وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعــد:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71] .
أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون: معنا في هذه الخطبة عشر علامات من علامات الساعة، وهذه العلامات من العلامات الصغرى، وقد كان عليه الصلاة والسلام ينبه أصحابه ويحذرهم من اقتراب الساعة، فقد كان يقول يوماً: (اعدد ستاً بين يدي الساعة) وكان يقول لغيره: إن بين يدي الساعة كذا وكذا، ويذكر لهم علامات وأشراط وأمارات تدل وتنبئ بقرب قيام الساعة.
الساعة وما أدراك ما الساعة؟! إنها الحاقة، إنها القارعة، إنها الطامة الكبرى، إنها الصاخة، إنها يوم الفصل الذي يفصل الله عز وجل فيه بين الناس.
اسمع يا عبد الله إلى هذه العشر، الأمارات والعلامات من علامات الساعة، ولم يكن عليه الصلاة والسلام يعلم عن وقت قيام الساعة، بل كان يُسأل عنها فيقول: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) وسأله أحدهم فقال: (متى الساعة؟ فقال: ما أعددتَ لها؟) أي: كيف تجهزتَ لها؟! وهل استعددتَ لها بالأعمال الصالحة أم أنك تريد أن تعرف وقتها فقط؟! فالعبرة بالاستعداد لا بمعرفة الميعاد.
يا عبد الله اسمع إلى هذه العشر، ثم وأنت تسمع إلى هذه الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم حاوِل أن تطبقها على واقعنا، ثم احكم يا عبد الله: هل هذه العشر قد وقعت؟ فإن وقعت منها علامة واحدة فاعلم أن الساعة قد اقتربت، وإن وقعت علامتان فهي أقرب، وإن كانت أكثر فالساعة قريبة يا عبد الله، فأعدد لها واستعد.
الرويبضة -يا عبد الله- إذا نطقوا فانتظر الساعة.
وقال في هذه العلامة عليه الصلاة والسلام: (لا تذهب الدنيا حتى تصِير لِلُكَع بن لُكَع) أي: أحمق وسفيه ومن الأراذل يملك الدنيا ويملك الناس ويدير شئونهم، وهو -كما وصفه عليه الصلاة والسلام- لُكَع بن لُكَع. والحديث رواه أحمد، وهو في صحيح الجامع.
هم على صراط واحد، وعلى عقيدة واحدة، إخوان لكن في العلانية، فإذا كانوا في السريرة رأيتهم أعداء متباغضين متلاعنين يحذر بعضُهم من بعض.
اسمع إلى هذا الحديث الموقوف، هذا الكلام الذي يرويه أمين هذه الأمة: أبو عبيدة عامر بن الجراح، روى الطبراني عن محمد بن سوقة قال: أتيتُ نعيم بن أبي هند فأخرج إلي صحيفة -رسالة- فإذا فيها: [من
يقول الله جل وعلا: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر:1] اقتربت فهي قريبة، إن كان من العلامات علامة قد وقعت فهي قريبة، ما بالكم وأكثر هذه العلامات نراها بأم أعيننا قد انتشرت في هذا الزمان؟!
وقال عليه الصلاة والسلام: (صنفان من أهل النار لَمْ أَرَهُما: ... وذكر منهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس) .
اسمع إلى أحد علماء أحد هذه الأمة، وهو النووي عليه رحمة الله لَمَّا ذَكَر هذا الحديث قال: وهذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع ما أخبر به عليه الصلاة والسلام. وذلك قبل قرون عدة، فأما أصحاب السياط قال: فهم غلمان والي الشرطة -أي: رئيس الشرطة- غلمانه وحرسه هم الذين ذكرهم عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الذي يقول عنه الإمام النووي: إنه وقع في ذلك الزمان قبل قرون عديدة.
قال عليه الصلاة والسلام: (إن من أشراط الساعة... وذكر منها: ويظهر الزنا) ويظهر، أي: ينتشر في الناس الزنا، وتشيع الفاحشة.
كيف لا يا عبد الله؟! كيف لا ينتشر وهانحن نجد في بعض الجرائد مقابلات مع ممثلات داعرات؟! فلانة كيف أصبحت نجمة؟! لأنها ظهرت عارية كما خلقها الله في أكثر من فيلم ينتشر بين الناس، أصبحت نجمة، وأصبحت بطلة.
عبد الله! هذا يُنْشَر في جرائدنا وفي صحفنا التي نشتريها ونرميها في البيت.
كيف لا ينتشر الزنا ولا يظهر وبعض الناس -هداهم الله- يأتي بعمالة من النساء يرميهن في الطرقات، يقبض عليهن الأموال للتجول والتكسب من البغاء؟! وكيف لا ينتشر الزنا يا عبد الله وصور النساء العاريات على صفحات المجلات، وعلى جدران بعض المحلات.
عبد الله! كيف لا ينتشر الزنا وهذه بعض أحوالنا؟!
قال القرطبي وهو شيخ القرطبي المفسر، قال: هذا الحديث علم من أعلام النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع.
يقول القرطبي : فوقعت خصوصاً في هذه الأزمان، أتعرف أي أزمان؟ في القرن السابع للهجرة، ونحن الآن في القرن الخامس عشر، هذه العلامة التي قال عنها القرطبي عليه رحمة الله: إنها وقعت.. كيف به لو يعيش أزماننا هذه؟! كيف به لو يتجول في أسواقنا؟! كيف به لو يمشي في مجتمعاتنا وهو ينظر إلى هذه الأحوال؟!
عباد الله! إن الله عز وجل يقول عن الساعة واقترابها: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ [النجم:57-58] نعم -يا عباد الله- اقتربت وأزفت؛ ولكن هل من مستعد لها؟! وهل من متجهز لها؟!
أقول هذا القول، وأستغفر الله.
أما بعــد:
وانظر إليها -يا عبد الله- في مجتمعاتنا، في المدارس، وفي بعض المستشفيات، وفي المجتمعات، حتى إنك تجد هذه المعازف لا يخلو منها بيت من بيوت المسلمين، قال عليه الصلاة والسلام: (سيكون في آخر الزمان -واسمع إلى هذا اللفظ، قال: آخر الزمان، أي: إذا وقع فاعلم أن هذا الزمان هو آخر الزمان، والساعة قريبة- قال: خسف وقذف ومسخ) وفي حديث صحيح آخر: ( أن منهم من يُمْسَخ إلى قرد، ومنهم من يُمْسَخ إلى خنزير -أجارنا الله وإياكم- قيل: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: إذا ظهرت المعازف والقَيْنات ) أتعرفون مَن هُنَّ القَيْنات؟ إنهن المغنيات اللواتي قد انتشرن في هذه المجتمعات، والحديث في صحيح الجامع ورواه ابن ماجة .
هذه -يا عبد الله- بعضٌ مِن علامات الساعة، وإلا فهي كثيرة، وما وقع منها كثير.
عبد الله: قال الله جل وعلا: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد:18] أي: جاءت علاماتها وجاءت أماراتها، هل تنتظر -يا عبد الله- أن تقع عليك، فإنها لن تقوم إلا على شرار الخلق، وإنها إذا قامت وأنت حي -يا عبد الله- فاعلم أنه مَن تقع عليه الساعة فهو من شرار الخلق، فسَل الله عز وجل ألا تقوم وأنت حي موجود على وجه هذه البسيطة.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداءك أعداء الدين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر