إسلام ويب

مصابيح الهدى - مصعب بن عميرللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عظمة الأجيال فرع عن عظمة قادتها ومربيها، فما بالك بجيل قائده ومربيه وأستاذه المصطفى صلى الله عليه وسلم! إنه الجيل الذي أيس الزمان أن يحتضن مثله! إنه جيل الصحابة الأبرار، أمثال مصعب بن عمير، الذي صدق الله ما عاهده عليه، أول سفير في الإسلام، رحل إلى المدينة داعية ومعلماً لأهلها، فأسلم على يديه جمع من أهل المدينة الذين نصر الله بهم الإسلام، وهو حامل الراية في بدر وأحد، وقد حملها بحق حتى أكرمه الله بالشهادة، فرضي الله عنه وأرضاه.

    1.   

    إنهم تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله، الذي لا إله إلا هو، فلا خالق غيره ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى أن لا نعبد إلا إياه، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول فلا شيء قبله، وهو الآخر فلا شيء بعده، وهو الظاهر فلا شيء فوقه، وهو الباطن فلا شيء دونه وهو على كل شيء قدير. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وعبد ربه حتى لبى داعيه، وجاهد في سبيله حتى أجاب مناديه، وعاش طوال أيامه ولياليه يمشي على شوك الأسى، ويخطو على جمر الكبد والعنت، يلتمس الطريق لهداية الضالين، وإرشاد الحائرين، حتى علّم الجاهل، وقوم المعوج، وأمن الخائف، وطمأن القلق، ونشر أضواء الحق والخير والإيمان والتوحيد، كما تنشر الشمس ضياءها في رابعة النهار، فاللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال، وأن يجمعنا في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير. أحبتي في الله! مع أئمة الهدى ومصابيح الدجى. أيها الأحبة! ما كان حديثاً يفترى، ولا فتوناً يتردد، ذلك الحديث الذي روى به التاريخ أبناء أعظم ثلة ظهرت في دنيا العقيدة والإيمان، إنها حقائق تبرز كل ما كان لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من عظمة وروعة وسمو، وإن الإنسان ليقف مأخوذاً مدهوشاً أمام تاريخ هذه الثلة الكريمة المباركة، وأمام ما أنجزته في هذه الفترة الوجيزة التي لا تساوي في حساب الزمن شيئاً. أجل! لقد دمروا العالم القديم بأعظم امبراطورياته وصولجانه وحولوه في وقت قليل إلى كثيب مهيل. أجل! لقد شيدوا بآيات القرآن وكلماته عالماً جديداً يهتز نضرة، ويتألق عظمة، ويتفوق روعة وسمواً وكمالاً واقتداراً. أجل! كيف استطاعوا في مثل سرعة الضوء أن يضيئوا ضمير الإنسان بحقيقة التوحيد، ولكن سيزول العجب، وتتوارى الدهشة خجلاً وحياءً إذا ما علمنا أن الذي رباهم وأن الذي علمهم هو أستاذ البشرية، ومعلم الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الذي ملأ قلوبهم إيماناً ويقيناً وصدقاً وإخلاصاً وعزماً، وجعل حياتهم تتفجر روعة ونسكاً وإنتاجاً وعملاً. إنه ابن عبد الله! ومن لكل هذا سواه؟ فلقد عاشوا معه، ورأوا رأي العين كل فضائله ومزاياه، رأوا طهره وعفته.. رأوا صدقه وأمانته.. رأوا حنانه ورحمته.. رأوا عقله وبيانه.. رأوا رجلاً عظيماً شامخاً شاهقاً علياً، لا يدرون هل استطال رأسه وارتفع إلى كواكب الجوزاء فعانقها، أم اقتربت منه كواكب الجوزاء فتوجته! إنه ابن عبد الله الذي زكاه ربه في كل شيء! زكاه في عقله فقال: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:2]. وزكاه في فؤاده فقال: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:11]. وزكاه في بصره فقال: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:17]. وزكاه في صدره فقال: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح:1]. وزكاه في طهره فقال: وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ [الشرح:2]. وزكاه في ذكره فقال: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4]. وزكاه في صدقه فقال: وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى [النجم:3]. وزكاه في معلمه فقال: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم:5]. وزكاه كله فقال: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]. بأبي هو صلى الله عليه وسلم. فهيا بنا أحبتي في الله لنعيش هذه الدقائق مع تلميذ تربى على يد هذا الأستاذ الكبير والمعلم العظيم. هيا أيها الأحبة لنعيش مع شاب آخر بعد أن عشنا في اللقاء الماضي مع معاذ بن جبل، فهيا لنعيش اليوم مع شاب آخر نقدمه لشباب الصحوة الإسلامية بصفة خاصة، نقدمه لهؤلاء الشباب قدوة طيبة، ومثلاً أعلى في وقت قلت فيه القدوة من ناحية، وقدم فيه الفارغون والتافهون والساقطون ليكونوا القدوة والمثال من ناحية أخرى. وكما ذكرت فهؤلاء الذين تعتز بهم أممهم، وتقدمهم لأبنائها على أنهم القدوة وعلى أنهم المثال لو وضعوا إلى جوار عظمائنا ورجالنا وأبناء ديننا وإسلامنا لكانوا بمثابة الشمعة التي جاءت لتضيء في حضرة الشمس في رابعة النهار! هذا إن أحسنا الظن بهم. هؤلاء الذين يفخرون ويعتزون بهم، ويكرمونهم على شاشات التلفاز في الليل والنهار، وشتان شتان بين نور السهى وشمس الضحى صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً [البقرة:138].

    1.   

    إسلام مصعب بن عمير في دار الأرقم

    أيها الأحبة! تعالوا بنا لنلقي السمع والبصر والفؤاد، بين يدي أول الدعاة، وسيد التقاة، الذي ترك الدنيا بمتاعها من أجل الآخرة ونعيمها، الذي رضي بالهجرة بعد القرار، وقبل الجوع بعد الشبع، واطمأن للفقر بعد الغنى، واستبشر واطمأن بالعذاب بعد النعيم، إنه غرة فتيان قريش، وأوفاهم شباباً وبهاءً ونضرة وجمالاً، إنه لؤلؤة ندواتها، وزهرة شبابها، وأعطر رجالها، وقطب الرحى بين أبنائها. إنه الفتى الريان المدلل، المترف المنعم، الذي نال من تدليل وحب أبويه ما لم ينله شاب آخر في مكة كلها، فلقد عاش في بيت غني ثري من بيوت مكة شرفها الله، فاكتنفته النعمة من كل ناحية ومن كل جانب، وفي يوم من الأيام يسمع هذا الفتى المنعم نبأ الدعوة الجديدة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، والتي بدأ خبرها يسري في مكة كسريان الماء بين الصخور والحجارة، يسمع الفتى الخبر، ويسمع كلاماً جديداً على عقله، يسمع الكلام الذي بدأ يردده الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم، إنه كلام يحرك العقول الذكية، ويخاطب الفطر السليمة النقية، فيه قوة تبهر العقل النقي، وتمس الروح الصافية، وتنادي أعماق الوجدان. ومن هنا أيها الأحبة! ومن هذه الساعة دخل هذا الشاب النقي صراعاً رهيباً مع نفسه، بين بيئته الجاهلية بكل موروثاتها: من نعيم وجاه، وملك وثراء وبذخ، وحسب وشرف ونسب وبين هذا الحق الأبلج الذي بدأ يسمعه لأول مرة يخاطب أعماق وجدانه: ما هذا الهراء؟! ما هذه الأصنام؟! ما هذه التماثيل التي لا تضر ولا تنفع، ولا تسمع ولا تبصر؟! هل هذا الكون خلقته هذه الأصنام؟ هل هذه الأصنام هي التي تستحق أن تعبد؟! كلا، إنه هراء، فلا بد من البحث عن الحق والحقيقة، وإذ بهذه الحقيقة تتجلى في كلمات محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء ليخرج الناس من ظلمات الشرك ومجاهل الوثنية إلى أنوار التوحيد والإيمان. ولكن لم يطل الصراع، ولم يدم التردد، فها هو الفتى الكريم يخطو أولى خطواته على الطريق إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم، لقد انفتح عقله ووجدانه للحق، وسرى النور إلى قلبه. ها هو الفتى الكريم يأخذ مكانه بين الصحب الكرام في دار الأرقم بن أبي الأرقم، ولم يكد الحبيب صلى الله عليه وسلم يقرأ آيات القرآن وتنساب الآيات الكريمة من قلب محمد بن عبد الله متألقة على شفتيه نوراً ولؤلؤاً، وإذ بهذه الآيات تأخذ طريقها إلى القلوب مباشرة قبل الأسماع، وهل هناك قارئ يوصل القرآن إلى القلوب غير محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. وتجد الآيات طريقها إلى قلب هذا الفتى الكريم المبارك؛ ليكون فؤاده في هذه الليلة الكريمة هو الفؤاد الموعود بكل خير، وسرعان ما تمتد يد الحبيب صلى الله عليه وسلم برحمة وشفقة وحنان لتلامس هذا الصدر المتوهج، وهذا الفؤاد المتوثب، ليحس الفتى بسكينة عميقة بعمق المحيطات والأنهار، ولأول مرة وإذ بالكلمات تسابق شفتيه وتتردد مشرقة يردد الشهادتين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودموع الخشوع والفرح تنحدر على وجنتيه كحبات لؤلؤ إنه الفتى الذي تحول في لمح البصر من أقصى مجاهل الوثنية إلى أقصى رحاب التوحيد والإيمان! إنه مصعب الخير، مصعب بن عمير رضي الله عنه وأرضاه. ويخفي مصعب إسلامه عن أهله وعن قومه، كما كان يفعل المسلمون آنذاك التزاماً مع المنهج الحركي للدعوة الإسلامية في طورها السري، ولكن لم يستطع مصعب أن يخفي إسلامه لفترة طويلة من الزمن؛ لأنه لا يستطيع أن يخفي سيم الإيمان على وجهه؟! هل يستطيع أن يخفي سيم الإيمان التي أشرقت على وجهه وتحولت وترجمت فوراً إلى سلوك وواقع حياة؟! هل يستطيع أن يكتم مشاعره نحو ذلك النور الذي ملأ عليه قلبه ووجدانه وحياته؟! هل يستطيع أن يخفي عزوفه واحتقاره لتلك الأوثان والأصنام والمعبودات المزيفة؟! هل يملك أن يرجع يوماً واحداً إلى فساد الوثنية والجاهلية ولهوها وضلالها؟! كلا، فلقد خلع مصعب بن عمير منذ أول ساعة من ساعات إيمانه خلع رداء الجاهلية كله، على عتبة دار الأرقم بن أبي الأرقم. وهكذا أيها الأحباب! فإن الإيمان والجاهلية بجميع صورها لا يمكن على الإطلاق أن يجتمعان في قلب واحد، لذا لفت الله العقول الذكية والقلوب التقية إلى هذا فقال: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ [البقرة:256]، فلابد من التخلية قبل التحلية، فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ [البقرة:256]، فإن شرح الله صدرك للحق فينبغي أن تنابذ الجاهلية بجميع صورها وشتى أشكالها وألوانها، أما أن نعيش للإسلام بلون، ونعانق الجاهلية في ألوانها الأخرى فهذا لا يصح بحال، ولا يتفق الإيمان والوثنية أو وصورة من صور الجاهلية في قلب واحد مطلقاً.

    1.   

    صبر مصعب رضي الله عنه على الشدة والبلاء

    خلع مصعب رداء الجاهلية كله على عتبة دار الأرقم بن أبي الأرقم، واختار طريق الإيمان بكل محنه وآلامه، فهو الذي رأى بعينيه المعذبين من المؤمنين والموحدين يحرقون بالنار، ويمنعون من الطعام والشراب، ويلقون أشد الأذى أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3]. ليس الإيمان كلمة تقال باللسان، ولكن الإيمان حقيقة ذات تكاليف، وأمانة ذات أعباء. ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، بل الإيمان ابتلاء، واختبار، فطريق محفوف بالأشواك وممهد بالابتلاءات والمحن، وليس طريقاً ممهداً بالزهور والورود والرياحين: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214]. اختار مصعب طريق الإيمان بكل محنه وآلامه، ولكن كان ولابد أن يواجه مصعب الخير المحنة برجولة ليثقل إيمانه وليزداد يقينه، وسبحان الله! ستعجبون إذا علمتم أن الذي تولى المحنة، وأن الذي تولى تعذيب مصعب هي أمه خناس بنت مالك ! التي كانت تتمتع بقوة في شخصيتها إلى حد ترهب فيه كل الرهبة. هذه المرأة القوية المتعجرفة التي كبتت كل مشاعر الأمومة في قلبها، واستعلت على كل ذرة عطف وحنان لابنها وحبيبها، وقامت بنفسها لتحكم قيوده وأغلاله، بعدما أظهر إسلامه، وحبسته في مكان قصي من دارها، ومنعت عنه المال والمتاع. لماذا؟ ليرجع إلى دين الجاهلية وليترك دين الحق والتوحيد، ولكن أنى للقلوب التي رأت النور أن تهوى الضلال؟! وهكذا اطمأن مصعب الخير ورضي بهذا العذاب وهذا البلاء! عجب! أعطر فتيان مكة! وأنعم فتيان مكة يترك النعيم! ويترك الجاه والثراء! ويترك المتاع والأموال! يترك الدنيا كلها من أجل الله جل وعلا ورسوله والدار الآخرة! يا له من درس لمن تركوا ميادين دعوتهم، وراحوا يلهثون وراء الكراسي الزائلة، والمناصب الفانية، وأفتوا بغير ما يرضي الله جل وعلا! يا له من درس؛ فإن الكراسي إلى زوال، وإن المناصب إلى فناء، وإن الدنيا بأسرها حطام زائل. يتنازل مصعب عن كل هذا ليلبس هذا الفتى المنعم أخشن الثياب، وليجوع يوماً ويشبع يوماً بعد أن كان في الأمس القريب إن مر في طريق في مكة قالوا: لقد مر من هذا الطريق مصعب بن عمير. أعطر الفتيان، وأنضر الشباب، وأبهى الشباب حلة، يلبس أخشن الثياب، ويجوع يوماً ويشبع يوماً؟! إنها التضحية! إنها قصة فداء! إنه شرف لجميع بني الإنسان، إنه مصعب الخير رضي الله عنه وأرضاه. إنه يعلم يقيناً أن الدنيا بزخارفها وسلطانها إلى زوال وفناء، فمهما طالت دنياك -أيها الحبيب- فهي قصيرة، ومهما عظمت دنياك فهي حقيره؛ لأن الليل مهما طال لابد من طلوع الفجر، ولأن العمر مهما طال لابد من دخول القبر أيا عبد كم يراك الله عاصيا حريصاً على الدنيا وللموت ناسياً أنسيت لقاء الله واللحد والثرى ويوماً عبوساً تشيب فيه النواصيا إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى تجرد عرياناً ولو كان كاسياً ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها لكان رسول الله حياً وباقياً ولكنها تفنى ويفنى نعيمها وتبقى ذنوب والمعاصي كما هيا يلبس أخشن الثياب، ويأكل الجلد مع أستاذه ومعلمه صلى الله عليه وسلم وورق الشجر، ولكن روحه التي سمت بالعقيدة، ووجهه الذي أشرق بالإيمان قد جعل منه إنساناً يملأ الأعين جلالاً، ويملأ القلوب محبة وتقديراً، ويملأ النفوس هيبة ووقاراً. أيها الأحبة! في وسط هذه المحن يبزغ نور جديد يبدد الظلام، ويجدد الأمل في صحراء مكة المفقرة، نفر من الأنصار يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الأولى، تلك البيعة الكريمة المباركة التي حطمت جدران سوداء، حجبت عن الدنيا أنواراً للآخرة. إنها تلك البيعة الكريمة المباركة التي راحت تصرخ في هذا الإنسان الذي التحف بقشور الوثنية المظلمة لتنادي في أعماقه وتقول له: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، فاعبده وحده، واسجد له وحده، وسبحه وحده، وانظر إليه وحده، واحلف به وحده. تلك البيعة الكريمة المباركة التي راحت تصرخ في أعماق هذا الإنسان الذي تمرغ يتمرغ في أوحال الرذيلة والمعصية، وتقول له: لا تدس أنفاس حياتك برائحة البغايا المنتنة! تلك البيعة الكريمة التي راحت لتلاحق ذلك الرجل الذي يمضي نحو المقابر كالغضب، وتقول له: ويحك وتهزه من كتفيه بعنف وتقول له: قف، إلى أين أنت ذاهب؟! ما هذا الذي تحمله على ظهرك، إنه ما زال حياً! إنها ابنتك نبض حياتك، ثمرة فؤادك، شريانك ودمك، ما الذي جنته لتهيل عليها التراب وهي حية! وهي تبلل قبرها بدموع تناشدك ذرة من رحمة، وبقية من حنان! إنها البيعة المباركة التي أشرقت بشمس جديدة على الدنيا!

    1.   

    مصعب بن عمير أول داعية إلى الإسلام في المدينة

    وحمل الأنصار هذه الدعوة، وصاروا يسابقون بها الريح، وينطلقون من مكة إلى المدينة بهذا النور الجديد، وبهذه الحياة الجديدة، ولكن سرعان ما يبعثون إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أرسل إلينا يا رسول الله رجلاً من أصحابك يدعو الناس بكتاب الله جل وعلا، فإنه أحرى أن يتبع -والحديث حسن- فينظر النبي صلى الله عليه وسلم في وجوه أصحابه، من يختار لهذه المهمة الصعبة العسيرة؟ من يختار لهذه الأمانة الكبيرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم يقيناً أن هذا الذي سيختاره سيجعل بين يديه مصير الإسلام في المدينة فالمدينة هي الأمل المرتقب بعد صدود أهل مكة، وغلاظة أهل الطائف. إذاً: وبلا مبالغة إن هذه القضية هي أخطر قضية للإسلام حينذاك. من يختار صلى الله عليه وسلم؟! ويختار الحبيب أول الدعاة وسيد التقاة مصعب الخير رضي الله عنه وأرضاه، فهو الذي تمرس وصبر على البلاء. لقد هاجر رضي الله عنه إلى الحبشة مرتين وتحمل الأذى، ونجح في الاختبار نجاحاً بقوة واقتدار، إذاً: فلتذهب يا مصعب الخير إلى المدينة المنورة لتعلم الناس الإسلام، ولتفقه الناس في دين الله جل وعلا، ولتقرأ القرآن عليهم غضاً طرياً -اسمعوا- ولتقوم بدور رسول الله في مكة في المدينة المنورة. يا سبحان الله! أي شرف هذا، وأي مكانة هذه التي يتبوأها مصعب؟ يقوم بدور رسول الله في مكة في المدينة المنورة؟! نعم، فهو الداعية الذي كان مثلاً وقدوة ونستحق بجدارة أن نرفع رءوسنا لتعانق السماء ولنقول: إنه داعية رباه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم! أيها الأحبة! ويذهب مصعب وهو يعي رسالته، ويقدر أمانته، وينطلق إلى المدينة المنورة، وينزل ضيفاً على أسعد بن زرارة رضي الله عنه وأرضاه. لماذا؟ لأن مصعباً لا يملك مالاً ولا أهلاً ولا بيتاً ولا دابة ولا سلاحاً، بل إن الدعوة وهي ماله، وهي بيته، وهي دابته، وهي سلاحه، ولا يملك شيئاً إلا أن يدعو، وكذلك أقول لإخواني من الدعاة: نحن لا نملك إلا الدعوة، ولا نملك إلا القلوب، فنتعلم من هذه الدروس، ولذا فإننا نركز على هذا لا لمجرد التسلية والاستمتاع، وإنما ليربى الجيل على أخبار وسير هؤلاء الأطهار.

    1.   

    نجاح مصعب في دعوته وإسلام سادات المدينة على يديه

    أيها الأحبة! ولقد نجح سفير الإسلام الأول في المدينة المنورة نجاحاً منقطع النظير، وحول مصعب رضي الله عنه المدينة المنورة إلى جنان خضراء، فلقد أشرقت عليها حياة جديدة.. أشرقت عليها شمس التوحيد، ولكن من يحملون في صدورهم صخوراً وحجارة أزعجهم هذا الإيمان وهذا النور، وضيق عليهم أنفاس حياتهم تلك البهجة، فراحوا إلى سيدهم سعد بن معاذ ليضع حداً لهذا الأمر الذي استفحل، والحديث حسن بشواهده كما رواه ابن سعد وابن إسحاق. فانظروا إلى هذا الحوار الكريم الذي دار بين سفير الإسلام الأول، وبين سيدين من سادات القوم، بين أسيد بن حضير وبين سعد بن معاذ ، وكانا ما زالا على الشرك. وصل الخبر إلى سعد ، فقال لـ أسيد : لا أبا لك يا أسيد ! ألا تذهب إلى هذين الرجلين الذين أقبلا علينا في ديارنا ليسفها ضعفاءنا، ازجرهما وانههما، فأخذ أسيد بن حضير حربته وانطلق إلى مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة اللذين ذهبا إلى حائط في دار بني ظفر في رحلة إلى دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر، وها هو مصعب الخير وأسعد بن زرارة يجلسان مع مجموعة ممن أسلموا لله جل وعلا في ذلك الحائط، ويأتي أسيد ويركز حربته ويقف عليهما متشتماً قائلاً: ما الذي جاء بكما إلى ديارنا لتسفها ضعفاءنا؟! اخرجا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة! وينظر مصعب نظرة مبتسمة.. نظرة مشفقة حانية إلى سيد القوم ويقول له: أوتجلس فتسمع مني، فإن كان خيراً قبلته، وإن كان فيه شيئاً تكرهه عزلنا عنك ما تكره، فقال أسيد : والله لقد أنصفت، فركز حربته وجلس بين يدي مصعب بن عمير رضي الله عنه وأرضاه، ويدعوه مصعب للإسلام، ويقرأ عليه آيات القرآن التي لو تنزلت على الجبال لصدعتها، فتتنزل آيات القرآن على قلب أسيد كحبات الندى على الزهرة الظمأى، ويتفتح ذلك القلب النقي، وتشرق تلك الفطرة السليمة، ويقول أسيد بن حضير كما قال أسعد ومصعب : والله لقد عرفنا الإسلام في وجهه قبل أن يتكلم. فقال أسيد بن حضير : ما أحسن هذا الكلام وأجمله، ما تصنعون إن أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ فقالا: تغتسل، وتطهر ثوبيك، وتشهد شهادة الحق، وتصلي لله ركعتين. فقام أسيد بن حضير الذي كان منذ لحظات إعصاراً يزمجر، وزلزالاً يدوي ويصرخ قام ليتحول إلى عصفور مبلل بماء المطر.. إلى حبات ندى.. إلى نسمات هواء وادعة تمر على الوجه في فصل الربيع بأنفاس الزهور، يقوم هذا الأسد الذي كان يزمجر، ويقوم مسرعاً ليغتسل ويطهر ثوبيه ويشهد شهادة الحق بين يدي الداعية العظيم، ويركع لله ركعتين، ثم ينظر إلى أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير ويقول: إن ورائي رجلاً هو سيد قومه لو اتبعكما لم يبق واحد من قومه بعد اليوم إلا على الإسلام، وإني سأرسله إليكما الآن. وينطلق أسيد بن حضير ، ويتحرك لدين الله فوراً، فليس هناك وقت للجلوس وللسكون، وإنما قام ليتحرك فوراً لدين الله جل وعلا بعد أن شرح الله صدره، ويذهب إلى سعد ، وينظر إليه سعد بن معاذ ، ويقول لقومه: أحلف بالله أن أسيد بن حضير قد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، ماذا فعلت يا أسيد ؟ قال: نهيتهما وزجرتهما، ولم أر بهما بأساً، وأجاباني إلى كل ما أريد، وقالا لي: إن رأيت شيئاً تكرهه عزلنا عنك ما تكرهه، ولكني سمعت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وقد علموا أنه ابن خالتك ليخفروك -أي: لينقضوا عهدك- فغضب سعد بن معاذ وقام غاضباً لما سمع من خبر بني حارثة، وأخذ الحربة من أسيد بن حضير ، وقال: ما أراك فعلت شيئاً، وانطلق سعد بن معاذ غاضباً إلى مصعب بن عمير وصاحبه رضي الله عنه وأرضاه، فوقف عليهما متشتماً، وقال لـ أسعد بن زرارة وهو ابن خالته: يا أبا أمامة ! والله لولا ما بيني وبينك من قرابة ما رمت هذا مني، فقال له مصعب : أوتجلس فتسمع مني فإن رأيت خيراً قبلته، وإن رأيت ما تكره عزلنا عنك ما تكره. قال: والله لقد أنصفت، وركز الحربة وجلس بين يدي الداعية الكبير العظيم الحليم الصبور رضي الله عنه وأرضاه، فيعرض عليه مصعب الإسلام، ويقرأ مصعب عليه القرآن، وكانت فطرهم سليمة نقية تقية سرعان ما تتفتح إلى الحق كتفتح الزهرة لحبات الندى التي تتنزل عليها في يوم شديد الظمأ شديد الحرارة، فنظر سعد بن معاذ إلى الداعية الكبير وقال: والله ما أحسن هذا الكلام وأجمله، فما تصنعون إذا أدرتم أن تدخلوا في هذا الدين؟

    1.   

    إسلام سعد بن معاذ وقومه

    فقال له: تغتسل وتطهر ثوبيك، وتشهد شهادة الحق، وتصلي ركعتين، فقام سعد بن معاذ فاغتسل وطهر ثيابه، وشهد شهادة الحق بين يدي مصعب ، وصلى لله ركعتين، ومن هنا بدأ يتحرك لدين الله على الفور، فلا وقت للراحة والسكون والهدوء، ولا مكان للمكاتب المكيفة والفراش الوثير. وينطلق سعد بن معاذ إلى قومه إلى بني عبد الأشهل فيقول: يا قوم! ما تعلمون رأيي فيكم؟ فقالوا: أنت سيدنا، وأيمننا نقيبة، وأفضلنا رأياً، فيقول سعد بن معاذ : فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فلم تمر الليلة على دار بني عبد الأشهل إلا وقد أسلم كل رجل وامرأة، وشهد الجميع أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. لك الله يا مصعب الخير، ورضي الله عنك يا من ذكرك عطر للحياة. أسأل الله جل وعلا أن يجزي عنا مصعب بن عمير خير ما جزى صالحاً أو مصلحاً، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    من لواء الدعوة إلى لواء الجهاد

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الأحبة! والله كم كانت سعادة النبي صلى الله عليه وسلم بداعيته العظيم الكريم المبارك، يوم أن رجع مصعب في العام التالي مباشرة، بوفد من المسلمين يتكون عددهم من سبعين مؤمن ومؤمنة، وهو الذي ذهب إليهم من بضعة أشهر، ولم يكن هناك إلا اثنا عشر رجلاً يوحدون الله جل وعلا في المدينة المنورة، عاد بسبعين دفعة واحدة يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن غرس فيها مصعب شجرة الإسلام وتعهدها بالرعاية والعناية، فأينعت وأثمرت. ماذا أثمرت؟ أثمرت دولة للإسلام تمنعه وتحميه، وحينئذٍ أرادت قريش أن تقضي على الموحدين حتى في المدينة المنورة، وانطلقت الشرارة الأولى للجهاد في سبيل الله بغزوة بدر الكبرى، وينظر النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى من يرفع لواء الجهاد، ولن يجد النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رفع لواء الدعوة قبل ذلك، يرى النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير ليدفع إليه لواء الجهاد مرة أخرى، وإن من عرف وسبر غور ميادين القتال يعلم أن اللواء هو البوصلة التي باتجاهها يتحدد مصير المعركة، فإن كان اللواء خفاقاً عالياً، وصاحب اللواء يزأر من حين إلى حين بتكبيرة ترج عرض الميدان رجاً ارتفعت المعنويات، وإن سقط اللواء ونكس نكست المعنويات على الفور. وينطلق مصعب بن عمير ليرفع لواء الجهاد بعد أن رفع لواء الدعوة، وينصر الله جنده، ويعز الله هؤلاء الفقراء الحفاة العراة الجياع، ويتبعثر المشركون والسادة في أرض الصحراء كتبعثر الفئران.

    1.   

    إكرام الله لمصعب بالشهادة في غزوة أحد

    لم يمض عام على بدر وإذ بقريش تجمع رجالها وترفع المعنويات، وتقوم بتعبئة رهيبة للثأر لما حصل في بدر. ويخرج جيش جرار ويلتقي جيش التوحيد بجيش الشرك في أحد، ويتخلى الرماة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينزلون من على ظهر الجبل ليجمعوا الغنائم بعد ما رءوا أهل الشرك يفرون، ولكن هذا كان مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فغير دفة المعركة، وإذ بهم يرون خالد بن الوليد رضي الله عنه ينقض انقضاض الأسد مع جموع من الفرسان، لتتحول كفة المعركة بين غمضة عين وانتباهتها، وينتشر الذعر والرعب بين صفوف المسلمين، ولما رأى المشركون ذلك جعلوا هدفهم الأوحد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلتفت مصعب إلى الأمر ويعرف الخبر، ويرفع اللواء خفاقاً عالياً، ويزأر كالأسد في عرينه، وترتفع صيحات التكبير، وإنما يريد بذلك أن يلفت أنظار الأعداء إليه حتى لا يصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فينقض عليه الفارس ابن قمئة ليطعن مصعباً رضي الله عنه طعنة في يمينه، فيقع اللواء فيأخذ مصعب اللواء بشماله، فيطعنه طعنة أخرى فيقطع يده اليسرى، فينقض مصعب رضي الله عنه على اللواء بعضديه ليضل اللواء خفاقاً عالياً شاهقاً! فينقض عليه الفارس مرة أخرى ليطعنه في صدره، فيسقط اللواء ويسقط كوكب الشهداء، يسقط مصعب رضي الله عنه وأرضاه. أيها الأحباب! وبعد انتهاء المعركة -بإيجاز شديد- يأتي الحبيب صلى الله عليه وسلم ليتفقد أحوال الشهداء، ويقف أمام جثة حمزة التي مثل بها تمثيلاً فضيعاً، ويبكي بكاء طويلاً، وتنزل الدمعات غزيرة من عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالرغم من أن كل الأبطال الذين سقطوا كانوا يمثلون الطهر والعفاف والعظمة، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف أمام جثمان سيد الدعاة وسيد الشهداء وأول السفراء مصعب بن عمير ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [الأحزاب:23]). اللهم هيئ لأمة التوحيد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك ومولاه! اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين! اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين! اللهم رد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً، اللهم خذ بأيديهم إليك، اللهم وفق ولاة أمورهم وحكامهم للعودة إلى كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم. اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام والتميكن للموحدين، اللهم أقم علم الجهاد، واقمع أهل الزيغ والفساد يا رب العالمين. اللهم اقبلنا وتقبلنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم! أحبتي في الله! أكثروا من الصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد كما أمرنا الله جل وعلا بذلك فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756297128