إسلام ويب

شرح لمعة الاعتقاد [2]للشيخ : خالد بن عبد الله المصلح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أثبت السلف رضي الله عنهم ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه من الصفات أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل، ورد المحكم إلى المتشابه، فيجب الوقوف حيث وقف السلف رضوان الله عليهم أجمعين.

    1.   

    أحكام المتشابه من الآيات والصفات

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه لمعة الاعتقاد:

    [ وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظاً، وترك التعرض لمعناه، ونرد علمه إلى قائله، ونجعل عهدته على ناقله اتباعاً لطريق الراسخين في العلم، الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله سبحانه وتعالى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7] ، وقال في ذم مبتغي التأويل بمتشابه تنزيله: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ [آل عمران:7] ].

    وجوب إثبات اللفظ والإيمان بأن له معنى

    تقدم الكلام على جزءٍ من هذا المقطع، وقلنا: إن نصوص الكتاب تنقسم إلى قسمين من حيث الدلالة: ما هو واضح الدلالة، وما هو خفي الدلالة، فواضح الدلالة الذي لا يحتمل إلا معنىً واحداً هو المحكم، وأما ما خفيت دلالته أو احتمل أكثر من معنى فإنه المتشابه، والواجب في المحكم الإيمان به والعمل، والواجب في المتشابه الإيمان به ورد معناه إلى ما دل عليه المحكم، وهذا هو سبيل الراسخين في العلم.

    يقول رحمه الله: (وما أشكل من ذلك) أي: ما وقع فيه إشكال، كأن اشتبه في دلالته ومعناه، ومن ذلك آيات الصفات، فإن البحث هنا فيها بالذات والخصوص، أما من حيث الأصل فإنه يشمل البحث في آيات الصفات وفي غيرها.

    يقول رحمه الله: (وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظاً) وهذا لا إشكال فيه، فإنه لا يمكن أن يلغي أحد شيئاً من كتاب الله عز وجل، ولا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم إذا ثبتت وصحت ، لكن البحث في المعنى فيقول: (وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه) أي: وجب إثبات اللفظ، وأما المعنى: فيجب ترك التعرض له، بمعنى: أن نعرض عن قول شيءٍ لم يتبين لنا فيه حجة أو برهان، فلا نقول في آيات الله، ولا فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أنفسنا أو آرائنا، بل ما أشكل علينا إذا أمكن أن نرده إلى المحكم فذاك المطلوب، وهذا الذي ينبغي أن يكون.

    وإذا لم نتمكن من ترجيح شيء في معنى هذا المشكل فالواجب ألا نقول فيه شيئاً ليس لنا فيه حجة، وليس لنا فيه برهان، بل نقف ونقول: الله أعلم بمراده.

    فمعنى قول المؤلف رحمه الله: (وترك التعرض لمعناه) أي: يجب علينا أن نقف في المعنى، وليس مقصود المؤلف ومعنى كلامه أننا نقول: إنه ليس له معنى، إذ ليس في كلام الله عز وجل ما لا معنى له، بل كل كلام الله عز وجل له معنى؛ لأن الله عز وجل خاطبنا بلسان عربي مبين، يدرك معناه، ويعرف مبتغاه ، لكن إذا اشتبه علينا شيء من المعنى وجب علينا الوقوف في تحديد المعنى.

    إذاً: ما أشكل من الآيات، وما أشكل من الأحاديث فلم نفهم المعنى، فيجب علينا إثبات اللفظ الذي جاء به النص، وأما معنى هذا النص فالواجب علينا أن نتوقف فيه حتى يأتينا برهان أو حجة، ونستطيع من خلالها أن نقول: إن معنى الآية كذا وكذا، وهذا هو معنى قول المؤلف رحمه الله: (وجب إثبات لفظه، وترك التعرض لمعناه).

    وبعض الناس يظن أن المؤلف رحمه الله أراد بقوله: (وترك التعرض لمعناه) أي: أنه ليس له معنى، وهذا يأباه سياق الكلام، فإن المؤلف رحمه الله يتكلم عن الآيات المشكلة، وإنما جاء الإشكال لكون المعنى فيها غير واضح، فهو لم يقل: ليس لها معنى، أو أنها كلام لا يقصد منه شيء ، إنما أراد المؤلف أن الواجب في المشتبه من المعاني إذا لم يتبين معناه التوقف.

    إذاً: إذا أشكل عليك شيء من كلام الله ومن كلام رسوله، فما هو الطريق الذي تسلكه؟

    الطريق الذي تسلكه: أن تطلب حل هذا الإشكال من كلام الله ومن كلام رسوله، فإن وفقت إلى ذلك فالحمد لله، وهذا المطلوب والمبتغى، وإذا حيل بينك وبين هذا ولم تتوصل إلى المعنى فعند ذلك تثبت أن الكلام له معنى؛ لأن الله خاطبنا بما له معنى، ثم تقول: الله أعلم بمراده.

    كما سيأتي في كلام الشافعي رحمه الله الذي نقله المؤلف: (ليس في كلام الله ولا في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ما لا معنى له)، ومن قال: إن آيات الصفات لا معنى لها، أو أن كلها معناها لا نعلمه؛ فقد بخس القرآن حقه، وجنى على النصوص)، وهو ما أشار إليه ابن القيم رحمه الله في قوله:

    فالجحد والإعراض والتأويل والتـ ـجهيل حظ النفس عند الجاني

    التجهيل: أي: أنه ليس له معنى، هذا معنى قوله رحمه الله.

    فكل من أعرض عن الكتاب، وجحد ما جاءت به النصوص من الصفات.. وكل من أوَّل وحرف كلام الله عن مواضعه.. وكل من قال: إن النصوص ليس لها معنى، أو أن لها معنى لا نعلمه في جميع مواردها؛ فإنه قد جنى على النصوص؛ فكل هذا من أنواع الجنايات على كلام الله وكلام رسوله.

    رد علم المتشابه إلى قائله

    يقول رحمه الله: ( ونرد علمه إلى قائله) أي: علم هذا المعنى، ومعناه: أنه إذا كنا سنرد العلم إلى قائله فإن الكلام له معنى.

    جعل عهدة المتشابه على ناقله

    قال: (ونجعل عهدته على ناقله):

    العهدة: هي الدَرَك وما يترتب على الشيء، فنجعل عهدة الكلام، أي: ما يترتب عليه من إثبات ما يثبت، ونفي ما ينفى، ودرك هذا الكلام على ناقله الذي نقله إلينا، وهذا في نصوص السنة النبوية.

    قال: ( اتباعاً لطريق الراسخين في العلم) أي: ونحن في هذا متبعون، ولسنا مبتدعين؛ والرسوخ في العلم: هو أن يكون المرء مدركاً لمعاني كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، عالماً بمقاصد الكتاب والسنة، فكلما كان الإنسان راسخ القدم في فهم كلام الله وكلام رسوله فإنه من الراسخين في العلم؛ لأن الرسوخ أصله الثبوت والقرار، ولا يكون ذلك إلا لمن عقل عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.

    (اتباعاً لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله سبحانه وتعالى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7]، (آمنا به) أي: آمنا بهذا القرآن، (كلٌ): أي: كل ما في هذا القرآن من محكم الآيات ومتشابهها، (من عند ربنا) فلا نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعض؛ فهذا سبيل الذين حرفوا الكلم عن مواضعه، إنما نؤمن بكل ما في القرآن؛ فما عقلنا معناه واتضح فالحمد لله؛ وما لم يتبين لنا معناه آمنا به على مراد الله، وعلى مراد رسوله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    ذم التأويل

    يقول رحمه الله: (وقال في ذم مبتغي التأويل) أي: قال الله تعالى في ذم مبتغي التأويل -التحريف- وطلب المعنى لمتشابهه، (فأما الذين في قلوبهم زيغ) أي: انحراف وميل عن الحق إلى الضلال ( فيتبعون ما تشابه منه) أي: يفرحون بالمتشابه ويتمسكون به؛ (ابتغاء الفتنة) أي: هذا الفعل منهم إنما أرادوه وفعلوه لأجل أن يوقعوا الفتنة، والفتنة: منها ما يتعلق بالشهوات، ومنها مايتعلق بالشبهات، المراد بالفتنة هنا ما يتعلق بالشبهات التي تزيغ عن الحق، وتصرف عن الهدى.

    (وابتغاء تأويله) أي: وطلب معناه مع أن معناه ليس بميسورٍ لهم.

    معنى التأويل في الآية على قراءة

    (وما يعلم تأويله) أي: وما يدرك معناه وتفسيره.

    (إلا الله والراسخون في العلم)، فالراسخون في العلم يدركون تأويله، وعلى هذه القراءة يكون معنى التأويل في الآية: التفسير.

    (وما يعلم تأويله) أي: تفسيره وكشف معناه وبيانه (إلا الله والراسخون في العلم) فالراسخون في العلم يعلمون معنى كلام الله وكلام رسوله، ويردون ما اشتبه عليهم من المعاني إلى ما اتضح؛ فيتبين لهم المعنى.

    قال رحمه الله: (فجعل ابتغاء التأويل) أي: ابتغاء التفسير في المشكل مع عدم العلم (علامةً على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم) لأنه قال: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [آل عمران:7].

    يقول: ( ثم حجبهم عما أملوه) أي: منعهم عما أملوه من إدراك المعاني مع الزيغ الذي في قلوبهم.

    (وقطع أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ [آل عمران:7] أي: ما يعلم حقيقة ما أخبر الله به عن نفسه إلا الله.

    وأما على القراءة الثانية: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أي: أن أصحاب الزيغ لا يتوصلون إلى فهم المعاني؛ لأنه لم تصح مقاصدهم، بل مقاصدهم تحريف الكلم عن مواضعه، ولذلك لا يمكن أن يصل الإنسان إلى الحق بنية فاسدة،بل لا بد في التوصل إلى الحق من نية صالحة وعقلٍ سليم، فمن فقد النية الصالحة في العقل والنظر فإنه لا يصيب الحق؛ لأن النوايا الفاسدة تحجب وتمنع من الوصول إلى الحق.

    1.   

    منهج الإمام أحمد بن حنبل والشافعي في آيات الصفات

    قال رحمه الله: [فجعل ابتغاء التأويل علامةً على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم، ثم حجبهم عما أملوه، وقطع أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ [آل عمران:7] قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينزل إلى سماء الدنيا) أو (إن الله يرى في القيامة). وما أشبه هذه الأحاديث: نؤمن بها، ونصدق بها، لا كيف، ولا معنى، ولا نرد شيئاً منها، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، ونقول كما قال، ونصفه بما وصف به نفسه، لا نتعدى ذلك، ولا يبلغه وصف الواصفين.

    نؤمن بالقرآن كله: محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفةً من صفاته لشناعةٍ شنعت، ولا نتعدى القرآن والحديث، ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم، وتثبيت القرآن ].

    نعم، هذا الكلام الذي نقله المؤلف رحمه الله عن الإمام أحمد بن حنبل بيان لمنهج أهل السنة والجماعه في آيات الصفات، وقد نقل رحمه الله عن جماعة من أئمة السلف في هذا لبيان القاعدة التي يسير عليها الإنسان فيما يتعلق بالأسماء والصفات.

    المراد من كلام أحمد (لا كيف ولا معنى)

    الإمام أحمد رحمه الله قال في الأحاديث التي جاء فيها الخبر عن صفات الله عز وجل؛ كحديث النزول: (إن الله ينزل إلى السماء الدنيا) وحديث: (أن الله يرى يوم القيامة)، قال رحمه الله: نؤمن بها ونصدق بها، لا كيف ولا معنى. وقد فرح كثيرُ من المبتدعة بهذا المنقول عن الإمام أحمد رحمه الله ، وهو مما نقله حنبل عن الإمام أحمد رحمه الله.

    فـ(لا كيف)، لا إشكال فيها، أي: أننا نثبت ما أخبر الله به من هذه الصفات دون النظر في كيفية ذلك، فإن الكيفيات لا سبيل إلى إدراكها ولا إلى علمها، بل هي مما اختص الله بها نفسه، فلا سبيل إلى علم كيفية نزول الله عز وجل، ولا سبيل إلى معرفة كيفية سائر ما أخبر الله به من الصفات عن نفسه، بل الواجب الإيمان بتلك الصفات دون التعرض للكيفيات؛ لأن كيفية الشيء فرع عن معرفة الشيء نفسه، فإذا كنت لا تعرف الشيء ولا تحيط به فأنت جاهل بكيفيته؛ لأن الكلام في الكيفية فرع عن الكلام في الذات وفي الشيء نفسه.

    فإذا قال لك قائل: كيف سمع الله؟ فقل له: كيف الله؟ فسيقول لك: لا أعرف، وهو الذي لا يمكن أن يتكلم الإنسان بغيره. فحينئذٍ تقول: كذلك صفاته لا تعرف، ولا يمكن أن يدركها الإنسان؛ لقصر عقله وضعفه عن إدراك ذلك، فإن الله لم يطلب منا الإيمان بكيفيات الصفات، إنما طلب منا الإيمان بالصفات نفسها لا بكيفياتها، بل كيفياتها تدخل في قول الله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ [آل عمران:7] أي: حقيقة ما أخبر الله به عن نفسه لا يعلم إلا من طريق الله عز وجل، والله لم يعلمنا ذلك؛ فلا سبيل إلى علم هذا.

    ثم قوله: (ولا معنى) أي: لا تأويل، وليس المراد نفي المعنى مطلقاً؛ فإنه مما ينبغي أن يعرف وأن يعلم أنه ليس مراد الإمام أحمد رحمه الله بقوله: (لا معنى)، أننا لا نعرف معنى ما أخبر الله به عن نفسه من الصفات، بل إن كلام الإمام أحمد رحمه الله صريح صراحةً واضحة بأن آيات الصفات لها معان، وقد صرح بذلك في مواضع عديدة، وقد بين رحمه الله أنه إنما ينكر تأويلات الجهمية، وليس الإنكار للمعاني، فإنها ثابتة.

    المفوضة هم الذين قالوا: إن الله تكلم بكلام لا نعلم ولا ندرك معناه، أو أنه ليس له معنى؛ فرحوا بقول الإمام أحمد وما نقل عنه من قوله: (ولا معنى)؛ فظنوا أن المعنى المنفي هنا هو أصل المعنى والتفسير لآيات الصفات وأحاديثها، وخفي عليهم أن ما نقل عن الإمام أحمد في هذا الكلام يرد عليهم، كما سيأتي بعد قليل، كما أن المنقول عن الإمام أحمد رحمه الله يدل دلالة واضحة على أن مراده: (لا معنى)، أي: لا تأويل وتحريف للكلم عن مواضعه مما يسلكه الجهمية ومؤولة الصفات.

    فمعنى قوله: (لا كيف ولا معنى)، أي: لا نكيفها ولا نحرفها بالتأويل؛ فنقول: معناها كذا وكذا دون أن يكون عندنا من الله في ذلك برهان.

    قبول ما جاء عن الله ورسوله في الصفات وعدم رده

    قال رحمه الله: (ولا نرد شيئاً منها، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أي: فالواجب فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان لا الرد، فكل من رد ماجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه قد زاغ عن الصراط المستقيم، ووقع في مهلكة؛ لأن من رد قول الله عز وجل يوشك أن تدركه الفتنة، كما قال الله جل وعلا: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة [الأنفال:25]، ومن أعظم الفتنة رد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    قال رحمه الله: ( ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه) وهذا لا إشكال فيه، فكل من وصف الله بأكثر مما وصف به نفسه زاغ عن الصراط المستقيم؛ لأنه لا سبيل إلى معرفة صفات الله إلا من طريق خبر الله عن نفسه، أو خبر رسوله صلى الله عليه وسلم عنه، فلا نزيد في الصفات أكثر مما جاءت به النصوص، بل يجب التوقف والتزام ماجاءت به النصوص.

    معنى قول أحمد: (بلا حد ولا غاية)

    قال رحمه الله: ( بلا حد ولا غاية ) أي: أننا لا نحد لذلك حداً من قبل أنفسنا، وقوله: (ولا غاية) أي: ولا نحدد نهاية من قبل أنفسنا، ولا يعني هذا الكلام أن صفات الله جل وعلا ليس لها حد، فإن أول من قال: إنه لا حد للصفات ولا غاية ولا نهاية جهم بن صفوان ، يقول أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله في كتاب (الرد على الجهمية): لم يعلم عن أحدٍ من العالمين أنه تكلم بهذا الكلام قبل جهم بن صفوان ، ومراد جهم بن صفوان بقوله في الصفات: إنه لا حد لها ولا غايه؛ مراده تعطيل الله عن صفاته، ولذلك قيل: (من قال: لا حد ولا غاية، فقد قال بأنه لا إله، وأن الله لا شيء؛ لأنه ما من شيء إلا له حد وغاية.

    وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن بعض صفات الله عز وجل فقيل له: بحد أو لا؟ قال: بحد، واستدل لذلك بقول الله تعالى: وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ [الزمر:75] قال: حافين من حول العرش، أي: محدقين، وهذا حد، وأهل السنة والجماعة متفقون على أن الله فوق سماواته، على خلقه، بائنٌ من خلقه سبحانه وتعالى؛ ولا شك أن هذا حد.

    ولذلك اتفق سلف الأمة على إثبات أن للصفات حداً وغاية؛ لكنهم نفوا أن يكون لهذه الصفات حد يعلمه الإنسان؛ ولذلك قالوا: له حدٌ لا يعلمه غيره، كما ذكر ذلك أبو سعيد رحمه الله؛ فقال: ولا يجوز لأحدٍ أن يتوهم لحده غاية، ولكن نؤمن بالحد، ونكل علمه إلى الله تعالى.

    فافهم معنى قول الإمام أحمد رحمه الله: (بلا حد ولاغاية) كما اتفق على ذلك سلف الأمة، ونقل ذلك شيخ الإسلام رحمه الله، وأيضاً نقله قبله أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله، ونقل عن ابن المبارك والإمام أحمد وعن جماعة من أهل العلم.

    قال رحمه الله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ الشورى:11])، ونقول كما قال)، أي: كما قال الله تعالى وكما قال رسوله.

    (ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك) أي: لا نتجاوز الكتاب والسنة، (ولا يبلغه وصف الواصفين) أي: لا يدرك حقيقة صفاته وما له من بديع الصفات وصف الواصفين، بل هو العليم الخبير لا يحيط الخلق به سبحانه وبحمده.

    قال رحمه الله: (نؤمن بالقرآن كله: محكمه ومتشابهه) المؤلف رحمه الله قسم القرآن إلى قسمين: المحكم والمتشابه، فالمحكم: هو الذي لا يحتمل إلا معنىً واحداً، والمتشابه مثل: (عبد الرحمن) فإنه يحتمل أكثر من معنى.

    لا نعطل الله من صفاته لأجل تشنيع المبتدعة

    قال رحمه الله: ( ولا نزيل عنه صفةً من صفاته لشناعة شنعت ) أي: لا نعطل الله عن صفاته لأجل ما يشنعه أهل التشبيه والزيغ، الذين يصفون أهل السنة بصفات لينفروا الناس عن الحق الذي جاءوا به وقالوا به؛ حيث إنهم يصفون أهل السنة والجماعة بأنهم حشوية ومجسمة، وأنهم لا علم عندهم، وما أشبه ذلك من الأوصاف التي تنفر عن الحق، ولا يغرنك ما يجعله أهل الباطل على منهجهم من بهرجة، حيث يقولون: نحن أهل العقول والبصائر، وأهل النظر والفكر والعلم، وأما الذين يثبتون الصفات فهم حشوية مجسمة، مشبهة ممثلة، وما أشبه ذلك من الألفاظ التي ينفرون بها من ينفرون عن الحق.

    هذا معنى قول الإمام أحمد : ( لا نزيل عنه صفةً من صفاته لشناعة شنعت) أي: لا يمكن أن نعطل الله عز وجل عما أخبر به عن نفسه، أو أخبر به رسوله؛ لأجل قول من يقول: إنكم مشبهة! إنكم مجسمة! إنكم! إنكم! إنما نقول بما قال الله، وبما قاله رسوله صلى الله عليه وسلم.

    (ولا نتعدى القرآن والحديث، ولا نعلم كيف كنه ذلك) أي: كيف حقيقة ذلك؛ فالكنه هو الحقيقة، ونحن لا نعلم كيف كنه الصفات ولا حقيقتها؛ فإن علمها إلى الله عز وجل.

    قوله: (إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن): (إلا) هنا منقطعة، يعني: لكن نصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ونثبت القرآن، أي: نثبت ما جاء في الكتاب والسنة من الخبر عن الله عز وجل، دون أن نلج في معرفة كيفيات ذلك.

    كلام الإمام الشافعي ومنهج السلف في الصفات

    قال رحمه الله: [ قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: ( آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله ].

    وهذا من عميق فقه الإمام الشافعي رحمه الله؛ فيجب على المؤمن أن يقر في قلبه، وأن يطوي فؤاده على هذا العقد: ( آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله) أي: على مقصود الله جل وعلا، وعلى ما أراده الله سبحانه وتعالى، لا على ما أتوهمه أو أظنه أو أتخيله، إنما على مراد الله عز وجل.

    وقوله: ( وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله)؛ هكذا يجب أن يكون المؤمن في كلام الله عز وجل؛ في المحكم والمتشابه، وهذا هو معنى كلام المؤلف رحمه الله الذي تقدم معنا في قوله: ( وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه)، فترك التعرض لمعناه أن نقول: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    يقول رحمه الله: [ وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات؛ لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله، من غير تعرض لتأويله، وقد أمرنا بالاقتفاء بآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة)،وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ) ].

    ما تقدم من النقل عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل وأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمهما الله، درج عليه السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم ؛ فـ(كلهم متفقون على الإقرار) أي: الإثبات، (والإمرار) أي: وعدم التعرض لما جاءت به النصوص برد أو تأويل أو تجهيل أو إعراض، (والإثبات) لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله.

    معنى عدم التعرض للتأويل

    قوله رحمه الله: (من غير تعرض لتأويله) يحتمل معنيين:

    المعنى الأول: من غير تعرض لطلب كيفيته وحقيقته، وهذا يشمل المحكم والمتشابه، فما أخبر الله به عن نفسه، وما أخبر به رسوله عنه؛ نثبته دون التعرض لتأويله.

    المعنى الثاني: من غير تعرض لتفسيره، وهذا لا يكون في جميع آيات وأحاديث الصفات، لكن في المتشابه فقط؛ فانتبه إلى الكلام.

    قوله رحمه الله: (من غير تعرض لتأويله)؛ إن كان المقصود جميع آيات وأحاديث الصفات؛ فالمقصود بالتأويل هنا التكييف، أي: تكييف حقيقة ما أخبر الله به عن نفسه أو أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وإن كان المقصود بالتأويل هنا التفسير، فإن هذا يختص بالمتشابه من آيات وأحاديث الصفات، لا الجميع.

    معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)

    قال رحمه الله: (وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم -أي: آثار السلف- والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات)، أين ذلك الخبر؟ قال رحمه الله: (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) أي: الزموا سنتي، وسنته هي: طريقته صلى الله عليه وسلم، وهديه.

    (وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)؛ أول وأحق من يصدق عليه وصف الخلفاء هم الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.

    ويدخل فيهم كل من تحقق بالرشد والهداية من علماء الأمة؛ لأن علماء الأمة خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العلماء ورثة الأنبياء)، فالعلماء هم خلفاء الرسل في أممهم.

    قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)، وإنما يكون راشداً مهدياً من سلم من الغي والضلال. فالراشد: هو السالم من الغي، والمهدي: هو من سلم من الضلال، فمن سلم من هاتين الآفتين كمل علمه وصح عمله، فكمال العلم والعمل في الرشد والهداية؛ لأن المانع من الحق أحد أمرين: الأمر الأول: عدم العلم، الأمر الثاني: اتباع الهوى.

    فمن كان مهدياً فقد حصل العلم، ومن كان راشداً فقد سلم من اتباع الهوى، وإذا تحقق للإنسان الرشد والهدى فقد فاز بإصابة الحق وصلاح العمل، ولذلك فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لهذين الوصفين ليس عبثاً ولا لغواً، وليست أوصافاً مترادفة، وإنما هي أوصاف مقصودة؛ لتكشف من هم الذين ينبغي للإنسان أن يسلك سبيلهم، وأن يتمسك بهديهم.

    وهذا الحديث يفيدنا أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تسع الإنسان في السلامة من كل ضلال، فكل من لم يسعه هدي النبي ولا هدي الخلفاء الراشدين فإنه ضالٌ لا محالة، ولذلك ينبغي للمؤمن أن يقتصر عند موارد الاشتباه على ما دل عليه الكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة، وما كان عليه الخلفاء الراشدون المهديون. قال صلى الله عليه وسلم في بيان عظيم وجوب التمسك بهذا : (عضوا عليها بالنواجذ -أي: الأضراس- وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة)، فكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة يحصل بها الزيغ عن الصراط المستقيم، والخروج عن هدي خير المرسلين صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    وجوب الوقوف على ما كان عليه سلف الأمة

    ثم قال رحمه الله: [ وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم) ].

    (اتبعوا) أي: اتبعوا سنة من قبلكم من الأئمه المهديين، (ولا تبتدعوا) أي: لا تحدثوا (فقد كفيتم) أي: قد كفاكم الله أن تحدثوا شيئاً في الدين، أو أن تقولوا فيه ما لم يقل، أو ما لم يأت به الخبر عن نبيكم؛ فإن الله قد أتم الدين وأكمله، قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] فكل من لم يقتصر على ذلك فإنه يزعم أن الدين لم يكتمل، وأنه بحاجة إلى مزيد.

    قال رحمه: [ وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلاماً معناه: قف حيث وقف القوم؛ فإنهم عن علم وقفوا، وببصرٍ نافذٍ كفوا، وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، فلئن قلتم: حدث بعدهم؛ فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم، ولقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم محسر، وما دونهم مقصر، لقد قصر عنهم قوم فجفو، وتجاوزهم آخرون فغلو، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدىً مستقيم.

    وقال الإمام أبو عمر الأوزاعي رضي الله عنه: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول.

    وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها: هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أو لم يعلموها؟ قال: لم يعلموها قال: فشيءلم يعلمه هؤلاء علمته أنت؟ قال الرجل: فإني أقول: قد علموها، قال: أفوسعهم ألايتكلموا به ولا يدعوا الناس إليه أم لم يسعهم؟ قال: بلى وسعهم، قال: فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، لايسعك أنت؟ فانقطع الرجل، فقال الخليفة وكان حاضراً: لا وسَّع الله على من لم يسعه ما وسعهم ].

    هذه النقول عن الأئمة رحمهم الله فيها تقرير ما تقدم من وجوب الوقوف في النصوص على ما كان عليه سلف الأمة رحمهم الله. يقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله كلاماً معناه: (قف حيث وقف القوم) القوم المراد بهم: سلف الأمة، وما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    (فإنهم عن علم وقفوا): هذا فيه الرد على الذين يقولون: إن طريق السلف أسلم وطريق الخلف أعلم وأحكم. بل طريق السلف أعلم وأحكم وأسلم ، وأما طريق الخلف فليس فيه علم ولا سلامة ولا حكمة، بل هو مخالف لما كان عليه سبيل الأقدمين من السلف الصالحين.

    فقوله: رحمه الله: (فإنهم عن علم وقفوا) أي: لم يقفوا عجزاً، ولا كما يزعمون اشتغالاً بالجهاد ونشر الدين، إنما وقفوا عن علم، فوقوفهم وقوف بصيرة، وليس وقوف عجزٍ أو انشغال.

    (وببصر نافدٍٍ كفوا) أي: ببصرٍ بعيد النظر كفوا عن التعرض للصفات بطلب كيفياتها وتحريفها عما دلت عليه النصوص، (وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى) أي: كان لهم من القدرة والمكانة والقوة ما يتمكنون به كشف معاني تلك النصوص، وبيان كيفياتها، لو كان ذلك خير، ولو كان ذلك فضل، لكنهم أعرضوا عن ذلك؛ لأنهم يعلمون أنه لا سبيل إلى علم ذلك.

    فهم أهل اللسان.. وهم شهدوا التنزيل.. وهم الذين تلقوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما أعرضوا دل ذلك على أن إعراضهم هو الصواب والصحيح، (فلئن قلتم: حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم، ولقد وصفوا منه مايشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فالواجب الاقتصار على ما كانوا عليه، فما فوقهم محسر، وما دونهم مقصر، لقد قصر عنهم قوم فجفوا، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدىً مستقيم) فالواجب لزوم طريقهم.

    كذا ما نقله رحمه الله عن الأوزاعي ، وكذا ما نقله عن الأدرمي في المناظرة، فالواجب على المؤمن أن يقف حيث وقف أولئك، وقد أحسن الخليفة لما قال: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ).

    يقول: [ وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، والأئمة من بعدهم، والراسخين في العلم، من تلاوة آيات الصفات، وقراءة أخبارها، وإمرارها كما جاءت، فلا وسع الله عليه ].

    ونقف على هذا، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    وبهذا يكون المؤلف انتهى من المقدمة، ويبدأ بعد هذا بذكر شيء من الصفات؛ نسأل الله سبحانه وتعالى العلم النافع والعمل الصالح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756342834