إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [653]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    التحذير من الأدعية المشتملة على أمور شركية كوصف النبي بأنه شافي العلل ومفرج الكروب

    السؤال: قرأت في كتيب بعنوان: صيغة الصلاة على سيدنا محمد, فيها فوائد عظيمة لقضاء الحاجات, والصيغة: اللهم صل على سيدنا محمد سر حياة الوجود, والسبب الأعظم لكل موجود, الحبيب المحبوب, شافي العلل ومفرج الكروب, ما رأي فضيلتكم في هذا الدعاء جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: رأيي في هذا الدعاء أنه منكر ولا يجوز للإنسان أن يدعو به؛ لأنه وصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه سر الوجود, وأنه شافي العلل, وهذا شرك, فالشافي هو الله تبارك وتعالى, والنبي صلى الله عليه وسلم نفسه يقول في الدعاء على المريض: ( واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك ) فكيف يدعي هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم هو شافي العلل؟ فعلى من رأى هذا الدعاء أن يمزقه, وأن يحذر منه.

    وإنني بهذه المناسبة أود أن أحذر إخواني المسلمين عما يتداوله الناس أحياناً من ورقات يوزعها أناس مجهولون فيها أنواع من الأدعية كلها أسجاع غريبة تصد الناس عن الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو التي ذكرها الله تعالى في القرآن, فتجد الناس لحسن أسلوب هذه الأدعية التي توزع أحياناً, ولكون الشيطان يزينها في قلوبهم يكبون عليها, ويعرضون عما جاء في الكتاب والسنة من الأدعية النافعة الجامعة, وأنصح كل من وقع في يده شيء من هذا أن يعرضه على أهل العلم قبل أن يتعبد لله به, هؤلاء الذين يوزعون هذه المناشير إما جاهلون فهم تحت عفو الله عز وجل على أني أخشى ألا يعفا عنهم؛ لأن الواجب على الإنسان في هذه الأمور أن يسأل أهل العلم قبل أن يوزعها, وإما متعمدون لصد الناس عن الأدعية الواردة المشروعة إلى هذه الأدعية المصنوعة المسجوعة ليبعدوا الناس عما جاء في الكتاب والسنة, ولا شك أن الأدعية الواردة في الكتاب والسنة خير ما يكون من الأدعية؛ لأنها من عند الله عز وجل علمها عباده, ومن عند النبي صلى الله عليه وسلم علمها أمته, فحذار حذار من التمسك بهذه المنشورات, وكما ترد هذه المنشورات في الأدعية ترد أيضاً في مسائل أخرى, فتوزع أحياناً منشورات منها أحاديث مكذوبة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) وقال: ( من حدث عني حديثاً يرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبين أو الكاذبين ) فليحذر عباد الله من هذه المنشورات توزيعاً أو طباعة أو شراءً أو بيعاً أو هدية أو استعمالاً, والعلماء والحمد لله موجودون في البلاد يتمكن الإنسان من الوصول إليهم مشافهة ومباصرة, أو مشافهة عن طريق الهاتف.

    1.   

    معنى قوله تعالى: (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله...) الآية

    السؤال: ما معنى هذه الآية الكريمة: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الحج:36]؟

    الجواب: البدن جمع بدنة وهي الإبل, جعلها الله تعالى من شعائر دينه يتقرب بها المسلم إلى ربه بنحرها والأكل منها وتوزيعها, ولهذا أمر الله تعالى أن نذكر اسم الله عليها, وذلك عند نحرها، وتنحر صواف أي: على ثلاث قوائم؛ لأن السنة في الإبل أن تنحر وهي قائمة معقولة اليد اليمنى, فيأتيها الناحر من الجانب الأيمن ويطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر ثم تسقط بعد ذلك؛ ولهذا قال: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا [الحج:36] أي: سقطت على الأرض فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج:36] القانع: هو الفقير الذي لا يسأل, والمعتر: هو الفقير الذي يسأل, كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ [الحج:36] يعني: مثل هذا التسخير والتذليل سخرها الله عز وجل وذللها, ولو سلطها لكنا لا نستطيعها لكبر جسمها وقوتها, ولكن الله تعالى ذللها لعباده وسخرها لهم؛ قال الله تبارك وتعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ [يس:71-72] ذللها الله لنا نركبها ونأكل منها, أرأيت الذئب أصغر منها جسماً وأقل منها قوة, ومع ذلك حيث لم يسخر لنا لا نستطيع أن ننتفع به, بل ربما يعدو علينا ويضرنا, وهذه الإبل مع قوتها وكبر جسمها مذللة حتى إن الصبي يقودها بمقودها إلى منحرها وهي مطيعة ذليلة, والإبل يتقرب إلى الله تعالى بنحرها في الهدي والأضحية, وأما العقيقة عن المولود فمن العلماء من قال: إنه يعق بها عن المولود لكنها لا تجزئ إلا عن شاة واحدة, ومنهم من قال: لا يعق؛ لأن العقيقة إنما وردت في الضأن والمعز.

    ولكن القول الراجح أنه لا بأس أن يعق الإنسان عن ابنه بناقة أو جمل أو بقرة أو ثور لكن الشاة أفضل منهما.

    1.   

    غفران الذنوب لمن تاب منها

    السؤال: هل التائب من الذنوب لا يحاسب على ذنوبه الماضية إذا تاب توبة صادقة؟ وهل مرتكبو الكبائر إذا تابوا تقبل منهم توبتهم؟

    الجواب: نعم، إذا تاب الإنسان توبة نصوحاً فإن الله تعالى يقبل منه مهما عظم الذنب, دليل ذلك قوله تبارك وتعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] وهذه عامة ليس فيها تفصيل أن مَنْ تاب من أي ذنب فإن الله يتوب عليه, وقال تعالى في التفصيل: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70].

    فالذنب مهما عظم إذا تاب الإنسان منه توبة نصوحاً غفره الله عز وجل, فهنا تجد أن الله تعالى ذكر الشرك وقتل النفس بغير حق والزنا، وكلها عدوان عظيم, الأول عدوان في حق الخالق عز وجل, والثاني عدوان على النفس في حق المخلوق, والثالث عدوان على العرض في حق المخلوق, ومع ذلك إذا تاب الإنسان وآمن وعمل عملاً صالحاً بدل الله سيئاته حسنات, ألم تر إلى قوم كانوا مشركين مضادين لدعوة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهداهم الله وتابوا وصاروا من قادة الأمة الإسلامية, ولكن إذا كانت المعصية في حق مخلوق, فلابد من إيصال الحق إلى أهله, فلو سرق الإنسان مال شخص, وتاب من السرقة تاب الله عليه, لكن لابد أن يعيد المال إلى مالكه؛ لأنها لا تتم التوبة فيما يتعلق بحق المخلوق إلا برد الحق إلى أهله.

    1.   

    نصيحة للنساء بعدم الإكثار من الخروج إلى الأسواق

    السؤال: ما حكم ذهاب المرأة للسوق إذا كانت متحجبة ومتسترة كاملاً؟ وماذا تنصحون النساء -يا فضيلة الشيخ- اللاتي يكثرن الذهاب إلى الأسواق؟

    الجواب: الذي أنصح به أخواتنا المسلمات ألا يكثرن الذهاب إلى الأسواق؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( بيوتهن خير لهن ) قاله وهو يتحدث عن مجيء المرأة إلى الصلاة في المساجد قال: ( وبيوتهن خير لهن ) وإذا كان هذا فيمن تأتي إلى الصلاة فكيف بمن تخرج للأسواق بلا حاجة, فإنها ربما تعرض نفسها للفتن أن تفتتن هي أو يفتتن بها.

    فنصيحتي لأخواتي المسلمات أن يلزمن البيوت ما استطعن إلى ذلك سبيلاً, ولا أدب أحسن من تأديب الله تعالى لأمهات المؤمنين رضي الله عنهم حيث قال لهن: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33] وبناء على ذلك نقول: إن احتاجت المرأة للخروج إلى السوق فلتخرج, لكن تخرج غير متطيبة ولا متبرجة بزينة ولا كاشفة عن وجهها أو ما يجب ستره, بل ولا ماشية مشية الرجال, ولا ضاحكة في الأسواق, ولا رافعة للصوت, ولا خاضعة بالقول, المهم لابد من شروط.

    وأما ما يقع من بعض النساء من الخروج بلا حاجة, أو الخروج متطيبة أو متبرجة أو ماشية مشية الرجل أو ضاحكة مع زميلتها أو رافعة صوتها أو خاضعة بالقول في مخاطبة الرجال، كل هذا من الأمور المحرمة, ولا يغرك -أيتها المرأة المسلمة- الدعاية الباطلة من أعدائك الذين يريدون أن تكوني كالرجل في هذه الأمور, فإن الله سبحانه وتعالى فرق بين الرجال والنساء في الخلقة في العقل في الذكاء في التصرف، حتى إن الله تعالى قال: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] وقال عز وجل: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228] ثم قال: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] فلم يجعل المرأة مساوية للرجل, لكن أعداؤك وأعداء الأخلاق وأعداء الإسلام يريدون منك أن تقومي مقام الرجال وأن تشاركي الرجال في أعمالهم وأن تخالطيهم؛ لأن هؤلاء فسدوا فأرادوا إفساد غيرهم, ولهذا هم الآن يئنون تحت وطأة هذا الخلق, ويتمنون بكل طاقتهم أن يتحولوا إلى أخلاق الإسلام في هذا، لكن أنى لهم ذلك وقد انفرط السلك بأيديهم, وبعدت الشقة, ثم إنهم يعلمون أو لا يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) وصدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, فإياك إياك -أيتها الأخت المسلمة- أن تنخدعي بمثل هذه الدعاية الباطلة, وكوني كما أراد الله أن تكوني: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33] وإذا كان الله تعالى يخاطب أعف نساء العالمين في عصر هو خير العصور, وفي قوم هم خير الناس, فما بالك بحال الناس اليوم مع هذه الفتن العظيمة!

    أقول: إذا كان الله يخاطب نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الخطاب, فإن نساء اليوم يتوجه إليهن الخطاب بهذا أكثر وأكثر لكثرة الفتن وسوء الحال.

    أسأل الله تعالى أن يحمي المسلمين من مكائد أعدائهم, وأن يجعل كيد أعدائهم في نحورهم, وأن لا يقيم لهم قائمة في صد الناس عن سبيل الله وعن دين الله.

    1.   

    صلاة الاستخارة وكيف يعلم المستخير ما اختاره الله تعالى له

    السؤال: هل يشترط لمن يصلي الاستخارة أن يرى شيئاًعند منامه, أو أن يشعر بما قاله في صلاة الاستخارة, أم أن صلاة الاستخارة دعاء كأي دعاء آخر؟

    الجواب: لا يشترط ذلك، أي: لا يشترط أن يرى المستخير شيئاً يدله على أن هذا هو الأفضل له, بل متى تيسر له الشيء بعد استخارته فليعلم أن هذا هو الخير إذا كان قد دعا ربه بصدق وإخلاص؛ لأن في دعاء الاستخارة يقول الرجل أو المرأة المستخيرة: ( اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسمي حاجته-, خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وعاجل أمري وآجله فأقدره لي ويسره لي ) فإذا تيسر له الأمر بعد الاستخارة فليعلم أن هذا هو الخير؛ لأنه دعا الله أن يختار له ما هو خير وييسره له, فإذا تيسر فهذا علامة أن ذلك هو الخير, وربما يرى الإنسان شيئاً يدل على أن هذا هو الخير له, وربما ييسر الله له من يشير عليه بشيء فيأخذ بمشورته فيكون هو الخير, المهم أنك إذا استخرت الله بصدق وإخلاص فما يجري بعد ذلك بأي سبب من الأسباب فهو الخير لك إن شاء الله تعالى.

    1.   

    حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان بصيغة (سيدنا) وحكم قول: (إنك لا تخلف الميعاد)

    السؤال: يقول بعضهم: إن الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بدعة حين تكون بعد الأذان, فما قولكم في ذلك؟ وهل حقاً بأنه لا يجوز أن يقول المسلم بعد الأذان: إنك لا تخلف الميعاد؟

    الجواب: لا أدري ماذا يريد السائل بقوله: اللهم صل على سيدنا محمد, هل إن أحداً أنكر عليه أن يقول الصلاة بهذه الصيغة: اللهم صل على سيدنا محمد, أو أن الذي أنكر عليه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولو بغير هذه الصيغة, فإن كان الأول، أي: إن كان أنكر عليه أن يقول اللهم صل على سيدنا محمد, فلعل هذا المنكر أنكر عليه لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يقولون هذه الصيغة, أي: لم يقولوا: اللهم صل على سيدنا محمد, ومن المعلوم عند كل مسلم أن الصحابة رضي الله عنهم أشد منا حباً للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وأنهم -أي الصحابة- أقوى تمسكاً بشريعة الله منا, وأن الصحابة رضي الله عنهم أشد تعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم منا, ومع ذلك فلم يؤثر عنهم أنهم كانوا يقولون عند انتهاء الأذان: اللهم صل على سيدنا محمد, ونحن مأمورون باتباعهم بإحسان حتى ننال رضا الله كما رضي عنهم, قال الله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ [التوبة:100] والاتباع بإحسان هو ألا نقصر عنهم, ولا نزيد عليهم, فإذا كان الصحابة لا يقولون: اللهم صل على سيدنا محمد وهم كما وصفنا بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فإن المشروع لنا ألا نقوله, فلعل الذي أنكر عليه وقال إنه بدعة لاحظ هذا المعنى.

    وإلا فمن المعلوم عند كل مسلم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو سيدنا, بل سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، سيد الرسل سيد الأنبياء سيد الصديقين سيد الشهداء سيد الصالحين سيد الأولياء سيد كل البشر عليه الصلاة والسلام, هذا أمر نؤمن به ونتقرب إلى الله تعالى باعتقاده, لكن مقتضى الزيادة حقيقة أن نلتزم بسنته, وألا نتجاوزها وألا نقصر عنها؛ لأنه ما دام سيداً فيجب أن يكون هو الأسوة والقدوة, لذلك أنصح إخواني المسلمين ألا يتجاوزوا الحدود فيما ورد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

    فمثلاً: لو قال قائل: إنني سأقول في التشهد: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, لو أراد أن يقول هكذا لأنكرنا عليه, نقول: أتعلمنا ما لم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصلاة في هذا المكان وردت على هذا الوصف: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد, فإذا قال: أنا أقول هذا من شدة محبتي له وتعظيمي له، قلنا له: شدة المحبة والتعظيم تقتضي أن تجعله إماماً لك بحيث لا تزيد على ما شرع لك ولا تنقص عنه.

    أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه المشروع بعد الأذان فهي سنة، ينبغي للإنسان إذا انتهى المؤذن وقد تابعه في أذانه أن يقول: اللهم صل على محمد, اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة, وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته, إنك لا تخلف الميعاد.

    وهذه الجملة الأخيرة: ( إنك لا تخلف الميعاد ) اختلف علماء الحديث في تصحيحها وتحسينها وتضعيفها, فمنهم المصحح ومنهم المحسن ومنهم المضعف, والأمر في هذا واسع, من قالها لا ينكر عليه, ومن حذفها لا ينكر عليه, لكن قولها أفضل؛ لأن الله تعالى ذكر عن أولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم أنهم قالوا: رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:194] فقولها أحسن من حذفها, ولا ينكر على من قالها ولا على من حذفها.

    1.   

    حكم قراءة القرآن مع ترك بعض أحكام التجويد

    السؤال: هل يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن دون الانضباط ببعض أحكام التجويد؟

    الجواب: نعم, يجوز ذلك إذا لم يلحن فيه, فإن لحن فيه فالواجب عليه تعديل اللحن, وأما التجويد فليس بواجب, التجويد تحسين للفظ فقط, وتحسين اللفظ بالقرآن لا شك أنه خير وأنه أتم في حسن القراءة, لكن الوجوب بحيث نقول: من لم يقرأ القرآن بالتجويد فهو آثم، قول لا دليل عليه, بل الدليل على خلافه, بل إن القرآن نزل على سبعة أحرف حتى كان كل من الناس يقرؤه بلغته, إلا أنه بعد أن خيف النزاع والشقاق بين المسلمين وحد المسلمون في القراءة على لغة قريش في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه, وهذا من فضائله ومناقبه وحسن رعايته في خلافته أن جمع الناس على حرف واحد لئلا يحصل النزاع.

    والخلاصة: أن القراءة بالتجويد ليست بواجبة, وإنما الواجب إقامة الحركات والنطق بالحروف على ما هي عليه, فلا يبدل الراء لاماً مثلاً، ولا الذال زاياً وما أشبه ذلك، هذا هو الممنوع.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755989317