إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [575]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • قد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبغي على المسلم إذا استيقظ من الليل، من ذكر الله عز وجل والثناء عليه بما هو أهله، بحيث لو دعا بعد ذلك استجيب له، فإن قام وتوضأ ثم صلى قبلت صلاته، وهذا فضل من الله عز وجل على عباده. وكذلك جاءت الأحاديث في مشروعية الذكر عند النوم، وأنه من أسباب القوة والنشاط عند القيام بالأعمال الصالحة.

    1.   

    بيان ما يقول الرجل إذا تعار من الليل

    شرح حديث (من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    [ باب ما يقول الرجل إذا تعار من الليل.

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا الوليد قال: قال الأوزاعي : حدثني عمير بن هانئ حدثني جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم دعا: رب اغفر لي -قال الوليد: أو قال: دعا- استجيب له؛ فإن قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته) ].

    أورد أبو داود [ باب ما يقول الرجل إذا تعار من الليل ] يعني: من استيقظ من الليل وذكر الله عز وجل، وقد مر الحديث في التعار من الليل وأنه الاستيقاظ.

    وقيل: إن المقصود به هيئة الاستيقاظ وأنه يحصل منه صوت أو يحصل منه تمط، ولكنه كما هو معلوم سواء حصل هذا أو لم يحصل المهم أنه إذا قام من نومه واستيقظ فإنه يذكر الله عز وجل.

    قوله: [ (من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) ] وهذا ثناء على الله عز وجل فيه الاعتراف بأُلوهيته، وأنه هو الإله الحق وحده لا شريك له الذي لا تكون العبادة إلا له، و(لا) نافية و(إله) اسمها فهي نافية للجنس أي: نافية لجنس الإله، إلا أن يكون بحق وهو الله سبحانه وتعالى، والتقدير لا إله حق إلا الله، ولا يكون التقدير لا إله موجود فإن هذا كلام غير صحيح؛ لأنه مخالف وغير مطابق للواقع؛ لأن الآلهة موجودة مع الله من ناحية الوجود، وتعبد من غير الله، لكن الآلهة التي تعبد من غير الله تعبد بغير حق.

    فإذاً: (لا إله حق إلا الله) هذا هو الذي يستقيم به المعنى ويكون مطابقاً للواقع، أما إذا قدر لا إله موجود فإنه يكون باطلاً وغير مطابق للواقع ويكون كذباً؛ لأن الآلهة والمعبودات التي يعبدها المشركون والكفار موجودة، منهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الجن ومنهم من يعبد الشجر ومنهم من يعبد الحجر وكل هذه أمور موجودة، ولكن المعبود بحق والإله بحق هو الله سبحانه وتعالى.

    قوله: [ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) ] كلمة (وحده) مؤكدة لـ(إلا الله)، و(لا شريك له) مؤكدة للنفي في (لا إله) لأن (وحده لا شريك له) تعادل (إلا الله) ومعناها: لا شريك لله بل هو الإله وحده.

    إذاً: فالجملة الأخيرة مؤكدة للجملة قبلها وهي لا إله إلا الله إلا أنها مقلوبة ليست على الترتيب الأول، وهي مؤكدة للإثبات الذي في الآخر فصار التأكيد في الإثبات متصلاً بعضه ببعض (إلا الله وحده).

    قوله: [ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد) ] أي: فهو مالك الملك وهو الذي بيده الملك وهو الذي يحمد على كل حال.

    قوله: [ (وهو على كل شيء قدير) ] أي: لا يعجزه شيء، بل هو قدير على كل شيء سبحانه وتعالى، وهذا لفظ عام لا يستثنى منه شيء، وأما قول المتكلمين المتكلفين: وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر، فهذا من التكلف، نعم. ذات الله شيء، لكنها لا تدخل تحت قوله: وهو على كل شيء قدير، مع ما يدخل تحت قدرة الله عز وجل في كونه يوجد ويميت ويحيي.

    وتفسير الجلالين مع اختصاره ووجازته ما سلم من مثل هذا التكلف، فإنه عند ختام سورة المائدة وهي: عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:120] قال: وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر، مع أنه مختصر جداً ومع ذلك يأتي بهذا الباطل ويحافظ عليه ولا ينسى، مع أنه تكلف وكلام باطل.

    قوله: [ (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوله إلا بالله) ]

    هذه خمس جمل: سبحان الله: وهي تنزيه لله عز وجل، والحمد يأتي للإثبات، فهناك تنزيه وإثبات، فالمحامد هي إضافات تضاف إلى الله عز وجل، وأما سبحان فإنه تنزيه لله عز وجل عما لا يليق به؛ ولهذا يأتي كثيراً في بعض الأحاديث: (سبحان الله وبحمده) فيجمع بين التسبيح والتحميد؛ لأن هذا تنزيه وهذا إثبات، هذا نفي وهذا إثبات، فيكون الإنسان جامعاً بين هذا وهذا.

    ولا إله إلا الله هذه كلمة الإخلاص وكلمة التوحيد.

    ولا حول ولا قوة إلا بالله، يعني: أن الإنسان يبرأ من الحول والقوة، وأنه لا يحصل ذلك إلا بالله ولا يقدر على ذلك إلا بإقدار الله، وأن كل شيء يرجع إلى قدرة الله وإلى مشيئة الله وإرادته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وكما قال عليه الصلاة والسلام في وصيته لـابن عباس : (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)، ثم ما يحصل عن طريق الناس من الإحسان هو من الله عز وجل الذي سخرهم، وهو الذي وفقهم لأن يحصل منهم الإحسان لمن حصل منه الإحسان، وهو الذي وفق لدفع الشر ممن فيه شر عن وصول الشر إلى من يريدون إيصاله إليه، فالله عز جل إذا شاء شيئاً وجد سواء كان خيراً أو شراً، لا يقع في ملك الله إلا ما شاءه الله.

    فلا يقع في الوجود شيء إلا بمشيئته وإرادته، سواء كان نافعاً أو ضاراً.

    والله أكبر تعظيم لله عز وجل، وأنه أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء، وكل شيء ضئيل أمام عظمته وكبريائه سبحانه وتعالى.

    قوله: [ (ثم دعا: رب اغفر لي) ]

    يأتي كثيراً في أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم التمهيد للطلب والدعاء بتعظيم الله عز وجل وتقديسه وتنزيهه وتمجيده والثناء عليه، وهذا من أسباب قبول الدعاء، مثل ما جاء في قصة الرجل الذي دعا دون حمد وثناء، فقال عليه الصلاة والسلام: (عجل هذا) حيث دعا ولم يحمد الله ولم يصل على رسوله صلى الله عليه وسلم.

    ولهذا شرع في صلاة الجنازة قبل الدعاء للميت في الصلاة قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، والصلاة على النبي صلى عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية، ثم الدعاء بعد الثالثة، فيكون قد سبق بشيء هو من أسباب قبول الدعاء، فهديه عليه الصلاة والسلام أنه في كثير من الأدعية تكون الأدعية مسبوقة بحمد وثناء وتمجيد وتعظيم وتنزيه لله سبحانه وتعالى.

    [ (قال الوليد أو قال: دعا استجيب له) ].

    يعني أن الوليد قال: دعا، وما قال: رب اغفر لي، فهو شك، هل قال هذا أو قال هذا، فكلمة (دعا) عامة، وكلمة (رب اغفر لي) دعاء خاص وهو طلب المغفرة.

    قوله: [ (فإن قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته) ].

    يعني: فإن حصل منه أن قام من الليل وذكر الله بهذا الذكر ثم قام وتوضأ وصلى قبلت صلاته؛ لأنه أخذ بأسباب القبول، حيث وجد منه هذا الذكر وهذا الثناء على الله عز وجل، ثم أضاف إلى ذلك أن هب من نومه فتوضأ وصلى، فتقبل صلاته.

    قوله: [ (من تعار من الليل) ] يدخل في هذا ما إذا استيقظ من غير إرادة منه، أو عمل شيئاً ينبهه ليقوم، فكل ذلك داخل؛ لأن كله استيقاظ سواء كان بسبب أو بغير سبب.

    تراجم رجال إسناد حديث (من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...)

    قوله: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ].

    عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي هو ثقة، وهو الملقب دحيم ودحيم مأخوذة من عبد الرحمن أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

    [ حدثنا الوليد ].

    هو الوليد بن مسلم الدمشقي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ قال: قال الأوزاعي ].

    هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي فقيه الشام ومحدثها، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثني عمير بن هانئ ].

    عمير بن هانئ وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثني جنادة بن أبي أمية ].

    جنادة بن أبي أمية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عبادة بن الصامت ].

    عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث (أن رسول الله كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حامد بن يحيى حدثنا أبو عبد الرحمن قال حدثنا سعيد -يعني ابن أبي أيوب - حدثني عبد الله بن الوليد عن سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك، اللهم أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك، اللهم زدني علماً ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ].

    أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك) يعني: فيه كلمة الإخلاص وفيه تنزيه الله عز وجل.

    قوله: [ (اللهم أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك) ].

    يعني: أسألك مغفرة الذنوب وحصول الرحمة.

    قوله: [ (اللهم زدني علماً) ].

    يعني: زيادة علم وطلب المزيد لما عنده من العلم.

    قوله: [ (ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني) ].

    يعني: أن الله قد هداه ووفقه وجعله من المسلمين، فالمسلم عندما يكون كذلك يدعو الله بهذا الدعاء فيقول: (رب لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني)؛ لأن القلوب بيد الله عز وجل يصرفها كيف يشاء؛ لأن الإنسان قد يكون سليماً فيمرض وقد يكون مريضاً فيسلم، وقد يكون على خير فيتحول إلى شر والعياذ بالله، ويكون على شر ويتحول إلى خير، والعبرة بالخواتيم كما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (رب لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني) فالإنسان إذا ظفر بالهداية فليسأل الله تعالى الثبات عليها وعدم الزيغ عنها.

    قوله: [ (وهب لي من لدنك رحمه إنك أنت الوهاب) ] .

    تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك ..)

    قوله: [ حدثنا حامد بن يحيى ].

    حامد بن يحيى مر ذكره.

    [ حدثنا أبو عبد الرحمن ].

    هو عبد الله بن يزيد المقرئ وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب ].

    سعيد بن أبي أيوب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثني عبد الله بن الوليد ].

    عبد الله بن الوليد وهو لين الحديث، أخرج له أبو داود والنسائي .

    [ عن سعيد بن المسيب ].

    سعيد بن المسيب وهو ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عائشة ].

    عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    والحديث فيه هذا الرجل الذي هو عبد الله بن الوليد وهو لين الحديث، ولين الحديث هو الذي لا يقبل حديثه ولا يحتج بحديثه إلا إذا توبع.

    1.   

    ما جاء في التسبيح عند النوم

    شرح حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً لتعينها وتخدمها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التسبيح عند النوم.

    حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة ح وحدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة المعنى عن الحكم عن ابن أبي ليلى ، قال مسدد : قال: حدثنا علي رضي الله عنه قال: (شكت فاطمة رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى في يدها من الرحى، فأتي بسبي فأتته تسأله فلم تره، فأخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبرته، فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم فقال: على مكانكما، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم) ].

    أورد أبو داود [ باباً في التسبيح عند النوم ] التسبيح هو قول: سبحان الله.

    أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه، أن فاطمة رضي الله عنها شكت ما يحصل لها من الرحى، يعني: كونها تطحن ويحصل لها تعب بسبب الطحن وتتأثر يدها، فالرسول صلى الله عليه وسلم جاءه سبي فذهبت فاطمة لتطلب منه أن يمنحها وأن يهب لها خادماً تخدمها وتقوم بهذه المهمة عنها، فلم تجد النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرت عائشة بحاجتها وانصرفت، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغه الخبر فجاء إليهما وقد أخذا مضاجعهما، فأرادا أن يقوما فقال: (مكانكما) يعني: ابقيا على ما أنتما عليه.

    فجلس بينهما ثم قال: (ألا أدلكما على خير مما سألتما) وهو خطاب للاثنين، وإن كان الطلب من فاطمة رضي الله عنها فهي التي ذهبت فتحمل التثنية على أساس أنهما مشتركان في الرغبة، وأنه حصل بينهما تفاهم على هذه الرغبة، ولهذا هو أخبر بالذي قد حصل، وأنها ذهبت لتطلب تحقيق هذه الرغبة التي هي رغبة للجميع، ثم أيضاً هو يرغب في أن يحصل لها راحة وأن يحصل لها من يساعدها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهما إلى أن يذكرا الله بهذا الذكر عند النوم وهو أن يسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، ويحمداه ثلاثاً وثلاثين، ويكبراه أربعاً وثلاثين، فيكون العدد مائة وقال: (إن هذا خير لكما من خادم) وجاء في بعض الروايات أنه جعل ذلك السبي لليتامى الذين قتل آباؤهم في بدر.

    والحاصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحقق الرغبة فيما طلباه، وإنما أرشدهما إلى شيء يكون فيه قوة لهما بإذن الله، بحيث لا يحتاجان معها إلى خادم؛ لأن هذا الثناء على الله عز وجل يكسبهما قوة ويكسبهما نشاطاً، والله عز وجل يجعل عندها من القوة ما ترتاح إلى عملها وإلى القيام بهذا الجهد الذي تقوم به، وأن يكون ذلك خيراً من ذلك الخادم الذي طلبته.

    قوله: [ (فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا لنقوم فقال: على مكانكما، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم) ] هذا لا يدل على جواز دخول الأب على بنته مع زوجها في حال الفراش؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حصل منه هذا الشيء وهو المشرع، ولكن كون الأب عندما يأتي عليه أن يستأذن ويتكلم لا أن يفتح الباب ويدخل عليهما وهما على هذه الحالة، بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم حصل منه ذلك؛ لأنه ليس لكل أحد أن يحصل منه مثل ما حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد يحصل لهما حرج، فالذي ينبغي للأب أن يستأذن؛ حتى يرتبان أنفسهما ويستقبلانه، أما كونه يأتي ويفتح عليهما باب غرفة النوم ويدخل عليهما وقد يكونان على حالة لا ينبغي له الدخول عليهما فيها، فلا.

    تراجم رجال إسناد حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً لتعينها وتخدمها

    قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

    حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

    [ حدثنا شعبة ].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ ح وحدثنا مسدد ].

    ح للتحول من إسناد إلى إسناد ومسدد هو ابن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

    [ حدثنا يحيى ].

    هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن شعبة ].

    شعبة مر ذكره.

    [ المعنى ].

    يعني: أنهما متفقان في المعنى.

    [ عن الحكم ].

    هو الحكم بن عتيبة الكندي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    ويأتي كثيراً تصحيف اسم أبيه بعتبة في بعض الكتب وهو عتيبة وليس عتبة .

    [ عن ابن أبي ليلى ].

    هو عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ قال مسدد : قال: حدثنا علي ].

    يعني: أنه ذكر لفظ ابن أبي ليلى في روايته عن علي أنه قال: حدثنا علي .

    وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن هشام اليشكري حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي الورد بن ثمامة قال: قال علي رضي الله عنه لـابن أعبد : (ألا أحدثك عني وعن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! وكانت أحب أهله إليه، وكانت عندي، فجرت بالرحى حتى أثرت بيدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وقمت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها وأصابها من ذلك ضر، فسمعنا أن رقيقاً أتي بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك، فأتته فوجدت عنده حداثاً، فاستحيت فرجعت، فغدا علينا ونحن في لفاعنا، فجلس عند رأسها، فأدخلت رأسها في اللفاع حياء من أبيها، فقال: ما كان حاجتك أمس إلى آل محمد؟ فسكتت، مرتين، فقلت: أنا والله أحدثك يا رسول الله، إن هذه جرت عندي بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها، وبلغنا أنه قد أتاك رقيق أو خدم، فقلت لها: سليه خادماً) فذكر معنى حديث الحكم وأتم ].

    أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه تفصيل للطريقة التي حصل فيها سؤال الخادم، وأن علياً رضي الله عنه ذكر الأمور التي جعلتها تقدم على هذا الطلب، وكذلك هو معها راغب في تحقيق هذا الطلب، وأنها ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدت ناساً يتحدثون عنده، فرجعت ولم تكلمه؛ لأنه مشغول مع هؤلاء يتحدث معهم، فجاء إليهما في مرقدهما وفي منامهما وسألها عن حاجتها.

    قوله: [ قال: فذكر معنى حديث الحكم وأتم ].

    يعني: ذكر معنى حديث الحكم الذي مر ذكره وفيه زيادة على ذلك، والحديث فيه ما يتعلق بحديث الحكم من ناحية أنها طلبت والرسول صلى الله عليه وسلم أرشدهما إلى ما يغني عن الخادم، وهذا ثابت في الطريق الأولى، وأما هذه الطريق ففيها ضعف.

    تراجم رجال إسناد حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً من طريق ثانية

    قوله: [ حدثنا مؤمل بن هشام اليشكري ].

    مؤمل بن هشام اليشكري ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

    [ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ].

    هو إسماعيل بن إبراهيم ابن علية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن الجريري ].

    هو سعيد بن إياس الجريري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي الورد بن ثمامة ].

    أبو الورد بن ثمامة وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي .

    [ قال علي لـابن أعبد ].

    هو علي بن أعبد وهو مجهول، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي .

    وعلي رضي الله عنه قد مر ذكره.

    المراد بآل النبي في قوله: (فما كان حاجتك أمس إلى آل محمد)

    في الحديث دليل على أن المراد بآل النبي أزواجه، حيث قال: (فما كان حاجتك أمس إلى آل محمد) والقرآن جاء بهذا، وهو من أوضح الأمور في ذلك؛ لأن الخطاب في آيات سورة الأحزاب هو لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33]، وقد ذكر خطابهن قبل هذه الجملة وبعدها، ولكن لم يأت في القرآن الخطاب لهن على سبيل التحديد، ما قال: إن الله أذهب عنكن الرجس أهل البيت؛ لأن أهل البيت يشملهن ويشمل غيرهن، وهذا التطهير لهن ولغيرهن، ولهذا جاء في السنة بيان أن علياً وفاطمة والحسن والحسين من أهل البيت، والقرآن صريح في أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل البيت.

    شرح حديث علي في سؤال فاطمة من الرسول خادماً من طريق ثالثة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباس العنبري حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن كعب القرظي عن شبث بن ربعي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الخبر قال فيه: قال علي : (فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ليلة صفين فإني ذكرتها من آخر الليل فقلتها) ].

    أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث عن علي وفيه هذه الكلمات التي هي التسبيح والتحميد والتكبير بهذا العدد الذي يبلغ المائة، وأن علياً رضي الله عنه كان يحافظ عليها، وأنه ما غفل عنها إلا ليلة صفين حيث ذكرها في آخر الليل فأتى بها متداركاً لذلك الشيء الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والحديث هنا في سنن أبي داود ضعفه الألباني ، ولكنه صححه في صحيح الكلم الطيب، وقد جاء في المسند من طريق شعبة عن عطاء بن السائب -وليس فيه ذكر شبث - ما يدل على أنه كان يحافظ عليها، وأنه ليلة صفين حصل منه ذلك وأنه تداركها، فهو ثابت وموجود.

    تراجم رجال إسناد حديث علي في طلب فاطمة من الرسول خادماً من طريق ثالثة

    قوله: [ حدثنا عباس العنبري ].

    هو عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

    [ حدثنا عبد الملك بن عمرو ].

    هو أبو عامر العقدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا عبد العزيز بن محمد ].

    هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن يزيد بن الهاد ].

    يزيد بن الهاد هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن محمد بن كعب القرظي ].

    محمد بن كعب القرظي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن شبث بن ربعي ].

    شبث بن ربعي يقال إنه مخضرم، ولم يذكر فيه حكماً، وإنما ذكر شيئاً من أحواله التي ذكرها، أخرج له أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة.

    [ عن علي ].

    هو علي رضي الله عنه، وقد مر ذكره.

    شرح حديث عبد الله بن عمرو (خصلتان لا يحافظ عليها مسلم إلا دخل الجنة...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير ومن يعمل بهما قليل: يسبح في دبر كل صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، ويكبر أربعاً وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويسبح ثلاثاً وثلاثين، فذلك مائة باللسان وألف في الميزان، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده، قالوا: يا رسول الله! كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل؟ قال: يأتي أحدكم -يعني الشيطان- في منامه فينومه قبل أن يقوله، ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل أن يقولها) ].

    أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما وهو يتعلق بالتكبير عند النوم كما جاء في حديث علي من التسبيح والتحميد ثلاثاً وثلاثين والتكبير أربعاً وثلاثين، وكذلك هنا يسبح دبر الصلاة عشراً ويحمد عشراً ويكبر عشراً، وقال: إنها تكون مائة وخمسين باللسان وتكون ألفاً وخمسمائة في الميزان من حيث إن الحسنة بعشر أمثالها.

    الجزء الأخير هو الذي يتعلق بالترجمة، والجزء الأول لا يتعلق بالترجمة، ولكنه يتعلق بالذكر عقب الصلاة.

    قوله: [ (قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده) ].

    يعني: يعدها بأصابعه يكبر ويسبح ويهلل حتى يعرف العدد.

    تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو (خصلتان لا يحافظ عليها مسلم إلا دخل الجنة...)

    قوله: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عطاء بن السائب ].

    حفص بن عمر وشعبة مر ذكرهما.

    و عطاء بن السائب صدوق اختلط، وشعبة ممن روى عنه قبل الاختلاط، فسماعه صحيح فيكون حديثه عنه صحيحاً، وهو صدوق أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

    [ عن أبيه ].

    هو السائب وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.

    [ عن عبد الله بن عمرو ].

    هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث (أصاب رسول الله سبياً فذهبت أنا وأختي فاطمة...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب حدثني عياش بن عقبة الحضرمي عن الفضل بن حسن الضمري أن ابن أم الحكم أو ضباعة ابنتي الزبير حدثه عن إحداهما أنها قالت: (أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبياً، فذهبت أنا وأختي فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سبقكن يتامى بدر، ثم ذكر قصة التسبيح قال: على إثر كل صلاة لم يذكر النوم) ].

    أورد أبو داود حديث أم الحكم أو ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنتي عم النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث سبق أن مر عن واحدة منهما، وليس فيه ذكر الواسطة الذي هو الابن الذي يروي عنهما، بل الفضل بن حسن الضمري روى عنهما مباشرة وبدون واسطة، وقد ذهبن الثلاث إلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم؛ لأنه جاء في بعض الروايات: (أنا وأختي وفاطمة) فيكون اللائي ذهبن هي وأختها وفاطمة ، وفي بعض الروايات سقطت الواو بين أختي وبين فاطمة، فكأنهما اثنتان وتكون أختها في الإسلام، ولكن الذي جاء بواو العطف يكون فيه أن الثلاث ذهبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وابنتا عمه، وكلهن من بني هاشم من أهل البيت.

    والرسول صلى الله عليه وسلم جاءه سبي فجئن يطلبن منه، فقال صلى الله عليه وسلم: (سبقكن يتامى بدر) يعني: الذين فقدوا آباءهم في بدر، وهم أحق بأن يعطوا وأن يكون لهم النصيب في ذلك ولم يعطهن شيئاً.

    وذكر مسألة التسبيح دبر الصلاة ولم يذكر التسبيح عند النوم، وهو محل الشاهد في باب التسبيح عند النوم، والحديث صحيح.

    وكونه قال: (على إثر كل صلاة) لا يقال له: شاذ؛ لأنه ثبت في حديث عبد الله بن عمرو

    وهذا الحديث سبق أن مر في كتاب الخراج عن أم الحكم وضباعة وفيه: أنها وأختها وفاطمة وفيه ذكر الواو وليس فيه ذكر الواسطة الذي هو الابن، والابن مجهول لا يعرف، وأما بقية الإسناد فلا بأس بهم فهو ثابت، ولكن لا أدري لفظه هناك فيما يتعلق بالتسبيح عند النوم هل هو موجود أو غير موجود.

    وأنا ذكرت فضل أهل البيت وعلو مكانتهم وذكرت جملة من أهل البيت من النساء والرجال، وذكرت أم الحكم وضباعة ، وأشرت إلى ذلك عند شرح الحديث الذي في كتاب الخراج عند أبي داود الذي فيه ذكرهما، وأنهما صحابيتان وأنهما من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن نساء أهل البيت.

    تراجم رجال إسناد حديث (أصاب رسول الله سبياً فذهبت أنا وأختي فاطمة ...)

    1.   

    الأسئلة

    الجمع بين الروايات الواردة في حديث سؤال فاطمة خادماً من أبيها

    السؤال: في بعض الروايات المتقدمة أن فاطمة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجده فرجعت، وفي الرواية الأخيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطبهن بقوله: (سبقكن يتامى بدر) فهل هناك تعارض بين الروايات؟

    الجواب: لا يوجد تناف بينهما؛ لأنه هنا ذكر من هو الأولى، وأرشد إلى السبب، وهناك أرشد إلى العوض وما يقوم مقام الخادم.

    أهمية المحافظة على الأذكار بعد الصلاة المفروضة

    السؤال: هل القيام بعد أداء الصلاة قبل الإتيان بأذكار ما بعد الصلاة من خوارم المروءة خاصة لطلاب العلم، فنرجو نصيحة من فضيلتك في المحافظة على الذكر دبر الصلوات، ومجاهدة النفس على ذلك؟

    الجواب: لا شك أنه لا يليق بالإنسان أن يقوم بسرعة بعد الصلوات من غير ضرورة تلجئ إلى ذلك، أما إذا كان مضطراً إلى ذلك فهذا شيء آخر، وأما إذا لم تكن هناك ضرورة فعليه أن يتريث وأن يذكر الله عز وجل وألا يستعجل؛ لأنه يشوش على الناس ويفوت على نفسه ذلك الخير الكثير.

    وطلاب العلم لا شك أنهم أولى من غيرهم؛ لأنهم هم الذين يتعلمون ويعرفون الأحكام الشرعية ويقفون عليها ويطلعون عليها، فالمسئولية عليهم أعظم من المسئولية على غيرهم من العوام الذين ليسوا من أهل التفقه والعلم، ومعلوم أن المتعلم عنده ما ليس عند غير المتعلم؛ ولهذا كان المطلوب منه أعظم وأكثر مما يطلب من غير المتعلم.

    وإذا رأينا الرجل يقوم بعد صلاة الفريضة مباشرة ولا يذكر الأذكار لا نقول: إن هذا من تأثير الشيطان عليه؛ لأنه شغله عن الذكر بعد الصلاة؛ لأنه قد يكون مضطراً، وقد يذكر الله عز وجل وهو يمشي إذا كان مضطراً، ولكن الشأن فيما إذا لم تكن هناك ضرورة، وأما كون الإنسان مضطراً فإن له أن يقطع الصلاة إذا احتاج إلى قطعها.

    وجه كون التسبيح والتحميد والتكبير دبر الصلاة عشراً من أذكار الصلاة

    السؤال: هل التسبيح والتحميد والتكبير دبر الصلاة عشراً عشراً هو غير التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثاً وثلاثين وتمام المائة لا إله إلا الله ..؟

    الجواب: الذي يبدو أن هذا منه، وأن هذه من الصيغ التي تأتي بعد الصلاة، ولكن كما هو معلوم الإتيان بما هو أتم وبما هو أكمل أولى.

    معنى قوله (فأستأذن على ربي في داره)

    السؤال: جاء عند البخاري تحت باب قوله عز وجل: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ [القيامة:22] حديث أنس وفيه: (ثم أعود الثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه) فما المقصود بقوله: في داره؟

    الجواب: الذي يبدو أن المقصود به الجنة، وأن الإنسان في الجنة يكون في دار الله عز وجل، وهي دار الكرامة، وليس معنى ذلك أن الله عز وجل يحويه شيء.

    بيان محل النفث عند قراءة المعوذتين عند النوم

    السؤال: ذكرتم حفظكم الله أن النفث بعد القراءة عند النوم، وقد جاء عند البخاري في كتاب فضائل القرآن: (جمع كفيه فنفث فيهما ثم قرأ المعوذات) فثم تفيد الترتيب، ألا يقال: ينفث ثم يقرأ؛ لأن هذا ظاهر الرواية؟

    الجواب: يبدو والله أعلم أن هناك نفثاً متكرراً وأنه ليس مرة واحدة، المهم أن يوجد النفث والقراءة، ويمكن أن النفث متكرر، وأنه يكون قبل القراءة وبعدها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755802701