أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان عن إسماعيل وداود وزكريا عن الشعبي عن عروة بن مضرس رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واقفاً بالمزدلفة، فقال: من صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا، ثم أقام معنا وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه)].
يقول النسائي رحمه الله: باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة. مقصود النسائي من هذه الترجمة أن إدراك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة، وكان قبل ذلك وقف بعرفة من ليل أو نهار، أنه أتى بما هو مطلوب منه على وجه حسن، وقد أورد النسائي حديث عروة بن مضرس رضي الله تعالى عنه، وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووجده واقفاً بالمزدلفة، يدعو بعد صلاة الصبح، وسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن إدراكه الحج، وهل هو مدرك للحج؟ وكان قد جاء متأخراً، وذهب إلى عرفة، ووقف وتنقل من مكان إلى مكان؛ لأنه يريد أن يكون مدركاً الحج، وسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن حجه، فقال عليه الصلاة والسلام: (من صلى معنا وأقام معنا ها هنا، وكان وقف قبل ذلك بعرفة من ليلٍ أو نهار، فقد تم حجه)، ومعنى هذا: أن الوقوف بعرفة هو الركن الذي لا بد منه، وأن له وقت ينتهي بطلوع الفجر ليلة النحر، وأن من فاته الوقوف بعرفة قبل أن يطلع الفجر، فقد فاته الحج، ولم يدرك الزمان الذي يكون به واقفاً بعرفة لو وقف بها، ومن كان كذلك، أي: محرماً بالحج وقد فاته الحج، فإنه يتحلل بعمرة، ويتحول إلى عمرة، ويطوف، ويسعى، ويحلق.
فإن الوقوف بعرفة هو الركن الذي لا يمكن تداركه إذا فات؛ لأن له وقتاً محدداً وهو طلوع الفجر ليلة النحر، سواءً وقف بليل أو نهار، لكنه إذا وقف في النهار، فإن عليه أن يبقى إلى الغروب، ولو خرج قبل الغروب صح وقوفه وأدى الركن، ولكن عليه فدية؛ لأنه ترك الواجب الذي هو البقاء حتى الغروب، ولو جاء متأخراً ولم يصل إلى عرفة في النهار، بل وصل إليها بعد الغروب في ليلة العيد ليلة النحر، فإنه يكون مدركاً الوقوف؛ لأن الوقوف نهايته طلوع الفجر ليلة العيد، وأما أوله ففيه خلاف بين أهل العلم، فالجمهور على أنه من الزوال يوم عرفة، وبعض العلماء قال: إن النهار كله ما كان قبل الزوال، وما كان بعده، فإنه وقت للوقوف، والذين قالوا: بأن الوقوف يبدأ من الزوال استدلوا بفعله عليه الصلاة والسلام، فإنه لم يقف بعرفة إلا بعد الزوال، وقد قال: (خذوا عني مناسككم)، ومن قال: إنه يصح الوقوف قبل الزوال، استدل بحديث عروة بن مضرس هذا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وكان وقف بعرفة قبل ذلك من ليلٍ أو نهار)، فقوله: (من ليلٍ أو نهار)، يدل على أن الوقوف في أي وقت من النهار، أي: نهار عرفة، سواءً كان قبل الزوال أو بعده، فإنه يكون مدركاً الوقوف بعرفة.
ثم إن بعض أهل العلم ذهب إلى أن المبيت بمزدلفة ركن، ويستدل على ذلك بما جاء في هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من صلى صلاتنا، ووقف قبل ذلك بعرفة بليلٍ أو نهار)، ولكن الصحيح أنه ليس بركن، بل هو واجب، وأن الصلاة مع الإمام أو الصلاة بالمزدلفة ليلة العيد ليست متعينة، بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام رخص للضعفة من النساء والصبيان أن يصرفوا آخر الليل، ويصلوا الصبح بمنى، فلو كانت الصبح بالمزدلفة متعينة، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرخص لهؤلاء الذين هم الضعفة من النساء والصبيان، فدل ترخيصه للضعفة من النساء والصبيان على أن صلاة الصبح بالمزدلفة ليست بركن؛ لأن الركن لا يترك في حق أحد، بل هو لازم في حق الجميع، ولما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تركه في حق البعض، وهم الضعفة من النساء والصبيان، دل على أنه ليس بلازم، وأن من انصرف آخر الليل إلى منى، فإن له ذلك إذا كان من الضعفة من النساء والصبيان ومن يرافقهم.
[عن عروة بن مضرس رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واقفاً بالمزدلفة، فقال: من صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا، ثم أقام معنا، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه)].
قوله: [(تم حجه)]، يعني: على وجه حسن، وليس معنى ذلك أن ما تقدم أو ما ذكر أنها أركان، وأن المبيت بمزدلفة ركن، بل الركن هو عرفة الذي جاء في حديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)، وأما المبيت بمزدلفة فليس الدلالة عليه واضحة بما أشرت إليه، وذكرته من الترخيص للضعفة من النساء والصبيان، وهنا ذكر تمام الحج، أي: أنه حصل الشيء الذي لا بد منه وهو الوقوف بعرفة، والذي له وقت محدد إذا فات فات لا يمكن تداركه، وما عدا ذلك من الأركان كطواف الإفاضة، والسعي لمن كان عليه سعي، فإنه لا يفوت، ويمكن أن لو ترك فإنه يتدارك، وأما الوقوف بعرفة فإنه إذا فات الوقت لا يمكن تداركه.
هو: سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا سفيان].
وهو: سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وسفيان هنا غير منسوب، والمراد به ابن عيينة، ولا يحتمل أن يكون الثوري ؛ لأن الثوري متقدم الوفاة؛ فقد توفي سنة مائة وواحد وستين، وعلى هذا عندما يأتي في شيوخ النسائي من يروي عن سفيان غير منسوب فإنه يحمل على ابن عيينة، ولا يحمل على الثوري ؛ لأنهم ما أدركوه، فيكون الحمل على الإطلاق على سفيان بن عيينة عندما يروي عنه شيخ من شيوخ النسائي، فعندما يروي عن سفيان غير منسوب شيخ من شيوخ النسائي فإنه يحمل على أنه ابن عيينة.
[عن إسماعيل].
هو: إسماعيل بن أبي خالد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وداود].
هو: داود بن أبي هند، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[وزكريا].
هو: زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي].
هو: عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بهذه النسبة الشعبي، ويأتي ذكره أحياناً باسمه فيقال: عامر بدون أن يضاف إليها شيء، فلا يلتبس على من يعرف أن الشعبي هو عامر، حيث يذكر الشعبي في بعض الأحيان، ويذكر لفظ عامر في بعض المواضع، فإن الشعبي هو عامر بن شراحيل، يأتي ذكره باسمه أحياناً فيقال: عامر، ويأتي ذكره بهذه النسبة التي هي الشعبي.
[عن عروة].
هو: عروة بن مضرس الطائي، صحابي له في الكتب السنن الأربعة هذا الحديث الواحد المتعلق بالحج، أن عروة بن مضرس صحابي، وهو من طيء، وليس له في الصحيحين شيء، وله في السنن الأربعة هذا الحديث الواحد.
هذا الحديث فيه اختصار أو هذه الرواية عن عروة بن مضرس فيها اختصار؛ لأنه ما ذكر الذي لا بد منه كما ذكر في بعض الروايات وهي الوقوف بعرفة، وقوله: [(من أدرك جمعاً مع الإمام حتى يفيض فقد أدرك، وإلا فإنه لم يدرك)]، المقصود أنه أدرك تمام الحج، أو تمام النسك، وليس المقصود من ذلك: أنه يفوته الحج لو لم يدرك الصلاة مع الإمام؛ لأننا قد عرفنا أن هذا ليس من الأركان، وأن الدليل على ذلك (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة من النساء والصبيان ينصرفوا آخر الليل)، والركن لا يرخص لأحد فيه، بل لا بد من الإتيان به من كل حاج، وعلى هذا فالحديث فيه اختصار، وتمامه ما جاء في الروايات الأخرى من بيان ما يكون به الحج، ألا وهو الوقوف بعرفة، حيث يسبق بقاء بمزدلفة أو صلاة بمزدلفة، بأن يقف في ليل أو نهار من يوم عرفة وليلة العيد، أي: إلى طلوع الفجر، وإذا طلع الفجر دون أن يقف بعرفة فإنه فاته الحج.
هو: محمد بن قدامة، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثني جرير].
هو: جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
هو: مطرف بن طريف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عروة بن مضرس من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من جهة أن من صلى مع الإمام بالمزدلفة، وكان قبل ذلك وقف بعرفة، أنه تم حجه، وقضى تفثه.
وفي الحديث إشارة إلى ما صنعه عروة بن مضرس قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: (ما تركت حبلاً إلا وقفت عليه)، والمقصود بالحبل: هو الكثيب من الرمل، المكان المرتفع من الرمل، سواءً كان مستطيلاً أو واقفاً، يقال: إن الحبل من الرمل كالجبل من الصخور والحجارة، إلا أن ذاك جبل يكون من الحجارة والصخور، وهذا حبل من الرمال، وهو شيء مرتفع إلا أنه رمل، والجبل مرتفع إلا أنه حجارة وصخور، فالرمل يقال له: حبل، المكان المرتفع من الرمل يقال له: حبل، ويقال لها: حبال.
وعروة بن مضرس رضي الله عنه يقول: (ما تركت حبلاً من الحبال إلا وقفت عليه)، يعني: ما رأى مكاناً مرتفع من هذه الرمال البارزة العالية إلا وقف؛ لأنه يريد أن يدرك الوقوف، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك حتى يسير معه، وحتى يقتدي به، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، والنبي صلى الله عليه وسلم أعطاه جواباً عاماً، أعطى جواباً عاماً: (أن من صلى صلاتنا، وكان وقف قبل ذلك بعرفة، فقد قضى حجه أو تم حجه، وقضى تفثه)، فقوله: (تم حجه) بمعنى: أنه سلم من فوات الحج، وكذلك أيضاً أتى بالحج على وجه حسن؛ لأنه وقف بالمزدلفة، لكن الأمر كما قلت: أن المبيت بالمزدلفة، والصلاة مع الإمام بالمزدلفة ليس بركن.
وقوله: [(وقضى تفثه)]، أي: بلغ الحد الذي به يمكن أن يتخلص من الأشياء التي كان ممنوعاً منها بسبب الإحرام، كالحلق أو التقصير، وتقليم الأظفار، وإزالة الأدران، وذلك أنه وصل إلى الحد الذي يمكن أن ينتهي من هذه الأمور، وذلك إنما يكون بعد رمي الجمرة جمرة العقبة يوم العيد، أي: أنه وصل إلى هذا الحد أو قارب هذا الحد، وذلك بوصوله إلى منى ورمي الجمرة، وقد عرفنا فيما مضى أنه يجوز تقديم أعمال يوم النحر الأربعة التي هي: الرمي، والحلق، والنحر، والطواف بعضها على بعض.
هو: علي بن الحسين الدرهمي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا أمية].
هو: أمية بن خالد، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن شعبة].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سيار].
هو: سيار أبو الحكم، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عروة بن مضرس من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
إسماعيل بن مسعود وهو: أبو مسعود البصري، هو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد].
هو: خالد بن الحارث البصري، هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
شعبة، وقد مر ذكره.
[عن عبد الله بن أبي السفر].
هو: عبد الله بن أبي السفر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عروة بن مضرس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى].
هو: يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن إسماعيل].
وهو: إسماعيل بن أبي خالد، وقد مر ذكره.
عامر الشعبي، وهنا ذكره باسمه عامر، وفي المواضع الماضية بذكر الشعبي، وعامر هو الشعبي، والشعبي هو عامر، لا فرق بين كونه يذكر بلفظ عامر في بعض الروايات ويذكر في بعض الروايات، بـالشعبي، هذا هو هذا وهذا هو ذاك، لا فرق بينهما، عن عامر عن عروة، وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله تعالى عنه، وفيه أن جماعةً من أهل نجد طلبوا من رجل أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحج فقال: [(الحج عرفة)]، يعني: أن الركن الأعظم أو الركن الذي يفوت الحج بفواته هو عرفة، وليس معنى ذلك أن الحج كله عرفة، وأنه ليس هناك شيء آخر سواه، بل هناك أركان أخرى غير الوقوف بعرفة، وهي: الإحرام بالحج الذي هو النية، والوقوف بعرفة، والطواف، والسعي، هذه أركان الحج الأربعة التي لا بد منها، لكن الركن الأول الذي هو الإحرام العمل ينبني عليه؛ لأنه لا بد من النية، ولا بد من الدخول في النسك، والذي يفوت الحج بفواته هو الوقوف بعرفة، والطواف والسعي لا يفوت الحج بفواتهما، فلو ذهب إلى بلاده جاهلاً أو ناسياً، يرجع ويأتي بهما، لكن إذا فاته الوقوف بعرفة وطلع الفجر يوم عرفة لا مجال للحج هذه السنة؛ لأن الحج قد فات، وفات زمنه ووقته، [(الحج عرفة)]، وهذا من جنس قوله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة)، مع أن الدين شيء غير النصيحة، لكن هذا يبين أهمية النصيحة، وأهمية الوقوف بعرفة.
ثم قال: (من جاء ليلة جمع)، يعني: إلى عرفة، (من جاء ليلة جمعٍ قبل صلاة الصبح)، يعني: من جاء إلى عرفة ليلة جمع، أي ليلة المزدلفة ليلة النحر فقد أدرك الحج، يعني المقصود أنه من جاء إلى عرفة، ووقف بها قبل طلوع الفجر ليلة النحر، [(من جاء ليلة جمعٍ)]، أي المقصود به: المجيء إلى عرفة، ليلة العيد قبل أن يطلع الفجر، وقبل أن ينتهي وقت الوقوف الذي هو طلوع الفجر فقد (أدرك حجه)، يعني: لم يفوته الحج، ومن طلع الفجر عليه وهو لم يصل إلى عرفة فاته الحج، ويتحول إلى عمرة.
قوله: [(أيام منى ثلاثة أيام، من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه)]، أيام منى المقصود بها: أيام التشريق التي هي: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، ويوم النحر هو من أيام منى، ولكنه لم ينص عليه؛ لأن له أعمال غير أعمال أيام منى الثلاثة؛ لأن أيام منى الثلاثة فيها المبيت، وفيها الرمي، وأما يوم النحر ففيه أعمال متعددة، فيه رمي الجمرة الكبرى، والحلق، والتقصير، والنحر، والطواف، فليس مقصوراً على النحر، بل فيه نحر، وغير نحر، فالثلاثة الأيام التي من تعجل في يومين منها لا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه أيضاً، ويوم النحر ليس منها، فبعض الناس يفهم خطأ فيقول: (من تعجل في يومين)، فيحسب يوم العيد، ويوم الحادي عشر، وإنما المقصود ثلاثة أيام تبدأ من الحادي عشر، خارجة عن يوم العيد، وأيام الذبح أربعة: يوم العيد، وأيام التشريق الثلاثة، لكن قيل عن أيام منى الثلاثة؛ لأن يوم العيد يختلف عنها بوجود أعمال أخرى فيه؛ ولأن الرمي في الأيام الثلاثة يختلف عن رمي يوم العيد؛ لأن رمي العيد ما فيه إلا جمرة العقبة، والأيام الثلاثة كلها ترمى الجمرات الثلاث كلها، ولهذا الأيام الأربعة التي هي أيام الذبح يوم النحر، فأيام منى الثلاثة: يوم القر الذي هو يوم إحدى عشر، وهو استقرار الناس بمنى، ويوم النفر الأول الذي هو التعجل، فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ [البقرة:203]، يوم إحدى عشر واثنا عشر، والثالث الذي هو النفر الثاني لمن أراد أن يتأخر، وقد جاء ذكر ذلك في القرآن: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:203]، والتأخر أفضل من التعجل؛ لأن فيه زيادة عمل يثاب الإنسان عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم تأخر، ولم يتعجل عليه الصلاة والسلام.
قوله: [(فجعل ينادي بها في الناس)]، يعني: بهذا الكلام الذي قاله عليه الصلاة والسلام.
وقد مر ذكرهما.
[حدثنا سفيان].
هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني بكير بن عطاء].
هو: بكير بن عطاء الليثي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن.
[سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي].
وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المزدلفة كلها موقف)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في المكان الذي وقف فيه، وهو عند مكان المسجد الموجود بمزدلفة وقال: (وجمعٌ كلها موقف)، يعني معناه: ليس الوقوف منحصراً في هذه البقعة التي وقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مثل ما قال في عرفة: (وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، وارفع عن بطن عرنة)، ثم في مزدلفة قال: (جمعٌ كلها موقف)، أو (المزدلفة كلها موقف)، وليس الموقف منحصراً في البقعة التي وقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضاً في النحر في منى، نحر في مكان معين من منى وقال: (نحرت هاهنا ومنى كلها منحر)، يعني معناه: ما هو البقعة التي حصل فيها الفعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحصر الحكم فيها، كما قال ذلك في النحر في منى، وقال ذلك في مزدلفة، وقال ذلك بعرفة.
هو: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو: يحيى بن سعيد القطان، مر ذكره.
[حدثنا جعفر بن محمد].
هو: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الملقب الصادق، وهو صدوق، فقيه، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني أبي].
هو: محمد بن علي بن الحسين الملقب الباقر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهذان إمامان من أئمة أهل السنة، من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأهل السنة والجماعة يتولون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها، ويحبون من كان منهم صحابياً لصحبته للرسول صلى الله عليه وسلم، ولقربه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن كان منهم تابعياً، أو تابع تابعي، أو من وراء ذلك، وكان مؤمناً تقياً، فإنهم يحبونه لتقواه، ويحبونه لقربه من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، هذه طريقة أهل السنة والجماعة في أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنين المتقين، أما الرافضة فإنهم يغلون في الأئمة الإثني عشر الذين منهم هاذان الإمامان الجليلان وهما: جعفر بن محمد، ومحمد بن علي رحمة الله عليهما.
[عن جابر بن عبد الله].
هو: جابر بن عبد الله الأنصاري، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة.
فالجواب: لا شك أن المكان الذي وقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأولى، لكن كما هو معلوم لا يتيسر ذلك لكل أحد، ولهذا الأمر في ذلك واسع، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، ووقف ها هنا وجمع كلها موقف).
أخبرنا هناد بن السري في حديثه عن أبي الأحوص عن حصين عن كثير وهو ابن مدرك عن عبد الرحمن بن يزيد أنه قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه ونحن بجمع: (سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان: لبيك اللهم لبيك)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التلبية بالمزدلفة. قد عرفنا فيما مضى أن الإنسان إذا دخل في الحج، فإنه يستمر بالتلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم العيد، وعلى هذا فيلبي في منى قبل الحج يوم التروية، وفي عرفة، وفي مزدلفة، وفي طريقه إلى الجمرة حتى يرمي الجمرة، وعند ذلك يقطع التلبية، ولهذا أورد النسائي رحمه الله في هذه الترجمة، أما حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [(سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة في هذا المكان يقول: لبيك اللهم لبيك)]، ومن المعلوم أن التلبية مستمرة بالنسبة للحاج من حين إحرامه بالحج إلى حين رميه جمرة العقبة يوم النحر.
هو: هناد بن السري الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[في حديثه عن أبي الأحوص].
هو: أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حصين].
هو: حصين بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
هو: كثير بن مدرك، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي. وكلمة هو: ابن مدرك هذه الذي قالها من دون حصين بن عبد الرحمن.
[عن عبد الرحمن بن يزيد].
هو: عبد الرحمن بن يزيد النخعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قال ابن مسعود].
هو: عبد الله بن مسعود الهذلي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون أنه قال: سمعته يقول: (شهدت
أورد النسائي وقت الإفاضة من المزدلفة، أي: أنه يكون قبيل طلوع الشمس، حيث يسفر جداً، أي: قريب من الطلوع. وقد أورد النسائي حديث عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه كان بالمزدلفة، وقال: إن أهل الجاهلية كانوا يقفون بالمزدلفة حتى تشرق الشمس، وحتى تطلع الشمس، وتظهر على الجبال، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير، معناه: أن الشمس تطلع عليه حتى يكون انصرافهم من المزدلفة، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فأفاض من المزدلفة قبل طلوع الشمس، وعلى هذا، فأهل الجاهلية كانوا ينصرفون من مزدلفة بعد طلوع الشمس، عندما تشرق الشمس، وخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فانصرف من المزدلفة قبل طلوع الشمس.
وهذه هي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الانصراف من المزدلفة، يعني: على ما هو الأكمل، والأفضل يكون قبل طلوع الشمس، كما فعل ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما صلى الصبح في أول وقتها بالمزدلفة وقف يدعو حتى أسفر جداً، ثم انصرف واتجه إلى منى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
إسماعيل بن مسعود عن خالد بن الحارث، وقد مر ذكرهما.
[حدثنا شعبة].
شعبة، وقد مر ذكره.
[عن أبي إسحاق].
هو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن ميمون].
هو: عمرو بن ميمون الأودي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عمر].
هو: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الخليفة الراشد، ثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن أشهب: أن داود بن عبد الرحمن حدثهم: أن عمرو بن دينار حدثه: أن عطاء بن أبي رباح حدثهم: أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: (أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ضعفة أهله، فصلينا الصبح بمنى، ورمينا الجمرة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة للضعفة بصلاة الصبح بمنى، معناه: أنهم ينصرفون آخر الليل، ويصلون الصبح بمنى، ولهم أن يرموا الجمرة، أي: جمرة العقبة عندما يصلون إلى منى، سواءً كان ذلك قبل الفجر أو بعد الفجر، وسواءً كان ذلك قبل طلوع الشمس أو بعد طلوعها، وهنا عبر بالرخصة، وهذا يدل على أن المبيت بمزدلفة واجب، أو الإشارة إلى أنه واجب؛ لأن الترخيص إنما يكون من أمر واجب؛ لأن الأمور المستحبة المسنونة لا يحتاج الأمر معها إلى ترخيص، كل له أن يفعل، لكن لما جاء ذكر الترخيص، ولما حصل الترخيص لفئة من الناس، دل على أن المبيت واجب؛ لأنه لو لم يكن واجب ما احتيج إلى الترخيص.
ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وهو (أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله في ضعفة أهله فصلوا الصبح بمنى ورموا الجمرة).
هو: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أشهب].
هو: أشهب بن عبد العزيز المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[أن داود بن عبد الرحمن حدثهم].
داود بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن عمرو بن دينار حدثهم].
هو: عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول].
هو: عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، والذين مر ذكرهم آنفاً.
أورد النسائي حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وفيه: أنها كانت تود أنها لو استأذنت في الانصراف من مزدلفة آخر الليل كما فعل بعض نساء رسول الله عليه الصلاة والسلام، مثل سودة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وكانت ثقيلة ثبطة، يعني صلت الصبح بمنى ورمت قبل أن يأتي الناس، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لضعفة أهله، وبعض نسائه بقين معه كـعائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
هو: محمد بن آدم بن سليمان الجهني، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عبد الرحيم بن سليمان].
هو: عبد الرحيم بن سليمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
هو: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن القاسم].
هو: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه هو: القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهم: القاسم بن محمد هذا، وعروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن عائشة].
هي: أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله تعالى براءتها مما رميت به من الإفك في آيات تتلى من سورة النور.
أورد النسائي حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ويرويه مولىً لها، أنه قال: جئت معها إلى منى بغلس، فذكر لها ذلك فقالت: كنا نفعله مع من هو خير منك، يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني أنها فعلت ذلك بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولما ذكر لها مولاها ذلك، أشارت إلى أنها كانت تفعله مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومعنى هذا: أنه قد رخص للضعفة من النساء والصبيان أن ينصرفوا آخر الليل.
هو: محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[أخبرنا ابن القاسم].
هو: عبد الرحمن بن القاسم، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[حدثني مالك].
هو: مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو: يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن أبي رباح].
هو: عطاء بن أبي رباح، وقد مر ذكره.
[أن مولى لـأسماء].
ذكر الحافظ ابن حجر أنه عبد الله بن كيسان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أسماء].
وهي: أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، وهو لا علاقة له في الترجمة، أي ليس واضح الدلالة على الترجمة؛ لأنه يتعلق بكيفية سيره عليه الصلاة والسلام من عرفة، ومن مزدلفة، وأنه كان يسير سيراً هادئاً، إذا كان هناك زحام، فإذا وجد فرجة متسعاً نص، أي: أسرع، فهو يتعلق بكيفية السير من عرفة، ومن مزدلفة، ولكن فيما يتعلق بالرخصة للضعفة من النساء، ليس فيه شيء يتعلق بالترخيص؛ لأنه يتعلق بكيفية سيره صلى الله عليه وسلم في طريقه من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى عليه الصلاة والسلام، كان يسير العنق، وهو نوع من السير فيه إسراع، ولكنه ليس بالشديد، ما يحصل به ترتب مضرة، فإذا وجد فرجةً متسعاً من الأرض، وليس هناك زحام أمامه، أسرع نص، هو اسم للسير الذي هو فوق العنق؛ لأن العنق، والنص اسمان من أسماء السير.
هؤلاء الثلاثة مر ذكرهم.
[عن هشام بن عروة].
هو: هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو: عروة بن الزبير، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أسامة بن زيد].
هو: أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث الفضل بن عباس رضي الله عنه، وهو يتعلق أيضاً بسير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، يعني مثل حديث أسامة ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أردف أسامة من عرفة إلى مزدلفة، وأردف الفضل بن عباس من مزدلفة إلى منى، وكل منهما حكى كيفية سيره صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يسير بالسكينة، ويأمر الناس بالسكينة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولما جاء محسراً أسرع، وفي طريقه من موقفه في المزدلفة إلى الجمرة أمر الفضل بن عباس أن ينزل، وأن يلقط له حصى، فلقط له سبع حصيات ليرمي بها جمرة العقبة مثل حصى الخذف، وهو الحصى الصغير الذي يرمى به بين الأصابع فوق الحمص، ودون البندق، [(يشير بيده كما يخذف الإنسان)].
يعني: يشير بيده لأنه حصى الخذف الذي يرمى به ببين الأصابع، وليس معنى ذلك أن الجمار ترمى كما يرمى بالخذف، ولكن هذا إشارةً إلى نوع الحصى، وإلا فإن الرمي لا يكون هكذا مثل حصى الخذف، وإنما يرمي الإنسان رمياً يضعها بيده ويرميها في المرمى، [(كافٌ ناقته)]، يعني: ماسكاً خطامها حتى لا تسرع كما مر في بعض الأحاديث: أن رأسها عند مقدمة الرحل، يعني: رحله الذي هو راكب عليه، والمقصود من ذلك: كبح جماحها عن السرعة.
يعني: الخذف فيه إشارة إلى طريقة الخذف، وأن الحصى من هذا النوع، لكن ليس المقصود أن الرمي يكون كالخذف الذي يكون بين إصبعين، وإنما تكون الحصاة بين الأصابع، يتمكن منها ويرميها.
هو: عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو: يحيى القطان، مر ذكره.
[عن ابن جريج].
هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، هو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني أبو الزبير].
أبو الزبير، هو: محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي معبد].
أبو معبد مولى ابن عباس، واسمه نافذ، هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عباس].
عبد الله بن عباس، وقد مر ذكره.
[عن أخيه].
هو: الفضل بن عباس، وهو الأخ الأكبر؛ لأن الفضل هو أكبر أولاد العباس ؛ ولهذا يكنى به فيقال له: أبو الفضل، ولبابة بنت الحارث الهلالية تكنى به أيضاً فيقال: أم الفضل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا يحيى عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوضع في وادي محسر)].
ومعنى قوله: الإيضاع في وادي محسر، يعني: الإسراع، وقد جاء في القرآن: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ [التوبة:47]، أي: أسرعوا، وقال عليه الصلاة والسلام عندما انصرفوا من عرفة إلى مزدلفة: (السكينة السكينة، فإنه ليس البر بالإيضاع)، يعني: ليس البر بالإسراع، فهو أوضع أو الإيضاع عند وادي محسر، أي: الإسراع، وقد أورد حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم (أوضع في وادي محسر).
أي: أسرع، وإنما أسرع لأنه مكان تعذيب عذب به أصحاب الفيل، وكان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه إذا مر في أماكن العذاب يسرع، وقد أسرع هنا، وكما جاء أيضاً عندما مر بديار ثمود وهو ذاهب إلى تبوك، فإنه أسرع حتى تجاوزها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو: إبراهيم بن محمد التيمي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا يحيى عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر].
وقد مر ذكرهم.
أورد حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله تعالى عنه، وفيه الدلالة على ما ترجم له، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أسرع قليلاً، يعني عندما جاء وادي محسر أسرع قليلاً، وهذا هو المقصود، وغيره سبق أن مر وسيأتي.
قوله: [أخبرني إبراهيم بن هارون].
هو: إبراهيم بن هارون البلخي، وهو صدوق، أخرج حديثه الترمذي في الشمائل، والنسائي.
[حدثنا حاتم بن إسماعيل].
هو: حاتم بن إسماعيل، صدوق يهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر].
وقد مر ذكرهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر