إسلام ويب

كتاب الطهارة [26]للشيخ : محمد يوسف حربة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن عظمة شريعة الإسلام تكمن في أحكامها، ومن تلك الأحكام ما يتعلق بالحائض، فقد أباح الشرع للرجل مع زوجته الحائض أموراً وأحكامها توطد العلاقة بينهما، حيث أباح له الاستمتاع بها إلا في موضع الدم، فورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أصنعوا كل شيء إلا النكاح)

    1.   

    مباشرة الحائض وما يستباح منها

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، نحمده، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً.

    وبعد:

    أقوال الفقهاء في مباشرة الحائض وما يستباح منها

    قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الأولى: اختلف الفقهاء في مباشرة الحائض وما يستباح منها، فقال مالك و الشافعي و أبو حنيفة : له ما فوق الإزار فقط ] يعني: ما أعلى من السرة وأسفل من الركبة، بمعنى: أن تكون متزرة، ولا يباشرها من داخل الإزار.

    قال: [ وقال سفيان الثوري و داود الظاهري و أحمد : إنما يجب عليه أن يجتنب موضع الدم فقط ] أي الفرج.

    إذاً هنا قولان.

    سبب اختلاف العلماء في مباشرة الحائض وما يستباح منها

    قال: [ سبب اختلافهم: ظواهر الأحاديث الواردة في ذلك ] فمن الأحاديث ما ورد بإباحة ما تحت الإزار، ومنها ما ورد بمنع ذلك والاحتمال الذي في مفهوم آية الحيض ] وذلك أن آية الحيض فيها احتمالين كما سنبينه.

    قال: [ وذلك أنه ورد في الأحاديث الصحاح عن عائشة ] أخرجه البخاري [ و ميمونة ] وهذا أيضاً أخرجه البخاري و مسلم ، [ و أم سلمة ] وهذا أخرجه الطبراني [ أنه عليه الصلاة والسلام كان يأمر إذا كانت إحداهن حائضاً أن تشد عليها إزارها ثم يباشرها ]، وهذا الحديث صحيح؛ فقد ورد في البخاري و مسلم من رواية عائشة رضي الله عنها.

    [ وورد أيضاً من حديث ثابت بن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( اصنعوا كل شيء بالحائض إلا النكاح ) ] وهذا الحديث أخرجه مسلم .

    [ وذكر أبو داود عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها وهي حائض: ( اكشفي عن فخذك، قالت: فكشفت، فوضع خده وصدره على فخذي، وحنيت عليه حتى دفئ، وكان قد أوجعه البرد ) ]، وهذا الحديث فيه ضعف.

    [ وأما الاحتمال الذي في آية الحيض فهو تردد قوله تعالى: قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222]، بين أن يحمل على عمومه إلا ما خصصه الدليل. أو أن يكون من باب العام أريد به الخاص ] يعني: في المحيض في الفرج؛ [ بدليل قوله: قُلْ هُوَ أَذًى[البقرة:222] ]، فهذه الآية تكون من العام الذي يراد به الخاص. كما في قوله تعالى: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ [آل عمران:173]، فالناس هنا هم أبو سفيان وأصحابه، وهذا عام أريد به الخاص.

    أما العام الذي أريد به العام، فكما في قوله تعالى: خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ[الأنعام:102].

    ولذلك في هذه المسألة هنا من قال: أنه عام أريد به العام قال: إذاً لا يخص إلا ما يخرجه الدليل، ثم جاء بالتخصيص وهو حديث: ( أنه عليه الصلاة والسلام كان يأمر إذا كانت إحداهن حائضاً أن تشد عليها إزارها ثم يباشرها ).

    وأما قوله: ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح )، فهذا كما يقولون أنه معارض للآية، فتقدم الآية عليه.

    ومن قال: إنه عام أريد به الخاص قال: إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح )، يؤيد الآية، وهذا معنى كلامه.

    وهناك من الناس من قال: نجمع بين الأحاديث التي تقول: ما فوق الإزار، والأحاديث التي تدل على ما تحت الإزار، فنحمل الأحاديث التي وردت بالاقتصار على ما فوق الإزار على أن ما تحت الإزار مكروه، وما فوق الإزار يباح؛ وذلك لأن من الناس شاباً لا يملك إربه، بل إذا كشفت الإزار سيقع في الحرام، فهذا لا تكشف الإزار، ومنهم كبير السن يملك إربه فلا مانع أن يباشرها فيما فوق الإزار، فهذا هو الذي يحمل عليه حديث ما تحت الإزار.

    الراجح في مسألة مباشرة الحائض

    والذي نرجحه الجواز؛ لأنا نقول أن الحديث الذي كان يأمرها تعتزل فعل، وحديث: ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح )، هذا قول، وإذا تعارض القول مع الفعل فإنه يقدم القول، وكذلك هذا القول معه فعل من أحد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أنه كان يأمرهن أن تضع على فرجها الثوب ويباشرها.

    ومعناه أن من تجعل لها على فرجها سروالاً صغيراً قصيراً، فلا مانع أن يباشرها فيما بين الفخذين وينزل ويغتسل ويذهب عنه ما به من تعب.

    وهل هذا سيصبح عزلاً؟!

    لا، ليس هنا عزل، والعزل سيأتي الكلام عليه، وهو أن يباشر المرأة في فرجها حتى يعرف أنه سيقذف وعند ذلك يخرج ذكره من فرجها ويقذف خارج الفرج، فهذا يسمى العزل وله حكمه.

    ولمزيد من التوضيح لو افترضنا أن الزوجة قد تكون متعبة وهي غير حائض، وزوجها يريد النكاح وهي متعبة ما تريد، فأذنت له على أن يلصق الختان بالختان، حتى يخرج المني منه ولا يخرج منها شيء، فهذا قد يسمى عزلاً، وهذا جائز يجب على الزوج الغسل دون أن يجب عليها؛ لأن وجوب الغسل على الجميع بأحد شيئين: إذا أولج الحشفة في الفرج وجب الغسل على الجميع وإن لم ينزل، أما إذا ماسس الختان الختان، فمن أنزل منهما وجب عليه الغسل فإن أنزل الرجل دون المرأة وجب عليه الغسل، وإن أنزلا معاً وجب الغسل على الجميع، والغالب أن المرأة لا تنزل.

    أقول: الراجح: أنه يجوز أن يتمتع بما دون الفرج؛ وذلك لما رواه مسلم من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح )؛ ولما رواه بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم: ( كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً، ثم صنع ما أراد )، أخرجه أبو داود ، وقال شيخنا في آداب الزفاف (ص47): وسنده على شرط مسلم ، وقواه الحافظ .

    1.   

    وطء الحائض في طهرها قبل أن تغتسل

    قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الثانية: اختلفوا في وطء الحائض في طهرها وقبل الاغتسال ] يعني: الحائض إذا طهرت قبل أن تغتسل:

    أقوال الفقهاء في وطء الحائض في طهرها قبل أن تغتسل

    قال رحمه الله: [ فذهب مالك و الشافعي والجمهور إلى إنه لا يجوز حتى تغتسل، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن ذلك جائز إذا طهرت لأكثر أمد الحيض وهو عنده عشرة أيام وذهب الأوزاعي إلى أنها إن غسلتا فرجها بالماء جاز وطؤها أعني: كل حائض طهرت متى طهرت وبه قال أبو محمد بن حزم ] قالوا: إذا طهرت في العشرة الأيام يجوز له وطؤها وإن لم تغتسل، ولا تغسل فرجها ولا تتوضأ.

    سبب اختلافهم في وطء الحائض في طهرها قبل أن تغتسل

    قال: [ وسبب اختلافهم الاحتمال الذي في قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ[البقرة:222] ]، ظاهر الآية أن الطهر: اسم لانقطاع الدم، وأن التطهر تفعل من الفعل هذا ما تعطيه ظاهر الآية.

    لكنه يقول أن كلام العرب يقتضي أن يكون: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ[البقرة:222]، أن نحمل الكلمتين على معنى واحد، وهو أن نقول: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ[البقرة:222] أي: ينقطع حيضهن، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ[البقرة:222]: فإذا انقطع حيضهن، أو: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ[البقرة:222]: حتى يغتسلن، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ[البقرة:222]: فإذا اغتسلن.

    قال: والآية محتملة للمعنيين تماماً، فإذاً لا مرجح للجمهور ولا لمن يقول أنه لا يجب الغسل.

    قال: لأن من كلام العرب على أنه من الركاكة أن تقول: إذا جاء فلان فأعطي زيداً درهماً حتى يدخل الدار فإذا دخل الدار فأعطه درهماً، ولكن من البليغ أن تقول: لا تعطي زيداً درهماً حتى يدخل الدار، وإذا دخل الدار فأعطه -بالواو لا بالفاء- فأعطه درهماً.

    ومن الفصيح أن تقول: إذا دخل زيد الدار وجلس فأعطه درهماً، فإذا جلس فأعطه درهماً، يكون تأكيداً لجلس، إذاً الآية هنا لابد فيها من حذف على مذهب الجمهور، والتقدير: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222] ويتطهرن، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] فمذهب الجمهور لا بد لتسويغه من حذف.

    ثم قد يقال: هل الحذف مجاز أو حقيقة؟ فيقال: الحذف مجاز، وبقاء الآية بلا حذف حقيقة، وإذا تعارضت الحقيقة والمجاز وجب علينا أن نعمل بالحقيقة إلا أن يرد ما يدل على المجاز، فالآية إذاً محتملة لمن يقول بأنه يغتسل أو لا يغتسل، يتطهر أو لا يتطهر، إلا أن تخصيص العشرة الأيام هذا تحكم بلا دليل، حسب ما رآه أبو حنيفة .

    إذاً من هنا نقول أن: [ كل مجتهد مصيب ]، وهذا كلامه الذي أورده في كتابه.

    ولكنا نقول: أما قوله أن الحذف في القرآن مجاز، وأنه قليل لا يصار إليه إلا بدليل، فنقول: أن الحذف في كتاب الله أسلوب عربي، وفي اللغة العربية أسلوب عربي. ومن اللغة العربية: نحن بما عندنا وأنتم بما عندكم راضون، والرأي مختلف يعني: نحن بما عندنا راضون وأنتم بما عندكم راضون، وقول الشاعر:

    فما أدري أَرشُدٌ طِلابُها، أي: أم غي، فحذف، والحذف أسلوب عربي.

    ولذلك نقول: إنه كان عليه أن يستقرئ كتاب الله فسيجد الحذف كثيراً في كتاب الله.

    فمنها حذف الموصوف: أَنْ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ[سبأ:11]، أي: دروعاً سابغة. ومنها حذف الصفة: وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً [الكهف:79]، أي: صالحة، بدليل: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا[الكهف:79].

    ومنها حذف المضاف: وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ[يوسف:82]، وقوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ[البقرة:19]، أو كأصحاب صيب.

    ومنها حذف المعطوف مع العطف، مثل: سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ[النحل:81]، أي: والبرد.

    إذاً فالحذف سائغ وكثير، فإذا تقرر هذا فالآية فيها حذف والدليل عليه ما بعده، والتقدير: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222] ويتطهرن؛ بدليل قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ[البقرة:222].

    الراجح في وطء الحائض في طهرها قبل أن تغتسل

    فلذلك نرجح مذهب الجمهور، فنقول: إنه لا يجوز للرجل أن يأتي زوجته إذا انقطع حيضها إلا بأحد أمرين:

    الأول: انقطاع الحيض، الثاني: التطهر.

    المراد بالتطهر في قوله تعالى: (فإذا تطهرن ..)

    ولكن يبقى معنا هنا شيء وهو هل التطهر هو الاغتسال؟ أو غسل الفرج؟ أو الوضوء؟

    فالجمهور قالوا: التطهر هو الغسل؛ وذلك أنا نقول في الجنب: تطهر من الجنابة إذا اغتسل، ونقول في المحدث تطهر من الحدث إذا توضأ، ونقول في المتبول: تطهر من البول إذا غسل فرجه.

    ومال إليه شيخنا: أن الطهر لفظ تقول: تطهرت المرأة من الحيض، غسلت فرجها، وتوضأت وتطهرت واغتسلت، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( تطهري، قالت: كيف أتطهر؟ قال: تطهري سبحان الله! قالت: كيف أتطهر يا رسول الله؟! فأخذتها عائشة وذهبت بها وقالت: تغسلي فرجك وتأخذي فرصة وتمسحين بها أثر الدم )، فأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم على غسل الفرج: أثر الدم.

    ولهذا أقول بعد هذا كله الكل معتمد، ولم أستطع الترجيح، والشيخ تكلم عليه من (ص47) إلى (ص51) في آداب الزفاف.

    المجاز في القرآن الكريم

    قال: [ وحمل الكلام على الحقيقة أظهر من حمله على المجاز.. ].

    أقول: ما استبعده المؤلف من الحذف، وذكر أنه بعيد، وخلاف الظاهر غير صحيح بل الحذف أسلوب عربي كثر وروده في القرآن.

    منها: حذف الموصوف مثل: أَنْ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ[سبأ:11] أي: دروعاً.

    ومنها: حذف الصفة مثل: يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً [الكهف:79] أي: صالحة.

    ومنها: حذف المضاف مثل: وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ[يوسف:82].

    ومنها: حذف جواب الشرط مثل: إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:23]، فجواب الشرط محذوف أي: فافعلوا، ومنها: حذف المعطوف وحرف العطف مثل: سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ[النحل:81] أي: والبرد.

    إذا تقرر ذلك وهو أن الحذف موجود في كتاب الله - فلا مانع أن يكون في الآية حذف دل عليه ما بعده، والتقدير: حتى يطهرن ويتطهرن، دل عليه: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222].

    إذاً فالراجح أن جواز إتيانها متوقف على وجود الأمرين معاً:

    الأول: الطهر، الذي هو: انقطاع الدم، والثاني: التطهر بالماء.

    إلا أن لفظ التطهر مشترك أو عام بين الغسل والوضوء وغسل الفرج، وقد قال ابن حزم : أن الطهر يحصل بواحد من الثلاثة ومال إليه شيخنا في آداب الزفاف (ص47) إلى (ص51)، يعني أخذ بهذا الكلام..

    يعني إذا توضأت أو إذا غسلت فرجها يكفي، وذهب الجمهور إلى تعين الغسل، والكل محتمل.

    مسألة كل مجتهد مصيب

    قال: [ وكل مجتهد مصيب ]، فمثلاً هناك من يقول: إنه يحرم على المأموم أن يقرأ وراء إمامه ولو بفاتحة الكتاب في الجهرية بل يجب عليه الاستماع، وهناك من يقول: بأنه يجب على المأموم أن يقرأ فاتحة الكتاب في الجهرية، ولا هل أستطيع أن أوفق بين القولين لأن هذا يقول: يحرم، وهذا يقول: يجب، ولا يصح أن أقول: يحرم ويجب كلها صواب.

    إذاً فما معنى: كل مجتهد مصيب؟

    معناه أن من أوصله الاجتهاد -: إلى أنه يجب الاستماع عند قراءة الفاتحة ولا يجوز له القراءة، فهذا يجب عليه أن يعمل بما أوصله إليه اجتهاده وهو مصيب إن عمل بذلك، وإن تركه فهو مخطئ.

    ومن قال: يجب عليه قراءة الفاتحة، فصوابه أن يعمل باجتهاده، ولا يجوز أن يترك اجتهاده، ويأتي الحكم في المقلد العامي.

    فنقول له: صوابك ليس التخير، صوابك: ما أنت تعتقده من العلماء وتثق به، فاعمل بكلامه.

    أقول الراجح: أن كل مجتهد مصيب في العمل بما أداه إليه اجتهاده، كما قال ابن تيمية في الفتاوى، والناس في هذا طرفان وواسطة:

    فبعضهم يقول: كل مجتهد مصيب، فالذي يقول: حلال، يجوز له ذلك، والذي يقول: حرام، يجوز له ذلك فهذا طرف.

    وبعضهم يقول: لا يجوز لك أن تقول: كل مجتهد مصيب، بل المصيب واحد والبقية مخطئون، وهذا طرف.

    والواسطة هو أن كل مجتهد مصيب في العمل بما أداه إليه اجتهاده.

    1.   

    كفارة إتيان الحائض

    قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الثالثة: اختلف الفقهاء في الذي يأتي امرأته وهي حائض، فقال مالك و الشافعي و أبو حنيفة : يستغفر الله ولا شيء عليه ]؛ لأن الأحاديث التي وردت في ذلك لم تصح عندهم، [ وقال أحمد بن حنبل : يتصدق بدينار أو نصف دينار ]؛ لأنه صح عنده الحديث بهذا التخيير، وفرق قوم فقالوا: إن أتى في فور دمها فعليه التصدق بدينار، وإن أتى في آخر الدم فعليه التصدق بنصف دينار؛ لأحاديث وردت في ذلك إلا أن فيها كلاماً، ولم يصححها بعضهم، وصحح بعضهم حديثاً قال: إنه موقوف.

    إذاً فما هو الراجح في ذلك؟

    الراجح في كفارة إتيان الحائض

    الراجح أنه من أتى الحائض في أيام الحيض، سواءً كانت في أول حيضها عند فورة الدم، أم في آخره عند ضعف الدم، فعليه أن يتصدق إما بدينار أو نصف دينار؛ وذلك لحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائص -كأنه سئل- فقال: ( يتصدق بدينار أو نصف دينار )، أخرجه مسلم . والدينار: نصف حبة جنيه استرليني، والحبة الجنيه الاسترليني من الذهب توجد عند الصراف، توزن ويعرف وزنها ويكون وزنها ثمانية جرامات. إذاً فنصف الحبة الجنيه الاسترليني وزنها خمسة جرامات، وهذا وزن الدينار ونصف الدينار يساوي جرامان ونصف، ويعرف قدر ثمنه بالعملة اليمنية.. يعني تأتي تقريباً خمسة ألف ريال يمني.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك اللهم ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756194454