الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن الله تعالى أحل لنا الحلال وبينه، وحرم علينا الحرام وبينه، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ [الأنعام:119] ، ومن جملة ما بينه ما يتعلق بالمبايعات، فالأصل فيها الإباحة إلا ما دل عليه الدليل، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، فجنس البيع حلال إلا ما دل الدليل على أنه محرم.
ومن جملة المبايعات: البيع إلى أجل، وقد ذكره الله تعالى في قوله: إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282]، يدخل في هذا كون الثمن ديناً، وكون المثمن ديناً، وهو ما يعبر عنه بالسلم، وكلها لها أحكام لا بد من معرفتها؛ وذلك لأن الإنسان قد يحتاج إلى سلعة ولا يكون معه ثمن، فيشتريها بدين في ذمته، ويحدد له أجلاً مسمى، فيحل ذلك بشروطه، فمن هنا نحن بحاجة إلى أن نتكلم حول ما يباح من الدين:
أولاً: كون الثمن ديناً.
ثانياً: كون المثمن ديناً.
ثالثاً: وسائل الدين.
رابعاً: حكم الزيادة في الثمن إذا كان ديناً أو في المثمن.
خامساً: شراء السلع التي لا تقصد، إنما يقصد بيعها والانتفاع بثمنها.
فأولاً وقبل كل شيء: قد حذر كثير من العلماء عن أخذ الدين إذا لم يكن للمرء نية في وفائه، واستدلوا على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) أي: من استدانهم ديناً وهو لا يقصد إلا أن يماطلهم وأن يؤخر الوفاء، فإن الله تعالى يتلف ماله، ويبقى كذلك الدين متعلقاً في ذمته، حيث أنه لم يقصد بهذه الاستدانة إلا إمطال أصحاب الأموال، وإتلاف أموالهم، وأخذها بغير حق.
ثانياً: نقول: إن الإنسان عليه أن يتعفف عن الدين، ولا يستدين إلا لضرورة، وقد حفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ في آخر الصلاة من الدين.
وهذا واقع كثيراً، فتجد أن الإنسان الذي يتحمل ديوناً يأتي إليه أصحابها يطالبونه بحقوقهم وبالوفاء، ولا يكون عنده، فيضطر إلى أن يكذب، فيقول: سأعطيكم بعد شهر، ولا يتيسر له ذلك، فيحدثهم حديثاً ليس بصحيح، وكذلك أيضاً يعدهم موعداً فيخلف وعده، ومعلوم أن ذلك من صفات المنافق: (إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف)، وقد يكون معذوراً حيث أنه لا يجد ما يوفي به ذلك الدين، فيضطر إلى أن يصرف صاحب الدين، وهذا مما ينفر عن أن يقع الإنسان في الدين إلا لضرورة، ويحسن نيته أنه سوف يوفيه إذا وجد ذلك، فهذا دليل على كراهة الاستدانة والحذر من أخذ أموال الناس بغير موجب ولا سبب.
كثير من الناس في هذه الأزمنة يوقعون أنفسهم في هذا المغرم، وفي هذه الاستدانة، فتجد أحدهم يستدين لأي شيء، يستدين حتى يعمر له منازل شاهقة، ويستدين ليشتري له سيارات فارهة، وهو ليس بحاجة إلى أمثالها، وكذلك يستدين حتى يطعم من طرقه أو من استضافه بأنواع من الأطعمة التي فيها إسراف، وهو غير مضطر إلى ذلك، فهو يذهب يستدين له ذبائح وفواكه وما أشبه ذلك، وتتراكم تلك الديون في ذمته، حتى يعجز عن الوفاء، ثم يعتذر بعد ذلك بأنه عاجز وغارم.
فالغرم هو: تحمل الدين في الذمة، كما قال تعالى حكاية عن بعض خلقه أنهم قالوا: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [الواقعة:66-67]، مغرمون يعني: مدينون ومحرومون.. مصابون بما أصبنا به، مما سبب تلف أموالنا، وبقاء الديون في ذممنا.
كذلك نقول قبل الدخول في الأحكام: إنه يجب على الإنسان الحرص على وفاء الدين الذي تعلق بذمته، ويحرم عليه تأخير ذلك بغير سبب، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (مطل الغني ظلم) والمطل هو: التأخير، يعني: إذا كان غنياً قادراً على الوفاء فمطله -يعني: تأخيره للوفاء- ظلم.
وفي حديث آخر قال: (ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته) الواجد هو: الذي يجد ما يوفي به دينه، (ليه) تأخيره للوفاء. (يحل عرضه وعقوبته) أي: يبيح لأصحاب الديون أن يتكلموا في دينه ويسبوه، ويقولون: إنه مماطل وظالم، وإنه خاطئ بأخذ حقوق الناس، وعدم الوفاء لهم.
كذلك تحل شكايته حتى يؤخذ على يديه، ولا يتعدى على أموال الناس فيأكلها بغير حق، لقول الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188]، وذم الله تعالى اليهود فقال تعالى: وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ [النساء:161]، فذلك كله يدخل فيه إذا استدان وهو ليس بحاجة، وأوقع نفسه في ذلك، وبقي الدين في ذمته.
والقصة مشهورة، فإنه لما جيء بميت ليصلي عليه قال لرجل: هل عليه دين؟ قالوا: ديناران، فتأخر في الصلاة، قال أبو قتادة : هما علي يا رسول الله! فقال: حق الدين، وبرأت ذمت الميت؟ قال: نعم، ولما كان بعد يومين سأل: هل أوفيت دينه؟ فلما قال: نعم، قال: الآن بردت عليه جلدته.
فيتأكد على من توفي وعليه دين أن يبادر ورثته للوفاء عنه حتى تبرأ ذمته، وثبت أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم سأله رجل: (إذا قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال: نعم، ثم قال: إلا الدين)، يعني: أن القتل في سبيل الله لا يكفر الدين؛ وذلك لأن الدين حق آدمي، وحقوق الآدميين مبنية على المشاحاة والمقايضة، فكل ذلك يؤكد على أن يبتعد الإنسان عن الاستدانة إلا لضرورة، مع عزمه على الوفاء إذا تيسر ذلك له.
كثير من الناس إذا رأى المضطرين انتهز فرصة اضطرارهم، فضاعف عليهم الثمن، فبدل ما تكون السيارة بأربعين ألفاً نقداً يبيعها لهم بسبعين ألفاً أو نحوها، وبلا شك أن هذا الأصل فيه الإباحة، ولكن ليس له أن يضر أخاه ويضاعف عليه الثمن، وينتهز حاجته وشدة فاقته، وضرورته إليها؛ وذلك لأنه يسبب مضاعفة الدين على أخيه، ونعرف أناساً يتضاعف عليهم الدين أكثر مما كان يتضاعف عليهم الربا، فمن ذلك أن أحدهم -مثلاً- استدان سيارة لحاجته بسبعين ألفاً، وقيمتها نحو الخمسين أو الأربعين ألفاً، فمتى حلت السبعون عليه جاء إليه صاحبها وقال: إما أن تعطيني وإما أن أشتكي، فيحتاج إلى أن يشتري منه أو من غيره ما يساوي سبعين ألفاً بمائة ألف، فيوفيه السبعين، وتبقى في ذمته مائة ألف، ثم تحل بعد سنة المائة الألف فيحتاج إلى أن يستدين ما يساوي مائة ألف بمائة وخمسين، ثم تحل المائة والخمسون فيأتي إليه ويقول: أعطني، فيستدين ما يساوي مائة وخمسين بمائتين وعشرين مثلاً، ثم بعد ذلك بثلاثمائة، ثم بأربعمائة، وهكذا إلى أن يصل إلى عشرات أو إلى مئات الألوف، بل وإلى الملايين، وسبب ذلك الدين الأول.
فنحن نقول: عليك أن ترفق بأخيك أولاً، فلا تضاعف عليه هذه الأضعاف الكثيرة، ثم عليك بعد ذلك ألا تشدد عليه في الطلب، ولا تكلفه على أن يستدين، قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280] أي: إذا عرفت أنه ذو عسرة ليس عنده أي شيء فأنظره وأخره إلى أن يجد، (فنظرة) يعني: صبر وتأخير إلى أن يجد ولو بعد سنوات، ولا تكلفه أن يستدين فيتضاعف عليه الدين، ثم يعجز بعد ذلك، هذا هو الذي يجب من الرفق بالإخوان المسلمين، وأن المسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فإن هذا شبيه بما كانوا في الجاهلية يفعلونه، وقريب منه، إذا جاء الدائن قال للمدين: أعطني ديني أو أبيعك بدين آخر وتوفي الدين الأول، وهو ما يعنونه بقولهم: إما أن تعطيه وإما أن ترضيه، فندعو إلى الرفق بالإخوة المسلمين، الذين هم بحاجة إلى الاستدانة ومضطرون إليها، ألا يشدد عليهم بهذه الزيادة التي تثقل كواهلهم.
هذه من مسائل المزايدات.
الحيلة في مثل هذا: إذا كنت تريد سيارة ديناً، فإنك ستأتي إلى إنسان عنده مال فتقول: إنني بحاجة إلى سيارة ديناً، وتعجبني السيارة التي في المكان الفلاني، فيقول: لا بأس أنا أشتري السيارة لنفسي وأسلم ثمنها، وبعد ما تدخل في ملكي أخيرك في شرائها ديناً أو عدم شرائها، فيتصل بصاحبها ويتفاوض معه، ويتفقوا على الثمن ويرسل إليه ثمنها، ويرسل إليه من يقبضها ويستلمها بحيث ينقلها من مكانها، ثم بعد ذلك يقول: هذه السيارة اشتريتها مثلاً بخمسين ألفاً نقداً ولا أبيعها إلا بستين ألفاً ديناً، ولا ألزمك بشرائها، إن شئت أن تأخذها فخذها وقيمتها في ذمتك، وإن لم تناسبك فلا ألزمك، هذا هو الأقرب لمثل هذا، أما أنهما يتفقان على السلعة والدين قبل أن يشتريها، كأن يقول مثلاً: إن قيمتها خمسون ألفاً، وسأشتريها وأبيعكها لك بستين أو بسبعين ألفاً، ويتفقان على الثمن قبل أن يملكها فأرى أن هذا شبيه ببيع ما لا يملك.
والسلم يجوز في كل شيء يرتبط بوصف، فيجوز أن تشتري من إنسان مثلاً مائة صاع أو ثلاثمائة كيلو من البر مؤجلة تحل بعد خمسة أشهر، لكن تسلمه الثمن نقداً حتى لا يكون البيع ديناً بدين، وتحدد مدة الأجل الذي يحل به الوفاء، فإذا بعت عليه أو على غيره بدين قبل أن يحل الوفاء فإن ذلك لا يجوز، مثل أن تقول: عند فلان لي مائة صاع من البر تحل -أي: يحل الثمن- بعد خمسة أشهر، أبيعكها الآن كل صاع بخمسة ديناً، فيكون الثمن غائباً والمثمن الذي هو البر غائباً؛ فهذا بيع دين بدين لا يجوز.
ذكر أن أحد التابعين جاء إلى طلحة وقال: اصرف لي هذه النقود من الدنانير، فتفاوضا واتفقا على أن قيمتها من الدراهم -الفضة- كذا وكذا، ثم قال: انتظر حتى يأتيني خادمي أو جاريتي آخر النهار، وسمع ذلك عمر رضي الله عنه فقال: كلا والله! لا تفترقان حتى تتقابضا أو تعطيه دنانيره، يعني: أن هذا الصرف -وهو بيع الدراهم بالدنانير- لا يصح حتى يكون هناك تقابض، ومعلوم أن الناس الآن يتعاملون بالأوراق النقدية، والأوراق قامت مقام الفضة، واعتبرت نقداً؛ فنزلت منزلتها، فلأجل ذلك إذا بيع نقد بنقد فلا بد من التقابض قبل التفرق، فإذا بيعت دراهم المملكة السعودية بجنيه استرليني فلا بد من التقابض قبل التفرق.
إذا كان الجنيه -مثلاً- يساوي خمسمائة، فتفاوضا واتفقا على أن يصرف له هذا الجنيه بخمسمائة، فإنه يدفعها له نقداً، فإن لم يجد إلا بعضها لم يصح التفرق وبينهما شيء، وقد دل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نبيع الإبل بالبقيع، فنبيع بالدراهم ونأخذ الدنانير، ونبيع بالدنانير ونأخذ الدراهم، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لا بأس ما لم تفترقا وبينكما شيء) أي: إذا صرف أحدهما بالآخر فلا يفترقا وبينهما شيء.
وكذلك أيضاً بيع الذهب بدراهم أو ما يقوم مقامها، والذهب والفضة العلة فيهما الوزن أو الثمنية، فإذا قيل: العلة الوزن فإن الذهب الذي هو مصوغ وفي العادة أنه يوزن، والدراهم التي هي من الفضة والأصل أنها موزونة، فلا يجوز أن تباع الدراهم بالذهب ديناً، إذا اشتريت ذهباً فلا بد أن تنقد البائع الثمن، أو تأخذه كأمانة للتجربة، فإذا وجدت الثمن أديته وقلت: هذا ثمن الذهب الذي أخذته منك عارية أو للتجربة، ولا تتفقان على الثمن إلا عند إحضار القيمة.
ومن الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس في المداينة: أن رجلاً يشتري الذهب بدين، وهذا غلط، سواء كان الذهب مما يسمى (بالغوائش) التي في الذراع وهي الأسورة، أو الخواتيم في الأصابع أو قلائد الرقبة، والواجب ألا يشتري الذهب إلا بثمن حال، ولا يشترى بدين، وأحياناً لا يكون معك الثمن كله، فلك أن تقترض من إنسان حتى تسلم ثمن هذا الذهب في مجلس العقد، وأجاز بعض العلماء أن تأخذه كأمانة ثم إذا حصلت على الثمن أتيت به، وحينئذ تحددان الثمن، فيكون البيع بنقد، مثال ذلك: إذا كان الذهب الذي أخذته قيمته في ذلك الوقت يساوي أربعين ألفاً، ولما لم يكن عندك أخذته كأمانة لتقيسه، ولما أتيت بالثمن بعد يومين أو بعد ثلاثة وجدت الثمن قد ارتفع، فهذا الذهب الذي أخذته بالأمس كانت قيمته أربعين، والآن يساوي خمسين، فإنه يطالبك بقيمته وقت الوفاء، وهكذا لو انخفض، أما شراؤه بدين فهذا لا يجوز لما ذكرنا من أن العلماء جعلوا العلة هي الوزن في هذا المذهب ومذهب أبي حنيفة.
وهكذا يجوز -ولأنه الأقرب- أن تصرفها بجنيهات مصرية، وتستلم بالجنيهات المصرية، فإذا استلمتها جنيهات رددتها عليهم، وقلت لهم: حولوها لي إلى مصر، فإذا قالوا: لا بد أن نأخذ عليك أجرة التحويل فلا بأس في ذلك، فإذا صرفوها -مثلاً- بستة آلاف جنيه مصري، أخذوا على كل ألف -مثلاً- عشرة وأعطوك الباقي، يعني: أخذوا منها خمسين جنيهاً أجرة نقلهم، فمثل هذا جائز، فالحوالة تجوز في هاتين الحالتين: إما أن تعطيهم النقود السعودية وتطالب هناك بصرفها وبما تساويه، وإما أن تصرفها جنيهات ثم تردها عليهم، وتطلب منهم تحويلها أو إرسالها إلى بلادك التي تريد.
أما واقع البنوك في هذه الأزمنة فإنه خاطئ، كثير منهم يقولون: ما عندنا دولارات -إذا طلبت منهم- الآن، ما عندنا إلا ريالات، ولكن نصرفها الآن بدولارات أو بجنيهات مصرية أو بليرات سورية أو بريالات قطرية أو بدنانير كويتية، ونحولها الآن مباشرة، وهم ما سلموك شيئاً، فأنا أرى أن هذا صرف من غير تقابض، والصرف لا بد أن يكون يداً بيد، وذكرنا دليله في قصة عمر مع أبي طلحة حين قال له: (لا تفارقه حتى تسلم له أو تعطيه نقوده)، وكذلك كلام ابن عمر لما تصارفوا بعين وذمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا بأس، ما لم تفترقا وبينكما شيء).
من الوثائق أيضاً الإشهاد، قال تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ [البقرة:282]، والشهود أيضاً على المداينة؛ حتى لا يكون هناك اختلاف.
ومن الوثائق أيضاً: الرهن؛ لقوله تعالى: فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ [البقرة:283]، فالرهن يعتبر وثيقة يتوثق بها. فإذا تبايع الناس وتوثقوا من ديونهم قلت الخلافات، أما إذا لم يتوثقوا فإنه يحصل خلاف في أحايين كثيرة، فترى هذا يقول: بعتك بكذا، وذاك يقول: بل بعتني بكذا، فتحصل المرافعات والمخاصمات التي تشغل أوقات القضاة، فعلى المسلمين أن يتقيدوا بالتعليمات الشرعية، ويبتعدوا عن الأعمال التي تخالفها.
أما مسألة البنوك وما يحصل فيها، فإن الكلام فيها طويل، مثل: مسألة الإيداع عندهم، أو الاقتراض منهم لفائدة أو ما أشبه ذلك، وينبغي للإنسان أن يجتنب الأشياء المشتبهة.
كذلك مسألة القرض الذي يجر منفعة سواء من البنوك أو من غيرها، فهذا يعتبر قرض ربا: (كل قرض جر منفعة فهو ربا)، ومن صور ذلك إذا قال مثلاً: أقرضك ألفاً على أن تبيعني هذه السلعة بثلثي الثمن، فيجعل القرض مقابل بيعه برخص، فهذا قرض جر منفعة، فيكون من جملة الربا، وقد بين الله تعالى تحريم الربا.
نعود فنقول: إن التشديد على الضعفاء والغارمين، وتكليفهم بما يشق عليهم ينبغي أن يتجنبه المسلم، فإذا عرفت أن هذا الذي عليه دين معسر، فلا تكلفه أن يستدين مرة ثانية، بل عليك أن تتغاضى عنه، وأن تتركه إلى أن يتيسر له السداد، ولا تطالبه وأنت تعرف أنه معسر؛ لأنه إما أن يضطر إلى أن يستدين مرة ثانية، وإما أن يشتكى منه فيحبس، وقد ينقطع عن وظيفته أو عن شركته، ولا تستفيد أنت من سجنه وحبسه شيئاً.
لعلنا نكتفي بهذا، ونجعل بقية الوقت للجواب عن الأسئلة، والله أعلم، وصلى الله على محمد.
الجواب: ذكرنا أن هذا داخل في المنهي عنه، وهذه هي مسألة العينة؛ وذلك لأنه لم يبع شيئاً، وإنما أعطاك الدراهم، وكراتينه بقيت عنده، فكأنه أعطاك عشرين ألفاً وكتبها ثلاثين ألفاً مؤجلة، فهذه هي مسألة العينة، وتجري هذه عند القضاة ويكتم المتقاحنون فيها الحيل، وذلك بأن يكتب أن عنده ثلاثين ألفاً قيمة ستين كرتوناً من الصابون، كل كرتون بثمن كذا وكذا، ثم يكتب أنه استلم السلعة وتصرف فيها، مع أنه لم يستلم ولم يتصرف في السلعة التي هي كراتين الصابون، بل هي باقية في مكانها، وصاحبها هو الذي اشتراها، أعني: باعها واشتراها دون أن يحصل هناك قبض، فهذا نرى أنه ربا؛ لقوله في الحديث: (من باع بيعتين في بيعه فله أوكسهما أو الربا) يعني: أنه باعك كراتين -مثلاً- بثلاثين ألفاً، ثم اشتراها منك بخمسة وعشرين ألفاً، وأعطاك الخمسة والعشرين ألفاً، وكتب في ذمتك ثلاثين ألفاً، فقل له: لا يحل لك إلا الخمسة والعشرون أو تقع في الربا.
(فله أوكسهما) أي: الأنقص، والقصد: أنهم إذا جاءوا إلى القاضي وقد كتب أنك استلمتها وتصرفت فيها، فالقاضي يحكم بما يراه وظهر له من أنك استلمت وتصرفت.
الجواب: أخطأتم في تحديد الثمن قبل تملك السلعة، وكذلك تحديد الزيادة، فقد كره كثير من العلماء أن يقول: بعتك على أن أربح في كل عشرة ريالاً أو ريالين؛ لأن هذا شبيه بقوله: بعتك العشرة بإحدى عشر أو باثني عشر، وكان الواجب أن تقول: أنا سوف أشتري السلعة، وبعدما أشتريها وتدخل في ملكي نتفق وإياك على بيعها بثمن مؤجل كما يبيع الناس بالمؤجل، فأما تحديد الثمن قبل أن تملكها فأرى أن ذلك داخل في بيع ما ليس عندك، وداخل فيما ذكروه، ولكن إذا قبضها وتصرف فيها لم يملك بعد ذلك المطالبة بالنقص.
الجواب: لعل ذلك جائز إذا لم تفترقا وبينكما شيء، يعني: سواء اشترى منك الذهب ودفع ثمنه أربعة آلاف مثلاً، ثم اشتريت منه الذهب الجديد بخمسة آلاف وزدته بألف، أو لم تطلب الأربعة آلاف، بل تقول مثلاً: أنا أشتري بها وأزيدك على ثمن هذا الذهب القديم بعد ما تحدد قيمته، وأزيدك معها ألفاً -مثلاً- وأشتري بخمسة آلاف ذهباً جديد.
الجواب: هذا هو الربا، فلو أعطاك -مثلاً- عشرة ريالات وقال: تردها علي اثني عشر ريالاً بعد شهر أو بعد سنة، فإنه يكون قد وقع في الربا، فليس له إلا رأس ماله، يقول تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279].
الجواب: هذا أيضاً من الخطأ، يعني: كون البضاعة تباع -قبل أن تنقل- مراراً فهذا من الخطأ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، وقد يقال: إن في ذلك مشقة إن طلبنا منه أن ينقلها إلى دكانه، ولكن نقول: عليه أن يغير مكانها، بأن ينقلها إلى مكان آخر ولو كان قريباً.
ثانياً: الاتفاق على الثمن قبل أن يشتري السلعة، هذا أيضاً أرى أنه لا يجوز، نسمع أن المستدين يأتي إلى التاجر أو يأتي إلى من عنده نقود ويقول: أريد مالاً، فيقول الدائن: كم تريد؟ فيقول: أريد عشرين ألفاً، فيتفق معه على أن يزيد في الألف أربعمائة أو خمسمائة أو ثلاثمائة، ثم يذهبون إلى أحد التجار فيقولون: أعطنا عوض عشرين ألفاً، فكونهم يتفقون على الفائدة قبل ملك السلعة هذا من الخطأ، فإنه شبيه ببيع ألف بألف وأربعمائة، ألف نقداً بألف وأربعمائة ديناً، ولو جعلوا هذه السلعة في البيعة كحيلة، والعلة في تحريم ذلك أولاً: أن هذا من الإجحاف والإضرار، كونه يبيع ما يساوي ألفاً بألف وأربعمائة، وسبب لتراكم الديون على الضعفاء والغارمين.
ثانياً: فيه تحديد للفائدة قبل أن تملك السلعة، أما لو اشترى السلعة مثلاً، أو قال لصاحب المتجر: أريد أن أشتري منك مائة كيس، ثم يشتريها ويودعها عنده أو عند غيره، فإذا جاءه المستدين، أتى به إلى هذه السلعة وقال: هذه مثلاً عشرون كيساً قيمتها ألفان، وأبيعكها بألفين وأربعمائة أو ما أشبه ذلك ديناً، اقبضها وتصرف فيها، فمثل هذا لا بأس به؛ لأنه لم يبع شيئاً إلا بعد أن ملكه، ولم يحدد الفائدة إلا وقد وقف عليها المستدين، وبهذا يتجنب المسلم إضرار إخوانه المسلمين.
الجواب: قال الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ [البقرة:279]، فنقول لذلك الذي أعطاه الستين: ليس لك إلا الستون الألف التي هي رأس مالك، وإذا أخذت أكثر منها فإنه ربا، وإذا كان ذلك قد مضى عليه سنين، فلعل ذلك داخل في قوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275].
الجواب: أرى أنه يدخل في مسألة (ضع وتعجل) أعني: أنه إذا حصل على الأربعين ألفاً جاء بها وقال له: أنا أعطيك الأربعين ألفاً -التي هي بيع نقد- على أن تسقط عني الزيادة، فيدخل هذا في مسألة (ضع وتعجل)، فيجوز للإنسان إذا كان له دين يحل مثلاً في ذي الحجة، فاحتاج إليه وقال: أعطني ديني فإني محتاج، فيقول المستدين: ضع وتعجل، يعني: دينك قيمته في الوقت الحاضر عشرون ألفاً وقد جعلته بخمسة وعشرين ألفاً، ضع الخمسة وتعجل العشرين، لعله بذلك يصلح.
الجواب: في مثل هذه الحالة لا تبعها في موضعها، فأنتم الآن ثلاثة أطراف: أنت الطرف المستدين، والذي باعك هو الذي يملك الدين، وصاحب المعرض هو صاحب السلعة، فرفيقك الذي اشتراها اشتراها بنقد، سلم ثمنها مثلاً أربعين ألفاً، وباعها عليك بخمسين ألفاً، وصاحب المعرض يريد أن يشتريها منك بتسعة وثلاثين ألفاً، فينقصك ألفاً، والحيلة في هذا أولاً: أنه إذا اشتراها من المعرض فلا بد أن يقبض مفاتيحها وأوراقها، ولا بد أن يخرجها من هذا المعرض أو ينقلها إلى معرض آخر أو إلى بيته، ويجوز أن ينقلها من مظلة إلى مظلة، ثم بعد ذلك يعرضها عليك ويقول: هذه السيارة اشتريتها بأربعين ألفاً وأبيعك إياها بخمسين ألفاً ديناً، ثم إذا التزمت واشتريتها بخمسين ألفاً فإنه بعد الكتابة يأخذ وثيقته التي هي الكتابة، وأنت لا تبعها أيضاً في موضعها حتى تغير موضعها، وتنقلها إلى مكان آخر، فإذا نقلتها جاز لك أن تبيعها على صاحب المعرض أو على غيره.
الجواب: هذا لا يسمى قرضاً وإنما يسمى عارية، يعني: إذا احتاجت مثلاً إلى حلي تتجمل به، فتستعيره وتتجمل به ثم تعيده؛ لأن القرض يملكه المقترض وله أن يتصرف فيه، ويرد مثله، وأما إذا أعيد نفسه فيسمى عارية ولا بأس بذلك.
الجواب: لا بأس إذا كانت اعتبرتها هدية، ولم تشترطيها عند الاستدانة، وإنما رأت أن تكافئك بها على الجميل، لقوله عليه الصلاة والسلام: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه).
الجواب: يعتبر من الدين، وإذا كانت عندك ثروة وقدرت على أن تسدده دفعة واحدة فهو أفضل، ويسقط عنك أيضاً بعضاً من الدين.
الجواب: نرى أنه لا بد أن ينقلها، وبعض العلماء يقول: ينقلها بما يسمى بالاستمارة، ولعل الصواب أن الاستمارة هذه إنما هي من الأنظمة، فإذا اشتراها ودخلت في ملكه، وغير مكانها وقبضها القبض الكامل جاز له أن يبيعها ولو بدون الاستمارة، وذلك لأنها قد تكلفه وقد تنقص قيمتها إذا أخرج لها رقماً وما أشبه ذلك، فنقول: إنها دخلت في ملكه بمجرد دفعه للثمن، وبمجرد تحريكها وقبضها، بحيث أن غلاءها له ورخصها عليه، ولو تلفت لذهبت عليه، فصح له أن يتصرف فيها.
الجواب: لعل الأولى أن يوكل غيرك، لأنك -ولو كنت مثلاً قد بعتها ديناً- قد تتساهل أو نحو ذلك، ومع ذلك يمكن لو أنه مثلاً قبضها، وغير موضعها، ولم يجد من يشتريها منه بنقد، ففي هذه الحال لا بأس أن يوكل المديِّن مثلاً أو غيره ليبيعها.
الجواب: لا أجوز ذلك، ويعتبر هذا ربا الجاهلية، وهو أيضاً ربا البنوك، حيث أنه إذا تأخر من اقترض منهم عن السداد فإنهم يزيدون عليه، وذلك عندما يحل الدين، ففي آخر السنة التي عليه فيها عشرون ألفاً مثلاً، إذا تأخر سنة أخرى جعلوها اثنين وعشرين ألفاً، فإن تأخر سنة ثالثة جعلوها ثلاثة وعشرين ألفاً، وهذا هو الربا الصريح.
الجواب: لا بأس إذا استدان البضاعة بعد قبضها فإنه يملك التصرف فيها، فيبعها إما على صاحب المعرض أو المخزن وإما على غيره، بشرط ألا يبيعها على الذي باعه، أي: على الذي دينه.
الجواب: لا شك أن في هذا إضرار، وذلك حينما يستدين الإنسان ليتعفف ويتزوج، فيتراكم عليه دينه ثلاثين ألفاً أو خمسين ألفاً، ثم إن أهل الدين يقتسمون مرتبه فلا يبقى له إلا خمسمائة أو أربعمائة، وبما أن لديه زوجة وعنده مسكن وقد يكون مستأجراً، فنرى الرفق بمثل هؤلاء وعدم التشديد عليهم، فإذا تأخر أحد الأقساط فلا يضايقونه بل يخففون عنه في الأقساط، ويتركون له ما يسد حاجته وفاقته.
الجواب: لا يجوز بيع التمر بالتمر، لا بد أن يكون مثلاً بمثل، فنقول لهذا الفقير: اقبض هذا التمر الرديء واذهب به إلى الأسواق، وبعه بدراهم، ثم تشتري بالدراهم تمراً جيداً، هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما جاءه بتمر ثمين فقال: إنا لنشتري الصاع من هذا بالصاعين، يعني: إن الصاع بالصاعين من الرديء، فقال له: (كفى بع الجمع) يعني: الرديء، بع الرديء بالدراهم ثم اشتر بالدراهم تمراً جيداً.
الجواب: لا بأس بذلك، وذلك لأن هذه النقود سعرها متفق، لو بعت مثلاً شاة بخمسمائة أو بعت خمس شياه كل شاة بخمسمائة، فأحد المشترين أعطاك ورقة واحدة، والثاني أعطاك خمس ورقات، والثالث أعطاك عشراً أعني: فئة خمسين، والرابع أعطاك من فئة العشرة أو فئة المائتين، فإنك لا ترد شيئاً من ذلك، فمثل هذا لا يسمى صرفاً؛ وذلك لأنها نقداً واحداً، قيمته لا تتغير.
الجواب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عليهم، وصلاته فيها شفاعة لهم، وشفاعته بلا شك تسقط ما عليه من الحقوق، فخاف أنها لا تسقط ما عليه من الحقوق للآدميين، فلذلك لم يصل إلا على من لا دين عليه، إلا إذا تُحمل، فأما نحن فلسنا مثل النبي صلى الله عليه وسلم، فنصلي عليهم وندعو لهم، والديون التي عليهم يتحملونها إما في الدنيا وإما في الآخرة.
الجواب: هذه من الأشياء المحرمة، لا يجوز ذلك، وما أخذوه فهو حرام؛ وذلك لأن الجمعيات الخيرية أو الصندوق الخيري إنما أنشئ للمستضعفين والغارمين العاجزين، فهذا الذي اتخذ هذه الحيلة أخذ ما لا يستحقه سواء هو أو الطرف الذي اتفق معه، كلاهما أكلا حراماً، فننصح من عرف شيئاً عن هؤلاء أن يرفع أمرهم إلى الجهات المختصة حتى يلاقوا جزاءهم.
الجواب: ذكر العلماء أنه إذا أُخذ نعله ووجد غيرها مكانها أنها لقطة، لكن قالوا: يأخذ قيمة نعله منها، ويعرفها إذا كانت تحتاج إلى تعريف، لكن إذا كانت مثل نعاله أو دونها، وتحقق أن صاحبها أخذ نعله، وأنه لا يردها فلا بأس أن يأخذها لأنها دون حقه.
الجواب: يقع هذا كثيراً، ونقول: إذا كانت هذه الأسهم معلومة المقدار فلا بأس، وصورة ذلك: إذا كانت هناك شركة تجارية رأس مالها مثلاً مائة ألف، وكل سهم بعشرة آلاف، فباع أحدهم نصيبه من هذه الشركة الذي هو عشرة أسهم، فكأنه باع عشر هذه التجارة، فيقول: بعتك أسهمي في هذه التجارة التي هي مثلاً أكياس أو سيارات أو أقمشة أو ما أشبه ذلك، فهذا جائز، أما إذا كانت السهام نقوداً فأرى أنه لا يجوز، كالأسهم التي في البنوك أو ما أشبهها، فإذا كان رأس المال نقوداً فإنه يكون بيع نقد بنقد من غير تقابض، وأما إذا كانت الشركة مثلاً صناعية فلا مانع أيضاً من بيع الأسهم فيها، ويجوز أيضاً إذا كانت النسبة معروفة كأن يقول: إني أملك مثلاً ثلاثة في المائة من هذه الشركة من رأس مالها ومن أرباحها، وقد جعلت رأس مالها كله -مثلاً- في مصانع وفي أدوات وفي سيارات وفي معدات وفي آلات الصناعة، فتشتري نصيبه منها، وهو شيء معلوم.
الجواب: هذا لا يحوز، عليه أن يفارق الجديدة ويجتنبها، إلى أن تضع الحامل التي طلقها حملها، فإذا وضعت حملها فعليه أيضاً أن يجدد العقد على الزوجة الرابعة الأخرى، ولا يستجيب لذلك العقد الأول فإنه باطل؛ ولا يصح له أن يجمع بين خمس.
الجواب: لا بأس في ذلك، على صاحب المال أن يشتري المزرعة بنقد، وبذلك يملكها، فإذا اشتراها مثلاً بمائتي ألف ونقد الثمن، وكتب بينهما البيع وتم العقد، له بعد ذلك أن يبعها على ذلك الذي يريد ملكيتها بدين، فيقول: اشتريتها بمائتي ألف وأبيعكها ديناً مثلاً بمائتين وخمسين أو ما يتفقان عليه أقساطاً أو أجلاً واحداً أو نحو ذلك، وعلى الذي اشتراها أن يستغلها ويحرص على أداء ثمنها.
الجواب: لا تحل له إلا برضا صاحب السيارة؛ لأنها قيمة سيارته ولو أنه قال لموكله: ما زاد على الأربعين فهو لك لجاز للوكيل أن يأخذ الزيادة، فنقول: هذه العشرة ألف ملك صاحب السيارة، وعلى الوكيل أن يخبر صاحب السيارة فيقول: بعتها بخمسين، فإذا سمح بالعشرة كلها وإلا فصاحب السيارة أحق بها، ويعطيه منها ما يستحقه كأجرة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر