حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد عن زيد يعني ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والجلوس بالطرقات، قالوا: يا رسول الله! ما بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر) ].
قوله: [ باب في الجلوس في الطرقات ].
أي: أن ذلك لا يسوغ إلا بشرطه، وهو ما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا لم يكن هناك بد من الجلوس في الطريق فعلى من يجلس أن يعطي الطريق حقه، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حق الطريق لما سأله الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم عن ذلك، فينبغي البعد عن الجلوس في الطرقات، وإذا كان دعا الأمر إلى ذلك، ولم يكن هناك بد، فلا بد من إعطاء الطريق حقه، وهو الذي بينه النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في حديث أبي سعيد هذا.
قوله: [ (غض البصر، وكف الأذى) ].
أي: فلا ينظر إلى ما لا يجوز له النظر إليه، كالنظر إلى النساء، وكذلك كف الأذى عن الناس فلا يؤذيهم بقول ولا فعل.
قوله: [ (ورد السلام) ].
أي: عندما يسلم أحد يرد عليه؛ لأنهم جالسون، فالذي يأتي ماشياً ويبدأ بالسلام فيرد عليه الجالس؛ ولهذا قال: (ورد السلام) ولم يقل: ابتداء السلام؛ لأن الجالس هو الذي يسلَّم عليه، ولا يسلم هو على الناس، فإذا جاء أحد يمشي فلا يقول الجالس: السلام عليكم، وإنما الذي يمشي يقول: السلام عليكم، والجالس يرد السلام؛ ولهذا قال: (ورد السلام).
قوله: [ (والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر) ].
فإذا حصل أمر يقتضي أن يوجه إلى خير، وأن يبصر بحق، فإنه يأمر بالمعروف، وكذلك إذا رئي أمر منكر، فإنه ينبه الذي حصل منه المنكر على ذلك، ويحذر من ذلك، ويخوف منه، فيكون هذا الجلوس فيه جلب مصلحة، ودفع مضرة، فغض البصر وكف الأذى فيه دفع للمضرة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد السلام من المنفعة والمصلحة التي أمر بها.
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والجلوس في الطرقات) فدل هذا على أن الأصل هو ألا يجلس في الطرقات، ولكن إذا كان هناك حاجة إلى الجلوس كما في قولهم: (ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها) فعليهم أن يعطوا الطريق حقه، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (فأعطوا الطريق حقه) ليلفت أنظارهم إلى أن يعرفوا حق الطريق، فهو لم يقل: افعلوا كذا وكذا، وإنما قال: (فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق؟)؛ لأنهم حينما سألوا عنه فإن هذا يكون أدعى إلى ثبوته وفهمه؛ لأن الشيء الذي يحصل له أمر يقتضيه، ويحصل له سبب كأن يكون مجملاً ثم يستفسر عن تفصيله، فإن ذلك التفصيل عندما يذكر للسائل ينتبه له، ويتهيأ له، ويكون على استعداد وتشوق لاستيعابه، وعدم فوات شيء منه.
فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)، وهذا من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام.
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد ].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد الخدري ].
هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، وهو مشهور بكنيته أبي سعيد ، وبنسبته الخدري ، وهو صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف حديث أبي هريرة وهو مثل الذي قبله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجلوس في الطرقات، وأنهم قالوا: ما لنا بد من مجالسنا فقال لهم: (إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه)، ومما جاء عند أبي هريرة : (وإرشاد السبيل) أي: إذا احتاج أحد إلى معرفة الطريق فإنه يرشده، ويبصره بالطريق الذي يحتاج إلى سلوكه وإلى معرفته، فإذا كانوا جالسين وجاء أحد يريد أن يسلك طريقاً يوصله إلى بغيته، والطرق متعددة، ولا يدري الطريق الذي يوصله إلى بغيته، فإنه إذا سئل الجالس فعليه أن يرشده إلى الطريق، ويبين له السبيل، وهذا من حق الطريق.
عبد الرحمن بن إسحاق صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد المقبري ].
هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه مر ذكره.
أورد أبو داود حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو يتعلق بالقصة التي مرت عن أبي سعيد ثم عن أبي هريرة ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وتغيثوا الملهوف) أي: من حق الطريق أنه إذا كان هناك من يحتاج إلى إعانة ومساعدة فإنه يعينه ويساعده.
قوله: (وتهدوا الضال) أي: من ضل الطريق، وهو نظير الذي قبله في قوله: (وإرشاد السبيل) فإذا جاء الإنسان ليسأل عن طريق يوصله إلى مقصوده فيخبره، وأما الضال فهو الذي يكون الطريق الذي يريده وراءه، فيرشده إلى أنه قد تجاوزه، وهذا من إهداء السبيل، ولكنه على مفترق طرق ولا يدري أين يذهب فيخبرونه ويبصرونه، فقوله: (وإرشاد السبيل) وقوله: (وتهدوا الضال) معناهما متقارب.
فقوله: [ (وتغيثوا الملهوف) ].
الملهوف هو الذي وقعت له مصيبة، أو أراد التخلص من ظلم حصل له، أو اعتدى عليه أحد، فطلب منهم أن ويغيثوه.
وقوله: [ (وتهدوا الضال) ].
الضال: هو الذي ضل الطريق، ومعلوم أن الضلال يكون في الطريق، ويكون في الانحراف عن طريق الحق، فيكون عن الطريق الحسي، وعن الطريق المعنوي، كل هذا يقال له: ضلال، فمن ضل عن الحق والهدى يقال له: ضال، ومن ضل الطريق يقال له: ضال. وهداية الضال هنا من جنس: (إرشاد السبيل).
الحسن بن عيسى النيسابوري ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ أخبرنا ابن المبارك ].
هو عبد الله بن المبارك المروزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا جرير بن حازم ].
جرير بن حازم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسحاق بن سويد ].
إسحاق بن سويد صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن ابن حجير العدوي ].
ابن حجير العدوي مستور، أخرج له أبو داود .
[ سمعت عمر بن الخطاب ].
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وهذه الحقوق على الوجوب؛ لأنهم منعوا من الجلوس، ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه) فقد: رخص لهم في الجلوس عند الإتيان بهذه الأمور، وبدونها لا ترخيص لهم.
وإذا كان السائل عن الطريق الذي قد ضله من أهل البدع، وكان المكان الذي يقصده يقوده إلى بدعة فلا يبين له، وأما إذا كان يسأل عن بيت أو عن عمارة أو نحو ذلك، فلا بأس أن يبين له، أما إرشاده إلى مكان فيه بدعة ومعصية فهذا من التعاون على الإثم والعدوان.
لم يذكر ابن عيسى : (حتى قضت حاجتها) وقال كثير : عن حميد عن أنس ].
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله! لي إليك حاجة، فقال لها عليه الصلاة والسلام: اجلسي في أي السكك شئت حتى أقضي حاجتك، فجلست، فجاء إليها وقضى حاجتها) صلى الله عليه وسلم، وهذا دال على كمال أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وعلى تواضعه، وعلى إحسانه عليه الصلاة والسلام، فقد طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم قضاء حاجتها، فقال: (اجلسي في أي الطرق) ثم جاء وجلس معها، وقد أورده المصنف في هذه الترجمة التي تتعلق بالطريق، لبيان أن الجلوس في الطريق سائغ، ولكن مع كونه سائغاً يعطى حقه، والرسول صلى الله عليه وسلم جلس وإياها في إحدى السكك، أي: في إحدى الطرق، وهي تقص عليه حاجتها، وتبين له ما تريد منه، فقضى حاجتها صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن مثل ذلك لا يعتبر خلوة، فعندما يكون الطريق سالكاً ثم ينحاز رجل وامرأة، فتكلمه ويكلمها فلا بأس بذلك، ومعلوم أن هذا لا يكون إلا إذا لم يكن هناك ريبة، كما أن الأمر ليس على إطلاقه في أن يقف أي رجل مع أي امرأة، ولكن إذا كان الرجل معروفاً بالأمانة والصلاح، واحتاجت المرأة أن تسأله عن حاجة، ثم وقف معها لا ينظر إليها، ولكن يسمع كلامها ويجيبها فيما تريد فإن ذلك سائغ؛ لهذا الحديث الذي جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
محمد بن عيسى بن الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ وكثير بن عبيد ].
كثير بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا مروان ].
هو مروان بن معاوية الفزاري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقالوا عنه: إنه يدلس تدليس الشيوخ، وتدليس الشيوخ من أنواع التدليس، وهو أن يذكر الشيخ بما لا يعرف به، وهو يختلف عن تدليس الإسناد والذي هو: أن يروي المدلس عن شيخه ما لم يسمع منه بلفظ موهم للسماع، وهو التدليس المشهور والذي يغلب عند الكلام في التدليس وذكر المدلسين، أما تدليس الشيوخ فيكون بذكر الشيخ بغير ما اشتهر به، فيكون في ذلك صعوبة في معرفته، والشخص المعروف يكون غير معروف بسبب هذا التدليس.
[ قال ابن عيسى : قال حدثنا حميد ].
يعني أن ابن عيسى يقول: إن مروان قال: حدثنا حميد ، يعني: أن بين مروان وبين حميد صيغة حدثنا من محمد بن عيسى ، وأما كثير بن عبيد ففي إسناده: عن حميد .
[ حدثنا حميد ].
هو حميد بن أبي حميد الطويل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس رضي الله عنه وقد مر ذكره، وهذا من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود .
وقوله: [ لم يذكر ابن عيسى : حتى قضت حاجتها، وقال كثير : عن حميد عن أنس ].
معناه: أن المتن عند كثير بن عبيد أتم وأكمل؛ لأنه قال: (حتى قضت حاجتها)، وأما محمد بن عيسى فإنه لم يذكر هذه الزيادة؛ لأنه ساق السند على ابن عيسى والمتن على كثير بن عبيد .
وكذلك قد يحصل من بعض النساء أن تستوقف العالم أو طالب العلم لتسأله، فإذا لم يكن في ذلك ريبة ولا محذور بحيث لا ينظر إليها، ولا يلقيها وجهه، وإنما يلقيها جانبه، ويسمع منها ثم يجيبها على سؤالها ثم يمضي دون أن يكون مستقبلاً لها ينظر إليها، فلا بأس بذلك.
والنبي عليه الصلاة والسلام أبوته للعالمين مثل أمومة زوجاته للمؤمنين، وهذه الأبوة والأمومة دينية، ولا علاقة لها بالمحرمية ولا تجري أحكام المحارم عليها.
أورد المصنف الحديث من طريق أخرى وفي أوله: (أن امرأة كان في عقلها شيء..) وهو بمعنى الحديث المتقدم، وفيه زيادة ذكر وصف هذه المرأة بأنه كان في عقلها شيء من الخلل والقصور، وقيل: إنما ذكر ذلك لكونها طلبت منه أن يجلس معها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم راعى شأنها وحقق لها ما تريد من أجل ضعفها.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
هو يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت ].
حماد بن سلمة مر ذكره، وثابت مر ذكره.
[ عن أنس ].
أنس رضي الله عنه مر ذكره.
حدثنا القعنبي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خير المجالس أوسعها).
قال أبو داود : هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة الأنصاري ].
قوله: [باب في سعة المجلس ].
أي: المجلس الذي يتخذ لجلوس الناس، وهذا يكون بحسبه، فعندما يتطلب الأمر كثرة الداخلين والخارجين والمجتمعين، فإنه يوسع حتى يكون كافياً، حتى لا يتفرق الناس في أماكن متعددة، وعندما لا يتطلب الأمر ذلك فإنه لا يلزم ولا يعتبر خير المجالس بالنسبة لكل أحد؛ لأن من الناس من يكون عنده مجال في أرضه ليتخذ مجلساً كبيراً ويقصده أناس كثيرون، ومن الناس من تكون أرضه قليلة ومحدودة، والذين يأتون إليه أناس قليلون.
إذاً: كل على حاله وعلى مقدار حاجته؛ لأن من لا يأتي إليه الناس بكثرة فإن سعة المجلس ليس من ورائها فائدة، وإنما الفائدة في حق من يكثر رواده، ويكثر المجتمعون عنده والقاصدون إليه؛ ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن: (خير المجالس أوسعها)؛ لأنها تكفي الناس عند اجتماعهم، ويكون بعضهم مع بعض.
عبد الرحمن بن أبي الموالي صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ].
عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن أبي حاتم : ليست له صحبة، وهو ثقة، وقيل: له صحبة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد الخدري ].
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه مر ذكره.
[ قال أبو داود : هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة الأنصاري ].
هذا نسب عبد الرحمن بن أبي عمرة .
حدثنا ابن السرح ومخلد بن خالد قالا: حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر قال: حدثني من سمع أبا هريرة يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أحدكم في الشمس -وقال
قوله: [ باب في الجلوس بين الظل والشمس ].
أي: أنه لا ينبغي ولا يصلح أن يجلس الإنسان في ذلك المجلس لا ابتداءً ولا إذا كان عارضاً، وابتداء أي: لا يأتي ويتعمد أن يجلس بين الشمس والظل، وإنما يكون كله في الشمس أو كله في الظل، وذلك أن الجسد عندما يكون على هيئة واحدة إما حرارة أو برودة، فإنه يكون متوازناً، وأما إذا كان بعضه في الظل وبعضه في الشمس فإنه يتأثر بعضه فيحصل له برودة، وبعضه يحصل له حرارة، وهذا مضر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى عدم فعل ذلك، وقد جاء أن الجلوس بين الشمس والظل هي جلسة الشيطان، هذا بالإضافة إلى ما يترتب على ذلك من المضرة للجسد لكون بعضه في الشمس وبعضه في الظل.
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو يتعلق بإحدى الحالتين، فإذا كان الإنسان جالساً في الشمس، أو جالساً في الفيء أو الظل، ثم تقلص الظل بحيث صار بعضه في الشمس وبعضه في الظل، فإنه في هذه الحال يقوم وينتقل إما إلى الشمس أو إلى الظل، بحيث يكون كله في الشمس، أو يكون كله في الظل، ولا يستمر على الهيئة التي هو عليها؛ لأنها جلسة الشيطان؛ ولأن فيها هذا التفاوت الذي يكون للجسد مما قد يلحق به مضرة.
وقد جاء ما يشبه ذلك من حيث إنه لا بد من فعل أحد الأمرين، وألا يكون الإنسان بينهما، فقد جاء النهي عن أن يمشي الإنسان بالنعل الواحدة، وأن الإنسان إذا انقطع شسعه فإنه لا يمشي بالنعل الثانية حتى يصلحه، بل يخلع النعل الأخرى، وذلك حتى لا يختلف التوازن، فتكون رجل لها وقاية ورجل ليس لها وقاية.
ويشبه ذلك أيضاً ما يتعلق بالقزع الذي هو حلق بعض الرأس وترك بعضه، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحلقه كله أو تركه كله، فهذان مثالان يشبهان ما جاء في الحديث الذي معنا، وهو الجلوس بين الظل والشمس، وأن الإنسان ينبغي أن يكون كله في الظل أو كله في الشمس، وكذلك إما أن ينعل رجليه جميعاً، أو يحفيهما جميعاً، وكذلك لا يحلق بعض شعر رأسه ويبقي بعضه، وإنما يحلقه كله أو يتركه كله.
وجاء في رواية ابن السرح : (إذا كان أحدكم في الشمس) وفي رواية مخلد : (إذا كان أحدكم في الفيء فقلص عنه الظل).
والفيء هو الظل، فإذا كان جالساً كله في الشمس، ثم جاءه الظل فصار بعضه في الظل وبعضه في الشمس، أو كان في الفيء، ثم جاءت الشمس فصار بعضه في الظل وبعضه في الشمس.
والنهي عن الجلوس بين الظل والشمس على التحريم؛ لإخباره صلى الله عليه وسلم أنها قعدة الشيطان، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى القيام.
هو أحمد بن عمرو بن السرح ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ ومخلد بن خالد ].
هو مخلد بن خالد الشعيري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن المنكدر ].
محمد بن المنكدر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني من سمع أبا هريرة ].
وهذا فيه ذكر واسطة، ولكنه قد جاء في مسند الإمام أحمد أنه من طريق عبد الوارث بن سعيد العنبري عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة ، ومحمد بن المنكدر ممن روى عن أبي هريرة وسمع منه فيكون متصلاً.
و أبو هريرة مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أبي حازم والد قيس بن أبي حازم رضي الله تعالى عنه: (أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس في الشمس، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتحويله إلى الظل) وهذا ليس فيه جلوس بين الظل والشمس؛ لأنه قال: في الشمس، وأنه أمر بتحويله إلى الظل، ولعل ذلك بسبب أن الشمس فيها حرارة وفيها مضرة عليه، فأمر أن يتحول إلى الظل، فليس هناك ارتباط واضح بين الترجمة وما جاء في هذه الحديث؛ لأنه ليس فيه أنه جلس بين الظل والشمس، وإنما جلس في الشمس، ويمكن أنه جلس في الشمس، ثم إن الظل في طريقه إليه، وقد يترتب على ذلك أن يكون بين الشمس والظل، فأمر أن يتحول إلى الظل الذي يؤمن معه أن يصبح مجلسه بين الظل والشمس، فهذا محتمل، وإلا فإن اللفظ واضح في أنه كان في الشمس، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتحويله إلى الظل، وقد يكون الجو حاراً وأراد أن يحصل له ما حصل لغيره من الجلوس في الظل الذي فيه الراحة وعدم المضرة بحرارة الشمس والأرض.
يحيى هو يحيى بن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسماعيل ].
هو ابن أبي خالد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني قيس عن أبيه ].
هو قيس بن أبي حازم ، وهو ثقة مخضرم، وهو الذي قيل فيه: إنه تيسر له أن يروي عن العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وأبوه صحابي أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود ، وليس له إلا هذا الحديث.
الجواب: نعم، عليه أن يقوم فيتقدم للظل إذا كان أمامه، أو يتأخر للشمس إذا كانت وراءه، أو العكس.
الجواب: إذا كان يصلي وأثناء ذلك جاءت الشمس، أو جاء الظل، فإن كان مطيلاً للصلاة ويقرأ كثيراً في صلاته، فإنه يتقدم أو يتأخر حتى يكون كله في الظل أو كله في الشمس، وإذا كانت صلاته ليست طويلة، وإنما يصلي ركعتين ركعتين، ويخفف في صلاته، فإنه إذا أنهى الركعتين يتحول.
الجواب: لا يقاس، فإن كان إنسان يمشي بين الظل والشمس فلا يقاس عليه؛ لأن هذا ليس جلوساً، وإنما هو مرور ومشي، فإذا كان الطريق بين الظل والشمس فلا يبتعد عنه الناس ويذهبون يميناً ويساراً ويتركونه خالياً.
الجواب: ليس هذا من القزع.
الجواب: الذي يظهر أن هذا منه؛ لأن الواجب على الإنسان أن يترك ثيابه ولا يجعلها وراءه، وهذه من جنس الثوب.
الجواب: العمرة المشروعة هي التي يأتي بها الإنسان من المواقيت، فإذا جاء الإنسان من بلده واعتمر لنفسه، ثم ذهب إلى المدينة أو إلى الطائف أو إلى الرياض ثم رجع إلى مكة، وأحرم بعمرة أخرى له أو لغيره، فله ذلك.
الجواب: نعم، إذا حصل منه إحسان يشكر، ولكن شكره ينبغي أن يكون بالدعاء له بالهداية، وهذا أعظم وأهم شكر له.
الجواب: الذي يبدو أنها ليست مصدرية ظرفية وأن الأمر مقصور على استمرار الدعاء، وإنما المقصود إذا حصل الدعاء والثناء عليهم.
الجواب: إذا كان ذهابك إليهم سيكون سبباً في اتباعهم للسنة وتركهم للبدعة فعليك أن تحرص على أن تصلي معهم، وتبين لهم أن هذا غير سائغ، وتناصحهم حتى يتركوا هذا الذي هم واقعون فيه.
الجواب: هذا حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود به: إذا كان هناك مشقة في الصيام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا في حق شخص حصلت له مشقة بسبب الصيام؛ ولهذا فإن الصيام في السفر له حالتان: إذا كان السفر فيه مشقة فإن الإفطار هو المتعين، وإذا كان ليس فيه مشقة، وليس على الإنسان مضرة في محافظته على الصيام، فإن المحافظة على الصيام أولى، وذلك أن الإنسان يكسب أداء الواجب في وقته، ولا يحمل نفسه ديناً قد يثقل أداؤه فيما بعد، وقد يفرط في أدائه، فهو يغتنم الفرصة، ويصوم مع الناس ما دام أن السفر لا يترتب عليه مضرة له، ولاسيما في هذا الزمان مع قصر المدة، والراحة في السفر، وقد يقضي السفر وهو نائم، أو متكئ وجالس على كرسيه، فلا فرق بينه وبين من كان جالساً في الغرفة لمدة ساعة، فاغتنام الفرصة والمحافظة على الصيام في وقته هو الذي ينبغي، وإذا كان يترتب عليه مشقة فالفطر هو المطلوب.
الجواب: الحديث جاء بلفظ: (الأنصار شعار والناس دثار) والحديث متفق عليه، ومناسبته أن الأنصار رضي الله عنهم وجدوا في أنفسهم بعد قسمة غنائم حنين؛ لأنهم ما أعطوا شيئاً، إنما أعطي الذين أسلموا عام الفتح؛ لتألفهم على الإسلام؛ ولتقوية إسلامهم وتمكنهم من الإسلام، فوجد الأنصار في أنفسهم؛ لأنهم ما أصابوا الذي أصاب الناس، فتكلموا بكلام فيما بينهم، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فجمعهم في مكان، وتكلم معهم بكلام صار لهم خيراً وأفضل من المال؛ لأنه قال: (الأنصار شعار والناس دثار) أي: الأنصار مني بمنزلة الشعار، وهو الثوب الذي يلي الجسد، (والناس دثار) والدثار هو الثوب الذي وراءه، فالكلام هو في عامة الناس، وليس في المهاجرين.
الجواب: الذي يكفر الصحابة عموماً لا شك أنه كافر، ولا يحتاج إلى أن تقام عليه حجة، وكيف تقام عليه حجة والدين كله مرفوض بتكفيره الصحابة؟! فهو ليس عنده دين أصلاً؛ لأن القرآن جاء عن طريق الصحابة، والسنة جاءت عن طريق الصحابة، فإذا كان الصحابة كفاراً فلا اعتبار بالقرآن ولا اعتبار بالسنة؛ لأن القدح في الناقل قدح في المنقول، فمن كفر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فإنه كافر، ولا يحتاج إلى أن تقام عليه الحجة.
الجواب: إذا كانوا بحاجة إلى هذا المال فليأخذوه ولا بأس.
الجواب: الصلاة الإبراهيمية فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: إنها ركن من أركان الصلاة، ومنهم من قال: ليست بركن، والذي يظهر أن الأحوط والأولى أن تعيد الصلاة.
الجواب: إذا كانت الحكومة فرضت الضرائب على الناس فكما هو معلوم أن الناس ليس لهم بد من أن يدفعوها، وليس لهم خيار، وإذا كانوا مخيرين فلا يعطون الشيء الذي لا ينبغي أن يعطى، وأما إذا كان شيئاً ألزموا به فإنهم يفعلون ذلك، ومن كان مظلوماً فإنه سيقتص ممن ظلمه.
الجواب: الكل مذموم، وحق الصحابة ألا يذكروا إلا بخير، ولا يذكروا بسوء أبداً، بل لابد أن تكون القلوب والألسنة سليمة، ولا تضرب الأمثال أو يؤتى بشيء فيه نيل من الصحابة من أجل ضرب المثل أبداً، وإنما يذكرون بالجميل، ويقول الإنسان خيراً أو يصمت، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) والذي ينبغي له ألا يصمت، وإنما يتكلم بالثناء والدعاء لهم رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى ساق لنا هذا الخير على أيديهم، فهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عرف الناس كتاباً ولا سنة إلا عن طريق الصحابة، فالصحابة رضي الله عنهم لا يصلح أن يذكروا بسوء أبداً، ولا يضرب بهم المثل بما لا يليق بهم، ولا أن يحصل ذمهم.
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن الأعمش قال: حدثني المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهم حلق فقال: ما لي أراكم عزين؟) حدثنا واصل بن عبد الأعلى عن ابن فضيل عن الأعمش بهذا قال: كأنه يحب الجماعة ].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: [ باب في التحلق ]، والتحلق هو: الجلوس حلقاً، أن يجلس الناس متحلقين على هيئة الحلقة التي يكون لها محيط، ويكون الوسط خالياً.
وقد أورد أبو داود حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وهم حلق، فقال: ما لي أراكم عزين؟) أي: كأنه أنكر عليهم هذه الهيئة التي كانوا عليها، وقوله: (عزين) يعني: متفرقين حلقاً حلقاً.
والتحلق في المسجد إذا كان قبل الصلاة فهو غير سائغ؛ لأنه إذا أذن المؤذن فإن المطلوب أن يكون الناس صفوفاً، وأن يتموا الصف الأول فالأول، وأن يستعدوا للصلاة، فإذا كان هذا الأمر قبل الصلاة فمعلوم أن هذه الهيئة لا تنبغي، وأن المطلوب عندما يأتي الناس إلى المسجد في الصلاة وقد دخل الوقت فإنهم يتقدمون إلى الصف الأول حتى يملئوه، ثم ينشئون الصف الثاني حتى يملئوه، ثم الصف الثالث .. وهكذا، فيملئون كل صف وينتقلون إلى الصف الذي يليه، فلا ينبغي الجلوس على هذه الهيئة قبل الصلاة، وعلى الناس أن يجلسوا صفوفاً ينتظرون الصلاة، يقرءون القرآن أو يذكرون الله عز وجل، ولا يجلسون حلقاً، فإن هذا هو الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (ما لي أراكم عزين).
وأما الجلوس في المسجد في غير وقت الصلاة حلقاً لتعليم العلم، وتكون الحلق متعددة هذا يدرس فناً وهذا يدرس فناً، وهذا يدرس علماً، وهذا يدرس علماً، فهذا لا بأس به، وقد كانت الحلقات في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم موجودة منذ زمن قديم، فهذا شيء لا بأس به وهو أمر مطلوب، وتحصيل العلم إنما يكون بالتدريس في المساجد، ولا يلزم أن يكون الناس حلقة واحدة، بل يمكن أن يكون الناس حلقاً، وأن يكونوا متعددين، وكل له شيء يريد أن يدرِّسه وأن يَدْرسه، فمثل ذلك لا بأس به، والذي يبدو -والله أعلم- أن الذي حصل هو أنهم كانوا متحلقين قبل الصلاة.
وقوله: (كأنه يحب الجماعة)، أي: عدم التفرق، ومعلوم أنه إذا كان الناس ينتظرون الصلاة فإنهم كما ذكرت يأتون إلى الصفوف ويملئونها الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه، وتفرقهم هذا التفرق لا ينبغي، وكذلك أيضاً ابتعادهم عن الصفوف الأول لا ينبغي، وإنما على الناس عندما يأتون إلى المسجد أن يتقدموا إلى الصفوف، وأن يبدءوا بالأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه وهكذا.
هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني المسيب بن رافع ].
المسيب بن رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن تميم بن طرفة ].
تميم بن طرفة ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن جابر بن سمرة ].
جابر بن سمرة رضي الله عنه صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقوله: [ حدثنا واصل بن عبد الأعلى ].
واصل بن عبد الأعلى ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن فضيل ].
هو محمد بن فضيل بن غزوان ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش بهذا ].
يعني: بهذا الإسناد.
ومما ينبغي أن ينبه عليه هنا: أنه قد جاء في الحديث أن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة غير سائغ، وأنه قد جاء النهي عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإذا دخل الناس المسجد يوم الجمعة فإنهم لا يتحلقون للعلم، ولا يشتغلون بالعلم ولا بغيره، بل يأتون إلى المسجد فيصلون ما أمكنهم أن يصلوا، ثم يجلسون يقرءون القرآن ويذكرون الله، وإذا دخل الخطيب سمعوا الخطبة وصلوا، وأما أن يشتغلوا بشيء قبل الصلاة بعلم أو تعلم أو حلق أو وعظ، فهذا قد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة.
وأما التحلق بعد الفجر يوم الجمعة فالذي يبدو أنه ليس فيه بأس إن شاء الله؛ لأن الناس كما هو معلوم في الغالب يجلسون بعد الصلاة ثم ينصرفون، ثم يأتون إلى المسجد، ومعلوم أنهم إذا جاءوا بعد طلوع الشمس شيئاً فشيئاً، فإن كل ذلك يكون قبل الصلاة، لكن بعد صلاة الفجر يبدو أنه لا بأس؛ لأن الناس غالباً يصلون وينصرفون إلى بيوتهم، ثم يأتون للجمعة.
أورد أبو داود حديث جابر بن سمرة الذي يخبر فيه أنهم كانوا -أي: الصحابة- إذا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدهم حيث ينتهي، أي: حيث ينتهي به المجلس، فيكون من سبق له المكان، وغيره يأتي فيجلس حيث ينتهي به المجلس، وهذه هي الهيئة التي كان الصحابة يفعلونها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من الآداب أن الإنسان يأتي ويجلس حيث ينتهي به المجلس.
محمد بن جعفر الوركاني ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ وهناد ].
هو هناد بن السري أبو السري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.
[ أن شريكاً أخبرهم ]
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سماك ].
هو سماك بن حرب ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن جابر بن سمرة ].
جابر بن سمرة رضي الله عنه قد مر ذكره.
وهذا الإسناد من الرباعيات وهي من أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا قتادة قال: حدثني أبو مجلز عن حذيفة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة) ].
أورد أبو داود باب الجلوس وسط الحلقة، أي: إذا كان الناس في حلقة مستديرين، ثم جاء واحد وجلس بينهم، فإن هذا قد حصل منه شيء لا ينبغي، وذلك أنه أولاً تخطى الرقاب، وأساء إلى الناس، ثم أيضاً يحجب من جاءوا قبله عن رؤية من أمامهم ممن سبقوا إلى الحلقة، فكون الإنسان يأتي ويجلس وسطهم فيه إساءة إلى الحاضرين بالتخطي أولاً، وبكونه يحجب الذين يكون أمامهم في جهة أخرى.
والحديث ضعيف؛ لأن فيه انقطاعاً بين أبي مجلز وبين حذيفة رضي الله تعالى عنه؛ لأنه لم يسمع منه، وقيل: إنه لم يدركه، وعلى هذا فهو غير ثابت، ولكن المعنى صحيح من جهة أنه عندما يكون الناس حلقة، ثم يتخطى إنسان هذه الحلقة ويجلس في وسطهم، لا شك أن هذا فيه شيء من عدم المعاملة الحسنة للناس، وإنما عليه أن يجلس في حلقة ثانية تكون وراء هذه الحلقة، اللهم إلا أن يكون ليس وراءهم إلا جدران، وأن هذه الحلقة ليس فيها مجلس إلا في الوسط، فإنه يمكن أن يكونوا حلقاً أخرى في الوسط، وإذا كان الأمر يستدعي جلوسهم ومجيئهم ودخولهم، فإن ذلك لا يتم إلا بهذه الطريقة، وهذا حيث يكونون عدداً فالأولون إما أن يتقدموا أو يتركوا الذين دخلوا يجلسون أمامهم؛ لأن مثل هذه الحالة لا يمكن فيها إلا مثل هذا، فإما أن يتقدم الأولون حتى يصيروا قريباً ممن يحدثهم، إذا كانوا بين يدي من يحدثهم، أو أنهم يبقون ولكن يتحلق الناس حلقاً أخرى في داخل تلك الحلقة، وهذا لا بأس به حيث يكون المكان لا يتسع للناس، وهم محتاجون إلى أن يدخلوا وأن يكونوا في هذا المكان، والمكان مفتوح لمن يدخل، فإذا زاد العدد على ما في المجلس فيمكن أن يجلس الناس في الوسط، وإذا أراد الذين سبقوا أن يتقدموا يتقدمون، وإن أرادوا أن يبقوا في أماكنهم ويتكئون على الجدران، فليتركوا الفرصة لمن جاء بعدهم فيجلس أمامهم.
وقوله: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة) هذا يدل على خطورته، ولكن الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبان ].
هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ حدثنا قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أبو مجلز ].
أبو مجلز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حذيفة ].
حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن أبي عبد الله مولى آل أبي بردة عن سعيد بن أبي الحسن قال: (جاءنا
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الرجل يقوم للرجل من مجلسه، أي: أن الذي ينبغي للإنسان أنه إذا كان في مجلس ودخل داخل فإنهم يتفسحون ويوسعون المجلس، حتى يجلس الذي دخل في المكان الذي حصل مع التوسع، وأما كونه يقوم إنسان من مكانه أو يقام إنسان من مكانه فهذا هو الذي جاء النهي عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما المطلوب هو أن يوسع الناس بعضهم لبعض، بحيث يستوعبهم المكان حيث أمكن ذلك، وقد جاءت السنة بذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أمر عليه الصلاة والسلام أن يتفسحوا في المجالس، أي: يوسعوا، وأن ينضم بعضهم إلى بعض بحيث يجلس من دخل دون أن يقوم أحد ويذهب عن مكانه إلى مكان آخر أو إلى خارج المكان.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي بكرة أنه جاء في شهادة، أي: يؤدي شهادة كانت عنده، وأن رجلاً قام عنه ليجلس مكانه، فأبى أبو بكرة رضي الله عنه أن يجلس وقال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا) يعني: نهى عن أن يقوم إنسان ويجلس آخر مقامه، فلم يجلس أبو بكرة رضي الله عنه، وأخبر بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
والحديث فيه ضعف، ولكن قد جاءت أحاديث أخرى تدل على ما دل عليه، ومنها ما سيأتي بعد ذلك.
وقوله: (ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح الرجل يده بثوب من لم يكسه)يعني: إذا كانت يده ملوثة بطعام أو غيره فلا يمسحها بثوب من لم يكسه، أي: من ليس له عليه ولاية، أما من له عليه ولاية مثل أن يكون ولده أو خادمه، أو غلامه، فهذا هو الذي يكسوه، ولكنه إذا كان كسا إنساناً وأحسن إليه، فليس من الأدب وليس من اللائق أن يحسن إليه ثم يسيء إليه؛ لكونه يمسح يده الملوثة بثوب ذلك الذي أحسن إليه، بل من تمام الإحسان أن يبقى على إحسانه إليه، وألا يحصل منه ذلك الشيء الذي قد يسيء إليه، وإنما يمسح بثوبه هو، أو يسمح بشيء آخر، وأما كونه يمسح بثوب غيره إذا كان ولده أو غلامه فالأمر في ذلك سهل، وهذا عندما تدعو الحاجة إليه؛ لأن مثل هؤلاء لا يتأثرون بمثل ذلك لو حصل، وأما إذا كان لم يسكه أصلاً، أو كساه إياه ولكنه ليس له عليه ولاية، فإن هذا من إتباع الإحسان بالإساءة؛ لأن هذا فيه شيء من الإساءة، وقد يتأثر الإنسان بذلك ويتضرر.
ولكن هذا الحديث كما هو معلوم ضعيف، والجملة الأولى منه جاء ما يدل عليها في أحاديث أخرى، وأما قضية المسح في الثوب فهو من هذه الطريق، والطريق فيها رجل متكلم فيه.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد ربه بن سعيد ].
عبد ربه بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني المشهور.
[ عن أبي عبد الله مولى آل أبي بردة ].
أبو عبد الله مولى آل أبي بردة مجهول أخرج له أبو داود .
[ عن سعيد بن أبي الحسن ].
سعيد بن أبي الحسن هو أخو الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: جاءنا أبو بكرة ].
هو أبو بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : أبو الخصيب اسمه زياد بن عبد الرحمن ].
أورد أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس، فدخل رجل، فقام رجل لذلك الداخل ليجلس مكانه، فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجلس فيه)، وهذا يدل على ما دل عليه حديث أبي بكرة المتقدم، فإن في الجزء الأول منه عدم موافقة أبي بكرة على الجلوس في ذلك المكان الذي قام عنه صاحبه، وكلا الحديثين يدل على أن هذا غير سائغ، وأن الذي ينبغي هو التفسح والتوسع في المجالس، حتى يجلس من يدخل حيث يمكنه الجلوس، فإذا كان الجلوس على الأرض، أو على كراسٍ ليس فيها فواصل، أو ليست فردية بحيث لا يجلس عليها إلا شخص واحد، فإنه يمكن التفسح فيها.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ أن محمد بن جعفر حدثهم ].
