حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة -صلاة العشاء الآخرة-، (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب: في وقت صلاة العشاء الآخرة ] وكلمة (الآخرة) المقصود بها تمييزها عن المغرب؛ لأن المغرب تكون في وقت العشي، والعشي يقال للوقت الذي بين العشاءين، فهي العشاء الآخرة بالنسبة للعشاء التي هي المغرب.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة -صلاة العشاء الآخرة- (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها عند سقوط القمر لثالثة) يعني: إذا غاب القمر في ليلة الثالث فقد دخل وقت العشاء، فهذا تحديد وتقدير بالقمر ومغيبه، وذلك في أول الشهر حين يكون ابن ثلاث ليال، فإذا غاب فإنه يدخل وقت صلاة العشاء.
وقد عرفنا في الأحاديث الماضية أنه إذا غاب الشفق الأحمر -وهو الحمرة التي تكون بعد مغيب الشمس عندما تذهب ويكون الظلام الدامس الشديد- عند ذلك يبدأ وقت صلاة العشاء.
وفي حديث النعمان بن بشير هذا بيان من وجه آخر لوقت العشاء، وأنه عند مغيب القمر ليلة الثالث من الشهر.
وهذا في أول الوقت، وإلا فإن آخر الوقت الاختياري هو نصف الليل، وآخر الوقت الاضطراري طلوع الفجر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يأتي وقت الصلاة التي بعدها).
ومن المعلوم أن تأخير الصلاة عن نصف الليل هو تفريط؛ لأنه لا يجوز تأخيرها عن نصف الليل إلا في حال الاضطرار، فإنها في حال الاضطرار تقع مؤداة إلى طلوع الفجر.
هو مسدد بن مسرهد البصري، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن أبي عوانة ].
هو وضاح بن عبد الله اليشكري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته.
[ عن أبي بشر ].
أبو بشر هو جعفر بن إياس المشهور بـابن أبي وحشية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بشير بن ثابت ].
بشير بن ثابت وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[ عن حبيب بن سالم ].
حبيب بن سالم لا بأس به، أي: صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن النعمان بن بشير ].
النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وقد توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، فهو من صغار الصحابة، ولكنه تحمل عن النبي صلى الله عليه وسلم في حال صغره وأدى في حال كبره، وعند المحدثين إذا تحمل الصغير في حال الصغر وأدى في حال الكبر فهو معتبر.
وكذلك الكافر إذا تحمل في حال كفره وأدى في حال إسلامه، فإن ذلك معتبر، كما جاء في قصة أبي سفيان مع هرقل عظيم الروم، فإنه حكى ما حصل له معه في حال كفره، وقد حكاه في حال إسلامه، وكذلك النعمان بن بشير تحمل في حال صغره وأدى في حال كبره، وقد جاء عنه بعض الأحاديث التي يصرح فيها بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الحديث المشهور الذي في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما يقول فيه النعمان بن بشير : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحرام بين).
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: [ مكثنا ذات ليلة ] يعني: ليلة من الليالي، [ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله أم غير ذلك] يعني: هل شغل عليه الصلاة والسلام أو أنه أراد التأخير ولم يشغله شاغل. فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليهم وسلم وقال: [ (أتنتظرون هذه الصلاة؟ لولا أن تثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة) ] يعني: لولا أن يكون في ذلك مشقة عليهم بالتأخير لصلاها في وقت متأخر، في وقتها الاختياري؛ لأن الوقت إلى نصف الليل كله داخل في الوقت الاختياري الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل على أن تأخير الصلاة إذا لم يكن فيه مشقة جائز، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعه من ذلك إلا حصول المشقة وخشية المشقة على أمته صلى الله عليه وسلم.
ومن المعلوم -كما مر معنا- أن النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للعشاء كان إذا رآهم في العشاء كثروا عجل وإذا رآهم قلوا أخر، من أجل انتظارهم، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثم الرازي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم ].
هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة
[ عن عبد الله بن عمر ]
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: [ (أبقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] يعني: انتظرناه لصلاة العشاء.
قوله: [ في صلاة العتمة ] وهي العشاء، وقد جاء ما يدل على أنه لا يقال للعشاء: العتمة. وإنما يقال لها: العشاء، كما جاء ذلك في القرآن وكما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكونهم يقولونه يدل على الجواز، لكن إطلاق العشاء هو الأولى.
[ فأخر حتى ظن الظان أنه ليس بخارج ].
يعني: حتى ظن الظان أنه ليس بخارج عليهم.
قوله: [ والقائل منا يقول: صلى ] يعني أنه مر وقت طويل، ولم يكن معهوداً عنه صلى الله عليه وسلم أن يؤخر هذا التأخير.
قوله: [ فإنا لكذلك حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له كما قالوا ] أن واحداً قال كذا، وواحداً قال كذا.
قوله: [ (اعتموا بهذه الصلاة) ] يعني: أخروها في العتمة، والعتمة وهي الظلام، أي: مضي شيء من الليل.
قوله: [ (فإنكم قد فضلتم على سائر الأمم بهذه الصلاة، ولم تصلها أمة قبلكم) ].
يحتمل أن يكون المقصود أنهم فضلوا بصلاة العشاء، وأن تلك الأمم لم تفرض عليهم صلاة العشاء، ويحتمل أن يكون المقصود التأخير إلى هذا الوقت، وقد سبق أن مر في حديث جبريل لما ذكر له الأوقات أنه قال: (هذا وقت الأنبياء من قبلك) وهذا يدلنا على أن الصلوات الخمس فرضت على الأمم السابقة، ولكن كيفيتها الله تعالى أعلم بها.
فهذا الذي جاء في الحديث -وهو أن هذه الأمة فضلت بها- إذا فسر بأنها تعتم بها وتؤخرها فلا تنافي بينه وبين الحديث الذي سبق أن مر، ومعنى هذا أن هذه الصلاة كانت على الأمم السابقة، ولكن فضلت هذه الأمة بها بكونهم يؤخرونها، بخلاف الأمم السابقة، فإنها لم تكن تؤخرها مثل هذا التأخير.
هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ، صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ حدثنا أبي ]
هو عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ حدثنا حريز ].
هو حريز بن عثمان الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ عن راشد بن سعد ].
هو راشد بن سعد الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[ عن عاصم بن حميد السكوني ].
عاصم بن حميد السكوني صدوق مخضرم، أخرج حديثه أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجه .
[ أنه سمع معاذ بن جبل ].
هو معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وكان قد سكن الشام ومات بها سنة ثمان عشرة من الهجرة، ورجال الاسناد كلهم شاميون، والذين قبل معاذ كلهم حمصيون، ولا أدري هل معاذ سكن حمص فيكون رجال الاسناد كلهم حمصيين أم لا.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة، فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل) .
يعني: قريب من نصف الليل في آخر وقتها الاختياري.
وقوله: [فقال: خذوا مقاعدكم، (فأخذنا مقاعدنا) ] يعني: استووا للصلاة.
قوله: [فقال: (إن الناس قد صلوا ) ] يعني: غيركم.
قوله: [ (وأخذوا مضاجعهم) ] يعني: ناموا.
قوله: [ (وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة) ].
يعني: هذه المدة التي تنتظرون فيها الصلاة أنتم بها في صلاة، والإنسان إذا دخل المسجد وجلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة ما انتظر الصلاة.
قوله: [ (ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل) ].
هذا مثل الذي تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن تثقل على أمتي لأخرتها إلى هذه الساعة).
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا داود بن أبي هند ].
داود بن أبي هند ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي نضرة ].
أبو نضرة هو المنذر بن مالك ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي سعيد الخدري ].
هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس) ].
قوله: [ باب: في وقت الصبح ] يعني: باب في وقت صلاة الصبح، وهذه آخر الصلوات، وذكر وقتها آخر الأوقات لأنه بدأ بالظهر كما سبق أن مر، وقلت: إن السبب في ذلك أن جبريل أول ما نزل صلى بالرسول صلى الله عليه وسلم الظهر، فبدأ بالظهر وانتهى بالفجر، وهذه آخر الأحاديث المتعلقة بأوقات الصلوات الخمس.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه : [ (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن أحد من الغلس) ] أي: أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي الصلاة في أول وقتها، وأن النساء كن ينصرفن بعد الصلاة وهن ملتفات بثيابهن ما يعرفهن أحد من الغلس؛ لأن الظلام موجود.
وقد سبق أن مر أن الواحد كان يعرف جليسه، وهنا قالت: [ (ما يعرفن من الغلس) ]، ومن المعلوم أن هناك فرقاً بين من يكون إلى جانب المرء ومن يكون بعيداً منه.
وهذا الحديث يدل على أن الصلاة تصلى في أول وقتها، وفيه جواز خروج النساء للصلاة في الليل والنهار.
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرة بنت عبد الرحمن ].
هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود رحمه الله حديث رافع بن خديج [ (أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم أو أعظم للأجر) ] وقد ورد في بعض الروايات: (أصبحوا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر) وهي مروية بالمعنى، وقوله: [ (أصبحوا بالصبح) ] قال بعض أهل العلم: هذا يوافق الأحاديث الدالة على أن الصلاة تصلى في أول وقتها؛ لأنه قال: [ (أصبحوا) ] يعني: صلوها في وقت الصبح، والصبح إنما يكون بطلوع الفجر، أي أن الصلاة تصلى في أول وقتها باعتبار أن القراءة تطال فيها، فيدخل فيها في أول الوقت، وإذا أطال القراءة فلا يخشى خروج وقتها عند الفراغ منها.
هو إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عبد الله المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان ].
عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمود بن لبيد ].
محمود بن لبيد صحابي صغير، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن رافع بن خديج ]
رافع بن خديج رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا محمد بن حرب الواسطي حدثنا يزيد -يعني ابن هارون - حدثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن الصنابحي قال: (زعم أبو محمد أن الوتر واجب، فقال عبادة بن الصامت : كذب أبو محمد ؛ أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (زعم أبو محمد خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) ].
قوله: [ باب في المحافظة على وقت الصلوات ] يعني: المحافظة على الإتيان بالصلاة في أوقاتها وعدم تأخيرها عن أوقاتها، والمقصود من ذلك الحث والترغيب على المحافظة على الأوقات.
وقد أورد أبو داود رحمه الله جملة من الأحاديث، أولها حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أنه لما بلغه أن أبا محمد -وهو رجل من الأنصار قيل: إنه صحابي- كان يقول: إن الوتر واجب قال: [ كذب أبو محمد) ] والمقصود بقوله: [ كذب ] أي: أخطأ، وليس المقصود أنه أتى بشيء خلاف الواقع وأنه أخبر بخبر غير مطابق للواقع، وإنما اجتهد في زعمه أن الوتر واجب، لكنه -كما هو معلوم- ليس واجباً كوجوب الصلوات، وإنما هو من الأمور المتأكدة التي كان عليه الصلاة والسلام لا يتركها في حضر ولا في سفر، وكذلك ركعتا الفجر ما كان يتركهما في حضر ولا في سفر.
ولاشك في أن الوتر ليس من الصلوات المفروضة اللاتي فرضهن الله، وهن خمس صلوات فرضن ليلة المعراج، وهن خمس في العمل وخمسون في الأجر، ولكن الوتر متأكد، وهو آكد السنن مع ركعتي الفجر.
وقد جاء عن الإمام أحمد أنه قال: إن الذي لا يصلي الوتر رجل سوء.
ومن المعلوم أن من يتهاون بالنوافل قد يتهاون بالفرائض، ومن يحافظ على النوافل من باب أولى أن يحافظ على الفرائض، فهي كالسياج للفرائض، فلا يتساهل المرء فيها؛ لئلا يحصل التساهل فيما وراءها، أي: الفرائض.
والحاصل أن (كذب) تأتي بمعنى (أخطأ) وليست بمعنى الافتراء والكذب، وقد جاء في الحديث: (صدق الله وكذب بطن أخيك) في قصة الذي شرب العسل.
وقد جاء في مواضع منها حديث عائشة رضي الله عنها: (من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد كذب) تعني: أنه قد أخطأ، وهناك عبارات تأتي من هذا القبيل.
قوله: [ قال عبادة : كذب أبو محمد ؛ أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خمس صلوات افترضهن الله تعالى) ].
يعني: خمس صلوات ليس فيهن الوتر.
إذاً: هو ليس بواجب، ولكنه متأكد، بل هو آكد النوافل مع ركعتي الفجر.
قوله: [ (من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له) ].
يعني كونه أتى بالشرط الذي هو الوضوء، بحيث أحسنه وأتقنه وأتى به على الوجه المطلوب.
قوله: [ (وصلاهن لوقتهن وأتم ركعهن سجودهن وخشوعهن) ]هو محل الشاهد، وهو المحافظة على وقت الصلاة، يعني: لم يؤخرهن عن أوقاتهن.
قوله: [ (كان له عهد على الله أن يغفر له، ومن لم يفعل) ] يعني: لم يحصل منه ذلك (فليس له على الله عهد) يعني: كالأول [ (إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) ].
محمد بن حرب الواسطي صدوق، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود.
[ حدثنا يزيد -يعني ابن هارون - ].
هو يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن مطرف ].
محمد بن مطرف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن الصنابحي ].
عبد الله الصنابحي قيل: هو صحابي. وقيل: هو عبد الرحمن بن عسيلة المخضرم الذي قال عنه بعض أهل العلم كاد أن يكون صحابياً؛ لأنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كان في الجحفة في الطريق إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه الخبر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي، فلم يكن بينه وبين الصحبة إلا شيء يسير.
والأحاديث التي باسم عبد الله الصنابحي جاءت عند أبي داود والنسائي وابن ماجه.
وأما عبد الرحمن بن عسيلة الذي هو أبو عبد الله الصنابحي فحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
فقال: [ عبادة بن الصامت ].
عبادة بن الصامت رضي الله عنه هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
هذا لا يدل على عدم كفر تارك الصلاة؛ لأنه ذكر أموراً فيها الإحسان وفيها إتمام الركوع والسجود، فمعناه أن الذي يحصل منه التمام والكمال هو الذي له عهد عند الله أن يغفر له، أما من لم يحصل منه التمام والكمال وحصل منه الإخلال فليس له ذلك العهد عند الله، بل أمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
قال الخزاعي في حديثه: عن عمة له يقال لها: أم فروة قد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أم فروة الأنصارية رضي الله تعالى عنها قالت: [ (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها) ].
وهذا يدل على المحافظة على الصلاة في وقتها، بل في أول وقتها؛ لأن الإنسان إذا أداها في أول وقتها فقد بادر إلى إبراء الذمة، بخلاف الإنسان الذي يؤخرها إلى آخر الوقت، فقد تخرج عن الوقت، فيكون بذلك قد عرض صلاته لخروجها عن الوقت.
إذاً: المبادرة إليها فيها إبراء للذمة، وعدم تعريض الصلاة للتأخير عن وقتها.
هو محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجه .
[ وعبد الله بن مسلمة ].
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، مر ذكره.
[ حدثنا عبد الله بن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري ، وهو ضعيف، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن القاسم بن غنام ].
القاسم بن غنام صدوق مضطرب الحديث، أخرج حديثه أبو داود والترمذي .
[ عن بعض أمهاته ].
أي: أمهات القاسم بن غنام ، وهذا على رواية القعنبي .
وفي رواية محمد بن عبد الله الخزاعي [ عن عمة له يقال لها: أم فروة ، ومعنى هذا: أن القاسم بن غنام يروي عن أم فروة وأنها عمة له.
وقال الحافظ : لا يعرف اسمها ولا حالها، وأخرج لها أبو داود وحده.
[ عن أم فروة ].
أورد أبو داود رحمه الله الحديث من طريق صحابيين أحدهما: عمارة بن رؤيبة ، والثاني: رجل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ سأله رجل من أهل البصرة فقال: أخبرني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يلج النار رجل صلى قبل طلوع الشمس وقبل أن تغرب) ] أراد بذلك صلاة العصر وصلاة الفجر.
قوله: [ أنت سمعته منه -ثلاث مرات-؟ قال: نعم. كل ذلك يقول: سمعته أذناي ووعاه قلبي ] يعني أنه متأكد وأنه ضابط للشيء، ومثل هذه العبارات تدل على الضبط والإتقان، ومثله حديث أبي شريح الخزاعي لما جاء إلى عمرو بن سعيد الأشدق وهو يجهز الجيوش لغزو ابن الزبير فقال: (ائذن لي -أيها الأمير- أن أحدث بحديث سمعته أذناي ووعاه قلبي ورأته عيناي وهو يحدث به...)
وذكر حديث حجة الوداع وما قال صلى الله عليه وسلم في يوم النحر من أن الله حرم مكة، فهذا يدل على التثبت.
قوله: [ فقال الرجل: وأنا سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ] أي أنه لا أراد أن يتأكد منه أنه سمعه، وعند ذلك قال: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: جاء هذا الحديث من طريق صحابيين صحابي معلوم، وهو عمارة بن رؤيبة والصحابي الآخر الذي سأله، وقال: إنه -أيضاً- سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو يتعلق بصلاة الفجر وصلاة العصر والمحافظة عليهما، فهما الصلاتان قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.
هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسماعيل بن أبي خالد ].
إسماعيل بن أبي خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة ].
أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة مقبول، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عمارة بن رؤيبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
أورد أبو داود رحمه الله حديث فضالة الليثي رضي الله تعالى عنه أنه قال: [ علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان فيما علمني: [ (وحافظ على الصلوات الخمس) ]. قال: قلت: يا رسول الله! إن هذه ساعات لي فيها أشغال؛ فمرني بأمر جامع إذا أنا فعلته أجزأ عني. فقال عليه الصلاة والسلام: [ (حافظ على العصرين )]. قال: وما كانت من لغتنا. فقلت: وما العصران يا رسول الله؟ فقال: [ (صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها) ] يعني بذلك صلاتي الفجر والعصر، والحديث -كما ترجم له المصنف- دال على المحافظة على الصلوات.
حيث قال له: [ (حافظ على الصلوات الخمس) ] فلما قال: [ إن هذه ساعات لي فيها أشغال فمرني بأمر جامع ] أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أفضل الصلوات، وليس المقصود من ذلك أن الصلوات الأخرى يتهاون بها، ولكنه ذكر المحافظة على الجميع، ثم أرشد إلى ما له ميزة وفضل على غيره من الصلوات الخمس، وهما العصر والفجر، وذلك لأن هاتين الصلاتين هما اللتان تجتمع فيهما ملائكة الليل وملائكة النهار الذين ينزلون ويصعدون، ويجتمع الصاعدون والنازلون في صلاة العصر وصلاة الفجر.
ولهذا جاءت أحاديث كثيرة تدل على فضل هاتين الصلاتين، وهما صلاة العصر وصلاة الفجر.
[وما كانت من لغتنا] يعني أنه ما فهم لفظ العصرين، ومن المعلوم أن بعض الكلمات قد تخفى على بعض العرب، ويكون عندهم كلمة مشهورة حيث يكون لها معنى آخر عند بعض القبائل العربية، فلما قال: [ (حافظ على العصرين) ] لم يفهم المراد بهما، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأنهما الفجر والعصر.
وقيل للفجر والعصر: العصران تغليباً لإحدى الكلمتين على الأخرى، كما يقال: العُمَرَان ويراد بذلك أبو بكر وعمر ، ويقال: الأبوان ويراد بذلك الأب والأم، ويقال: القمران ويراد بذلك الشمس والقمر.
فيغلب أحد اللفظين فتحصل التثنية به، وإن كانت الكلمة الأخرى تطلق بلفظ آخر، أعني الشمس وأبا بكر والأم والفجر، فصار التغليب لأحد اللفظين فقيل: العصران؛ لأن هذه تكون في أول النهار وهذه في آخره.
والعصر هو متكون من الليل والنهار، فقيل لهما: العصران لأن هذه تقع في آخر النهار وهذه تقع في أول النهار.
هو عمرو بن عون الواسطي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا خالد ]
هو خالد بن عبد الله الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن داود بن أبي هند ].
داود بن أبي هند ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي حرب بن أبي الأسود ].
أبو حرب بن أبي الأسود ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن فضالة ].
عبد الله بن فضالة له رؤية، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن أبيه ].
أبوه هو فضالة الليثي ، وهو صحابي، أخرج حديثه أبو داود .
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة) ] يعني: من جاء بهذه الخمس وهو مؤمن. لأن أي عمل من الأعمال بدون الإيمان لا عبرة به ولا قيمة له، كما قال الله عز وجل: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]، ويحتمل أن يكون المقصود بالإيمان هو التصديق، مثل قوله: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
ثم ذكر الخمس : [ (من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن) ] والمقصود من الترجمة قوله: [ (مواقيتهن) ] أي: المحافظة عليها في أوقاتها، ثم ذكر صيام شهر رمضان والحج والزكاة وأداء الأمانة، فهذه هي الخمس.
قوله: [ (وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه) ].
يعني أنه يؤديها وهو منشرح الصدر طيبة بها نفسه، ولا يؤديها وهو كاره، أو يؤديها وفي نفسه شيء من إخراجها.
وسئل أبو الدرداء عن الأمانة فقال: [ (الغسل من الجنابة) ] والغسل من الجنابة هو جزء من جزئيات الأمانة، وهذا -كما يقولون-: تفسير بالمثال؛ لأنه ليس المقصود بأداء الأمانة الغسل من الجنابة فقط، بل هذا مما هو داخل تحت الأمانة، وهو من النوع الذي يسمونه التفسير بالمثال وليس التفسير بالحصر، وكثير من تفسيرات السلف لآيات القرآن الكريم هي من قبيل اختلاف التنوع، إما تفسير بالمثال وإما بلفظ مقارب يؤدي المعنى ويوضحه، فإذا جاء هذا بلفظ وهذا بلفظ وهذا بلفظ كان ذلك كله حقاً.
إذاً: فقول أبي الدرداء : [ (الغسل من الجنابة) ] هو من الأمثلة التي تندرج تحت أداء الأمانة، وليس المقصود من ذلك أن غسل الجنابة هو الأمانة أو أداء الأمانة؛ لأن أداء الأمانات يكون في حقوق الله عز وجل وحقوق العباد، فهذه كلها أمانات، يقول عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] فهو شامل لكل ما هو أمانة، وليس بمقصور على شيء دون شيء.
محمد بن عبد الرحمن العنبري ثقة، أخرج له أبو داود وحده.
[ حدثنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد ]
أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عمران القطان ].
هو عمران بن داور القطان ، صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
[ حدثنا قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأبان ].
هو أبان بن أبي عياش ، متروك، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن خليد العصري ].
هو خليد بن عبد الله العصري منسوب إلى جماعة من بني عبد القيس بن ربيعة ، وهو صدوق يرسل، أخرج حديثه مسلم وأبو داود .
[ عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ].
أم الدرداء هي الصغرى، واسمها هجيمة ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة
وأما أم الدرداء الكبرى فليس لها رواية في الكتب الستة، فإذا جاء ذكر أم الدرداء في الكتب الستة فالمقصود بها أم الدرداء الصغرى واسمها هجيمة .
[ عن أبي الدرداء ]
وهو عويمر رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، وهو حديث قدسي يقول الله عز وجل فيه مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: [ (إني فرضت على أمتك خمس صلوات، وعهدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي) ] والمقصود منه المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والحديث دال على ذلك، وهو من الأحاديث القدسية.
حيوة بن شريح الحمصي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
[ حدثنا بقية ].
هو بقية بن الوليد الحمصي ، وهو صدوق كثير التدليس على الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني ].
ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني مجهول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
[ أخبرني ابن نافع ].
ابن نافع هو دويد بن نافع ، مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ عن ابن شهاب الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[إن أبا قتادة بن ربعي ].
هو الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، وهو صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران -يعني الجوني - عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا
قوله: [ باب: إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت ] يعني: فما الحكم؟ هل يؤخر المرء الصلاة إلى أن يصلي مع الإمام، أم أنه يصلي الصلاة في وقتها ويصلي معه، وتكون الصلاة الأخيرة نافلة؟
والمقصود بالتأخير عن الوقت هو التأخير عن الوقت الاختياري إلى الوقت الاضطراري، كأن تؤخر صلاة العصر إلى اصفرار الشمس، وتؤخر صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل، وليس المقصود التأخير بها عن وقت الصلاة، كأن يؤخرون صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، أو العصر يؤخرونه إلى ما بعد الغروب، وإنما المقصود أنهم يؤخرونها عن الوقت الاختياري ويوقعونها في الوقت الاضطراري، والسنة جاءت بأن الإنسان يصلي الصلاة لوقتها وتكون هي الفريضة، وإذا أدركها معهم فإنه يصليها معهم نافلة، ويكون في ذلك جمع بين الإتيان بالصلاة في وقتها الاختياري وبين جمع الكلمة وعدم الفرقة ومتابعة الأئمة في الصلاة.
فالأولى هي الفريضة والثانية هي النافلة، وكون الإنسان يؤدي الفرض ثم يصلي الصلاة مرة أخرى لسبب من الأسباب كوجود جماعة ثانية لا بأس بذلك؛ لأن السنة جاءت بأن الإنسان إذا صلى صلاة ثم وجدت جماعة فإنه يصلي معها ولو كان ذلك الوقت وقت نهي، مثل بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة العصر، وقد جاء في الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى الفجر، فلما صلى رأى رجلين لم يصليا في ناحية المسجد، فدعا بهما فجيء بهما ترتعد فرائصهما، فقال: (ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا. فقال: لا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه، فإنها له نافلة) أما كون الإنسان يصلي صلاتين متعمداً بحيث يزيد عن الخمس الصلوات فهذا لا يجوز؛ لأن الصلوات خمس، ولكن حيث يصلي الفرض ثم يجد جماعة ويصلي معها فإن تلك تكون له نافلة.
إذاً: هذه الصلاة الأخرى إذا كان لها سبب سائغ لا بأس بها ولو كان ذلك في أوقات النهي؛ لأن هذا مما يستثنى من قوله: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس).
وقوله [ (أو قال: يؤخرون الصلاة؟) ] هو شك من الراوي، ومعنى: (يميتونها) يؤخرونها عن وقتها الاختياري.
هو مسدد بن مسرهد، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عمران -يعني الجوني -].
أبو عمران الجوني هو عبد الملك بن حبيب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن الصامت ].
عبد الله بن الصامت ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي ذر ].
هو جندب بن جنادة رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وهو مثل حديث أبي الدرداء أن الأمراء إذا صلوا الصلاة لغير ميقاتها -يعني الاختياري- فينبغي للإنسان أن يصلي الفرض في الوقت ويصلي معهم، وتكون سبحة، يعني: نافلة، ولهذا يقال: (سبحة الضحى) ويقال: (جمع بين الصلاتين ولم يسبح بينهما) أي: ولم يتنفل؛ لأن السبحة هي النافلة.
إذاً: قوله: [ (واجعل صلاتك معهم سبحة) ] يعني: نافلة، وذلك فيه جمع بين المصلحتين: بين مصلحة أداء الصلاة في وقتها، وبين جمع الكلمة وعدم الفرقة ومتابعة الأئمة.
قوله: [ (فسمعت تكبيرة مع الفجر رجل أجش) ] يعني: غليظ الصوت.
قوله: [ (فألقيت عليه محبتي) يعني: ألقى الله تعالى محبته في قلبه فلازمه حتى مات ودفنه بالشام، ثم بحث عن رجل يكون فقيهاً، فسار إلى عبد الله بن مسعود ولازمه حتى مات، وكان مما حدثه به ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [ (كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها؟! )] قال: قلت: فما تأمرني يا رسول الله؟ قال: [ (صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة ) ].
دحيم هذا لقب، فالمصنف رحمه الله ذكر اسمه ولقبه، و(دحيم) مأخوذ من (عبد الرحمن)؛ لأن بعض الألقاب تؤخذ من الأسماء، فيقال: دحيم بن عبد الرحمن، وعباد بن عبد الله، وكذلك عبدان بن عبد الله، وهكذا تجد بعض الألقاب تؤخذ من الأسماء، ودحيم ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
[ حدثنا الوليد ].
هو الوليد بن مسلم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني حسان -يعني ابن عطية -].
حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن سابط ].
عبد الرحمن بن سابط صدوق ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عمرو بن ميمون الأودي ].
عمرو بن ميمون الأودي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن مسعود ].
ابن مسعود رضي الله تعالى عنه صحابي جليل مشهور من فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وكانت وفاة معاذ في الشام سنة ثماني عشرة، ووفاة عبد الله بن مسعود سنة اثنتين وثلاثين.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، وهو مثل ما تقدم من الأحاديث، وفيه أن الإنسان يصلي الصلاة لوقتها إذا أخرها الأمراء عن وقتها الاختياري، وأنه إذا أدركها معهم فإنه يصليها، ولكنها تكون له نافلة.
وقوله: [ ( فقال رجل: يا رسول الله أأصلي معهم؟ قال: نعم إن شئت) ]
الذي يبدو أنه إذا لم يترتب على تركها معهم مضرة فالأمر إليه؛ لأنه أدى الواجب الذي عليه، ولكن إذا كان يترتب على تركها معهم مضرة فإنه يصلي معهم وتكون له نافلة.
هو محمد بن قدامة بن أعين المصيصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن معتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هلال بن يساف ].
هلال بن يساف ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي المثنى ].
هو ضمضم أبو المثنى الأملوكي الحمصي ، وثقه العجلي ، وأخرج له أبو داود وابن ماجه .
[ عن ابن أخت عبادة بن الصامت ].
في الإسناد الذي سيأتي أنه ابن امرأته، وهو أبو أبي بن أم حرام ، وهو صحابي، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجه .
[ عن عبادة بن الصامت ]
عبادة بن الصامت رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ ح: وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري ].
محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود وحده.
[ حدثنا وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ المعنى ] يعني أن المعنى واحد والألفاظ مختلفة.
[ عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي المثنى الحمصي عن أبي أبي ابن امرأة عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت ].
قد مر ذكرهم جميعاً.
أورد أبو داود رحمه الله حديث قبيصة بن وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ (يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة فهي لكم وهي عليهم) ] أي: إذا كنتم تصلون الصلاة لوقتها وتصلون معهم فهي لكم نافلة وعليهم إثم التأخير؛ لأنهم إن أحسنوا فالإحسان لكم ولهم، وإن أساءوا فالإساءة عليهم وليس عليكم، وقد جاء مثل هذا عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه كما جاء في صحيح البخاري في (باب إمامة المفتون والمبتدع) أنه لما كان محصوراً في داره قيل له: يا أمير المؤمنين! إنك إمام عامة، وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة، فماذا تأمرنا؟ قال: يا ابن أخي! الصلاة من خير ما يفعل الناس، فإن أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم).
وكذلك ورد في الحديث الآخر مثل هذا الحديث: (يصلون لكم -يعني الأمراء- فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم).
وقوله: [ (فصلوا معهم ما صلوا القبلة) ] يعني: ما دام أنهم مسلمون ويصلون إلى القبلة فصلوا معهم.
هو هشام بن عبد الملك ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو هاشم -يعني الزعفراني -].
هو عمار بن عمارة لا بأس به، أخرج حديثه أبو داود .
[ حدثني صالح بن عبيد ].
صالح بن عبيد مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن قبيصة بن وقاص ].
قبيصة بن وقاص صحابي، أخرج حديثه أبو داود .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر