إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (231)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الموالد المصحوبة بضرب السيوف ودخول النار

    المقدم: أيها الإخوة في الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم بتحية الإسلام الخالدة، التي نستهل بها لقاءنا مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    ويسعدنا أن نلتقي بسماحته، وأن يكون ضيف لقائنا في هذه الحلقة الجديدة من برنامج نور على الدرب، الذي يتولى فيها سماحته الإجابة مشكوراً على أسئلتكم واستفساراتكم.

    أولاً: نرحب باسم السادة المستمعين بسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم وبارك في المستمعين.

    ====

    السؤال: الرسالة الأولى وصلت إلى البرنامج من المرسل (م. ج) سوريا الرقة، يبدأ رسالته ويقول: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين؛ إنني من المستمعين إلى برنامج نور على الدرب، فهو الهادي إلى الطريق الصحيح.

    السؤال الأول في رسالته يقول فيه: يوجد عندنا في كل يوم جمعة أو إثنين حلقة ذكر يمدحون فيها الله والأنبياء والرسل، ثم يضربون أنفسهم بالسيوف أو بالأسياخ الحديد، أو يدخلون أنفسهم في النار ويقولون: إن في هذا الذي يفعلوه سراً بينهم وبين السيد -أي: الشيخ- الذي يأخذون عليه هذه الطريقة، وأنه لا يصيبهم أذى، أيضاً يمضون إلى السيد الخرفان والهدايا والفلوس ويذبحون له الذبائح ويقولون: هذا إلى الشيخ عبد القادر أو الدسوقي أو الشيخ فلان! أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    هذا السؤال له شأن خطير وهو واقع فيما بلغنا من أناس كثيرين، وهذا من عمل طائفة من طوائف الصوفية، وهو عمل منكر، أما ذكر الله والصلاة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هذا أمر مطلوب ومشروع، الله جل وعلا أمر عباده بالذكر وبالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، كما قال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42]، وقال عز وجل: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:190-191] الآية، ويقول جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً) فالإكثار من ذكر الله: تسبيحه وتهليله وتحميده وتكبيره واستغفاره أمر مطلوب، وهكذا الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين كله طيب، لكن عملهم هذا بصفة حلقات يفعلون فيه هذا العمل من ضربهم نفوسهم بالسيوف وغيرها من الآلات التي يضربون بها أنفسهم، ودخولهم النار كل هذا منكر وكل هذا شعوذة وتلبيس وخداع، وهذا عمل منكر ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولا فعله السلف الصالح من الأئمة الأربعة: مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة ، وغيرهم من أئمة الإسلام كالليث بن سعد والثوري وسفيان بن عيينة وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة الإسلام، هذا مما أحدثه الناس، فهو عمل منكر يجب الحذر منه، ويجب أن ينصحوا ويوجهوا إلى الخير، وإذا كان شيخهم أخذ عليهم هذا فقد أخطأ شيخهم، فعليهم أن يرجعوا عن هذا الخطأ وأن لا يقلدوا شيخهم في الباطل، فالإمام المتبع هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، هو إمام المسلمين وهو قائدهم وهو الواجب الاتباع، كما قال الله سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، وقال عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]، وقال سبحانه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80].

    فعلينا أن نطيع الرسول صلى الله عليه وسلم ونتبع ما جاء به في الكتاب العظيم والسنة المطهرة، أما عمل هؤلاء الذين يلبسون على الناس ويخدعون الناس بأعمالهم القبيحة، من ضربهم أنفسهم بالسياط أو بالسلاح أو بغيرها أو بالعصي أو بغير ذلك كله منكر، وهكذا دخولهم النار منكر أيضاً، النار لا يجوز دخولها ولا يجوز التلبيس على الناس بهذا الأمر، وقد يتعاطون أشياء يجعلونها في أجسادهم من أنواع المضادات للنار فيلبسون على الناس، ويزعمون أنهم بهذا أولياء، نعم هم من أولياء الشيطان، وإنما أولياء الله أهل التقوى والإيمان واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، قال جل وعلا: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63]، ويقول الله جل وعلا: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ [التوبة:100] هؤلاء ما اتبعوهم بإحسان، زادوا عليهم بدعاً كثيرة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا - أي: في ديننا- ما ليس منه فهو رد) يعني: مردود، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

    أما إهداؤهم الخرفان والنقود وغيرها من الأموال لشيخهم الذي يتقربون إليه ويذبحون له ويستغيثون به فهذا من الشرك الأكبر، طلب الأموات الغوث والمدد والتقرب إليهم بالذبائح والنذور هذا من الشرك الأكبر بإجماع المسلمين، بإجماع أهل العلم والإيمان من سلف الأمة، ولا عبرة بخلاف من تأخر عنهم في آخر الزمان ممن جهل دين الله، ورأى أن الشرك دين وقربة، هؤلاء لا عبرة بهم وليس عليهم معول، فالمقصود أن دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات أو بالجن أو بالملائكة وطلب الميت المدد من الرفاعي أو النبي صلى الله عليه وسلم أو العيدروس أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو الشيخ أحمد البدوي أو الحسين أو غير ذلك كل هذا شرك بالله، من طلبهم واستغاث بهم ونذر لهم وطلب منهم المدد عند قبورهم أو بعيداً من قبورهم هذا من الشرك الأكبر، ومن عبادة غير الله. فيجب الحذر من ذلك، ويجب تحذير الناس من هؤلاء الضالين حتى يتوب الله عليهم. نسأل الله لنا ولهم الهداية.

    1.   

    حكم الحلف بحياة الأنبياء والآباء والشرف والقرآن

    السؤال:السؤال الثاني في رسالة الأخ (م. ج) سوريا الرقة يقول فيه: عندنا الكثير من الناس يحلفون بغير الله، فهل هذا جائز؟ مثلاً يقولون: وحياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وحياة عيسى أو موسى عليهما السلام، أو وحياة القرآن، أو وحياة قبر أبوي، أو أقسم في شرفي. أفيدوني بهذا جزاكم الله خير الجزاء.

    الجواب: الحلف بغير الله لا يجوز، بل يجب أن يكون الحلف بالله وحده سبحانه وتعالى؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد أشرك) وفي اللفظ الآخر: (فقد كفر) وفي اللفظ الآخر: (فقد كفر أو أشرك)، فالحلف بغير الله من المحرمات الكفرية، ولكنه من الشرك الأصغر؛ إلا إذا قصد أن محلوفه عظيم كعظمة الله أو أنه يتصرف في الكون أو أنه يصلح أن يدعى من دون الله صار كفراً نعوذ بالله، فإذا قال: وحياة فلان أو وحياة الرسول أو وحياة عيسى أو وحياة موسى أو شرفي أو قبر أبي أو ما أشبه ذلك فكله حلف بغير الله وكله لا يجوز، أو حلف بالأمانة أو بالكعبة كل ذلك منكر. الواجب أن لا يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى أو بصفة من صفاته أو باسم من أسمائه عز وجل، والقرآن من كلام الله ومن صفات الله، فإذا قال: والقرآن أو وحياة القرآن فلا بأس؛ لأن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى، فإذا حلف بالقرآن أو قال: بعزة الله أو بعلم الله أو بحياة الله فلا بأس؛ لأن صفات الله يقسم بها، لكن المخلوقون لا، فلا يقسم بمخلوق، لا بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق ولا بالكعبة ولا بالأمانة ولا بحياة فلان ولا شرف فلان ولا غير ذلك؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام وحذر منه عليه الصلاة والسلام، وقال ابن عبد البر الإمام المشهور رحمه الله: أجمع العلماء على أنه لا يجوز الحلف بغير الله.

    فيجب على المؤمن أن يحذر هذه الأيمان الباطلة، وأن يحذر إخوانه من ذلك، وأن يدعوهم إلى أن يحلفوا بالله وحده سبحانه وتعالى.

    1.   

    شبهة عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنه لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: السؤال الثالث والأخير في رسالة الأخ (م. ج) سوريا الرقة يقول فيه: إن الذي يؤمن بالكتاب والسنة والرسل في قريتنا أو في مدينتنا ولا يؤمن بالأسياد الذين يضربون أنفسهم كما ذكرت يقولون عنه: أنت وهابي، ويزعمون أن هذا المذهب لا يعترف حتى بالرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام. أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء، وأرجو أن يطول الشرح عن ذلك؟

    الجواب: هؤلاء مثلما تقدم جهال أو ملبسون مخادعون قاصدون لإضلال الناس، فهم بين جهل وضلال وبين خداع وتلبيس، فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر ويعلم أن محمداً رسول الله عليه الصلاة والسلام ينكر عملهم هذا السيئ، ينكر عملهم وطعنهم أنفسهم بالسلاح أو إدخالهم أنفسهم في النار أو تقربهم إلى أسيادهم بالذبائح والنذور، كل هذا ينكره أهل العلم بالله، وينكره أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما أنكره الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر منه؛ لأنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وليس هذا العمل من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا من أمر أصحابه، ولا من دين الله الذي جاء به نبيه صلى الله عليه وسلم فهو باطل.

    وأما الوهابية فهم أتباع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله، وهو إمام مشهور دعا إلى الله عز وجل في نجد في القرن الثاني عشر إلى توحيد الله وإلى التمسك بالإسلام وإلى تحكيم الشريعة المطهرة، وحذر الناس من الغلو في الأنبياء والصالحين وعبادة القبور وعبادة الأشجار والأحجار، ودعا الولاة في زمانه والأمراء والعامة إلى توحيد الله والإخلاص له واتباع الشريعة وتعظيمها، وإقامة الصلوات في المساجد، والمحافظة على شعائر الله، فيسر الله له الأنصار والأعوان من آل سعود وقام دين الله بأسباب دعوته في الجزيرة العربية، وظهر الحق وانتصر، وخذل الله الباطل، وحكمت الشريعة الإسلامية في هذه الجزيرة بأسباب دعوته، ولم نزل بحمد الله في آثارها وفي بقاياها نسأل الله أن يثبتنا والمسلمين على الحق والهدى، فالشيخ محمد رحمه الله وأتباعه هم من أنصار الحق ومن دعاة الهدى، وهم الذين نصروا دين الله في وقت الغربة في القرن الثاني عشر وأعلوا كلمة الله وجاهدوا عليها، وحكموا شرع الله، وهو يدعو إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى تعظيم شريعته واتباع ما جاء به، والناس يكذبون عليه وعلى أتباعه، يقولون: إنه لا يصلي على النبي، ويقولون عنه إنه يقول: عصاي أحسن من النبي، كل هذا من الباطل ومن أكاذيب أعداء الله، فهو يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب الناس إليه، وأنه أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، سيد ولد آدم، وهو أفضل عباد الله، وهو إنما قام يدعو إلى شريعته وإلى اتباع ما جاء به عليه الصلاة والسلام، وهو ممن يعظم أمر الله ونهيه وينادى في بلاده: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله، ويرى رحمه الله أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التحيات في آخر الصلاة ركناً من أركان الصلاة، فكيف يقال: إنه لا يصلي عليه وهو يرى أن الصلاة عليه ركن من أركان الصلاة في آخر التحيات في آخر الصلاة، ولكن أعداء الله عندهم الكذب والتلبيس والبهتان، وعدم المبالاة بأمر الله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    1.   

    كيفية رد السلام المسموع عبر الإذاعات

    السؤال: هذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع (ن. أ. غ) من بنجلادش ومقيم في الإمارات العربية المتحدة، يقول في رسالته وفي سؤاله الأول: ما حكم رد السلام المذاع عبر الإذاعة؟ وما كيفيته أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: يرد عليه مثلما سلم، هذا هو الأظهر، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإذا قال: السلام عليكم فقط يقال: وعليكم السلام، وإن زادوه: ورحمة الله وبركاته فهذا أفضل كما يسلم على من سلم عليك في الطريق.

    1.   

    حكم أكل اللحوم المثلجة المستوردة من بلاد الكفار

    السؤال: السؤال الثاني في رسالة الأخ (ن. أ. غ) بنجلاديشي مقيم في الإمارات العربية المتحدة يقول فيه: ما حكم أكل الدجاج والأبقار والأغنام المثلجة المستوردة من بلاد الكفار أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: هذه اللحوم المثلجة من أبقار وأغنام وغيرها لا بأس أن تؤكل إذا كانت مستوردة من بلاد أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى؛ لأن الله أحل لنا ذبائحهم، فلا بأس أن نأكل ما يستورد منهم إلا إذا علمنا أنه ذبح على غير الشريعة، فإذا علمنا أن هذه الذبيحة ذبحت على غير الشريعة، أو أنها مستوردة من الشركة الفلانية التي تذبح على غير الشريعة بالصعق أو غيره من أنواع الخنق أو غير ذلك فلا نأكله، أما ما دمنا لا نعلم وقد استورد من بلاد فرنسا أو أمريكا أو انجلترا أو غيرها من دول النصارى فلا حرج علينا، وهكذا ما يكون من بلاد اليهود لو كان بيننا وبينهم اقتصاد فإنهم من أهل الكتاب قاتلهم الله وكفانا شرهم.

    1.   

    حكم الاستماع إلى قراءة النساء للقرآن

    السؤال: السؤال الثالث والأخير في رسالة الأخ (ن. أ. غ) بنجلاديشي مقيم في الإمارات العربية المتحدة يقول فيه: ما حكم الاستماع إلى تلاوة النساء في مسابقات القرآن الكريم التي تقام سنوياً في بعض البلاد الإسلامية، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: لا أعلم بأساً في هذا الشيء، إذا كان النساء على حدة والرجال على حدة من غير اختلاط في محل الإذاعة، بل يكن على حدة ومع تسترهن وتحجبهن عن الرجال، وأما المستمع فإن استمع للفائدة والتدبر لكلام الله فلا بأس، أما مع التلذذ بأصواتهن فلا ينبغي، الأصل في هذا المنع إذا كان القصد التلذذ بأصواتهن والشهوة بأصواتهن، أما إذا كانت القصد من الاستماع الفائدة والتلذذ بسماع القرآن والاستفادة من القرآن فلا حرج إن شاء الله في ذلك.

    1.   

    حكم نقل الزكاة من بلدة إلى أخرى لمصلحة شرعية

    السؤال: هذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع شرابي عبد الرحمن من الرباط المملكة المغربية، يبدأ رسالته بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، أحييكم بتحية الإسلام العطرة وسلاماً تاماً وبعد، يسرني ويسعدني جداً أن أبعث إليكم بهذه الرسالة الأولى من نوعها وذلك بعد مدة طويلة من الاستماع إلى إذاعة نداء الإسلام، وبالأخص البرامج الدينية التي تجيبون فيها على أسئلة المستمعين الدينية، والحقيقة إنني معجب ببرنامج نور على الدرب، وأشكر جميع السادة العلماء الذين يتفضلون بالإجابة على أسئلة المستمعين الدينية طبقاً للكتاب والسنة، وأريد أن أشارك في هذا البرنامج الديني بهذا السؤال: في إحدى خطب الجمعة بأحد مساجد مدينة الرباط قال الخطيب بأن الزكاة لا يجب توزيعها خارج المدينة التي يقيم فيها الإنسان، ويضيف بأن زكاة التجارة يمكن أن يعطيها الإنسان لشخص واحد.. شخص من أقاربه يعمل في التجارة وفي كل عاشوراء من كل سنة يقوم بإغلاق متجره ويقوم بإحصاء سلعته لكي يعرف مقدار الزكاة التي يمكن إخراجها حسب الشرع الإسلامي، وبعد ذلك يقوم بإعطاء الزكاة لكل من يأتيه إلى المتجر من المساكين والفقراء، كما يوزعها على من يعرف في المدينة من المحتاجين ثم يجمع الباقي ويرسله إلى قريته التي ولد فيها، وإلى القرى المجاورة لقريته حيث يقوم بتوزيعها -أي: الزكاة- على المحتاجين من أقاربه وغيرهم. فهل يجوز ذلك، أم لا، أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: توزيع الزكاة في البلد إذا كان فيها فقراء محاويج أفضل، وهكذا ما يقاربها من البلدان التي في حكمها ليست محتاجة إلى سفر، فهذه البلدان المتجاورة والمتقاربة التي لا تبعد عن بلده مسافة القصر هذه كلها في حكم البلدة الواحدة، فإذا وزع فيها الزكاة على فقرائها لكان أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ لما بعثه اليمن قال: (وأخبرهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد لفقرائهم) فظاهر هذا أن فقراءهم الأدنين أولى من غيرهم، فإذا وجد الفقراء المحتاجون في البلد أو ما يقاربها ووزعت لهم الزكاة كان هذا أفضل وأولى، وإن دعت الحاجة إلى نقلها إلى فقراء في بلاد بعيدة، أو إلى المجاهدين في سبيل الله المحتاجين للمال أو إلى أقارب مستحقين أو إلى طلبة العلم الذين قد تفرغوا لطلب العلم الشرعي واحتاجوا إلى المساعدة هذا لا بأس به في أصح قولي العلماء، فنقلها للمصلحة الشرعية لا بأس به، وقد كانت تنقل الزكاة من بلدان كثيرة إلى النبي في المدينة وهو عليه الصلاة والسلام يوزعها على الفقراء، فنقلها من بلد إلى بلد لمصلحة شرعية لا بأس، لكن الأفضل إذا كان أهل البلد محاويج وفقراء فإنه يوزع بينهم، وإن كان عنده فضلة لأن زكاته كثيرة ويستطيع أن يعطي هؤلاء وهؤلاء جمع بين المصلحتين، فأعطى الموجودين كفايته ونقل الباقي إلى جهات أخرى.

    وبكل حال فتوزيعها في البلاد المحتاجة القريبة أفضل، وإذا نقل شيئاً منها أو نقلها لمصلحة شرعية كأقاربه المحاويج أو المجاهدين في سبيل الله أو طلبة العلم المحتاجين طلبة العلم الشرعي أو لمن هو أشد حاجة في بلد أخرى فالصحيح أنه لا حرج في ذلك.

    1.   

    حكم استعمال الموسيقى في الأناشيد الإسلامية

    السؤال: وهذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع علي صالح حسين يبدأ رسالته بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. إخوة الإسلام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن هذا البرنامج -أي: برنامج نور على الدرب- حقاً يجعل المسلم متفقهاً في دينه، بل يجعله عالماً إذا صح القول، وإنني لأشكر جزيل الشكر إخوة الإسلام العلماء الأفاضل الذين فكروا في هذا البرنامج، ولا أنسى أن أشكرهم دائماً.

    أيها الإخوة! لي أسئلة واستفسارات وهي:

    أولاً: عن الموسيقى؛ قرأت عن الموسيقى كتاب الحلال والحرام في الإسلام للأستاذ يوسف واتضح لي من قراءتي هذه أن الموسيقى حلال، وسألت أحد المشايخ في منطقتي في أرتريا لأزداد علماً؟ فقال لي: لا بأس بها إذا استعملت في المناسبات وأناشيد إسلامية، وأيضاً سمعت من أحد الدعاة يحرمها تحريماً قاطعاً، والسؤال هنا: هل حرام إذا استعملها المسلم في أناشيد إسلامية وذلك في المناسبات فقط؟ إذا كان الجواب بنعم فما هو دليل الذين يحللون ذلك؟ وما هو موقف الإسلام منهم أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: الموسيقى وأشباهها من آلات الملاهي لا شك في تحريمها، وأنها من المعازف المحرمة، والدليل على هذا قوله جل وعلا وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [لقمان:6] قال أكثر أهل التفسير: إنه الغناء، قال جماعة منهم: ويلحق بذلك كل آلة ملهاة من مزمار وعود وغير هذا، والموسيقى من أشد آلات الملاهي إطراباً وإشغالاً ولهواً، فهي فيما نعتقد محرمة لهذه الآية ولما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري في الصحيح، فالحر: هو الزنا، والحرير معروف لا يجوز للرجال، والخمر معروف.. محرمة على الجميع وهو كل مسكر، والمعازف هي آلات اللهو والغناء عليه والعزف عليها، وما ذاك إلا لأنها تصد القلوب عن ذكر الله وتمرضها وهي تجرها إلى أنواع من الباطل، تشغلها عن ذكر الله وعن قراءة القرآن، فالذي نعتقده هو القول بتحريمها وسائر آلات اللهو والطرب، ومن قال بحلها فنعتقد أنه قد أخطأ والله يعفو عنه، نعتقد أنه قد غلط نسأل الله أن يعفو عنا وعنه وعن جميع المسلمين، والواجب على المسلم هو أن يتحرى الحق فيما يختلف عليه الناس فيه؛ لأن الله يقول سبحانه: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر [النساء:59]، فإذا رددنا هذا الأمر إلى الكتاب والسنة وجدنا الكتاب يحذر من اللهو وهي من آلات اللهو، ووجدنا السنة تحذر من المعازف وهي من المعازف، مع أنه ورد في الباب أشياء أخرى تؤيد ذلك، فينبغي للمؤمن أن يحذرها وأن لا يغتر بقول من أحلها، ونسأل الله أن يوفق المسلمين جميعاً وولاة أمرهم لكل ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأن يوفق علماء المسلمين لإصابة الحق فيما يفتون به وفيما يأتون ويذرون، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن يمنحهم وإيانا وسائر إخواننا صلاح النية في القول والعمل.

    1.   

    حكم من حلف على ترك معصية فوقع فيها

    السؤال: الأخ المستمع (أ. ب. ك) محافظة دهوك العراق يقول في رسالته: إني شاب مسلم في العشرين من العمر غير متزوج أصوم شهر رمضان المبارك منذ تسع سنوات، وأصلي حسب الأصول والحمد لله، أحب ديني الإسلام إلى درجة كبيرة جداً، وختمت القرآن مرات عديدة، ولكن مع الأسف الشديد لي شهوة جنسية عالية وقد ارتكبت خطأً كبيراً وتبت بعد ذلك، وقد حلفت أن لا أفعل مرة أخرى، وإذا فعلت فأنا لست على دين الإسلام، وقد ارتكبت نفس الخطأ مرة أخرى ومع الأسف الشديد الآن تبت إلى الله ولن أفعل مرة أخرى بإذن الله، أرجوكم أرشدوني كيف أخلص نفسي من عذاب الله؟ وماذا أفعل تجاه هذا الحلف وجزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب: الحمد لله الذي هداك للتوبة وأرشدك إليها، وأبشر يا أخي! إنك على خير إن شاء الله، والتوبة تجب ما قبلها، ولو عدت ما دمت تبت توبة صادقة في الأول وفي الآخر فاحمد الله على ذلك، قال الله جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] فجعل التوبة طريق الفلاح، فقد أفلحت إن شاء الله في ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التوبة تجب ما كان قبلها) يعني: تزيل وتهدم ما كان قبلها، فإذا كان الكفر وهو أعظم الذنوب إذا تاب الإنسان منه غفره الله، كما قال عز وجل: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، فالكفر أعظم الذنوب ومتى تاب الإنسان منه تاب الله عليه، إذا تاب صادقاً ندم على الماضي وعزم أن لا يعود فيه وأقلع منه تاب الله عليه، وهكذا الزنا وسائر المعاصي من تاب منها توبة صادقة بالندم على الماضي والإقلاع من الفاحشة والعزم الصادق أن لا يعود فيها فإن الله يمحوها عنه ويكفرها له، أما اليمين فعليك أن تكفر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الأرز أو غيرهما من قوت البلد، أو تكسوهم كسوة كل واحد تعطيه قميصاً أو إزاراً ورداءً، هذه كفارة يمينك والحمد لله، ونسأل الله لك الثبات على الحق، والعافية من نزغات الشيطان إنه جل وعلا جواد كريم.

    المقدم: أحسن الله إليكم! أيها الإخوة في الله! باسمكم جميعاً نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، على هذا اللقاء في برنامج نور على الدرب، الذي أجاب فيه سماحته مشكوراً على أسئلة الإخوة المستمعين: المستمع (م. ج) سوريا الرقة، المستمع (ن. أ. غ) من بنجلادش ومقيم بدولة الإمارات العربية المتحدة، المستمع شرابي عبد الرحمن الرباط المملكة المغربية، المستمع علي صالح حسين من أرتريا، المستمع (أ. ب. ك) محافظة دهوك بالعراق.

    أيها الإخوة الأكارم! شكراً لكم على حسن إنصاتكم ومتابعتكم للبرنامج، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى من لقاءات الخير والبركة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755819522