إسلام ويب

دروس من الأحداث الأمريكيةللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد عرت أحداث الحادي عشر من سبتمبر زيف الحضارة الغربية، وكشفت الوجه الحقيقي للحرية الأمريكية المزعومة، بل لقد حركت العالم كله، ليعلم أن قوة الله أعظم من كل قوة، وأن هيبة أمريكا وهيمنتها إنما هي حرب نفسية، وأكاذيب إرجافية، كما أنها أبانت أن شمس الإسلام ستشرق من جديد ولو كره الكافرون.

    1.   

    الله الملك الحق

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الفضلاء الأخيار! وأيتها الأخوات الفاضلات! وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار كرامته؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! دروس من الأحداث الأمريكية، هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الأغر الميمون المبارك، وكعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا، فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع في العناصر التالية: أولاً: الله الملك الحق. ثانياً: هذه حضارتنا وتلك حضارتهم. ثالثاً: الضنك والشقاء ثمرة الإعراض عن الله. رابعاً: الأيام دول. وأخيراً: وستشرق شمس الإسلام من جديد. فأعيروني القلوب والأسماع، والله أسأل أن يقر أعيننا جميعاً بنصرة الإسلام وعز الموحدين، وهزيمة الشرك والمشركين، وخذلان الظالمين والمجرمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أولاً: الله الملك الحق: لقد أثبتت الأحداث الأمريكية الأخيرة أن القوة العظمى التي نجحت بحدها وحديدها، وإعلامها الذي يحرك دفته اليهود، أن تقنع أصحاب القلوب القلقة التي فرغت من الإيمان، وأن تخدع كثيراً من أهل الأرض أنها القوة المتحكمة في الكون، وأنها المدبرة لأمر الكون، وأنها الحارسة لسماء الكون، وأنها الحارسة لأرض الكون لا تساوي شيئاً؛ فقد أراد الله جل وعلا أن يُعلِم القوة العظمى أن الذي يدبر أمر الكون وحده هو الملك الحق. أتاها الله عز وجل من سمائها، تلك السماء التي ادعت أمريكا أنها قادرة على التحكم فيها، فلا تستطيع ذبابة -فضلاً عن صاروخ أو طائرة- أن يقتحم المكان الجوي فوق وزارة الدفاع (البنتاجون) فشاء الملك الحق أن تُغزا القوة العظمى في الأرض من قبل هذه السماء. تدبر معي قول الله: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ [الأنعام:65]، وقوله جل جلاله: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [الرعد:11]، وقوله جل جلاله: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا * وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا [الكهف:58-59]. فما من مؤمن على وجه الأرض إلا وهو يعلم الآن يقيناً لا تزعزعه رياح الشك والريبة أنه ما من ذرة في الكون إلا وهي في قبضة الملك الحق، وما من ورقة تسقط إلا بأمره وعلمه، فلا تخرج دبابة ولا تنطلق طائرة ولا يسقط صاروخ ولا تدك الأرض قنبلة إلا بأمر الملك الحق الذي يدبر الكون كله، قال جل جلاله: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59]. ما أود أن أؤصله اليوم ابتداء كأعظم دروس هذه الأحداث: أن نعلم يقيناً أن الله جل وعلا هو الذي يدبر أمر الكون، ولا تستطيع قوة على وجه الأرض مهما أوتيت من القوى، والوسائل العلمية، والتخطيط الهائل لحرب الإرهاب -زعموا- لا تستطيع هذه القوة أن تحول بينها وبين قدر أراده لها الملك الحق. السلاح الأمريكي الذي يخوف به العالم الآن، شاء الله جل وعلا مرة أخرى أن يبين لأهل الأرض أن أمريكا التي استطاعت أن تخدع العالم كله بأنها تملك من السلاح ما تقدر به أن تبيد البشرية؛ وشاء الله جل وعلا أن يتضح لنا في الأيام الماضية أنها ما فعلت شيئاً، فما يزيد على ألفي صاروخ وقنبلة سقطت في الأيام القليلة الماضية على أرض أفغانستان، ولو كانت الأمور تسير بالقوانين الأمريكية، والخطط الاستراتيجية المعدة، ما وجدنا بأفغانستان على الأرض من سبيل، ولكن شاء الله أن يبقيها، وأن يبقي الثلة الطيبة المباركة من طالبان، تلك الثلة التي تعلن الآن أنها تنتظر الجنود الأمريكان لتلقنهم درساً على الأرض كما لقنت الروس والبريطان! أمر عجب! لابد أن تعي القلوب القلقة هذه الدروس، فالذي يدبر الكون هو الله وليست أمريكا بأسلحتها، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة واللفظ لـمسلم : (جاء حبر من أحبار اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! إنا نجد مكتوباً عندنا في التوراة أن الله تعالى يجعل السموات على إصبع)، تدبر أيها الموحد لله! فالسماء كلها على إصبع واحد من أصابع الملك الحق! (إنا نجد مكتوباً عندنا في التوراة أن الله تعالى يجعل السموات على إصبع، والأراضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والشجر على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، وقرأ قول الله جل وعلا: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67]). وفي الصحيحين من حديث ابن عمر واللفظ لـمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يطوي الله جل وعلا السموات والأرض بيمينه يوم القيامة ويقول: أنا الملك! أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟)، وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري واللفظ لـمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه). عباد الله! لا تنخدعوا بأي قوة على وجه الأرض، فإذا كانت أمريكا هي القوة العظمى، فالله هو القوي الأعظم، الملك الحق الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. الله اسم لصاحبه كل جلال. الله هو اسم لصاحبه كل كمال. الله اسم لصاحبه كل سلطان وجلال. الله هو الاسم الذي ما ذكر في قليل إلا كثره. الله هو الاسم الذي ما ذكر عند خوف إلا أمنه. الله هو الاسم الذي ما ذكر عند كرب إلا كشفه. الله هو الاسم الذي ما ذكر عند هم إلا فرجه. الله هو الاسم الذي ما تعلق به ضعيف إلا قواه. الله هو الاسم الذي ما تعلق به فقير إلا أغناه. الله هو الاسم الذي ما تعلق به ذليل إلا أعزه وآواه. الله هو الاسم الذي تستجاب به الدعوات. الله هو الاسم الذي تستنزل به الرحمات. الله هو الاسم الذي تقال به العثرات. الله هو اسم الذي لو عرفت الأمة قدره وجلاله لنصرها على أعتى القوى في الأرض بأمره وهو رب الأرض والسماوات، فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون:116]، فلابد أن تنتزع من القلوب هذه الحال من الخوف والهزيمة النفسية، فلقد أعلنت جرائدنا المبجلة الموقرة وصور إعلامنا الذي نام في العفن نوماً عميقاً، وصور لنا صاروخاً صدرته أمريكا إلى السماء للتجسس، وعلق تحت الخبر بأسلوب مزرٍ: صاروخ أطلقته أمريكا للتجسس، قادر على أن يسجل كل كلمة يتكلم بها أفغاني في أرض أفغانستان! وإلى الآن ما تمكنوا من الوصول إلى أي أحد! إنه الإرجاف، فتعالى الله الملك الحق.

    1.   

    هذه حضارتنا وتلك حضارتهم

    ثانياً: بإيجاز شديد! هذه حضارتنا وتلك حضارتهم: لقد صرح رئيس الوزراء الإيطالي الجاهل أن الحضارة الغربية يجب أن تتفوق على الحضارة الإسلامية، وأن الحضارة الإسلامية هي حضارة التطرف والإرهاب، وحاول بشتى الطرق أن يجمل وأن يزين اللفظ فما استطاع، وصدق ربي إذ يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ [آل عمران:118]. وصرح بوش أنها حرب صليبية ولو زين وجمل قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ [آل عمران:118]. وصرح رئيس وزراء بريطانيا بلير وقال: ها نحن قد عدنا يا ملا محمد عمر ! وصرح رئيس الوزراء الإيطالي بأن الحضارة الإسلامية حضارة يجب أن تزول، ويجب أن تهزم.

    حضارة الغرب الزائفة الهابطة

    أيها الأحبة: تعالوا بنا نعقد مقارنة سريعة بين حضارتهم وحضارتنا، ولنبدأ بحضارتهم: فحضارتهم هي الحضارة التي سبت رب العزة سباً فضيعاً منكراً، فنسبت عيسى ابن مريم ابناً لله جل وعلا، ففي جانب الاعتقاد: نرى عقيدة متعفنة، ونرى عقيدة لا أصل لها ولا صواب. حضارتهم هي التي دافعت عن الشذوذ الجنسي إلى هذه اللحظة. حضارتهم هي التي تدافع عن مصارعة الثيران. حضارتهم هي الحضارة التي تدافع عن العنصرية اللونية البغيضة وإلى هذه اللحظة. حضارة الغرب هي الحضارة التي أسقطت القنبلة النووية على هيروشيما وناجازاكي. الحضارة الغربية برائدة الإرهاب في الأرض أمريكا هي التي قتلت أربعة ملايين في الفيتنام. الحضارة الغربية هي الحضارة التي استخدمت أطفال المسلمين ولأول مرة في التاريخ كدروع بشرية في البوسنة والهرسك. الحضارة الغربية هي التي قتلت ما يزيد على مليون ونصف طفل من أطفال العراق. الحضارة الغربية هي التي دمرت مصنع الشفاء في السودان. الحضارة الغربية هي التي ما زالت منذ عشر سنوات تدك العراق والمدنيين في العراق دكاً. الحضارة الغربية هي الحضارة الظالمة التي أبادت الهنود الحمر من الأمريكان. الحضارة الغربية هي الحضارة التي استعبدت الزنوج لوقت من الزمان. الحضارة الغربية هي الحضارة التي فعلت بالإنسان على وجه الأرض ما تخجل الوحوش الضارية أن تفعله ببعضها البعض في عالم الغابات. هذه حضارتهم التي مجدت جانجاكروستو . تلك الحضارة التي مجدت العقد الاجتماعي الفاسد الباطل. تلك الحضارة التي مجدت المذهب الميكافيلي الخبيث. تلك الحضارة التي مجدت كل جاهليات الأرض. هذه هي الحضارة الغربية حضارة الإرهاب. الحضارة الغربية التي ما زالت إلى يومنا هذا تقصف العزل والمدنيين في أفغانستان ممن لا ذنب لهم ولا جريرة. الحضارة الغربية التي تكيل بمكيال واحد لا بمكيالين ألا وهو مكيال العداء للإسلام. الحضارة الغربية التي تمد اليهود بأحدث أنواع الأسلحة لتدك هذه الحضارة الغربية الغاشمة الظالمة الفلسطينيين العزل من الشيوخ والنساء والأطفال إلى هذه اللحظة التي أقف فيها على المنبر. الحضارة الغربية هي التي أعلن عضو بارز من أعضائها وهو الإرهابي الكبير بوتن فقال: إنني أحارب عدوي الأول ألا وهو الإسلام، وسأقضي على الإرهابيين في داغستان والشيشان؛ لأحول البقية الباقية منهم إلى النصرانية. إنها الحضارة التي قال عضو بارز من أعضائها: إن العرب صراصير ينبغي أن يبادوا من على وجه الأرض! إنها الحضارة التي قال عضو بارز من أعضائها: فليذهب العرب إلى الجحيم! إنها الحضارة الغربية التي تغذي الإرهاب والتطرف في قلوب الصغار والأطفال منذ الصغر كما تقول الملحمة الشعرية التي تسمى بإكليل الجبل، وهي الملحمة التي يحفظها الطفل الصربي، تقول كلماتها: سلك المسلمون طريق الشيطان. دنسوا الأرض ملؤها رجساً. فلنعد للأرض خصوبتها. ولنطهرها من تلك الأوساخ. ولنبصق على القرآن. ولنقطع رأس كل من يؤمن بدين الكلاب ويتبع محمداً. فليذهب غير مأسوف عليه. هذه هي الحضارة الغربية، في الجانب العقدي، وفي الجانب الأخلاقي، وفي الجانب الإرهابي، فهي الحضارة التي تغذي وتؤصل الإرهاب في الأرض على يد رائدة الإرهاب في الأرض أمريكا، وربيبتها على الأراضي المحتلة (إسرائيل) على حد زعمهم، وأنا لا أحب أن أستعمل هذه اللفظة. اليهود يمارسون الإرهاب في كل لحظة. والأمريكان مارسوا ويمارسون وسيمارسون الإرهاب. والروس يمارسون الإرهاب إلى هذه اللحظة. وعباد البقر في كشمير يمارسون الإرهاب إلى هذه اللحظة. والصربيون أصلوا الإرهاب وزرعوا جذوره في قلب البلقان. فهذه هي الحضارة الإرهابية المتطرفة اللصوصية الأصولية، الحضارة المتعفنة الروح والضمير، وأنا لا أنكر أن هذه الحضارة قد قفزت في الجانب المادي قفزات هائلة، ففجرت الذرة، وانطلقت إلى أجواء الفضاء، وغاصت في أعماق البحار، وحولت العالم إلى قرية صغيرة عن طريق هذا التكنيك العلمي المذهل في عالم الاتصالات والمواصلات، لا أضع رأسي في الرمال كالنعام لأنكر هذا الشق المهم من شقي الحضارة، إذ لابد لأي حضارة من شق مادي علمي وشق ديني أخلاقي، ولقد قفزت الحضارة الغربية في الجانب المادي، وانتكست في الجانب الأخلاقي والديني، ليتبين لنا أن الأصل الأصيل في أي حضارة هو جانبها الديني والأخلاقي، إذ إن الشق المادي لما غاب عنه الجانب الخلقي تحول هو ذاته إلى ضنك وشقاء ومصدر إبادة للجنس البشري كله. لما غاب الدين وغاب الخلق تحول الشق المادي إلى مصدر فزع، فالعالم الآن عالم مجنون، لو نظر العاقل إلى أحواله لضحك ضحكاً يشبه البكاء. تصور طائرة في سماء أفغانستان تسقط القنبلة التي تدمر مساحة من الأرض -كما يقولون- مثل مساحة استاد كرة رياضي، وبعد لحظات تسقط طائرة أخرى كيساً من الدقيق أو من الأرز! إنه قمة الاستخفاف والظلم! تطعم من استباحت دمه؟ تطعم من ذاق طعم الرعب! ماذا يأكل؟ وماذا ينتظر من يد تضربه بالرصاص في قلبه، وتمنحه الطعام من خلف ظهره؟! مات، قتل، ماذا يريد بعد ذلك؟ ماذا يريد من سالت دماؤه؟ ماذا يريد من هدم بيته؟ ماذا يريد من فقد والديه؟ ماذا يريد من فقد أولاده؟ ماذا يريد من فقد وطنه؟ ماذا يريد من يحال بينه وبين أن يمارس دينه بحرية؟ لا يريد شيئاً على الإطلاق، لكنه اللعب، لكنه الاستخفاف بالعقول، عالم يدمر، ثم بعد ذلك ترى الجمعيات الماجنة التي تطالب من الميسورين والأغنياء في العالم أن يساهموا بالتبرعات للاجئين الأفغان، ولإعادة تعمير أفغانستان مرة أخرى بعدما دمرتها الأسلحة الأمريكية! عالم مجنون بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

    رفعة الحضارة الإسلامية

    أما حضارتنا فنقول بملء الفم وأعلى الصوت: إنها حضارة لا وجه للمقارنة مطلقاً بينها وبين حضارات الأرض؛ لأن حضارات الأرض استمدت أصولها من الأرض، أما حضارة الإسلام فقد استمدت أصولها من السماء، فأصول الحضارة الإسلامية القرآن والسنة. هذه أصول حضارتنا: (القرآن والسنة) القرآن: كلام الله، والسنة: وحي الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتستمد الحضارة الإسلامية أصولها من هذين الوحيين، ومن هذين النورين المشرقين، أصلت عقيدة التوحيد، فلا ينبغي أن توجه القلوب ولا أن تصرف العبادة إلا لله الواحد الأحد؛ لتلم شمل وشتات الإنسان، فالإنسان المتوجه لإلهين مختلفين مشتت ، أما حضارة الإسلام، فهي الحضارة التي أصلت التوحيد.. الحضارة التي أصلت حقيقة العبودية لله جل وعلا.. حضارة الإسلام هي الحضارة التي أرست الخلق: خلق الأمن .. خلق التسامح .. خلق الوفاء بالوعود والعهود، ولم تكن مبادئ الحضارة الإسلامية كلمات لا تساوي قيمة الحبر التي كتبت به كما هو الحال في ميثاق حقوق الإنسان في هيئة الأمم. ولم تكن الحضارة الإسلامية تماثلاً يصدم الناظرين في قلب أمريكا ليرمز للحرية وهم يسحقون الأحرار خارج بلادهم وأرضهم. ولم تكن الحضارة الإسلامية كلمات حبيسة الأدراج كما هو الحال في الثورة الفرنسية التي حبست دستورها، أو حبست ما تحويه هذه الثورة من معانٍ جليلة عن مستعمراتها التي استعمرتها سنوات طويلة، ولكن الحضارة الإسلامية تحولت على أرض الواقع إلى منهج حياة، فهاهو المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي أصّل هذه الأصول يعلنها صريحة، ويقول: (أيها الناس! إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، إن آدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، وقرأ قول الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]). وهاهي امرأة من أشراف بني مخزوم تسرق، ويشفع بعض الصحابة لها عند رسول الله -والحديث في الصحيحين- فيغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً ويعلنها صريحة مدوية: (وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها). هذه هي الحضارة الإسلامية التي ما ذاق اليهود ولا النصارى طعم الأمن إلا في ظلالها، فهاهم اليهود يعرفون طعم الأمن سنوات طويلة حينما وفوا بالعهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وهاهم النصارى يذوقون طعم الأمن في ظلال الحكم الإسلامي. جاء عمر بن الخطاب من المدينة إلى بيت المقدس ليحقن دماء النصارى، وهو الخليفة الذي كان قادراً على أن يصدر الأوامر لجيشه المنتصر أن يفتح مدينة بيت المقدس عنوة ولكنه أبى، وأتى من المدينة إلى بيت المقدس ليمشي مسافة تزيد على ألفين وخمسمائة كيلو متراً من المدينة إلى بيت المقدس، لم يركب طائرة خاصة، ولا سيارة مكيفة، بل ولم يأت بموكب رهيب يتكون من آلاف الفرسان وآلاف الرجال والجنود، وإنما جاء في موكب مهيب في تواضعه، جاء يركب دابة واحده مع خادمه فقط، يركب عمر الدابة تارة بمقدار قراءة سورة يس -كما قال المؤرخون- وينزل الفاروق من على ظهر الدابة ليركبها خادمه بمقدار قراءة السورة، ثم يمشي عمر إلى جوار خادمه لتستريح الدابة بمقدار قراءة السورة، ولما وصل إلى مدينة بيت المقدس كانت الكرة في الركوب لخادمه، فأصر الخادم أن يركب أمير المؤمنين وأن يمشي هو فأبى، وأصر الفاروق على أن يركب الخادم -وأنا لا أقول هذا من أجل تضييع الوقت ولا لاستهلاكه، وإنما لأبين لحضراتكم حقيقة القلوب التي فتح الله بها بيت المقدس- ويركب الخادم ويجر الدابة له أمير المؤمنين عمر ، ويرى أبو عبيدة قائد الجيش هذا المشهد المهيب، وتعترض الدابة مخاضة ماء -بركة ماء- فيشمر الفاروق عن ساعديه، ويضع نعله تحت أبطيه، ويجر الدابة لخادمه، فيقول أبو عبيدة : مه يا أمير المؤمنين! والله ما أحب أن القوم قد استشرفوك -أي: لا أحب أن يراك القوم وأنت في هذه الحالة- فقال الفاروق الأواب: أوه يا أبا عبيدة ! لو قالها غيرك يا أبا عبيدة ! لأوجعته، لقد كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. هذه هي القلوب التي فتح الله لها بيت المقدس. ويستلم عمر مفاتيح المدينة المقدسة، ويعطي النصارى عهداً بالأمان لأموالهم ولأنفسهم ولكنائسهم، وألا تسكن كنائسهم وألا تهدم، ومن أراد منهم أن يخرج فله الأمان، ومن أراد أن يبقى في المدينة المقدسة فلا تؤخذ منه الجزية حتى يحصد حصاده. هذا هو الإسلام وهذه حضارته!! وفي هذه الحضارة الإسلامية يبرز جانباً رائعاً منها أمين سر رسول الله حذيفة بن اليمان ، والحديث في صحيح مسلم، يقول حذيفة : ما منعني أن أشهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل ، فأخذنا المشركون وقالوا: أتريدان محمداً؟ قلنا: لا. بل نريد المدينة، قال حذيفة : فأخذ علينا المشركون عهد الله وميثاقه ألا نقاتل مع رسول الله، وأن ننطلق مباشرة إلى المدينة، قال: فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قلت أنا وأبي وبما قاله المشركون -اسمع ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم- فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (انصرفا) -أي: لا تشهدا معنا المعركة- (انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم)، هذه حضارتنا.. إنها حضارة الإسلام!! وهذا أبو عبيدة يرسل كتاباً إلى عمر ليقول له: يا أمير المؤمنين! لقد أعطى جندي في الجيش عهداً بالأمان لأهل بلد من بلاد العراق، فماذا أصنع؟ اسمع ما قال عمر ؟ أسرع وأرسل كتاباً إلى أبي عبيدة ليقول بعد حمد الله والثناء عليه: من عمر إلى أبي عبيدة : سلام الله عليك وبعد، فإن الله قد عظم الوفاء ولا تكونون أوفياء حتى تفوا فوفوا لهم بعهدهم، وانصرفوا عنهم، واستعينوا الله عليهم. هذه حضارتنا التي تعظم الوفاء بالوعود والعهود!! حضارتنا التي تعظم الدماء!! حضارتنا التي تعظم الأمن والأمان!! حضارتنا التي لا تقر الإرهاب فوق أي أرض وتحت أي سماء، مهما كان لون الإرهاب ووطنه وجنسه!! حضارتنا التي أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن امرأة دخلت النار في هرة، وأن بغياً من بغايا بني إسرائيل دخلت الجنة في كلب!! حضارتنا .. حضارة العدل، تحرم الظلم والبغي والعدوان!! حضارتنا التي جلى عظمتها صلاح الدين يوم فتح بيت المقدس وأرسل طبيبه الخاص إلى عدوه اللدود وقائد الجيش الجسور ريتشارد قلب الأسد!! حضارتنا هي التي جلى محمد الفاتح عظمتها يوم فتح كنيسة (آياصوفيا)، وعلم العالم الصليبي الحاقد درساً من أعظم دروس التسامح والوفاء!! ويكفي أن نعلم أن حضارتنا تستمد أصولها وأخلاقها من كلام ربها وكلام نبيها صلى الله عليه وسلم. أيها الأخيار! حتى في الجانب المادي، والله الذي لا إله غيره ما قفزت أوروبا هذه القفزة العلمية إلا على أسس حضارتنا الإسلامية العلمية، ففي الوقت الذي أنار المسلمون الأندلس بضوء الكهرباء، كانت فرنسا ما زالت تعيش في الظلام، ولم تصل بعد إلى ضوء المصباح الكهربائي، وفي الوقت الذي رصف وعبد المسلمون طرق الأندلس، كانت إيطاليا وبريطانيا تعيش في الوحل والطين، ولم تعرف بعد الطرق المعبدة. لكنني أسجل أن المسلمين انتكسوا وتخلوا في الجانب المادي عن حضارتهم، وفي نفس الوقت أخذ الأوروبيون أسس وأصول هذه الحضارة، وطوروها وقفزوا قفزات علمية هائلة، إذ إن الحضارة في أي عصر ما هي إلا نتاج علمي وفكري لآلاف الأدمغة والرءوس التي عملت قبل ذلك. فمحال أن تقارن بين حضارة القرن العشرين وحضارة القرن الخامس عشر؛ محال لأن حضارة القرن العشرين ما هي إلا محصلة لنتاج عقلي وعلمي وفكري لآلاف الرءوس والأدمغة التي عملت في كل مجالات الحياة، فجاءت هذه الحضارة فجنت الثمار وطورت، وأنا لا أنكر ذلك.

    1.   

    الضنك والشقاء ثمرة الإعراض عن الله

    لا وجه للمقارنة بين الحضارة الإسلامية وبين الحضارة الغربية في جانبها العقدي.. في جانبها الأخلاقي.. في جانبها الروحي.. في جانبها الإيماني، فبالرغم من كثرة هذه الطائرات والدبابات والهيئات والمنظمات والأحلاف فهي محرومة من نعمة الأمن والأمان. على الرغم من التخطيط الهائل المبني على أسس علمية ونفسية لمحاربة الجريمة، فهي محرومة من الأمن والأمان. على الرغم من كثرة الوسائل الأمنية الحديثة، ويجتمع الرؤساء والخبراء والمحللون ويحللون ويبحثون وينفضون ولا حلول. ما زال آلاف البشر يبحثون عن الأمن وسط الركام، ما زال آلاف البشر ينتظرون الموت في كل لحظة، ضاقت الدنيا في وجوههم على الرغم من اتساعها، وأظلمت الدنيا في وجوههم على الرغم من كثرة أضوائها، والعالم كله محروم من الرخاء الاقتصادي على الرغم من كثرة الأسواق المشتركة، فما زال آلاف البشر يموتون من الجوع ولا يجدون لقمة الخبز، يموتون في العراء من شدة البرد، فالعالم محروم من راحة الضمير وانشراح الصدر وخلو النفس من المشاكل والأزمات والهموم، وكل هذا بسبب الإعراض عن الله ومنهجه. أخيراً سمعنا عن مرض فتاك جديد ما سمعنا عنه من قبل ألا وهو الجمرة الخبيثة، وتدبر لفظة الجمرة فأصلها من النار، وأنا لا أقول بأن الجمرة أتت من جهنم، لكن تدبر اللفظة: الجمرة الخبيثة، فالرعب يسود أمريكا إلى حد أنهم أغلقوا فيه الكونجرس الأمريكي، فالكل في حالة فزع، ولم لا وربك جل وعلا يقول: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، وربك جل وعلا يقول في الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)؟ فمن أجل ما يذيق الأمريكان الرعب للأفغان، يريد الله في هذا الوقت أن يذيق الأمريكي الرعب. إنه العدل! إنه الحق! وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وابن ماجة من حديث ابن عمر : (يا معشر المهاجرين! خمس إن ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم). إنها نتيجة عادلة، وثمرة مرة للإعراض عن الله، والظلم لعباد الله وخلق الله في أرض الله! صار المسلم الذي يدافع عن أرضه وعرضه ومقدساته هو الإرهابي الأصولي، اللصوصي المتطرف، الرجعي المتخلف المتأخر.. إلى آخر هذه التهم المعلبة التي تكال الآن للمسلمين كيلاً. لو حدث أي شيء في الأرض اتهم المسلمون في التو واللحظة قبل أي دليل أو تحقيق أو برهان، حتى اتهم الفلسطيني الذي يدافع عن عرضه ومقدساته بالإرهابي.

    1.   

    الأيام دول

    عنصرنا الرابع: الأيام دول: إن كانت الجولة الآن للغرب وأهله، فإن الله تبارك وتعالى يقول: وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140]. إن للحضارات دورات فلكية كما يقول المفكر الشهير سبلنجر ، إن للحضارات دورات فلكية، فهي تبرز هنا لتشرق هنالك. ثم يقول: وإن حضارة أوشكت على الشروق في أروع صورة ألا وهي حضارة الإسلام. نعم. إن الدولة والجولة الآن للغرب، لكن لابد أن نعلم أن لله سنناً ربانية في الكون، لا تتبدل ولا تتغير، ولا تحابي تلك السنن أحداً من الخلق بحال، فإن أخذ الغرب بأسباب القوة انتصروا، وإن تخلى المسلمون عن أسباب القوة هزموا؛ لأن الله لا يحابي أحداً من خلقه، لكن كما جعل الله تبارك وتعالى الابتلاء للمستضعفين سنة جارية للتمحيص والتمييز، فإن الله قد جعل أخذ الظالمين سنة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير. وأكرر: كما جعل الله الابتلاء والمحن والفتن سنة ربانية للمؤمنين للتمحيص والتمييز؛ ليثبت على الصف من صفت نفسه، وسمت همته، وصدق في عمله وقوله، وليطرد من الصف من حمل الدعوة والدين ليتاجر به في سوق الشهوات والمتاع، كما جعل الله ذلك كذلك؛ فلقد جعل الله أخذ الظالمين سنة جارية ثابتة لا تتبدل ولا تتغير. أين الظالمون وأين التابعون لهـم في الغي بل أين فرعون وهامان أين من دوخوا الدنيـا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان هل أبقى الموت ذا عـز لعزته أو هل نجا منه بالسلطـان إنسـان لا والذي خلق الأكوان من عدم الكـل يفنى فلا إنس ولا جـان أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ [الفجر:6-13]. (سوط) إنه العذاب الجزئي، وليس الاستئصال الكلي. إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14]. وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل:1-5]. فلقد أخذ الله عز وجل الظالمين في كل زمان ومكان، فلا تغتروا إن أمهل الله ظالماً، فإن الله يمهل ولا يهمل، وما ربك بظلام للعبيد. أيها المظلوم صبراً لا تهـن إن عـين الله يقضى لا تنـام نم قـرير العــين واهـ نأ خاطــراً بيـن الأنــام فعدل الله جل وعلا دائم بين الأنام، ولا يتخلى ربنا سبحانه وتعالى عن عدله قط في الدنيا والآخرة، وإن أمهل فلا يهمل، فالذي أخذ فرعون، وأخذ عاد، وأخذ قارون، وأخذ ثمود، ودمر قوم لوط، ودمر قوم صالح؛ هو الحي الباقي الذي لا يموت، ولا تعجزه أمريكا ولا بريطانيا ولا روسيا، لكننا نود أن نكون على مستوى هذا الدين لنكون أهلاً لنصرة رب العالمين. فوالله الذي لا إله غيره لو عادت هذه الأمة لربها، وأخذت بالأسباب قدر ما تستطيع، وعلقت قلوبها بمسبب الأسباب؛ لرأينا العجب العجاب، إذ إن الذي يدبر الأمر كله هو الله سبحانه وتعالى. أيها الأفاضل! ومع هذا الظلم الذي نراه، ومع هذه الصورة التي تؤلم كل قلب مسلم غيور، أقول بملء فمي وأعلى صوتي: اعلموا يقيناً بأن الجولة المقبلة وعن قريب بإذن الله ستكون لدين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فستشرق شمس الإسلام من جديد، وهذا هو عنصرنا الأخير، وأرجئ الحديث عنه في عجالة إلى ما بعد جلسة الاستراحة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    ستشرق شمس الإسلام من جديد

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: أيها الأحبة: وستشرق شمس الإسلام من جديد: أنا لا أقول هذا رجماً بالغيب، ولا أقول ذلك من باب الأحلام الوردية الجاهلة، ولا أقول ذلك من باب السياسة القاصرة، بل ولا من باب ضغط الواقع بجراحه وآلامه، إنما أقول ذلك من منطلق حقائق الوحي الرباني والنبوي.. قال الرب العلي، وقال الحبيب النبي. تدبروا معي هذه العبارة: (لو حورب دين على وجه الأرض بمثل ما حورب به الإسلام لما بقي لهذا الدين على وجه الأرض من سبيل). من أول لحظة ارتقى فيها المصطفى جبل الصفا، وأعلن هذا الإسلام، ورفع رايته، وإذ بمكة بكل أهلها ترغي وتزبد، وتدق طبول الحرب وتتوعد. أين كل العداء والحرب على الإسلام؟ هلك وبقي الإسلام، وسيبقى شامخاً ليعانق كواكب الجوزاء؛ لأن الذي وعد بإبقائه وإظهاره على الدين كله هو خالق الأرض والسماء، فاملأ قلبك رضاً وطمأنينة، فنحن لا نخشى على الإسلام، ولكن نخشى على المسلمين إن هم تخلو عن الإسلام، فسيضربون بالنعال، وسيشربون كئوس الذلة والمهانة إن هم تخلوا عن أصل عزهم ونبع شرفهم ومعين كرامتهم ووجودهم ألا وهو الإسلام. الإسلام دين الله، لا تملك أمريكا ولا بريطانيا ولا فرنسا ولا إيطاليا ولا روسيا، ولا تملك قوة على وجه الأرض أن تستأصله، أو أن تطمس نوره؛ لأنه نور النور، قال تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8]، تدبر اللفظ القرآني.. تدبر الكلمات القرآنية الجميلة وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8]، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:9]. وأنا أعترف أنني ما ذقت حلاوتها وما عرفت هذه المعاني الجليلة التي تتضمنها هذه الآية إلا في هذه الأيام القليلة الماضية ورب الكعبة، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنفال: 36]، صاروخ تزيد قيمته على مليوني دولار يسقط على خيمة قيمتها لا تزيد على عشرة دولارات كما صرح بذلك وزير الدفاع الأمريكي، بل ولقد نجح إخواننا في أفغانستان أن يضعوا أهدافاً وهمية -كما قرأت لطيار أمريكي يقول: نأخذ الخطة والهدف، وأصعد بحمولة الطائرة، وأصعد في السماء فلا أرى الهدف- أو إن شئت فقل -وأنا والله لا أستبعد ذلك ولا أستكثره على رب البرية- إن الله عز وجل قد يستجيب لدعوة مخلص صادق فينا يقول: اللهم شتت رميهم فيشتت الله رميهم، وأنا لا أستبعد ذلك. لقد صرح جنرال روسي وقال في حربهم مع الشيشانيين: إننا نرى عجباً مع هؤلاء، نخرج عليهم بعد تصويرنا لهم، فإذا انطلقنا وقربنا من هذا الهدف لا نرى شيئاً، فإذا هممنا بالانصراف رأيناهم يخرجون علينا، وهم يحرصون على الموت ولا نعلم من أين خرجوا؟! وعرفت بعد ذلك من خلال الأخبار التي تأتي على شبكة الإنترنت، وتعجبت من هذا الخبر، أن إخواننا يختبئون في مواسير الصرف الصحي، ثم تخرج عليهم مجموعات بعد ذلك بصورة تملأ قلوب الروس بالرعب والفزع؛ لأنهم يحرصون على الموت كحرص الروس على الحياة، فالله سبحانه وتعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنفال:36]، ليس لحرب الإرهاب بل لحرب الإسلام. أي إرهاب؟ إلى الآن لم تقدم أمريكا دليلاً واحداً تدين به المسلمين.. إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً [الأنفال:36]، هل تذوقت حلاوة اللفظة (ثم تكون عليهم حسرة). ثُمَّ يُغْلَبُونَ [الأنفال:36]، هل تصدقون الله؟ ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36] أي: لتتم هنالك في جهنم حسرتهم الكبرى. قال جل وعلا: حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ [يوسف:110]، فلم يقل: حتى إذا استيئس المؤمنون بل الرسل، حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا [يوسف:110]، فالنصر من عنده، والله الذي لا إله غيره ما كان النصر أبداً بعتاد ولا عدد ولا عُدد وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:126]. أنا أعي ما أقول: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [آل عمران:126].. حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ [يوسف:110]. قال جل وعلا: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:171-173] اللهم اجعلنا من جندك يا رب العالمين!

    (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار)

    أيها الأحبة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث ثوبان : (إن الله تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها). وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والطبراني من حديث تميم الداري أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليبلغن هذا الأمر) أي: هذا الدين (ما بلغ الليل والنهار). وأنا أتصور أن شطراً من هذه النبوءة النبوية قد تحقق بالأحداث الأمريكية، وإن كان المراد بأن الدين يبلغ كل بيت كما يبلغ الليل والنهار في كل أرض، فعلى ألسنة بوش ، ورئيس وزراء بريطانيا! ورئيس وزراء إيطاليا! لم يبق بيت الآن على وجه الأرض إلا وقد سمع عن الإسلام، وهذا شطر من النبوءة، والشطر الآخر هو أن يتمكن الإسلام، ويدخل البيوت منتصراً فاتحاً، فهذا موعود الله لرسوله صلى الله عليه وسلم لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:9]، (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر) وقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : (هل سمعتم بمدينة جانب منها في البحر وجانب منها في البر؟). النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الصحابة، (هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر، وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله!)إنها القسطنطينية -هذا الجواب من عندي- قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاءوها لم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم، وإنما قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانب المدينة التي في البحر، فإذا جاءوها الثانية لم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم وإنما قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر -يعني الذي في البر- فإذا جاءوها الثالثة لم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم بل قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفتح لهم -أي ربهم جل وعلا- فيدخلوها). قال الحافظ ابن كثير : وفي الحديث نبوءة نبوية تؤكد أن الروم سيسلمون في آخر الزمان، والروم هم الأوروبيون بلغة العصر. قال الحافظ : فسلالة بني إسحاق هم سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم ، وهؤلاء هم الروم. قال الحافظ : فهذه النبوءة النبوية تؤكد أن كثيراً من الروم -أي: من الأوروبيين- سيسلمون في آخر الزمان، وسيجعل الله فتح القسطنطينية على يد طائفة منهم ممن وحدوا الله وآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم.

    تزايد انتشار الإسلام في دول الغرب

    أيها الأحبة: تدبروا معي هذا الكلام العجيب: النسخ المترجمة للقرآن الكريم باللغة الفرنسية لم تعد نسخة واحدة في السوق بعد هذه الأحداث، وكذا نسخ القرآن المترجم بالإنجليزية في أمريكا، بل لقد اتصل أحد إخواننا بالأمس على أحد إخواننا، وأخبر بأن التجارة الرابحة الرائجة الآن في أوروبا هي تجارة الكتاب الإسلامي، فالكل يتطلع للإسلام، وأنا أقسم الأوروبيين الآن في تطلعهم إلى الإسلام، وهمهم للتعرف عليه إلى فريقين: الفريق الأول: فريق أقبل على القراءة عن الإسلام، والتعرف عليه من خلال حبه للقوة، فالأوروبي مفتون بالقوة، ويعتز بالقوة ويحترم الأقوياء، ففريق من الأوروبيين أقبل ليتعرف على الإسلام من خلال ما دسته في قلبه وعقله وسائل الإعلام الأوروبية من أن الذين قاموا بالتفجيرات الأمريكية هم المسلمون، فأقبل فريق كبير جداً من الأوروبيين يقرءون عن المسلمين وعن الإسلام، وعن تلك القوة الخارقة التي فعلت ما لا يصدقه عقل زعيم في الغرب أو في الشرق، فأقبل فريق منهم بروح الفتنة والافتتان بقوة المسلمين. سبحان ربي العظيم! وصدق النبي إذ يقول: (إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)، والحديث رواه الطبراني بسند حسن. يصرح فاجر بتصريح فيخدم بهذا التصريح هذا الدين!! والفريق الآخر: أقبل على القراءة للتعرف على الإسلام من خلال تصريحات زعماء العالم وذهابهم إلى المساجد والمراكز الإسلامية، فهناك من الأوروبيين -كما رأيت بنفسي أنا- من كان لا يعرف شيئاً على الإطلاق عن دين يسمى الإسلام، فلا يوجد الآن رجل أو امرأة أو صبي إلا وهو يعرف الإسلام، وقد أقام الله بهذه الأحداث الحجة على أهل الأرض، فسبحان ربي العظيم! لو اجتمعت الأمة بكل طاقتها الإعلامية لتعلم أو لتخبر العالم عن سماحة الإسلام ما فعلت مثلما فعل زعماء الغرب، وإن قالت ألسنتهم وكذبت قلوبهم، المهم أنهم قد صرحوا. تصوروا معي ما نشرته مجلة التايم الأمريكية، ومجلة صنداي تلجراف البريطانية، ومجلة لودين الفرنسية، وقد ذكرت هذا، وأكرره لأختم به اللقاء، ولنعلم أن النبوءة النبوية يهيئ الله الكون لها الآن. تقول مجلة التايم الأمريكية -وتدبروا هذه الكلمات، فلقد استعرت عنوان العنصر الأخير منها- وهي مجلة أمريكية مشهورة، تقول بالحرف في شبه ترجمة حرفية: وستشرق شمس الإسلام من جديد -اللهم عجل بإشراقها يا رب- ولكنها في هذه المرة تعكس كل حقائق الجغرافيا؛ لأنها لا تشرق من المشرق وإنما تشرق من الغرب من قلب أوروبا، تلك القارة العجوز التي بدأت المآذن فيها تزاحم أبراج الكنائس، وإن صوت الأذان كل يوم في قلب أوروبا خمس مرات خير شاهد على أن الإسلام يكسب كل يوم أرضاً أوروبية جديدة. جريدة صندي تلجراف تقول: إن انتشار الإسلام في القرن المنصرم وأوائل القرن الحالي ليس له من سبب مباشر، إلا أن سكان العالم من غير المسلمين بدءوا يتطلعون إلى الإسلام، وبدءوا يعلمون يقيناً أن الإسلام هو الدين الوحيد الأسمى الذي يمكن أن يتبع، وهو الدين الوحيد القادر على حل كل مشاكل البشرية. ومجلة لودين الفرنسية تقول في تقرير لعلماء استراتيجيين من العسكريين: مستقبل نظام العالم سيكون دينياً. وهذه حقيقة وسأفرد إن شاء الله تعالى محاضرة كاملة لما يسمونه بمعركة هرمجدون، هذا اليوم الذي اقترب والذي تكلمت عنه كل كتبهم، وهو موجود عندنا أيضاً بمعان أخر، وسأفصل ذلك تفصيلاً، وأذكر كلمات لزعمائهم القدامى والمعاصرين إلى رونالد ريجن فهم يقولون: مستقبل نظام العالم سيكون دينياً، والنظام الإسلامي سيسود على الرغم من ضعفه الحالي؛ لأنه الدين الوحيد الذي يمتلك قوة شمولية هائلة. أولم أقل: وستشرق شمس الإسلام من جديد؟ وعد الله ووعد رسول الله، وما علينا إلا أن نرتقي إلى مستوى هذا الدين.

    1.   

    وصايا

    وأختم هذا اللقاء ببعض الوصايا فأقول: أولاً: يحرم على أي مسلم أن يوالي أعداء الله في حربهم على المسلمين المستضعفين في أفغانستان. ثانياً: يجب على كل مسلم أن يوالي الله ورسوله والمؤمنين وأن يتبرأ من الشرك والمشركين، وأن يحول الإسلام في حياته وبيته ومتجره ومصنعه إلى واقع عملي ومنهج حياة. إن لم تستطع أن تجاهد بنفسك وهو الواقع، فعليك أن تجاهد بمالك.. تجاهد بكلمتك.. تجاهد بدعائك.. تجاهد بتربيتك لأولادك وامرأتك وبناتك تربية ترضي بها ربك تبارك وتعالى. ثالثاً: يجب علينا ألا نغفل عن الدعاء، ولا تحتقروا ما أقول، فإن الدعاء من سهام الليل، وقد كان الفاروق عمر رضي الله عنه يقول: (أنا لا أحمل هم الإجابة وإنما أحمل هم الدعاء، فمن ألهم الدعاء فإن الإجابة معه)، فتضرعوا إلى الله، واستغيثوا بالله، وقوموا بالليل بين يدي الله جل وعلا، واطرحوا القلوب بين يديه بذل وانكسار، وتضرعوا إليه فهو العزيز الغفار. اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، أن تنصر الإسلام والمسلمين. اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين! اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين! اللهم أعلي بفضلك كلمة الحق والدين. اللهم انصر إخواننا في أفغانستان، اللهم احفظهم بحفظك، واكلأهم بعنايتك ورعايتك! اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأطعمهم، اللهم إن أهل الأرض قد تكالبوا عليهم فلا تتخل عنهم. اللهم كن لهم ناصراً يوم قل الناصر، اللهم كن لهم ناصراً يوم قل الناصر، اللهم كن لهم معيناً يوم قل المعين. اللهم شتت رمي أعدائهم، اللهم شتت رمي أعدائهم، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم. اللهم عليك باليهود المجرمين، اللهم شتت رمي اليهود المجرمين، اللهم شتت شملهم، وشتت رميهم، ومزق صفهم، اللهم احفظ أهلنا في فلسطين، اللهم احفظ أهلنا في فلسطين، وفي الشيشان، وفي العراق، وفي كشمير، وفي كل مكان! اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين. اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا! اللهم هذه أمة حبيبك محمد، اللهم ارفع الهم والغم عنها، اللهم أزل همها واكشف غمها، وردها إليك رداً جميلاً! اللهم اجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، واستر عيبنا، وفك أسرنا، وتولى أمرنا، واكشف همنا، وأزل غمنا، واختم بالصالحات أعمالنا. يا غياث المستغيثين! يا غياث المستغيثين! يا غياث المستغيثين! يا مجيب المضطرين! يا مجيب المضطرين! يا كاشف الهم عن المهمومين، فرج كرب أمة سيد المرسلين، فرج كرب أمة سيد المرسلين، فرج كرب أمة سيد المرسلين! اللهم إنه لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، يا من عليه يتوكل المتوكلون! يا من إليه يلجأ الخائفون! يا من إليه يلجأ الخائفون! يا من بعظيم فضله تبسط الأيدي ويسأل السائلون! يا من بعظيم فضله تبسط الأيدي ويسأل السائلون! يا ودود! يا ودود! يا ودود! يا ودود! يا ودود! يا ودود! يا ذا العرش المجيد! يا ذا العرش المجيد! يا فعال لما يريد! يا من ملأ نوره أركان عرشه! يا من ملأ نوره أركان عرشه! يا ألله! يا ألله! يا ألله! يا ألله! اللهم إنا نستغيث بك فأغثنا، اللهم إنا نستنصر بك فانصرنا، اللهم إنا نستعين بك فأعنا، اللهم إنا نستجير بك فأجرنا، اللهم إنا نستجير بك فأجرنا! اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احفظ شيوخ المسلمين، وأطفال المسلمين، ونساء المسلمين! اللهم إنهم ضعاف فقوهم، اللهم إنهم أذلة فأعزهم، اللهم إنهم أذلة فأعزهم. يا رب ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واستجب دعاءنا، اللهم استجب دعاءنا، اللهم استجب دعاءنا! إلهي وسيدي ومولاي لا تخيب فيك رجاءنا، لا تخيب فيك رجاءنا! اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان وجميع بلاد المسلمين، ولا تجعل لأحد منا في هذا الجمع ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا زدته وثبته برحمتك يا أرحم الراحمين!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756539301