إسلام ويب

القوة العلمية والعمليةللشيخ : عبد الرحمن صالح المحمود

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد حرص السلف على طلب العلم والعمل به اقتداء بكتاب الله: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)، فهما الجناحان اللذان يصل بهما العبد في سفره إلى مقصوده في الآخرة، ولابد أن يعلم الإنسان أنه قد تعتريه في طريق العلم والعمل عوائق ومحبطات، فعليه أن يستعين بالله في مدافعة ذلك، وأن يكون يقظاً لما يعتريه، فإن الطريق صعب أمام الكسالى والمتهاونين.

    1.   

    أهمية العمل بالعلم

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]. أما بعد: فقد روى ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: (تعلموا قبل أن يرفع العلم، فإن العالم والمتعلم في الأجر سواء)، وروى عنه أيضاً أنه قال: (كن عالماً أو متعلماً أو محباً أو متبعاً، ولا تكن الخامس فتهلك. قال: قلت للحسن : وما الخامس؟ قال: المبتدع). قال ابن عبد البر معلقاً: الخامسة التي فيها الهلاك معاداة العلماء وبغضهم، ومن لم يحبهم فقد أبغضهم أو قارب ذلك وفيه الهلاك. وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: كان يقال: إذا استطعت فكن عالماً، فإن لم تستطع فكن متعلماً، وإن لم تستطع فأحبهم، وإن لم تستطع فلا تبغضهم. قال عمر بن عبد العزيز معلقاً: لقد جعل الله عز وجل مخرجاً. ولقد شدد الأئمة رحمهم الله تعالى على العلم بالعمل، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (يا حملة العلم! اعملوا به، فإنما العالم من عمل ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف عملهم علمهم، يقعدون حلقاً فيباهي بعضهم بعضاً). وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقول: (إنما أخشى من ربي يوم القيامة أن يدعوني على رءوس الخلائق فيقول لي: يا عويمر! فأقول: لبيك يا رب. فيقول: ما عملت فيما علمت؟) وأخرج عبد الرزاق عن علي رضي الله عنه ( أنه ذكر فتناً تكون في آخر الزمن فقال له عمر رضي الله عنه: متى ذلك يا علي؟ قال: إذا تفقه لغير الدين، وتعلم العلم لغير العمل، والتمست الدنيا بعمل الآخرة).

    1.   

    القوتان اللتان بهما يصل العبد إلى مقصوده في الآخرة

    أيها الأخ في الله! ما علاقة العلم بالعمل؟ وأيهما أشد احتياجاً إلى الآخر؟ لما كان العباد قد خلقوا للعبادة، وكلهم سائر إلى ربه تعالى فملاقيه للحساب والجزاء كان السائر إلى الله تعالى والدار الآخرة لا يصير إلى مقصوده إلا بقوتين: إحداهما: قوة علمية. والثانية: قوة عملية. فبالقوة الأولى العلمية ينار له الطريق، ويبصر منازله، فهو يسير ومعه هذا النور القوي نور العلم، فيفيده في ناحيتين في أثناء سيره، لا بد منهما لكل سائر: إحداهما: معرفة الطريق الصحيح والأقرب، فهو بهذا النور يعرف طريقه، ولا يتيه يميناً ولا شمالاً، وإنما هو سير على الجادة الموصلة إلى الله تعالى، وهو في سيره وإن طال الطريق إلا أنه يصبر؛ لأنه واثق من مسيره بهذا النور، ليس عنده تردد، وإنما هو الجزم والعزم والتوكل على الله تبارك وتعالى. أما من لم يوفق إلى العلم الصحيح وإلى العلم المؤصل المبني على أدلة الكتاب والسنة فتجده في سيره متخبطاً، كلما أبصر طريقاً في سيره يميناً أو شمالاً سلكه، فهو تائه بين هذه الطرق وأنى له الوصول؟! الناحية الثانية التي يستفيد منها من نور الله قلبه بالعلم الصحيح: تجنب أسباب الهلاك ومواضع العطب، فهو بهذا النور مبصر لطريقه، عارف بما فيه من الأحجار والشوك والحفر ونحو ذلك، فهو يتجنبها ويحذرها، فهو حذر من البدع والمعاصي، ومواضع فتن القلوب التي تعرض لها، ووساوس شياطين الجن والإنس التي يحاول أصحابها صرف السائر إلى الله تعالى عن طريقه. فبالقوة العلمية وبنور العلم الصحيح يعرف الإنسان ويدرك أعلام الطريق الموصلة إلى الله، فيسلكها ويسير عليها، ويدرك مواضع العطب والهلكة فيتجنبها ويحذرها، هذه هي القوة العلمية. أما القوة العملية فهي حقيقة السير إلى الله تعالى في العمل والعبادة والطاعة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل خير يقرب إلى الله تبارك وتعالى. والإنسان إذا عرف الطريق والسفر ومنتهاه وذلك من خلال ماضي المعرفة والعلم قد حصل له شطر السعادة والفلاح، وبقي عليه الشطر الآخر، وهو أن يشمر عن ساعد الجد مسافراً في الطريق إلى الله تعالى، قاطعاً له منزلة بعد منزلة، فكلما قطع مرحلة استعد لقطع المرحلة الأخرى، واستشعر القرب من المنزل فهان عليه مشقة السفر. وكلما سكنت نفسه من كلال السير ومواصلة الشد والرحيل وعدها قرب التلاقي وبرد العيش عند الوصول، فيحدث لها ذلك نشاطاً وفرحاً وهمةً، فهو يقول: يا نفس! أبشري، فقد قرب المنزل، ودنا التلاقي، فلا تنقطعي في الطريق دون الوصول فيحال بينك وبين منازل الأحبة، فإن صبرت وواصلت المسير وصلت حميدة منصورة جذلة، وتلقتك الأحبة بأنواع التحف والكرامات، وليس بينك وبين ذلك إلا صبر ساعة، فإن الدنيا كلها كساعة من ساعات الآخرة، وعمرك درجة من درجات تلك الساعة، فالله الله لا تنقطعي في المفازة، فهو -والله- الهلاك والعطب لو كنت تعلمين. فإن استصعبت عليه فليذكرها ما أمامهما من أحبابها، وما لديهم من الإكرام والإنعام، وما خلفها من أعدائها، وما لديهم من الإهانة والعذاب وأنواع البلاء، وليجعل حديث الأحبة حاديها وسائقها، ونيل معرفتهم وإرشادهم هاديها ودليلها، وصدق ودادهم وحبهم غذاءها وشرابها ودواءها، ولا يوحشه انفراده في طريق سفره، ولا يغتر بكثرة المنقطعين، وليعلم أن هذه الوحشة لا تدوم، بل هي من عوارض الطريق، فسوف تبدو له الخيام، وسوف يخرج له المتلقون يهنئونه بالسلامة والوصول إليهم. فيا قرة عينه إذ ذاك! ويا فرحته إذ يقول: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ [يس:26-27]! ولا يستوحش مما يجده من كثافة الطبع ودأب النفس وبطء سيرها، وكلما أدمن على السير وواظب عليه غدواً ورواحاً وسحراً قرب من الدار، وتلطفت تلك الكثافة، وزالت تلك الخبائث والأدران، فظهرت عليه همة المسافرين وسيماهم، فتبدلت وحشته أنساً، وكثافته لطافة، ودرنه طهارة. أيها الأخ في الله! هكذا يصور ابن القيم رحمه الله تعالى الطريق، ويصور القوة العملية التي يسير عليها السائر إلى ربه تبارك وتعالى، وهذه القوة العملية هي التي عبر عنها السلف الصالح رحمهم الله تعالى بالعمل، وهي الغاية التي من أجلها يتعلم الإنسان العلم، فهو علم وعمل حتى يلقى العبد ربه تعالى. أما الدنيا فدار عمل لا راحة فيها، وإنما الراحة الحقيقية راحة الآخرة، قيل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة. نعم أيها الأخ في الله، عند أول قدم يضعها في الجنة تكون الراحة، أما الدنيا فهي دار كد، ودار عمل، ودار أحزان، إن أفرحت أياماً أحزنت أياماً أخرى، وهكذا دواليك.

    1.   

    أصناف الناس تجاه قوتي العلم والعمل

    أيها الأخ في الله! تجاه تلك القوتين -القوة العملية والقوة العلمية- كيف تجد نفسك؟ وقبل أن تضع نفسك موضعها أذكر لك أصناف الناس تجاه هاتين القوتين: فمنهم صنف تكون عنده القوة العلمية الكاشفة عن الطريق ومنازلها، وأعلامها، وعوارضها، فهو إن تحدث أو تكلم يتكلم بكلام المتبصر العالم، المدرك لحقائق الدين وحقائق عوارض الطريق في السير إلى الله تبارك وتعالى. ولكنه ضعيف في القوة العملية، فهو يبصر الحقائق ولا يعمل بموجبها، وهو يرى المعاطب والمتالف من المعاصي والمنكرات ثم لا يتوقاها، فهو فقيه ما لم يحضر العمل، فإذا حضر العمل شارك الجهال في التخلف، وفارقهم في العلم، هذا هو الصنف الأول. الصنف الثاني: من تكون له القوة العملية الإرادية، وتقتضي هذه السير والسلوك والزهد في الدنيا، والرغبة والتشمير في العمل، ولكنه لضعف القوة العلمية عنده يكون أعمى البصر عند ورود الشبهات في العقائد، أو الانحرافات في الأعمال والأقوال، فهو شديد الهمة، كثير العمل، ولكنه ضعيف في باب العلم، فيقع في أنواع من البدع والمخالفات، هذا هو الصنف الثاني. الصنف الثالث: ضعيف في هاتين القوتين، فهو ضعيف العلم وضعيف العمل، فهو لكثرة القواطع وشدتها -لضعفه في هذين الأمرين- على طريقه هالك إن لم يتداركه ربه تبارك وتعالى برحمة منه، ضعيف العلم وضعيف العمل، فهو يتقلب في دنياه بين جهل وقلة عمل، قد تسلطت عليه شياطين الإنس والجن من جميع الجوانب، فهو على طريق هالك إن لم يتداركه ربه تبارك وتعالى. الصنف الرابع: من كانت له هاتان القوتان جميعاً، فهو مستقيم في سيره إلى ربه تبارك وتعالى بعلم قوي ونور نافذ وعمل صالح دائمٍ غير منقطع إلى أن يلقى ربه تبارك وتعالى، وهذا هو الذي يرجى له الاستقامة، ويُرجى له رد القواطع والموانع التي تمنع العبد وتعيقه في سيره إلى الله تعالى، وهؤلاء هم الموفقون السائرون على منهاج السلف علماً وعملاً، جعلنا الله تبارك وتعالى وإياكم من هؤلاء، ووفقنا لسلوك طريقهم بمنه وكرمه. هذه هي الأصناف الأربعة وضحت معالمها، فمن أيها نحن نكون أيها الأخ في الله؟! إن الأمر ليس بالأماني ولا الدعاوى، إن الأمر اجتهاد وعمل، إن الأمر تشمير في سيرك إلى ربك سبحانه وتعالى، فأنت تطلب العلم وتعمل بهذا العلم، وهكذا كان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى.

    1.   

    ما يهم الإنسان عند سلوكه طريق العلم والعمل

    إن العبد حين يسلك هذا الطريق -طريق العلم والعمل جميعاً- في أحواله وأقواله وأعماله فعليه أن ينتبه إلى أمرين مهمين: أحدهما: أن السفر إلى الله تعالى مقطوع به، ومدة سفر الإنسان هو عمره الذي كتب له، والأيام والليالي مراحل لسفره، فكل يوم وليلة فمرحلة من المراحل، فلا يزال يطويها حتى ينتهي السفر. والكيس الفطن هو الذي يجعل كل مرحلة نصب عينيه، فيهتم بقطعها سالماً غانماً، فإذا قطعها جعل الأخرى نصب عينيه، ولا يطول عليه الأمل فيقسو قلبه ويمتد أمله وينشغل بالتسويف والتأخير، ولا يحزن من قلة السالكين، بل يسير على الدرب ما دام أنه على نور من ربه تبارك وتعالى، وهذا هو معنى ما كان عليه السلف من حرصهم على العمل في كل يوم وليلة، فيعملون فيهما وكأنهما آخر أيامهم من الدنيا، وهكذا. الأمر الثاني: الحذر من الخواطر الشيطانية، وحراسة النفس من هذه الخواطر وحفظها، والحذر من الاسترسال معها؛ فإن هذه الخواطر الشيطانية أصل الفساد كله، ومن قبلها يجيء بذر الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، فإذا تمكن من بذرها تعاهدها الشيطان يسقيها مرة بعد أخرى، حتى تصير إرادات، ثم تصير عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال المنحرفة، نسأل الله السلامة والعافية. فلابد للعبد من دفع هذه الخواطر، وأن لا يتساهل فيها، فهي كمن يتهاون بشرارة من نار ربما تحرقه وتحرق بيته ومن حوله. ويستعين لحفظ النفس من هذه الخواطر بعدة أمور: منها: العلم الجازم باطلاع الله تعالى ونظره إلى قلبك، وعلمه بخواطرك: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19]. ثانيها: حياؤك من الله تعالى أن تسترسل في هذه الخواطر التي تغضب الله تعالى. ثالثها: إجلالك لله أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خلق لمعرفته ومحبته. رابعها: خوفك من الله أن تسقط من عينه بتلك الخواطر. خامسها: خشيتك من أن يتولد من تلك الخواطر ما يهلك القلب والعمل. سادسها: أن تعلم أن هذه الخواطر بحر من الخيال لا ساحل له، فإذا دخل القلب فيه غرق وتاه. سابعها: أن هذه الخواطر وادي الحمقى وأمان الغافلين، أما الحقائق فهي في الآخرة عند ربك تبارك وتعالى يوم القدوم عليه. فلابد للعبد من سير إلى ربه تبارك وتعالى، ولا بد له في أثناء هذا السير من العلم والعمل، فشمر عن ساعد الجد طلباً للعلم، وعملاً وعبادة لله وحده لا شريك له، فهذا -والله- هو عز الدنيا والآخرة، وهذا هو -والله- فرح النصر، وهذا هو -والله- دواء كل مرض يعرض على النفس. إننا جميعاً مسئولون أمام ربنا تبارك وتعالى عن علمنا، وعن قوتنا، وعن شبابنا، وعن أعمارنا، فبماذا نحن مجيبون ربنا تبارك وتعالى؟! يا طلبة العلم! انتبهوا للأمر فإن الأمر جد، انتبهوا للأمر فإن النفس تحتاج إلى مجاهدة، يا أيها المؤمنون! اجعلوا من الدراسة ومن طلب العلم على مختلف أشكاله باباً تنطلقون منه لعبادة ربكم تبارك وتعالى، تعزون فيه دينكم، وتنشرون فيه دينكم، وترفعون فيه لواء هذا الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. أيها المؤمنون! استعينوا بالله واصبروا، استعينوا بالله على طلب العلم، واصبروا على طلب العلم، استعينوا بالله واصبروا على طريقكم وسيركم إلى ربكم تبارك وتعالى. اللهم! إنا نسألك علماً نافعاً وعملاً صالحاً، اللهم! إنا نسألك الاستقامة على دينك حتى نلقاك يا أكرم الأكرمين. اللهم! إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم! حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755827587