يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى: إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [الأنعام:134].
ثم أما بعد:
فحديثنا اليوم هو عن الشفاعة.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم، وبـالدجال ، وبالشفاعة، وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النار بعد ما دخلوا.
أي: سيكون في هذه الأمة قوم يكذبون بمسائل من مسائل العقيدة بسبب أنها جاءت عن طريق أخبار الآحاد، وهي عندهم ظنية الدلالة، أي: تفيد الظن ولا تفيد العلم.
والحقيقة: أن أحاديث الشفاعة متواترة عند المحدثين، ولقد جمع العلماء طرق أحاديثها.
أما شبهة أن أخبار الآحاد لا يعمل بها في مجال العقائد فهذه دسيسة من قبل أعداء السنة، ولقد تولى الرد عليهم فأفحمهم الإمام الشافعي في الرسالة، وابن حزم في إحكام الأحكام، وابن القيم في الصواعق المرسلة، وبوب الإمام البخاري في صحيحه فقال: باب أو كتاب أخبار الآحاد، وللشيخ الألباني حفظه الله رسالة مستقلة في أن الحديث حجة بنفسه في مجال العقائد، وللشيخ عبد الله بن جبرين أيضاً رسالة في أخبار الآحاد وفي حجيتها في موضوع العقائد.
أهل السنة في موضوع الشفاعة وسط بين الفرق، فبعض فرق هذه الأمة كالمعتزلة والخوارج أنكرت بعض مقامات الشفاعة، وهي الشفاعة الخاصة بأصحاب الكبائر، وفريق من هذه الأمة غلا في موضوع الشفاعة فأثبتها حتى للأموات، وأطلق إثباتها، وأهل السنة وسط بين الفريقين؛ لأنهم يجمعون بين الأحاديث ولا يأخذون بحديث ويتركون آخر.
فمعنى الشفاعة في اللغة: السؤال في التجاوز عن الذنوب، ويسمى الرجل الذي يشفع: شافعاً أو شفيعاً أو مشفعاً، والذي يقبل الشفاعة يسمى: مشفعاً، وفي الحديث: (إذا بلغ الحد السلطان فلعن الله الشافع والمشفع) فالمعنى اللغوي يوافق المعنى الشرعي في الشفاعة.
فمن الآيات الواردة في نفي الشفاعة قول الله تبارك وتعالى: وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ [البقرة:48].
ويقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:254].
وقال تعالى: أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنقِذُونِ [يس:23].
هذه ثلاث آيات في نفي الشفاعة.
وهناك آيات في نفي الشفيع، يقول الله تبارك وتعالى: وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الأنعام:51].
وقال تعالى: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ [الأنعام:70].
ويقول الله تبارك وتعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18].
وقال تعالى أيضاً: فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ [الشعراء:100] فهذه الآيات تنفي الشفيع.
وهناك آيات تثبت الشفاعة والشفيع، يقول الله تبارك وتعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255]، فيكون هناك شفاعة بعد إذن الله تبارك وتعالى.
ويقول الله تبارك وتعالى: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:28].
أما الآيات الواردة لإثبات الشفيع فمنها قول الله تبارك وتعالى: يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا [طه:109].
إذاً: فكيف تجمع بين آيات تثبت الشفاعة وآيات تنفي الشفاعة؟
يقول الله تبارك وتعالى أيضاً: وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف:86]، (إلا) هنا استثناء ناقص أي: الذين يعبدون الأوثان لا يملكون الشفاعة، لكن يملكها الذين يشهدون بالحق.
مثال للاستثناء الناقص: قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا [الواقعة:25-26] يعني: لا يسمعون كلام اللغو والإثم، وإنما قول: (سلاماً).
فنقول: الجمع بين الآيات المثبتة للشفاعة والآيات النافية للشفاعة: أن الآيات النافية للشفاعة المقصود بها نفي الشفاعة التي تطلب من غير الله ابتداءً؛ لقول الله تبارك وتعالى: قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا [الزمر:44].
والآيات التي تثبت الشفاعة نجمع بينها وبين الآيات النافية: أن هناك إثباتاً للشفاعة بشروط وهي:
أولاً: قدرة الشافع على الشفاعة، يعني: فلا يستشفع الشخص بأموات لطلب مسألة من مسائل الدنيا! يقول الله تبارك وتعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ [سبأ:22] يعني: لا يوجد شخص يقول لك: أنا أذهب إلى قبر البدوي وأقول له: اشفع لابني يدخل (بكالوريوس) وينجح في دراسة (البكالوريوس) مجال الطب، هذه لا يملكها.
الشرط الثاني: إسلام المشفوع له، ويستثنى من ذلك عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طالب.
يقول المولى تبارك وتعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18].
أهل التكفير والهجرة يقولون: هذه الآية تنفي الشفاعة لأن الظالم هو مرتكب الكبائر، فدلت الآية على نفي الشفاعة.
نقول: قال علماء التفسير: الظالمون هنا المقصود بهم الكافرون، قال هذا الحافظ ابن كثير ، وقال هذا أيضاً الإمام البيهقي .
قال البيهقي : الظالمون ها هنا هم الكافرون، يشهد لذلك مفتتح الآية، إذ هي في ذكر الكافرين، ويقول الإمام ابن كثير : أي: ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم، ولا شفيع يشفع لهم مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18] أي: ما للكافرين من حميم ولا شفيع يطاع، يستثنى من ذلك أبو طالب ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يشفع له يوم القيامة؛ فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ إلى كعبيه، وتوضع الجمرة في أخمص قدمه يغلي منها دماغه، فنفعته شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشرط الثالث: الإذن للشافع: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255] ولذلك يقول المولى عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم: (ارفع رأسك، واشفع تشفع) وذلك حين يأتي للشفاعة العظمى يسجد تحت العرش.
الشرط الرابع: الرضا عن المشفوع له، قال تعالى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى [النجم:26] أي: ويرضى عن المشفوع له.
هناك بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة في نفي الشفاعة، ومن الأحاديث التي وضعتها فرقة المعتزلة ونسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)، هذا الحديث لا أصل له، كما ورد في كتاب: أسمى المطالب.
وأيضاً هناك حديث وضعته الشيعة: (ثلاثة أنا شفيع لهم يوم القيامة: الضارب بسيفه أمام ذريتي، والقاضي لهم حوائجهم عندما اضطروا إلي، والمحب لهم بقلبه ولسانه) .
فيأتون نوحاً عليه السلام، ثم بعد ذلك يأتون إبراهيم، ثم بعد ذلك يأتون عيسى، ثم يقول لهم عيسى: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتون محمداً فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاتم الأنبياء، قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأقول: أنا لها أنا لها، فأنطلق فآتي تحت العرش، فأسعى ساجداً لربي عز وجل، ثم يفتح علي من المحامد وحسن الثناء ما لم يفتحه على أحد من قبلي، ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعط واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب! أمتي يا رب! فيقال: يا محمد! أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب
)، هذا حديث في شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.ومعنى هذا في هذا الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحد له ثلاثة حدود: أخرج من النار من كان في قلبه مثقال برة من إيمان.. أخرج من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان.. أخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
وهناك حديث آخر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يرويه عنه الحسن البصري : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحد له أربعة حدود يشفع فيهم، ثم لا يبقى بعد ذلك إلا قوم نطقوا بالشهادتين، ولم يأتوا بحسنة واحدة، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفع فيهم فلا يشفع، فيقول الله عز وجل: ليست هذه لك، إنما هي لي هؤلاء عتقائي من النار) يعيرهم أهل النار يقولون: كنتم تعبدون ربكم وكنا لا نعبده، وأنتم معنا في النار؛ فيرسل الله عز وجل ملكاً بكف من ماء فينضحه عليهم، فيخرجون من النار، فلو ضيّفهم واحد من أهل الجنة لوسعهم، وهؤلاء يقال لهم: المحررون.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم لـأبي بن كعب : (أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إلى الله تبارك وتعالى: هون على أمتي. فرد إلي ثانية: اقرءوا على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي. فرد إلي الثالثة: اقرءوا على سبعة أحرف، فلك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها. فقلت: اللهم اغفر لأمتي.. اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم) .
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم من غير فخر).
وعن ابن طاوس عن أبيه قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنه يقول: اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى، وارفع درجته العليا، وأعطه سؤله في الآخرة والأولى، كما آتيت إبراهيم وموسى.
كل هذه أحاديث في إثبات الشفاعة، والشفاعة العظمى هي المقام المحمود، قال تعالى: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، وقد ورد حديث ضعيف في تفسير المقام المحمود بغير الشفاعة، وأنه الجلوس على العرش.
وقد شنع الكوثري على أهل السنة لأجل هذا الحديث الضعيف الذي ذكر فيه أن المقام المحمود أن الله عز وجل يجلس النبي صلى الله عليه وسلم على العرش، ونسبوا هذا إلى الدارقطني ، ومجاهد ، وقال في هذا ابن القيم بيتين من الشعر في النونية، ثم حرر هذه المسألة تحريراً طيباً جميلاً الشيخ الألباني رد فيه على الكوثري في مقدمة مختصر العلو وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح في تفسير المقام المحمود بأنه الشفاعة العظمى.
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان شفاعته لأهل الكبائر: (إنه خيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة، قلنا: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلنا من أهلها؟ قال: هي لكل مسلم).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم أيضاً في الحديث الذي أخرجه ابن ماجة : (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)، كل هذه أحاديث واردة في إثبات الشفاعة لأهل الكبائر.
وهؤلاء قوم سيدخلون النار، فيعيرهم أهل النار فيقولون: أنتم كنتم تعبدون الله ولا تشركون به أدخلكم النار، فيحزنون لذلك، فيبعث الله عز وجل ملكاً بكف من ماء فينضح بها في النار، ويغبطهم أهل النار، ثم يخرجون ويدخلون الجنة، فيقال لهم: انطلقوا فتضيفوا الناس لو أن جميعهم نزلوا برجل واحد كان لهم عنده سعة ويسمون: المحررين، وهذا الحديث حديث صحيح.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وعدني ربي سبعين ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفاً وثلاث حثيات من حثيات ربي).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفاً بغير حساب، فقال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سألت الله عز وجل الشفاعة لأمتي، فقال: لك سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب قال: قلت: رب زدني، قال: فإنك لك مع كل ألف سبعين ألفاً قال: قلت: رب زدني، قال: فحثا بين يديه وعن يمينه وعن شماله، فقال
كذلك يشفع المصطفى صلى الله عليه وسلم في دخول الناس الجنة يقول: (أنا أول شافع في الجنة)، يعني: يشفع في دخول الناس الجنة، وهذه شفاعة عظيمة.
كذلك دعاؤه صلى الله عليه وسلم لـعامر بن الأكوع الذي قتل بعد غزوة حنين، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر لعبيدك
وقلنا أيضاً: له شفاعة لعمه أبي طالب ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ الكعبين؛ فيغلي منهما دماغه).
نعم، يشفع المؤمنون والشهداء والملائكة.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين: ربيعة ومضر).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ليخرجن من النار بشفاعة رجل ما هو بنبي أكثر من ربيعة ومضر).
قال الحسن : كانوا يرون أنه عثمان رضي الله عنه أو أويس القرني .
وهناك شفاعة للأولاد يشفعون في آبائهم! يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقال: باستغفار ولدك لك).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أطفال المسلمين الذين يموتون قبل الحلم وصغارهم دعاميص، الجنة يتلقى أحدهم أباه -أو قال: أبويه- فيأخذ بثوبه -أو قال: بيده- كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا، فلا يتناهى -أو فلا ينتهي- حتى يدخله الله الجنة).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحلم إلا أدخلهما الله وإياهم بفضل رحمته الجنة، فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يجيء أبوانا، ادخلوا الجنة، حتى يجيء أبوانا، ادخلوا الجنة، حتى يجيء أبوانا، فيقولون مثل ذلك؛ فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم)، وهذا من كرم الله تبارك وتعالى!
وهناك حديث موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح له حكم الرفع يقول فيه: (اقرءوا القرآن؛ فإنه نعم الشفيع يوم القيامة، يقول القرآن يوم القيامة: يا رب حله حلة الكرامة).
كل أهل الجنة لا يدخلون الجنة إلا وعلى رءوسهم التيجان؛ حتى تقول الملائكة للجنة: طوبى لك يا دار الملوك وحامل القرآن له تاج خاص بالقرآن، وإن كان شهيداً فله كذلك تاج خاص، وقد يلبس ثلاثة تيجان، يقول أبو هريرة : (اقرءوا القرآن؛ فإنه نعم الشفيع يوم القيامة، إنه يقول يوم القيامة: يا رب! حله حلة الكرامة .. يا رب! اكسه كسوة الكرامة، فيكسى كسوة الكرامة يا رب! أرض عنه، فليس بعد رضاك شيء).
وعن عبد الله بن عمر في الصحيح الموقوف عليه قال: (يجيء القرآن يشفع لصاحبه فيقول: يا رب! لكل عامل عمالة من عمله، وإني كنت أمنعه لذة النوم فأكرمه، فيقال: ابسط يمينك فيملأ من رضوان الله، ثم يقال له: ابسط شمالك فيملأ من رضوان الله، ثم يكسى كسوة الكرامة، ويحلى حلية الكرامة، ويلبس تاج الكرامة) .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (من صبر على لأوائها - أي: على شدة المدينة - كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة).
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله لي الوسيلة، فإنه لا يسألها لي عبد في الدنيا إلا كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى على محمد صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له شفاعتي)، وهذا الحديث إسناده حسن.
أما قول من قال: (من زار قبري وجبت له شفاعتي) فالحديث ضعيف.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (نعم الرجل المسلم يقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه).
فبعض الناس تعودت ألسنتهم على اللعن؛ والجزاء من جنس العمل، فإن اللعن دعاء بالطرد من رحمة الله، فإن لم يكن هو لها أهلاً رجعت عليك.
كذلك من كذب بالشفاعة لا يشفع في الناس، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (من كذب بالشفاعة فليس له فيها نصيب)، الذي يكذب بالشفاعة كان جزاؤه من جنس عمله، فلا تقبل شفاعته يوم القيامة.
قد تقبل شفاعته في الدنيا، كأن صادف سارقاً سيذهبون به إلى الحاكم يقول: اتركوه يا جماعة! استروا عليه ربنا يستر علينا وعليكم في الدنيا والآخرة هل تجوز؟
والزبير بن العوام شفع في سارق، لكن هذا إذا لم يصل الأمر إلى السلطان، فإذا وصل الأمر إلى السلطان فلا عفا الله عنا إن عفونا عنه.
كان صفوان بن أمية بن خلف نائماً في المسجد، وثوبه تحت رأسه، فجاء سارق فأخذه، فأتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر السارق، فقال صفوان : يا رسول الله! أيقطع رجل من العرب في ثوب، قد عفوت عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفلا كان هذا قبل أن تجيء به؟ ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي، فإذا وصل إلى الوالي فعفا فلا عفا الله عنه، ثم أمر بالقطع من المفصل) .
وقال ابن الجوزي في التنقيح: وحديث صفوان حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده.
المولى عز وجل يضاعف الأجر كرماً منه وتفضلاً لبعض خلقه، فيعطيهم الأجر مرتين، ومن هؤلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فقد صح عن ابن مسعود (أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده يوعك وعكاً شديداً، فقال له: يا رسول الله! إنك لتوعك وعكاً شديداً! قال: إني لأوعك كما يوعك الرجلان منكم قال: ذلك أن لك أجرين؟! قال: نعم) .
فرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيه الله عز وجل أجره مرتين.
ومنهم أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن:
يقول الله عز وجل: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ [الأحزاب:31].
كذلك مؤمن أهل الكتاب الذي آمن بنبيه ثم آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، يعطيه الله عز وجل أجره مرتين:
يقول الله عز وجل: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ [القصص:52-54].
ويقول علماء الضرار: إن النصارى يدخلون الجنة، فعلماء الوحدة الوطنية يقولون: إن النصارى ليسوا كفاراً، وسيدخلون الجنة؛ لأن هؤلاء مؤمنون برسولهم.
ويحاولوا أن يقرروا كلامهم هذا فيقولون: يقول الله: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ [المائدة:82]، لكن الآية التي بعدها تبين أنهم آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالذين يعطيهم الله عز وجل أجراً ومغفرة رجل آمن بنبيه ثم آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، كـعبد الله بن سلام آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (يا رسول الله! إن اليهود قوم بهت، فدخل فاحتبسه صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا معشر يهود! ماذا تقولون في
كذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران).
كذلك الحاكم المجتهد إذا أصاب الحق له أجران:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد).
كذلك المرأة التي تتصدق على زوجها وهي غنية، فتعطي زوجها ولا تعيره لفقره:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة على ذي قرابة يضاعف أجرها مرتين).
وأخرج الشيخان عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قالت: (جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجارات من الأنصار حاجتها حاجتي فخرج علينا
كذلك ممن يؤتيهم الله عز وجل أجرهم مرتين: طالب العلم الذي يبلغه الله عز وجل أمنيته في العلم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من طلب علماً فأدركه كتب الله له قسمين من الأجر، ومن طلب علم ولم يدركه كتب الله له قسماً من الأجر).
كذلك ممن يعطيهم الله عز وجل أجرهم مرتين: الذي يواظب على صلاة العصر:
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الصلاة فرضت على من كان قبلكم - يعني: العصر - فضيعوها، فمن حفظها اليوم فله أجرها مرتين).
كذلك المجاهد الذي يقتل نفسه خطأ له أجران، كما ثبت في حديث سلمة بن الأكوع قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر وكان سيف
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للماشي في الجنازة قيراطان، وللراكب قيراط).
كذلك الصابرون يعطيهم الله عز وجل أجرهم مرتين، قال تعالى: أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا [القصص:54].
فاكظموا الغيظ، فالذي يكظم الغيظ حتى تأتي الفرصة فيعفو له الأجر مرتين، ومن كتم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه له أجر عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظه وهو قادر على أن ينفذه ملأ الله قلبه نوراً يوم القيامة)، صححه الألباني.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة فتوجه على رءوس الأشهاد وزوجه من الحور العين ما يشاء) .
فاكتموا غيظكم، وحولوه إلى دعوة إلى الله، ولو أن كل أخ دعا عشرة إخوة وكل أخت دعت عشر أخوات إلى الله تبارك وتعالى، وصدقوا الله تبارك وتعالى في دعوة هؤلاء فإن الله يضاعف عدد الإخوة في مصر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
الجواب: مشاهد القيامة مشاهد غريبة لا يتدخل الإنسان فيها بعقله، فتصوروا مثلاً حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (يؤتى بالموت على هيئة كبش ويذبح ما بين الجنة والنار).
هل يستطيع إنسان أن يتصور أن الموت يأتي في صورة كبش؟ وهذا مخلوق؛ فكيف بصفات الخالق! القرآن من كلام الله تبارك وتعالى، والكلام صفة من صفات الله تبارك وتعالى، هل يستطيع الإنسان أن يكيف الصفة؟ نحن لا نسأل عن الكيفية، وإنما نؤمن بذلك ونصدقه.
الجواب: هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على أقوال، وجمهور أهل العلم منهم الشافعية والمالكية والحنفية وفريق من الحنابلة على رأسهم ابن قدامة الحنبلي ذهبوا إلى أن تارك الصلاة تكاسلاً ليس بكافر، وذهب بعض الحنابلة إلى أن تارك الصلاة كافر، ومنهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ ابن باز ، والشيخ ابن عثيمين له عندي نص الفتوى التي أرسلها إلي، حيث قال: لو أن عامياً قلد مفتيه وكان مفتيه يقول بأن تارك الصلاة غير كافر ولا يخلد في النار، فقلده في ذلك لا يكفر.
وهذه مسألة مختلف فيها، فجمهور أهل العلم على عدم كفر تارك الصلاة، والذي يرجح هو من يملك أداة الترجيح.
واستدل جمهور أهل العلم بحديث عبد الله بن مسعود أن الرسول صلى الله عليه وسلم: (يأتي قوم لا يعلمون من الإسلام شيئاً لا يدرون ما صلاة ولا زكاة، لا يعلمون إلا قول لا إله إلا الله)، وبأحاديث الشفاعة، وهذا خلاف معتبر، والله أعلم.
الجواب: لا تعارض بين الحديثين، فالحديث الأول الذي ذكرناه يدل على جواز الشفاعة في الحدود ما لم يصل الأمر إلى السلطان، والحديث الثاني يبين أنه إذا وصل الأمر إلى الوالي لا تجوز الشفاعة عند ذلك، فلا تعارض بين الحديثين، فهذا حديث يثبت الشفاعة قبل أن يصل الأمر إلى الوالي، أما إذا وصل الأمر إلى الوالي فليست هناك شفاعة، وفي آخر حديث صفوان : (فإذا وصل الأمر إلى الوالي فلا عفا الله عني إن عفوت) فليس هناك تعارض.
الجواب: الحديث يبين أنهم إن لم يبلغوا الحلم.
الجواب: التنكيس المنهي عنه هو التنكيس في نفس السورة، فلقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في قيام الليل: فقرأ بالبقرة ثم النساء، ثم آل عمران، فهذا فيه جواز التنكيس في غير السورة الواحدة.
الجواب: لم يثبت هذا، وإنما الثابت في كتب الرقائق كما ذكر ابن الجوزي ، وابن رجب الحنبلي ، وابن أبي الدنيا ، وما ذكر في وصايا العلماء عند الموت: أنه لما جاءته الوفاة أخرج فاطمة من عنده ثم قال: مرحا بوجوه ليست بوجوه إنس ولا جان! ثم تلا قول الله تبارك وتعالى: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83]، قالت فاطمة : فدخلت عليه فإذا هو ميت، والله وأعلم.
هذا هو الثابت في البداية والنهاية، وصفة الصفوة أو حلية الأولياء أو كتاب ابن الجوزي عن موت عمر بن عبد العزيز ولم يثبت غيره، والله أعلم.
الجواب: يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (واعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت).
أهل السنة والجماعة قالوا في مسألة الرؤية: إنها غير ثابتة لأحد من البشر غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكليم الرحمن موسى عليه السلام من أولي العزم ولم ير ربه، فما ظنك بمن دونه!؟ أما بالنسبة لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في دار الدنيا فقد اختلف فيها أهل العلم على قولين، وجمهور أهل السنة والجماعة على أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم ير ربه عياناً، وإنما رآه مناماً، كما ثبت في حديث الترمذي الذي سأل عنه محمد بن إسماعيل البخاري فقال: حديث حسن صحيح، وهو حديث: (رأيت ربي فيما يرى النائم في أحسن حلة) .
فقالوا: إنه رآه مناماً، أما الرؤية الحقيقية فجمهور أهل العلم أنها لم تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم عائشة رضوان الله عليها، والذين أثبتوا الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ابن عباس رضي الله عنه، وابن عباس جاءت عنه الروايتان، رواية مطلقة ورواية مقيدة، رواية مطلقة تبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه، ورواية مقيدة تبين أنه رأى ربه بعين فؤاده.
والعلماء الذين جمعوا بين الروايتين قالوا: الرواية المطلقة تحمل على المقيدة، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بعين فؤاده.
وبعض أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر العسقلاني ، والإمام القرطبي توقف في مسألة إثبات الرؤية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والرؤيا مناماً لله تبارك وتعالى من أحد البشر كل بكيفيته.
الجواب: مذهب الإمام أحمد بن حنبل أنه يجوز ذلك عند الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، والأولى أن تبعث للشيخ ابن عثيمين رسالة في ذلك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر