إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (724)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم قضاء الصلوات المتروكة وشروط التوبة

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين, فأهلاً وسهلاً بالشيخ: عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المدينة المنورة وباعثها أحد الإخوة المستمعين رمز إلى اسمه بالحرف (خ) يقول: أنا شاب كنت أصلي كل الفرائض في وقتها، ثم ابتعدت عن ذلك فترة، ثم إني تبت إلى الله سبحانه وتعالى ورجعت عما كنت فيه من الشر، ولكني بعد هذه التوبة أشعر بالألم والأسى لذلكم الماضي الأسود, وجهوني شيخ عبد العزيز جزاكم الله خيراً، هل أقضي ما فاتني أو بم توجهونني شكر الله لكم؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فعليك أن تحمد ربك وتشكره كثيراً على ما من به عليك من التوبة، واعلم يا أخي أن التوبة تجب ما قبلها، وتمحو ما قبلها إذا كانت التوبة تامة مستوفية لشروطها، يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]، فدل ذلك على أن من تاب التوبة الشرعية أفلح، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (التوبة تهدم ما كان قبلها)، فاحمد الله جل وعلا، واشكره سبحانه وأحسن به الظن، فالذنوب الماضية تمحى بالتوبة وليس عليك قضاء، إنما عليك لزوم التوبة.

    والتوبة النصوح هي المشتملة على أمور ثلاثة:

    - الندم على الماضي من السيئات.

    - والإقلاع منها وتركها، خوفاً من الله وتعظيماً له.

    - والعزم الصادق أن لا تعود إليها.

    فإذا اشتملت التوبة على هذه الأمور الثلاثة: الندم، والإقلاع، والعزم الصادق أن لا تعود، محا الله عنك الذنب الماضي وأفلحت، فاستقم واثبت على الحق، وهناك شرط رابع لصحة التوبة وسلامتها ,إذا كان الحق للمخلوقين كالدماء والأموال والأعراض فلا بد من استحلالهم، أو إعطائهم حقوقهم، من تمام التوبة في حق الآدمي أن تعطيه حقه، المال أو الدم،يعني: القصاص، وهكذا العرض، تقل: أرحني يا أخي، سامحني جرى مني كذا وجرى مني كذا سامحني، فإذا سامحك في حقه من مال أو دم أو عرض صحت التوبة وبرئت من هذا الحق، وإن لم يسمح سقط ما كان لله، وبقي حق الآدمي بينك وبينه يوم القيامة، وإذا استقامت توبتك أرضاه الله سبحانه وتعالى عنك يوم القيامة، لكن عليك أن تجتهد في الدنيا في إعطاء حقه أو تحلله، فإذا عجزت وصدقت في التوبة أوفى الله عنك يوم القيامة.

    وهكذا العرض إذا كنت تخشى إذا أخبرته أن يكون الأمر أشد وأن يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فلا تخبره، ولكن استغفر له، واذكره بالخصال الحميدة التي تعرفها عنه، بدلاً من الخصال الذميمة التي اغتبته بها، فهذه بهذه، تذكر ما تعلم من أعماله الطيبة في المجالس التي ذكرته فيها بالسوء، وتدعو له وتستغفر له، وهذا يقوم مقام استحلالك له إذا خشيت من الاستحلال أمراً أخطر وأكبر، والله المستعان.

    1.   

    حكم الذبح لغير الله

    السؤال: بعد هذا ننتقل إلى إريتريا-أسمرة- عبر رسالة بعث بها مستمع من هناك يقول: من مجيب الرحمن صالح أمان ، يسأل مجموعة من الأسئلة سماحة الشيخ في أحدها يقول:

    في بلدنا بعض الناس يذبح عند قبور الأولياء، وإذا سألتهم: أليس الذبح يجب أن يكون لله، وأن يكون خالصاً لله، وأن هذا العمل من الشرك، لا يستمعون إليك، وجهوهم لعلهم يستمعون وفقكم الله، وجزاكم خيراً.

    الجواب: الذبح لغير الله من الشرك بالله، سواءً كان عند القبور أو بعيداً عن القبور، إذا نوى بالذبيحة التقرب إلى المخلوقين، أو إلى النجوم أو إلى الأصنام، أو إلى الجن أو الأولياء، أوالملائكة صار شركاً بالله، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي يعني: ذبحي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، ويقول سبحانه في كتابه العظيم مخاطباً نبيه محمد عليه الصلاة والسلام: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1-2]، النحر عبادة مثل الصلاة، فالذي يذبح لغير الله كالذي يصلي لغير الله، فمن صلى للمخلوقين أو سجد لهم أشرك، فهكذا إذا ذبح للأولياء، يتقرب إليهم أو للأصنام أو للجن أو للملائكة أو للنجوم أو غير هذا من المخلوقين، فذبح لهم، أو صلى لهم وسجد لهم، أو نذر لهم القرابين ينذرون للولي الفلاني، أنه يذبح كذا.. أو يتصدق بكذا .. أو يسجد أو يصلي أو يصوم، المقصود النذر لغير الله من الأولياء أو من الجن أو للأصنام كأن يقول: نذر علي للقبر الفلاني أو للولي الفلاني، أن أتصدق بكذا، أو أن نصوم كذا أو نصلي كذا، أو نذبح كذا، كل هذا من النذور الشركية.

    فالصلاة لغير الله، والسجود لغير الله، والذبح لغير الله، والنذر لغير الله كله من الشرك بالله، فإن صلى عند القبر لله ما قصد صاحب القبر، يصلي لله، لكن يظن أن الصلاة عند القبر فيها فائدة وأنها أفضل، وإلا ما قصده يصلي للمخلوقين، ولا قصده الذبح لهم، قصده الذبح لله والصلاة لله، ولكن يظن أنها عند هذا القبر فيها فائدة، فيها ثواب أكثر، هذه بدعة، ولا تجوز ووسيلة للشرك، ولكن لا تكون شركاً إذا كان قصد به وجه الله، والتقرب إلى الله، لكن تكون بدعة؛ لأنه فعلها في محل ما يجوز التعبد فيه بالصلاة والذبح، بل هذا يفضي إلى الشرك، ووسيلة إلى أن يذبحها للمخلوق صاحب القبر.

    1.   

    حكم إجابة الوالدين أثناء الصلاة

    السؤال: يقول سماحة الشيخ: إذا دخلت في صلاة النفل وناداني أبي أو أمي، فهل أجيب أم أستمر في الصلاة؟

    الجواب: عليك أن تقول: سبحان الله، سبحان الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال وليصفق النساء)، كان في شرع من قبلنا جريج أمر أن يجيب أمه، وعوقب لما أهملها ولم يجبها، أما في شرعنا فالله جل وعلا أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول من نابه شيء: سبحان الله، والمرأة تصفق، حتى يعلم أبوك أو غيره أنك تصلي، فيعذروك، فإن كان حادث يوجب قطع الصلاة قطعتها، إذا طلبوك لأمر لإنقاذهم من حريق أو من موت أو من خطر اقطعها ولو فريضة، أنقذهم ثم عد للصلاة، أما إذا كان ما هناك خطر فقل: سبحان الله، ورضوا فالحمد لله.

    1.   

    عدم دخول أهل البدع ضمن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة

    السؤال: هل المبتدع خارج عن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة؟

    الجواب: المبتدعون ليسوا من الطائفة المنصورة، كـالرافضة و الجهمية والمعتزلة والكرامية وأشباههم، الطائفة المنصورة هم أهل السنة والجماعة، هم أتباع الكتاب والسنة الذين لم يبتدعوا في دين الله ما لم يأذن به الله، لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عنهم قال: (هم من كان على ما أنا عليه وأصحابي)، قال: (هم الجماعة).

    فـالطائفة المنصورة والفرقة الناجية هم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، الذين لم يحرفوا ولم يغيروا ولم يبتدعوا، بل تمسكوا بالكتاب والسنة، وساروا على منهج سلف الأمة من الصحابة، ومن تبعهم بإحسان في القول والعمل والعقيدة، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة الذين وحدوا الله , عبدوه وحده واستقاموا على شريعته، وآمنوا بأسمائه وصفاته وأمروها كما جاءت على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل واعتمدوا في أعمالهم ما جاء في الكتاب والسنة في الأقوال والأعمال.

    1.   

    الفرق بين التوسل والوسيلة

    السؤال: أخيراً يسأل سماحتكم فيقول: ما الفرق بين التوسل والوسيلة؟

    الجواب: التوسل: دعاء الشخص، يقال: توسل، دعا, يقال: أسألك بأسمائك هذا توسل، أسألك بإيماني بك هذا توسل، والوسيلة هي الإيمان والتقوى والأسماء الحسنى وسيلة إلى الله جل وعلا، الدعاء بها وسيلة، وأنت المتوسل، التوسل دعاؤك والوسيلة ما دعوت به, فإذا قلت: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تغفر لي، فأنت بدعائك متوسل، وهذا الدعاء يسمى توسل ,والمدعو به هو بأسمائه وصفاته هذا يقال له: وسيلة، يعني: الدعاء بالأسماء والصفات وسيلة، وهذا هو نفس الدعاء يسمى توسل، والمتوسل به: هو الإيمان أو الأسماء والصفات، أو أعمالك الأخرى الصالحة.

    1.   

    كيفية وضوء دائم الحدث

    السؤال: بعد هذا رسالة بعث بها مستمع رمز إلى اسمه بالحروف (م. ك. ر) الرسالة مؤثرة كثيراً سماحة الشيخ، صدرها بـ (بسم الله الرحمن الرحيم).

    سماحة الشيخ والدنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشهد الله ثم أشهدكم بأني أحبكم في الله، سماحة الشيخ! أصبت ببلاء وأصبحت لا أتحكم في نفسي ولاسيما الطهارة إلا بصعوبة، وقد ينتقض وضوئي في مرات كثيرة في الصلاة أو أثناء الذهاب إلى المسجد، وقد لا ينتقض في بعض الأوقات وهي قليلة، أصبحت لا أعلم متى ينتقض وضوئي ومتى لا ينتقض، هل أنا بهذه الحالة من أصحاب الأعذار، وإذا كنت كذلك فهل لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت لكي أدرك الجماعة؛ لأنني قرأت فتوى لـابن تيمية يقول: يتوضأ صاحب العذر لكل صلاة أو لوقت كل صلاة، فهل لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت لأدرك صلاة الجماعة, مع العلم بأنني إذا توضأت بعد دخول الوقت فإني قد لا أدرك صلاة الجماعة؟ هل لي أن أجمع بين الصلاتين بوضوء واحد مع إمام يجمع في مطر أو في سفر؟ هل لي أن أمسح على الجوارب وأنا بهذه الحالة؟ هل لي أن أصلي إماماً إذا لم يحضر إمام المسجد وكنت أقرأ الموجودين وأعلمهم بالسنة؟ وهل إذا صليت فيهم إماماً فهل أكون آثماً، وجهوني حول هذه الأمور، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: أسأل الله أن يمنحنا وإياك الشفاء والعافية من كل سوء، وأما ما يتعلق بالمحبة في الله، فالمحبة في الله من أفضل القربات، ونقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه، وإذا أعلمه أخوه فليقل : أحبك الله الذي أحببتنا له)، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله, ذكر منهم :رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه)، وصح عنه أيضاً عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).

    أما ما ذكرت من جهة استمرار الحدث فإنك تتوضأ لوقت كل صلاة، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة، وهي التي حدثها دائم، قال: (توضئي لوقت كل صلاة) رواه البخاري ، فأنت تتوضأ لوقت كل صلاة، ولو خرج منك شيء في الطريق أو في المسجد أو في الصلاة ما يضرك، فالحمد لله، متى توضأت بعد دخول الوقت فإن الحدث الذي يخرج منك في الطريق أو في المسجد أو في الصلاة، أو بعد الصلاة لا ينقض وضوءك بل لك أن تصلي في الوقت ما دمت على هذه الحال، حتى يأتي الوقت الآخر، تصلي، تقرأ من المصحف، وتطوف في مكة إذا كنت في مكة.. تطوف، إذا توضأت العصر تطوف بوضوء العصر بعد العصر، وإذا توضأت الظهر تطوف بوضوء الظهر وتصلي به, وإذا كان جمع كفى وضوء واحد في المطر أو في السفر أو في المرض، يكفي وضوء واحد والحمد لله، تتوضأ وتصلي الصلاتين بوضوء واحد وأبشر بالخير ونسأل الله لك العافية والتوفيق.

    1.   

    حكم المسح على الجوارب وإمامة الناس لدائم الحدث

    السؤال: له عدة قضايا يثيرها سماحة الشيخ.

    الأولى: هي المسح على الجوارب بالنسبة لحالته ما حكمه؟

    الجواب: لا بأس مثل غيره، يمسح على الجوارب والخفين، يمسح عليهما يوم وليلة مثل غيره، وهكذا بالنسبة للإمامة لا يؤم الناس، الإمامة لا يؤم، يؤم غيره لأن حدثه دائم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يؤم, فينبغي لك أن لا تؤم يا أخي يؤم غيرك.

    المقدم:جزاكم الله خيراً, وإن كان أعلم الموجودين؟

    الشيخ: لكن لو أم صحت صلاته، لو أم صحت صلاته؛ لأنه طهارته مجزئة في حقه، لكن كونه يدع الصلاة لغيره أحوط، خروجاً من خلاف العلماء.

    المقدم: جزاكم الله خيراً, يثير مسألة الأفضلية بالنسبة للإمام والمأمومين سماحة الشيخ، إذا كان هو أفضل الموجودين كما يقول؟

    الشيخ: نعم نعم. يؤم غيره ممن هو دونه، السالم من هذا الحدث.

    1.   

    الصبر والاحتساب لمن كان دائم الحدث

    السؤال: والدنا حفظه الله! آمل أن أجد لديكم الحل لما أنا فيه، فقد أخذ مني الهم مأخذاً بليغاً، فقد فقدت الخشوع في جميع الصلوات، وفقدت قيام الليل، وفقدت كثيراً مما كنت أحفظه من كتاب الله، وتركت القيام بالدعوة التي كان لي نشاط فيها، وفقدت أشياء كثيرة بسبب كثرة التفكير فيما أصابني، وفي الختام أطلب منكم يا والدنا أن توصيني وأن تدعو لي وحفظكم الله.

    الجواب: عليك يا أخي أن تسأل ربك جل وعلا، وتضرع إليه أن الله يشفيك من هذا البلاء وأنت على خير، إذا كان ليس عن اختيارك ولكن مغلوب على هذا الأمر، فأنت تسأل ربك أن يعينك، تجتهد في الخشوع في الصلاة، والإقبال عليها بقلبك، تستحضر أن الله جل وعلا ينظر إليك، وأنه سبحانه يشاهدك، وأنك بين يديه فاجتهد ، ودع التفكير هذا الذي أصبت به، أمر الله غالب، فاحمد الله, لا يقضي الله لعبده من قضاء إلا كان خيراً له، فعليك بالصبر والاحتساب وحسن الظن بالله، والإقبال على صلاتك والخشوع فيها، والدعوة إلى الله حسب طاقتك في أهلك، وفي جيرانك وغيرهم، والعناية بقيام الليل حسب طاقتك، في أوله أو في وسطه أو في آخره: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وإياك وسوء الظن بالله، عليك بحسن الظن بالله، واجتهد في السؤال والضراعة إليه أن يعافيك وأن يشفيك، ويردك إلى الحالة الأولى التي هي أحسن، وأن يرزقك الخشوع في الصلاة، والعناية بصلاة الليل، والعناية بالدعوة إلى الله، أنت بين يدي الله، أنت عبد من عبيده، اضرع إليه واسأله بصدق أن يعينك وأن يعافيك وأن يهبك حالك الأولى من الدعوة إلى الله والخشوع، والإقبال على صلاة الليل، وأبشر بالخير، فالله يقول سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].

    المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، سماحة الشيخ! يبدو أن أخانا مصاب بمرضين: مرض عضوي ومرض نفسي، هل تنصحونه بمراجعة أحد المستشفيات لعل الله سبحانه وتعالى أن يهيئ له الشفاء؟

    الشيخ: لا مانع إذا كان المرض مما يستطيع الأطباء علاجه، فلا بأس، أما الشيء النفسي فعلاجه ذكر الله وطاعة الله وسؤال الله والضراعة إليه أن يهبه حاله الأولى من الإخلاص لله والخشوع بين يديه وقيام الليل ونحو ذلك، الشيء الذي يتعلق بالعضوي البدني في البدن، شيء من البدن هذا يعالج عند الأطباء المختصين والحمد لله.

    1.   

    كيفية التعامل مع الزوجة التي ترفض لبس النقاب

    السؤال: بعد هذا ننتقل إلى جمهورية مصر العربية عبر رسالة بعث بها المستمع: محمد مرعي علي من المنيا، أخونا له جمع من القضايا يسأل فيها ويقول:

    ما رأي سماحتكم في الزوجة التي ترفض النقاب رغم التزامها وطاعتها لزوجها في سائر الأمور، فهل يعد رفضها للنقاب شذوذاً يوجب طلاقها بعد النصح، والهجر، والضرب؟ أم أن زوجها يصبر عليها كما أشرت سماحتكم في كتابكم الفتاوى والنصائح؟

    الجواب: نعم، الواجب الاستمرار في النصيحة والتوجيه، وذكر الأدلة لها، ولا يجب الطلاق؛ لأنها قد يكون عندها شبهة من فتاوى بعض العلماء في جواز ترك النقاب، قد يكون عندها اقتناع برأيها ورأي من أفتاها، فالحاصل أن مثل هذا لا يوجب الطلاق، لكن النصيحة والاستمرار، وأن تدع رأيها، وأن تعمل بقول زوجها، وتطيعه في طاعة الله وهذا شيء ينفعها، ويبعدها عن التهمة وعن الشر والخطر، فالنقاب فيه مصالح كثيرة، فتوصى بذلك وأنت تجتهد معها بالكلام الطيب، ولا حاجة إلى الضرب، ولكن توصيها بتقوى الله، توصيها بالحجاب، وألا تغتر بفتاوى بعض المفتين، وهذا إن شاء الله يكفي.

    1.   

    حكم الاستدانة من أجل شراء الكتب الشرعية

    السؤال: هل يجوز أن يستدين المسلم لأجل شراء الكتب الشرعية للاطلاع والتعلم والتفقه في الدين؟ وهل يجب عليه بيع هذه الكتب في حالة عدم استطاعته الوفاء بالدين الذي عليه؟

    الجواب: إذا كان له أسباب وله كسب يستطيع الوفاء منه، لا بأس يستدين، إذا كان عنده يعني وفاء، عنده أسباب يوفي منها، أما إذا كان لا، ليس عنده شيء فلا يستدين؛ لأن استدانته ضياع لحق الناس، فلا يستدين بل يتصل بالمكتبات ويطالع في المكتبات التي فيها الكتب ويستعير من إخوانه وينتفع بذلك، ولا حاجة إلى الاستدانة، وإذا استدان وغلط، واستدان وما عنده وفاء يبيعها ويوفي أهل الدين، ولا يتساهل في حق المسلم.

    1.   

    حكم من نسي القرآن بعد حفظه

    السؤال: هل يأثم المسلم إذا حفظ القرآن الكريم ثم نسيه، وذلك لوجوده في مكان أجبر على الذهاب إليه فلم يستطع التفرغ للقرآن الكريم كما كان؟

    الجواب: لا يأثم بذلك، لكن عليه أن يجتهد؛ لأن الإنسان من طبيعته النسيان، وليس كل أحد يستطيع أن يسلم من ذلك، المقصود أنه لا يأثم بذلك، لكن يجتهد ويحرص على بقاء الحفظ ومراجعة محفوظاته، والحمد لله.

    1.   

    حكم التخلف عن صلاة الجماعة بسبب النوم

    السؤال: هل النوم يعد عذراً للتخلف عن صلاة الجماعة أو تأخيرها بحيث لا يخرج وقتها، خاصةً إذا كان الإنسان مجهداً في عملٍ معين، وذلك لحديث: (من نام عن صلاة أو نسيها)، وحديث: (رفع القلم عن ثلاثة -وذكر منها- النائم)، أم يجب إيقاظ النائم في أول وقت الصلاة، أم يجوز تأخيره بحيث لا يخرج الوقت، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا كان معذوراً يعني: فعل الأسباب واجتهد، ولكن غلبه النوم، فلا بأس، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: (من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)، وقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم مرات في السفر، ناموا عن الصلاة فلما استيقظوا قضوا، ولكن مع الحيطة، بحيث يجعل ساعة يوكدها على وقت الصلاة، أو بعض أهله يوقظونه، ولا يسهر بل يبكر بالنوم، يعني عليه أن يتعاطى الأسباب التي تعينه على القيام، فإذا غلب ولم تنفع الأسباب فهو معذور، أما أن يتساهل ويسهر الليل، ثم يقول: أقوم، هذا هو المفرط.. هو الذي تعاطى أسباب عدم القيام، فهو آثم، حتى يفعل الأسباب الشرعية من عدم السهر ومن جميع الأشياء التي تعينه على ذلك أو بعض أهله الذين يوقظونه، المقصود: لا بد من تعاطي الأسباب، فإذا تعاطى الأسباب الشرعية واجتهد ثم غلبه النوم فهو معذور.

    1.   

    حكم وقوع الطلاق إذا كان بالنية فقط

    السؤال: من الدمام هذه رسالة بعث بها مستمع رمز إلى اسمه بالحروف (ع. ع) يقول: نويت بقلبي ترك شيء وأن لا أفعل هذا الشيء وإلا فزوجتي طالق، قلت هذا في قلبي، ثم فعلت هذا الشيء بعد هذه النية فهل علي كفارة؟ وماذا يكون؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.

    الجواب: ما يتعلق بعمل القلب لا يترتب عليه حكم، ولا تطلق المرأة بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم)، فإذا كان نية فقط، فإنه لا يقع به الطلاق، وإنما الطلاق يقع بالألفاظ التي تصدر منك بنية الطلاق أو بألفاظ الطلاق كأن تقول: زوجتي فلان طالق أو هي طالق، أو مطلقة, باللفظ لا بالنية ,أو إذا فعلت كذا إذا خرجت من البيت فهي طالق، ناوياً الطلاق أنها تطلق، لا تنوي المنع، ليس قصدك المنع فقط، إنما تقصد منعها وإيقاع الطلاق عليها يقع، هكذا لو قلت: إذا كلمت فلاناً، إذا لم تصنع كذا -قصدك الطلاق- قصده إيقاع الطلاق يقع.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم, سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نسأل الله ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755765893