إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (4)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم اقتلاع بعض الشجر للمحرم نسياناً

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في هذا اللقاء.

    أيها الإخوة! أسئلتكم واستفساراتكم نعرضها هذا اليوم على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    ====السؤال: سماحة الشيخ! هذه رسالة وردت إلى البرنامج من سوريا، يقول مرسلها: لقد ذهبت والدتي إلى الحج في السنة الماضية، وخلال الإحرام نسيت فاقتلعت بعض الشجيرات، هل يجوز حجها؟ وماذا يجب عليها الآن أن تفعل؟ أفيدوني بهذا الموضوع وفقكم الله؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد:

    فالله جل وعلا حرم قلع شجر الحرم، على المحرم وغير محرم، ما أدخلته حدود الحرم فإنه لا يقلع شجره ولا يختلى خلاه كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، فإن كانت هذه الحاجة المسئول عنها قد اقتلعت من نفس الحرم ما دخل في الحدود، فهذا لا يجوز، وعليها التوبة إلى الله جل وعلا والاستغفار، ولا شيء عليها في أصح قولي العلماء، ليس عليها فدية، وإنما عليها التوبة والاستغفار إذا كانت متعمدة، أما إذا كانت جاهلة أو ناسية فلا شيء عليها.

    أما إن كان قلع الشجر من عرفات، يوم عرفة مثلاً فعرفات ليست حرماً بل هي حل، ولا شيء في قطع شجرها، وإنما الحرم: مزدلفة، ومنى، ومكة، هذه الحرم، فلا يقطع شجرها، ولا يختلى حشيشها الأخضر، ولا ينفر صيدها، ولا يقتل صيدها، أما ما كان في عرفات فهذا ليس بحرم، يجوز قلع الشجر من عرفات للمحرم والحلال جميعاً، وهكذا المحرم له أن يقطع الشجر في غير الحرم؛ في عرفات، في جدة، في بحرة، في أي مكان غير الحرم ولو كان محرماً، إنما يحرم عليه الصيد، أما الشجر ما يحرم، ما هو بصيد الشجر، فالمحرم له أن يقتطع الشجر إذا نزل منزلاً في البر بعد إحرامه، له أن يقطع ما يكون في منزله من شجرات تؤذيه، أو حشيش يؤذيه لا بأس، إنما الذي يحرم عليه الصيد، كالظباء، والأرنب، والحبارى، الصيد من حيث هو، لا يحل للمحرم أن يصيد الصيد ولا ينفره ما دام محرماً ولو كان في غير الحرم، ولو كان في خارج الحرم، أما إذا كان في داخل الحرم حرم عليه الصيد للحرم وللإحرام جميعاً، فالصيد محرم لأمرين: للحرم وللإحرام جميعاً، وأما الشجر في الحرم فيحرم على المحرم والحلال جميعاً، شجر الحرم يحرم على المحرم ويحرم على الحلال جميعاً، لا يقطع الشجر ولا يختلى الخلاء؛ يعني: الحشيش الأخضر، سواء كان محرماً أو حلالاً، وبهذا يعلم جواب السائل عن المرأة التي قطعت شجيرات، إن كان ذلك في الحرم فعليها التوبة والاستغفار ولا شيء عليها، وهي في الغالب جاهلة أو ناسية، فلا يضرها ذلك، وليس عليها فدية في أصح قولي العلماء، أما إن كانت شجرات قطعتها من عرفات أو قبل عرفات في مكان ليس بحرم فلا شيء عليها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ...)

    السؤال: هذه رسالة أرسلتها الأخت في الله (ع. ع) من السودان، تقول في رسالتها -هي أرسلت عدة أسئلة- السؤال الأول: يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] تقول: أرجو توضيح معنى الآية، وخاصة في قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]؟

    الجواب: الآية تكلم عنها أهل العلم، وبينوا أنه لا يجوز لها مد النظر إلى الرجال، بل عليها أن تغض بصرها، كما على الرجل أن يغض بصره عن النساء؛ لأن هذا قد يعرض الجميع للفتنة، وهذا النظر الذي يقصد أو يكون عن شهوة، أما النظر العابر الذي تنظر به إلى الطريق وإلى الناس في الطريق من غير قصد معين، فهذا لا يضر، وهكذا الرجل ينظر إلى الطريق وينظر إلى النساء المارات في الطريق من غير قصد النظر إليهن وإلى زينتهن، وإنما القصد العبور في الطريق أو في المسجد أو ما أشبه ذلك، وبالأخص إذا كان لشهوة فإنه يحرم جداً، نظره إليها بشهوة أو نظرها إليه بشهوة؛ لأن هذا وسيلة الفتنة، وإذا كان بغير شهوة فلا يقصد ولا يدام، أما النظر العابر فلا يضر، وأما النظر الدائم الذي يحصل تعمده وقصده فهذا يخشى منه أن يجر إلى الشهوة فيمنع، بخلاف النظر العابر الذي لا يقصد فلا يضر، أو الفجأة الذي يفجأ الإنسان، ينظر إليها فجأة وهي كاشفة، فيصرف بصره ولا يضره ذلك، كذلك هي تصرف بصرها ولا تمد نظرها إلى الرجال وتغض بصرها، وإن كان لشهوة حرم بكل حال.

    وأما قوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] فالزينة: هي ما يظهر منه الفتنة، من إظهار الشعر أو القلادة أو الوجه أو الصدر أو العضد أو الذراع أو اليد أو الكف أو القدمين أو الخلخال أو ما أشبه ذلك مما يفتن الناس، هذه الزينة، زينتها ما خلق الله فيها من الجمال كالوجه؛ جمال الوجه واليد والرأس ونحو ذلك، وهكذا ما تلبسه من الزينة؛ من قلادة، ومن أخراص في الأذنين، ومن خلاخل في الساقين، وما أشبه ذلك، فإن هذه كلها تسمى زينة، زينة متصلة: وهي الجمال، وزينة منفصلة: وهي ما تلبسه المرأة من الحلي في العنق والأيدي وأشباه ذلك، فهذه أشياء لا تبديها للرجال؛ لأنها تفتن الرجل، وقوله: إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] الشيء المعتاد؛ الملابس المعتادة التي لا تقصد للفتنة، فلا بأس بالنظر إليها؛ الملابس المعتادة، لا بأس بإبدائها، كالعباءة، فينبغي ألا يكون ذلك فاتناً، يكون عادياً، ملابس عادية ليس فيها فتنة.

    1.   

    حكم دراسة مادة المسرح للبنات

    السؤال: السؤال الثاني: للأخت (ع . ع) من السودان تقول: أنا طالبة في معهد إعداد المعلمات، وفي المعهد تدرس مادة المسرح وهي مادة إجبارية ضمن المواد الأكاديمية التي تدرس بالمعهد، ونمثل على خشبة المسرح، ونقدم الأناشيد والغناء بصحبة فرقة موسيقية، ونقدم أيضاً التراث الشعبي والرقصات، ويشهد الحفل أسرة المعهد والجمهور، وهذا يعتبر نشاطاً للطالبة وتأخذ عليه درجات، ويرفع من شأن شهادة التخرج، ما موقف الطالبة من كل هذا، علماً بأن الطالبة تجبر ومن غير إرادتها؟

    الجواب: الذي يظهر من هذا أن هذه المادة لا يجوز للطالبة أن تفعلها ولا أن توافق عليها، لما فيها من الأغاني الخليعة، ولما فيها من إظهار الزينة، وإذا كان يحضرها رجال فالأمر أشد، إذا كان الجمهور يحضرون ومنهم الرجال فالأمر أشد، فلا يجوز هذا أبداً، بل يجب على القائم على المعهد أن يتقي الله، وأن يدع هذا الشيء، وأن يكون للنساء صفة خاصة في التعليم، ليس فيه إظهار زينتهن ولا جمالهن بين الرجال، بل تكون دروسهن خاصةً بهن ليس فيها ما يفتن الرجال ولا ما يدعو إلى إظهار زينة النساء، هذا الواجب على القائم على المعهد.

    وأما الطالبة نفسها فعليها أن تتحرى ما أباح الله لها، وأن تدع ما حرم الله عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) فالشيء الذي فيه معصية؛ من إظهار زينتها بين الرجال، ومن تعلمها آلات الملاهي؛ من الموسيقى والعود والكمان وأشباه ذلك، كل هذه أشياء منكرة لا يطاع فيها المخلوق، إنما الطاعة في المعروف، أما الشيء الذي لا محذور فيه فلا بأس، إذا وجد أشياء رياضية لا محذور فيها فلا بأس، أما أن تتعلم الرقصات الفاتنة بين الرجال، أو تتعلم الموسيقى وآلات الملاهي، أو الأغاني الخليعة فلا، ما يجوز هذا الشيء، أما الرقصات بين النساء وهن بين النساء الرقصات العادية التي تعمل في الزواجات، أو الأغاني التي تعمل في الزواجات ليس فيها مدح الخمر ولا الزنا ولا كذا بل أغانٍ خاصة شعبية ليس فيها شيء مما حرم الله تستعمل للزواج والعرس، هذا لا بأس به.

    1.   

    حكم الرحلات المختلطة بالطالبات والمدرسين

    السؤال: أيضاً هناك سؤال ثالث ولعله السؤال الأخير من أسئلة الأخت (ع . ع ) من السودان، تقول: تقام رحلات في أيام الأعياد ترفيهية لنا، وتقول: نتناول الوجبات ويتناول الأساتذة الطعام معنا، وإدارة المعهد تريد إزالة الخجل بين الطالبة وأساتذتها، هل لنا أن نأكل معهم، أو هل الأكل معهم حرام؟ وما موقفنا نحن؟

    الجواب: هذه الرحلات أيضاً فيها شر كثير، ما دام فيها اختلاط بين الرجال والنساء ويأكلون جميعاً، هذه يخشى منها الفتنة بين الرجال والنساء، فلا تجوز، بل يجب أن يكون للنساء جهة خاصة وللرجال جهة خاصة، يكون فيها طعامهن وحاجاتهن، أما اختلاطهن مع الرجال فهذا يفضي إلى الفتنة، ويفضي إلى أن يرى الرجل منها ما لا ينبغي أن يرى من وجهها ومن ذراعها ومن شعرها، تسبب فتنة كثيرة، ثم مد يدها للأكل وحضورها معهم يرى وجهها، ويرى فمها، ويرى يدها حين تأكل بها، كل هذا فتنة لا يصلح؛ لأن ستر الوجه واجب والتحجب واجب، وهذا يفضي إلى عدم التحجب، أما لو كن يأكلن في جهة من المكان والرجال في جهة من المكان لا يرى بعضهم بعضاً فلا بأس، ولو كان مكاناً واحداً، إذا كان النساء في جهة والرجال في جهة وهم الأساتذة مثلاً، ولا يرى بعضهم بعضاً عليهن يعني: الجلابيب أو العباءة أو ما أشبه ذلك، ويأكلن ووجوههن إلى جهةٍ أخرى، لا يراهن الرجال، فلا بأس، أما اختلاطهن على نفس المائدة ويرى بعضهم بعضاً في الأكل وما وراء ذلك؛ من رؤية بعض الشعر، أو بعض القلائد، كل هذا لا يجوز.

    1.   

    حكم من أحرم ثم تحلل وسط الطريق لعذر وعاد إلى الميقات من جديد

    السؤال: هذا السؤال من الأخت حياة محمد آدم سيلاني تقول: هل يجب الدم على من أحرم عند الميقات وتحلل في وسط الطريق لما أصابه من العذر، يعني: كانت سيارته خربانة وصلحها ثم رجع إلى الميقات فأحرم وأتم نسكه؟

    الجواب: هذا يعتبر في حكم المحصر الذي أحرم ثم أصاب السيارة خلل، وخاف أن يطول عليه المقام ويشق عليه فتحلل، هذا يكون في حكم المحصر على الصحيح، وعليه دم، عليه أن يذبح دماً، ينحر هدياً ويحلق، فيتحلل إذا كان عليه مشقة في الصبر، مثل ما قال الله جل وعلا: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196]فإذا أحصر ولم يتيسر له الصبر فإنه ينحر هدياً ثم يحلق رأسه ويتحلل، ويعيد الحجة إن كانت حجة الفريضة أو العمرة إن كانت فريضة، وإن كانت نافلة فلا شيء عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما أحصر في عام الحديبية نحر هو وأصحابه ثم حلقوا وتحللوا في عام ست من الهجرة، فإذا تيسر له العودة والإحرام من الميقات بعد ذلك هذا نسك آخر، إذا عاد وأحرم من الميقات فهذا نسك آخر ولا يلزمه إذا كان قد أدى حج الفريضة أو عمرة الفريضة؛ لكن إذا فعل ذلك من باب الاستحباب فهذا حسن، والرسول صلى الله عليه وسلم لما صالح أهل مكة ونحر هديه وحلق جاءهم بعد العام القادم -سميت: عمرة القضاء- وأدى العمرة الشرعية هو وأصحابه في عام سبع من الهجرة؛ ولكن قال العلماء: إنها ليست واجبة هذه العمرة وإنما هي مستحبة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ألزم الذين حلوا معه في الحديبية أن يعتمروا.

    فالحاصل: أن الإحصار لا يوجب القضاء، فالذي قد أدى عمرة سابقة قد أدى العمرة، والذي ما أدى عمرة يؤدي عمرة، وهكذا الحج إذا أحصر في الحج، إن كان قد أدى حج الفريضة فلا يلزمه أن يعيد الحج الذي أحصر عنه، وإن كان ما أدى حج الفريضة فإنه يحج مرة أخرى، من أجل الفريضة لا من أجل الإحصار الذي أصابه.

    فالحاصل: أن هذه المرأة أو الرجل الذي أصابه الإحصار بسبب خراب السيارة إذا استعجل وتحلل فإنه يكون له حكم المحصر إذا كان نوى التحلل، يكون عليه الفدية؛ ذبيحة واحدة، وعليه أن يحلق رأسه بعد ذلك.

    1.   

    الاشتراط في الحج للخائف أو المريض وغيرهما

    السؤال: أيضاً تسأل عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، تقول: ما معنى حديث ضباعة بنت الزبير أنها قالت: (يا رسول الله! إني أريد الحج وأنا شاكية، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني) هل هذا الأمر واجب أم سنة؟

    الجواب: المعروف عند العلماء أنه سنة، يشترط الإنسان إذا خاف من حوادث، مثل: مريض، أو خوف، يشترط ويقول عند الإحرام: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فالذي أحصر مثلاً: بخراب السيارة، أو بغير ذلك، إذا كان قد اشترط فإنه يتحلل ولا شيء عليه، مثل المسألة الأولى الذي عند الإحرام قال: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، يتحلل ولا شيء عليه، بسبب خراب السيارة وتعطله، أو مرض أصابه، أو عدو منعه، لحديث ضباعة بنت الزبير سواء سواء.

    المقدم: شكراً لكم يا سماحة الشيخ، أيها السادة! إلى هنا ونأتي على نهاية هذا اللقاء الذي طرحنا فيه أسئلتكم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، حتى نلتقي إن شاء الله تعالى مع أسئلة أخرى نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755769070