فالروح صاحبها يسمع ويبصر، ويقول وينطق، ويعطي ويأخذ؛ لأنه حي، وفاقد العقيدة كفاقد الروح ميت، لا يسمع ولا يبصر، ولا يعطي ولا يمنع، وعندنا دليل فقهي وبرهان علمي؛ حتى تزيل من خاطرك أي خاطر يتنافى مع ما سمعت:

    إذا كان بين المسلمين أهل ذمة من يهود ونصارى، يعيشون في ديارهم وتحت حكومتهم وسلطانهم؛ فهل يؤمرون بالصيام إذا هل هلال رمضان، وأعلنت الدولة أن الصيام يوم غد؟ هل اليهود الذين معنا يصومون؟! الجواب: لا. إذا وجبت الزكاة وأعلن عن وقتها هل يطالب اليهود والنصارى بالزكاة؟ الجواب: لا. إذا نادى المنادي: أن حي على الصلاة، وأغلقت أبواب المصنع والمعمل والمتجر، وأقبل الناس على المسجد هل اليهودي يأتي يصلي؟ نأمره؟ الجواب: لا؛ لأنه ميت. انفخ فيه روح لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقول: آمنت بالله، ثم عندها مره يفعل، انهه يترك، علمه يتعلم، لا يخالكم تطلبون أكثر من هذا.

    الروح للجسد، إذا خرجت منه مات الجسد، الروح- الإيمان والعقيدة- إذا فارقت الجسد مات الجسد، لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل ولا ينطق ولا يجيء ولا يذهب.

    كما أن عقيدة الإسلام عقيدة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) قد يداخلها الباطل، وقد يقع فيها ما لا ينبغي، فإذا داخلها الباطل، وما أصبحت يقينية كاملة؛ فصاحبها ليس بميت وليس بحي، ولكنه مريض، وإن شئت- إذا كنت ذا بصيرة- افتح عينيك على العالم الإسلامي، فالذين ما سلمت عقيدتهم ولا صحت هم الذين يتعاطون كبائر الذنوب والآثام والفجور والفسق والضلال؛ وذلك لمرضهم، ما صلحت العقيدة في نفوسهم بليلهم ونهارهم فهم أمراض، وكل من سلم من الآفات والآهات والأمراض والأوجاع والأسقام المعنوية فعقيدته سليمة صحيحة. هذا هو الواقع.

    وهنا نقول تعليماً: العقيدة الإسلامية مبناها ستة أركان، لو سقط ركن بطل الإيمان، وصاحبه كافر، ومن الضروري الحتمي أن يعلم كل مؤمن ومؤمنة هذه الأركان ويسميها بأسمائها، ستة أركان جاء بيانها في السنة النبوية، ويكفينا حديث جبريل في صحيح مسلم ، إذ سأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس أقدس من هذا، وأكثر عدداً من هذا- من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: ( أخبرني عن الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال أصحابه: فعجبنا له يسأله ويصدقه ) إذاً: هو أعلم.

    وقد جاءت خمسة أركان من الأركان الستة في آية من سورة البقرة، وهي قوله تعالى : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177]، والركن السادس جاء ذكره في سورة القمر، وهو القضاء والقدر، إذ قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]؛ فلا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يدخل في الإسلام ولا يعرف هذه الأركان.

    1.   

    الإيمان بالرسل عليهم السلام

    وقد درسنا الركن الأول -وهو الإيمان بالله- والثاني -وهو الإيمان بالملائكة- والثالث -وهو الإيمان بالكتب­- وها نحن مع الرابع: الإيمان بالرسل.

    وقد عرفنا عدد الرسل بالخبر الصادق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ثلاثمائة وأربعة عشر، عدد الرسل الذين يحملون الرسالة إلى أقوامهم وأممهم من عهد نوح إلى خاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا بالضبط ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً، أولهم نوح، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهم بين الرسولين، وقبل نوح إدريس وشيث، لكن لم تكن لهما رسالة، وما كان الناس يعبدون غير الله، بل كانوا على ما تركهم آدم عليه السلام من دين التوحيد.

    إذاً: أولهم نوح، قال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا [نوح:1]، وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ [هود:25]، وبعد نوح الرسل إلى خاتمهم، وهو نبينا صلى الله عليه وسلم.

    الأنبياء: جمع نبي، وورد في السنة أنهم مائة وأربعة وعشرون ألفاً، ولسنا مأمورين بالإيمان بهم بالتفصيل، فكل من قال: إنه نبي آمنا به، الرسل منهم أولو العزم الخمسة، ينبغي أن نعرفهم، والرسل ثلاثمائة وأربعة عشر، ولسنا ملزمين بمعرفة كل رسول: من أبوه؟ من أمه؟ من كذا؟ ما كلفنا بهذا، بل نقول: آمنا بالله وبرسله، لكن أولو العزم خمسة جاءوا في سورة الأحزاب، إذ قال تعالى: مِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [الأحزاب:7]، أخذ الله الميثاق من محمد، ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم.

    (منك) الكاف: ضمير عائد على الحبيب صلى الله عليه وسلم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [الأحزاب:7]أي: ألا يعبد إلا الله.

    1.   

    الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم

    والآن الفصل السابع في الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ أفردناها بالذكر لعظمها وأهميتها؛ لأنك لو تؤمن بكل الرسل وتكذب بمحمد صلى الله عليه وسلم ما آمنت ولا أسلمت، وكذلك الحال في بقية الرسل، لو تقول: آمنت بكل الرسل إلا عيسى كفرت، إلا موسى كفرت، لكن الإيمان برسولنا يجب على كل إنسان- ذكراً كان أو أنثى- أن يؤمن برسالته بالتفصيل؛ لأنه خاتم الأنبياء، ويحمل الرسالة الجديدة للبشرية عامة.

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه الله وإياكم: [ يؤمن المسلم ] الذي أسلم قلبه ووجهه لله، يؤمن المسلم بماذا؟ [ بأن النبي الأمي ] معنى (أمي): الذي لا يقرأ ولا يكتب، منسوب إلى أمه، ما زال في حجرها، وما خرج للكُتَّاب ولا دخل المدرسة، ومن آيات نبوته: أنه أمي، ويعلم علوم الأولين والآخرين، ولو كان يقرأ ويكتب لقالوا: العلوم استطاعها وهو نقلها، لكن أبطل الله هذا الزعم نهائياً، فهو أمي لا يكتب الألف ولا الباء ولا الياء [ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المنحدر من صلب إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام ] منحدر من إسماعيل، وإسماعيل من صلب إبراهيم، قال: [ هو عبد الله ورسوله ] يؤمن المسلم بأن محمداً الذي عرفتموه هو عبد الله ورسوله [ أرسله إلى كافة الناس أحمرهم وأبيضهم ] كان الرسل يبعثون إلى أقوام معينة، لكن خاتم الأنبياء ختم الله به الرسالات، وجعل رسالته عامة للأبيض والأصفر من بني الناس على حد سواء.

    ومن اللطائف التي يفتح الله بها علينا في هذه الحلقة قولنا: لقد علم الله أن الزمن سيتحد والمكان سيتقارب، وأنه ليس هناك حاجة إلى تعدد الرسالات؛ ولذا ختمها برسول واحد وكتاب واحد.

    والآن لو عندنا إذاعة عالمية نسمع البشرية كلها: الله أكبر .. لا إله إلا الله، ليس هناك حاجة إلى أن نبعث إليهم من الناس، أصبح العالم كأنه مدينة واحدة وليست قارة ؛ فلهذا لا حاجة لتعدد الرسالات.

    وعلم الله عز وجل ما سيحدث من الآلات والكتابة، وفي زمان مضى من كان عنده كتاب يجلس عليه عشر سنوات وهو يكتبه، أما الآن فالكتب توزع في كل مكان، بمعنى: لعلم الله تعالى بتقارب الزمان والمكان؛ ختم الرسالة برسول واحد ولم يجددها؛ إذ هي تبلغ الأبيض والأسود في كل مكان.

    قال: [ وختم بنبوته النبوات وبرسالته الرسالات؛ فلا نبي بعده ولا رسول ] ومن قال: أنا نبي يستتاب أو يعدم، ومن قال: أنا رسول يستتاب ويعدم؛ لأنه كذاب وكذاب كذاب، كذب الله وكذب رسوله وكذب المؤمنين كلهم، كيف تصح له الحياة؟! وقد ادعى النبوة أكثر من ثلاثين وأهلكوا، وهم كاذبون. قال: [ أيده بالمعجزات ] أي: قواه ونصره ربه تعالى بالمعجزات، جمع معجزة، وهي الخارقة للعادة، كأن يحيي ميتاً، أو كأن يقول: اللهم أنزل الماء من السماء فينزل. ومن المعجزات المحمدية: رد عين قتادة ، إذ تدلت إلى خده، فردها ومسحها فكانت أحسن مما كانت قبله.

    ويوم أحد طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق ربوة من جبل أحد مع أصحابه فاضطرب الجبل فرحاً، فقال: ( اسكن أحد! ما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان )وكان كما أخبر.

    قالت قريش: إن كنت رسولاً كما تزعم فاقسم لنا القمر، وشقه شقين على جبل أبي قبيس ونحن نشاهد، فسأل ربه فانفلق القمر قسمين وهم يشاهدون، وأنزل الله في ذلك قرآناً يتلى إلى يوم القيامة: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [القمر:1-3] مئات المعجزات المحمدية!

    والمعجزة: هي الخارقة للعادة التي ليس من شأن البشر أن تكون لهم، تلك المعجزة تقول: قد صدق محمد فيما يقول ويدعي.

    قال: [وفضله على سائر الأنبياء ] فضله فهو أفضلهم [ كما فضل أمته على سائر الأمم.. ] والله لأمة محمد أفضل من سائر الأمم [ فرض الله على الناس محبته] من لم يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر [ وأوجب طاعته] من لم يطع رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمداً فهو كافر [ وألزم متابعته ] فمن أراد أن ينهج منهجاً غير رسول الله ويسلك سبيلاً غير سبيله فهو كافر.

    1.   

    خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم

    [ وخصه بخصائص لم تكن لأحد سواه صلى الله عليه وسلم ]، خصه بخصائص ما كانت لأحد أبداً إلا هو.

    أولاً: الوسيلة

    [ منها: الوسيلة ] الوسيلة: أعلى درجة في الجنة. وقال لنا -وخذوا هذا لعل الله ينفعكم به- ( إذا أخذ المؤذن يؤذن) سواء كان عامياً أو عالماً عربياً أو أعجمياً، (أذن المؤذن) لصلاة الظهر أو العشاء أو غيرها (فقولوا مثل ما يقول)، لكن لا ترفع صوتك كما يرفع المؤذن صوته، بل تقول هذا بهدوء في نفسك: (الله أكبر، الله أكبر)، فإذا قال: حي على الصلاة قل أنت: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا قال: حي على الفلاح قل أنت: لا حول ولا قوة إلا بالله، فليس هناك طاقة لأحد يجيء أو لا يجيء إلا بقدرة الله عز وجل، ثم إذا ختم المؤذن وختمت أنت متابعته صل على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة: ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد! اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).

    هذه الصلاة الإبراهيمية، وهي أعظم صلاة وأفضل صيغة من ثلاثين صيغة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أكملها وأتمها، فإذا صليت هذه الصلاة فسل للرسول الوسيلة، قل: (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته)، إذا قلت هكذا وجبت لك شفاعته، وأصبحت من أهل الشفاعة المحمدية، فأبشر ولازم هذا ما حييت، اللهم إلا إذا كنت على كرسي المرحاض والمؤذن يؤذن فليس هناك مجال، أما إذا كنت تأكل فلتوقف الأكل، أو تشرب فلتوقف الشرب، أو تعمل فلتوقف العمل، أو تقولها وأنت تعمل، بمعنى: أنك لا تتركها إلا للضرورة، من فعل هكذا ما جزاؤه؟ قال: ( وجبت له شفاعتي ) وفي لفظ: (حلت له شفاعتي).

    إذاً: قال: [ منها الوسيلة ] والوسيلة قال: ( أعلى درجة في الجنة، ولا تنبغي إلا لواحد، وأرجو أن أكون أنا؛ فأعينوني على ذلك )، قال: ( أعينوني على هذا بدعائكم )، فمن كان يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يفرط في هذه الدعوة، وهو طلبها من إخوانه المؤمنين.

    ثانياً: الكوثر

    قال: [ والكوثر ] الكوثر: نهر في الجنة، كئوسه عدد نجوم السماء، ماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج. هذا الكوثر، واقرءوا: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:1-3].

    إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] لماذا لا تحمد ولا تشكر؟ من أحسن الله إليه يسيء أو يفعل الحسن؟! إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1]فبناء على هذا فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:2-3]، وهكذا من أنعم الله عليه بنعمة يجب أن يشكرها، كنعمة السمع والبصر اللسان والرجل والطعام والشراب والثياب..، فكل نعمة تحتاج إلى شكر، هذا الله تعالى يأمر رسوله أن يشكره بإقام الصلاة والنحر يوم العيد: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] أي: فبناء على أننا أعطيناك الكوثر صل وانحر، أما أن تنعم بجميع نعمه، ولا يسمع منك كلمة: الحمد لله، ولا تفعل حسنة- والعياذ بالله- فهذا هو الموت بعينه.

    ثالثاً: الحوض

    قال: [ والحوض ] الكوثر شيء، والحوض هذا في ساحة عرصات يوم القيامة، لا يشرب منه إلا محمد وأصحابه، وقد أخبر أنه يرده أقوام فيدفعون، فيقول: ( رب! أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ). هذا الحوض، المحروم من حرمه.

    رابعاً: المقام المحمود

    قال: [ والمقام المحمود ] من خصائصه المقام المحمود، وهذا عندما تجيء البشرية تطلب منه أن يسأل الله لها القضاء والحكم فيها، وهذا الموقف امتداد (500) ألف عام، وهم حفاة عراة واقفون، فيأتون آدم، فيتنصل منها ويحيلهم إلى نوح ، ونوح كذلك يهرب منها ويحيلهم إلى إبراهيم إلى أن ينتهوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: (أنا لها أنا لها)؛ لأن الله قال في سورة (بني إسرائيل): وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الإسراء:79]لماذا؟ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، هذا المقام يحمده عليه أهل الأرض والسماء إذا وقفه. هذا المقام المحمود.

    1.   

    الأدلة النقلية من الكتاب على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم

    قال: [ وذلك للأدلة النقلية والعقلية الآتية ] هذا الذي عرفناه -وهو خاص به صلى الله عليه وسلم- له أدلته النقلية من الكتاب والسنة والتوراة والإنجيل، والعقلية كذلك. فهيا بنا ننظر أدلة نبوته ورسالته وأفضليته وكماله من آيات القرآن الكريم أولاً.

    قال: [ الأدلة النقلية أولاً: شهادته تعالى ] أي: له بالرسالة [ وشهادة ملائكته له بالوحي ] أيضاً والرسالة، وذلك [ في قوله تعالى: لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ [النساء:166] ].

    اكفروا يا يهود ونصارى! فلا قيمة لكم، إذا كان الله يشهد له وأنتم لا تشهدون له فما قيمة شهادتكم؟ والملائكة يشهدون له بأنه رسول الله؛ فما قيمة شهادة البشر؟! وهكذا أسكتهم الله عز وجل: لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [النساء:166]، فهذا دليل قاطع على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته.

    [ ثانياً: إخباره تعالى عن عموم رسالته وختم نبوته، ووجوب طاعته ومحبته، وكونه خاتم النبيين، وذلك في قوله جلت قدرته: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ [النساء:170] ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ [النساء:170] من ربنا من عند الله فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ [النساء:170] الآية.

    [ وفي قوله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ [المائدة:19] ] اليهود والنصارى [ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ [المائدة:19] ] فتنقطع به الوحي والرسل [ أَنْ تَقُولُوا [المائدة:19] ] يوم القيامة [ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ [المائدة:19] ] وقطع حجتهم [ وفي قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] ] أي نعم. لو أن العالم الإنساني يستقيم على منهج محمد صلى الله عليه وسلم، ويتأدب بآدابه ويتخلق بأخلاقه؛ لكانت رحمة الله تتجلى في الكائنات كلها، الحيوانات على اختلافها تنالها رحمة محمد صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، وكل الذين آمنوا به واتبعوه ومشوا وراءه واقتدوا به وعظموه تجلت في حياتهم رحمة ما عرفتها البشرية، ولا سمعت بها.

    قال: [ وفي قوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2] ] فهذا خبر عظيم، إذ هو الذي بعث في الأميين -العرب- إذ كانوا أميين، ليسوا كالأحباش ولا الأعاجم ولا الروم، كانوا أميين لا يقرءون ولا يكتبون، بعث فيهم رسولاً عظيماً منهم، مهمته أن يتلو عليهم آياته -أي: آيات الله- ويزكيهم -أي: يطهرهم- ويعلمهم الكتاب والحكمة وكان هذا حقيقة، فإنه ما رأت الدنيا ولا حلمت بأمة أكمل ولا أطهر ولا أسعد ولا أعدل ولا أرحم ولا أفضل من أمة محمد في قرونها الذهبية الثلاثة: ( خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم )، هل سبب ذلك الفلسفة والمنطق؟! بل سبب ذلك الإيمان الحق، والصدق في متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    قال: [ وفي قوله تبارك وتعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [الفتح:29] ] مبتدأ وخبر، أثبت له فيها الرسالة بقراءتها موصولة، فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم [ وفي قوله: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان:1] ] في الآية دلالة على عموم رسالته: للعالمين نذيراً [ وفي قوله: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ [الأحزاب:40] ] وَخَاتِمَ النَّبِيِّينَ [ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40] ] قراءتان سبعيتان: خاتَم النبيين وخاتِمهم كذلك [ وفي قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر:1] ] هذه آية ومعجزة، القمر ينشق! انفلق فلقتين وشاهده الأبيض والأسود في المنطقة كلها، وهذه آية للنبوة، فلو لم يكن رسول الله كيف ينشق القمر لدعوته؟!

    قال: [ وفي قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] ] الذي يخبر هذا الخبر هو الله، فبما أنه خصه بالكوثر إذاً: هو رسول الله، ولن يكون غير رسول الله [ وقوله: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى:5] ] بشره فقال: ( كيف أرضى وأحد من أمتي في جهنم )؛ فلهذا أهل التوحيد لا يخلدون في جهنم، بل يخرجون منها بحسب أعمالهم السيئة، هذا يبقى ألف عام، وهذا خمسين سنة وهذا سنة، فلا بد أن ينجز الله وعده ووعيده، أهل (لا إله إلا الله محمد رسول الله) بحق، أهل التوحيد لا أهل الشرك والضلال والباطل؛ لا يخلدون في النار مهما كانت ذنوبهم.

    قال: [ وقوله سبحانه وتعالى: عسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79] ] والمقام المحمود هو ذلك الموقف العظيم الذي يتوسل فيه إلى ربه بوسيلة يلهمه الله إياها، ويخر ساجداً بين يدي الله، فيقال: ( محمد! ارفع رأسك، واسأل تعط، واشفع تشفع. قال: فيلهمني ربي محامد ما كنت أعرفها )، يلهمه ألفاظاً من حمد الله والثناء عليه ما كان يعرفها قبل.

    (عسى) عسى من الله تفيد التحقيق، ليست رجاء كما هي عندنا، عسى أن يبعثك ربك مقاماً نحن نقول: عسى أن يكون فلان جاءنا أو ما جاءنا؛ لضعفنا وعدم علمنا، والعليم الخبير لما يقول: عسى ليس معناه كـ (عسى) عندنا قد يقع وقد لا يقع؛ لعلمه قبل أن يوجد الأشياء [ وقوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء:59] ] الرسول بـ (ال) للعهد، أي: الرسول المعهود المعروف عندكم، الدال على العظمة أيضاً والجلال والكمال، طاعته واجبة، وهذا كله بيان لما تقدم، فإن طاعته فريضة، فمن لم يطع الرسول ما أطاع الله، ومن لم يطع الله والرسول فهو عدو الله والرسول، وهو من أهل النار [ وقوله تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [التوبة:24] ] هذا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجه إليهم هذا الكلام في المدينة [ وفي قوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110] ] وهذا دليل على أفضلية أمته صلى الله عليه وسلم [ وفي قوله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143] ] فلا أفضل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لهذه الآيات القرآنية [ وقوله لا إله إلا هو: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] ] سبب نزول هذه الآية: أنه جاء من نجران ستون راكباً يجادلون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم مسيحيون، ووزعهم الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه، ليس هناك فنادق كبيرة ولا صغيرة، وجاءوا يجادلون، فأنزل الله تعالى فيهم نيفاً وثلاثين آية من سورة آل عمران، في تلك الآيات: قل لهم يا رسولنا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]؛ لأنهم قالوا: نحن ما عبدنا عيسى إلا من حب الله؛ لأن الله هو موجده أو خالقه؛ فنحن ما أحببنا عيسى إلا من حب الله فقط! أحببنا عيسى فألهناه وعظمناه وعبدناه؛ فقال تعالى: قل لهم: إن كنتم صادقين تريدون حب الله اتبعوني أنا محمد الرسول الخاتم يحببكم الله!

    فمن هنا والله لا يحب الله كائناً في هذه الأمة البشرية إلا من أحب الله ورسوله، واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يحب الله من لم يتبع رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أبيض كان أو أصفر؛ لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً؛ ولأن الله يحب الأطهار ويكره الخبثاء ولا يحبهم، فالذين يتبعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤدون الواجبات ويتخلون عن المحرمات؛ أرواحهم تطهر ونفوسهم تزكو وتطيب؛ ولذلك يحبهم الله، والذين لا يعبدون الله على أي شيء تطيب أرواحهم وتزكو نفوسهم؟! ما هي الأدوات المزكية للنفس؟ أليست هي هذه العبادة على اختلافها؟ فالكافرون على أي شيء تزكو نفوسهم؟ لا تزكو خبيثة كأرواح الشياطين، هذا الذي يكرهه الله ولا يحبه.

    فاتبعوني امشوا ورائي، آمنوا إيماني، وصلوا صلاتي، وزكوا زكاتي، وافعلوا ما أفعل؛ يحببكم الله إن كنتم حقاً تريدون حب الله، أما إذا لم يحببكم الله وأنتم تحبونه فلا فائدة! فلهذا قال الحكيم: ليس الشأن أن تحبه، وإنما الشأن أن تُحَب. مثال: ليلى عاشقها يحبها حتى تاه في البراري وهي تكرهه ماذا استفاد؟! هل استفاد شيئاً؟! الهلاك فقط، ليس الشأن أن تُحِب أنت، الشأن أن تُحَب.

    هذا نقوله لجهال المسلمين الذين يعبدون رسول الله والأولياء ويدعون هذا من حبهم، نقول: هذا خطأ لن تزكو عليه نفوسكم ولن تطيب، امشوا مع رسول الله، صلوا كما يصلي، واذكروا كما يذكر، وافعلوا كما يفعل؛ يحببكم الله؛ لأن نفوسكم قد زكت وطابت وطهرت.

    أما أن تقولوا: نحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لذلك نذبح له ونحلم به ونناديه، ونستغيث به حباً فيه؛ هذا لا يصح أبداً، هذا باطل وظلام وجهالة عمياء.

    كذلك حب الأولياء، ينذرون النذور، ويحلفون بهم، ويضعون على قبورهم التوابيت والشموع ويقولون: والله نحبهم! كيف تحبونهم؟! إن كنتم صادقي الحب افعلوا كما كانوا يفعلون، والشاهد عندنا: في قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31].

    هيا نسأل الله عز وجل لنا ولإخواننا في كل مكان الهداية والتوفيق.

    اللهم يا ولي المؤمنين! ويا متولي الصالحين! ويا أرحم الراحمين! أطفئ نار الفتنة التي في ديار الجزائر يا رب العالمين! إن عبيدك زاروا مسجد نبيك، وذهبوا إلى بيتك وهم قاصدونها، يسألونك ربنا أن تكشف ما بهم من هم، وأن تفرج ما بهم من غم، وأن تطفئ النار التي بينهم، وأن تجمع كلمتهم على التقوى يا رب العالمين!

    اللهم اجمع كلمتهم على التقوى، اللهم وحد صفوفهم، واجمع كلمتهم على عبادتك وحدك يا رب العالمين!

    اللهم إننا فينا مرضى وبيننا وفي بيوتنا ومشافينا فاشف مرضانا يا رب العالمين!

    اللهم إنا نسألك يا الله! يا الله! يا الله! أن تحفظ لنا هذه البقية الباقية، هذه الحكومة السعودية، اللهم احفظها بحفظك يا رب العالمين! ولا ترنا فيها مكروهاً، ولا تحقق آمال الفاسدين والمبغضين والماسونيين واليهود يا رب العالمين! أبق هذا الأثر في العالم الإسلامي؛ حتى توجد دويلات أخرى مثلها وخيراً منها يا رب العالمين!

    وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756269869