فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا علماً نافعاً، ولساناً ذاكراً، وقلباً خاشعاً، وعملاً متقبلاً.
أما بعد:
فإن الحديث عن العلماء والمصلحين والدعاة والقادة ونشر سيرهم وتراجمهم له ثماره الكثيرة، ومصالحه العظيمة، وفوائده في أبناء الأمة وجيلها، ومن ثمار الحديث عن العلماء والدعاة: الاقتداء بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن المتأمل لكتاب الله عز وجل يجد أنه تحدث عن أنبياء الله ورسله، والأنبياء والرسل هم أئمة الدعاة، وأئمة العلماء والمصلحين، فالله عز وجل في كتابه تكلم عن رسله، وبين سيرتهم في دعوتهم لقومهم، وما دعوا إليه، وما حصل لهم من أذى، وكيف صابروا ذلك وصبروا، والنبي صلى الله عليه وسلم أيضاً في سنته تحدث عن الأنبياء قبله.
ومن ثماره أيضاً: الاقتداء بالسلف الصالح، فإن السلف الصالح -رحمهم الله- تكلموا عن علماء هذه الأمة، وبينوا سيرهم وتراجمهم لما يترتب على ذلك من ثمرة عظيمة.
ومن ذلك أيضاً: الإفادة من تجارب أولئك العلماء والمصلحين والمربين، ونقل هذه التجارب لأبناء الأمة وجيلها كي يستفيدوا وينهلوا من تجارب من سبقهم، ولا شك أن العالم والداعية قد خاض في حياته تجارب كثيرة، وجمع علوماً وفيرة، وكون طالب العلم يستفيد من هذه التجارب فإنه يختصر له الشيء الكثير، ويستطيع أن يدرك كما أدرك من سبقه، ويصل كما وصل من سبقه.
ومن ثمار الحديث عن العلماء: القيام بحقهم، وبيان سابقتهم في الإسلام وفضلهم، ولا شك أن هؤلاء العلماء والمصلحين لهم حق علينا، فمن حقهم علينا أن نعظمهم التعظيم اللائق بهم، وذلك بأن نعرف سابقتهم، وأن نستفيد من علومهم وتجاربهم، وأن نثني عليهم، وأن نترحم وندعو لهم.
ومن ثمار الحديث عن العلماء والمصلحين: شحذ الهمم في أبناء الأمة، وتقوية عزائمهم إذا سمعوا ما لأولئك العلماء من جهاد ومجاهدة وصبر ومصابرة وبذل لأنفسهم وأموالهم في سبيل نصرة هذا الدين، وحمل سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والدفاع عنها والذب.. إلى آخره.
ولهذا نجد أن العلماء رحمهم الله تكلموا عن العلماء، وعن سيرهم، وتاريخهم، وأفردوهم بالتراجم، فتجد الكتب الكثيرة في الطبقات وتراجم العلماء.
ونحن سنتحدث عن جانب من جوانب الحياة العلمية لفضيلة علم من أعلام هذا الوقت، وعالم من علماء هذا الزمان، ألا وهو فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- تعالى، والحديث عن الجانب التعليمي للشيخ -رحمه الله- هو حديث عن أنفس أوقات الشيخ، وأحبها إلى نفسه، وأرغبها إليه، فإن المتأمل لحياة الشيخ -رحمه الله- يجد أنه قضى كل حياته وجميع لحظات عمره في التعليم ونشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفي أن تعلم أن الشيخ -رحمه الله- أمضى ما يقرب من خمسين عاماً في تعليم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن هذا هو العمر الحقيقي للإنسان في هذه الحياة، ولا شك أن هذا من الجهاد في سبيل الله، ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن يحيى بن يحيى أنه قال: الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله. والمتأمل لحياة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أن النبي عليه الصلاة والسلام اشتملت حياته على جهادين: جهاد بالعلم والبيان، وجهاد بالسيف والسنان. ففي المرحلة المكية نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم جاهد بالعلم والبيان، ففي طيلة المرحلة المكية ما يقرب من ثلاثة عشر عاماً ظل النبي صلى الله عليه وسلم يبين التوحيد، ويغرس العقيدة الصحيحة، ويحذر من الشرك وشوائبه، ولم يؤذن للنبي عليه الصلاة والسلام بأن يجاهد بسيفه وسنانه، ولم يبح له ولا مجرد إباحة، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم أبيح له، ثم بعد ذلك أمر أن يقاتل من قاتل، ثم بعد ذلك شرع له القتال كافة.. إلى آخره.
وفي المرحلة المدنية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الجهادين: جهاد العلم والبيان، وجهاد السيف والسنان.
وقد أدركنا الشيخ -رحمه الله- عام ستة وأربعمائة وألف للهجرة، وقبل ذلك كان حضوري ليس بغرض طلب العلم، وإنما لمجرد سؤال ونحو ذلك، وكان الطلبة الذين يحضرون عند الشيخ ما يقرب من عشرين أو ثلاثين طالباً فقط.
فانظر إلى جهاد الشيخ -رحمه الله تعالى- ولما علم الله عز وجل منه الصبر والمصابرة والجهاد وصدق النية لم يتوف الشيخ -رحمه الله تعالى- إلا وكان يحضر مجلسه جمع غفير من طلبة العلم، وكنا في الدروس الأخيرة نجد المسجد يكاد يمتلئ من حضور الطلبة، وهذا -أيها الأحبة- يدل على صدق نية الشيخ، فلما علم الله عز وجل ما في قلبه وعلم صبره ومجاهداته أنزل الله عز وجل له القبول، وأصبح الناس يتوافدون، وعَمَر الشيخ إسكاناً للطلبة، ثم بعد ذلك امتلأ هذا الإسكان بالطلبة، ثم عمر إسكاناً آخر كبيراً مكوناً من عدة طبقات، ومع ذلك امتلأ هذا الإسكان بالطلبة، وبدأ الشيخ أيضاً يستأجر إسكانات أخرى للطلبة، ويعين آخرين في تأجيرهم لمنازلهم.
فالذي يمكن أن نستفيده -أيها الأحبة- ونحن قد لزمنا وتجشمنا طلب العلم أن نصبر، وأن نصابر، وأن نجتهد، وألا يستوحش الإنسان طول الطريق، وعدم الرفيق، فكون الإنسان يجلس للتعلم أو للتعليم ولا يحضر عنده إلا اثنان أو ثلاثة أو أربعة، هذا فيه خير عظيم، ويكفي من الخير أن الإنسان يكون قد امتثل أمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن تحل البركة، فالله عز وجل يطرح البركة في هؤلاء الذين حضروا عندك، ويجعلهم الله عز وجل مباركين، أو أن الله عز وجل يضع القبول في قلوب الناس، فيبادرون بحضور مجلس من صبر نفسه على العلم والتعلم.
فالدرس الذي نأخذه من حياة الشيخ في هذه المراحل الثلاث أن الإنسان عليه أن يصبر، وأن يصابر، وأن يجاهد، وأن يستحضر فضل العلم، وما جاء في الثناء على العلماء، وما رتب على ذلك من الأجر العظيم، وأشرنا أيها الأحبة إلى أن الشيخ جلس ما يقرب من ربع قرن لا يحضر عنده إلا اثنان أو ثلاثة، وقد لا يتجاوزون عشرة أشخاص.
هذه الملكة الفقهية التي كانت موجودة عند الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-، انتقلت إلى تلميذه الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وهي مما أفاده الشيخ عبد الرحمن في زمنه، فإن زمن الشيخ عبد الرحمن كان نقلة فقهية من عدم الخروج من المذهب الحنبلي غالباً في ذلك الزمن إلى التوسع والنظر إلى الدليل، فالشيخ عبد الرحمن -رحمه الله- لم يكن متقيداً بالمذهب الحنبلي، كان دراسته في أول أمره على مذهب الحنابلة، وهكذا سار العلماء -رحمهم الله- في ذلك الوقت، وأيضاً سار عليه الشيخ -رحمه الله- كما سيأتينا في معالم فقهه، لكن الشيخ عبد الرحمن أكبّ على كتب الشيخين: شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وابن القيم -رحمه الله تعالى- كما ذكر ذلك الشيخ عبد الله البسام في ترجمته للشيخ عبد الرحمن، وكذلك أيضاً القاضي في كتابه روضة الناظرين، فكانت -كما ذكر القاضي- كتب الشيخين صبوحاً وغبوقاً للشيخ عبد الرحمن، فأثر ذلك في الشيخ عبد الرحمن مما أدى به إلى اتباع الدليل وعدم التقيد بالمذهب الحنبلي، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى كانت دروس الشيخ عبد الرحمن ليست مجرد تقارير يقررها على الطلبة، وإنما كان الشيخ -رحمه الله تعالى- يأخذ المتن ويقوم بشرح عباراته وتحليل ألفاظه، وبيان الأوجه اللغوية والفقهية، ويشير إلى خلاف أهل العلم رحمهم الله، فأثر ذلك في منهج الشيخ محمد -رحمه الله تعالى- وقد عاصرنا بعض المشايخ عندنا في القصيم، وكنا نقرأ عليهم الكتاب، في الروض المربع، أو في كتاب فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن، أو غير ذلك من كتب العلم، فكان تعليمهم مجرد تعليقات وتقارير يقررها الشيخ -رحمه الله-، أما الشيخ عبد الرحمن فكان -رحمه الله- يأخذ المتن ويشرحه ويحلله كما هو موجود عند كثير من علماء العصر في هذا الوقت، أثر ذلك على الشيخ -رحمه الله تعالى- في منهجه، فكان منهج الشيخ -رحمه الله- كمنهج الشيخ عبد الرحمن في هذه المسألة، وهكذا ينبغي لطالب العلم إذا أراد أن يعلم فعليه أن يسلك ما سلكه من قبله، عليه أن يقوم بتعلم هذا المتن، وما احتواه هذا المتن من شرح للغريب، وكذلك أيضاً ما يستدل به صاحب المتن، وما يتضمنه هذا المتن من خلاف.. إلى آخره، ثم بعد ذلك يقوم بتبيينه للطلبة كما سأشير إلى شيء من ذلك.
ونأخذ من هذا درساً، وهو أن الإنسان إذا قرأ في المطولات ألا تكون قراءته عقيمة، بل عليه أن يجرد هذه المطولات، وأن يقوم بتدوين بعض الأحكام التي يحتاجها، وبعض الأحكام التي قد يغفل عنها.. إلى آخره، فهذه طريقة مفيدة جداً، فإذا قرأت في كتاب فتح الباري، أو في كتاب إعلام الموقعين لـابن القيم، أو زاد المعاد.. إلى آخره، فعليك أن تقوم بتدوين وجرد هذه المطولات، وتدوين ما تستفيده من هذه الكتب، وألا تكون القراءة مجرد قراءة عقيمة، وهكذا نجد أن كثيراً من العلماء سلك ذلك، فـابن القيم -رحمه الله- له كتاب الفوائد، وقد ذكر بعض العلماء -رحمهم الله- أن كتاب الفوائد إنما هو عبارة عن مجموعة أبحاث نقلها ابن القيم -رحمه الله-، ثم بعد ذلك طبعت.
فالشيخ -رحمه الله- تأثر بكتب الشيخين من حيث معرفة الدليل، ومعرفة قول المخالف ومناقشته، وأثر ذلك في فقهه من حيث الخلاف، وما هي حجة المخالف، وما هي وجهة نظره، والجواب على ذلك، وكذلك أيضاً أثرت قراءة كلام الشيخين في الشيخ من جهة معرفة أسرار الشريعة ومقاصدها، والقدرة على الاستنباط، ومع أن الشيخ -رحمه الله- تأثر بشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وكذلك أيضاً ابن القيم، إلا أن الشيخ -رحمه الله- كان متبعاً للدليل -كما سأفيده في بعض المعالم- فنجد أن الشيخ -رحمه الله- لم يتابع شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كل شيء، بل خالف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كثير من المسائل، أكثر من ثلاثين مسألة خالف فيها الشيخ -رحمه الله- تعالى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
فمن هذه المسائل أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن لبن الميتة طاهر، يعني: إذا ماتت شاة وفيها شيء من اللبن فإن لبنها طاهر، لكن الشيخ -رحمه الله- يرى أن لبنها نجس.
كذلك أيضاً من المسائل التي خالف فيها الشيخ -رحمه الله-: أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن المتمتع يلزمه سعي واحد فقط لحجه وعمرته، والشيخ -رحمه الله- يرى أن المتمتع يلزمه سعيان: سعي لحجه وسعي لعمرته.
كذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنه يجوز للإنسان أن يعفر وجهه لله عز وجل تذللاً، يعني من غير صلاة، يجوز لك أن تسجد وأن تعفر وجهك لله عز وجل تذللاً، والشيخ -رحمه الله- تعالى لا يرى ذلك.
كذلك أيضاً من المسائل أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن الإمام يتحمل عن المأموم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية، والشيخ -رحمه الله- يرى مذهب الشافعي، وأن الإمام لا يتحمل عن المأموم قراءة الفاتحة مطلقاً، وأن المأموم يجب عليه أن يقرأ الفاتحة في كل ركعة، سواء كانت الصلاة سريةً أو جهرية، وسواء كانت الصلاة نافلةً أو فريضة.
كذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: بأن الصلاتين المجموعتين -يعني إذا جمع الإنسان جمع تقديم- لا يشترط بينهما التوالي، يعني لا بأس أن تصلي الظهر ثم بعد ذلك تصلي العصر ولو بعد ساعة، والشيخ -رحمه الله- يرى أنه لا بد من التوالي بين الصلاتين المجموعتين؛ لأن هذا هو هدي النبي عليه الصلاة والسلام، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لم يجمع إلا متوالياً.
كذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: إذا خاف الإنسان أن تفوته الجماعة وعليه فوائت فإنه يسقط الترتيب.
الشيخ -رحمه الله- يقول: بأن الترتيب بين المقضيات لا يسقط بخوف فوت الجماعة.
كذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: بأن الخمر نجسة، والشيخ محمد -رحمه الله- يقول: بأن الخمر ليست نجسة.
معلوم أن المريض إذا أراد أن يلي فله مراتب:
المرتبة الأولى: أن يصلي قائماً.
المرتبة الثانية: أن يصلي جالساً.
المرتبة الثالثة: أن يصلي على جنب.
المرتبة الأخيرة: أن يصلي إيماءً بالرأس.
فإذا عجز عن أن يومئ برأسه، فهل يجب عليه أن يصلي بقلبه، وأن يستحضر أفعال الصلاة وأقوالها أو لا يجب عليه ذلك؟
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إذا عجز عن أن يصلي بالإيماء فإن الصلاة تسقط عنه، والشيخ -رحمه الله- يقول: بأن الصلاة لا تسقط ما دام أن العقل باق، فما دام أن عقل الإنسان باق فإنه يصلي ولو بقلبه.
كذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: بأنه يكفي في زكاة الفطر إذا أخرج الإنسان براً أن يخرج نصف صاع، والشيخ -رحمه الله- يقول: لا يكفي نصف صاع، بل لا بد أن يخرج صاعاً كاملاً كما في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه.
كذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: بأنه لا يكره إفراد يوم السبت بالصيام.
الشيخ محمد -رحمه الله- يقول: بأنه يكره إفراد السبت بالصيام.. إلى آخره.
كذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: العمرة ليست واجبة على أهل مكة.
الشيخ محمد -رحمه الله- يقول: العمرة واجبة مطلقاً على أهل مكة وغير أهل مكة.
كذلك أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: لو طاف على الشاذروان، الشاذروان الذي جعل تحت جدار الكعبة، فطوافه صحيح، والشيخ -رحمه الله- يقول: بأن طوافه غير صحيح، فنجد أن الشيخ -رحمه الله- مع تأثره بالشيخين الكبيرين: شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وابن القيم إلا أنه متبع للدليل، فمتى تبين له الدليل فإنه يأخذ به، ولو خالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وكذلك أيضاً ابن القيم -رحمه الله- تعالى.
الأمر الأول: أنني حرمتها على زوجها.
والأمر الثاني: أنني أبحتها لغيره.
وإذا لم أوقع عليه الطلاق فقد أتيت أمراً واحداً فقط وهو أنني أبحتها لزوجها. فالإمام أحمد -رحمه الله- كان يرى وقوع طلاق السكران ثم بعد ذلك رجع عنه، وهكذا تجد أن من أسباب تعدد الروايات عن الإمام أحمد -رحمه الله- هو أنه يتبين له الدليل، فيرجع عنه، وهكذا الشيخ -رحمه الله- بنى فقهه على مذهب الإمام أحمد -رحمه الله-، إلا أن الشيخ -رحمه الله- كان متحرياً للدليل، فإذا تبين له القول الموافق للدليل فإنه يخالف المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-.
وقد ذكر بعض الإخوة أنه أحصى للشيخ أكثر من ثلاثمائة مسألة خالف فيها المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، فمن هذه المسائل على سبيل المثال تقسيم الماء، فالمشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله-: أن الماء ينقسم ثلاثة أقسام: ماء طهور، وماء نجس، وماء طاهر، لكن الشيخ -رحمه الله- يرى أن الماء ينقسم إلى قسمين: ماء طهور، وماء نجس، وأن الطاهر لا وجود له، وأيضاً من هذه المسائل: أن الماء الذي خلت به امرأة لطهارة كاملة المشهور من المذهب أنه لا يرفع الحدث، وعند الشيخ -رحمه الله- يرى أنه يرفع الحدث، ومن هذه المسائل أيضاً التيمم، فالمشهور من المذهب أنه مبيح، وأنه يجب على الإنسان إذا دخل وقت الصلاة أن يتيمم مرةً أخرى، والشيخ -رحمه الله- يقول: بأن التيمم رافع وليس مبيحاً، بل حكم التيمم حكم الماء تماماً، إلا أن الفرق بين طهارة الماء وطهارة التراب: أن طهارة التراب تبطل بوجود الماء، وأما طهارة الماء فإنها لا تبطل إلا بوجود الحدث.
ومن المسائل أيضاً مس المرأة لشهوة، في المشهور من المذهب أنه ينقض الوضوء، وعند الشيخ -رحمه الله- تعالى أنه لا ينقض الوضوء.
أيضاً من المسائل بقية أجزاء الإبل غير اللحم هل هي ناقضة أو ليست ناقضة؟ المشهور من المذهب أنها ليست ناقضة، واختار الشيخ -رحمه الله- تعالى أنها ناقضة.
ومن المسائل أيضاً صلاة العيدين، المشهور من المذهب أنها فرض كفاية، واختار الشيخ ما ذهب إليه أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- أنها فرض عين.
والذي نستنبطه من هذا المعلم أنه ينبغي للإنسان أن يؤصل نفسه على المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، ويسلك في تعلمه للفقه كتب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، فإن هذه من باب الوسائل وليست غايات، فهذه الكتب إنما هي من باب الوسائل التي يتمكن الإنسان من أن يصل بها إلى مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
نلحظ على أسئلة كثير من الطلبة أنه يسأل ويقول: أريد كتاباً يعتني فقط بالصحيح، وهذا بعيد فلا تكاد تجد كتاباً يسلم من كونه مرجوحاً ويسلم من مخالفة الدليل، فالعصمة للوحي فقط، كتاب الله وما ثبت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما سطره المخلوقون فإنه لا يكاد يسلم من مخالفة الدليل؛ لأن أفهام البشر وعقولهم مهما بلغت فإنها ناقصة وقاصرة، وأذكر أن بعض الطلبة أتى بكتاب الدرر البهية للشوكاني -رحمه الله-، وقال: أنا سأقرأ في هذا الكتاب، فكنا نقرأ ولا يكاد يقرأ بعض الجمل إلا ويتوقف عند جملة من هذه الجمل، وأن الدليل على خلاف ما ذكره الشوكاني -رحمه الله-، مع أن الشوكاني -رحمه الله- عالم كبير ومجتهد، وبنى كتابه على الراجح، ومع ذلك وجد فيه ما يخالف ما دل عليه كتاب الله، وما ثبت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً على الإنسان أن يؤصل نفسه ويقعد نفسه على متن، وهذا يستفيد به عدة فوائد:
الفائدة الأولى: أنه يتمكن من الوصول إلى جملة العلم، إذا ألمّ بهذا المتن فإنه يكون قد ألمّ بجملة العلم.
الفائدة الثانية: أنه يحفظه من الشتات ومن الضياع، فالإنسان الذي لا يؤصل نفسه على متن سواءٌ كان في العقيدة، أو في الفقه، أو في القواعد الفقهية، أو في أصول الفقه سرعان ما يضيق، وسرعان ما يتشتت، لكن إذا أصل نفسه وقعدها على متن من المتون فإن هذا يحفظه من التشتت ومن الضياع.
الفائدة الثالثة: أنه يقتدي بمن سبقه، وأنت إذا قرأت في تراجم العلماء السابقين كترجمة ابن قدامة وحتى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، حتى أن علماءنا في الوقت الحاضر تجد أنهم يحفظون، فالشيخ محمد -رحمه الله- كان يستظهر زاد المستقنع، ومع ذلك يعتبر من علماء الفقه في هذا الزمن، وقد ذكر لي الشيخ علي الزامل -رحمه الله تعالى- أنه شرع هو والشيخ محمد رحمهم الله في حفظ منتهى الإرادات، ومنتهى الإرادات كتاب كبير عبارة عن مجلدين، فيقول: شرعنا في حفظ كتاب منتهى الإرادات إلى باب صلاة الجماعة، ثم بعد ذلك توقفنا. فكون الإنسان يؤصل نفسه على متن، هذا هو الذي يوصله، وهذا هو الذي يتمكن به من العلم، ويعرف أيضاً مسائل العلم أين تكون، ولهذا لما عرَّف العلماء رحمهم الله الفقيه، قالوا: بأن الفقيه هو الذي يعرف الحكم بالفعل أو بالقوة القريبة، بالفعل يقول لك: هذا حرام والدليل كذا وكذا، أو بالقوة القريبة يعني يستطيع أنه إذا سألته عن حكم يستطيع أنه يذهب إلى كتب العلماء ويستخرج هذا الحكم ويستخرج الدليل، وأنت لا يمكن أن تحصل على القوة القريبة إلا إذا ألممت بجملة العلم، وهذا لا يكون إلا إذا ضبطت متناً من المتون، وكما أسلفت أن هذا المتن إنما هو من باب الوسائل وليس من باب المقاصد، إنما هو وسيلة لمعرفة مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا فالأصل أن الإنسان متعبد بما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا نجد الشيخ -رحمه الله- يقرر مذهب الحنابلة -رحمهم الله- ويذكر دليله، وإن كان مخالفاً للكتاب أو السنة نقضه ورد عليه ورجح القول الآخر وبين دليله.
ومن كلام الشيخ -رحمه الله-: أنه كان يقول: العبادات لا تتم إلا بالإخلاص لله عز وجل، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تكون المتابعة إلا في ستة أمور: والمتابعة في السبب، والمتابعة في الزمن، والمتابعة في المكان، والمتابعة في القدر، والمتابعة في الهيئة، والمتابعة في الكيفية، لا بد من هذه الأمور الستة فلا يمكن أن تتابع إلا أن تكون موافقاً للنبي عليه الصلاة والسلام في هذه الأمور الستة. والذي يقرأ شروحات الشيخ -رحمه الله- وفتاويه يجدها مشحونة بذكر الدليل، وكذلك أيضاً بذكر التعليل، ولهذا الشيخ -رحمه الله- كان إذا تبين له الدليل من الكتاب أو السنة فإنه يرجع إلى ذلك.
ومن الأمثلة على ذلك: أن الشيخ -رحمه الله- كان يرى أن مس المصحف جائز بلا طهارة، ولو كان الإنسان محدثاً فإنه لا بأس له أن يمس المصحف ثم رجع عن ذلك وقال: بأنه لا يجوز مس المصحف إلا بطهارة لما تبين له ثبوت حديث عمرو بن حزم، وأنه لا يمس القرآن إلا طاهر.
ومن الأمثلة على ذلك القصر في السفر، كان الشيخ -رحمه الله- في أول أمره يرى أن القصر في السفر واجب، وأن المسافر يجب عليه أن يقصر الصلاة، كما هو مذهب أبي حنيفة -رحمه الله- لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها، ثم بعد ذلك تراجع الشيخ عن ذلك، ورأى أن القصر ليس واجباً على المسافر.
ومن الأمثلة على ذلك الكدرة والصفرة، كان الشيخ -رحمه الله- في أول أمره يرى أن الكدرة والصفرة مع القرينة، يعني إذا وجدت أوجاع العادة يرى أنها من الحيض، وأنها تأخذ حكم الحيض، ثم بعد ذلك رجع عن ذلك ورأى أن الكدرة والصفرة لا تكون حيضاً حتى يأتي الدم المعروف عند المرأة.
وكذلك أيضاً من الأمثلة على ذلك: أن الشيخ -رحمه الله- كان يرى أن من حدثه دائم يعني كصاحب السلس، وكالمستاحضة.. إلى آخره، يرى أنه يجب عليه أن يتوضأ لوقت كل صلاة، ثم بعد ذلك لما لم تثبت عنده قوله صلى الله عليه وسلم: (توضأ لكل صلاة)، رجع عن ذلك، وقال: بأن من حدثه دائم لا يجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة حتى يأتي سبب آخر ناقض غير هذا الحدث الدائم.
ولهذا نجد أن الشيخ -رحمه الله تعالى- شرح في دروسه رسالة الشيخ عبد الرحمن الأصول والقواعد الجامعة والفروق والتقاسيم النافعة، ومن الفروق التي كان الشيخ -رحمه الله- يذكرها أو ذكرها، الفرق بين شروط المعاملة والشروط في المعاملة، وذكر الشيخ -رحمه الله- أربعة فروق، ومن ذلك أيضاً الفرق بين الفجر الأول والفجر الثاني، وذكر ثلاثة فروق، وأيضاً الفرق بين فرض الكفاية وفرض العين، والفرق بين القضاء والأداء.. إلى آخره، فهذا علم كبير، وقد أفرده العلماء رحمهم الله بالتأليف، وأيضاً ذكروه في ثنايا شروحاتهم وتآليفهم.
كذلك أيضاً نجد العلماء -رحمهم الله- يعنون بالتقاسيم، ويذكرون أقساماً للمسائل، والشيخ -رحمه الله- المتأمل لشروحاته يجد أنه يعنى بهذا التقسيم؛ لأن هذا يقرب العلم للطالب، ويسهل عليه حفظه، فنجد أن الشيخ -رحمه الله- ذكر في تطهير المتنجس ثلاثة أقسام، وذكر أن للمأموم مع الإمام أربعة أقسام، وذكر أيضاً أن الحركة في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام.. إلى آخر ما ذكر -رحمه الله-.
والمتأمل للأئمة -رحمهم الله- يجد أنهم يحفظون، ولهم مجالس تسمى مجالس الإملاء، ومجالس أخرى تسمى مجالس المذاكرة، يذاكرون ما حفظوه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله عز وجل أن يغفر له، وأن يرحمه، وأن يجعلنا في سلفه، وأن يجعلنا هداةً مهتدين.
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا، اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.
الجواب: ما ذكره السائل صحيح، وهذا من توفيق الله عز وجل للشيخ -رحمه الله- لما علم منه الصدق وحسن النية سخر الله عز وجل من يسجل دروسه، ولم يفت الشيخ شيء كثير، فالشيخ -رحمه الله- لم ينصب نفسه للتأليف، وإنما كان يكتب رسائل وكتب، وكان يكتب الفتاوى، أما بالنسبة لهذه المجلدات فإنما هي دروس ألقاها الشيخ -رحمه الله- في المسجد، ثم بعد ذلك سجلت وطبعت، وهذه الآلاف التي ذكرها الأخ السائل هناك عناية بها خاصة، هناك لجنة ألفها الشيخ -رحمه الله- قبل موته سنة تسع عشرة وأربعمائة وألف للهجرة، وهذه اللجنة قامت بالعناية بهذه الساعات وهذه الدروس، وهناك كثير من الكتب التي ستخرج وكثير من الكتب التي قد خرجت، وقد وزعت هذه الساعات أو وزع كثير منها على طلاب العلم في كتابتها وصياغتها وتصحيحها لكي تخرج للناس، فما يتعلق بالشرح الممتع هناك من يعمل عليه، وما يتعلق أيضاً بشرح بلوغ المرام، وما يتعلق أيضاً بشروح العقيدة مثل شرح السفارييني التي لم تخرج، وما يتعلق بشرح صحيح مسلم أو البخاري.. إلى آخره، هذه قد وزعت على بعض طلاب العلم، وهم يعملون عليها.
الجواب: بعدما ظهر كتابه الشرح الممتع جاءت ملاحظات كثيرة للشيخ -رحمه الله-، فطلبنا الشيخ فاجتمعنا معه، وطلب منا أن نقرأ معه الكتاب، فكنا نجتمع في يومي السبت والأربعاء من بعد الساعة التاسعة صباحاً إلى الساعة الثانية عشرة ظهراً نقرأ، وجلسنا على ذلك ما يقرب من ثلاث سنوات، كنت أقرأ على الشيخ -رحمه الله-، وأيضاً معي الشيخ خالد المصلح والشيخ سامي الصقير ، وهما الآن من طلاب الشيخ، وهما يدرسان في مكان الشيخ -رحمه الله-، فجلسنا ما يقرب من ثلاث سنوات نقرأ في كتاب الشرح الممتع، ونعدل بعض الأشياء، ونقرأ أيضاً ملاحظات طلاب العلم والمشايخ التي وردت على الكتاب، فمن هذه الملاحظات ما كان الشيخ يستدركها، ومنها ما كان الشيخ يبقي الكتاب على ما هو عليه، ومن ذلك ما ذكره الأخ السائل، بل أوردنا على الشيخ أنه رجع عن بعض المسائل وقد قيدت ودونت في الكتاب، فرأى الشيخ -رحمه الله- أن يبقى الكتاب كما هو عليه، وذكر أن مثل هذه المسائل التي يكون فيها شيء من الخلاف أو الاختلاف أن له فيها رأيين، وعلى هذا فله في هذا المسألة رأيان.
الجواب: بالنسبة للجنة العلمية التي كلفها الشيخ -رحمه الله- فقد كتبت في ذلك استدراكاً، ونشر هذا الاستدراك في الصحف، وأنها لا تأذن بمثل هذه الأشياء، ولا ترتضي مثل هذه المطبوعات؛ لأن مثل هذه الأشياء -قطعاً- سيعتريها شيء من الخلل والخطأ وغير ذلك، وذكرت اللجنة أنها كلفت كثيراً من طلاب العلم في تنقيح مثل هذه الدروس وتصحيحها وطبعها.. إلى آخره؛ لأن هذه الدروس لم تكن محررة باليد، وإنما هي إلقاء وإملاء من الشيخ -رحمه الله- على طلابه، ولا شك أن الإنسان في أثناء الإلقاء وفي أثناء الإملاء سيحصل منه شيء من سبق اللسان، ويحصل منه شيء من مجانبة الصواب والغفلة عنه.. ونحو ذلك، وهذا شيء مشاهد، فكونها تطبع هكذا على عواهنها فهذا ليس بصحيح، بل لا بد أن تراجع وأن تنقح.
الجواب: نعم، الشيخ -رحمه الله- مع أنه عالم في الفقه واشتهر بذلك، إلا أنه كان أيضاً عالماً كبيراً في التفسير وفي العقيدة، وكان يحث كثيراً على تفسير كتاب الله عز وجل، ويقول: بأن المسألة تشكل علي، ثم أرجع إلى القرآن فأجدها ظاهرة، فالشيخ -رحمه الله- يحث كثيراً على التفسير، بل ينصح حتى طلاب الدراسات العليا لو جاءه أحد يستنصحه وجهه إلى أن يلتحق في قسم القرآن وعلومه، فالذي ينصح الشيخ -رحمه الله- بحفظه ومعرفة معانيه وتفهمه هو كتاب الله عز وجل، هذا دائماً يذكره ويحث عليه الطلبة، ولا شك أن القرآن العظيم هو أم العلوم ومصدرها وأساسها.
أما بالنسبة للمتون فالشيخ -رحمه الله- من حيث الجملة يوصي بأن يعنى طالب العلم بالمتن الذي خدم كثيراً، وأذكر أنه سألني عن متن أشرحه فذكرت له أنني أشرح في كتاب منار السبيل، فوجه إلى أن أشرح في زاد المستقنع، وذلك أن كتاب زاد المستقنع اعتني به كثيراً، وأصله المقنع أيضاً اعتني به كثيراً من حيث الشروح، وأيضاً من حيث الجوانب الأخرى كالاستدلال وبيان شرح المفردات.. إلى آخره، فالشيخ -رحمه الله- يحث على المتن الذي عني به من جهة الشرح والتفسير والتحليل من أهل العلم، وذلك أن الإنسان إذا ألم بهذا الشرح أو سلك هذا المتن فإنه يكون أسهل عليه، فمثلاً زاد المستقنع إذا أخذ الإنسان به يكون أسهل عليه لكونه يجد الشروح مهيأة بين يديه، وأقرب إلى أن يصل، وكذلك أيضاً كتاب التوحيد أو كتاب الواسطية.. إلى آخره.
الجواب: هذا ليس بصحيح، بل الشيخ -رحمه الله- يقول: بأن المسافر إذا صلى خلف المقيم فإنه يجب عليه أن يصلي أربع ركعات، والشيخ -رحمه الله- يقسم هذه المسألة ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يصلي المسافر رباعية خلف من يصلي رباعية.
والقسم الثاني: أن يصلي رباعية خلف ثنائية.
والقسم الثالث: أن يصلي رباعية خلف ثلاثية.
فإذا صلى رباعيةً خلف رباعية -مثل الظهر خلف الظهر أو خلف العصر- هذا يجب عليه أن يصلي أربع ركعات، وإذا صلى رباعية خلف ثنائية، مثل صلى العشاء الآخرة خلف التراويح، أو العشاء الآخرة خلف الفجر فهذا يصلي ركعتين؛ لأنه لم يخالف، وإذا صلى رباعية خلف ثلاثية فالشيخ يقول: بأنه بالخيار، يعني إذا صليت العشاء خلف المغرب الشيخ، يرى أنك بالخيار: إن شئت أن قصرت، وإن شئت أتممت، ويقول: الإتمام أحوط.
الجواب: الشرح الممتع صدر المجلد السابع قريباً، والمجلد الثامن تحت الطبع وسيصدر قريباً إن شاء الله.
أما عن بقية كتب الشيخ فذكرنا أن اللجنة قد خصصت كثيراً من أهل العلم للعناية بهذه الدروس للشيخ -رحمه الله-.
الجواب: هذه يسميها العلماء رحمهم الله بالوكيرة، يعني: إذا نزل الإنسان بيتاً جديداً قالوا: تستحب الوكيرة، وهذه الوكيرة نص عليها العلماء، لكن بالنسبة لرأي الشيخ -رحمه الله- لا أعرف.
الجواب: ما يتعلق بهذه الأوراق النقدية، فالشيخ السعدي -رحمه الله- لا يشترط فيها تقابض، يعني أن ربا النسيئة لا يجري فيها، والشيخ محمد -رحمه الله- يرى أن ربا النسيئة يجري فيها.
الجواب: هذه الرواية أذكر أننا أتينا بكتاب فتح الباري لـابن رجب -رحمه الله- وقرأناه على الشيخ، وابن رجب -رحمه الله- أطال الكلام على هذه الرواية، وأنها لا تثبت، وأنها مدرجة، فهذا هو الذي جعل الشيخ -رحمه الله- يرجع.
الجواب: لا شك أن الطبعة الجديدة هذه أحسن، وكما أسلفنا أن الشيخ -رحمه الله- قرأ سبعة مجلدات من هذه الطبعة، فكون الإنسان يرجع إليها هذا أحسن، ولو اقتصر على الطبعة القديمة فالطبعة القديمة فيها خير كثير.
الجواب: بالنسبة لزهد الشيخ وعبادته، فالشيخ -رحمه الله- كان متقللاً من الحياة الدنيا، ويظهر هذا في ملبسه ومسكنه وأيضاً مركبه، وأيضاً فيما يتعلق بعبادته، فكان الشيخ -رحمه الله- يعنى بالأوراد وبالسنن، وبالنسبة للصيام فكان الشيخ -رحمه الله- يحافظ على صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبالنسبة أيضاً للقيام فالذين صاحبوه في السفر يقولون كان يعنى بقيام الليل، وكذلك أيضاً الوتر، وأوراده من القرآن والأذكار.. إلى آخره.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر