إسلام ويب

شرح العقيدة الواسطية [14]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من صفات الله تعالى صفة الكلام، وهي صفة ثابتة بالعقل والشرع، فهو سبحانه يتكلم متى شاء، كيف شاء، وبما شاء، بحرف وصوت مسموع، والقرآن كلام الله، أنزله على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة.

    1.   

    القرآن كلام الله غير مخلوق

    قال المصنف رحمه الله: [ومن الإيمان بالله وكتبه: الإيمان بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق] .

    قال: (من الإيمان بالله وكتبه) ولك أن تقول: ورسله، لأن الرسول بعث بهذا القرآن، ولك أن تقول: وملائكته..الخ.

    [ومن الإيمان بالله وكتبه: الإيمان بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وأن الله تكلم به حقيقة وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقةً لا كلام غيره] .

    قوله: (وأن القرآن كلام الله) هذا هو صريح قوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6].

    الأدلة على اتصاف الله سبحانه بالكلام

    وهو سبحانه وتعالى موصوف بالكلام، وهذه من صفاته الثابتة بالعقل والشرع، ولهذا أبطل الله ألوهية العجل بأنه لا يتكلم، قال تعالى: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ [الأعراف:148]، فدل عقلاً على أن الإله الحق المعبود لابد أن يكون متكلماً.

    فقوله: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ دليل على أن الإله الحق يتكلم، وهذا من دلالة العقل.

    ومن أدلة إثبات كلام الله سبحانه وتعالى: قوله تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143]فكلامه سبحانه صفة من صفاته اللائقة به، وهو على الحقيقة، يتكلم سبحانه متى شاء كيف شاء إذا شاء، بحرف وصوت مسموع، وكلامه منزه عن مشابهة كلام الخلق كسائر الصفات.

    ومن كلامه سبحانه هذا القرآن؛ كما يدل على ذلك صريح الآية: يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6]، فالقرآن كلام الله منزل -أي: أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم- غير مخلوق، كما ادعت الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، وهذا باطل لأن القرآن من علم الله، وعلمه سبحانه وتعالى يمتنع أن يكون مخلوقاً، وهذا من جوابات الأئمة كالإمام أحمد على المعتزلة: أن القرآن هو من علم الله، وعلمه سبحانه وتعالى يمتنع أن يكون مخلوقاً، والقرآن علم، فهو تشريع وأخبار سابقة، وهذا كله علم، ولا يمكن أن يكون علمه سبحانه وتعالى مخلوقاً.

    الرد على القائلين ببدعة الكلام النفسي

    [ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة، بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله حقيقة، فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً، لا إلى من قاله مبلغاً مؤدياً، وهو كلام الله حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف] .

    ولا يجوز إطلاق القول أنه - أي القرآن- حكاية عن كلام الله أو عبارة عنه.

    فالسلف رحمهم الله كانوا يقولون: القرآن كلام الله، وهذه هي طريقة الصحابة، وما كان الصحابة ينطقون بكلمة (غير مخلوق)، لأن هذه البدعة لم تحدث في زمنهم.

    ولما ظهر الجهمية وقالوا: إنه مخلوق، قال السلف والأئمة الذين أدركوا هذه البدعة في أواخر المائة الثانية: إنه غير مخلوق، فصار الناس على أحد طريقتين:

    - عامة المسلمين على مذهب سلف الأمة أن القرآن كلام الله ليس مخلوقاً.

    - الجهمية ومن وافقهم من أهل البدع على أن القرآن مخلوق.

    وفي آخر عصر الأئمة لما جاء عبد الله بن سعيد بن كلاب وأمثاله ممن يسمون متكلمة أهل الإثبات الذين ينتسبون للسنة والجماعة، أحدثوا في مسألة القرآن قولاً ثالثاً، ملفقاً من كلام المعتزلة والجهمية وكلام أهل السنة، فقالوا: (القرآن ليس مخلوقاً) هذا من كلام أهل السنة، ولكنهم لم يقولوا: إنه كلام الله فيتمموا الحق، بل قالوا: (حكاية عن كلام الله أو عبارة عن كلام الله)؟ قالوا: لأن كلام الله عندهم ليس بحرف وصوت، بل هو معنى يقوم في النفس.

    هذه الطريقة أحدثها ابن كلاب والأشعري وأمثالهما، وهي طريقة متعذرة عقلاً ونقلاً.

    ويكفي في إسقاطها: أن المسلمين سنيهم وبدعيهم قبل ظهور ابن كلاب والأشعري وأمثالهما ما كانوا يرون أنه يمكن في هذا الباب إلا أن يقال: القرآن كلام الله بحرف وصوت، أو يقال: إنه مخلوق على قول الجهمية والمعتزلة، ولما عُلِم فساد قول الجهمية والمعتزلة عقلاً ونقلاً، عُلم أن الحق الممكن واحد.

    بمعنى آخر: أنه يكفي لفساد قول ابن كلاب والأشعري : أنه قد مرت القرون الثلاثة حتى كاد القرن الثالث ينصرم، ولم يوجد أحد يقول: إنه حكاية أو عبارة عن كلام الله وأن كلام الله معنى وليس حرفاً..إلخ. ما كان الناس يفقهون، لا من أهل السنة ولا من أهل البدعة، إلا أن الكلام يكون بحرف وصوت، فجاءت المعتزلة ونفته، وبقي أهل السنة على أصلهم في إثباته.

    إذاً: يكفي لإبطال مذهب الأشعرية أنه مذهب حادث، ولو كان هو الحق، للزم أن المسلمين بشتى طوائفهم لم يعرفوا الحق قبل وجود ابن كلاب والأشعري وأمثالهم، وهذا ممتنع عقلاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755910295