إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (69) - النوع السابع والستون في أقسام القرآن

عرض كتاب الإتقان (69) - النوع السابع والستون في أقسام القرآنللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أقسام القرآن من المعلومات المرتبطة بالقرآن، وتذكر لتوكيد أمر أو شأن ما، وكذا أهمية القسم به، وللأقسام في القرآن دلالاتها ومعانيها وفوائدها كغيرها من المعلومات والعلوم المتعلقة بالقرآن. ويرتبط القسم بعلم التفسير ويختلف فيه العلماء في الدلالة كسائر الاختلاف في علم التفسير

    1.   

    أقسام القرآن

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    الفرق بين العلوم والمعلومات المتعلقة بالقرآن

    فنأخذ اليوم النوع السابع والستين من أنواع علوم القرآن، كما كتبها الإمام السيوطي رحمه الله تعالى وهو: في أقسام القرآن، ولو تأملنا النوع الذي قبله وهو النوع السادس والستون، والذي كان في أمثال القرآن، وهذا النوع في أقسام القرآن، فقد سبق أن أشرت إلى أن أمثال القرآن هو من معلومات القرآن، وليس من علوم القرآن، على أن المراد بالعلوم المسائل المضبوطة ضبطاً خاصاً، بمعنى: أن عندنا بعض العلوم لها أصول وقواعد ومسائل، فهذه نطلق عليها علماً، وعندنا علوم المراد بها أنها معلومات، وليس المراد بها العلوم المضبوطة ضبطاً خاصاً.

    فإذا تأملنا فيما كتبه السيوطي رحمه الله تعالى في هذين النوعين علمنا أنه يشير إلى معلومات في القرآن، وليس إلى علوم مستقلة، بحيث نقول: إن هذه العلوم إذا أطلقت فإنها معروفة، وأنها تتجه إلى علم معين له مسائل مضبوطة بضبط خاص، فعلى سبيل المثال لما نأتي إلى علم القراءات، نجد له أصولاً ومسائل مضبوطة ضبطاً خاصاً؛ فإذاً نعتبره علماً، وإذا جئنا إلى علم النحو أو الإعراب فأيضاً له مسائل مضبوطة ضبطاً خاصاً، لكن في أمثال القرآن، وفي أقسام القرآن نجد أنها نوع من معلومات القرآن، وليس هناك كتب تكلمت عن أقسام القرآن أو أمثال القرآن على أنه علم أو نوع من العلوم المضبوطة ضبطاً خاصاً، فلكي نفرق بين هاتين المسألتين نقول: إنه إذا كان هناك ضبط لمسائل هذا العلم وهي معروفة، بحيث إذا قيل: المسألة الفلانية، قيل: هذه من علم كذا، مثلاً رفع الفاعل نقول من علم النحو، وضع الظاهر مقام المضمر من علم البلاغة، ولما نقول: الأمر يقتضي الوجوب من علم أصول الفقه، نلاحظ أنه لما صارت العلوم مضبوطة ضبطاً خاصاً فإن هناك من المعلومات أو المسائل ما يمكن أن ينسب إلى علمٍ من العلوم، لكن عندما نقول أمثال القرآن وأقسام القرآن فليست مضبوطة ضبطاً خاصاً ولها مسائل مستقلة بحيث أنه يقال: هذه من علم أقسام القرآن، مثل: الناسخ والمنسوخ مع أنه جزء من علم أصول الفقه إلا أنه اتخذ استقلالية بأن له مسائل مضبوطة ضبطاً خاصاً، فأيضاً يمكن أن يعد علم الناسخ والمنسوخ علماً بذاته.

    فالفارق عندنا في ذلك هو أن يكون لهذه المعلومات المرتبطة بعضها ببعض أن يكون لها ضبط خاص بمسائل وأصول وقواعد اتفق عليها العلماء في أن يجعلوها نوعاً من أنواع العلوم.

    وبناءً على هذا نقول: إن أقسام القرآن نوعٌ من أنواع العلوم التي تضمنها القرآن، مثل ما تكلم عن العلوم التي تضمنها القرآن في النوع الخامس والستين في العلوم المستنبطة من القرآن؛ لأن بعضها معلومات، وبعضها قد يكون علماً.

    ذكر من ألف في أقسام القرآن

    وأقسام القرآن كما ذكر أفرده ابن القيم بالتصنيف في مجلد سماه "التبيان" ، ولم يشتهر عند المتقدمين كتابٌ آخر في أقسام القرآن، وهذا لا شك أنه يشير إلى ما ذكرت من كون أقسام القرآن معلومات وليست علماً مستقلاً؛ لأنه حينما ننظر مثلاً إلى الوقف والابتداء، أو إعراب القرآن، أو معاني القرآن، سنجد لها أمثلة كثيرة من الكتب، أما أقسام القرآن فلا يكاد يذكر إلا كتاب ابن القيم رحمه الله تعالى، ثم عند المتأخرين كتاب المعلم عبد الحميد الفراهي : "الإمعان في أقسام القرآن" وهو كتاب نفيس، كما هو الحال في كتاب ابن القيم .

    فالمعلم الفراهي اطلع على تصنيف ابن القيم واستدرك عليه في بعض الأمور، خصوصاً فيما يتعلق بقضية التنظيرات التي في القسم، ذكر المؤلف ما يتعلق بأقسام القرآن كلاماً موجزاً؛ لأنه لم يطل فيه. وأيضاً نحن لا حاجة لنا في أن نطيل فيما يتعلق بالقسم.

    دلالة القسم وأمثلته

    لكن أحب أن أشير إلى فائدة مهمة جداً، وقد تطرق إليها بعض علماء التفسير، وهي أنه إذا وجد القسم خصوصاً في أوائل السور فعادةً ما يكون هناك علاقة بين المُقسم به وموضوع السورة، أو بين المُقسم به وشيء من الأمور المهمة في السورة، مثال ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مناسبة البدء بالقسم بقوله: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]، فإنه ذكر مناسبة لطيفة وهي أن الله سبحانه وتعالى قال: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا [الشمس:11]، ولم يذكر من الأقوام التي كذبت إلا ثمود، واستنبط من هذا أن الله سبحانه وتعالى قد بين الهدى لثمود كالشمس في رابعة النهار، قال الله سبحانه وتعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى [فصلت:17]، فكأنه يقول: من مناسبة البدء بالقسم بالشمس: أن هؤلاء القوم الذين ذكروا وجاء الخبر عنهم في قوله: كَذَّبَتْ ثَمُودُ [الشمس:11]، أنهم قد أروا الهداية وأبصروها كما يبصرون الشمس، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: وَالضُّحَى [الضحى:1] وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:2] مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:3]، يتناسب مع ما ذكر من سبب النزول في تأخر الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، فرجوع الوحي إليه كإشراق الضحى وكبدء النهار بالنسبة للإنسان، فبعض العلماء قد يستنبط نوعاً من المناسبات بين المقسم به وموضوع السورة، أو أحياناً موضوع المقسم عليه الذي هو جواب القسم إن وجد.

    وذكر من القضايا أن القسم لا يكون إلا بأمرٍ له شأن، وأن يكون الذي ذكره له به عناية، ولهذا بعض العلماء أيضاً نظر إلى هذه الأقسام التي وردت في القرآن، فمثلاً: في قوله سبحانه وتعالى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ [التين:1]، فإذا قلنا: إن المراد به نبات التين ونبات الزيتون فهو إشارة إلى ما فيهما من المنافع، وإن قلنا بالوجه الثاني من التفسير: أن المراد منابت التين والزيتون، فهو إشارة إلى أهمية هذه الأماكن، ولهذا عطف عليها قوله: وَطُورِ سِينِينَ [التين:2] وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ [التين:3]، فالقسم بهذه إنما هو إشارة إلى أهمية هذه الأماكن، وإشارة إلى أهمية منابت التين والزيتون، فيكون ذكر التين والزيتون إشارة إلى الأمرين معاً، إشارة إلى منابت التين والزيتون، وهي منطقة الشام ومنها خرج عيسى عليه السلام، وإشارة أيضاً إلى ما في التين والزيتون من المنافع.

    ثم في قوله: وَطُورِ سِينِينَ [التين:2]، إشارة إلى رسالة موسى عليه الصلاة والسلام، ثم في قوله: وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ [التين:3]، إشارة إلى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل، فإذاً هي إشارة إلى هذه المواطن التي كانت فيها النبوات، وأما كونه خص بنو إسرائيل دون غيرهم وذكر موسى وعيسى دون غيرهم من أنبياء بني إسرائيل فهذه تكلم عنها العلماء، وأشاروا إلى فوائد في ذلك، وكونه خُص هؤلاء لأنهم هم آخر الأمم الذين بعث فيهم الأنبياء، ثم انتقلت النبوة منهم إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وذكر فيهم أعظم نبيين وهم موسى عليه السلام الذي يبتدئ به تاريخ بني إسرائيل، والمقصود التاريخ الفعلي في حركة الانبعاث، وإلا قبلهم وكل من كان قبل موسى كيعقوب عليه السلام ويوسف عليه السلام هؤلاء لا شك أنهم من أنبياء بني إسرائيل، لكن تكوّن الأمة اليهودية الإسرائيلية إنما كان في مبعث موسى عليه السلام إليهم، وعيسى هو آخر أنبيائهم، وكان أيضاً هو وموسى عليهم الصلاة والسلام من أولي العزم من الرسل، فإذاً العلماء أحياناً يبحثون عن هذه المناسبات واللطائف الموجودة، وهي أيضاً محل للبحث.

    وسبق لما أخذنا ما يتعلق بالفواتح إشارة إلى أن بعض سور القرآن ابتدأت بالقسم، فكان عندنا أيضاً ما يتعلق بقضية الأنواع السابقة وما يتعلق بفواتح القرآن وأن القسم جزء مما استفتحت به سور القرآن.

    القسم الظاهر والمضمر

    ثم ذكر أن القسم ينقسم إلى ظاهر ومضمر، والظاهر كما هو معلوم أن يوجد فيه حرف القسم، مثل وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور:1-2]، والمضمر قسمان: قسم دلت عليه اللام مثل نحو: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ [آل عمران:186]، وهي التي تسمى باللام الموطئة للقسم، وقسم دل عليه المعنى مثل: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم:71]، وهذا قليل، فقوله: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم:71]كأنه بمعنى القسم، ولكن هذا قليل، والأكثر هو النوع الأول والثاني، وهو أن يوجد حرف القسم، أو توجد اللام الدالة على القسم، فهذا ما يتعلق بموضوع الأقسام في القرآن، وما هو ظاهر منها.

    علاقة القسم بالتفسير

    وكلامنا عن معان وعن مناسبات وحكم، وهذا من حيث هذه الجهة لا شك أنه مرتبط بعلم التفسير، وما دام أنه مرتبط بعلم التفسير فلا شك أنه من علوم القرآن، وعلم التفسير كما قلنا: إن الأصل فيه والأغلب أنه أخذ بالاجتهاد، فهذا المبحث لا شك أنه سيكون له أثر فيما يتعلق بالاجتهاد.

    والمنقول النسبي فيه موجود وهو تفسيرات السلف لهذه الأقسام ومدلولاتها والمراد بها، فقد يقع خلاف بينهم في المراد ببعض الأقسام مثل: وَالضُّحَى [الضحى:1]، هل هو أول النهار الذي اصطلح عليه بأنه الضحى، الضحوة النهار، أو المراد به النهار كله؟ هذا خلاف فيما بينهم في تفسير المدلول أو المراد بالضحى، فهذا يقع فيه خلاف وهو من جهة الدلالة، وليس من جهة كونه قسماً أو ليس بقسم، يعني لا يرتبط فهم المعنى بكونه قسماً أو ليس بقسم، ولكن يرتبط به إذا كان قسماً فإنه يحتاج إلى مُقسم به ومقسم عليه وجواب القسم.

    فالمقصد من ذلك أننا نقول: إن ارتباطه بعلم التفسير من هذه الجهة، وهو مبني كما قلنا على النظر والاجتهاد في بيان هذه المعاني، وله ارتباط كما لاحظنا قبل قليل بما يتعلق بفواتح السور، في أن بعض فواتح السور تكون مبتدأة بالقسم، والتوجيهات التي ذكرها في القسم بالخلق لا يلزم أن كل ما ذكره يكون مقبولاً كحذف القسم، وقد قال به بعض العلماء، مثل: وَالتِّينِ [التين:1]، أنه المراد: ورب التين، لكن هذا فيه ضعف؛ لأنه حذف لشيء لا دلالة عليه، والقاعدة أنه لا يحذف إلا ما دل عليه السياق، فهذه قاعدة الحذف، أو أن يكون معلوماً لا يحتاج إلى سياق، وهذا وارد في مثل قوله تعالى: فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ [الواقعة:83]، فالمراد بها الروح، وليس هناك خلاف بأن المراد بها الروح، فلم ننظر إلى قضية السياق، لكن بعضها يحتاج إلى النظر في السياق، فأما أن يذكر محذوفاً لا يدل عليه السياق أصالةً فهذا لا شك أنه مما يُضعف القول بالحذف، ولا يلزم كذلك كون العرب كانت تعظم هذه الأشياء، فهي لم تعظم كل هذه الأشياء، وأيضاً كونها تعظم هذه الأشياء لا يلزم أن ينزل القسم عليها، فالتين والزيتون لم يعرف أن العرب كانت تعظمها ولا كانت تعظم الضحى، بحيث أن يقال: إنها كانت تعظمه، لكن قد يكون أقسم الله ببعض آلائه التي كانت العرب تعظمها، فإقسامه بها ليس لأجل أن العرب كانت تعظم هذه الآلاء، مثل: الشمس والقمر، وإنما للإشارة إلى أنها مربوبة لله، وأن لله سبحانه وتعالى أن يقسم بما شاء.

    جواب القسم

    وجواب القسم أحياناً يكون ظاهراً، وأحياناً يكون مضمراً فالظاهر مثل: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:1-3]، هذا ظاهر، فجواب القسم: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:3]، لكن: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ [الفجر:1-4] لم يأت فيها جواب قسم أي: الذي وقع عليه القسم، فيكون محذوفاً، ويقدر من السياق، يعني: لتجزونّ، لَتُبْعَثُنَّ [التغابن:7]، لتحاسبنّ، على حسب السياق؛ لأن السياق هنا يتحكم في التقدير، وغالباً ما تكون التقديرات متقاربة بين العلماء إذا اتفق على موضوع القسم، الذي هو موضوع السورة أو موضوع الآيات.

    الفصل بين القسم وجوابه

    وهناك قواعد ذكرها علماء النحو مثل: الفراء و الزجاج وغيره، أنه لا يجوز أن يكون هناك فاصل بين القسم والجواب مثل قوله: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [البروج:1] فمن قال: إن الجواب: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج:12]، ضعفوه للفاصل ولبعد القسم عن الجواب، وجعلوا الجواب هنا محذوفاً، فهذا أيضاً من القواعد التي ذكروها.

    الجملة التي لا يصح أن تكون جواباً للقسم

    وكذلك الجملة الإنشائية لا تكون جواباً للقسم وهناك بعض القواعد المرتبطة بالقسم وهي معروفة ومدونة.

    وقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [النساء:65] يذكرونه ضمن القسم، وسبق أن ذكرنا خلاف العلماء فيه، ومن يرى أنه قسم قطعاً يدخله في القسم.

    ونقف هنا، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    757462609