وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
وها نحن مع خاتمة سورة محمد صلى الله عليه وسلم المدنية، ومع هذه الآيات، فلنصغ مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ * فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ * إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ * هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:33-38].
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! لما ذكر تعالى حال المشركين والمنافقين ذكر الآن حال المؤمنين، فالآيات كلها مع المؤمنين الصادقين، مع توجيهات رب العالمين، مع هداية الله لهم، مع بيان الطريق المنجي المسعد، وهي حكم عالية، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [محمد:33] لبيك اللهم لبيك، مرنا نفعل، انهنا نترك، بشرنا نستبشر، حذرنا نحذر، هذا هو واجبنا، أما أنت بحي تسمع نداء الله؟
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [محمد:33] نادانا وإن كان النداء موجهاً لأصحاب رسول الله الذين هم بين يديه ومعه في هذه المدينة الطاهرة، وهم في صراع مع المنافقين والمشركين، لكننا مأمورون بما أمرهم الله به، فما من مؤمن ولا مؤمنة إلا ويجب عليه أن يطيع الله ورسوله في الأمر والنهي، إذا أمرنا ربنا بشيء نفعله، وإذا نهانا عن آخر نتركه، وإذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فعلناه، وإذا نهانا عن شيء تركناه، وبذلك تتحقق لنا ولاية الله، فنصبح من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لا في الحياة ولا في القبر ولا يوم القيامة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [محمد:33] أي: يا من آمنتم بالله رباً، وبمحمد رسولاً ونبياً! أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33] أمرهم بطاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهاهم عن إبطال أعمالهم، وهل العمل يبطل؟
أي نعم، فالرياء مبطل للعمل، فمن قال أو عمل رياء للناس فعمله باطل، من عمل عملاً أشرك فيه غير الله بطل عمله، فالشرك مبطل للعمل محبط له.
ومن فسق وفجر أبطل نتيجة عمله؛ لأنه زكى نفسه وطيبها ثم أفرغ عليها الذنوب والآثام فخبثت وأنتنت وتعفنت، فأبطلها، فإبطال العمل يكون بالرياء، يكون بالشرك، يكون بارتكاب الذنوب والآثام.
وأخيراً لطيفة فقهية: هذه الآية دلت على أنك إذا أصبحت صائماً وطلع الفجر وأنت صائم لا يجوز لك أن تبطل صيامك وتأكل وتشرب، وإذا أخذت تتوضأ ولما غسلت وجهك قلت: لن أكمل الوضوء فما ينبغي، وإذا دخلت في صلاة فلا تصل ركعة ثم تقول: لن أكملها، وإذا دخلت في الحج فأحرمت لا ترجع من الطريق، وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33].
هذه لطيفة فقهية، وأما الآية فمعناها: لا تبطلوا أعمالكم بالشرك والرياء والفسق والفجور، وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33].
إعلان إلهي، اسمعوا: من كفر وصد عن سبيل الله ومات على ذلك لن يغفر له، وهو في جهنم خالداً مخلداً، وهذا تحذير من الكفر والردة والانتقال إلى باطل الشرك والفساد.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [محمد:34] أي: عن الإسلام، صدوا الناس فصرفوهم بالمال أو بالحيل أو بالتخويف أو بما إلى ذلك من الوسائل، ثم ماتوا على كفرهم وصدهم، أما لو تابوا فإن الله تعالى يتوب عليهم، لو كفروا خمسين سنة، لو صدوا قرية كاملة عن الإسلام ثم تابوا فإنه يتوب الله عليهم؛ فباب التوبة مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، فما من عبد أو أمة أذنب ما أذنب ثم تاب إلى الله ورجع إليه فاستغفره وفعل ما تركه من الحق، وتجنب ما عمله من الباطل إلا قبل الله توبته، وهو من الصالحين، هذه عطية الله، فقولوا: الحمد لله.
فَلا تَهِنُوا [محمد:35] أمام الكفار من اليهود أو النصارى أو المجوس أو المشركين، لا تهنوا وأنتم أقوياء أبداً، لا تدعوهم إلى السلم والمهادنة إلا إذا كنتم في حال العجز والضعف، فتلك حالة يباح لكم فيها أن تتعاهدوا معهم على عدم القتال، أما مع القوة فلا يجوز.
فَلا تَهِنُوا [محمد:35] أي: تضعفوا. وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ [محمد:35] والمسالمة، وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ [محمد:35] فكيف يجوز هذا؟ لكن إذا ضعفت الأمة وهبطت وأصبحت غير قادرة على القتال، وصارت عاجزة عن قتال الكفار فهي مضطرة إلى أن تسالمهم وتتعاهد معهم على الأمن كما هو واقع المسلمين اليوم من الشرق إلى الغرب بسبب الضعف؛ لأنه لا قوة لهم، أما على عهد رسول الله وأصحابه ومن بعدهم في القرون الثلاثة فلا يحل أبداً؛ لأنهم قادرون على قتال الكفار وإدخالهم في الإسلام.
فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ [محمد:35] أيضاً، أنتم أقوياء قادرون متمكنون، والله معكم بنصره وتأييده، فكيف تدعون إلى السلم؟ أعلنوا الحرب ولتبق الحرب معلنة، هذا تدبير من؟ تعليم من؟ تعليم الله عز وجل، هذه هي السياسة القرآنية.
يقول تعالى: فَلا تَهِنُوا [محمد:35] يخاطب المؤمنين على عهد رسول الله، لا تضعفوا ولا تدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون.
وشيء آخر: وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [محمد:35]، ولن ينقصكم من أعمالكم شيئاً أبداً، فاثبتوا إذاً وجاهدوا، وقد نشروا الإسلام من أقصى الشرق إلى الغرب، من أندونيسيا إلى موريتانيا.
هكذا يقول تعالى موجهاً مربياً: فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ [محمد:35] والسلم بمعنى المسالمة، وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ [محمد:35] بنصره وتأييده، وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [محمد:35] لن ينقصكم أعمالكم أبداً، سيثيبكم عليها كلها.
هذه الصلوات الخمس خمس ساعات، والعمل قد يكون خمس ساعات في اليوم والليلة، أما الإعراض عن الدار الآخرة، أي: عن العمل لها بالإيمان وصالح الأعمال وترك الشرك والذنوب والآثام، والعمل في الدنيا فقط ليأكل ويشرب وينكح ويلبس؛ فهذه الحياة الدنيا أخبر خالقها بأنها لهو ولعب، وحين يلعب الإنسان هل يحصل على نتيجة؟ حين ينتهي اللعب يكون قد تعب فقط، فهل هناك نتيجة؟ ما هناك نتيجة، كالأطفال يخرجون فيلعبون ويجرون ويصيحون، ويرجعون جياعاً إلى أمهاتهم فيأكلون ويشربون.
فالذين يقبلون على الدنيا ويعرضون عن الآخرة وهمهم الأكل والشرب والنكاح واللباس والمال، ولا صلاة ولا صيام ولا حج ولا عمرة ولا جهاد ولا رباط ولا ذكر؛ والله! إن حياتهم لهو ولعب فقط، إذ لا نتيجة لها أبداً، كاللاعب واللاهي، تنتهي بلا شيء.
هكذا يقول تعالى مقرراً هذه الحقيقة يعلم عباده المؤمنين: إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ [محمد:36] هذا فضل الله تعالى.
وَإِنْ تُؤْمِنُوا [محمد:36] أولاً، وَتَتَّقُوا [محمد:36] ثانياً، تؤمنون بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم تقيمون الصلاة وتؤتون الزكاة وتحلون ما أحل الله وتحرمون ما حرم الله تعالى؛ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ [محمد:36] كاملة، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، الحسنة الواحدة تعطى عليها سبعمائة حسنة كاملة.
يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ [محمد:36] وحاشا لله تعالى أن يقول: أيها المؤمنون! أخرجوا أموالكم، عباد الله! من في جيبه أو في بيته ريال فيجب أن يخرجه، والله! ما أمر الله بهذا، فماذا قال تعالى؟
وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ [محمد:36] حاشاه تعالى، ما أنزل في الكتاب ولا أمر رسوله أن يقول للمؤمنين: معاشر المؤمنين والمؤمنات! لا يحل لمؤمن أن يبقي ريالاً أو ديناراً في بيته، الكل يجب أن يأتي به. ما كان هذا، ولو فعل هذا بهم لانتكسوا والعياذ بالله تعالى.
إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا [محمد:37] فما تعطون، لو قال: اخرجوا من أموالكم، فسيقولون: ما نريد هذا الدين الذي ما يبقي لنا ريالاً ولا درهماً.
إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ [محمد:37] أي: يلح عليكم، لا مجرد سؤال، بل بإلحاح، فما يبقى ريال في جيبك، وإلا فما أنت بمؤمن.
إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا [محمد:37] حينئذٍ، ويخرج ضغائن صدوركم وعقائدكم ويكشفها، فمن لطفه ورحمته بعباده أنه ما يسألهم أموالهم أبداً؛ لعلمه أنه لو سألهم أموالهم لانتكسوا وارتدوا والعياذ بالله تعالى.
فالمؤمنون بعضهم دخلوا في الإسلام منذ يومين، وبعضهم منذ أسبوع، وبعضهم منذ عام، فلو قال له: أخرج المال فسيقول: لن نؤمن! ولكن لطف الله ورحمته بعباده أنه ما سألهم أموالهم ولا ألح عليهم ولا ألحف أبداً، ولكن فرض فريضة هي اثنان ونصف في المائة للزكاة في السنة.
إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا [محمد:37] وتمنعوا، وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ [محمد:37] فتتكلموا بما في صدوركم من الغل والغش والكذب.
وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ [محمد:38] لا تفهم أن الله محتاج إلى ريالك ودرهمك، الله غني غنىً مطلقاً، هو خالق الدنانير والدراهم، هو خالق الكون بكامله، لكنه فقط يربيكم ويهذب أرواحكم وآدابكم ويقول: تعاونوا على الجهاد بما عندكم، وعلى معالجة المريض وإشباع الجائع من باب الإحسان إليكم فقط، أما هو فما هو في حاجة إلى هذا، هو خالق المال وواهبه لمن يشاء، فسبحان الله!
وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ [محمد:38] ألسنا الفقراء؟ فنرفع أكفنا إلى ربنا ونسأله تعالى.
ثم قال تعالى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا [محمد:38] وإن تتولوا أيها المسلمون، أيها الأصحاب، وتعودوا إلى الكفر فسيستبدل الله بكم غيركم ويأتي بمن هو خير منكم، فلا إله إلا الله! وحاشاهم أن يرتدوا بعد الإيمان، حاشاهم أن يكفروا بعد الإيمان، وإنما هذا من باب تربيتهم وتأهيلهم.
وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ [محمد:38] يأتي بهم من فارس أو من الروم أو من اليمن كما هي الأخبار، ولن يكونوا أمثالكم في الضعف والعجز والانكسار، مع أنهم أكمل الخلق رضي الله عنهم وأرضاهم، فهل فهمتم هذا التهديد، فماذا قال تعالى؟
قال تعالى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا [محمد:38] إلى الكفر بعد الإيمان؛ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ [محمد:38] ويأتي بمؤمنين من الشرق أو الغرب خير منكم ولا يكونوا أمثالكم، ومعنى هذا: أنه حاشاهم أن يرتدوا عن الإسلام أو يخرجوا عنه أبداً.
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: وجوب طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ].
من هداية هذه الآيات التي تدارسناها: وجوب طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في الأمر والنهي، في حدود الطاقة والقدرة البشرية، إذا أمرك الله بأمر فافعل، نهاك فاترك، أمرك الرسول بشيء فافعل، ونهاك فاترك، لا بد من هذا، إذ ناداهم وأعلمهم فقال: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول.
[ ثانياً: وجوب إتمام العمل الصالح من صلاة وغيرها بالشروع فيه ].
من هداية هذه الآيات: وجوب إتمام العمل الصالح بعد الشروع فيه، فإذا أحرم وبعد ذلك قال: لا أريد الصلاة، أو أخذ يتوضأ فغسل وجهه ويده اليمنى، أو دخل فصلى ركعة ثم قال: يكفي، صام ساعتين أو ثلاث وقال: نفطر، لا يحل أبداً إبطال العمل بعد الشروع فيه، بعد الدخول فيه، ولا تبطلوا أعمالكم.
[ ثالثاً: بطلان العمل الصالح بالرياء أو بإفساده عند أدائه، أو بالردة عن الإسلام ].
من هداية هذه الآيات: إبطال العمل الصالح، يبطل العمل الصالح فما يثاب عليه فاعله، ما يزكي نفسه ولا يطهرها، ما سبب ذلك؟ أن يعمله لغير الله رياء، أن يشرك فيه مع الله شركاً، أن يصب على نفسه الذنوب والآثام فينحو ذلك النور وينطفئ كذلك، ويبطل ذلك العمل.
كذلك نفسي زكية طيبة طاهرة بالصيام والصلاة وذكر الله، ثم نرتكب كبيرة من كبائر الذنوب لنمحو ذلك النور وينطفئ، ولا تبطلوا أعمالكم.
[ رابعاً: حرمة الركون إلى مصالحة الأعداء مع القدرة على قتالهم والتمكن من دفع شرهم ].
هذه سياسة ربانية، سياسة قرآنية، المسلمون إذا كانوا قادرين على قتال الكفار، أقوياء عليهم، لا يسالمونهم، لا يتعاهدوا معهم، بل عليهم أن يدخلوهم في الإسلام، لكن إذا ضعفوا وهبط جانبهم وما استطاعوا حفاظاً على دينهم وأنفسهم فإنهم يعاهدون تلك الدولة القوية حتى لا تأكلهم أو تمحوهم، هذا نص الآية الكريمة.
الملقي: [ خامساً: التنفير من الإقبال على الدنيا والإعراض عن الآخرة ].
من هداية هذه الآيات: التحذير، الترغيب بالإقبال على الدنيا وأوساخها والإعراض عن الآخرة وما فيها من نعيم مقيم. يا عباد الله! كما نهتم بدنيانا يجب أن نهتم بآخرتنا أعظم، اهتمامنا بالآخرة أعظم من اهتمامنا بالدنيا، لأن الدنيا فانية وزائلة، والآخرة باقية ودائمة، فننظر في أعمالنا، فست ساعات، سبع ساعات، عشر ساعات في الدنيا وما نعبد الله بساعة أو ساعتين؟! أقبلنا على الدنيا وأدبرنا عن الآخرة.
[ سادساً: حرمة البخل مع الجدة والسعة ].
من هداية هذه الآيات: حرمة البخل مع القدرة على العطاء والعمل، لا تبخل بصحتك ولا بمالك وأعط في سبيل الله ما استطعت أن تعطيه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر