باب استحباب الوتر.
حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى عن زكريا عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أهل القرآن! أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو حفص الأبار عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، زاد: (فقال أعرابي: ما تقول؟ فقال: ليس لك ولا لأصحابك) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [تفريع أبواب الوتر].
والوتر قيل: هو الركعة التي تختم بها صلاة الليل، أو الركعات التي هي وتر تختم بها صلاة الليل، وقيل: إن المقصود بذلك صلاة الليل وما يختم به من ركعة أو أكثر، فإن ذلك كله يقال له وتر.
والوتر: هو ضد الشفع، أي: الفرد، ومعنى هذا: أن الإنسان يصلي الوتر ركعة واحدة، وهي أقل شيء، ويمكن أن يكون ثلاثاً سواء كانت مسرودة أو ركعتين، ثم يتشهد ويسلم، ثم يأتي بركعة ويتشهد ويسلم، وهذا هو الأولى، أو يأتي بأكثر من ذلك متصلاً أو منفصلاً يعني: ثنتين ثنتين، وركعة في الآخر، أو تكون مجتمعة ويسلم في آخرها، فكل هذا يقال له وتر.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يا أهل القرآن! أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر)، وقد ذكر أبو داود رحمه الله هذا الحديث تحت ترجمة: [باب استحباب الوتر]؛ لأنه لما ذكر تفريع أبواب الوتر بدأ بترجمة استحباب الوتر.
والمقصود من الترجمة هو: أن الوتر ليس بفرض ولا حتم، ولكنه مستحب، بل هو من آكد السنن والنوافل؛ لأن النوافل آكدها الوتر وركعتا الفجر، وقد كان عليه الصلاة والسلام لا يترك الوتر ولا ركعتي الفجر لا في حضر ولا في سفر، وثبت عنه أنه ما كان يحافظ على شيء من النوافل في الحضر والسفر إلا على ركعتي الفجر والوتر، فهو من آكد النوافل وأهمها، ولكنه ليس بفرض وإنما مستحب، ولهذا قال في الترجمة: [باب استحباب الوتر].
ويأتي المصنف بعدة أحاديث يستدل بها على هذا، ومنها هذا الحديث، وهو قوله: (يا أهل القرآن! أوتروا؛ فإن الله وتر يحب الوتر) ووجه إيراد المصنف لهذا الحديث تحت هذه الترجمة من جهة أنه خص أهل القرآن بقوله: (يا أهل القرآن! أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر) فكونه يخاطب أهل القرآن بهذا فهو يدل على أنه ليس بفرض؛ لأنه لو كان فرضاً لكان لازماً للجميع.
والأدلة الواضحة على استحبابه ستأتي، ومنها: الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خمس صلوات فرضهن الله)، وكذلك حديث معاذ لما بعثه إلى اليمن، قال: (أخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة)، وكان هذا متأخراً، فهذا يدل على أن المفترض هو الخمس الصلوات، وما زاد عليها فهو نفل، وكذلك حديث طلحة أنه جاء رجل إلى رسول الله وسأله فقال: (خمس صلوات فرضهن الله في كل يوم وليلة؟ قال: هل عليّ غيرها؟ قال لا، إلا أن تطوع)، فهذا يدل على أن الوتر داخل تحت التطوع.
إذاً: فهو من الأعمال المستحبة، ولكنه من آكد المستحبات والنوافل.
والوتر مستحب في حق الجميع، يعني: في أهل القرآن وغير أهل القرآن، فالمسلم يوتر ويصلي الوتر، لكن لماذا خص أهل القرآن؟
لأن أهل القرآن يصلون الليل، ويقرءون القرآن في صلواتهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى أن يختموا، وأن صلاتهم في الليل بوتر، فلذلك قال: (يا أهل القرآن! أوتروا؛ فإن الله وتر يحب الوتر)، لكن لا يعني هذا أن غير أهل القرآن لا يوترون؛ فإن الوتر مستحب في حق كل أحد، وهو من النوافل المؤكدة والمستحبة.
ثم قال: (فإن الله وتر يحب الوتر) ومعنى وتر أي: فرد واحد ليس معه أحد، فهو واحد في ذاته وأسمائه وصفاته، وواحد في ألوهيته وربوبيته، فهو وتر وهو أحد، والله تعالى يحب الوتر، ولهذا جاء في السنة والشريعة الإيتار في أمور كثيرة، بمعنى: أنه يأتي بها عدداً فردياً. جاء ذلك في مواضيع وأحاديث كثيرة فيها التنبيه على الإتيان بالشيء وتراً سواء كان فيما يتعلق بأكل تمرات وتراً قبل الذهاب لعيد الفطر، أو كان في الاستنجاء، فالإنسان يستنجي وتراً ولا يأتي بالأحجار شفعاً، أو الطواف فإنه وتر، وكذلك الوضوء يكون واحدة واثنتين وثلاث، فيختم الوضوء بوتر ولا يتجاوزه بمعنى: أنه لا يغسل الرابعة، فالوتر جاء ذكره في أمور كثيرة وعديدة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله وتر يحب الوتر).
وهذا الحديث يدل على أن الوتر من أسماء الله عز وجل، وأنه يحب مقتضى هذا الاسم الذي هو الوتر، وفيه إثبات المحبة لله عز وجل، وهي على وجه يليق بكماله وجلاله كسائر الصفات؛ لأن الصفات كلها طريقتها واحدة، تثبت على وجه يليق بجلاله وكماله دون أن يكون فيها تشبيه، ودون أن يكون فيها تعطيل، بل إثبات مع التنزيه، والإثبات ينافي التعطيل، والتنزيه ينافي التمثيل والتشبيه، على حد قول الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] فأثبت السمع والبصر، ونفى المشابهة، فالصفات كلها على هذا النحو وعلى هذه الطريقة.
ثم ذكر حديث ابن مسعود وهو بمعناه: (قال أعرابي: ما تقول؟ قال: ليس لك وأصحابك)، يعني: ليست لك وأمثالك من الأعراب؛ لأن هذا خطاب لأهل القرآن الذين يقرءون القرآن في الليل وأمروا بالإيتار، لكن كما هو معلوم صلاة الوتر مطلوبة في حق كل أحد، ولكن قوله: (ليست لك ولأصحابك) يعني: لا يراد به أن غير أهل القرآن لا يحصل منهم الوتر، بل الوتر مطلوب في حق كل أحد، ولهذا أبو هريرة قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام)، وكذلك أبو الدرداء في صحيح مسلم يقول: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد)، فالوتر ليس خاصاً بأحد دون أحد، مثل ركعتي الفجر، وركعات الظهر والمغرب والعشاء، فهذه رواتب ونوافل مستحبة ومطلوبة في حق كل أحد، ولكن قوله: (ليست لك ولأصحابك) المقصود بذلك: كونه ليس من أهل القرآن الذين يشتغلون بصلاة الليل وقراءة القرآن، وأقل شيء ركعة يصليها الإنسان بعد أن يؤدي سنة العشاء ركعتين، والوتر مطلوب من كل أحد سواء بركعة أو بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة، كل ذلك سائغ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يصلي بأقل من سبع، وما كان يصلي بأكثر من ثلاث عشرة، وأكثر ما كان يفعل إحدى عشرة ركعة صلى الله عليه وسلم.
إبراهيم بن موسى هو الرازي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا عيسى ].
هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زكريا ].
هو زكريا بن أبي زائدة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق ].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم ].
هو عاصم بن ضمرة ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن علي ].
هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، أبو السبطين ، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
عثمان بن أبي شيبة الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا أبو حفص الأبار ].
واسمه: عمر بن عبد الرحمن ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن مرة ].
عمرو بن مرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عبيدة ].
هو ابن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله ].
هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه، الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والإسناد فيه أبو عبيدة وهو لم يسمع من أبيه، وهو منقطع، والألباني صححه، ولعل له شواهد، وإلا فالإسناد ليس متصلاً.
والذي يبدو من هذا الخطاب: (يا أهل القرآن) أن الأعرابي ليس من أهل القرآن، لكن الوتر كما هو معلوم هو مستحب في حق الجميع، ومعلوم أن أهل القرآن يحصل منهم في الوتر وفي غير صلاة الليل ما لا يحصل من غيرهم ممن لا يحفظ القرآن أو لا يقرأ القرآن، لكن الوتر يحصل بركعة واحدة، ويمكن أن يحصل بثلاث، ويقرأ فيها ما تيسر مما يحفظه العوام.
