إسلام ويب

تفسير سورة الروم [41 - 42]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ظهر الفساد في كل مكان بسبب ذنوب العباد وما أكثرها! ليذيقهم الله جزاء بعض أعمالهم لعلهم يرجعون إلى ربهم، فعلى المسلم أن يحذر من الذنوب، وأن يعتبر بمن كانوا قبلنا أكثر أموالاً وأولاداً وأشد قوة، فلما عصوا ربهم أهلكهم في الدنيا قبل الآخرة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ...)

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل في سورة الروم: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ [الروم:41-42].

    يخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى عن جزاء جازى الله عز وجل به العباد بما كسبت أيديهم، وبما أفسدوا في الأرض فقال: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الروم:41] والسبب هو معاصي العباد، أشركوا بالله سبحانه، وكفروا به، وعصوا الله سبحانه تبارك وتعالى، ووقعوا في الفواحش، ووقعوا في الذنوب والموبقات؛ فاستحقوا أن يرسل الله عز وجل عليهم ما هم فيه، كانوا في نعمة من الله، فانقلبت نعمتهم نقمة، بسبب تبديلهم، بدلوا وغيروا فانقلب عليهم الحال، فبعدما كان لهم صار عليهم، فظهر الفساد في البر والبحر، فمنع الله عز وجل عن أناس المطر، وجعل أناساً يعيشون في مجاعة، وكسدت تجارات الناس، وفسدت أسواق الناس، وفسدت ذممهم، وكثرت فيما بينهم الفتن، وظلم بعضهم بعضاً، واستمرءوا الظلم؛ فعاقبهم الله عز وجل بأن سلط بعضهم على بعض بسبب ما كسبت أيديهم، ولا يظلم ربك أحداً، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، وكل ما يجازى به العباد، وكل ما يظهر فيهم، إنما هو بما كسبت أيديهم، والله لا يظلم أحداً شيئاً سبحانه وتعالى.

    قال الله: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ [الروم:41] أي: بسبب بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا [الروم:41]، أي: ليذيقهم الله عز وجل شيئاً من العقوبة على ذنوبهم، وباقي العقوبة مدخرة ليوم القيامة، إلى أن يتوبوا إلى الله سبحانه تبارك وتعالى.

    فظهر هذا الفساد وكثر في العباد بسبب ما كسبت أيديهم، وظهرت النتيجة فيهم من عقوبة رب العالمين سبحانه تبارك وتعالى، يظلم الإنسان غيره فيسلط الله عز وجل على الظالم ظالماً آخر يظلمه ويأخذ ما بيده، ويسلط عليهم الأمراض، ويسلط عليهم الأوبئة، ويسلط عليهم أنفسهم، ويسلط عليهم الشياطين، ويسلط عليهم أولادهم ونساءهم كما قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14]، فلما طغى الإنسان وبغى، ولما ابتعد عن الله سبحانه تبارك وتعالى ومشى في طريق الفساد وسعى، أذاقه الله سبحانه بعض ما كسبت يداه، ورحمة الله عظيمة واسعة، ولو شاء لعاجلهم بالعقوبة، ولو شاء لجازاهم بكل ما أذنبوه، وكل ما وقعوا فيه.

    عاد النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه وقد مرض مرضاً شديداً وصار كالفرخ، من شدة ما ابتلاه الله عز وجل به من أمراض وغيرها! فالنبي صلى الله عليه وسلم تعجب لحاله ثم سأل الرجل: (لعلك دعوت على نفسك بشيء؟ فالرجل قال: نعم، دعوت الله سبحانه أنه ما كان معاقبي به يوم القيامة فليعاقبني به في الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! لا تطيقه) يعني: لماذا تدعو على نفسك بهذا الشيء؟! فنهاهم أن يدعو على أنفسهم إلا بخير، وأخبره أنه لا يطيق ذلك، وأن رحمة الله عز وجل عظيمة واسعة، فهذا رجل بلغ من تقواه وخوفه من الله أن يسأل الله عز وجل أنه ما سيعاقبه به يوم القيامة فليعاقبه به الآن، ورفض منه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولو كل إنسان دعا على نفسه بذلك فابتلى الله عز وجل العباد، فهذا إنسان تقي وأصيب بذلك، فالشقي كيف سيكون؟! قال الله: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [النحل:61]، والتأخير له حكمة من الله سبحانه تبارك وتعالى، لعل العباد يتوبون إلى الله، ويرجعون إلى الله سبحانه تبارك وتعالى، ويراجعون أنفسهم، فإن تابوا تاب الله عز وجل عليهم، وانظروا إلى قوم يونس قال الله سبحانه: فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ [يونس:98]، فيونس النبي على نبينا وعليه الصلاة والسلام دعا قومه فترة طويلة فلم يستجيبوا، فحذرهم من عقوبة رب العالمين، فظلوا على ما هم عليه، وأصروا على طغيانهم؛ فخاصمهم وخرج من عندهم بعدما هددهم بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، فلما غادر القرية وخرج مغاضباً لقومه إذا بهؤلاء القوم يفيقون ويراجعون أنفسهم، فقالوا: النبي الذي كان فينا خرج وتركنا فالعقوبة آتية لا محالة، فإذا بهم يفرقون بين الرجل وبين امرأته، وبين الابن وبين أمه، ويبتهلون إلى الله أن يكشف عنهم ما سيأتيهم به من العذاب، فإذا بالله عز وجل يتجاوز عنهم.

    وركب يونس على نبينا وعليه الصلاة والسلام البحر تاركاً قومه ليدعو أناساً آخرين، ولكنه أخطأ حيث لم يستأذن ربه سبحانه تبارك وتعالى في ذلك، وذهب مغاضباً لقومه، قال الله: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء:87] أي: ظن أن الله لن يضيق عليه، كما قال الله: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ [الرعد:26] أي: يضيق، فظن أن الله لن يضيق عليه، وأرض الله واسعة، فذهب إلى أرض أخرى يدعو أهلها، وهذا أمر مباح لأي داع إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فليس من حق النبي أن يخرج من مكان إلى مكان إلا بإذن الله سبحانه تبارك وتعالى، فهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام خرج وظن أن الله لن يضيق عليه في ذلك، وظن أن في الأمر سعة، فلما خرج إذا بالسفينة التي ركبها لا تجري بهم في البحر، وكادت أن تغرق! فإذا بالقوم يتعجبون مما حصل في السفينة، فقالوا: فيها عبد آبق، فعلم أنه قد خرج بغير إذن الله عز وجل فحكمه حكم العبد الهارب من مولاه، وقالوا: لا بد أن ينزل من هذه السفينة، فقال: أنا أنزل من هذه السفينة، فرفضوا، كيف ينزل نبي الله عليه الصلاة والسلام؟ فقالوا: نعمل قرعة، فقرعوا فإذا القرعة تطلع عليه ثلاث مرات، فألقى بنفسه في البحر، فإذا بالله عز وجل يرسل حوتاً فيبتلعه، ويأمره الله سبحانه تبارك وتعالى أن يحافظ عليه ولا يأكله، فإذا به يدعو ربه سبحانه، وقومه كانوا يدعون هنالك، فكشف الله عز وجل عنهم العذاب، وهو يدعو في بطن هذا الحوت، وفي الليل المظلم، وفي ظلمات البحر، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]، اعترف بأنه أخطأ في ذلك.

    فإذا بالله سبحانه يرحمه ويأمر الحوت أن يلقيه على الشاطئ، قال الله: (فنبذناه بالعراء وهو سقيم) وهو سقيم مريض، بسبب كونه داخل الظلمات وتحت ضغط الماء في الداخل، فخرج وهو مريض في ذلك المكان، وَهُوَ مُلِيمٌ [الصافات:142] يعني: آت بما يلام عليه، لامه الله عز وجل على ما صنع، قال الله: وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ [الصافات:146]، شجرة من القرع، يأكل من ثمرها، ويستظل بظلها، ويشرب من مائها، فمكث تحت هذه الشجرة، ويونس النبي عليه الصلاة والسلام ليس هيناً على ربه سبحانه، ولكن الله سبحانه تبارك وتعالى يرينا كيف يؤدب أنبياءه وأولياءه سبحانه تبارك وتعالى، وكيف يؤدب خلقه، عفا عن هؤلاء لما غيروا وتابوا، إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، والله رحيم بالعباد سبحانه تبارك وتعالى، لذلك عفا عن هؤلاء لما تابوا إلى الله عز وجل، ويونس بقي على شاطئ البحر، وأنبت عليه شجرة من يقطين، وكان في حالة ضعف شديدة، فكان يأكل منها وترجع إليه القوة في جسده، وإذا بالله سبحانه ييبس هذه الشجرة بعد أن كانت مورقة، فإذا به يبكي ويحزن على هذه الشجرة، وهنا يعطيه الله عز وجل الحكمة من عنده سبحانه، فقال له: حزنت على شجرة أن أهلكت ولا تحزن على قومك وهم ألوف أن نهلكهم في لحظة! انظروا إلى رحمة رب العالمين سبحانه تبارك وتعالى.

    فلذلك ربنا يخبرنا أنه إذا ظهر الفساد في الأرض فراجعوا أنفسكم، فأنتم السبب في هذا الفساد، تتركون أوامر الله سبحانه، وتفعلون مناهي الله سبحانه تبارك وتعالى.

    فالإنسان إذا بدل وغير في شرع الله سبحانه، وفي أحكام الله سبحانه، وفي طاعته لله، فبعدما كان مطيعاً صار عاصياً؛ لا ينتظر من الله عز وجل إلا أن يعاقبه على ذلك، لكن الله سبحانه يؤخرهم لعلهم يرجعون ويتوبون إلى الله سبحانه، ويذيقهم شيئاً من العقوبة كما قال هنا سبحانه: لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].

    فالله عز وجل يعاقب العبد لعله يراجع نفسه، ويؤخر عنه العقوبة الشديدة والهلاك لعله يرجع إلى الله، وإذا استمر على عناده فإن سبحانه يأخذه أخذ عزيز مقتدر.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل..)

    قال سبحانه لعباده: قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ [الروم:42]، انظروا وتأملوا وادرسوا وتعلموا، انظروا كيف فعلنا بالسابقين، والناس الآن يقولون لك: هذا عالم في الجيولوجيا، وهذا عالم في الأرض، في الحفريات، يحفر في الأرض ويقول: هنا كان يوجد أمم في المكان الفلاني، وكان في المنطقة الفلانية حضارات، وكان كذا وكذا، فعرفوا هذه الأشياء، لكن هل اعتبروا بذلك؟! الله عز وجل يقول: (فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل)، فبدلاً من أن تفتخر وتقول: كان أجدادنا يبنون ويعملون كذا، انظر إلى عاقبتهم، انظر إلى عقوبتهم، فلا تمش في نفس المسار الذي ساروا فيه، يفتخر الإنسان الأحمق الغبي فيقول: أجدادنا كانوا فراعنة، وينسى أن الفراعنة كانوا كفاراً يعبدون غير الله، يؤلهون أنفسهم، وعصوا المرسلين، وأراد فرعون قتل رسل الله عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، فإذا بالله عز وجل يخزيهم، فهذا فرعون أهلكه الله، وجعله آية، قال: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ [يونس:92]، فالله يرينا الآيات، فالفراعنة أخرجوهم من الأرض، ووضعوهم في المتاحف، والذهب الذي سرقوه من الناس، واحتفظ به الملوك لأنفسهم؛ ظهر هذا الذهب كله، وهل نفعهم هذا الشيء؟ جعلوه معهم في القبور وداخل الأهرام، من أجل أن يلاقوا الذهب حقهم مرة ثانية، فهل انتفعوا بذلك؟ انظروا وتأملوا واعتبروا، فلا تقولوا: نحن أحفاد الفراعنة الذين بنو الأهرام، وعملوا كذا! فهم كفروا بالله سبحانه، فلا تنتسب إلى الكفار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (انتسب رجلان على عهد موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان بن فلان بن فلان، فمن أنت لا أبا لك؟! فقال الآخر المؤمن: أنا فلان بن فلان بن الإسلام)، يكفيني فخراً أني مسلم مع النبي موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فأوحى الله للنبي موسى عليه الصلاة والسلام: (أن قل لهذا: أنت افتخرت بتسعة آباء كفار أنت عاشرهم في النار، وأنت افتخرت بالإسلام فأنت في الجنة)، فهذا الضعيف الذي قال: أنا أفتخر بدين الإسلام دخل الجنة.

    نسى الناس الآن دين رب العالمين، وصرنا نسمع كثيراً التقاليد الفرعونية، الغناء الفرعوني، التمثيل الفرعوني، فراعنة في فراعنة! نسوا أن الفراعنة كفار، وكأنهم يقولون عن أنفسهم: إنهم متبعون للكفار! أين العقول؟!

    الله سبحانه تبارك وتعالى يقول: قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا [الروم:42] تأملوا وتدبروا كيف صنعنا بهم، هل نفعهم مالهم؟ هل نفعتهم قوتهم؟ بنوا أهراماً يتعجب الناس كيف بنوها؟ وكيف رفعوا الحجارة؟ قال الله: كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ [التوبة:69]، استمتعوا بحظهم في الدنيا، وأنتم استمتعتم بحظكم في الدنيا، عصوا الله وكفروا، وأنتم عصيتم الله سبحانه تبارك وتعالى، فما تنتظرون غير العقوبة التي أصابت هؤلاء السابقين؟!

    فالإنسان المؤمن لا بد أن يتعلم، ولا بد أن يعتبر، ولا بد أن ينصح أولاده، لا تترك أولادك جهلة تعلمهم الصحف، ويلقنهم التلفزيون أشياء باطلة، ويتعلمون الكفر بالله سبحانه، يعلق تميمة من أجل رد العين، يلبس حذاء من أجل اللعب الفلاني، يعمل تسريحة فلانية نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، يمشي في طريق الباطل ويقلد الشياطين ويفتخر بذلك، ويقول لك: نحن الشياطين الحمر! افتخروا بالكفار، وافتخروا بالشياطين، كيف سيكون مصير أصحاب هذا الافتخار؟ ألا يخشون أن يكونوا من أصحاب النار والعياذ بالله؟! والذين يفعلون ذلك يتسمون بأسماء المسلمين، يقول لك: أنا مسلم، وإذا سمع من يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: اتركوا هذه الكتب الصفراء! ويأتي الصحفي من هؤلاء فيفتي ويتكلم في الدين، وما أحد يرد عليه بشيء، وهو لا يفهم من دين الله عز وجل شيئاً، وبعضهم يسأل الصحيفة: أنا أحلق على الموضة فما رأيك في هذا الشيء؟ لا يسأل الشيخ، وإنما يسأل الصحيفة، وترد عليه فتقول: ما فيها شيء، وأنتم أعلم بشئون دنياكم، وإذا نهى عن ذلك عالم يقولون له: أنت إنسان متزمت، أنت إنسان متعصب، أنت إنسان كذا! فعندما غير الناس ما بأنفسهم أذاقهم الله عز وجل الذل، انظروا إلى الذل الذي في بلاد المسلمين، كل البلاد في ذل، لا يتواضعون لله، ويتواضعون لغير الله سبحانه، جعلوا الدين وراء ظهورهم، لا يعلمون أولادهم دين الله سبحانه، والأسر المسلمة في بلاد الكفر يهتمون بلغة الكفار، وهم أسر مسلمة كثيرة، ويصرون أن يتكلموا بالإنجليزي مع بعض، وهم مسلمون عرب، حتى داخل بيته يتكلم بالإنجليزي، ويفتخر أن كل أهل البيت يتكلمون بالإنجليزي وليس بالعربي!

    فهؤلاء كيف يتعلمون دين الله عز وجل؟ ومتى يتعلمون كتاب ربهم وسنة نبيهم صلوات الله وسلامه عليه؟ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ [الحشر:19]، فإذا نسي الإنسان ربه سبحانه فلا ينتظر إلا الوبال، ولا ينتظر من الله إلا العقوبة التي نراها الآن في أبناء المسلمين وفي أسر المسلمين، ومن ذلك تسلط الكفار على المسلمين لما نسى المسلمون دين ربهم، فإذا أرادوا أن يرجعوا إلى العز الذي في الإسلام فليرجعوا إلى دين رب العالمين، فلينصروا الله لينصرهم إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7].

    نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755998310