إسلام ويب

سلسلة من أعلام السلف الإمام الحسن البصريللشيخ : أحمد فريد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كان الحسن البصري علماً من أعلام السلف رحمة الله عليهم، وعالماً من علمائهم، وكان كلامه يشبه كلام الأنبياء، تشرب العلم حتى نطق بالحكمة، وصار حليف الخوف والحزن، وأليف الهم والشجن، وعديم النوم والوسن، وكان فقيهاً زاهداً مشمراً عابداً رحمه الله تعالى.

    1.   

    بين يدي ترجمة الإمام الحسن البصري

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    أما بعد:

    فمع أحد العلماء العاملين، والأئمة التابعين، الإمام الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء، تشرب بالعلم حتى نطق بالحكمة، وصفه أبو نعيم فقال: ومنهم حليف الخوف والحزن، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن، أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن ، الفقيه الزاهد، المشمر العابد، كان لفضول الدنيا وزينتها نابذاً، وشهوة النفس ونخوتها واقذاً.

    ووصفه الزهري فقال: مناقبه كثيرة، ومحاسنه غزيرة، كان رأساً في العلم والحديث إماماً مجتهداً كثير الاطلاع، رأساً في القرآن وتفسيره، رأساً في الوعظ والتذكير، رأساً في الحلم والعبادة، رأساً في الزهد والصدق، رأساً في الفصاحة والبلاغة، رأساً في الأيد والشجاعة.

    كان رجلاً مليحاً تام الشكل حسن الصورة، طال عمره في العلم والعمل، فقال ابنه: عاش أبي ثماني وثمانين سنة.

    عصمه الله عز وجل من الفتن، فلم يخف في فتنة ابن الأشعث، وسلك مسلك الورع، فكان ينهى عن الانضمام إليه، وكذا إلى جيش الحجاج ، فأمر باعتزال الجميع، وهذا هو الواجب على المسلم في الفتن.

    وكان يرى الحجاج الثقفي عقوبة من الله عز وجل، ومع ذلك يدعو إلى اللجوء إلى الله عز وجل وعدم اللجوء إلى السلاح؛ فإنهم إذا لجئوا إلى الله عز وجل جعل لهم من ظلم الظالمين فرجاً ومخرجاً، وإذا لجئوا إلى السلاح والخروج عليهم وكلوا إليه، فلا يغني عنهم شيئاً، فما أحوج المسلمين إلى معرفة أخباره والانتفاع بآثاره!

    الحسن البصري كان يشبه الأنبياء في سمته وهيئته، وحسنه، وحسن كلامه.

    1.   

    نسب الإمام الحسن البصري ومولده وصفته

    اسمه: الحسن بن أبي الحسن وأبوه اسمه يسار البصري أبو سعيد مولى زيد بن ثابت ، ويقال: مولى جابر بن عبد الله ، ويقال: مولى جميل بن قطبة بن عامر بن حديدة ، ويقال: مولى أبي اليسر وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال: إن يساراً والد الحسن من بيسان.

    مولده:

    ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

    صفته:

    قال محمد بن سعد : كان الحسن رحمه الله جامعاً عالماً رفيعاً فقيهاً ثقة حجة مأموناً عابداً ناسكاً، كثير العلم، فصيحاً جميلاً وسيماً.

    وقال الذهبي : كان رجلاً تام الشكل، مليح الصورة، بهياً، وكان من الشجعان الموصوفين.

    وعن العوام بن حوشب قال: ما أشبه الحسن إلا بنبي؛ لأن الأنبياء أكمل الناس خَلقاً وخُلقاً، وأحسن الناس كلاماً.

    وعن شعبة قال: رأيت الحسن وعليه عمامة سوداء.

    وعن عاصم بن سيار الرقاشي قال: أخبرتني أمة الحكم قالت: كان الحسن يجيء إلى حطان بن عبد الله فما رأيت شاباً قط كان أحسن وجهاً منه.

    1.   

    ثناء العلماء على الإمام الحسن البصري

    عن أبي بردة قال: ما رأيت أحداً أشبه بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منه.

    وعن حميد بن هلال قال: قال لنا أبو قتادة : الزموا هذا الشيخ، فما رأيت أشبه رأياً بـعمر منه. يعني: الحسن .

    وعن أنس بن مالك قال: سلوا الحسن ؛ فإنه حفظ ونسينا.

    فإذا أحال الصحابة على الحسن فهذا يدل على تمكنه في العلم.

    وعن أيوب قال: كان الحسن يقول: إن المؤمن يصبح حزيناً ويمسي حزيناً وينقلب باليقين في الحزن ويكفيه ما يكفي العنيزة.

    وعن محمد بن جحادة عن الحسن قال: ذهبت المعارف، وبقيت المناكير -يعني: ذهبت الأشياء الطيبة، وبقيت المناكير، والمناكير: جمع منكر- ومن بقي من المسلمين فهو مغموم.

    يقول: هذا في زمن فاضل، زمن التابعين، فكيف بهذه الأزمنة المتأخرة؟!

    1.   

    علم الإمام الحسن البصري رحمه الله

    قال قتادة : كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام.

    وعن بكر بن عبد الله المزني قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا فلينظر إلى الحسن .

    وعن أبي هلال قال: كنت عند قتادة فجاء الخبر بموت الحسن ، فقلت: لقد غمس في العلم غمساً. قال قتادة : بل نبت فيه وتحقبه وتشربه، والله! لا يبغضه إلا حروري.

    وهذه علامة أن أهل البدعة يبغضون أهل السنة.

    وعن حجاج بن أرطأة قال: سألت عطاء عن القراءة على الجنازة؟ قال: ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها، قلت: إن الحسن يقول: يقرأ عليها، قال عطاء: عليك بذاك، ذاك إمام ضخم يقتدى به.

    وعن أبي سعيد بن الأعرابي قال: كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ، ويسمعون كلامه، ويذعنون له بالفقه في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلس خاص في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن؛ فإذا سأله إنسان غيرها تبرم به، وقال: إنا خلونا مع إخواننا نتذاكر.

    فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث والفقه وعلوم القرآن واللغة وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص كـعمرو بن عبيد وأبي جهيم ، وعبد الواحد بن زيد وصالح المري شميط وأبي عبيدة الناجي وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال في العبادة، ولكن عمرو بن عبيد اعتزل مجلس الحسن وصار من أئمة المعتزلة.

    وعن خالد بن رباح أن أنس بن مالك سئل عن مسألة فقال: عليكم بمولانا الحسن ، فقال: إنا سمعنا وسمع، فحفظ ونسينا.

    وعن قتادة قال: دخلنا على الحسن وهو نائم، وعند رأسه سلة، فجذبناها فإذا خبز وفاكهة فجعلنا نأكل، فانتبه فرآنا فسره فتبسم وقرأ: أَوْ صَدِيقِكُمْ [النور:61]، لا جناح عليكم. يعني: لا جناح على الإنسان أن يأكل من بيت صديقه بغير إذنه.

    1.   

    الحسن البصري وفتنة ابن الأشعث

    يبدو أن الحسن البصري رحمه الله كان معارضاً للخروج على الحجاج مع ابن الأشعث، ولكنهم ما زالوا به حتى أكرهوه على الخروج معهم، ثم نجاه الله عز وجل بفضله ورحمته، وكاد أن يهلك، وهذه جملة من أخباره رحمه الله تنبئ بذلك:

    عن سليمان بن علي الربعي قال: لما كانت فتنة ابن الأشعث، إذ قاتل الحجاج بن يوسف ، انطلق عقبة بن عبد الغافر وأبو الجوزاء وعبد الله بن غالب في نظرائهم، فدخلوا على الحسن فقالوا: يا أبا سعيد ! ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة، وفعل وفعل..؟! قال: وذكروا من فعل الحجاج ، قال: فقال الحسن : أرى ألا تقاتلوه، فإنها إن تك عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم.

    يعني: إذا أراد الله عز وجل أن يعاقبكم به فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم.

    قال: وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.

    قال: فخرجوا من عنده وهم يقولون: نطيع هذا العلج؟! يعني: الأعجمي؛ لأن أصله مولى وليس عربياً أصيلاً، وهم عرب، فقالوا: نطيع هذا العلج؟! قال: وهم قوم عرب. قال: وخرجوا مع ابن الأشعث، فقتلوا جميعاً.

    وعن الحسن قال: لو أن الناس إذ ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يفرج عنهم، ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، فوالله! ما جاءوا بيوم خير قط.

    وهذه عادة الخروج على الحكام غالباً لا يجنى منها إلا الدماء والأشلاء، ولا يكون فيها مصلحة للإسلام والمسلمين، والدارس لتاريخ الإسلام يرى أمثال هذه الفتنة كثيراً، ولا ينتج عنها عز الإسلام.

    وعن أيوب قال: قيل لـابن الأشعث: إن سرك أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول جمل عائشة فأخرج الحسن ، فأرسل إليه فأكرهه.

    وعن ابن عون قال: استبطأ الناس أيام ابن الأشعث، فقالوا له: أخرج هذا الشيخ، يعني: الحسن ، قال ابن عون : فنظرت إليه بين الجسرين وعليه عمامة سوداء، قال: فغفلوا عنه فألقى نفسه في بعض تلك الأنهار حتى نجا منهم، وكاد يومئذ أن يهلك.

    يعني: كأنهم أخذوه جبراً ليكون معهم؛ حتى ينضم الناس معه إذا رأوا الحسن ، ثم هرب منهم.

    وعن سلم بن أبي الذيال قال: سأل رجل الحسن وهو يسمع وأناس من أهل الشام، فقال: يا أبا سعيد! ما تقول في الفتن مثل يزيد بن المهلب وابن الأشعث؟ فقال: لا تكن مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فقال رجل من أهل الشام: ولا مع أمير المؤمنين يا أبا سعيد ؟! فغضب، ثم قال بيده فخطر بها، ثم قال: ولا مع أمير المؤمنين يا أبا سعيد؟ نعم، ولا مع أمير المؤمنين.

    فظاهر الكلام أنه لا يكون مع الذين خرجوا ولا مع جند الحجاج ، يعني: يعتزل الفريقين، فقال: ولا مع أمير المؤمنين يا أبا سعيد ؟ فغضب وقال: ولا مع أمير المؤمنين.

    وعن ابن عون قال: كان مسلم بن يسار أرفع عند أهل البصرة من الحسن ، حتى خف مع ابن الأشعث، فلم يزل في علو منها بعد، وسقط الآخر.

    يعني: لما انضم مسلم بن يسار لـابن الأشعث خف ولم يخف الحسن ، فصار الحسن في علو وسقط الآخر.

    1.   

    شيوخ الإمام الحسن البصري وتلامذته رحمهم الله

    1.   

    درر من أقوال الإمام الحسن البصري رحمه الله

    عن عمران بن خالد قال: قال الحسن : إن المؤمن يصبح حزيناً ويمسي حزيناً، ولا يسعه غير ذلك؛ لأنه بين مخافتين: بين ذنب قد مضى لا يدري ما الله يصنع فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما يصيب فيه من المهالك.

    يعني: له ذنوب في الماضي لا يدري هل غفرت أم لا، وكذلك لا يدري هل يصيبه شيء من المهالك في بقية عمره، فلابد أن يكون حزيناً.

    وعن عمران القصير قال: سألت الحسن عن شيء فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: وهل رأيت فقيهاً بعينك؟ إنما الفقيه: الزاهد في الدنيا، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه عز وجل.

    وعن طلحة بن صبيح عن الحسن قال: المؤمن من يعلم أن ما قال الله عز وجل كما قال، المؤمن أحسن عملاً، وأشد الناس خوفاً، لو أنفق جبلاً من مال ما أمن دون أن يعاين -يعني: الآخرة- ولا يزداد صلاحاً وبراً وعبادة إلا ازداد فرقاً.

    وهذا له شاهد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية)، فكلما ازداد الإنسان علماً وصلاحاً وعبادة يزداد خشية من الله عز وجل؛ لأنه يعلم من صفات الله عز وجل ومن عظمته من أمور الآخرة ما يجعله يزداد خوفاً من الله عز وجل.

    والله تعالى حصر الخشية في العلماء، فقال: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28].

    وقيل للشعبي: فلان عالم، قال: إنما العالم من يخشى الله.

    قال: ولا يزداد صلاحاً وبراً وعبادة إلا ازداد فرقاً، يقول: لا أنجو، والمنافق يقول: سواد الناس كثير، وسيغفر لي ولا بأس علي وينسى العمل، ويتمنى على الله تعالى.

    وعن هشام بن حسان قال: سمعت الحسن يحلف بالله ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله.

    وبالمقابل ما أعز أحد دين الله إلا أعزه الله، وإذا أهان دين الله عز وجل أهانه الله عز وجل، وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ [الحج:18].

    وعن حزم بن أبي حزم قال: سمعت الحسن يقول: بئس الرفيقان: الدينار، والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك.

    وعن أبي عبيدة الناجي عن الحسن قال: ابن آدم! ترك الخطيئة أهون عليك من معالجة التوبة، ما يؤمنك أن تكون أصبت كبيرة أغلق دونها باب التوبة، فأنت في غير معمل.

    وعن زريك بن أبي زريك قال: سمعت الحسن يقول: إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل.

    يعني: من فائدة معرفة الفتنة عند إقبالها أن يعصم الإنسان منها، ولا يعرفها إلا العلماء، ولكن إذا أدبرت عرفها كل جاهل، حيث لا تفيد المعرفة.

    وعن عمارة قال: كنت عند الحسن فدخل علينا فرقد ، وهو يأكل خبيصاً، فقال: تعال فكل، فقال: أخاف ألا أؤدي شكره، فقال الحسن : وتؤدي شكر الماء البارد؟!

    ويروى أيضاً أنه وزع حلوى في مجلس الحسن فرفض أحد الجالسين وقال: لا أستطيع أن أؤدي شكرها، فقال له: كل يا أحمق! فإن شربة الماء البارد لا تستطيع أن تؤدي شكرها.

    فعلى كل حال حق الله عز وجل أثقل من أن يقوم به العباد.

    1.   

    وفاة الإمام الحسن البصري رحمه الله

    عن عبد الواحد بن ميمون مولى عروة بن الزبير قال: قال رجل لـابن سيرين : رأيت طائراً آخذاً أحسن حصاة في المسجد، فقال ابن سيرين : إن صدقت رؤياك مات الحسن . قال: فلم يلبث إلا قليلاً حتى مات.

    وعن يونس قال: لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع، فقام إليه ابنه فقال: يا أبت! قد غممتنا، فهل رأيت شيئاً؟ قال: هي نفس لم أصب بمثلها.

    قال هشام بن حسان : كنا عند محمد بن سيرين عشية يوم الخميس، فدخل عليه رجل بعد العصر، فقال: مات الحسن ، فترحم عليه محمد وتغير لونه، وأمسك عن الكلام، فما تكلم حتى غربت الشمس، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه.

    قال الذهبي : وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مائة يوم.

    وقال عبد الله بن الحسن : إن أباه عاش نحواً من ثمان وثمانين سنة.

    قال الذهبي : مات في أول رجب أي: سنة عشر ومائة، وكانت جنازته مشهودة، وصلوا عليه عقب الجمعة بالبصرة، فشيعه الخلق وازدحموا عليه، حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع.

    وروي أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة، فقال: لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم.

    فرحمه الله رحمة واسعة، وأدخلنا وإياه جنة عالية، قطوفها دانية.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

    وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756291972