إسلام ويب

تفسير سورة النمل [48 - 53]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يخبر تعالى عن ثمود وما كان من أمرها مع نبيها صالح عليه السلام حين بعثه الله إليهم فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فافترقوا إلى قريقين: فريق المؤمنين وهم القلة، وفريق الكافرين وهم الأكثر، وأخبر عن طغاة ثمود ورءوسهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الكفر والضلال، والذين آل بهم الأمر إلى أن عقروا الناقة، وهموا بقتل صالح أيضاً، بأن يبينوه في أهله ليلاً فيقتلوه غيلة، فعاجلهم الله عز وجل بالعقوبة فأهلكهم، ثم أهلك قومهم بعدهم أجمعين.

    1.   

    قصة صالح عليه السلام مع قومه

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل: وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [النمل:48-53].

    ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات وما قبلها قصة صالح النبي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مع قومه ثمود، وكيف أن الله سبحانه وتعالى أرسل صالحاً إلى ثمود ليدعوهم إلى عبادة الله سبحانه، وكانوا قوماً كفاراً يفعلون المعاصي ويخربون ويفسدون، فلما أرسل الله سبحانه وتعالى صالحاً إليهم ليدعوهم لعبادة الله سبحانه وطاعته قال لهم: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ [النمل:45]، يعني: فريق المؤمنين الذين مع صالح وكانوا الأقلية والضعفاء من القوم، وفريق الأكثرية والأغلبية وهم الكفار: (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ)، كما عبر الله عز وجل في موضع آخر: قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا [الأعراف:75]، أي: الذين كفروا هم المستكبرون، والذين آمنوا هم المستضعفون، فقال الكفار الذين استكبروا للمؤمنين المستضعفين: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ [الأعراف:75] أي: أتستيقنون من ذلك أم أتظنون ذلك؟ فقال المؤمنون: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ [الأعراف:75]، فقال الكافرون: إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [الأعراف:76]، فَعَقَرُوا النَّاقَةَ [الأعراف:77]، وكانوا قد طلبوا من صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أن يأتيهم بآية يشاهدونها، وبمعجزة يستيقنون منها أنه نبي، فلما أتاهم بهذه الآية من عند الله سبحانه كادوا أن يؤمنوا بصالح النبي عليه الصلاة والسلام، فلم يزل المستكبرون وكبار القوم يصدونهم عن الإيمان حتى كان الأقل هم المؤمنين، والأكثرية هم الكافرين.

    فيقول الله سبحانه وتعالى: فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ [النمل:45]، يعني: يتجادلون في أمر صالح، الفريق الضعيف وهم المؤمنون والفريق القوي الغالب وهم الكافرون، فقال صالح لقومه يحذرهم من كفرهم وطغيانهم وعصيانهم، وقد أعطاهم الله عز وجل جنات، وأعطاهم عيوناً وزروعاً وثماراً، وأعطاهم نخيلاً طلعها هضيم، وأشياء عظيمة من الله عز وجل بها عليهم، فإذا بهم يصرون على كفرهم، فقال: يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ [النمل:46]، أي: لِمَ تستعجلون بفعل المعاصي نقمة الله وعذاب الله، بدلاً من أن توحدوا الله فتستعجلون بالحسنة جنته والنعم التي تنزل عليكم؟ لم تستعجلون عذاب الله سبحانه ولا تستعجلون رحمته؟

    ثم قال لهم: لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ [النمل:46]، فدعاهم للتوبة والاستغفار، لعل الله أن يرحمهم، فإذا بهم يتشاءمون منه، ويعلنون له ذلك: ( قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ [النمل:47]، قال: شؤمكم عند ربكم، يعني: ما تظنونه شؤماً في الدنيا وهو توحيد الله والدعوة إلى الله عز وجل، فشؤمكم الحقيقي ما يكون بعذابكم يوم القيامة من أعمالكم السيئة؛ لأنكم تستحقون أن توصفوا بذلك فأنتم أهل شؤم وأهل فساد، فتستحقون العقوبة من الله سبحانه وتعالى، فطائركم نتيجة كلامكم ومعصيتكم وإفسادكم العذاب عند الله، هذا هو الطائر وهذا هو الشؤم الحقيقي لكم، قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ [النمل:47]، أي: أن الله يمتحنكم بأن أعطاكم القوة والغنى، وجعل المؤمنين هم الضعفاء.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: ( وكان في المدينة تسعة رهط ... ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون)

    قال الله تعالى: وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ [النمل:48]، يذكر الله سبحانه قصص الأنبياء في مواطن من كتابه، في كل موضع يذكر ما يليق بقصة النبي في هذا الموضع، فهنا في قصة ثمود مع نبيهم صالح ذكر هذه الزيادة التي لم تذكر في هذا الموضع من مواضع القرآن، وهي: أنه كان في هؤلاء القوم تسعة رهط يمشون في الأرض بالفساد، واستكبروا غاية الاستكبار، وتبعهم الناس على ذلك فكانوا مفسدين.

    فقوله: يفسدون في الأرض أي: يأمرون بالفساد، (ولا يصلحون) أي: ليس عندهم إصلاح، ولكن يفعلون الفساد ويأمرون به أيضاً، فأخبر الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء أنهم عملوا خطة مع بعضهم، فقال بعضهم لبعض: اكتموا وأسروا ذلك حتى لا يعلم أحد بالذي اتفقنا عليه، واحلفوا على ذلك، واقسموا بالله ألا يقوم أحد منكم فيخبر القوم بما اتفقنا عليه، قال تعالى: قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ [النمل:49]، يعني: لنقتله بالليل في الظلماء هو ومن معه في الدار، بحيث لا يدري أحد أننا فعلنا هذا الشيء: لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ يعني: نذهب نحن التسعة فنقتله، مثل ما قام قدار وعقر الناقة قبل ذلك، فنبيكم هذا قال: إننا سنعذب بعد ثلاثة أيام فقبل أن يأتينا العذاب نقتله هو وأهله ثم نقول: ما رأينا ولا عرفنا شيئاً، وإذا كان صادقاً وجاء العذاب فيكون قد استرحنا منه في البداية وتشفينا منه، وإذا لم يأتنا العذاب يكون قد انتهينا من أمر هذا النبي، ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ أي: لولي دمه ولأقربائه الذين سيطالبون بدمه: مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ .

    وقوله: لَنُبَيِّتَنَّهُ هذه قراءة الجمهور، وقراءة حمزة والكسائي وخلف : (لَتُـبَيِّـتُـنَّهُ) يعني: قال بعضهم للبعض الآخر: (لَتُـبَيِّـتُـنَّهُ)، كأنهم يقسمون على ذلك: والله لتفعلن ذلك: (لَتُـبَيِّـتُـنَّهُ وأهله ثم لتقولُّن لوليه ما شهدنا مهلك أهله).

    وقوله: مَهْلِكَ هذه قراءة حفص عن عاصم فقط، ويقرأ شعبة عن عاصم: ما شهدنا مَهلَكَ أهله وباقي القراء يقرءونها: ما شهدنا مُهلك أهله، وكأن قراءة عاصم من الفعل الثلاثي من هلك، وقراءة الجمهور من الفعل الرباعي: أهلك، يأتي منها: مُهلك أهله .

    وعلى قراءة حفص عن عاصم : مَهْلِكَ أَهْلِهِ يكون بمعنى المكان الذي هلك فيه الأهل، وعلى القراءة الأخرى: كأنه موضع، يعني: لا نظرنا مكاناً، ولا حضرنا طريقة هلاكهم.

    قوله: وَإِنَّا لَصَادِقُونَ يعني: سيحلفون لهم أنهم صادقون في دعواهم عدم رؤية شيء، مع أنهم هم القتلة لو فعلوا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: ( ومكروا مكراً ... أنا دمرناهم وقومهم أجمعين )

    قال الله تعالى: وَمَكَرُوا مَكْرًا [النمل:50] أي: الذين دبروا الكيد هم تسعة وهو واحد عليه الصلاة والسلام، قالوا: نذهب إليه في بيته فنقتله هو وأهله من نساء وأولاد، وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [النمل:50]، المكر: هو الكيد الذي دبر في الخفاء، وهذا الإنسان الذي خطط في الخفاء يأتي بمن ينفذ له هذا الشيء، فهؤلاء دبروا في الخفاء وخططوا فذهبوا إلى بيت صالح عليه الصلاة والسلام فأرادوا قتله، وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا [النمل:50]، فعبر بنون العظمة، فالله عز وجل العظيم سبحانه، فإذا كاد إنسان لأولياء الله سبحانه فالله يكيد له، والله عز وجل يقول: (من آذى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، فكيف يصنع الله عز وجل بمن يؤذي الأنبياء؟! فذهب هؤلاء إلى بيت صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فلما وصلوا كانت الملائكة أسبق إلى بيت صالح عليه الصلاة والسلام، فقتلوا التسعة النفر، وقد ظنوا أنهم مجموعة وهو وحده، فذهبوا إليه فإذا بالملائكة تقتلهم جميعهم، قال تعالى: فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ [النمل:51]، أي: انظر وتأمل وتدبر في هذه الآية العظيمة من آيات رب العالمين سبحانه، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ [النمل:51]، فعبر بنون العظمة عن نفسه سبحانه وتعالى، أي: دمرنا هؤلاء وَقَوْمَهُمْ فجاء الدمار على هؤلاء، وبعد نهاية الثلاثة الأيام جاء الدمار على القوم جميعهم بصيحة أرسلها الله عز وجل عليهم، فقال هنا سبحانه: فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ ، والعاقبة: هي النتيجة، فالإنسان قد يخطط ويظن نفسه قادراً وينسى قدرة الله سبحانه وتعالى، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أصحابه بذلك، فقد ورد في قصة أبي مسعود البدري رضي الله عنه: (أنه كان يضرب عبداً له، والنبي صلى الله عليه وسلم من ورائه، ويقول: اعلم أبا مسعود، وأبو مسعود لم يسمع الصوت وما زال يضرب الغلام والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: اعلم أبا مسعود - أي: انتبه أبا مسعود - فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم كف عن الضرب، فقال: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك عليه)، يعني: إذا كنت قادراً عليه؛ لأنه ضعيف، فالله أقدر عليك منك عليه.

    إذاً: فالإنسان يتذكر وهو في وقت غضبه وفي وقت تهوره، أنه إذا فعل شيئاً فإنه سيفعل به يوماً من الأيام، إن لم يكن في الدنيا فعذاب الآخرة أشد وأبقى.

    فقوله: أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ [النمل:51]: هذه قراءة الكوفيين: عاصم وحمزة والكسائي وخلف ، وكذلك يعقوب ، وقراءة باقي القراء: نافع وأبي جعفر وقراءة أبي عمرو وقراءة ابن عامر وابن كثير : إنا دمرناهم وقومهم أجمعين .

    1.   

    تفسير قوله تعالى: ( فتلك بيوتهم خاوية .... وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون )

    قال الله تعالى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً [النمل:52]، أي: فانظروا إلى بيوت هؤلاء الأقوام كيف حاق بها الدمار، ونزل بهم عذاب ربهم سبحانه، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ [النمل:52]، وكما ذكرنا في هذه الكلمة وتكررت في مواطن كثيرة من القرآن أن فيها قراءتين: قراءة: (بُيوتُهم) وقراءة (بيِوتهم)، فقراءة (بُيُوتهم) يقرؤها ورش عن نافع ويقرؤها أبو جعفر ويقرؤها أبو عمرو ويعقوب وحفص عن عاصم : فتلك بُيُوتهم .

    وباقي القراء يقرءونها بكسر الباء (بِيوتِهم)، وهذا يتكرر فيها وفي غيرها من أمثالها، كبيوت، وشيوخ، وعيون، وجيوب، وأشياء من هذا القبيل ففيها الوجهان: الضم والكسر، وإن كان لفظ جيوب ليس في القرآن.

    يقول: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ، (خاوية) منصوبة على الحال، أي: حالها أن تلك البيوت صارت خاوية؛ بسبب ظلمهم.

    ثم قال: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ، أي: كل من عنده فهم يفهم، وكل من يمر على الديار فيرى آثار ثمود، فقد كانوا موجودين بين الشام وبين الحجاز، فعلوا كذا وكذا فجاءهم العذاب وأهلك الأقوام وبقيت البيوت شاهدة على من كان فيها في زمن من الأزمان، فكل من يعلم ذلك ليس عليه أن يؤمن فقط، بل لابد أن يعقل ويتفكر، ويعلم وعنده عقل يتفكر، يعلم أن هنا كانت ديار ثمود فأهلكهم الله بكفرهم.

    قال الله تعالى: وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [النمل:53] أي: أهلك الله الكافرين وأنجى المؤمنين الأتقياء، وهذه سنة الله عز وجل في خلقه، فمهما تمكن الكفار أياماً وشهوراً ودهوراً فإنه في النهاية يمكن الله عز وجل للمؤمنين، حتى ولو كانوا مستضعفين، قال تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ [القصص:5].

    نسأل الله عز وجل أن يمكن للإسلام والمسلمين.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755915201