محمد بن جعفر هو الملقب بـغندر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
شعبة قد مر ذكره.
[ عن عقيل بن طلحة ].
عقيل بن طلحة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ قال: سمعت أبا الخصيب ].
هو زياد بن عبد الرحمن ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر ، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث فيه مقبول، ولكن له شواهد.
وأما أن يقوم الابن لأبيه ليجلس في مكانه إذا لم يوجد إلا هذا فليس فيه بأس؛ لأن الذي يترتب على هذا إذا كان المجلس قد امتلأ أن أباه سيجلس في الخارج، ومن إكرام الابن لأبيه أن يجلسه مكانه، وهذا لا بأس به، إلا فيما يتعلق بالشيء الذي فيه قربة فليس لأحد أن يقوم لأحد، فإذا كان في الصف الأول مثلاً فلا يصلح أنه يتركه لغيره، فالقرب إذا ظفر بها الإنسان فلا يتركها لغيره عليها.
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها، ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه، ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب من يؤمر أن يجالس، أي: من يؤمر الإنسان أن يُجَالِسه، أي: أن يُجَالِس إنساناً، أو يقال: من يؤمر أن يُجَالَس، وهذا يقصد به المأمور به، وأما إذا كان المقصود به المجالِس الذي يوجه إليه الأمر فالمقصود: أنه مأمور بأن يجالِس غيره؛ لأن الذي يرغب في مجالسته يقال له: مجالَس، والذي يرغب في أن يجالس غيره ممن هم أخيار يقال له: مجالِس.
فهذه الترجمة المقصود بها: بيان من يؤمر بمجالستهم، والذين يرغب بالجلوس معهم، وصحبتهم ومخالطتهم؛ لأن مجالسة الأخيار تفيد خيراً للمجالس، ومجالسة الأشرار تفيد ضرراً للمجالس لهم.
وقد أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أصناف من الناس، فقال: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب) أي: لها طعم وريح، (ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها حلو ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها).
وهذه أمثال ضربها الرسول صلى الله عليه وسلم لبيان تفاوت الناس في هذه الأمور، وأن من كان عنده القرآن فإنه جمع بين خصلتين محمودتين: إيمان وقراءة القرآن، وشبهه بالأترجة التي طعمها حلو، وريحها طيب، وشبه المؤمن الذي لا يقرأ القرآن بالتمرة التي طعمها طيب ولكن لا ريح لها، والفاجر الذي لا يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب، ولكن طعمها مر، والفاجر الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها.
ثم ذكر بعد ذلك الجليس الصالح والجليس السوء، وأن الجليس الصالح كحامل المسك، وحامل المسك إن لم يعطك أو تتزود منه، فإنك تجد منه رائحة طيبة، وتشم ريحاً طيبة، وعلى العكس من ذلك جليس السوء مثله مثل نافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك وإما أن يسودها فتصير وسخة، وإما على الأقل أن تشم منه رائحة كريهة، ومعنى ذلك: أن الضرر حاصل من جليس السوء، والضرر متفاوت، فإما إحراق ثياب، وإما تسويدها، وإما رائحة كريهة على الأقل.
فلا يعدم مجالس الأخيار من الفائدة الطيبة، ولا يعدم مجالس الأشرار من المضرة مع التفاوت في تلك المضرة.
والفاجر ليس بلازم أن يكون منافقاً، بل قد يكون من العصاة، أي: من أهل الفجور في المعاصي التي هي غير النفاق، فيكون فيه خصلتان ذميمتان: كونه ليس عنده رائحة طيبة، والطعم يكون مراً.
مسلم بن إبراهيم وأبان وقتادة مر ذكرهم، وأنس بن مالك رضي الله عنه خادم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله.
والمراد بقراءة القرآن: القراءة والتأمل فيه والتدبر والاتعاظ.
أورد أبو داود هذا الحديث عن أنس عن أبي موسى رضي تعالى عنهما، وهذه رواية صحابي عن صحابي، وهو مثل الأول، إلا أنه في آخره وقف عند الصنف الرابع من الأصناف الأربعة، وهو الفاجر الذي لا يقرأ القرآن والذي شبهه بالحنظلة التي طعمها مر ولا ريح لها.
وقوله: (وكان أنس يقول: وكنا نتحدث أن مثل الجليس الصالح... ) إلى آخره، يعني: أنه ليس بمرفوع، ولكن كما هو معلوم هذا الحديث ثابت عن أبي موسى الأشعري في صحيح البخاري وصحيح مسلم ، وخاصة ما يتعلق بالجليس الصالح، وهو: (مثل الجليس الصالح كحامل المسك ... ومثل الجليس السوء كنافخ الكير).
مسدد مر ذكره، ويحيى هو ابن سعيد القطان وقد مر ذكره أيضاً.
[ ح وحدثنا ابن معاذ ].
هو عبيد الله بن معاذ ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبي ].
أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس عن أبي موسى ].
قد مر ذكر الثلاثة الأولين، وأما أبو موسى فهو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه وهو صحابي جليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن أنس بن مالك وفيها قال: (مثل الجليس الصالح..) وذكر نحوه، يعني: نحو الذي تقدم.
قوله: [ حدثنا عبد الله بن الصباح العطار ].
عبد الله بن الصباح العطار ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا سعيد بن عامر ].
هو سعيد بن عامر الضبعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شبيل بن عزرة ].
شبيل بن عزرة صدوق يهم، أخرج له أبو داود .
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه قد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) .
والمصاحبة هي محل الشاهد من الترجمة من جهة بيان من يصاحبه الإنسان ومن يجالس.
وقوله: (لا تصاحب إلا مؤمناً) أي: من يعرف بالإيمان والتقى، فمن كان كذلك فللإنسان أن يصاحبه ويرافقه ويجالسه؛ لأن الفائدة تعود عليه من وراء مجالسته.
وقوله: (ولا يأكل طعامك إلا تقي) أي: صاحب تقى، والمقصود من ذلك: أن الإنسان لا يدعو إلا أناساً طيبين، ولا يدعو أناساً ليسوا أتقياء، إلا إذا كان يريد من وراء ذلك استمالتهم وتوجيههم ودعوتهم وإصلاحهم ونصحهم، فإذا كان ذلك لهذه المصلحة فلا بأس في ذلك، وإلا فإن الأصل أن الإنسان تكون مجالسته ومخالطته ومآكلته مع أناس طيبين، وأما إذا كان يخالط أناساً فيهم سوء، ولا يكترث بذلك فإن ذلك يؤثر عليه، ولكن إذا كان من أجل أن يدعوهم وينبههم ويستميلهم ويذكرهم، ويسعى لإصلاحهم، فهذا مقصد طيب.
وقوله: (لا يأكل طعامك إلا تقي) المقصود بذلك أن يدعوه، وأما أن يحسن الإنسان إلى غيره ممن هو بحاجة إلى الإحسان، فإنه يحسن إلى التقي وغير التقي، لاسيما إذا كان هذا الإحسان يؤثر في غير التقي.
عمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا ابن المبارك ].
هو عبد الله بن المبارك المروزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حيوة بن شريح ].
هو حيوة بن شريح المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم بن غيلان ].
سالم بن غيلان ليس به بأس، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
وقولهم: (ليس به بأس)، هي بمعنى صدوق.
[ عن الوليد بن قيس ].
الوليد بن قيس مقبول، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد وأبو داود والترمذي .
[ عن أبي سعيد ].
هو سعد بن مالك بن سنان الخدري ، وهو صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ أو عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ].
أي: أن الوليد يروي عن أبي سعيد ويروي عن أبي الهيثم عن أبي سعيد ، وسواء كان هذا أو هذا فكله صحيح، يعني: سواء كان في السند واسطة أو غير واسطة. وأبو الهيثم هو سليمان بن عمرو ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
والمقصود بهذا النهي: أن الإنسان لا يخالط ويصاحب إلا الأتقياء والمؤمنين؛ لأن مصاحبة الأشرار تعود على الإنسان بالمضرة.
وقوله: (ولا يأكل طعامك إلا تقي) أيضاً كذلك؛ لأن كونه يدعوهم ويأكل معهم فكأنه واحد منهم، ولا يكترث بمخالطتهم، وأنه ليس عنده فرق بين المخالطة وعدم المخالطة، لا شك أن هذا أمر سيئ، والمآكلة تؤدي إلى التآلف والمقاربة في القلوب، مع أنه يجب أن يكون هناك تنافر وبعد عن أصحاب المعاصي، إلا إذا كان المقصود التألف فهذا شيء آخر.
ودعوة أهل البدع في الولائم والأعراس إذا كانت من أجل استمالتهم ودعوتهم، فهذا لا بأس به وهذا إذا كانوا غير مشهورين بالبدع، وأما إذا كانوا مشهورين بالبدع، أو من أئمة البدع والداعين إليها، فالأولى للإنسان أن يبتعد عنهم، إذا كان لا يرجى رجوعهم وإقناعهم، وذلك كأناس متبوعين في البدعة، وهم محافظون عليها، فإذا لم يكن هناك مجال لإصلاحهم ورجوعهم، فعلى الإنسان أن يبتعد عنهم.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) يعني: أن الإنسان إذا صار خليلاً ومصاحباً لإنسان فإنه يكون مثله في أخلاقه وفي صفاته وفي عبادته.
وقوله: (فلينظر أحدكم من يخالل) أي: أنه لا يختار إلا الخليل الطيب، ومن يكون عوناً له على الطاعة، ولا يختار خليلاً يكون عوناً له على المعصية، أو يجره إلى المعصية، أو يتسبب في انحرافه، وخروجه عن الجادة؛ لأن أغلب البلاء الذي يحصل لكثير من الناس إنما يأتي عن مخالطة الأشرار، واختيار الأخلاء والأصدقاء المستقيمين هو الذي ينفع؛ ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67] فالمخاللة لأناس فيهم انحراف تسبب انحراف من يخاللهم ويصاحبهم، فعلى الإنسان أن يخالل من يكون مستقيماً، حتى يسلم في دينه وطاعته، وحتى يكون خليله عوناً له على طاعة الله عز وجل، ويزيده ثباتاً على ما هو عليه.
هو محمد بن بشار الملقب بـبندار البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو عامر ].
هو أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأبو داود ].
هو سليمان بن داود الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ قالا: حدثنا زهير بن محمد ].
زهير بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: حدثني موسى بن وردان ].
موسى بن وردان صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه وقد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأرواح جنود مجندة) أي: أنها جند من جنود الله الكثيرة التي خلقها الله تعالى وأوجدها، والإنسان يتكون من الروح والجسد، والروح مخلوق من مخلوقات الله، ولا يعلم كيفيتها وكنهها إلا الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا فإن الروح من جملة المخلوقات التي يكون بها حياة الإنسان، والناس لا يعرفون كنهها، ولا يعرفون كيفيتها ولا وصفها، ولا كيف هي، فهي خلق موجود به حياة الإنسان إذا نفخ فيه الروح دبت فيه الحياة، وإذا فارقته الروح فارق الحياة، ومع ذلك لا أحد يعرف كيفية هذه الروح.
وإذا كانت الروح مخلوق من مخلوقات الله، والناس لا يعرفون كيفيتها ولا كنهها، فالله عز وجل الذي هو الخالق له ذات متصفة بالصفات ولا يعلم الخلق كنهه، فإذا كان الناس يجهلون مخلوقاً من مخلوقات الله به حياتهم، فكيف يفكرون في ذات الله عز وجل، أو يبحثون عن ذات الله عز وجل، أو يكيفون ذات الله وصفاته؟! فالواجب عليهم أن يثبتوا لله عز وجل كل ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله على وجه يليق به دون تكييف أو تمثيل أو تشبيه، ودون تحريف أو تعطيل أو تأويل، بل على حد قول الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
فإذا كانت الروح مخلوق من مخلوقات الله، وهم عاجزون عن إدراك كنهه وكيفيته، مع أنه فيهم، فإن الإنسان يتألف من الروح والجسد، ومع ذلك لا يعرف شكل هذه الروح، ولا كيفيتها، ولا يستطيع أن يصف هذه الروح، فكيف يجهل الإنسان الروح ثم يفكر في ذات الله، ويسأل عن كيفية الله عز وجل وكيفية صفاته؟! لا شك أن هذا من الأمور المحرمة المبتدعة؛ ولهذا جاء رجل إلى مالك بن أنس رحمه الله وسأله عن كيفية الاستواء قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول. لأننا لا نعرف الذات ولا نعرف كيفية الصفة، ولكن معنى الصفة معروف، فاستوى بمعنى: علا وارتفع، لكن كيف علا وارتفع؟ الله تعالى أعلم.
فقوله: (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) يعني: بعضها يأتلف مع بعض، وبعضها يختلف مع بعض، ولا شك أن هذا مشاهد معاين، فإننا نجد النفوس يميل بعضها إلى بعض، ويتعارف مع بعض، ونجد بعضها يبتعد عن بعض وينفر عن بعض، وقد قيل: إنها كذلك أيضاً قبل أن تدخل في الأجساد.
وأما كونها تتعارف بعد الدخول في الأجساد فهذا موجود وحاصل، ومعلوم أن الجسد وحده لا يوصف بحياة ولا يوصف بعلم وإدراك إلا إذا كانت الروح فيه، ومع ذلك الأرواح بأجسادها يكون بينها التعارف والتناكر.
فالأرواح قبل أن تدخل في الأجساد وحين كانت منفصلة عن الأجساد تكون متعارفة ومتناكرة، كما قال هذا بعض أهل العلم أخذاً بهذا العموم، والله تعالى أعلم.
هارون بن زيد بن أبي الزرقاء صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبي ].
أبوه ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا جعفر يعني ابن برقان ].
جعفر بن برقان صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
يزيد بن الأصم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه وقد مر ذكره.
وقوله: [ يرفعه ].
هذه الكلمة هي بمعنى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلمة (يرفعه) أو (ينميه) كلها بمعنى أنه يضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يقال: إن كون الراوي عبر بهذه العبارة لعله لم يضبط الصيغة التي عبر بها أبو هريرة وهل قال: يقول أو سمعت أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فإذا عبر بكلمة يرفعه، فإنه يدخل فيها هذا وهذا؛ لأن كونه يضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع، وسواء قال: سمعت، أو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكله بمعنى.
وهذا التعارف بين الأرواح يمكن أن يكون بعد دخولها في الأجساد، ويمكن أن يكون ذلك التعارف لمجموع الأمرين الروح والجسد، فيكون الإحسان والإساءة لهما، ولا يقال: إن هذا من الجسد دون الروح، وهذا من الروح دون الجسد، فإنه بعد أن تدخل الروح في الجسد يكون التعارف حاصلاً لمجموع الأمرين؛ لأن الإنسان هو إنسان بمجموع الأمرين؛ لأنه جسد وروح وأما بدون روح فمعناه: أنه ليس فيه حياة.
والحديث لا يدل على أنه لا لوم على العبد في ميله وحبه لشخص وكراهيته لآخر؛ لأنه كما هو معلوم التعارف متفاوت بين الناس، ومعلوم أن الإنسان يميل إلى من يماثله، وإن مال إلى غير من يماثله فإنه يتضرر.
الجواب: لا نعلم حديثاً في هذا، وما هو معنى أن تكون على دين زوجها؟ هل تكون على دينه من ناحية أنها نصرانية وهو مسلم؟ فالمسلم يتزوج النصرانية، فدينه الإسلام ودينها الكفر، وإن كان المقصود به من ناحية أخلاقه أو نحو ذلك فقد توافقه في الأخلاق؛ ولهذا كان من حكمة إباحة الشريعة التزوج من أهل الكتاب أنهم أهل دين، وأن ذلك قد يكون سبباً في إسلام المرأة؛ لأن الرجل له قوامة عليها، وهي تحت إمرته، فله تأثير عليها، وأما العكس فإنه لا يجوز، فلا يجوز للكافر أو الكتابي أن يتزوج المسلمة؛ لأن علوه عليها قد يكون سبباً في ردتها وخروجها عن دين الإسلام إلى غيره.
الجواب: حتى لو كان التحلق قبل الصلاة، وحتى لو كانوا حلقة واحدة فإنهم بهذا سوف يتركون الصفوف الأول، وهذا ليس بمطلوب، بل عليهم أن يصفوا ويكملوا الصف الأول ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، فسواء كانوا حلقة أو حلقاً فالنتيجة واحدة فيما يتعلق بما كان قبل الصلاة.
الجواب: أولاً: الحديث الذي ورد في هذا غير صحيح، وقد ذكر العلماء أن الجالس وسط الحلقة حصل منه الخطأ من جهتين: من جهة أنه تخطى الناس حتى وصل إلى وسط الحلقة، ومن جهة أنه يحجب من يجلس أمامه عن الذين هم جالسون معه يحدثهم ويسمعون منه، فالإساءة حاصلة من جهتين.
الجواب: الذي ينبغي ألا يكون الصغار خلف الإمام، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).
الجواب: نعم، فإذا كان كل واحد له مكان مخصص، وجاء شخص إلى مكان آخر وجلس فيه فإن لصاحب المكان أن يطلب منه أن يقوم؛ لأن كل واحد له مكان مخصص، فكونه يترك مكانه ويجلس في مكان غيره ليس له ذلك إلا بإذنه إذا كان يملك الإذن، أما إذا كان أيضاً لا يملك الإذن لأن المسئولين أرادوا أن يكون كل واحد في مكانه، ويعرفونه برقمه الذي يكتب على مقعده، أو على اللوح الذي أمامه، ويكون كل واحد يعرف باسمه ورقمه، فأيضاً ليس له أن يتبادل هو وإياه، بل يجلس كل واحد في مكانه.
وكذلك إذا لم يكن هناك أرقام، ولكن كل واحد عرف مكانه، أو يكون أيضاً الجلوس بالترتيب، وقد رتبوا وكل يعرف مكانه، وقد ذكروا في البيان على حسب ترتيبهم، فيجلسون على حسب هذا الترتيب، أما إذا كان الأمر ليس فيه إلزام وأن لكل أحد أن يجلس في أي مكان يريد، فلكل إنسان أن يجلس حيث يشاء.
الجواب: لا شك أن الذي جاء وسبق وحصل المكان القريب من الرسول صلى الله عليه وسلم أولى من غيره، ولذلك استحيا وجلس وراء الناس، فهذا حصل الخير والسبق، وذاك جاء ووجد فرجة فما كان ليتركها ويجلس في مكان آخر، وإنما سد تلك الفرجة.
الجواب: الذي يبدو أنه في المسجد، وأما في غير المسجد فلا بأس، فإذا جلسوا يتذاكرون قبل أن يأتوا المسجد فلا بأس بذلك.
الجواب: الخطبة هي للجميع، ومعلوم أن الناس يأتون إلى الجمعة شيئاً فشيئاً، وإذا فسرت الخطبة قبل الصلاة فمعناها أن الناس لم يدركوها، ولكن يمكن أن تفسر بعد الصلاة، وبذلك يكون الكل قد حضر، وكل من يريد الفائدة قد وجدها، وأما إذا أتي بها قبل الصلاة، فبعض الناس قد يأتون ولا يحصلون شيئاً من الفائدة.
الجواب: يمكن أن يخرجها مجتمعة، وليس بلازم أن يخرجها كل يوم بيومه، بل يمكن أن يخرجها دفعة واحدة، قبل أو بعد أو في أثنائها، كل ذلك سائغ.
الجواب: إذا ثبت الهلال في بلد، وبعض الناس لم يعلم به إلا في الصباح وبعد طلوع الفجر، فإنه لا يعتبر صيامه؛ لأنه لا بد من النية قبل طلوع الفجر، وإن لم يبلغ الخبر إلا بعد أن حصل الأذان فعلى الإنسان أن يمسك ويقضي، ولا ينفعه صيامه ولو لم يأكل؛ لأنه لا بد أن ينوي قبل طلوع الفجر، وأن يكون بلغه دخول الشهر قبل طلوع الفجر، فإذا لم يبلغه إلا بعد طلوع الفجر، فإنه لا يعتبر صام ذلك اليوم، ولو لم يأكل حتى بلغه الخبر، بل يجب عليه الإمساك والقضاء لذلك اليوم الذي لم يصمه.
وبالنسبة لرمضان تكفيه النية في أول ليلة، هذا هو الأصل، الأصل أنه عند دخول الشهر ينوي أن يصوم كل يوم، ويعزم على صيام الشهر، وكما هو معلوم أنه عندما يتسحر فإنه من أجل صيام ذلك اليوم، لكن كون الإنسان يبيت النية أول الشهر هذا كافٍ؛ لأنه لو نام مثلاً ولم يتسحر فإن صيامه صحيح؛ لأن النية موجودة عنده من أول الشهر.
الجواب: لا، بل عليه القضاء وأن يطعم عن كل يوم مسكيناً.
الجواب: تجب فيه الزكاة؛ لعموم الأدلة التي وردت في زكاة الذهب والفضة؛ ولوجود بعض الأحاديث الخاصة في هذا الأمر كما في قصة المرأة صاحبة المسكتين التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (تزكين هذا؟) فدل هذا على أن الذهب والفضة يزكيان مطلقاً، سواء كانت للزينة أو لغير الزينة، وسواء كانت نقوداً أو غير نقود.
الجواب: هناك تأمين تعاوني وتأمين مبني على الجهالة والغرر، ومعلوم أن التأمين التعاوني جائز، ولا بأس به، ولا بأس بالعمل فيه، وأما التأمين المحرم فالعمل فيه عمل بشيء محرم، ومن التعاون على الإثم والعدوان، وهو مثل العمل في البنوك الربوية.
الجواب: كونه أخذ الساعة التي فيها عطل وأعطاه ساعة جديدة ويدفع الفرق ليس في هذا بأس، فكونه يبيع ساعة بساعة، وبينهما فرق لا بأس بذلك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر