إسلام ويب

سلسلة بريق المواعظ المنبرية من رحاب مسجد قباء [3]للشيخ : صالح بن عواد المغامسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عرض الخطبة الأولى: لقد خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام ليعلمنا التؤدة والتأني، وبث فيهما من شواهد ربوبيته ما يشهد بوحدانيته، وتفرده بالخلق دون غيره سبحانه، ومن عظيم خلقه سبحانه: الليل الذي دلت النصوص من حيث الجملة على أفضليته على النهار؛ وذلك بالنظر إلى أجل عبادة فيه وهي: قيام الليل، وكذلك لنزوله سبحانه نزولاً يليق بجلاله وعظمته تبارك وتعالى، وقيام الليل دأب النبي والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وهو علامة الصالحين، وسلوة المصابين، وأنس الخائفين، والعبادة عموماً لها أهمية عظمى في حياة المؤمن، خاصة في زمن الفتن، فالعبادة في الهرج كهجرة إليه صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    لا نحصي ثناءً عليك ولا مدحاً

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أراد ما العباد فاعلوه، ولو عصمهم لما خالفوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعاً لأطاعوه.

    وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    عباد الله! فأوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن، وخشيته تبارك وتعالى في الغيب والشهادة، فإن تقوى الله أزين ما أظهرتم، وأكرم ما أسررتم، وأعظم ما ادخرتم.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2].

    عباد الله! لا أحد أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه، ومن آيات القرآن العظيم التي أثنى الله جل وعلا على ذاته العلية، وأخبر فيها جل ذكره عن بعض صفاته وما تمدح به، قول ربنا تبارك اسمه، وتعالى جده، في سورة الأعراف: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].

    عباد الله! لفظ الربوبية يشعر السامع بالأمان، ذلك أن العبد إذا علم أن له رباً يشفيه إذا مرض، ويرزقه إذا جاع، ويعطيه إذا سأل، شعر بعد ذلك بطمأنينة النفس وسكينة القلب.

    ثم أخبر الله جل وعلا عن بعض صفاته معرفاً بذاته العلية، ولا أحد أعلم بالله من الله، قال جل شأنه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ [الأعراف:54]، والخلق من أعظم صفاته جل وعلا، إذ لا خالق غيره تبارك وتعالى، وخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، خلقهن جل وعلا في ستة أيام، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليعلم خلقه التؤدة والأناة، خلقهن جل وعلا في ستة أيام، خلق الأرض أولاً في يومين، ولم يكمل خلقها، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فأكمل خلقها، ثم خلق تبارك وتعالى بعد ذلك الأرض وأكملها، قال جل ذكره، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت:11]، خلقهن جل وعلا في ستة أيام، وقدر فيها أقواتها، وبارك فيها تبارك وتعالى رحمة بعباده وتسخيراً لهم، ثم قال جل شأنه، وتبارك اسمه: الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54]، والعرش سقف المخلوقات، سرير له قوائم تحمله الملائكة، قال جل شأنه: وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة:17]، والله جل وعلا كما أخبر مستو عليه استواءً يليق بجلاله وعظمته، نؤمن به ولا نعرف كيفيته؛ لأن الوصول العلمي إلى أي شيء نريد أن نعلم كنهه وكيفيته لا يخلو من إحدى ثلاث: إما أن نراه، وإما أن يصفه لنا من رآه، وإما أن نقيسه على مثله. وكل هذه الطرائق الثلاث منتفية في حق ربنا تبارك وتعالى معنا، فنحن لم نر ربنا، ولم يره غيرنا حتى يصفه لنا، وليس لله مثيل ولا ند ولا شبيه حتى نقيسه عليه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

    العرش -أيها المؤمنون- سقف المخلوقات، قال صلى الله عليه وسلم يخبر عن الساعة وقيامها: (فأكون أول من يفيق، فإذا بموسى آخذ بقوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي، أم جوزي بصعقة الطور)، منه تتفجر أنهار الجنة، وهو أعلى الجنة، والفردوس أعلى الجنة، وهو من العرش.

    1.   

    أفضلية الليل على النهار وأحب الأعمال فيه إلى الله

    قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا [الأعراف:54]، والليل والنهار مخلوقان من مخلقات الله، جعل الله جل وعلا لعباده الصالحين في كل واحد منهما عملاً، جاء في الحديث: (أن الله جل وعلا يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).

    ولله جل وعلا عمل في النهار لا يقبله في الليل، وله جل وعلا عمل في الليل لا يقبله في النهار، إلا أن ظاهر القرآن والسنة يدل إجمالاً على أن الليل أفضل من النهار، وآخر الليل أفضل من أوله، ذلك أن الله جل وعلا نجى لوطاً وبنتيه سحراً، قال سبحانه: إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ [القمر:34]، وأمر نبيه وكليمه موسى بن عمران عليه السلام: أن اسر بعبادي ليلاً إنكم متبعون، وأسرى الله جل وعلا بأشرف خلقه، وسيد رسله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليلاً، كما أخبر جل وعلا صريحاً في كتابه، سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1].

    قال ربنا: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ [الأعراف:54]، جعل الله جل وعلا الليل والنهار مطيتين للأعمال، وسيفد العباد كافرهم ومؤمنهم، إنسهم وجنهم بين يدي الله، فيجد كل أحد منهم ما قدم من أعمال في ليله ونهاره بين يدي الله، قال تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]، ولئن كان الليل من حيث الجملة أفضل من النهار فإنه لا عبادة في الليل تعدل القيام بين يدي رب العالمين في جوف الليل الآخر.

    افتقدت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها نبينا صلى الله عليه وسلم آخر الليل، قالت: (فوجدته في المسجد ساجداً قد انتصبت قدماه، يقول في سجوده: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك).

    فصلاة الرجل في جوف الليل الآخر أعظم ما يجعل المرء المؤمن يختم له بالأعمال الصالحة، بل إنه من أعظم ما يقي المؤمن الفتن، قال صلى الله عليه وسلم وقد قام ذات ليلة فزعاً: (سبحان الله! ماذا أنزل الليلة من الفتن؟ أيقظوا صواحب الحجرات، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة).

    أيها المؤمنون: إنه ينبغي على الإنسان أن يأخذ حظه من النوم في ليله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما نقل عنه أبداً أنه قام ليلة بأكملها، لكن ينبغي للمؤمن أن يكون جزء من ليله ولو يسيراً لربه، يقف فيه بين يدي رب العالمين جل جلاله، يعفر جبهته بالسجود، ويسجد للرب المعبود جل جلاله، يبث إلى الله شكواه، ويسأل الله بإلحاح رضاه، يستجير بالله من النار، ويسأل الله الفكاك منها، ويرجو الله الجنة، ويسأله بإلحاح أن يدخله إياها، يسأله كل خير يؤمله، ويستعيذه من كل شر يخافه، قال صلى الله عليه وسلم يوصي معاذاً وقد أحبه: (وصلاة الرجل في جوف الليل الآخر، ثم تلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17])، والله لو أن أحداً من ملوك الدنيا أخفى لأمته ورعيته وشعبه جائزة لأحسن الشعب والرعية والأمة الظن بمليكها، فكيف الظن بما أخفاه رب العالمين جل جلاله؟ كيف الظن بما أخفاه أرحم الراحمين تبارك وتعالى؟ كيف الظن بما أخفاه من لا تنفد خزائنه أبداً جل جلالة؟ فالليل من حيث الجملة أفضل من النهار، ولئن كان لله عباد غضيضة عن الشر أعينهم، محزونة قلوبهم، قريبة دموعهم، فإن لله جل وعلا خلقاً غير ذلك، نسأل الله لنا ولكم العافية، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهدى.

    إن لله خلقاً لم يعرفوا أهمية الليل، وما جاء فيه عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم وهديه، فهذا يقضيه أمام الشاشات، وآخر يقضيه في اللهو والمجون، وآخر يقضيه في التعرض لأعراض المسلمات، وآخر يقضيه في غير ذلك، وكل سيفد على الله، وكل سيجد عمله، قال تعالى: وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية:28].

    قال ربنا: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا [الأعراف:54]، ثم قال: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف:54]، ما الشمس والقمر والنجوم إلا مخلوقات من مخلوقات الله، لا تدبر من أمرها شيئاً، قال صلى الله عليه وسلم لـأبي ذر وقد غابت الشمس: (أتدري يا أبا ذر أين تغيب؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تأتي فتسجد تحت العرش فتستأذن ربها فيأذن لها، فليأتين عليها يوم فتستأذن فلا يؤذن لها، فتطلع على الناس من حيث غربت فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً).

    ومع أن العرب والناس جميعاً -حتى في عصرنا- يضربون المنتهى في الجمال لمن أحبوه ولمن بهتوا أو فتنوا بجماله من رجل أو امرأة، يضربون له مثلاً بالشمس والقمر، فقد كتب الله الكسوف على الشمس والخسوف على القمر حتى يعلم العباد أنهما آيتان من آيات الله، تخسف وتكسف، وأن ما لا يحول ولا يزول ولا يتغير هو وجه الله تبارك وتعالى العلي الأكرم.

    1.   

    (ألا له الخلق والأمر)

    ثم قال جل وعلا: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف:54]، فمن خلقه جل وعلا كل مخلوق خلقه الله.

    أما أمره فالمقصود به: غير الخلق، كإنزاله القرآن تبارك وتعالى، وهذا المقطع من الآية مما احتج به أهل السنة -سلك الله بنا وبكم سبيلهم- على أن القرآن منزل غير مخلوق، ثم قال جل شأنه: تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54]، وهذا اللفظ -أيها المؤمنون- لا يقال لغير الله، لا يقال لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لأحد من أولياء الله الصالحين: (تبارك)، وإنما يقال ويصرف فقط لله جل وعلا وحده دون سواه: تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].

    ولما أثنى الله على نفسه، وأخبر عن بعض كمال صفاته جل شأنه دعا عباده جل وعلا إلى أن يدعوه ويرجوه، قال جل وعلا: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55]، فأمر الله جل وعلا بدعائه وسؤاله جل وعلا:

    لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تغلق

    وينبغي على المرء أن يسأل ربه وحده ويلجأ إليه، ألا وإن من جوامع أدعيته -صلوات الله وسلامه عليه- أنه كان يقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، وكان يقول: (اللهم يا مقلب القلوب! ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرف القلوب والأبصار! صرف قلوبنا إلى طاعتك، كما كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من المأثم والمغرم، والجبن والكسل، ومن غبن الرجال).

    جعلني الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    أهمية العبادة في زمن الفتن

    الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.

    أما بعد:

    عباد الله! فإن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بينه لأمته من الطرائق الواضحة الغراء والمحجة البيضاء: أنه دعا أمته في زمن الفتن أن يكثروا من العبادة، قال صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهرج كهجرة إلي).

    والمعنى: أن الإكثار من العبادة في زمن الفتن يعادل الهجرة إليه صلى الله عليه وسلم لو كان حياً، وذلك لأن الناس في زمن الفتن يغفلون عن العبادة، فحثهم صلى الله عليه وسلم وهو أتقى الخلق لربه، وأعلم العباد بالشرع، حثهم على الإكثار من العبادة في زمن الفتن، ولا ريب أن الناس في زماننا هذا قد أحاطت بهم الفتن، فتن المال، وفتن النساء، وفتن القتل، وغيرها.

    فأما فتن القتل والهرج فإن الهدي والسنة فيها: الاستمساك بالكتاب والسنة، والاعتصام بحبل الله المتين، والبقاء على بيعة ولي الأمر المسلم، والحرص على أن يكون المسلم مع جماعة المسلمين لا يشذ عنهم.

    وأما القضاء على فتن الشهوات: فيكون بعظيم الإيمان الناجم عن كثرة العبادة كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فإن كثرة العبادة إقبال على الله، والإقبال على الله يجعل المرء قريباً من رحمته تبارك وتعالى وهدايته وتوفيقه.

    ألا وصلوا وسلموا على ذي الوجه الأنور، والجبين الأزهر، الشافع المشفع في عرصات يوم المحشر، إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن أصحاب نبيك أجمعين بلا استثناء، وخص اللهم منهم الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وارض اللهم عنا معهم بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين!

    اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين، اللهم إنا نسألك قلوباً تخلص لك، ترضى بقضائك، وتشكرك على نعمائك، وتصبر على بلائك يا ذا الجلال والإكرام! اللهم إنا نسألك قلوباً تشتاق كل الشوق إلى لقائك يا ذا الجلال والإكرام! فارزقنا اللهم لقائك والنظر إلى وجهك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، في عفو وعافية منك يا أرحم الراحمين!

    اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم وفقه بتوفيقك، وأيده بتأييدك، اللهم وانشر الخير العميم على بلاد المسلمين كلها يا رب العالمين! اللهم اجمعهم على الحق، وأيدهم بالفضل يا ذا الجلال والإكرام! اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك ربنا من النار وما قرب إليها من قول وعمل.

    عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718655

    عدد مرات الحفظ

    754728556