إسلام ويب

شرح العقيدة الواسطية [7]للشيخ : خالد بن عبد الله المصلح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الرحمة صفة من الصفات التي وصف الله بها نفسه، وأثنى على أوليائه المتصفين بها، وأمرهم أن يتواصوا بها، ويراد بها في الشرع الصفة القائمة بالله تارة، وتارة يراد بها آثارها ومتعلقاتها. ومن الصفات الثابتة للمولى عز وجل: الرضا والغضب والسخط والأسف والكره والمقت، وكلها نثبتها لله كما يليق به سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل. أيضاً من الصفات الثابتة لله عز وجل صفة الوجه واليدين والعينين، وهي صفات حقيقية لا يعلم كيفيتها إلا الله تعالى.

    1.   

    إثبات صفة الرحمة لله تعالى

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، وقوله: رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً [غافر:7]، وقوله: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43]، وقوله: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف:156]، وقوله: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام:54]، وقوله: وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:107] وقوله: فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64] ].

    هذه الآيات فيها إثبات صفة الرحمة لله عز وجل، والرحمة صفة فعليه اختيارية من صفات الله جل وعلا يثبتها أهل السنة والجماعة، لما جاء في الكتاب والسنة من إثبات هذه الصفة؛ ولأن السلف أجمعوا على ذلك، ولدلالة الفطر والعقول عليها.

    الرحمة صفة عظيمة من صفات الله جل وعلا، وهذه الصفة جاء لها اسمان من أسماء الله في القرآن وهما: (الرحمن الرحيم)، وكلاهما مشتق من الرحمة التي هي صفته سبحانه وتعالى.

    الفرق بين اسمي (الرحمن والرحيم)

    والفرق بين الرحمن والرحيم فيه عدة أقوال، وأصح ذلك وأقربه إلى الصواب: أن الرحمن يتعلق بالصفة القائمة بالذات، والرحيم يتعلق بإيصال الرحمة إلى الخلق، فالفارق بينهما: أن الرحمن دلالته على الصفة القائمة بالرب، والرحيم دلالته على فعله سبحانه وتعالى، وهو إيصال الرحمة،ودليل ذلك أنه سبحانه وتعالى قال: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43]، فلما ذكر إيصال الرحمة ذكر هذا الاسم وهو الرحيم، ولما ذكر المؤمنين قال: إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:117]، فأثبت الرحمة التي تصل لعباده.

    هذا إذا اقترنا، أما إذا جاء ذكر الاسم مستقلاً فإنه يدل على صفة الذات وصفة الفعل، وكذلك مما يدل على التفريق: أنه لما ذكر الله سبحانه وتعالى الفعل الذي يقوم به قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، ولم يرد: (إنه كان بهم رحمان) أو ما أشبه ذلك، وهذا مما يقرر ويؤكد هذا الفرق، وقد تكلم ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد على الأقوال في التفريق بين هذين الاسمين العظيمين، وانتهى إلى هذه النتيجة، وهو أن الرحمن ألصق بما يقوم بالرب سبحانه وتعالى من صفة، والرحيم يوصف به إيصال الفعل إلى المرحوم.

    والرحمن من حيث الاشتقاق اللغوي على وزن فعلان، وهي تدل على كثرة الرحمة وسعتها، والرحيم فعيل بمعنى فاعل، أي: راحم، وهو يدل أيضاً على كثرة رحمة الله عز وجل، لكن اسم الرحمن أبلغ وأوضح في كثرة الرحمة.

    ومن الفروق بين الاثنين أيضاً: أن الرحمن اسم خاص لا يسمى به إلا الله جل وعلا، أما الرحيم فإنه يسمى ويوصف به غيره، كما قال الله جل وعلا في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].

    الصيغ التي وردت بها الرحمة في الكتاب والسنة

    الرحمة جاء ذكرها في كتاب الله عز وجل وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم على نحوين:

    الأول: يراد به الصفة القائمة بالله عز وجل، كقوله في الحديث: (سبقت رحمتي غضبي)، وفي الآية: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام:54]، فالمكتوب هنا هو رحمته التي وصف بها.

    الثاني: يأتي ذكر الرحمة في كلام الله عز وجل والمقصود بها آثارها ومتعلقاتها؛ كقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ [الأعراف:57]، فالرحمة هنا ليست صفته، إنما هي أثر الصفة، وهذا ليس خاصاً بالرحمة، بل عدة صفات تذكر ويراد بها مسمى الصفة، وتارة تذكر ويراد بها متعلقها وأثرها، من ذلك قوله تعالى: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان:11]، فالمشار إليه هنا هل هو الصفة القائمة بالله عز وجل أو أثر هذه الصفة، وهو خلقه جل وعلا؟

    المراد الأثر، وهذا بالنظر والتتبع أمثلته عديدة في كتاب الله عز وجل، المهم أن اسم الصفة يطلق ويراد به مسمى الصفة، وهو ما يتصف به سبحانه وتعالى، ويطلق ويراد به أثرها ومتعلقها، ومثالها: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام:54]، هنا أطلق اسم الصفة وهو يريد الصفة القائمة بالله، أي: مسمى الصفة، وفي قوله: فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا [الروم:50]، المراد هنا الرحمة التي تشاهد وتدرك، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق مائة رحمة)، فالرحمة المخلوقة ليست هي صفته؛ لأن صفته سبحانه وتعالى ليست مخلوقة، والرحمة ذكرنا أنها من الصفات الفعلية الاختيارية التي يثبتها أهل السنة والجماعة كسائر ما وصف الله به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم.

    الفرق التي ضلت في صفة الرحمة

    ضل في صفة الرحمة أقوام فقالوا: إن الله لا يوصف بالرحمة، وهم الجهمية وبعض مثبتة الصفات، قالوا: لأن الرحمة رقة، فبماذا عرفوا الرحمة، وبماذا أولوها والكتاب من فاتحته ومروراً بكل سورة تفتتح بهذين الاسمين الكريمين إلا سورة براءة؟

    أولوها فقالوا: إن كان المراد الوصف القائم بالذات فهو إرادة الخير، وإن كان المراد ما يصل إلى المخلوق من هذه الرحمة فالمراد به إرادة الإحسان، المهم أنهم أولوا هذه الصفة بالإرادة كالمحبة، وهذا من ضلالهم وعدم تسليمهم بالنصوص.

    يقول رحمه الله: وقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، وقوله: رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً [غافر:7]، وهذا فيه إثبات سعة رحمة الله جل وعلا، وأنها وسعت كل شيء.

    قوله: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43]، هذا فيه تخصيص المؤمنين بالرحمة؛ لأنهم أهلها المستحقون لها.

    وقوله: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف:156] هذا فيه إثبات أن رحمة الله وسعت كل شيء، حتى أهل الكفر فإن رحمته سبحانه وتعالى قد وسعتهم.

    وقوله: وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:107] هذا فيه إثبات صفة الرحمة له.

    وقوله: فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64]، فيه أنه سبحانه وتعالى موصوف بمنتهى وغاية ما يوصف به شيء من رحمته سبحانه وتعالى، فرحمته بلغت المنتهى، فلا مثيل ولا نظير له فيها كسائر ما وصفه به نفسه سبحانه وتعالى.

    1.   

    إثبات صفات الرضا والغضب والسخط والأسف والكره والمقت

    قال رحمه الله: [ وقوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [المائدة:119]، وقوله: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ [النساء:93]، وقوله: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ [محمد:28]، وقوله: فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ [الزخرف:55]، وقوله: وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ [التوبة:46]، وقوله: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:3] ].

    هذه الآيات كلها من الآيات التي تثبت بها صفة الفعل له سبحانه وتعالى، وكلها صفات فعلية يثبتها أهل السنة والجماعة لله عز وجل على وجه الكمال له سبحانه وتعالى، ولا نقص فيها بوجه من الوجوه.

    ذكر المؤلف في هذه الآيات ست صفات: الرضا والغضب والسخط والأسف والكره والمقت، وكلها من صفات الفعل وكذلك الانتقام، لكن اعلم أن هذه الصفات قد جرى فيها أهل الكلام على ما جروا عليه من القول في الصفات الفعلية الأخرى من التعطيل والتأويل، فقد تأولوا كل هذه الصفات إما إلى إرادة الثواب أو إرادة العقاب، فالرضا أولوه بإرادة الثواب، والغضب والسخط والمقت والكره والأسف كلها أولوها بإرادة العقاب، وجروا في الصفات الفعلية على هذا النسق.

    واعلم أن الجهمية المحضة من المعتزلة ومن سار في طريقهم لا يسمون هذه صفات، إنما يسمونها إضافات، فهم لا يعدونها من آيات الصفات، إنما يعدونها من الإضافات التي يراد بها مفعول الله لا ما يقوم به من صفات، فيقلون: الرضا ثواب، والغضب، والكره، والسخط ما يفعله بالمخالف من العقاب، وهذا ديدنهم، وهذه هي طريقتهم، والصحيح أن نثبت لله عز وجل من الصفات ما أثبته لنفسه، وأن نعلم أن ما ثبت في الكتاب والسنة من صفات لا يمكن أن يتطرق إليها نقص بحال من الأحوال، ولسنا أعلم بالله سبحانه وتعالى من نفسه، ولسنا أحرص على تعظيمه جل وعلا وتنزيهه منه لنفسه، أو من رسوله صلى الله عليه وسلم له، فهم قالوا: الرضا والغضب كلها أمور تقتضي ميلاً، وتقتضي نقصاً لا سيما الغضب؛ لأنه غليان دم القلب، فأولوه بإرادة السخط.

    والجواب عليهم كالجواب الذي قدمناه في صفتي المحبة والرحمة.

    وأما قوله: فَلَمَّا آسَفُونَا.. [الزخرف:55]، فقد فسرها ابن عباس رضي الله عنه بالغضب، يعني: فلما أغضبونا، وكذا فسرها ابن قتيبة ، فقال: الأسف الغضب، وليس المراد بالأسف هنا الحزن، فإنه لا يوصف به سبحانه وتعالى، وليس من صفاته.

    1.   

    إثبات صفتي الإتيان والمجيء لله عز وجل

    [ وقوله: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ [البقرة:210]، وقوله: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ [الأنعام:158]، وقوله: كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً [الفجر:21-22] ، وقوله: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً [الفرقان:25] ].

    هذه الآيات أيضاً مما يثبت به صفات الفعل لله جل وعلا، والأصل في إثبات صفات الفعل قوله سبحانه وتعالى: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [هود:107]؛ فكل صفة فعل تندرج تحت هذه الآية، وهذه الآيات ذكرها رحمه الله لأن فيها إثبات صفة الإتيان له سبحانه وتعالى، وذلك في قوله: (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ)، وكذلك إثبات صفة المجيء، وذلك في قوله: (وَجَاءَ رَبُّكَ)، فهذه الآيات أثبتت لله سبحانه وتعالى هذين الوصفين على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، والإتيان والمجيء من صفات الفعل، وهو سبحانه وتعالى يأتي لفصل القضاء في يوم القيامة.

    قوله: (هَلْ يَنظُرُونَ) هذا تهديد، والخطاب فيها لأهل الكفر والشرك المعاندين للرسل، (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ) يعني: بالموت (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) يعني: لفصل القضاء (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ) يعني: أشراط الساعة، وهو خروج الشمس من مغربها، وعند ذلك تنقطع التوبة.

    قوله: كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً [الفجر:21-22]، هذا أيضاً فيه إثبات مجيئه سبحانه وتعالى، وذلك يوم القيامة لفصل القضاء، وهو المذكور في قوله: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ) ظلل: جمع ظلة وهي القطعة، (مِنْ الْغَمَامِ) أي: من السحاب الأبيض، وذلك حين مجيئه سبحانه وتعالى لفصل القضاء، وقوله: (فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ) (في) هنا بمعنى (على)، أي: يأتي الله جل وعلا يوم القيامة على ظلل، أي: قد علا سبحانه وتعالى -كما يليق به- على ظلل من الغمام، (وَالْمَلائِكَةُ) أي: وتأتي الملائكة، وما عاقبة هذا المجيء منه سبحانه وتعالى ومجيء ملائكته؟ (وَقُضِيَ الأَمْرُ) أي: وقضي الأمر بين الناس بفصل القضاء بينهم.

    قوله: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ) أي: بالسحاب الأبيض، (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً)، وهذا إنما يكون إذا جاء الرب سبحانه وتعالى لفصل القضاء كما في الآية الأولى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ [البقرة:210] فهذه الآيات أثبتت لله عز وجل المجيء والإتيان.

    وقد أول أهل الكلام المجيء والإتيان هنا بأنه مجيء أمره وإتيان أمره، وهو تأويل باطل ؛ لأن الأصل فيما أضافه الله جل وعلا لنفسه من الأفعال فإنه له حتى يدل الدليل على أنه لغيره -وهذه قاعدة- الأصل فيما ذكره الله عز وجل في كتابه مما أضافه لنفسه بصيغة الإفراد فهو له سبحانه وتعالى ولا يضاف إلى غيره، وقالوا في تشبيههم: نحن نحمل المطلق في هذه الآيات على المقيد في قوله سبحانه وتعالى في سورة النحل: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ [النحل:33]. قلنا لهم: أخطأتم؛ لأن قوله تعالى: (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) المراد بالإتيان هنا هو الساعة وهي القيامة، فذكر الله عز وجل في موضع أن المشركين ماذا ينتظرون تهديداً لهم؟ هل ينتظرون إتيان الملائكة بالموت قبل الساعة أو بإتيان الساعة؟ وفي موضع آخر ذكر شيئاً مما يكون في الآخرة، وهو إتيانه سبحانه وتعالى لفصل القضاء.

    ثم إننا نقول: لا يعقل أن يكون الأكثر والأغلب في كلام الله عز وجل إضافة الإتيان إليه، ثم نحمل الأقل على الأكثر، ونقول: إن الإتيان والمجيء إنما هو إتيان ومجيء أمر الله عز وجل.

    ثم نقول: المرجع في بيان الإتيان إلى السنة، وقد بينت السنة الصحيحة أنه سبحانه وتعالى يأتي لفصل القضاء، فلا مناص ولا مخرج ولا محيص من إثبات ما أثبته الله عز وجل لنفسه في هذه الآية، وهم عندما أنكروا ذلك قالوا: لأنه يتنزه عن الانتقال، ونحن نقول: أأنتم أعلم بالله من نفسه؟

    الجواب: لا، والله سبحانه وتعالى قد أثبت لنفسه هذه الصفات، ومن أين لكم أن الانتقال نقص؟ ومن أين لكم أن إتيانه يلزم منه أن يخلو منه مكانه كما تزعمون؟

    قال الله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فهو كما أخبر به عن نفسه، ولا يمكن أن تدركه عقولنا، ولا أن تحيط به أفهامنا، ولا أن تبلغه فهومنا، بل لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ سبحانه وتعالى.

    1.   

    إثبات صفات الوجه واليد والعين لله تعالى

    [ وقوله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:27]، وقوله: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ [القصص:88].

    وقوله: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64]، وقوله: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48]، وقوله: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر:14]، وقوله: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39] ].

    هذه الآيات الكريمات فيها إثبات الصفات الخبرية السمعية لله سبحانه وتعالى، وهذا قسم من الصفات لم نذكره قبل ذلك.

    الصفات السمعية الخبرية هي الصفات التي لا سبيل إلى إثباتها إلا من طريق الوحي، وهي: الوجه واليد والعين والأصابع وما أشبه ذلك، وهذه الصفات باعتبار التفصيل السابق الذي ذكرناه في الصفات الفعلية والذاتية تعتبر من الصفات الذاتية؛ لأنه لم يزل ولا يزال متصفاً بها سبحانه وتعالى، وإنما خصت بهذا الاسم -وهو الصفات الخبرية- تمييزاً لها عن الصفات المعنوية التي يستدل في إثباتها بالدليل العقلي، أما هذه الصفات فمهما نظر الإنسان وتأمل وفكر فلن يتوصل إلى إثباتها من طريق العقل؛ لأنه لا يوصل إلى العلم بهذه الأمور.

    الآيات التي قرأناها فيها إثبات صفة الوجه واليد والعين لله تعالى، واعلم أن أهل السنة والجماعة جروا في هذا النوع من الصفات كما هي حالهم في بقية صفات الله عز وجل: يثبتونها له سبحانه وتعالى من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

    إثبات صفة الوجه والرد على المخالفين فيها

    إذا قال قائل: كيف وجه الله؟

    نقول: الله أعلم، فهذا أمر لا تحيط عقولنا به لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، لكن لما أخبر الله عن نفسه بأن له وجهاً، فليست لنا حجة، وليس معنا برهان إذا لم نثبت ذلك، كيف يلقى العبد ربه وهو لا يثبت له هذا الذي أثبته لنفسه؟ فنحن نسلم بالنصوص، ونؤمن بما جاء فيها، وقد جاء الخبر بأن ربنا تبارك وتعالى له وجه، واعلم أنه ليس كمثله شيء، فمهما تخيل الإنسان وبلغ في تصوره والتفكير فيما أخبر به عن نفسه فإنه لا يصل إلى شيء، وقد قال الله في إثبات هذه الصفة: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:27].

    ومن حسن تصنيف المؤلف أن بدأ بهذه الآية في إثبات صفة الوجه؛ لأنها آية لا يتمكن أهل التأويل من إبطال مدلولها، فإنها أصرح آية في إثبات صفة الوجه لله سبحانه وتعالى، هم تأولوا الآيات التي فيها صفة الخبر، كالوجه واليد والعين، لكن هذه الآية فيما يتعلق بصفة الوجه لا يستطيعون تأويلها؛ لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن بقاء الوجه، ثم إنه وصف وجهه سبحانه وتعالى فقال: ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:27]، وهم في صفة الوجه يؤولونها بأنه ما يقصد به الله، فيقولون: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن:27]، يعني: ما ابتغي به وجهه، أي: ما أخلص له هو الذي يبقى، وأما ما عداه فهو هالك، ويحملون عليه قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ [القصص:88]، قالوا: كل عمل يبطل ويضمحل ولا تحصل ثمرته إلا ما قصد به وجهه، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، وابتغي به وجهه) أي: قصد به سبحانه وتعالى.

    فالجواب على تأويلهم: أنه لا يستقيم لكم هذا التأويل -وبالأصح نقول: هذا التحريف- في قوله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:27]؛ لأنه وصف الوجه بوصفين: فقال: (ذو الجلال) أي: صاحب الجلال، (والإكرام) أي: صاحب الإكرام، والجلال هو الكبرياء والعظمة، والإكرام تكلم في تفسيره أهل العلم، ويدور كلامهم فيه على معنيين من الإكرام، قالوا: ذو المحبة والحمد، يعني: صاحب المحبة فهو يحب سبحانه وتعالى، والحمد فهو أحق من حمد جل وعلا، وله المحامد كلها، فهل يصح أن يوصف العمل بأنه ذو كبرياء؟

    لا يصح، فلما كان لا ينطبق عليه هذا الوصف، ولا يوصف به عمل الإنسان، ولا يوصف به ثواب العمل؛ فقد تبين بطلان هذا التأويل، وأن الوجه هنا هو ما اتصف به سبحانه وتعالى، فيكون المعنى: ويبقى وجهه الذي هو صفته، ووصف وجهه سبحانه وتعالى، الذي تنزه عن كل نقص وعيب بهذين الوصفين: (ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) ذو العظمة والكبرياء، وذو المحبة والحمد.

    ثم قال: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ [القصص:88]، وهذا أيضاً فيه إثبات هذه الصفة من هذه الآية له سبحانه وتعالى.

    ولقائل أن يقول: لماذا لم يذكر الشيخ رحمه الله في الاستدلال لهذه الصفة قول الله سبحانه وتعالى: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]؟

    الجواب على هذا السؤال: أن الشيخ رحمه الله يرى أن معنى قوله تعالى: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ أي: قبلته، فالوجه هنا بمعنى الاتجاه؛ ولذلك لم يذكر هذه الآية في الآيات التي ساقها لإثبات صفة الوجه لله سبحانه وتعالى.

    إثبات صفة اليد لله

    ذكر رحمه الله صفة اليد وصفة العين، وهما من الصفات الذاتية الخبرية السمعية، قال تعالى: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، هذا فيه إثبات صفة اليدين له سبحانه وتعالى، واليدان وصف له ذاتي ثبت بالنص في الكتاب والسنة، وجاء في هذا السياق بلفظ التثنية، وهذا أحد الصيغ أو الأوصاف التي ذكرت ووردت بها صفة اليد في كتاب الله.

    وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64]، هذه الآية تضمنت إثبات صفة اليد، ووردت بصيغتين: صيغة الإفراد في قوله: (يَدُ اللَّهِ)، وصيغة التثنية في قوله: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)، وهناك صيغة ثالثة لم يذكرها المؤلف رحمه الله هنا، وهي قوله تعالى: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا [يس:71]؛ فجاءت بصيغة الجمع، وبهذا نعلم أن هذه الصفة وردت في كتاب الله عز وجل بصيغة الإفراد، والتثنية، والجمع.

    إثبات صفة العين لله

    الكلام في صفة اليد يشبه ما في صفة العين، ولذلك نقرأ ما يقول المؤلف من آيات في إثبات صفة العين: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48]، أثبت صفة العين بصيغة الجمع، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر:13-14]، هذه صيغة الجمع أيضاً، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39]، هذه صيغة الإفراد.

    إذاً: فهمنا أن صفة العين وردت في كتاب الله عز وجل بصيغتين: صيغة الجمع وصيغة الإفراد، فهل وردت في كتاب الله بصيغة التثنية؟ الجواب: لا، وإنما جاء ذلك في السنة في حديث أبي هريرة مفهوماً فهماً واضحاً في ذكر الدجال، وأنه أعور، فإن الأعور في لسان العرب الذي ليس له إلا عين واحدة، ففهم من نفي العور عن الله جل وعلا: (وإن ربكم ليس بأعور)، أي: أن له عينين جل وعلا؛ ولذلك يثبت أهل السنة والجماعة لله عز وجل يدين، ويثبتون له سبحانه وتعالى عينين.

    هذا ما يعتقده أهل السنة والجماعة في صفة اليد، وفي صفة العين.

    نفي التعارض بين صيغ الجمع والإفراد في الصفات

    ما الجواب عن ورود الصفة مرة بصيغة الإفراد وأخرى بصيغة الجمع؟

    الجواب: صيغة الإفراد وصيغة الجمع لا تتنافيان ولا تتعارضان مع صيغة التثنية، فالإفراد في صفة العين واليد لم يرد إلا مضافاً، وإضافة المفرد تقتضي العموم، فيصدق الواحد والاثنان والثلاثة والأكثر، فلا يفهم منها عدد محدد، فبهذا تكون صيغة الإفراد لا تعارض التثنية ولا الجمع، فقوله: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح:10]، وقول الله: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:64]، هل هذا يعارض صيغة الجمع؟

    لا يعارض صيغة الجمع، وكذلك: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39] لا يعارض صيغة الجمع؛ لأنه ورد مضافاً، ومن قواعد الأصول: أن المفرد المضاف يفيد العموم. هذا من وجه، من وجه آخر يقال: إن المراد إثبات الجنس، فما ورد بصيغة الإفراد المراد به إثبات جنس الصفة، جنس اليد وجنس العين، لكن دون بيان وتحديد لعدد، فهل يكون في هذا معارضة للتثنية والجمع؟

    لا معارضة لا للتثنية ولا للجمع، وبهذا نعلم أن صيغة الإفراد لا تعارض صيغة التثنية وكذلك الجمع.

    بقي الجواب على الجمع: ما أخبر به من هذين الصفتين بصيغة الجمع فأيضاً لا يعارض الإفراد ولا التثنية، والسبب: أن صيغة الجمع متكررة في كلام الله عز وجل، وهي تستعمل للتعظيم والإجلال؛ ولذلك يسمي أهل اللغة هذا الضمير ضمير العظمة، فالمقصود بالجمع هنا التعظيم لا التعدد، وبهذا نعلم أن ما ورد في وصف اليد والعين بصيغة الجمع لا يعارض التثنية والإفراد؛ لأن المقصود به التعظيم.

    إثبات اليدين والعينين لله تعالى

    لماذا قلنا: إنهما يدان وعينان؟

    نقول: لأن التثنية اسم عدد مخصوص لا يراد إلا هو، فهو من أسماء الأعداد التي تقصد؛ ولذلك قلنا: إن الله جل وعلا له يدان، وعينان، ولما جاءت صيغة التثنية علمنا أنه سبحانه وتعالى موصوف بهذه الصفة، وأن له منها اثنين، فله يدان وعينان جل وعلا، وأبعد عن ذهنك أو عقلك كل تشبيه أو تمثيل، واعلم أن ربك أعظم مما يدور في خيالك، واستحضر قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، والمبتدعة يسمون أهل السنة والجماعة الذين يثبتون ما أثبتته النصوص: حشوية، مجسمة، نوابت، مشبهة، وهلم جراً من هذه الأسماء التي يريدون بها صرف الناس عن إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

    واعلم أن ألفاظ هذه الصفات لابد من إثباتها، كما دلت عليه الأدلة، لكن من الألفاظ ما قد يستفاد منه معنىً آخر وهو معنى ثابت، لكن هذا المعنى الثابت لا يعود على الصفة بالإفراد، فمثلاً قوله تعالى: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39]، هذا من حيث دلالة اللفظ يدل على ثبوت صفة العين لله عز وجل، ومن لازم هذه الصفة عنايته سبحانه وتعالى بموسى عليه السلام ورحمته به، فهم أثبتوا اللازم وعطلوا ما دل عليه اللفظ بدلالة التضمن أو المطابقة، فينبغي أن يعلم أن ما دلت عليه الألفاظ لابد من إثبات مدلول هذا اللفظ، وإثبات لازمه.

    ومن المعلوم أن دلالات الألفاظ منها ما هو دلالة مطابقة، ومنها ما هو دلالة تضمن، ومنها ما هو دلالة التزام أو دلالة لازم، ودلالة اللازم تختلف باختلاف أفهام الناس وأذهانهم، فهم عمدوا إلى دلالة المطابقة ودلالة التضمن وألغوهما، فقالوا: لا نثبت لله صفة العين، والمراد بالعين العناية، فأثبتوا اللازم وعطلوا مقتضى اللفظ، وهذا من تحريفهم وعدم تسليمهم بالنصوص.

    وفي هذا كفاية فيما يتعلق بهذه الصفات الخبرية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756372364