إسلام ويب

شرح عمدة الأحكام [48]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، والشروط الواجب الوفاء بها تكون على الطرفين، وعدم الوفاء بها داخل في إخلاف الوعد الذي هو صفة من صفات المنافقين، وللشروط أحكام بينها أهل العلم.

    1.   

    شرح حديث عائشة: (جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي...)

    قال المصنف رحمنا الله تعالى وإياه: [باب الشروط في البيع:

    عن عائشة رضي الله عنها قالت: (جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواقٍ في كل عام أوقية، فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت عائشة ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد:

    فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟! ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق)].

    هذه قصة واقعية، وهذه الأَمَة كانت مملوكة لبعض الأنصار، وكانت تحب أن تتحرر، فاشترت نفسها بثمن مؤجل، وجاءت إلى عائشة تطلب منها أن تعينها في هذا الثمن حتى تعتق، ولكن عائشة عرضت عليها أن تشتريها بالثمن الذي طلبه أهلها، وتدفعه لهم لتكون مملوكة لها، ثم بعد ذلك تعتقها.

    ومن المعلوم: أنها إذا أعتقتها أصبحت مولاة لها، ولكن لما أخبرت أهلها الذين كاتبوها قالوا: نريد أن تكوني مولاة لنا، ولا يكون الولاء لغيرنا، فسمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتعجب! كيف يكون لهم الولاء وهم قد أخذوا الثمن؛ وقد باعوها؟! لا يمكن أن يكون الولاء إلا لمن منّ بالعتق، فعند ذلك خطب هذه الخطبة، وأخبر بأن الولاء لمن أعتق، ولا يجوز اشتراط الولاء لغير المعتق.

    الشروط في البيوع لازمة إلا شرطاً محرماً

    المؤلف جعل هذا الحديث في باب الشروط في البيع، والشروط: هي ما يلتزمه أحد المتعاقدين للآخر مما له فيه مصلحة، كأن يشترط أنه ينتفع بالعين مدة قبل تسليمها للمشتري، أو يشترط عليه المشتري أن الثمن غائب، أو يشترط البائع أن الثمن الغائب فيه رهن، أو فيه كفيل، أو يشترط المشتري أن يكون الثمن أقساطاً، أو يكون الثمن من النقود كذا وكذا، جنيهاً مثلاً، أو ديناراً، فإذا كان هذا الشرط لا خلاف فيه، وليس فيه محذور؛ لزم العمل به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) فإذا أحل حراماً أو حرم حلالاً فلا يجوز العمل به، فمثلاً: اشتراط أن الولاء لغير المعتق يحرم حلالاً، ويغير شرعاً.

    ومثله: إذا أعتق الأمة واشترط أن يطأها وهي عتيقة، فهذا أحل حراماً.

    وهكذا لو اشترط عليه إذا اشترى الأمة ألا حق له في الاستمتاع، مع كونه قد دفع ثمنها، فهذا شرط حرم حلالاً.

    وكذا لو اشترط عليه ألا ينتفع بالعين، كأن يقول له: بعتك الثوب ولا تلبسه، أو بعتك البيت ولا تسكنه، أو بعتك الأرض ولا تحرثها؛ فهذا شرط يحرم حلالاً.

    إذاً: الشروط التي تُلتزم هي ما لا محذور فيها، ولا تخالف شيئاً من قواعد الشرع المشهورة المقعدة.

    فهؤلاء باعوا هذه الأمة، بمعنى: أنهم باعوها نفسها، وهذا يُسمى: الكتابة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33] بمعنى: أنك إذا ملكت عبداً وطلب ذلك العبد أن يشتري نفسه بثمن مؤجل، كأن يقول: ثمني - مثلاً- خمسة آلاف، ولكن أنا أشتري نفسي بعشرة آلاف، أشتغل عند الناس، أو أجعل لي حرفة أو صنعة، ثم أعطيك كل سنة ألفاً أو ألفين، فتمكنه، فيشتغل، ويكتسب، ويتجر، ويغزو ليغنم، ويسافر للتجارة، ويجمع من حرفته ومن كسبه، ويعطيك كل سنة القسط، فإذا أعطاك القسط الأخير فأعتقه، مع أنك مأمور بأن تحط عنه بعض الأقساط، لقوله تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33] .

    فهذه الأمة- بريرة - اشترت نفسها على أن تسلم لأهلها كل شهر أو كل سنة كذا وكذا، وكأنها شعرت بأنها عاجزة، فاستعانت بـعائشة ، فـعائشة قالت: أنا أشتريك وأدفع الثمن دفعة واحدة، ويكون الولاء لي، أي: تكونين مولاة لي، فذهبت تلك الجارية إلى أهلها وأخبرتهم، فطمعوا وقالوا: نحن نريد الولاء، ولكن لما أخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بكلامهم أنكر ذلك الكلام؛ لأنه شرط يخالف شرع الله، فصعد المنبر وقال: (ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط؛ قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق).

    فولاء العتاقة يكون للسيد الذي منّ على عبده بتحريره، فيكون مولاه، وتكون منه النصرة، ويكون منه الإرث، فيرث المعتق ذلك العبد إذا مات، وكذلك يواليه وينصره، وينضم إليه، ويكون كأحد أفراد الأسرة؛ فلذلك طمع هؤلاء في الولاء، ولكن عائشة لما طمعت في ولاء تلك الجارية رأتها أهلاً لأن تشتريها، ولم يكن لها رغبة فيها إلا أن يكون الولاء لها.

    فالحاصل: أن الشروط التي تخالف الشرع لاغية، والشروط التي توافق الشرع ثابتة، وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: (من اشترى نخلاً قد أُبر فثمرته للبائع إلا أن يشترط المبتاع) فإذا كان لك نخل قد طلع ثمره فبعته، فالثمرة تكون لك؛ لأنك سقيته سنة أو نحوها، وهذه الثمرة تعلق نظرك بها، لكن لو قال المشتري: أنا أشتريه بكذا بشرط أن هذه الثمرة لي صح الشرط والبيع؛ وهذا شرط لا يخالف الشرع؛ لأنه شيء معلوم، فأما الشرط الذي يخالف الشرع ويخالف القواعد الشرعية فإنه لا يحوز.

    1.   

    شرح حديث جابر: (أنه كان يسير على جمل فأعيا..)

    قال المصنف رحمنا الله تعالى وإياه: [عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (أنه كان يسير على جمل فأعيا، فأراد أن يسيبه، قال: فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي وضربه، فسار سيراً لم يسر مثله قط، ثم قال: بعنيه بأوقية، قلت: لا. ثم قال: بعنيه، فبعته بأوقية، واستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت فأرسل في إثري، فقال: أتراني ما كستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك) .

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها)] .

    حديث جابر ذكر أنه كان في غزوة من الغزوات، وكان على جمل، وذلك الجمل أعيا كسائر الجمال التي قد تعيا من طول السفر، وهزل وضعف حتى كاد أن يهمله ويسيبه؛ لكونه أصبح بطيء السير، لا يستطيع أن يحمل شيئاً، ولا أن يسير مع الإبل، فلما هم بأن يسيبه (لحقه النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له، ونخسه) فعند ذلك سار سيراً عجيباً سريعاً حتى كاد يسبق الإبل، وحتى كان جابر يمسكه لئلا يتقدم عليها؛ وذلك لبركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سار هذا السير طلب أن يشتريه، فقال: (بعنيه) وكان جابر يقول: (ليس عندنا ما ننضح عليه غيره) يعني: أنه كان هو الذي يسقون عليه النخل، ولكن لم يكن بد من أن يتنزل على رغبة النبي صلى الله عليه وسلم، فباعه بوقية؛ والوقية: أربعون درهماً من الفضة، فلما باعه عرف أنه بحاجته إلى أن يصل إلى المدينة، فاستثنى حملانه؛ أي: اشترط ظهره بأن يبقى معه، يحمل عليه متاعه حتى يصل إلى المدينة، فوافقه النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الشرط، فلما وصل إلى المدينة وأنزل رحله أتاه بالجمل، فأناخه عند المسجد، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنقده ثمنه أربعين درهماً، فلما نقده ثمنه ورجع، رأى أن يرده عليه، فدعاه ورد عليه جمله، وسمح له بالدراهم.

    استدلوا بهذا الحديث على جواز الشرط في البيع؛ وذلك لأن جابراً اشترط بقاءه عنده إلى المدينة ليحمل عليه متاعه.

    وفيه دليل على جواز المماكسة، فإنه لما امتنع من بيعه كرر عليه وقال: (بعنيه) مرة بعد مرة، فتجوز المماكسة، يعني: المراجعة في البيع.

    وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم قد رفق بـجابر ؛ حيث رد عليه جمله لما رأى حاجته إليه، فأفاد ذلك أنه يجوز البيع والشراء، وأنه يجوز الاستثناء في البيع والشرط، واستثناء المنفعة فيه.

    1.   

    شرح حديث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لبادٍ..)

    حديث أبي هريرة اشتمل على خمس جمل:

    الجملة الأولى: قوله: (لا يبع حاضر لبادٍ) .

    والحاضر: هو القروي، والباد: هو البدوي، فالمقيم في البلد يسمى: حاضراً، والمقيم في البر المتنقل يسمى: بادياً.

    والمعنى: أنه لا يبيع المقيم للمسافر، بل يترك المسافر يبيع ويشتري لنفسه.

    وقد تقدم مثل هذا الحديث، وفيه قول ابن عباس : ( لا يكون له سمساراً ) والسمسار: هو الدلال أو ما يسمى: الواسطة، وعلل في بعض الروايات بقوله: (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) .

    وبين العلماء ما يشترط لذلك:

    الشرط الأول: أنه يبطل إذا قدم البادي بسلعته لبيعها، أما إذا قدم بها ليخزنها فلا بأس أن يأتيه الحاضر ويشير عليه ببيعها للتوسعة على الناس.

    الشرط الثاني: أن يقصده الحاضر في بيته، أو في منزله ويقول له: دعني أبيع لك سلعك، فإني أعرف بالسلع، أما إذا كان البادي هو الذي قصد الحاضر وقال: بعه لي، فإني لا أعرف، فلا مانع من ذلك، يعني: إذا قدم البادي لبيعها، وكان يريد أن يبيعها بالسعر الحاضر لا أن يتأنى بها، أما إذا كان يريد التأني بها ولا يبيعها إلا بعد أيام فلا بأس أن يتدخل الحاضر.

    الشرط الثالث: أن يكون الناس محتاجين إلى تلك السلع، أما إذا كان أمثالها كثير في الأسواق، فلا بأس أن يتدخل الحاضر وأن يبيعها.

    قال الفقهاء: يبطل البيع إذا قدم البادي لبيعها بسعر يومها جاهلاً بسعرها، وبالناس حاجة إليها، فلا يجوز حينئذ للحاضر أن يتلقاه.

    حكم النجش في البيع

    الجملة الثانية: النهي عن النجش .

    النجش هو: أن يزيد الرجل في السلعة وهو لا يريد شراءها، فإذا كانت السلعة تباع بالمزاد العلني فجاء وأخذ يزيد فيها، فلا يجوز، وقد يعمل هذا ويقصد نفع البائع، أو إضرار المشتري.

    مثلاً: عرضت الأرض أو السيارة للبيع بالمزاد العلني، فرآك تزيد فيها راغباً فيها، فأخذ يزيد عليك، فكلما زدت مائة زاد مائة أو مائتين، حتى زادت على القدر المعتاد، ويقصد بذلك أن يضرك أيها المشتري؛ لأنه عرف أنك تريدها، أو يقصد زيادة الثمن للبائع ليكثر الثمن الذي يُبذل له، فهذا يسمى: النجش، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النجش وقال: (لا تناجشوا) .

    وقد ذكر العلماء: أنه إذا زاد الناجش زيادة زائدة على الثمن المعتاد، وعلم المشتري أن هذا الناجش ليس له غرض في شرائها، فإنه يخير بين أن يبقى على الثمن الذي دفعه وبين أن يردها، فإذا علم أنه زاد وهو لا يريدها فله أن يردها ويأخذ ثمنه، ويقول: إنني قد غُبنت فيها، وزاد علي من ليس له نظر فيها، واعتقدت أنه صادق في أنها تساوي ذلك، وإذا هو كاذب.

    حكم البيع على بيع الغير

    الجملة الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبع بعضكم على بيع بعض).

    صورة ذلك: إذا كنت تبيع سلعاً وجارك يبيع مثلها، ورأيت إنساناً عند جارك قد اشترى ثوباً -مثلاً- بعشرة، وما بقي إلا أن يدفع الثمن، فأشرت إليه أن يأتي إليك، وقلت له: ائتني؛ فأنا أبيعك بأرخص، أنت اشتريت الثوب بعشرة وأنا أعطيك مثله بثمانية، فتُعتبر في هذه الصورة بعت على بيع أخيك.

    أو مثلاً: رأيت إنساناً قد اشترى ثوباً بعشرة، وما بقي إلا أن يبيعه صاحب الثوب ويسلم له الثوب، فقلت لصاحب الثوب: لا تبعه؛ أنا أعطيك فيه اثني عشر، وقصدك بذلك أن تفسخ هذا البيع، وأن تفسده.

    والعلة في ذلك: أنه سبب للبغضاء والحقد بين المسلمين، فجارك هذا سيحقد عليك، ويقول: كلما بعت سلعة أفسد علي بيعتي، ودعا الزبائن وأخذهم علي، وباع لهم، وقد تكون سلعة أقل قيمة من سلعتي، فعند ذلك تحصل العداوة، وتحصل البغضاء بين المسلمين.

    ولا شك أن ذلك مما ينهى عنه؛ لما يسببه من العداوة، والمطلوب بين المسلمين التآخي والتحاب، وأن يبتعدوا عن كل خصلة تسبب العداوة والمقاطعة.

    فإذا رآك أخوك تفسد عليه بيعه، أو تفسد عليه شراءه، حقد، وحنق عليك، وأبغضك، وأخذ كل منكما يسب الآخر، هذا هو سبب النهي عن كونك تبيع على بيعه أو تشتري على شرائه.

    حكم الخطبة على خطبة الغير

    الجملة الرابعة: قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يخطب على خطبة أخيه) .

    الخطبة بكسر الخاء: هي خطبة المرأة، وذلك بأن تعلم أنه قد خطب فلانة بنت فلان، وأن أهلها قد قبلوه، أو لم يقبلوه ولكن توقفوا للسؤال عنه، فتأتي إليهم وتخطب أنت منهم، وتقول: أنا أعطيكم أكثر مهراً، أو أنا أحسن منه جمالاً، أو أحسن منه خلقاً، أو أفضل منه رتبة، أو علماً، أو نحو ذلك، فإذا أتيتهم قبلوك أنت، وردوا أخاك الذي سبقك بالخطبة.

    ولا شك أنه إذا علم بأنك قد أفسدت عليه حنق عليك وحقد، وصارت بينكما الشحناء والبغضاء.

    والواجب: إذا علمت بأنه قد خطبها إنسان قبلك فليس لك أن تتقدم عليه، ولا أن تخطب على خطبته، إلا إذا أذن لك، أو رده أهلها، فإذا ردوه وقالوا: لا نقبلك، أو لم تقبلك المرأة، فعند ذلك تقدم، أو أذن لك وقال: أنا خطبت، يمكن أن يقبلوا ويمكن ألا يقبلوا، فأنت مباح لك أن تخطبها، فيمكن أن يقبلوا ويمكن ألا يقبلوا، أي: أنك أنت وهو سواء في الخصال، يعني: كل منكما فيه من الخصال التي تؤهله للقبول أو عدم القبول ما هو معروف، فلا بأس في ذلك.

    فالحاصل: أنه لا يجوز أن يخطب على خطبة أخيه إلا بعد أن يرد، أو بعد أن يأذن.

    حكم طلب المرأة طلاق ضرتها

    الجملة الخامسة والأخيرة: (ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها) .

    يتصور هذا فيما إذا خطب رجل امرأة وعنده زوجة، فقالت له: لا أتزوجك إلا أن تطلق امرأتك، فهذا لا يجوز؛ وذلك لأنها تفرق بين زوجين متآلفين، وليس لها ذلك، بل إما أن تتزوجه وإما أن ترده، إما أن تتزوجه على ما هو عليه، وإما أن تقول: لا حاجة لي فيك، أو لا أريدك، فأما أن تقول له: طلق امرأتك، فهذا لا يجوز.

    ومثله أيضاً: لو أن امرأة اتصلت بك، وقالت لك: أنا أريدك زوجاً، وذكرت لك جمالها، ومالها، وحسبها، ونسبها، وشرفها، وشبابها، وما أشبه ذلك، ومدحت لك نفسها، وقالت لك: طلق امرأتك حتى أتزوجك، فهذه عرضت عليك نفسها وطلبت منك أن تتزوجها، واشترطت أن تطلق امرأتك التي قبلها، فلا شك أن هذا لا يجوز؛ وذلك لأنها تسبب الفرقة بين الزوجين، ولا يجوز لها أن تفعل هذا الفعل، بل إذا رغبت في الرجل تزوجته على ما هو عليه، ولها نصيبها، وإذا لم ترغبه توقفت فيه، والله تعالى يقول: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756469202