إسلام ويب

حقيقة الإرهابللشيخ : محمد الشيخ

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحاجة في الوقت الحاضر لتعريف معنى الإرهاب، ولتوضيح حقيقته ملحة، فهاهو العالم باسم محاربة الإرهاب يشرِّد الملايين، ويقصف المستشفيات بمرضاها ومصابيها، ويبيد الأخضر واليابس، حتى امتدت يد البغي إلى كل بلاد الإسلام لتستأصل شأفته، وتبيد خضراءه تحت ذريعة مكافحة الأرهاب!! فما هو معنى الإرهاب؟ وما هي حقيقته؟

    1.   

    ضرورة تعريف معنى الإرهاب

    الحمد لله الذي نصب الكائنات على ربوبيته دليلاً، رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [المزمل:9] حسبي به كفيلاً، أحمده سبحانه وأشكره، أولانا من فضله وكرمه عطاءً جزيلاً.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا نِدَّ ولا شبيه ولا مثيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، قام بعبادة ربه حتى تفطرت قدماه، وتبتَّلَ إليه تبتيلاً، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم لك الحمد على نعمائك، ولك الحمد على عظيم إحسانك، لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.

    اللهم فلك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد بعد الرضا، ولك الحمد عدد ما جرى به كتابك، وخطه قلمك، ورضيت به نفسك، لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

    ثم أما بعد:

    عباد الله: أوصيـكم ونفـسي بتقوى الله، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    أحبابي في الله: مرةً أخرى تبرز الحاجة إلى تعريف معنى الإرهاب، معنى الإرهاب المراد محاربته دولياً، هاهو العالَم باسم محاربة الإرهاب يشرِّد الملايين، يبيد الأخضر واليابس، يهدم المساجد على مصليها، يقصف المستشفيات بمرضاها ومصابيها.

    هاهو العالم باسم محاربة الإرهاب يصنِّف الحركات الإسلامية التي تجاهد في سبيل الله، وتردُّ الكيد وظلم الظالم، تبتغي إعادة حقها، وإرجاع مغتصباتها، والمحافظة على مقدساتها، تصنَّف أنها جماعات وحركات إرهابية.

    فـحماس في فلسطين جماعة وحركة إرهابية!

    و الجهاد في أرض الإسراء حركة إرهابية!

    و جيش محمد الذي يقاتل لتحرير كشمير من أيدي الطغاة الهندوس والبوذيين والكفرة جماعة إرهابية!

    فيجب أن يقاتَل هؤلاء ويبادوا.

    إنها -منذ البداية قلناها أيها الأحبة!- بداية حرب شعواء على الإسلام، وعلى الجهاد، وعلى كل من يرفع راية لا إله إلا الله، ليقاتل في سبيل الله حتى تكون كلمة الله هي العليا.

    والله أعلم وهو الذي بيده علم الغيب، ويعلم خافي الأمور، إن ما كان من أحداث أُقِّت بها العالم في هذا الزمن من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، الله العالم أنها مجرد مسرحية انطلت على الكثير كما انطلت على كثيرٍ مِن قبل حرب الخليج، وما كان في أحداثها مع ذاك الطاغية.

    إنها قضية حقيقةً تقود العالم إلى حرب شعواء لا يعلم أحد بدايتها ونهايتها إلا الله.

    إنما نقول ذلك: لنبرئ الذمة لله تبارك وتعالى، وندافع عن هذا الدين.

    1.   

    حقيقة الإرهاب

    ونقولها كلمة لعلها أن تلقى أسماعاً وقلوباً حية: إن هذا الدين كما أنه دين الرحمة، والهداية، والنور، والسلام، والأمن، والأمان، هو أيضاً دين القوة، والكفاح، فلقد كُسِرت رباعية النبي الشريفة عليه صلوات الله وسلامه، وأدميت عقباه الشريفتان، وقاتل وقُتِل أصحابُه، وهو المبعوث كما قال الله: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] أفيكون محمد إرهابياً؟!

    أفيكون الذي بعثه الله رحمة للناس أجمع، ورَفَعَ السيفَ، (بعثتُ بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري) أفيكون محمد الذي قاتل وجاهد ورفع سيفه إرهابياً؟!

    واللهُ نص على أنه قد بعثه رحمةً للعالمين، بالهداية والنور.

    سؤال مطروح: هل الذي يأمر أصحابه أن إذا دخلوا قريةً لا يقاتلون قومها حتى ينذروهم ويعطوهم أحد ثلاثة:

    إما الإسلام: فلهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، ويفتحوا لهم الديار؛ يدعون الله، فمن أجابهم إليه فهو منهم.

    وإلا الجزية: وبها يحمونهم، ويدخلون تحت سلطان دولتهم، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم.

    وإلا السيف.

    ويوم أن أراد معاوية بن أبي سفيان الغدر بجيش الأعداء يوماً من الأيام، يوم أن شم رائحة الخيانة قال: [إني أشم رائحة خيانة، وإنا مُصَبِّحوهم قبل أن يخونونا، فقام إليه شيخٌ من أشياخ المسلمين -كما روى الإمام ابن كثير في تفسيره - عمرو بن عبسة : قال: يا بن أبي سفيان ! أغدرٌ بعد إسلام؟! والله لا يكون، ثم تلا عليه قوله تعالى: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ [الأنفال:58] لا يكون غدر بعد هداية وشهادة أن لا إله إلا الله] فأعاده إلى جادة الحق والصواب.

    أيكون إرهابياً من علَّم أصحابه هذا؟!

    مَن علَّمهم إذا دخلوا قرية ألا يقطعوا الشجرة، ولا يهدموا صومعة على راهبها ومتعبِّدها، ولا يقتلوا امرأة، ولا طفلاً، ولا شيخاً، ولا مَن أمَّنهم ولم يحمل السلاح عليهم، أيكون محمد إرهابياً وهو قد علم أصحابه هكذا، أو هذه الأمور؟!

    أم الإرهابي هو الذي يقتل ويبيد الأخضر واليابس، ويقذف مرة وثنتين وثلاثاً القذائف على المساجد فيقتل مصليها ويقول: خطأً، يقذف القذائف على المستشفيات ويقول: خطأً، يقتل الأبرياء، وقوافل الأبرياء ويقول: خطأً، تضحكون على مَن؟! لكنه الضعف والذل والاستكانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!

    1.   

    سيوف الإسلام .. إرهاب أم رحمة وهداية

    تعال أيها العالَم لتسمع أتباع محمد صلى الله عليه وسلم يوم أن حملوا الرسالة، هل حملوها بسيوفهم إرهابيين أم هداةً إلى الله داعين، وقادةً فاتحين؟!

    تعال أيها العالَم لتسمع عمر الخليفة الراشد رضي الله عنه وأرضاه، وقد كان عمر أقساهم، بل إن الصحابة عتبوا على أبي بكر يوم أن علموا أنه موليه، قالوا: [يا أبا بكر ! ما تقول لربك يوم أن تولي عليهم أقسى خلقه؟! تولي عليهم عمر ؟! ما تقول لله؟ قال لابنه: أقعدوني، فلما قعد عليه رضوان الله قال: أبالله تخوفونني؟! والله لأقولن له: وليت عليهم خير خلقك لخلقك].

    عمر ! انظر إلى عمر ! إذ يفتح الله عز وجل عليه إيلياء، بيت المقدس، ويتسلم مفاتيحها ماذا فعل؟!

    هل أخذ محاربيها وقال: مجرمو حرب -كما يفعلون اليوم- وقتَّلهم أمام العالَم؟!

    يا أهل الديمقراطية! يا أهل حقوق الإنسان! أين منظمة العفو الدولية؟ أين الأمم المتحدة؟ إن الكفار لا يقتلون الأسرى في تلك العهود، هل الأسرى تُقْتَل؟! نعم، اقتلوهم أبيدوهم إنهم مجرمو حرب، هل فعل ذلك عمر؟! هل سمعنا في تاريخ الأمة الإسلامية مثل هذه الأفعال التي تجري اليوم؟! لا والله، لا ولن يحدث ذلك.

    اسمع إلى عمر يوم أن تسلم المفاتيح، كتب عليه رضوان الله فقال في كتابه: [بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم، سقيمهم، وبريئهم، وسائر ملتهم، وأموالهم، وكنائسهم، وصلبانهم سقيمها، وبريئها، وسائر ملتها، أن لا تُسْكَن كنائسُهم، ولا تُهْدَم، ولا يُنْتَقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيءٍ من أموالهم، ولا يُكرَهون على دينهم، -ولا يُكرَهون، يا من تريدون أن تغيروا مناهج التعليم عند المسلمين وتمسحوا القرآن، اسمعوا، اسمعوا إلى قول خليفة رسول الله!- ولا يُكرَهون على دينهم، ولا يضار أحدٌ منهم، ومن خرج منهم فإنه آمنٌ على نفسه وماله، حتى يبلغ مأمنه، ومن أقام منهم فهو آمِن، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويُخْلِي بيوعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وعلى صلبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض -أي: سكان إيلياء من غير أهلها- قبل القتال فمن شاء منهم قعد وعليه مِثْل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يُحْصَد حصادهم -انظر! لفتة عجيبة! لم يجبرهم على دفع الجزية في التو ترغيماً لهم ومضايقة، بل أنظَروهم حتى يُحْصَد حصادهم- على ما في هذا -انظر! ما كتب- على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله، وذمة المؤمنين،، إذا أعطَوا الذي عليهم.

    كتب ذلك وحضر: عمر بن الخطاب، سنة: (15) من الهجرة، شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنه وعنهم أجمعين].

    هذا هو الإسلام، هذا هو دين محمد، لقد تضمن العهد العُمَري حرية المعتقد، وحرية السكنى، وحرية التنقل، وهو عهدٌ منذ أكثر من ألفٍ وأربعمائة سنة، لم يكن متأثراً بشعارات حقوق الإنسان المنافقة في عصرنا هذا، ولكنها كانت تطبيقاً لمنهج الإسلام في التعامل الراقي المخلص مع أهل الأديان الأخرى، لقد أصبح القدس الشريف وسكانها من مختلف الديانات في حماية المسلمين، يحافظون عليها، ويدافعون عنها، وعمن فيها، هذا حديث أهل الإسلام، وهذا حكمهم، وهذا تاريخهم، هذا حديثنا، وهذا حكمنا، وهذا تاريخنا.

    1.   

    العدالة المزيفة

    أما اليوم فعجبٌ أمرُ العالَم الذي يدعي حقوق الإسلام والعدالة، هاهو بيت المقدس يجري فيه ما لم يحدث على أيدي أي غزاة في تاريخ البشرية كلها، نعم. ولم يجرِ ذلك في تاريخ القدس الممتد آلاف السنين، لم يفعل غازٍ أو محتل مثلما يفعله اليهود اليوم، وليس بعد شهادة التاريخ من شهادة، وليس مَن رأى كمن سمع على ما تشاهدون اليوم في هذه الأيام من صور عجيبة تُفعل بإخواننا هناك.

    احتلوا القدس الشريف منذ أكثر من ثلاثين عاماً، فأحرقوا المسجد الأقصى، وعمر يقول لهم: [لا تهدموا صومعة، ولا ديراً].

    أحرقوا المسجد ونسبوه إلى معتوه -مختل العقل- وما يكون معتوهاً إلا لَمَّا تؤتى مقدساتُ المسلمين وأراضي المسلمين، وإلاَّ فكل أحدٍ غيرهم إرهابي.

    أما أعمال الحفر والهدم والتخريب حول المسجد وحول قبة الصخرة فحدِّث ولا حرج.

    يَدخلون على الناس ومحارمهم، فيهدمون البيوت، ويقذفون القرى والأحياء بالقاذفات والصواريخ، يغتالون مَن يريدون في مرأى ومسمع من العالَم الذي يدعي العدالة وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، هاهم يبيدون كيفما يشاءون، وهم وحدهم حقٌ لهم، وإن قام قائمٌ يدافع عن نفسه ويرد الكيد قالوا: إرهابي .. حماس إرهابيون .. الجهاد إرهابيون .. جيش محمد في كشمير إرهابيون، لماذا؟! لأنهم يرفعون راية الجهاد، والحرب ضد الغزاة، فلا بد من أن يُبادوا، ولا بد من أن يُمحوا من خارطة العالَم.

    والله نسأل أن يرد كيدهم في نحورهم.

    والحقيقة -يا أحبابي!- المرَّة: أن المسلمين والعالم الإسلامي والعربي يرى كل هذا فلا حراك، ولا تضامن، ولا اجتماع كلمة، ولا محاربة حقيقية، بل تسليم .. تسليم!!

    والآن الشغل الشاغل لهم: نفسي نفسي، لا يأتيني شيء وافعلوا ما تشاءون، يا سبحان ربي! أين رباط العقيدة؟! إن النار في بيت جارك في بيتك، النار لما تمس إخوانك تمس دماءك.

    إنا نقول ذلك والعالم يكيل بمكيالين ويزن بميزانين، مَن كان معهم فهو ضد الإرهاب، ومن وقف ضدهم فهو إرهابي أياً كانت دعواه، أفيَقْبَل المسلمون بهذا؟! أتقبلون -أيها الأحبة!- ألا يدافع المسلم عن عرضه، ودمه، وأرضه، ومحمد صلى الله عليه وسلم القائل وهو المبعوث رحمةً للعالمين: (من قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قُتل دون أرضه فهو شهيد)؟!

    لا. اشطبوا هذا، مصطلح الشهادة في سبيل الله اشطبوه .. الجهاد اشطبوه .. نحن نريدكم مسالِمين .. نضربكم على خدكم الأيمن فتديرون لنا خدكم الأيسر، وإن كان لكم حاجة أو مطالبة فابعثوا بها إلى عنان ، ابعثوا بها إلى الأمم المتحدة ، كي تنظر فيها وتقيم محكمة دولية.

    يا سبحان ربي! ماذا فعلت المحاكم الدولية؟! ماذا فعلت هيئة الأمم ؟! أَرَدَّت عن المظلوم ظالماً؟! أأخذت له حقه؟! سنون طويلة قد صدرت قرارات هيئة الأمم بالانسحاب! أين الانسحاب من الدولة الفلسطينية؟! بالدولة الفلسطينية! أين الدولة الفلسطينية؟! بعودة اللاجئين! أين عودة اللاجئين؟! بالحقوق! أين الحقوق؟!

    ولكن إذا أعطى الإنسان رقبته لجلاده فلا يلومن إلا نفسه.

    نسأل الله تبارك وتعالى أن يرد المسلمين إلى جادة الحق والصواب، وليعلموا وليدركوا أنها حرب عليهم وضدهم، على دينهم وإسلامهم، وإن لَمْ يقفوا بقوة أمام هذا الزحف، فإنه لا منتهى له، ونقولُها بصراحة: لا منتهى لَه، حتى يُحقق اليهود ما يريدون.

    نسأل الله ألا يمكنهم من ذلك.

    اللهم إنا نبرأ إليك من هؤلاء، ومما يفعل هؤلاء، نبرأ إليك من جبن الجبناء، ونبرأ إليك من السكوت الظالم الأخرس، ونبرأ إليك ربنا من قتل الأبرياء.

    اللهم يا إلهنا! إنا مغلوبون فانتصر لنا، نسألك -يا إلهنا!- نصرك على أوليائك وعبادك أن تُنَزِّلَه.

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وبهدي النبي المصطفى الكريم.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    حقيقة دعاوى السلام

    الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وإخوانه.

    أما بعد:

    أيها المسلمون: عندما تنعدم الخيارات أمام المظلوم، وتضيق المدائن بشعبٍ مقهور فإن كل سلوكٍ متوقَّع، طرفان ليسوا متكافئين، جيش احتلال مسلح ضد شعبٍ أعزل، القتلى والضحايا في طرف والقاتل والجلاد الذي يطلق النار في طرفٍ آخر، قاتلٌ ومقتول، جلادٌ وضحية.

    إن مشاهدة هذه المناظر ومتابعة الأحداث تقطع الأمل في الرغبة الجادة في السلام، وإن من بدهيات الأمور وأبجديات التفكير أن السلام الذي يُبْنى على أساليب القهر والتعسف والإملاء والابتزاز ليس كالسلام الذي يبنى على الحق والعدل والمساواة والتكافؤ والندية.

    إن القوة والقهر والظلم لا يمكن لها أن تنشئ حقاً أو تقيم سلاماً.

    إن العدوان لا يولِّد إلا العدوان، وإن مشاعر الشعوب هي معيار الضغط النفسي وهي مقياس بواعث الانفجار.

    أيها المسلمون: إن ما يجري في بيت المقدس وفلسطين المحتلة امتحانٌ شديد للعالم، بل لأمة الإسلام بالأخص، إنها تعيش مفترق طرقٍ خطير يحيط بها.

    إننا ينبغي أن نضع كلمة الإرهابي في محلها، وننسبها إلى أصحابها، فرقٌ بين إرهاب قاله الله: تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60] أخذٌ للقوة وإعدادٌ للدفاع عن النفس والجهاد في سبيل الله وإحقاق الحق ونشر الهداية والعدل في ربوع الأرض، فرقٌ بين هذا وبين اعتداء على أبرياء، ونقضٍ لمواثيق، وانتهاكٍ للعهود، فرقٌ واضحٌ بين الاثنين!

    فأيهما الإرهابي؟!

    من الإرهابي؟! من الإرهابي؟!

    ليقولها إعلامنا بصراحة، ليقولها الناس بصراحة: هل الذي شرد الملايين من ديارهم، وقتل المصلين في مساجدهم، وهدَّم المستشفيات على مصابيها، هل هو الإرهابي، أو الذي يدافع عن بيته، وعن عرضه، وعن أرضه من محتلٍ غاصب، لا يرقب في مؤمنٍ إِلَّاً ولا ذمة؟!

    يا سبحان ربي! إنها مغالطات ينبغي للأمة أن تتنبه لها، وإلا إذا تُرِكَت فإنها ستُقْبَل على مدار الأيام، وتُحَوِّل الأجيالَ إلى صور من دون حقيقة، أي ملتحٍ .. أي متعمم .. أي رافع سيف .. أي حامل للقرآن، هذا إرهابي، ستصل الصور في أذهان الأجيال هكذا إذا تُرِكَت.

    نسأل الله تبارك وتعالى أن يرد كيد الكائدين في نحورهم.

    اللهم إنا نسألك ونتوجه إليك الساعة أن تنجِّي إخواننا من كيد الكائدين.

    اللهم من أرادنا وأراد إسلامنا والمسلمين بسوء، اللهم فاشغله في نفسه، واجعل تدبيره تدميره، وأدر عليه دائرة السوء.

    اللهم اكفناهم بما تشاء، اللهم اكفناهم بما تشاء، اللهم اكفناهم بما تشاء.

    اللهم إنهم لا يعجزونك، أنت جبار السماوات والأرض.

    اللهم يا من له الأمر، وبيده الأمر، وهو على كل شيءٍ قدير، نسألك أن تحفظنا وإخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

    اللهم أشبع جائع المسلمين واكس عاريهم، وفُكَّ عانيهم، وأطلق أسيرهم، وحرر سجينهم.

    اللهم تولَّ يتيمهم، وارعَ أرملتهم، ووفق داعيتهم، وانصر مجاهدهم، واخذل عدوهم، وولِّ عليهم خيارهم، واكفنا يا ألله وإياهم شر الأشرار، والكفرة الفجار.

    يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! نسألك اللهم أن تغيثنا برحمةٍ من رحماتك.

    اللهم أغث البلاد والعباد.

    اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.

    اللهم أنزل علينا رحمتك، وارفع عنا غضبك.

    اللهم إنا نسألك يا إلهنا، ويا سيدنا، ويا مولانا! أن تعز الإسلام وتنصر المسلمين.

    اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، واحمِ حوزة الدين، وانصر عبادك الموحدين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر إخواننا المجاهدين في كل مكان.

    اللهم من أرادهم بسوء فاجعل تدبيره تدميره، وأدر عليه دائرة السَّوء، يا قوي! يا عزيز! يا جبار! يا متين!

    اللهم فك أسرى المسلمين من أيدي الطغاة والظالمين والكفرة المعتدين.

    لا إله إلا أنت، دعوناك، فأجبنا يا إله الأولين والآخرين.

    صلوا وسلموا على الهادي البشير، صلوا على الرحمة المهداة، صلوا على نبيكم محمد كما أمركم الله بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755800054