إسلام ويب

تفسير سورة الأحزاب [28 - 31]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لأنبياء الله سبحانه وتعالى منزلة عظيمة عنده سبحانه، وأعلاهم منزلة محمد صلى الله عليه وسلم، ولأزواجه منزلة عليا، ومقام رفيع، ولا بد أن تكون زوجة النبي راضية بقضاء الله وقدره غير ساخطة، فإذا رضيت وأطاعت ضوعف ثوابها، وإن عصت الله ورسوله ضوعف عقابها.

    1.   

    ما ينبغي أن تتخلق به نساء الأنبياء

    سبب نزول قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة ...)

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا [الأحزاب:28-31] .

    ذكرنا في الدروس السابقة كيف أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلوات الله وسلامه عليه أن يخير أزواجه لما نظرن إلى شيء من الدنيا، وطلبن زيادة النفقة، وقد رأينا أن الله سبحانه قد فتح للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من الفتوح، وأغنمه أرضاً ودياراً وسبياً، فطلبن من النبي صلى الله عليه وسلم زيادة في النفقة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم تكن عادته ذلك، إنما كان ينفق على المسلمين، ويعطي نساءه عليه الصلاة والسلام ما يحتجن إليه من النفقة، أما أكثر من ذلك واستمتاع بالدنيا فما كان يفعل ذلك عليه الصلاة والسلام.

    وقد كرم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم فصرفه عن الدنيا فلم يكن صلوات الله وسلامه عليه يدخر مالاً لأهله إلا ما يكون من نفقة واجبة عليه.

    فنساء النبي صلى الله عليه وسلم ظنت كل واحدة منهن أن الله قد فتح الفتوح، فمن حقها أن تطلب من النبي صلى الله عليه وسلم زيادة في النفقة، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقد سألنه وألححن عليه، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وغضب الله لغضب نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل الآيات يخير نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

    قال تعالى: إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ [الأحزاب:28] أي: نعطيكن من الذي تردنه من المتاع ومن المال.

    وقوله تعالى: وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:28] أي: يطلقكن النبي صلوات الله وسلامه عليه، فعلى هذا الوضع لا تصلحن للمعيشة مع النبي صلى الله عليه وسلم، لأن امرأة النبي لا بد أن تكون قانتةً لله سبحانه وتعالى، وراضية بقضاء الله وقدره، وبالمعيشة التي يعيشها النبي صلوات الله وسلامه عليه، وهذه سنة الله مع أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.

    قصة إبراهيم مع أهل بيت ولده إسماعيل عليهما السلام

    إنَّ في قصة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لعبرة، وذلك حين ترك إسماعيل مع أمه هاجر عند بيت الله المحرم، تركها ومعها سقاء فيه ماء، وجراب فيه تمر، وتركها في مكان قفر لا ناس فيها، فقالت: يا إبراهيم إلى من تتركنا؟ فتركها وانصرف عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله أمره بذلك سبحانه، فلما ألحت عليه في النهاية قالت: آلله أمرك بذلك؟ قال: نعم. قالت:إذاً: لا يضيعنا.

    فوثقت في الله سبحانه فلم يضيعها الله سبحانه وتعالى، فلما نفد تمرها وماؤها وخشيت أن يموت ولدها في هذا المكان استغاثت بربها فأغاثها سبحانه بأن أرسل جبريل وبحث بعقبه فكانت عين زمزم التي نعرفها، ويشرب الآن منها ملايين الخلق منذ أن أنشأها الله سبحانه وتعالى وحتى تقوم الساعة.

    ولما شبَّ إسماعيل النبي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، تزوج امرأة من جرهم، وجاء إبراهيم ليطالع تركته، فرأى امرأة، فعلم أنها امرأة ابنه إسماعيل، فسألها عن عيشهم وحياتهم، فقالت: نحن في ضيق. فمثل هذه المرأة التي تعيش على هذا الأمر من التضجر على الله سبحانه والرفض لقضاء الله وقدره لا تصلح أن تكون زوجةً لنبي ورسول.

    فقال إبراهيم: (إذا رجع زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه) وانصرف إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وجاء إسماعيل وأحس بشيء فسألها: (أتاكم أحد؟ قالت: نعم شيخ صفته كذا وكذا، قال: أوصاك بشيء؟ قالت:نعم. يقول لك: غير عتبة بابك.قال: أنت العتبة اذهبي إلى أهلك) فطلقها وتزوج غيرها عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

    وجاء إبراهيم مرةً أخرى يطالع تركته فوجد هذه المرأة فسألها: (كيف عيشكم؟ قالت: نحن بخير. قال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم وسقاؤنا الماء. قال: اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم) فبارك الله عز وجل لهم في طعامهم وشرابهم، ولم يكن لهم شيء من الزروع، ولو كان لهم زروع لبارك الله عز وجل في هذه الزروع.

    فعلى ذلك ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف أن المرأة لما سخطت جوزيت بأنها لا تصلح أن تكون امرأة نبي فطلقها إسماعيل عليه الصلاة والسلام، أما الأخرى لما رضيت بقضاء الله سبحانه وتعالى قال لها يوصيها: (إذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له: أمسك عتبة بابك، فجاء إسماعيل فسألها: فقالت: جاء شيخ صفته كذا وكذا. قال: هذا أبي فقال: هل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم. يقول: أمسك عتبة بابك. قال: أنت العتبة، فأمسكها إسماعيل عليه الصلاة والسلام) .

    إذاً: امرأة النبي لا بد أن تكون صابرة قانتة لله سبحانه، مطيعة لربها ونبيها عليه الصلاة السلام.

    كذلك نساء النبي صلى الله عليه وسلم لا بد لهن من ذلك، وإن لم يكن ذلك فلا يصلح أن يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء التخيير من الله، وهو ليس تطليقاً لهن، ولكن إن اختارت نفسها طلقها النبي صلى الله عليه وسلم ومتعها بمال، وإن اختارت ربها ورسول الله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة فالله عز وجل يعطيها الأجر في الآخرة ولا يعطيها في الدنيا نعيماً، فكلهن اخترن النبي صلى الله عليه وسلم.

    تعداد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

    ذكرنا في الأحاديث السابقة أنَّ عدد نساء النبي صلى الله عليه وسلم اللواتي جمع بينهن تسعةٌ من النساء، وذكرنا في الحكمة من ذلك: أن النبي صلوات الله وسلامه عليه جعل له ربه ما لم يجعل لغيره لحكمة من الله سبحانه وتعالى، وأعظم شيء في ذلك: التبليغ، قال الله سبحانه: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ [الأحزاب:34].

    وامرأة واحدة لا تكفي لتبليغ هذا الدين العظيم مع كثرة عدد المؤمنين والمؤمنات الذين يسألون النبي صلى الله عليه وسلم، ويسألون نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وعاش بعده نساؤه، فمنهن من عاشت حتى سنة خمس وأربعين، ومنهن من عاشت إلى سنة ثمانية وخمسين أو تسعة وخمسين أو بضع وستين.

    إذاً: عشن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أعواماً طويلةً، فبلغن دين الله سبحانه، ولو كانت امرأةً واحدة لكانت عرضة للنسيان، فتنسى ما يتلى في بيتها، وتنسى بعضاً من الأحكام، ولكن عدداً من النسوة تذكر إحداهن الأخرى بأحكام الله سبحانه وتعالى وبما قاله النبي صلى الله عليه وسلم.

    وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم هن: السيدة خديجة بنت خويلد وسودة بنت زمعة وعائشة وحفصة بنت عمر وأم سلمة وأم حبيبة بنت أبي سفيان وزينب بنت جحش وزينب بنت خزيمة وكنيتها أم المساكين، وجويرية بن الحارث المصطلقية وصفية بنت حيي بن أخطب وريحانة بنت زيد بن عمرو بن خناقة من بني النضير سباها النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقها وتزوجها في سنة ست وماتت في حياة النبي صلوات الله وسلامه عليه.

    والسيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية ، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في مكان اسمه سرف على بعد عشرة أميال من مكة، وكان ذلك في سنة سبع من الهجرة، وهي آخر امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها في سرف وماتت في نفس المكان، وصلى عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: عبد الله بن عباس رضي الله تبارك تعالى عنه، ماتت في سنة إحدى وستين للهجرة وقيل: في سنة ثلاث وستين، فعمرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وخمسين سنة، أو واحداً وخمسين سنة تدعو إلى الله عز وجل وتبلغ ما أمرها الله سبحانه بإبلاغه.

    وجل النساء اللاتي تزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم منهن من ماتت في حياته عليه الصلاة والسلام، ومنهن من مات عنها صلى الله عليه وسلم، فكان عدد من اجتمعن معه في وقت واحد تسع نسوة رضي الله تبارك وتعالى عليهن.

    ذكر النساء اللاتي خطبهن النبي ولم يتزوجهن أو طلقهن قبل الدخول

    وهناك نساء أخريات تزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهن، منهن: امرأة من بني كلاب، واختلفوا في اسمها قيل: اسمها عمرة ، وقيل: العالية وقيل: فاطمة، وقيل: غير ذلك، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فلما جاء ليدخل بها قالت: أعوذ بالله منك.

    فطلقها النبي صلى الله عليه وسلم خوفاً من الله سبحانه وتعالى من كلمة هي قالتها، وهي لم تقصد هذه الكلمة، ولكنها لما قالت: أعوذ بالله، يعني: ألجأ إلى الله وأعتصم بالله منك، فخاف النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيها وقد لجأت إلى الله واعتصمت به منه، فتركها وطلقها النبي صلوات الله وسلامه عليه.

    روى الإمام البخاري قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل ، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها فكأنها كرهت ذلك.

    وفي رواية أنها قالت: الملكة لا تأتي السوقة. فقد كانت كبيرة في قومها فظنت أنها ستتعالى حتى على النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين وطلقها النبي صلى الله عليه وسلم.

    فهذه المرأة أشقى الخلق لمَّا حرمت نفسها بكلامها وسوء عقلها من أن تكون زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم، وتكون إحدى نسائه في الجنة عليه الصلاة والسلام.

    امرأة أخرى خطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا بأبيها يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: إن بها برصاً ولم يكن فيها شيء، ولكن الرجل لم يرد أن يزوجها من النبي صلى الله عليه وسلم، فتركها النبي صلى الله عليه وسلم.

    ورجع الرجل إلى بيته فوجد ابنته برصاء، وجد فيها ما قاله عنها كذباً على النبي صلى الله عليه وسلم، فعاقبه الله سبحانه وتعالى.

    وهناك من خطبهن النبي صلى الله عليه وسلم وتعللن للنبي صلى الله عليه وسلم بعذر، وعذرهن صلى الله عليه وسلم منهن: السيدة أم هانئ بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، فتعللت واعتذرت وقالت: إني امرأة مصبية، يعني: عندي أطفال صغار، فعذرها النبي صلى الله عليه وسلم ودعا لها، وغيرهن ممن خطبهن النبي صلى الله عليه وسلم وحدث عذر من الأعذار ولم يدخل بهن عليه الصلاة والسلام، ولم يعقد عليهن.

    ذكر الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه إن اخترن نساؤه الحياة الدنيا فعليه أن يمتعهن، والمتعة: النفقة، أي: يعطيهن مالاً ثم يطلقهن، وإذا أردن الله ورسوله والدار والآخرة فإن الله أعد للمحسنات منهن أجراً عظيماً.

    والأجر العظيم أجر يليق به سبحانه وتعالى؛ لأن الله سماه عظيماً، والجنة شيء عظيم جداً؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر).

    مكافأة الله لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم لاختيارهن له

    ثم في الآيات التالية تأديب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنات، وقد اختار هؤلاء النسوة الكرام النبي صلى الله عليه وسلم، فشكرهن الله سبحانه على ذلك، وكافأهن بأن قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنه ليس له أن يتزوج عليهن لأنهن اخترنه، قال تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ [الأحزاب:52] إذاً: هذه مكافأة من الله عز وجل لهؤلاء النسوة الطيبات الطاهرات اللاتي اخترن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تتزوج عليهن بعد ذلك.

    ولكن لم يمت حتى أباح له الله أن يتزوج غيرهن، ولكن لم يفعل عليه الصلاة والسلام.

    إذاً: هنا منة من الله سبحانه وتعالى عليهن، ثم أباح له ذلك لتظهر منة النبي صلى الله عليه وسلم عليهن، فهو لم يتزوج عليهن بعد ذلك حتى بعد ما أباح له ربه سبحانه له ذلك.

    كذلك قال للمؤمنين: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا [الأحزاب:53] إذاً: هنا ميزة وخصيصة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، أن من تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ودخل فهي أم للمؤمنين، ويحرم على المؤمنين أن يتزوج أحدهم بامرأة النبي صلى الله عليه وسلم إذا توفي عنها صلوات الله وسلامه عليه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة ...)

    وذكر الله سبحانه وتعالى أن لهن في الفضل والثواب والأجر والحسنات ما هو مضاعف على غيرهن، وكذلك في أمر الإساءة وحاشا لهن أن يفعلن ذلك فتكون العقوبة مضاعفة، كما قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الأحزاب:30] وحاشا لهن أن يقعن في ذلك.

    والفاحشة: المعصية، وتطلق على كبار الذنوب، فمن الفاحشة الوقوع في الزنا والعياذ بالله.

    ومن الفاحشة: المعصية لله وللرسول صلى الله عليه وسلم.

    قوله تعالى: مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الأحزاب:30] أي ظاهرة قد بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه وقد كشفت عن نفسها هذه الفاحشة فظهرت ولم تستتر.

    بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الأحزاب:30] هذه قراءة الجمهور.

    وقراءة ابن كثير وشعبة عن عاصم: (بِفَاحِشَةٍ مُبيَّنَةٍ) يعني: بين الله حكمها في كتابه، ومبيِّنة يعني: ظاهرة في نفسها يعرفها كل من يفهم ويعقل.

    وجزاء من تأتي بفاحشة مبينة: يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ [الأحزاب:30] هذه قراءة الجمهور.

    وقراءة ابن كثير وابن عامر : نضعفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ [الأحزاب:30] ، وقراءة أبي عمرو ويعقوب : (يُضعَّف لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ).

    وقوله تعالى: وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [الأحزاب:30] أن يعذب أحداً من عباده هذا يسير عليه سبحانه وتعالى سواء كان هذا قريباً أو بعيداً من النبي صلى الله عليه وسلم.

    وعكس ذلك: من يقنت، والقنوت: الطاعة والمبالغة في عبادة الله سبحانه وتعالى، والخشوع له.

    قال تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا [الأحزاب:31] إذاً: الخشوع لله عز وجل والطاعة لله وعمل الصالحات جزاؤه نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ [الأحزاب:31].

    إذاً: يضاعف لها الأجر عند الله سبحانه وتعالى.

    وقراءة الجمهور: وَتَعْمَلْ صَالِحًا [الأحزاب:31].

    وقراءة حمزة والكسائي وخلف: (ويَعْمَل صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ).

    فسمى الأجر الذي عنده بالأجر العظيم وأن الرزق الذي يعطيه الله عز وجل لهن هو رزق كريم يعني: غاية في الكرم من الله سبحانه وتعالى، أي: رزقاً يكرمهن الله سبحانه وتعالى به.

    نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل جنته، وأن يجعلنا مع نبيه صلوات الله وسلامه عليه.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755994905