إسلام ويب

شرح العقيدة الطحاوية [22]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من أركان الإيمان: الإيمان بالرسل، وقد ذكر الله تعالى في كتابه عدداً منهم، ولم يذكر أكثرهم، وإنما ذكرهم إجمالاً، وأخبر أنه يجب الإيمان بهم جميعاً، وإنما يعلم بكون النبي نبياً والرسول رسولاً بإخبار الله سبحانه وتعالى بذلك، وبالأخبار الصحيحة الثابتة عن الأنبياء عليهم السلام.

    1.   

    من أصول الإيمان: الإيمان بالرسل

    قال: [ونحن مؤمنون بذلك كله، لا نفرق بين أحد من رسله، ونصدقهم كلهم على ما جاءوا به] .

    أي أن من أصول الإيمان: التصديق بالرسالات السماوية وقد تقدمت مسألة النبوة، وقوله: (لا نفرق بين أحد من رسله): هذا مذكور في القرآن ومعناه: أنه لا ينقص أحد من الأنبياء والرسل عن مقام النبوة والرسالة، بل يؤمن بهم على ما ذكره الله إما مجملاً وإما مفصلاً.

    معرفة نبوة الأنبياء إنما تكون بالأخبار الصحيحة

    وتحت هذا يشار إلى مسألة مهمة، وهي: أن العلم بكون النبي نبياً أو بكون الرسول رسولاً إنما يعلم بإخبار الله سبحانه وتعالى، والأخبار الثابتة الصحيحة عن الأنبياء، وقد وقع في كلام طائفة من المفسرين، وكذلك في كتب أهل الكتاب، سواء في التوراة المحرفة، أو الأسفار الموجودة عند اليهود أو الإصحاحات الموجودة عند النصارى، وقع فيها ذكر لأعيان من الأنبياء، وأقوال تضاف إليهم، مع أن هؤلاء لم تنضبط نبوتهم، حتى يمكن أن يقال: إن أقوالهم تصح أو لا تصح.

    بل قد يكون بعضهم من الأنبياء، وقد يكون بعضهم من الأحبار والرهبان الذين ذكرهم الله في كتابه، كمثل قوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ الله [التوبة:31] فإن التسمك بهذا المقام ومحاكاة النبوة كان شائعاً في أحبار اليهود ورهبان النصارى.

    ضابط التحديث عن بني إسرائيل

    الكتب الموجودة اليوم في اليهود والنصارى لا يصح اعتبارها في تقرير الحقائق الشرعية، أو الحقائق العلمية، فضلاً عن الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وإذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أنه قال: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) وقوله: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فإن المراد بذلك، ما كان موجوداً في كتبهم المأثورة.

    وأما الكتب التي انتحلوها من بعد وعلم انتحالها، فإن مثل هذه الكتب لا يصح اعتبارها ولا يُحدَّث بها، ولكن بما في التوراة أو في الإنجيل، فإن مثل هذا هو المراد في قوله صلى الله عليه وسلم: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) ، وأما ما كان متأخراً حادثاً، ويعلم أنه ليس عليه أثر الأنبياء، فإن هذا مما يلزم اطراحه ولا يجوز اعتباره بحال من الأحوال.

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) ليس المراد بذلك أن تبنى التفاسير لبعض كلام الله في القرآن، أو بعض الأخبار التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام، على أخبار بني إسرائيل التي عليها أثر التحريف، فضلاً عن الأخبار التي ليست من أخبار أنبيائهم وإنما كتبها فلاسفتهم، أو رهبانهم أو كفارهم، فهذا باب ينبغي تضييقه، وقد كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أبعد الناس عن الأخذ عن بني إسرائيل حتى حدث بعض التابعين، ثم صار من بعدهم يذكرون كثيراً من الروايات عنهم.

    وما يذكر عن عبد الله بن عمرو وغير من الصحابة أنهم أخذوا بعض الروايات عن بني إسرائيل فهي على الوجه المأذون فيه في الجملة، وإن كان ما ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن مجملاً كقصة آدم مثلاً مع زوجه، لا يجوز أن تفسر تفسيراً مفصلاً بآثار عن بني إسرائيل لا يعلم أهي صحيحة أو ليست صحيحة، ولا يصح إدخال ذلك في قوله: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) ، فإن النبي نهى عن تصديقهم، ونهى عن تكذيبهم في مثل هذه المقامات، لأنه إما أن يصدق باطل، وإما أن يكذب حق؛ هذا في الأمور المحتملة للتصديق والتكذيب.

    أما ما ابتدعوه في دينهم، وقالوه إفكاً وافتراءً فإنه يرد ولا كرامة له، بل يرد ولا يعتبر بحال.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756243715