إسلام ويب

ماذا يعني انتمائي للإسلام [2]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأمور التي تكون يوم القيامة أنه تطوى السماء والأرض ويجتمع الخلائق جميعاً، وتدنو الشمس فوق رؤوسهم، ويعطى المؤمن كتابه بيمينه ثم بعد ذلك يمر على الصراط مروراً سريعاً، ثم يشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدخل الجنة فيفوز بما فيها من أنواع النعيم المقيم ، وأبلغ ما فيها من النعيم لذة النظر إلى وجه الله الكريم، أما من رسب في هذا الامتحان ولم يؤد الحق الذي عليه فإنه عندما يخرج من المحشر يخرج منه خاسئاً ذليلاً، وتغل أيمانهم إلى رقابهم بسلاسل عظيمة من النحاس، ويجعل فيها في غاية المذلة والهوان، وهو كل يوم يتجدد له من أنواع البلاء فيها والعذاب ما لا يخطر على بال.

    1.   

    عمر البقاء في الجنة أو النار ومراحل الفائزين

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فالعمر الخامس للإنسان هو عمر البقاء إما في جنة أو في نار، فإن كان الإنسان من أهل الجنة فإنه عندما يعرض على الله جل جلاله وسنعرض عليه جميعاً يبيض الله وجهه حتى يخترق في النور مسيرة خمسمائة عام.

    أخذ الكتاب باليمين

    ويعطيه كتابه بيمينه وقد طيبت من طيب الجنة وبيضت وبسطت؛ فيعطى بها كتابه بيمينه تلقاء وجهه، فعندما يعطى هذا الكتاب يفرح فرحاً شديداً في الناس: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ[الحاقة:19-24].

    وبعد ذلك يقرأ كتابه فيمر بكثير من المواقف المشرفة والأعمال الصالحة، وكتابه مبوب؛ فيه باب فيما يتعلق بحقوق الله وتوحيده وعبادته، باب الصلاة، باب الزكاة، باب الصوم باب الحج.. وكل يأتي بما قدم فيه، باب ما تعلم من العلم، ما قرأ من القرآن، ما ذكر الله من الذكر، ما تصدق به من الصدقات، ما جاهد به في سبيل الله، ما بذله من مال لإعلاء كلمة الله، ما بذله من وقته وجاهه لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه، والتمكين له، فيقرأ ذلك يستره الله بستره الجميل؛ فما كان من أعماله السيئة يغطيه الله بكنف من ستره؛ فلا يرى شيئاً من أعماله السيئة، يقابله الله بالتجاوز والمغفرة، ويكبر أعماله الصالحة؛ فالشيء اليسير جداً يكبره الله، وقد ورد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وما تصدق امرؤ بصدقة من كسب طيب إلا كان كأنما يضعها في يمين الرحمن، فلا يزال ينميها له كما ينمي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون كالجبل )، فهذه الصدقة ينميها الباري جل جلاله مثل ما ننمي نحن حيواناتنا، "الفلو" ولد الفرس و "الفصيل" ولد الناقة، حتى تكون كالجبل؛ فلذلك تزداد حسناته فإذا وقف بين يدي الميزان وله كفتان ولسان رأى أعماله الصالحة وهي توضع في كفة الحسنات فترجح هذه الأعمال فيفرح برجحان كفة حسناته فرحاً شديداً.

    المرور على الصراط والشرب والاغتسال بعده

    ثم بعد ذلك يمر على الصراط مروراً سريعاً، ثم بعد ذلك يشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم شربة لا يظمأ بعدها أبداً، ثم يدخل الجنة فيفوز بما فيها من أنواع النعيم المقيم، إذا تجاوز أهلها الصراط رأوا شجرة عظيمة، فيدعون إليها فيأتونها فإذا فيها نهران نابعان من جذعها، نهر داخل ونهر خارج، فيؤمرون فيشربون من النهر الداخل؛ فإذا شربوا منه زال كل ما في داخلهم من الأدواء والأمراض والتعب والنصب، وأغلقت بطونهم فلا يخرج منها شيء لا يخرج منها بول ولا غائط ولا مخاط ولا بصاق، تزول الأقذار جميعاً بمجرد شربهم من ذلك النهر، ثم يؤمرون فينغمسون في النهر الخارج، فإذا انغمسوا فيه زال كل ما في أبدانهم من النصب والتعب؛ فكل ما فيهم من الجروح، من كان منهم جرح على الصراط؛ فالصراط يخدش عليه بعض الناس؛ فمن الناس من يسقط شدقه ومنهم من تسقط أذنه ومنهم من تسقط عينه ومنهم من تسقط يده ومن تسقط رجله ومن يبقر بطنه، كل ذلك من كلاليب الصراط، فيأتونهم جرحى، كثير هم الجرحى يوم القيامة، ولكنهم عندما ينغمسون في ذلك النهر يرجع إليهم ما فقدوه من أبدانهم.

    والإنسان الذي كانت خلقته ناقصة في الدنيا تكمل خلقته فتتم له يداه ورجلاه ويزول ما فيه من الشيب وما فيه من الشام وما فيه من آثار الجروح والخدوش وما فيه من الوسخ؛ فيكونون جميعاً على صورة آدم عليه السلام ستين ذراعاً في السماء وسبعة أذرع في العرض، كأن وجوههم القمر ليلة البدر، وعندما تكمل خلقتهم يكسون من حرير الجنة، وأول من يكسى إبراهيم عليه السلام، يكسى من الديباج الأبيض، ثم يكسى الأنبياء والصالحون ثم بقية الخلائق؛ فيكسون بتلك الكسى التي هي هدية الله لهم.

    استقبال الفائزين والترحيب بهم

    ثم بعد هذا يستقبلهم من ولدان الجنة، كل إنسان منهم وحده يأتي الولدان يرحبون به ويغنون له وينشدون بين يديه، الترحيب الكامل به، لا يلتبس عليهم صاحبه بمن سواه، ولهو أدل بمنزله من الجنة من أحدكم من منزله في الدنيا، فيرجع الولدان أمامه إلى الجنة؛ فيأتون أهله فيدخلون قصوره فيقولون: جاء أهل الجنة وفيهم فلان فيقول نساؤه: أنتم رأيتموه؟ فيقولون: نعم، وهو على الأثر، وإذا دخل قصره تستقبله إحدى نساء الجنة، ونساؤها خلقهن الله فجملهن وكملهن؛ فلو سفرت إحداهن عن وجهها في الليلة الظلماء لأشرق لها ما بين المشرق والمغرب، ولو بصقت في البحر لصار عذباً من بصاقها، ويرى مخ ساقها من خارجه وأهداب عينيها كجناح النسر، وحاجبها مثل الهلال في الاستقواس والسعة، فتأتي وقد لبست سبعين حلة من حلل الجنة؛ فيضع يده بين كتفيها فيرى أصابعه بين ثدييها، ويجد الإنسان فيها من النعيم المقيم ما لا يخطر له على بال؛ فجدرانها الخارجية - مجرد الجدران - لبنة ذهب ولبنة من فضة، وترابها المسك والكافور، وفيها الأنهار تجري ليست مثل أنهار الدنيا؛ أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ[محمد:15]، ماؤها وحده - مجرد الماء - لو قطرت منه قطرة واحدة للأرض لم يبق فيها ملح ولم يبق فيها أذى ولم يبق فيها مرض.

    النظر إلى وجه الله الكريم ودوام الملذات

    وأبلغ ما فيها من النعيم لذة النظر إلى وجه الله الكريم، ( بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع عليهم نور من فوقهم، فإذا الرب جل جلاله يناديهم من فوقهم: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]؛ فلا ينظرون إلى شيء مما هم فيه ما دام ينظرون إلى وجه الله الكريم )، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ[القيامة:22-23]، يحييهم الله جل جلاله بالتحية والسلام فيقول: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، ويناديهم المنادي: يا أهل الجنة، إن لكم أن تشبوا فلا تهرموا، وأن تصحوا فلا تسقموا، وأن تنعموا وتكرموا، فهم يشبون دائماً ولا يهرمون، يمضي عليهم آلاف السنين لا يخافون من شيب ولا هرم؛ أن تشبوا ولا تهرموا، وأن تصحوا فلا تسقموا؛ لا يصيبهم أي داء ولا أي مرض، وهم دائماً في صحة كاملة في جميع قواهم.

    كذلك متعهم وملذاتهم ليست مثل ملذات الدنيا بوجه من الوجوه؛ فملذة الدنيا تنقطع، نعيم الجنة لا يزول، اللذة الأولى التي ينالها الإنسان عندما يصله شيء من روحها وريحانها تبقى معه ولو جاء بعدها مليارات اللذات، كل لذة تأخذ مكانها من قلبه ومن تصوره وتأتي عليه اللذة الأخرى واللذة الأخرى وهكذا لا يزول شيء من ملذاتها، بخلاف لذات الدنيا؛ فلذات الدنيا لا يستطيع الإنسان الجمع بين اثنتين منها غالباً، كذلك ما يمل شيء مما فيها؛ فالفواكه دانية لا يحتاج الإنسان أن يصعد على الشجرة حتى يأخذ فاكهتها، بل تأتيه الفاكهة، وإذا انتزعها مباشرة نبتت في مكانها فاكهة مثلها تماماً، وفي فواكهها تنوع عجيب؛ كل فاكهة لها رائحة هي أشهى روائح، يظن الإنسان أنه لا يشم رائحة أطيب منها؛ فإذا أخذ فاكهة أخرى إذا هي أطيب منها بآلاف المرات؛ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]، لا يشبعون مما فيها؛ فقد أوتوا من القوة على شهواتهم وملذاتهم ما لا يتصور، ولا يوصف، ولا يسكرون من خمرها، ولا يصدعون عنه، لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ[الواقعة:19]، فهم لا يسكرون.

    وهم في ذلك النعيم المقيم يستزيرهم الباري جل جلاله، أي: يدعوهم لزيارته، وذلك بحسب خشوعهم في الصلاة وإخلاصهم لله؛ فمن كان من الخاشعين كان زيارته لله تعالى في كل يوم، ومن كان أقل خشوعاً كانت زيارته في كل أسبوع أو في كل شهر أو في سنة أو في كل مائة سنة يزور مرة واحدة وهكذا، وانظروا البون الشاسع بين من تكون زيارته في كل مائة سنة مرة واحدة ومن تكون زيارته في كل يوم، يزور الباري جل جلاله ويقيم الله لهم أسواقاً في الجنة، لا يحتاجون إلى شراء شيء فيها، بل لهم فيها ما يدعون؛ كلما أرادوا شيئاً وجدوه في تلك الأسواق فأخذوا من دون ثمن، يرجعون إلى أهليهم فإذا رأوهم وقد قسم الله عليهم نسيماً طيباً يحسن صورهم ويزيدهم عطراً يقول لهم أهلوهم إذا أتوهم: والله لقد ازددتم حسناً بعدنا، فيقولون: وأنتم والله! لقد ازددتم حسناً بعد اليوم.

    هذا النعيم المقيم هو في مقابل إيمانهم بالله سبحانه وتعالى، هو جزاء إيمانهم بالله تعالى وعملهم الصالح، ونصرتهم لله جل جلاله.

    1.   

    مراحل الراسبين

    حال الراسب عند الخروج من المحشر

    أما من رسب في هذا الامتحان ولم يؤد الحق الذي عليه فإنه عندما يخرج من المحشر يخرج منه خاسئاً ذليلاً، وهو يرى أهل المؤمنين والنور يجري أمامهم مسيرة خمسمائة عام، فينادي أصحابه من أهل الإيمان الذين هم أقاربه وإخوانه، والذين عاشوا معه فيقول: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ[الحديد:13]، معناه: انتظرونا حتى نسير في نوركم، فيقال لهم: ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا[الحديد:13]، فيلتفتون وراءهم؛ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ المَصِيرُ[الحديد:13-15]، فأولئك يسود الله وجوههم؛ كما قال الله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ[الزمر:60]، وكما قال الله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ[آل عمران:106].

    وبعد ذلك تغل أيمانهم إلى رقابهم بسلاسل عظيمة من النحاس، طول كل سلسلة سبعون ذراعاً، فيسلك فيها عندما ينادي الله ملائكته: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ[الحاقة:30-36].

    أخذ الكتاب بالشمال وخسران الميزان

    فتغل يمينه إلى رقبته فلا يستطيع التصرف، ثم يؤتى بمثقاب فيثقب به ما بين ثدييه حتى يخرج الثقب من بين كتفيه، وهو يصيح ويتمنى أن لو مات بذلك الثقب، يقول: يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ[الحاقة:27]، ثم بعد ذلك تدخل يده اليسرى من ثدييه حتى تخرج من بين كتفيه؛ فيعطى بها كتابه بشماله ووراءه، فينتزعها من صدره انتزاعاً وهو يصيح يقول: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ[الحاقة:28] 8 هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ[الحاقة:25-29]، ثم بعد ذلك توزن أعماله بين يديه في الميزان فيرى رجحان كفة السيئات، نسأل السلامة والعافية! وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا[الفرقان:23].

    ثم بعد ذلك يعقد طائره في عنقه وهو نتيجة الوزن، يعقد في عنقه فيأتي يحمله؛ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا[الإسراء:13-14]، فيقف على رؤوس الملأ فيقرأ كتابه بأعلى صوته يقول: فعلت كذا يوم كذا وتركت كذا يوم كذا وفعلت ليلة كذا وتركت كذا ليلة كذا، وهو يصيح بأعلى صوته، وأنتم تعرفون أن الإنسان في الحياة الدنيا يكره الفضيحة، يكره أن تعلن فضائحه على الملأ اليسير، هذا العدد اليسير من الناس الآن كل إنسان منا لا يرضى أن تذكر عيوبه وينادى بها على رءوس هذا العدد من الناس، فكيف وهو يصيح بها بأعلى صوته يوم القيامة بحضرة الملك الديان جل جلاله وبحضرة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء جميعاً والملائكة والخلائق وهو يصيح فيعلن مخازيه وفضائحه نسأل الله السلامة والعافية!

    عدم القدرة على اجتياز الصراط

    ثم بعد ذلك ينصب الصراط والناس يستبقونه، فيزدحمون عند أسفله؛ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ[يس:66]، فمن كان قد ابيض وجهه فإنه يخترق في النور فيصعد على الصراط، ومن كان قد اسود وجهه فهو في ظلام وشدة، وقد طمس على بصره من شدة السواد في وجهه؛ فلا يرى موطئ قدمه وهو يزدحم مع الناس على الصراط لا يراه، والصراط أرق من الشعر وأحد من السيف، وعليه كلاليب كشوك سعدان، يدخل بالكلوب الواحد سبعون ألفاً في قعر جهنم، الكلوب الواحد يسقط به سبعون ألفاً في النار! ثم يصعد على الصراط وهو يظن أنه سينجو حتى إذا توسط الصراط هوى على وجهه - نسأل السلامة والعافية - في النار، وقد ابتعد عنها فيراها من بعيد ويسمع أصواتها وغضبها؛ إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا[الفرقان:12-14].

    الخلود في نار جهنم

    ويجعل فيها في غاية المذلة والهوان، وهو كل يوم يتجدد له من أنواع البلاء فيها والعذاب ما لا يخطر على بال؛ ففيها الزمهرير البرد الشديد وفيها الجحيم الحر الشديد، وفيها السعير: النار الموقدة، وكل ذلك يقوى الإنسان عليه فيضخم جسمه حتى يكون مقعده في النار كما بين مكة والمدينة، مقعد الإنسان الواحد من أهل النار فيها كما بين مكة والمدينة، وضرسه في النار مثل جبل أحد، مجرد الضرس مثل جبل أحد، وأقدامهم فيها بالسلاسل كالجبال السود المتراكمة، ويطول عليهم الزمان فيها؛ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ[النساء:56]، وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ[فاطر:37]، والحجة قائمة عليهم إذا هم ينادون مالكاً ، فيمكثون أربعين سنة ينادونه يقولون: يا مالك ، نضجت منا الجلود! يا مالك ، أخرجنا منها فإنا لا نعود، ينتظرون جوابه أربعين سنة، فيكون جوابه: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ[الزخرف:77]، بعد كل هذا الانتظار وهذه المدة يبدءون شوطاً جديداً من أنواع العذاب، فيمكثون أيضاً أربعين سنة أخرى وهم ينادونه، فيقول: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [الزخرف:77]، فيأتيهم أشد مما كانوا فيه من أنواع العذاب، وأبلغ ما فيها من العذاب والهوان والمذلة أنهم لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، نسأل الله السلامة والعافية!

    وقد رأيتم البون الشاسع بين حال هؤلاء وأولئك، والنتيجة إنما هي في العمل في هذه الحياة الدنيا، وأنتم الآن في فسحة من أعماركم وأوقاتكم؛ فمن كان منكم لا يرتضي أن يكون من أهل النار ولا يرتضي السقوط من فوق الصراط ولا يرتضي أن يسود الله وجهه، ولا يرتضي أن يثقب صدره فيؤخذ كتابه بشماله وراء ظهره، فعليه أن يجتهد بالنجاة من ذلك، والنجاة من ذلك لا تكون إلا بطاعة الله سبحانه وتعالى؛ بتعلم ما جاء به هذا الرسول من عنده والاستسلام لحكمه والانقياد لأمره والعمل بنصرته وإعلاء كلمته.

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا أجمعين لكل خير، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يختم لنا بخاتمة السعادة، وأن يجعلنا أجمعين من الذين سبقت لهم من الله الحسنى، وأن يغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولأشياخنا ولمن ولدوا إلى منتهى الإسلام، صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    الزينة الظاهرة

    السؤال: تقول: قال الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا[النور:31]، ما هو "ما ظهر منها" ؟

    الجواب: أن الله سبحانه وتعالى استثنى للنساء شيئاً في هذه الآية من الزينة يبدينه وهو ما ظهر منها، وقد اختلف فيه أهل العلم على قولين:

    القول الأول: أنه ما كان في الملابس من الزينة.

    والقول الثاني: أنه ما كان في الوجه واليدين من الزينة، وهذا القول الأخير هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وما كان في الوجه من الزينة هو ما يتعلق بالزينة المباحة فقط، كالكحل في العينين، بخلاف النمص مثلاً؛ فهذا من الزينة المحرمة، وصاحبته ملعونة؛ فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله، وما كان في اليدين من الزينة مثل الخواتم والحناء ونحو ذلك وليس من ذلك الوشم؛ فهو من الزينة المحرمة وصاحبته ملعونة كذلك.

    إظهار ما يحمله الوجه والكفان من الزينة

    السؤال: هل يجوز إظهار ما يحمله الوجه والكفان من الزينة؟

    الجواب: أن ذلك إن شاء الله يجوز؛ لأن مذهب الجمهور أنها هي ما ظهر من الزينة التي أذن الله بإبدائها.

    وضع الكريمات لصقل البشرة

    السؤال: هل يجوز وضع الكريمات لصقل البشرة أم لا؟

    الجواب: إذا كانت الكريمات مما يعالج آثار الشمس والأشعة وتعيد وجه الإنسان إلى لونه الأصلي؛ فلا حرج من استغلالها وهي من الزينة المباحة، تجوز للرجال وتجوز للنساء، أما إذا كانت صبغاً ولوناً مغيراً للخلقة كمن يستعمل لوناً يغير لون السواد إلى البياض أو نحو ذلك فهذا لا يجوز؛ لأنه من تغيير خلق الله.

    والدة مريم بنت عمران وجدتها

    السؤال: من هي والدة مريم بنت عمران ؟ وجدتها؟

    الجواب: أن امرأة عمران ذكرها الله بهذه النسبة في القرآن، ولم يسم الله امرأة في القرآن باسمها الصريح إلا مريم بنت عمران فقد سماها الله ثلاثين مرة في القرآن، جاء اسمها ثلاثين مرة، ولم تذكر امرأة باسمها الصريح في القرآن سواها، وامرأة عمران امرأة صالحة من بني إسرائيل، وهي من ذرية هارون وقد أثنى الله على آل عمران جميعاً فقد قال: إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ[آل عمران:33].

    طهارة من ضاق عليه وقت صلاة العصر

    السؤال: ما حكم من ضاق عليه وقت صلاة العصر، هل يتوضأ أم يتيمم؟

    الجواب: أن المرأة إذا طهرت قبل غروب الشمس بقليل؛ فإن كان بقي ما يكفي للغسل وتدرك من الوقت ركعة مثلاً؛ فإنها تغتسل وتصلي تلك الركعة وتكمل الصلاة بعد الغروب، وإن كان غسلها لا يبقي من الوقت ركعة كاملة؛ فإنها سقطت عنها صلاة العصر، لم يلزمها أداؤها ولا قضاؤها وتصلي صلاة المغرب بغسلها، أما من كان نائماً فاستيقظ قبل الغروب بقدر ما يؤدي فيه الصلاة ولكنه محتاج إلى الغسل أو للوضوء، وإذا توضأ أو اغتسل خرج من الوقت؛ فقد اختلف أهل العلم هل يبدأ باعتبار الوقت أو باعتبار الطهارة؛ فالوقت سبب لوجوب الصلاة والطهارة شرط لصحتها، فمنهم من رأى أنه يقدم الوقت فيتيمم ويصلي، ومنهم من رأى أنه يقدم الشرط فيتطهر ويقضي خارج الوقت، وذهب بعضهم إلى التفصيل فقال: إن كان معذوراً بأن كان مريضاً أو نائماً مرفوعاً عنه القلم؛ فإنه يتيمم ويصلي، أما إذا كان مؤخراً للصلاة بغير عذر حتى ضاق الوقت؛ فإنه لا يتيمم، بل يتوضأ ويصليها لأنه ليس مترخصاً؛ فالرخصة لا تكون للمعصية.

    حكم الزغاريد للمرأة

    السؤال: هل يجوز للمرأة الزغاريد أم لا ؟

    الجواب: أن ذلك إذا كان من رفع صوتها، ولم يكن مما يشتهى من صوتها؛ فهو من الأمور الجائزة، أما إذا كان منافياً للمروءة، أو كان من الصوت الذي يشتهى فإنه لا يجوز لها.

    لبس الثوب الضيق الذي يحدد الأعضاء

    هذا سؤال عن حكم الثوب الضيق الذي يحدد الأعضاء؟

    الجواب: أن الثوب الضيق إذا كان كثيفاً ساتراً لما تحته ولا ترى البشرة من تحته؛ فإنه يكره لبسه للمرأة، ولكن لا يحرم عليها لبسه، وهو كاف إن شاء الله في ستر العورة، ولكن يكره لبسه وحده إلا إذا لبست فوقه شيئاً، فمثلاً إذا لبست قميصاً ضيقاً يحدد يديها وذراعيها أو لبست بنطلوناً ضيقاً يحدد ساقيها وفخذيها مثلاً؛ فيكره أن تخرج به إلا إذا لبست فوقه شيئاً كما إذا لبست ملحفة أو عباءة أو نحو ذلك فوقه، وهذا على وجه الكراهة فقط، لا على وجه التحريم، أما إذا كان رقيقاً يشف عما تحت فلا يحل لبسه، وكذلك الرجل فالثوب الذي يحدد عورته وهو غليظ لكنه يحدد عورته بضيقه لا بالرياح يكره له لبسه وتكره له الصلاة فيه، لكن لا يحرم عليه ذلك.

    الاقتداء بصوت الإمام عن بعد مع عدم رؤيته

    السؤال: هل يجوز الاقتداء بالصوت دون الرؤية كمكبر الصوت مثلاً؟

    الجواب: نعم، يجوز ذلك إذا تعود الناس عدم انقطاعه؛ فالمرأة إذا كان يشق عليها الخروج من بيتها أو لها مسئوليات فيه لا تتركها؛ فإنها تصلي بالإمام في بيتها، ولو كانت بين الإمام وبين القبلة؛ فقد ذكر مالك أن داراً لآل عمر كان في قبلة المسجد فكانوا يصلون بصلاة الإمام، فيجوز لها الاقتداء بالصوت دون الرؤية.

    ولها أجر ليس مثل أجر من أتى المسجد ودخل فيه؛ فأجر فضل الجماعة أجر مركب؛ فيه أجر الخطا وأجر عمارة المسجد وأجر شهود أول الوقت وأجر انتظار الصلاة، وأجر الصلاة مع الناس؛ تكثير سوادهم، فهذه الأجور تحصل جميعاً لمن أتى المسجد في أول الوقت، فلها أجر دون ذلك.

    نظر المرأة إلى ما لا يجب على الرجل ستره

    السؤال: هل يجوز للمرأة النظر إلى ما لا يجب على الرجل ستره؟

    الجواب: أن هذه المسألة محل خلاف؛ فإذا كانت تحرك للمرأة شهوة مثلاً فلا يجوز لها النظر إلى ذلك، وهذا الذي اختاره محمد مولود ولد أحمد ... رحمة الله عليه؛ فذكر أن النظر سوق الرجال مما لا ينبغي للنساء، لكن الذي يترجح في المسألة أنها يجوز لها النظر إلى ما فوق سرة الرجل الأجنبي وما تحت ركبته، ولكن لا يحل لها النظر إلى عورته، وهي ما بين السرة والركبة.

    تنظيم النسل وأفضل طرقه

    السؤال: ما هي أفضل طريقة لتنظيم الأسرة؟

    الجواب: أن مسألة تنظيم الأسرة من المسائل التي لابد من نقاشها أولاً؛ فإنه لا يكون من الأولاد إلا ما أراد الله أن يكون؛ وقد قال الله تعالى: اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ[الرعد:8]، وقال تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ[الشورى:49-50]، وكل مولود يولد فعلى الله نفقته، وعليه القيام بمصالحه؛ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا[هود:6].

    واليوم من مؤامرات الكفار أنهم يريدون تقليل أعداد المسلمين؛ ولذلك خدعوا المسلمين بفكرة تنظيم الأسرة وتحديد أفراد الأسرة، ويرون أنه ينبغي أن يستعمل موانع الحمل لئلا يكثر الأولاد، وترونهم ينشرون اللوحات التي رسمت فيها الأسرة القليلة العدد وهي في أحسن هيئة وأحسن ملابس وفرش، والأسرة كبيرة العدد وهي في فقر وفاقة وحاجة، وهذا غير صحيح؛ فكل مولود ولد فسيأتي برزقه، وما من أحد يولد إلا وهو يأتي بما كتب الله له من الرزق؛ فلذلك فكرة تنظيم الأسرة لابد من الحذر فيها من الخداع بمؤامرات الكفار.

    وأن نعلم أن المرأة قد تحتاج إلى تباعد الإنجاب بسبب ضعف أو مرض؛ وحينئذ لها وسائل شرعية يمكن استغلالها ليس فيها ضرر؛ فالوسائل الطبية فيها كثير من الأضرار؛ فالحبوب التي تستعمل لمنع الحمل كثيراً ما تؤدي إلى السرطانات، وتؤدي إلى تغير لون الوجه، وتؤدي إلى سرطان الثدي بالخصوص، وهو منتشر في النساء في موريتانيا كل ست نسوة فيهن واحدة مصابة غالباً بهذا المرض، حسب الإحصائية لمنظمة الصحة، والحقن التي تستعمل لمنع الحمل كذلك فيها أضرار كثيرة جداً، وهي سبب لنبات الشعر في وجه المرأة؛ كشعر اللحية والشارب، وفيها أضرار كبيرة كذلك لأنها تؤدي إلى الاستحاضة الدائمة، وكذلك اللولب الذي يربط في عنق الرحم؛ فهذا أيضاً لا يحل استعماله إلا إذا كان الزوج هو الذي يضعه، لأن فيه كشف للعورة للأجنبي، ليس له الكشف عن العورة، حتى ولو كان امرأة؛ فالمرأة لا يحل لها الكشف على عورة المرأة إلا من ضرورة، وليس هذا بالضرورة، وكذلك الواقي الذي يستعمله الرجال فيه كثير من المشكلات لأنه غالباً ما يصنع من البلاستيك، وفيها أحماض مضرة بداخل بدن الإنسان، وأيضاً ربما تسرب منه شيء، فأدى إلى مشكلة اجتماعية كبيرة من إنكار الرجل يكون الحمل منه مثلاً، وفي ذلك من المفاسد ما لا يعمله إلا الله.

    فإذاً على الإنسان أن يقتصر على الأسباب الشرعية إذا احتاج إليها، والأسباب الشرعية لا تعدو أحد سببين لمنع الحمل:

    السبب الأول: العزل؛ وقد جاء في حديث جابر : ( كنا نعزل والقرآن ينزل ).

    والسبب الثاني: هو أن تعد المرأة من أول دورتها حتى تصل لليوم الرابع عشر أو الخامس عشر؛ فإذا لم يقع وقاع في هذه اليومين لم يقع حمل بإذن الله؛ لأن البويضة تنزل من عنق الرحم في هذه المدة، ثمانية وأربعين ساعة فتكون قابلة للتلقيح، فإذا لم تلقح صارت حيضاً.

    البسملة في الصلاة

    السؤال: ما حكم البسملة في الصلاة؟

    الجواب: أن البسملة اختلف فيها هل هي آية من الفاتحة أم لا؟ فذهب الشافعي إلى أنها آية من الفاتحة، وذهب الجمهور إلى أنها ليست آية من الفاتحة، ولكن الحزم دائماً هو أن يقرأها الإنسان؛ لأنه إذا لم يقرأها فمذهب الشافعي أن صلاته باطلة، وإذا قرأها فالجميع متفقون على صحة صلاته؛ ولذلك يقرؤها الإنسان، لكن من الأفضل أن يقرأها سراً، فيسر بها قبل الفاتحة ويسر بها قبل السورة.

    الاستغاثة بغير الله

    السؤال: ما حكم الاستغاثة بغير الله؟

    الجواب: الله جل جلاله هو مالك الملك وهو الذي بيده الأمر كله وإليه يرجع الأمر كله، وهو الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ولا يصاب أحد بمصيبة إلا بقدره ولا يرتفع عنه بلاء إلا بقدره، ولا يستطيع أحد أن يملك لأحد نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة إلا الله جل جلاله؛ ولذلك قال الله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الأنعام:17]، وقال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ[يونس:107]، وقال تعالى: مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ[فاطر:2]، وقال تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُونَ[الزمر:38].

    والإنسان العاقل إنما يسأل من يملك ومن يقدر ومن هو كريم؛ فسؤال الإنسان من بخيل ليس دليلاً على العقل، وأكرم الأكرمين هو الله جل جلاله، لا أحد يتصف بتمام الكرم والسخاء والجود إلا الله جل جلاله؛ فهو متصف بجميع الكرم والسخاء والجود، وهو كذلك أرحم الراحمين؛ فلا أحد أرحم بالعباد منه؛ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[الأعراف:156]، وكذلك هو الذي يملك كل شيء؛ فكل شيء مملوك له، فلذلك ينبغي للعاقل أن لا يسأل مخلوقاً لا يقدر على استجابة دعائه وسيكون خصمه يوم القيامة؛ كما قال الله تعالى: ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ[فاطر:13-14].

    وبالنسبة للدعاء لا يدعى إلا الله جل جلاله؛ فالدعاء من خصائص الألوهية.

    زيارة القبور وسماع الموتى

    السؤال: ما حكم زيارة القبور؟ وهل يسمعون من يزورهم؟

    الجواب: أن زيارة القبور سنة، وهي تذكر بالآخرة، وينتفع بها الزائر ولا ينتفع بها المزور؛ فالمزور يصل إليه الدعاء ولو دعوت له هنا وهو في الصين، في أي مكان كان يصل إليه الدعاء، ولكن الزائر هو الذي ينتفع عندما يقف على أهل القبور فيرى الذين كان يعرفهم وما كان فيهم من القوة والجمال وقد أصبحوا مراتع للدود، ويرى هذه القبور أهلها سواء،؛ عندما تقف على قبر الغني وقبر الفقير وقبر الذكر وقبر الأنثى وقبر المالك وقبر المملوك وقبر الأبيض وقبر الأسود وقبر العالم وقبر الجاهل لا تفرق بينهم، وهذا القبر الذي تقف عليه إما أن يكون روضة من رياض الجنة وإما أن يكون حفرة من حفر النار، وأنت لا تدري أيضاً حال صاحبه، لا تدري هل هو الآن في نعيم أو هو في عذاب، ترجو له الخير؛ لأنك تعرف فيه الخير، ولكنك تخاف عليه أن لا يتقبل الله منه؛ فالاتعاظ في الزيارة ثلاث مراتب:

    المرتبة الأولى: الاتعاظ بحال المزور؛ أن تتعظ بحال المزور؛ فهذا الشخص الذي كان له كثير من الأسرار والوثائق والمفاتيح والصناديق وقد أصبح الناس يتصرفون في أموره حتى ملابسه الخاصة يلبسها أشخاص آخرون، وكل أموره قد اكتشفت وكل أسراره قد فتشت، وقد كان لا يتحمل الحر مثلاً ولا الوسخ، وهو الآن قد دخل الدود في عظامه، وقد كان أيضاً صاحب قوة ونشاط وهو الآن لا يجيب كلاماً ولا يدفع عن نفسه شيئاً، يمر فوقه الحيوانات وتبول عليه الحمر الأهلية، لا يرد عن نفسه أي شيء، فهذه موعظة كبيرة.

    إذا لم تتعظ بهذا؛ فالمقام الثاني هو الاتعاظ بحال أهله بعده، تذكر أن هذا الإنسان كان محبوباً لدى أهله وما كانوا يستطيعون العيش دونه، كانوا يحبونه حباً شديداً، إذا غاب عنهم تعلقت به قلوبهم، وإذا حضر كان بأعز مكان، عندما مات أسفوا عليه بالأسبوع الأول وبكوا لكنهم نسوه بعد ذلك وتركوه، وهم الآن يضحكون ويتصرفون في أمورهم؛ كأنما غرف من الماء غرفة فالتأم الماء دونها، فهذه موعظة وعظة.

    فإذا لم تتعظ بذلك؛ فالمقام الثالث هو اتعاظك بحالك أنت أيها الزائر؛ فأنت أحسن أحوالك أن تموت بين المسلمين فيجهزوك كما جهزوا هؤلاء الأموات جميعاً وتنقل إلى هذا المكان فتدفن إما في هذه البقعة وإما في هذه البقعة، لكنك قطعاً سائر إلى هذا الطريق، أنت موقن بذلك.

    وكم من فتى يمسي ويصبح لاهياً وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري

    كثير من الناس الآن يضحكون ويتصرفون وأكفانهم قد استجلبها التجار من الخارج وجاءوا بها وهي موجودة في السوق، منسوجة جاهزة، فهذه عبرة للمعتبرين، وهي زيادة للإيمان بالآخرة؛ فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها؛ فإنها تذكركم الآخرة ).

    وبالنسبة للأموات فهم لا يسمعون إلا ما أسمعهم الله، السمع العادي الدنيوي يكون بالأذن، وشرطه الحياة، والأذن أكلها الدود كالبصر أيضاً، ومن كان بينك وبينه مسافة لا يمكن أن يسمع منك، هو ميت تحت الأرض، بينك وبينه تراب؛ فلا يسمعون إلا ما أسمعهم الله، لكن ما أسمعهم الله يسمعونه؛ فسؤال الملكين يسمعونه؛ لأن الله أسمعهم إياه، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر لأهل القليب سمعوه قال: ( ما أنتم بأسمع منه بما أقول )، لأن الله أسمعهم ذلك تعزيزاً لهم.

    وأما هل هذا من عذاب القبر؛ فأهل القبور كل ما هم فيه إما من نعيم القبر وإما من عذاب القبر، وكلام الناس في الدنيا ليس من نعيم القبر ولا من عذابه؛ فلذلك يقال: بينهم وبينه، وقد قال الله تعالى: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[المؤمنون:100]، والبرزخ: الحائل؛ فبينهم وبين الناس الحائل إلى يوم يبعثون، وقال الله تعالى: وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ[فاطر:22-23]، قال تعالى: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ[النمل:80]، فلا يستطيع الإنسان إسماعهم شيئاً ولا يستطيعون هم السماع.

    زيارة النساء للقبور وشد الرحال إليها

    السؤال: ما حكم زيارة النساء للقبور؟ وحكم السفر لزيارة القبور؟

    الجواب: بالنسبة لزيارة النساء القبور قد اختلف فيها أهل العلم؛ فذهب بعضهم إلى جوازها، وهذا مذهب الجمهور؛ لأنهن أيضاً محتاجات إلى تذكر الآخرة، ولكن لابد أن تكون زيارة شرعية على وجهها الصحيح؛ فالتخطي بين الأجداث ومخالطة الرجال، ونحو ذلك مما لا خير فيه للنساء، لكن مشاهدة القبور من بعيد؛ أن تقف عند رؤوسهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، لم يكن يقف عند كل أحد من الموتى، ولم يكن يتخطى هو بين الأجداث، كان يقف عند رؤوسهم جميعاً حتى يرى القبور، ويستحضرهم هذا فلان وهذا فلان، ويدعوا لهم جميعاً؛ فهذا هو زيارة القبور المفيدة التي تذكر الإنسان بالآخرة، أما التخطف بين الأجداث والمرور على القبور ونحو ذلك ففيه ذل وإذلال للموتى، وأيضاً فيه خور من الإنسان وضعف وتعلق بما لا طائل من ورائه..

    وأما حديث: ( لعن الله زوارات القبور ) فهذا الحديث منسوخ؛ لأن حديث عائشة بعده، وحديث عائشة علمها النبي صلى الله عليه وسلم ما تقول عند زيارة القبور، هذا هو الراجح، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى بقاء النهي للنساء.

    ولا حرج في السفر لزيارة القبور، يجوز للإنسان أن يسافر من أجل زيارة القبور، وقد صح في صحيح مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله أن يأذن له في زيارة قبر أمه فأذن له فيه )، وأمه عند الأبواء ما في حرج بينها وبين المدينة مائة وأربعون كيلو، فحتى لو شد الرحال للزيارة.

    شد الرحال المنهي عنه هو شدها إلى المساجد إلا المساجد الثلاثة.

    إجابة غير الميت عن سؤال الملكين

    السؤال: بعض الناس يزعم أنه يحضر الميت عند سؤال الملكين من بعض البشر فيجيب عنه؟

    الجواب: أن هذا غير صحيح؛ فالميت يصحبه ثلاثة: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد؛ كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والإنسان لا يخاصم إلا عن نفسه كما قال الله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا[النحل:111]، وقال تعالى: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا[مريم:95]، فكل إنسان يسأل عن نفسه وحده، وقد قال الله تعالى: أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى[النجم:36-41].

    ليس هذا كلاماً من الوحي وإنما من كلام الناس، وليس له أي أساس، ولا أي أصل؛ فالإنسان الميت قد انقطع عن الحياة الدنيا، كثير مما كان يسره من الحياة الدنيا من الملذات والشهوات إذا عرضت عليه في قبره ساءت غاية المساءة.

    فالمعاصي التي كانت تسره في الحياة تسوءه غاية المساءة في القبر؛ ولذلك يذكر بعض العلماء أنه رأى في المنام بعض المغنيين وقد مات وبقيت أصواته مسجلة في الأشرطة فقال: إنه لا يتأذى من شيء إلا ما يتأذى من صوته في المذياع.

    من التقصير في البيعة مع الله

    السؤال: هل من يقيم الصلوات في جماعة ويصوم ويحج ويزكي ولكنه لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ولا يسعى لإعلاء كلمة الله وإعزاز دينه يعتبر مقصراً في بيعته مع الله؟

    الجواب: نعم، لا يختلف اثنان في هذا؛ فلا يكفي مجرد الشعائر عن الاهتمام بأمر الدين ونصرته؛ فقد قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً[النساء:77].

    التحديث بحديث مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم

    هذا طلب للتحديث بحديث بالإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

    الجواب: حدثني جدي محمد علي بن عبد الودود ، عن يحظيه بن عبد الودود ، عن محمد بن محمد سالم ، عن خالد بن عمر ، عن الفقيه الخطاب ، عن القاضي ابن علممو عن شيخ الشيوخ الفاضلي ولد بو الفاضل الحسني ، عن علي بن الأجهوري ، عن البرهان العلقمي ، عن جلال الدين السيوطي ، عن زكريا الأنصاري ، عن الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، عن إبراهيم التنوخي ، عن أحمد بن أبي طالب الحجار ، عن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي عن الحسين بن المبارك عن عبد الرحمن بن محمد الداودي عن عبد الله بن أحمد السرخسي ، عن محمد بن يوسف بن المطري الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري قال في صحيحه: حدثنا عبد السلام المطهر قال: حدثنا عمر بن علي عن معن بن محمد الغفاري عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ).

    سرقة المال العام

    السؤال: سرقة المال العمومي مثل الماء والكهرباء؟

    الجواب: لا يجوز، ولا يمكن أن يسأل أحد عن حكم السرقة، فالسرقة حرام سواءً كان في مال عمومي أو خصوصي.

    النصاب في إثبات الرضاع

    السؤال: هل شهادة المرأة الواحدة في الرضاع تكفي لإثباته أم لا وإذا كانت هي المرضعة؟ وكانت أم الصبي تنكر ذلك وكان بدون علمها هل هذا معتبر؟

    الجواب: أن النصاب في إثبات الرضاع مختلف فيه؛ فذهب الشافعي إلى أن النصاب هو أربع نسوة، فإذا شهد ثلاث نسوة بالرضاع لم يثبت، حتى يشهد بها أربع نسوة كل امرأتين مع رجل، وذهب أبو حنيفة إلى أنه مثل نصاب الشهادة في غيره؛ فلا بد فيه من عدلين أو عدل وامرأتين، وذهب مالك إلى أنه يكفي فيه امرأتان من أهل العدالة، إذا شهدت امرأتان من أهل العدالة، ولو كانت إحداهما هي المرضعة، فإنه مثبت للرضاعة، وذهب أحمد إلى ثبوته بشهادة المرأة الواحدة، والمأخوذ به في هذه البلاد هو مذهب مالك ، وهو يقتضي أن شهادة المرأة الواحدة لا يثبت بها الرضاع وبالأخص إذا حصلت تهمة أو كان الرضاع مرة واحدة؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان )، فالذي يحرم هو ما فتق الأمعاء وأنشز العظم وأنبت اللحم، الشيء اليسير جداً لا يحصل به التحريم.

    طاعة الوالدين في الخروج للدعوة

    السؤال: هل طاعة الوالدين واجبة في الخروج للدعوة أم لا؟

    الجواب: أن الله سبحانه وتعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين وإكرامهما وبرهما؛ فلذلك يجب الإحسان إليهما وبرهما وإكرامهما بكل ما يستطيعه الإنسان من أنواع الإكرام، سواءً كان الإكرام قولياً أو فعلياً؛ فالإكرام بالقول: لا يخاطبهما إلا بألين الكلام وأحسنه كما قال الله تعالى: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا[الإسراء:23]، والإكرام بالفعل هو بالتذلل لهما؛ كما قال الله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ[الإسراء:24]، وهذا يقتضي أن يحاول الإنسان أن لا يغير خواطرهما بأي شيء يكرهانه، وإلا كتب عليه المساءة؛ فمدة بقائهما معه يسيرة؛ فليصبر عليهما وليحسن إليهما، وإذا فاتا وماتا؛ فإنه لا يعوضهما شيء، فلذلك يطيعهما في المعروف، وإذا نهياه عن طاعة الله سبحانه وتعالى فإنه لا يترك الطاعة ولكنه لا يفعلها بقصد إغضابهما، بل يفعلها لأنها طاعة لله وسيرضيهما الله عليه إذا قصد وجهه الكريم، فكل من قصد وجه الله يرضى الله عنه ويرضي عنه العباد؛ ولذلك يمكن أن يكذب عليهما فيما يتعلق في الطاعة، وقد صح في صحيح مسلم في قصة الغلام: ( أن الراهب قال له: إذا أتيت أباك فقل: حبسني الساحر، وإذا أتيت الساحر فقل: حبسني أبي ).

    حكم السفر يوم الجمعة ويوم الإثنين

    السؤال: ما حكم السفر يوم الجمعة ويوم الإثنين؟

    الجواب: بالنسبة ليوم الجمعة ليس له خصوصية عن غيره من أيام الأسبوع، لكن يكره للإنسان السفر فيه من مكان تقام فيه الجمعة إلى مكان لا تقام فيه إذا كان ذلك قبل الزوال، فإن كان وقت الزوال وسيسافر فيمكن أن تفوته الجمعة؛ فيحرم عليه السفر.

    وبالنسبة ليوم الإثنين ليس له خصوصية فيما يتعلق بالسفر ولا بأي عمل فالأيام كلها لله، ويوم الإثنين إنما يشرع فيه الصيام كيوم الخميس؛ فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الإثنين فقال: ( ذلك يوم ولدت فيه ).

    حرمة فروع الزوج على زوجة أبيهم

    السؤال: هل فصول الزوج محارم كفصول الزوجة؟

    الجواب: أن أولاد الزوج وأولادهم وأولاد بناته كلهم محارم لكل امرأة تزوج بها؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ[النور:31]، فأبناء بعولتهن، أي: كل من لزوجها ولادة عليه، فكل من لزوج المرأة ولادة عليه فهو محرم لها، وتحرم عليه؛ لأن الله يقول: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا[النساء:22].

    تفسير قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ...)

    السؤال: ما تفسير قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ[المائدة:105]؟

    الجواب: أن هذه الآية قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيها: (أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية على غير ما أنزلت فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بالعقاب به )، فلذلك هذه الآية معناها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ[المائدة:105]، أي: الزموها وأصلحوها، لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105]أي: أنك إذا اهتديت أنت، ولا تهتدي إلا إذا قمت بالواجبات كلها، ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فنصحت وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر لا يضرك بعد إذا لم يستجب لك، لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] وهدايتك أنت هي أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر.

    تفسير قول الله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك ...)

    السؤال: ما تفسير قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ[الأحزاب:59]؟

    الجواب: هذه الآية أنزلها الله سبحانه وتعالى على محمد صلى الله عليه وسلم للقضاء على أمر من أمر الجاهلية، وهو كشف الرقاب فقد كان النساء في الجاهلية يغطين شعورهن ويكشفن عن رقابهن فأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، و (جلابيب) جمع جلباب، وهو القميص السابغ، والإدناء منه أي: أن يربطنه على نحورهن حتى لا يظهر شيء من رقابهن.

    الرضاع المعتبر

    السؤال: إذا تقيأ الصبي بعد يسير لبن المرضعة هل يعتبر ذلك رضاعاً أم لا؟

    الجواب: أن المعتبر من الرضاعة هو ما ذكرنا أنه ما أنشز العظم وأنبت اللحم وفتق الأمعاء؛ كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويتصور ذلك بخمس رضعات معلومات كما في حديث عائشة في الصحيح: (كان مما يتلى عليكم عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في ما يتلى من القرآن).

    سفر المرأة للتعزية

    السؤال: هل يجوز للمرأة الذهاب إلى التعزية من مسافة بعيدة؟

    الجواب: نعم، إذا كانت خالية من البدع والمخالفات، فإذا كانت مثل ما يفعل الناس من السرف، ويجعلون التعزية بمثابة الوليمة وينحرون فيها ويذبحون ويجعلونها بمثابة الفرح، أو كانت مأتماً يذكر فيه وصف الميت ويبكى فيه ويذكر فيه التسخط على القدر ونحو ذلك؛ فلا يجوز حضورها، أما السفر إليه لمواساة الأقارب والأصدقاء وتعزيتهم فيمن مات وبيان أن يحتسبوا الأجر عند الله، وأن الناس جميعاً سالكون إلى هذا الطريق، وأن المعزى ليس باقياً بعد ميته، فمثل هذا النوع مما يجوز السفر إليه.

    حلق رأس المرأة للزينة

    السؤال: هل يجوز حلق رأس المرأة للزينة؟

    الجواب: حلق الرأس جميعاً ليس هذا زينة! لكن إذا كان المقصود قصه أو قص بعضه فيجوز ذلك إذا كان للزينة وكان مع الستر.

    الصبغ بالسواد وغيره

    السؤال: هل يجوز الصبغ بالسواد وغيره؟

    الجواب: أنه يجوز الصبغ بغير السواد، أما السواد فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الصبغ به.

    تقدير سفر اليوم والليلة بالكيلو مترات

    السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً وليلة إلا مع ذي محرم )، فهل لهذه المسافة تقدير بالكيلو مترات؟

    الجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم حددها باليوم والليلة أي: بالزمان ولم يحددها بالمكان فلم يحددها بالكيلو مترات، فلذلك نقتصر على ما جاء في اللفظ النبوي؛ فالعبرة بالمدة، هذا الذي أراه، والله أعلم.

    تكسب المرأة وشروطه

    السؤال: هل يجوز للمرأة المحمولة النفقة التكسب؟

    السؤال: نعم، يجوز لها ذلك بشرط أن لا تخالط الأجانب مخالطة محرمة، ولا تتكشف وأن لا تخلو برجل أجنبي وحدهما.

    قضاء الصلاة في حق من ضيعها في أول شبابه

    السؤال: هل من ضيع الصلاة في بداية شبابه جهلاً منه عليه القضاء أم لا؟

    الجواب: أن من ضيع فتركها وهو يعلم؛ فلابد أن يقضيها، أم من صلاها بغير وضوء وهو قادر على الوضوء أو صلاها خارج وقتها أو نقرها نقراً كما يفعله كثير من الناس؛ فهذه الصلاة لا يلزم قضاؤها وإنما على الإنسان أن يحسن في المستقبل وأن يكثر من النوافل حتى يسد الفراغ في صلاته.

    أستغفر الله.. أستغفر الله.. أستغفر الله ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد..

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756194864