أورد أبو داود رحمه الله حديث خارجة بن حذافة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله أمدكم بصلاة، وهي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر ما بين العشاء إلى طلوع الفجر) ووجه إيراد الحديث تحت ترجمة: [استحباب الوتر] قوله: (أمدكم) لأنه ما قال فرض عليكم أو وجب عليكم، والإمداد قيل: هو الزيادة، يعني: زادكم صلاة في تطوعكم وتنفلكم.
(وهي خير من حمر النعم) وهي الإبل التي هي أنفس المال عند العرب، ويأتي ذكرها في ذكر الشيء النفيس من المال، وقد جاء في حديث قصة وصية النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي لما أعطاه الراية يوم خيبر، حيث قال: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) فكانت تذكر حمر النعم لأنها من أنفس الأموال عندهم؛ وهي أنفس الأموال عند العرب.
فقوله: (أمدكم) هذا هو وجه إيراد المصنف للحديث تحت هذه الترجمة؛ لأنها تدل على أنه ليس بفرض، وإنما هو أمدهم الله بها وأعطاهم إياها، وفيه فضل عظيم، وأنه خير لهم من أنفس أموالهم التي هي حمر النعم.
ثم بين ذلك بقوله: (هي الوتر).
ثم قال: (وهي ما بين العشاء وطلوع الفجر)؛ يعني: الوتر، من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بعد أن يؤتى بصلاة العشاء، فمن بعد أدائها إلى صلاة الفجر هذا كله وقت الوتر، حتى لو جمعت العشاء مع المغرب جمع تقديم فإن الوتر يأتي بعد صلاة العشاء ولو كانت مقدمة ومجموعة مع المغرب في أول وقت المغرب؛ لأنها بعد العشاء، وصلاة الليل تبدأ بعد العشاء.
والحديث في إسناده عبد الله بن راشد الزوفي وهو متكلم فيه، وكذلك أيضاً سماعه من شيخه، وكذلك شيخه من خارجة بن حذافة ، لكن هذا الشخص هو علة الحديث.
أما قوله: (ما بين العشاء إلى طلوع الفجر) فقد جاء ما يدل عليه، وأن هذا هو وقت الوتر، وقد جاء في الحديث: (صلاة الليل مثنى مثنى)، وصلاة الليل تبدأ بعد العشاء (فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى)، فهذا يبين أن وقت صلاة الوتر هو هذا الوقت: من بعد العشاء إلى طلوع الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم من كل الليل قد أوتر، أوتر من أوله وأوسطه وآخره، وانتهى وتره إلى السحر صلى الله عليه وسلم، فهذه الجملة جاء ما يدل عليها، وأما ذكر هذه الفضيلة ففيها هذا الضعف.
هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وقتيبة بن سعيد ].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وبغلان: قرية من قرى بلخ من بلاد خراسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ المعنى ].
يعني: أن رواية أبو الوليد الطيالسي وقتيبة بن سعيد متفقة في المعنى، وليست الألفاظ واحدة، وهذه عبارة يستعملها أبو داود كثيراً، فبعد ما يذكر الأسانيد يشير إلى أن الروايات متفقة في المعنى، وإن اختلفت في الألفاظ.
[ حدثنا الليث ].
هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن راشد الزوفي ].
هو عبد الله بن راشد الزوفي مستور، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي ].
عبد الله بن أبي مرة الزوفي ، صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن خارجة بن حذافة ].
خارجة بن حذافة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة .
وهؤلاء الثلاثة الذين هم عبد الله بن راشد وعبد الله بن أبي مرة وخارجة بن حذافة ليس لهم في الكتب الثلاثة التي هي سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة إلا هذا الحديث الواحد، يعني: هؤلاء الثلاثة لا يأتي ذكرهم إلا في هذا الموضع؛ لأنهم ليس لهم رواية في الكتب الأخرى، وإنما روايتهم عند أبي داود والترمذي وابن ماجة ، وليس لهم عند هؤلاء الثلاثة الأئمة في كتبهم إلا هذا الحديث الواحد، فإذاً: لا يتكرر ذكر هؤلاء الثلاثة في هذه الكتب إلا في هذا الموضع.
[ قال أبو الوليد : العدوي ].
يعني: هو خارجة بن حذافة العدوي ؛ لأن له شيخين أبو الوليد وقتيبة ، فـقتيبة وقف عند قوله: خارجة بن حذافة وما أضاف إليها شيئاً، وأما أبو الوليد فزاد وقال: خارجة بن حذافة العدوي ، معناه: أن شيخه الأول عندما جاء ذكر خارجة قال: خارجة بن حذافة العدوي ، ولهذا قال: [ قال أبو الوليد : العدوي ] يعني: هذا يبين الفرق بين رواية أبي الوليد وبين رواية قتيبة ، وأن أبا الوليد أتى بهذه الإضافة وهي النسب، وقتيبة لم يذكر هذه الإضافة.
حدثنا ابن المثنى حدثنا أبو إسحاق الطالقاني حدثنا الفضل بن موسى عن عبيد الله بن عبد الله العتكي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا) ].
أورد بعد ذلك أبو داود هذه الترجمة: [فيمن لم يوتر]، يعني: ما حكمه؟ أو ماذا عليه؟ فأورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا)، لكن هذا الحديث ليس بصحيح، وغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء في بعض الأحاديث: (الوتر حق)، ولكن يحمل على أن المقصود به: حق ليس بلازم أو ليس بواجب وأنه متأكد؛ لأنه قد جاء ما يدل على أن الوتر ليس بفرض كما سبق في الحديث الذي أورده المصنف، وكما سيأتي في الأحاديث التي فيها: (خمس صلوات فرضهن الله في اليوم والليلة قال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع)، وحديث معاذ : (فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة)، لا يوجد شيء أكثر من هذا، والباقي تطوع، فالوتر ليس بفرض.
وهنا قال: (الوتر حق ومن لم يوتر فليس منا)، وهذا يدل على وجوبه ولزومه، لكن الحديث غير صحيح وغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو محمد بن المثنى العنزي الملقب بـالزمن ، وكنيته أبو موسى ، وهو مشهور بكنيته؛ لأنه أحياناً عندما يذكر الحافظ ابن حجر تلاميذه أو الذين رووا عنه، أو يذكر تلاميذ شخص، فيقول: أبو موسى لا يقول: محمد بن المثنى ؛ لأنه مشهور بكنيته، فقد يبحث الإنسان عن محمد بن المثنى في تلاميذ شخص هل هو من تلاميذه، فلا يجد محمد بن المثنى ، وإنما يجد أبا موسى فقط، فهذا هو محمد بن المثنى المشهور بكنيته، وأيضاً لقبه الزمن، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ حدثنا أبو إسحاق الطالقاني ].
هو إبراهيم بن إسحاق ، وهو صدوق يغرب، أخرج له مسلم في المقدمة وأبو داود والترمذي ، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، لأنه إبراهيم بن إسحاق وهو أبو إسحاق ، وهو ابن إسحاق ، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث: (معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه) وفائدة معرفة هذا النوع: ألا يظن التصحيف؛ لأنه لو قيل: ابن إسحاق ، أو إبراهيم أبو إسحاق فكله كلام صحيح؛ هو إبراهيم أبو إسحاق وهو إبراهيم بن إسحاق ؛ لأن أباه اسمه إسحاق ، فهو منسوب، فنسبته ابن إسحاق ، وكنيته أبو إسحاق ، فإن جاء (أبو) فهو صحيح، وإن جاء (ابن) فهو صحيح.
فهذا يحصل به التخلص من احتمال أو ظن التصحيف لمن عرف ذلك، فإن قيل: إبراهيم بن إسحاق فهو صحيح، وإن قيل: إبراهيم أبي إسحاق فهو صحيح؛ لأنه ممن وافقت كنيته اسم أبيه.
[ حدثنا الفضل بن موسى ].
الفضل بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله بن عبد الله العتكي ].
عبيد الله بن عبد الله العتكي هو أبو المنيب ، وهو صدوق يخطئ، وقد ضعف الحديث به، يعني: بهذا الشخص الذي هو عبيد الله بن عبد الله العتكي ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن عبد الله بن بريدة ].
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو بريدة بن الحصيب رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أنه قيل له: إن أبا محمد -رجل في الشام- قال: إن الوتر واجب، فقال: كذب أبو محمد ، ومعنى كذب هنا: أخطأ؛ لأنه يأتي في بعض الأحاديث لفظ (كذب) بمعنى: أخطأ، وليس معنى ذلك الكذب الذي هو ضد الصدق، وإنما هو الخطأ ضد الصواب، والمقصود بذلك أنه حصل منه شيء على خلاف الصواب، لا سيما وهو قاله باجتهاد، ومعلوم أن الكذب الذي هو ضد الصدق لا يقال في حق هذا، وإنما يقال في الخبر، وإنما هذا قاله باجتهاده، فقال: كذب أبو محمد ، يعني: أخطأ، فهو ضد الصواب، وجاء في أحاديث ذكر (كذب) بمعنى: أخطأ وهذا منها.
قوله: [ (خمس صلوات كتبهن الله على العباد) ].
والوتر ليس من الخمس الصلوات، إذاً: هو زائد على المفروض.
قوله: [ (فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة) ].
وكلمة: (استخفافاً) متعلقة بالتضييع، بأن يضيعها استخفافاً، وأما إذا حصل منه شيء خطأ وليس استخفافاً فهو يخالف ذلك، وإنما هنا قيده بالاستخفاف الذي معناه: الاستهانة.
قوله: [ (ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة) ].
وهذا يستدل به الذين يقولون بأن من ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً ليس بكافر، لكن يمكن أن يُحمل على أن المقصود بقوله: (يأتي بهن) يعني: على التمام والكمال أو كما هو مطلوب، لا أنه تارك لهن أصلاً ولا يسجد لله ولا يركع، وإنما هو تارك للصلاة نهائياً، يعني: ليس هذا من هذا القبيل؛ لأنه جاءت أحاديث تدل على كفر تارك الصلاة، وهذا يمكن أن يحمل على أن المقصود به أنه لم يأت بها كما هو مطلوب منه، وإنما عنده تقصير، فهذا التقصير وهذا النقص الذي منه أمره إلى الله عز وجل.
فالمقصود منه: أنها خمس صلوات والوتر ليس منها.
إذاً: هو شيء ليس بفرض ولا بواجب.
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، وهو ثقة، وهو من صغار التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن يحيى بن حبان ].
محمد بن يحيى بن حبان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن محيريز ].
هو عبد الله بن محيريز ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المخدجي رجل من بني كنانة ].
اسمه أبو رفيع ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن عبادة بن الصامت ].
عبادة بن الصامت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رجلاً من أهل البادية سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال بأصبعيه: هكذا مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل) ].
أورد أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة: [كم الوتر؟] يعني: كم مقداره؟
ومعلوم أن مقداره أقله ركعة واحدة، لو أن إنساناً صلى العشاء وأتى بسنة العشاء ركعتين، ثم أتى بواحدة فهذا أقله، ولكن كونه يزيد ويأتي بأكثر فهذا هو الذي ينبغي، ولكن أقله ركعة، ويمكن أن يكون ثلاثاً، أو خمساً أو سبعاً أو تسعاً أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو أكثر من ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان ينقص عن سبع ولا يزيد عن ثلاث عشرة ركعة، وأكثر ما جاء عنه إحدى عشرة صلى الله عليه وسلم.
والوتر يطلق كما أسلفت على الركعة الواحدة إذا أتي بها وحدها أو أتي بها بعد ركعات قبلها، كما يطلق على الثلاث لخروجها مع بعض ولكن ليس كالمغرب، وإنما هي مسرودة سرداً دون تشهد أوسط، أو كذلك سبعاً أو تسعاً أو خمساً كل ذلك يقال له وتر.
أورد فيه أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أن رجلاً من أهل البادية سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال بأصبعيه هكذا مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل)، يعني: كون الإنسان يصلي ما شاء من الليل ثنتين ثنتين، ثم بعد ذلك يأتي بركعة في آخر الليل، سواء كانت متصلة بهذه الركعات أو أنه أخرها، فهذا هو الوتر، ولهذا جاء في بعض الأحاديث: (ركعة توتر له ما مضى)؛ لأن ما مضى شفع، فإذا جاءت هذه الركعة جعلت ما تقدم من الركعات وتراً.
والحديث كما هو واضح يدل على أن الوتر هو في حق الجميع، أما قوله: (يا أهل القرآن ...) فهو يدل مع هذا الحديث على أن الكل يستحب له أن يوتر؛ لأن هذا أعرابي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، (فقال بأصبعيه: هكذا ثنتين ثنتين، والوتر ركعة من آخر الليل).
قوله: (من آخر الليل) كما هو معلوم إذا كان الإنسان يثق من نفسه أنه يقوم آخر الليل فإنه يؤخر الوتر إلى آخر الليل, وأما إذا كان لا يثق من نفسه أنه يقوم آخر الليل فليوتر قبل أن ينام، كما جاءت بذلك الوصية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة المتفق عليه، وحديث أبي الدرداء الذي أخرجه مسلم : (وأن أوتر قبل أن أنام)، فإذا كان الإنسان يعرف من نفسه أنه سيقوم آخر الليل فليؤخر الوتر إلى آخر الليل، وإن كان لا يعلم فإنه يوتر في أول الليل، ولا يتركه بحيث يطل عليه الفجر وهو لم يوتر، لكنه إن أوتر في أول الليل وهو لم يثق من نفسه أن يقوم آخر الليل، ثم قام، فله أن يصلي ما شاء، لكن لا يوتر مرة ثانية؛ لأن الوتر لا يؤتى به مرتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وتران في ليلة).
هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا همام ].
هو همام بن يحيى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن شقيق ].
هو عبد الله بن شقيق العقيلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الوتر حق على كل مسلم)، وقوله: (حق) ليس معناه الحق الذي هو الواجب، وإنما هو الحق المتأكد.
وقوله: [ (على كل مسلم) ] يبين لنا أن هذا مطلوب من الجميع، ولكن قوله هناك: (يا أهل القرآن) ليس المقصود به أن غيرهم لا يوتر، وإنما مطلوب منهم أن يوتروا، وأن يختموا صلاتهم بوتر؛ لأنهم هم الذين يشتغلون بصلاة الليل، ويقرءون فيها، فأمروا بأن يوتروا، وأمره لهم بالإيتار لا يدل على أن غيرهم لا يوتر، لأن هذا الحديث يقول: (الوتر حق على كل مسلم)، يعني: حق متأكد وليس بحق واجب، وإنما هو مندوب، وهو من آكد النوافل هو وركعة الفجر.
قوله: [ (فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل) ].
متصلة أو منفصلة، لكن كونها ثنتين ثنتين ويأتي بركعة هو الأولى.
[ (ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل) ].
يعني: إما مسرودة مع بعض، أو يصلي ثنتين ثم يتشهد ويسلم، ثم يأتي بركعة ويتشهد ويسلم، والفصل أولى من الوصل؛ لأن الفصل ثبت من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم.
[ (ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل) ].
يعني: بعد ركعتي العشاء يأتي بركعة واحدة فقط ليس معها شيء، فإن ذلك كاف، وهو أقل الوتر وأدناه.
عبد الرحمن بن المبارك ثقة، أخرج له أبو داود والبخاري والنسائي .
[ حدثني قريش بن حيان العجلي ].
قريش بن حيان العجلي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود .
[ حدثنا بكر بن وائل ].
بكر بن وائل صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يزيد الليثي ].
عطاء بن يزيد الليثي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي أيوب الأنصاري ].
أبو أيوب الأنصاري مشهور بكنيته، واسمه: خالد بن زيد رضي الله عنه صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو حفص الأبار ح وحدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا محمد بن أنس وهذا لفظه عن الأعمش عن طلحة وزبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل للذين كفروا، والله الواحد الصمد).
أورد أبو داود رحمه الله تعالى ما يقرأ في الوتر، يعني: بعد الفاتحة؛ لأن الفاتحة لا بد منها في كل ركعة، وأورد فيه حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، وهو: (كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل للذين كفروا) والمقصود بها: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقد جاء عند النسائي : يعني (قل للذين كفروا) والمقصود بها: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]. ((والله الواحد الصمد)) يعني: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1-2] فهذه الثلاث السور يؤتى بها في هذه الركعات الثلاث التي هي آخر صلاة الليل، ويأتي بها مسرودة لا يجلس بعد الثانية، أو يأتي بها بتشهدين، أي: يصلي ثنتين ثم يتشهد ويسلم، ثم واحدة ثم يتشهد ويسلم، وهذا هو الأولى، وهو الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً في روايات، وجاء أيضاً من قوله: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى).
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل للذين كفروا)، يعني: الركعات الأخيرة من صلاة الليل، يأتي بهذه الثلاث الركعات ويقرأ بهذه الثلاث السور، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].
ولفظ (كان) يدل على المداومة، لكن كما سبق أن أسلفت أنها قد تأتي لغير المداومة، مثل ما جاء في حديث عائشة : (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، وهو ما حج إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، وعبرت بقولها: (كنت).
عثمان بن أبي شيبة وأبو حفص الأبار وإبراهيم بن موسى مر ذكرهم، ومحمد بن أنس صدوق يغرب أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود .
[ وهذا لفظه ].
أي: لفظ محمد بن أنس الذي هو الطريق الثاني.
[ عن الأعمش ].
الأعمش مر ذكره.
هو طلحة بن مصرف اليامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وزبيد بن الحارث اليامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ].
سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو عبد الرحمن بن أبزى وهو صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بن كعب ].
أبي بن كعب رضي الله عنه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عائشة قال عبد العزيز بن جريج : سألت عائشة : بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يعني: بأي شيء كان يقرأ في الوتر.
(فذكر معناه) يعني: معنى ما تقدم من قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وبعد ذلك قال: بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، أي: مع بعض يجمعها في ركعة واحدة يسردها.
والحديث فيه كلام من جهة خصيف ، ابن جريج فهذا لم يسمع من عائشة، وأن ذكر السماع خطأ من خصيف ، ولكن الشيخ الألباني رحمه الله ذكر الحديث في صفة صلاة النبي من طرق عند الحاكم وغيره، وأنه ربما كان قرأ بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَبحَدٌ [الإخلاص:1] وربما أضاف إليها المعوذتين، وذكر الحديث بسند غير هذا الذي عند أبي داود .
هو أحمد بن عبد الله الحراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا محمد بن سلمة ].
هو الحراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا خصيف ].
هو صدوق سيئ الحفظ خلط بآخره، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن عبد العزيز بن جريج ].
عبد العزيز بن جريج ، هو والد ابن جريج المشهور عبد الملك بن جريج وهو لين، وقال العجلي : لم يسمع من عائشة ، وأخطأ خصيف لما صرح بسماعه، أخرج له أصحاب السنن.
يعني: في هذا الحديث الذي قال: (سألت عائشة ) معناه: أنه سمعه لأنه سألها، ولكن هذا خطأ، والحديث كما قلت ذكر الألباني أنه خرجه جماعة، ومنهم الحاكم ، ولم يذكر رواية أبي داود هذه، لكنها موافقة لتلك الروايات التي أشار إليها، فهي وإن كان فيها ضعف إلا أنها بإضافتها إلى غيرها تدل على صحة ذلك، وأنه يؤتى بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وحدها، ويؤتى بها ومعها المعوذتان.
[ عن عائشة ].
أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق ، وهي من حفظة السنة وأوعيتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: لا يحق لهم أن ينفصلوا عن الإمام، فالإنسان يصلي مع الإمام حتى ينتهي، والأئمة رحمة الله عليهم لا يتصور في حقهم أن بعضهم لا يصلي وراء بعض، وأن بعضهم يترك الصلاة وراء بعض، ولكن هذا شأن المتعصبين، وإلا فإن منهج الأئمة أن بعضهم يصلي وراء بعض، ولا يترك الصلاة وراءه لأنه يخالفه في الطريقة.
ثم أيضاً هذه الصلاة التي يصلونها كالمغرب جاء في الحديث ما يدل على النهي عن هذا، أي: التشبيه بصلاة المغرب؛ فقد جاء ما يدل على النهي عنها، فالانفصال عن الإمام غير سائغ، وهو من التفرد المذموم الذي لا يصلح، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة)، فكونه يستمر معه حتى ينصرف، ويصلي معه تلك الصلاة لا شك أن هذا هو اللائق بالمسلم الناصح لنفسه.
الجواب: لا أدري عن قضية أن كونها ترمى، لكن لو أنها إذا كانت لها أهمية ولها قيمة يمكن أن الإنسان يعطيها الجهة التي يمكن أن تعطيها لمن يستحقها، وأما كون الإنسان يجد شيئاً ويأخذه فيمكن أن الإنسان يتسرع ويأخذ وما لم يتركه صاحبه، لكن إذا كان مضى عليه وقت ورآه فهذا يمكن أن يعطيه لمن يكون مسئولاً عن تلك الودائع والأشياء التي يمكن أن تعطى لصاحبها، ولا ينبغي له أن يأخذه.
الجواب: والله إذا كان ولابد من لبسها، فاستعمال البنطلونات الواسعة أولى، وهو الذي ينبغي؛ لأن استعمال البنطلونات الضيقة التي تحجم العورة محرم، ولذا فلبس هذه البنطلونات فيه سعة، إذا لم يكن هناك سبيل أو لا يستطيع أن يلبس لباساً إسلامياً مناسباً.
وهل لبس الثوب في مثل هذه الدولة يعتبر من لباس الشهرة؟
الجواب: لا أبداً، ما دام أنه لباساً إسلامياً، فكونه يظهر بهذا المظهر ويبين للناس أن هذا هو مظهر الإسلام، فهذا شيء طيب.
الجواب: يبدو أنهم هم الذين يحفظونه ويقرءونه في صلاتهم؛ لأنهم هم الذين يقرءون القرآن في صلاتهم من الليل.
الجواب: من يحفظ شيئاً كثيراً من القرآن لا ينبغي أن يستعمل المصحف؛ لأن المصحف فيه شغل ومشغلة، يعني: حمل وتفتيش وتنزيل، ولا يتمكن الإنسان من وضع يديه على صدره التي هي سنة في الصلاة، لكن الإنسان إذا كان مضطراً إلى ذلك بأن يكون إماماً ويصلي بالناس تراويح، ولا يحفظ القرآن فله أن يقرأ من المصحف؛ لما جاء في صحيح البخاري أن مولى لـعائشة كان يؤمها ويقرأ من المصحف في رمضان، فعند الحاجة لا بأس بذلك، أما كون الإنسان يستعمله في الليل وهو يقرأ، وهو متمكن من قراءة شيء كثير من القرآن، فلا ينبغي له أن يشغل نفسه يحمل المصحف وتنزيله وتفتيشه وفتحه وإغلاقه.
الجواب: التساهل في النوافل قد يؤدي إلى التساهل في الفرائض، والنوافل هي كالسياج والوقاية للفرائض، وأيضاً إذا حصل نقص في الفرائض فإن النوافل تكملها كما جاء في ذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عن الإمام أحمد رحمه الله أنه سئل عن الذي لا يصلي الوتر فقال: إنه رجل سوء. فلا يليق بالمسلم أن يتهاون في الرواتب، ولا سيما آكدها وأهمها الذي هو الوتر وركعتا الفجر؛ لأن التساهل في النوافل يؤدي إلى التساهل في الفرائض.
الجواب: الإنسان الذي يعرف أنه سيقوم آخر الليل لا يوتر إلا آخر الليل، والذي يعرف أنه لا يقوم آخر الليل يوتر من أول الليل، لكن إن قام فإنه يصلي ما شاء ولا يوتر مرة ثانية.
الجواب: صلاة الليل ليست واجبة، كانت واجبة في أول الأمر ذلك، كما جاء في أول سورة المزمل ثم آخرها نسخ أولها، فهو ليس بواجب، ولكن كون الإنسان يصلي الوتر ويأتي به فهذا من الأمور المستحبة.
الجواب: ليس بصحيح، وليس بباطل، ولكنه يأثم لأنه حصل منه المخالفة، وعرض نفسه للوعيد الذي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشيء، ولكن الوضوء يصح، ولا يقال: إنه باطل.
الجواب: إذا كان يحيط بها سور المقبرة فسواء فيها قبور أو لا فكله لا يصلى فيه؛ لأنها مقبرة، وكل ما كان داخل سور المقبرة يقال له: مقبرة، حتى ولو كان خالياً مهيأ لحفر القبور التي تحتاج إليها، يعني: المقبرة كما هو معلوم فيها فضاء يحفر فيه قبور، فليس للإنسان أن يصلي في هذا الفضاء؛ لأنه يقال: صلى في المقبرة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر