إسلام ويب

سلسلة معركة بدر [3]للشيخ : خالد الراشد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ما إن نزل جيش المسلمين بالقرب من بدر حتى شرع النبي عليه الصلاة والسلام في القيام بأعمال استكشافية حتى يؤمن المعسكر الإسلامي، فقام بهذه المهمة بنفسه، وهذا يدل على شجاعة وحنكة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتمت هذه المهمة على أكمل وجه، ثم بعث بعض أصحابه بعملية استكشافية أخرى؛ فنزل بدراً وهو يعلم أين يقع معسكر المشركين وكم يبلغ عددهم، فسبق إلى بدر وهدم الآبار على المشركين، ومنعهم من الوصول إلى الماء، وبالمقابل حصل نزاع في جيش المشركين بين قادتهم، ومن هنا بدأ نصر الله.

    1.   

    الاستعدادات والتجهيزات التي قام بها الجيش الإسلامي قبل المعركة

    لا زال الحديث مستمراً، فإلى الآن لم تبدأ ساعة الصفر في المعركة، فأي معركة يجب أن تسبقها أحداث، وتسبقها مناوشات، وتسبقها محاولات واستخبارات.

    ففي بعض الأحيان تحاول الفرق أن تتجنب الحرب، ولذلك ما كانت جيوش المسلمين تفتح أي بلاد حتى تنذر أهلها، وتخبرهم أننا ما جئنا مدمرين، ولا جئنا غزاة، ولا جئنا من أجل شيء من الدنيا، ولكن أسلموا تسلموا، فما جئنا إلا لنبشر وندعو إلى هذا الدين، لكن إن حددت الأمور، ولم يكن هناك إلا المواجهة، فأبطال الإسلام على أتم الاستعداد للمواجهة مهما كانت الظروف، ومهما كانت الأحوال.

    ولك أن تتخيل ثلاثمائة رجل أجبرتهم الظروف على المواجهة، فما تخلف منهم رجل واحد بل قالوا: امض لما أمرك الله، فوالله لو أمرتنا أن نرمي بأنفسنا من أعالي الجبال لرميناها ما تخلف منا رجل واحد!

    بالرغم من أن التكاليف كانت شاقة على الرجال ومع هذا ما تخلف منهم رجل واحد، واليوم نجد التكاليف أيسر ما تكون، ومع هذا فالمتخلفون آلاف مؤلفة!

    نسأل الله ألا يجعلنا وإياكم من المتخلفين.

    أقول فلنتابع وإياكم موجز الأخبار قبل ساعة الصفر: من صفات القيادة الناجحة التواضع واليقظة، فأي قيادة حتى تستطيع أن تكسب أولئك الذين ينطوون تحت لوائها لا بد أن تكون قيادة متواضعة، وقد استطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يكسب الأتباع ويؤثر عليهم قال الله: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ [آل عمران:159]، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، فقد كان كواحد منهم، يتعاقب معهم على البعير، فإذا جاعوا جاع، وإذا شبعوا شبع، وإذا أكلوا أكل، وإذا جاهدوا جاهد معهم، وهكذا استطاع أن يؤثر عليهم، ولن نستطيع أن نؤثر على البشرية إلا إذا سرنا على نفس الخطى وعلى نفس الهدي.

    وكانت تلك القيادة يقظة تعمل كل ما فيه مصلحة للمسلمين، فتحفظهم من الشرور، وتسعى إلى كل ما فيه خير من أجل أن يقام دين الله.

    استكشاف يقوم به النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه

    فما إن نزل القائد الأعلى بجيشه قرب بدر حتى قام هو بنفسه باستكشاف المنطقة، وما أرسل فلاناً ولا فلاناً، بل قام هو بنفسه صلى الله عليه وسلم بعملية الاستكشاف لمعرفة أخبار العدو، محاولاً بنفسه التعرف على حقيقة جيش مكة، وتحديد مواقعه، مع العلم أن في هذا خطورة على القائد، فقد كان بإمكانه إرسال أي جندي من جنوده حتى يتتبع الأخبار، لكن لكي يريهم القائد أنه مثلهم في القيام بنفس الأدوار التي يقومون بها.

    وكان في ذلك خطورة، لكننا نتكلم عن أشجع الشجعان، يقول أهل المدينة: سمعنا صوتاً ذات ليلة فخفنا منه، فخرجنا فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم راجع، قد سبقهم إلى الخروج للاطمئنان على أحوال المدينة، وكان قد خرج بفرس لـأبي طلحة ليس عليها سرج، فلما اطمأن أن الوضع آمن، رجع وهو يقول لهم: (لن تراعوا، لن تراعوا) ما نام وترك الرعية، بل كان يسهر على راحتهم.

    خرج معه مرافقه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه رفيق الغار ورفيق الدرب، فبينما هو صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الجولة الاستكشافية، وقف على رجل شيخ من العرب، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأله عن أخبار جيش مكة، لكنه خاف أن يظنه من جيش المسلمين، فسأله عن الفريقين، فقال: (أخبرني عن جيش مكة؟ وأخبرني عن جيش المدينة؟) فقال له الشيخ: لا أخبرك حتى تخبراني ممن أنتما؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أخبرتنا أخبرناك)، فإذا قلت لنا بمواقع هؤلاء ومواقع هؤلاء فسنخبرك ممن نحن؟ فقال الشيخ: أو ذاك؟ يعني: لا يوجد أخذ أو عطاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم (ذاك الذي سمعت)، فقال الشيخ: فإنه بلغني أن محمداً وأصحابه قد خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني قد صدق فهم اليوم في الموقع الفلاني، وبلغني أن أهل مكة خرجوا في يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني صادق فهم اليوم في موقع كذا وكذا، وصدق في قوله ذلك، إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ منكم [الأنفال:42]، أي: مر الركب من جهة البحر، فلما فرغ الشيخ من خبره، قال: ممن أنتما؟ فقال بأبي هو وأمي: (نحن من ماء)، يعني: خلقنا من ماء، وصدق فهو لا يكذب ولا ينطق عن الهوى، ثم انصرف بعد أن عرف بالتحديد مواقع جيش الكفار.

    وهنا: يعطينا النبي صلى الله عليه وسلم تشريعا عسكرياً حربياً شرعه النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب الحصول على أخبار العدو بأي وسيلة من الوسائل حتى لو أدى الأمر إلى التمويه؛ لمعرفة أخبار الكفار.

    والكذب يجوز في مواطن ثلاثة ومنها: هذا الموطن، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكذب قط لا مازحاً ولا جاداً، وإنما موه لأن القضية قضية حرب، وهو حريص على سلامة جيشه.

    بعث الرسول عليه الصلاة والسلام حملة استكشافية أخرى

    وعندما عاد إلى مقر القيادة بعث الاستخبارات من جديد ليتحسس الأخبار، فبعث ثلاثة: علياً والزبير وسعداً ، الرجل منهم بألف رجل، بعث ثلاثة وكل واحد منهم يقول: الزاد عندي!

    فوجد هؤلاء الثلاثة - علي والزبير وسعد - غلامين لقريش يملأان الماء لجيش مكة، فأخذوهما إلى معسكر المسلمين، فاستجوبهما النبي صلى الله عليه وسلم وسألهما عن مكان قريش، فقالا: هما وراء ذلك الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى.

    قال: (كم القوم؟ قالا: كثير، فقال: كم ينحروا جزوراً في اليوم؟ قالا: ينحرون كل يوم ما بين تسع إلى عشر جزر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين تسعمائة إلى ألف) فهو قائد يعرف خطط الحرب من أولها إلى آخرها، ثم سأل الغلامين عن جيش مكة؟ فذكروا صناديد قريش وكبرائها، فذكروا له: عتبة وأخاه شيبة وأبا جهل وأبا البحتري بن هشام وأمية بن خلف والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وسهيل بن عمرو وغيرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما تأكد من قوة جيش العدو وأنه خرج بكامل عدته، وخرج بكبرائه وسادته: (هذه مكة قد ألقت إليكم بفلذات أكبادها) يعني: قادتها وصناديدها وسادتها، فقد جاءوا يحاربون الله ورسوله.

    والأمر شورى كما علمنا القرآن، وكما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يوجد انفراد في أي قرار عن المسلمين، ولا ينفرد أحد منهم بقرار يمس مصلحة الأمة، قال الله: وأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38].

    1.   

    الاستعدادات التي قام بها الجيش الإسلامي في أرض المعركة

    وفي السادس عشر من رمضان قبل المعركة بيوم، في السنة الثانية من الهجرة تحرك النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى مواقع الماء في بدر، ثم يحول بينهم وبين الاستيلاء على مواقع المياه.

    وأثناء التحرك حدثت حادثة تجلت فيها عظمة القيادة أكثر مما مضى، فالقيادة لا تتعصب للرأي، وإن رأت رأياً أصلح للمسلمين اتخذته استجابةً لأمر الله أن الأمر شورى بينهم، واليوم تجد أن الشورى في وادٍ ونحن في وادٍ آخر!

    فلما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بدراً، تكلم أحد القادة -وهو الحباب بن المنذر رضي الله عنه وأرضاه- فقال: يا رسول الله! هذا المنزل الذي نزلته هل هو منزل أنزلكه الله إياه -ولاحظ الأدب، فالجندي كذلك يعرف كيف يتكلم مع القادة- فقال: يا رسول الله! المنزل هذا الذي نزلته الآن هل هو منزل أنزلكه الله إياه أم هو الرأي والحرب والمشورة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا، بل هو الرأي والحرب والمشورة) فقال: يا رسول الله! فإن هذا ليس بمنزل، فامض بالناس حتى نأتي آخر مواقع المياه وأول موقع لقريش عند الماء، ثم نهدم الآبار كلها، ثم نبني الحوض فنشرب ولا يشربون، حتى يهلك العدو عطشاً. والمقاتل يحتاج إلى إمداد وسقيا أثناء القتال، فنقطع عنهم المدد المائي.

    ولاحظوا الآن فهم يقولون: إن الفلوجة ستستسلم بعد أيام؛ لأنهم يحاصرونها من كل الجهات، وما دروا أن المدد يأتي من السماء! فهم يأخذون بالأسباب المادية، وهم مساكين لا يدرون أن للكون رباً يسيره، يقول الله في الحديث القدسي: (وعزتي وجلالي ما اعتصم بي عبدٌ من عبادي وكادته السماوات والأرض إلا جعلت له من بينها مخرجاً)، وأهل الفلوجة يقاتلون من أجل ماذا؟ أليس من أجل نصرة هذا الدين؟ فسيأتيهم الفرج ليس مني ولا منك، فنحن قد خذلناهم حتى بالدعاء، نسأل الله العفو والعافية، لكن لم يخذلهم رب الأرض والسماء.

    فقال: يا رسول الله! نغور المياه حتى نشرب ولا يشربون، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: (نعم الرأي) أي: لقد أشرت بالرأي، فذهب الجيش حتى إذا أتى أقرب ماء من العدو نزل عليه، ثم أمر بالقلب -جمع قليب- فغمرت عملاً بمشورة الحباب ، ثم بنى حوضاً على القليب الذي نزل عليه فملئ ماءً.

    إنها أمة القرآن التي قال الله عنها: وأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38]، وقال الله لنبيه: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران:159].

    فالأمر في جيش المسلمين شورى ومحبة ومودة وثقة ويقين واستعداد، وانظر! ففي المقابل قريش تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [الحشر:14]، وهم إلى اليوم هكذا لا يتغيرون، ووالله ما أتينا من قبل قوتهم، ولكن بسبب ضعفنا وتفرقنا نحن، فلو اجتمعت كلمتنا وتوحدت صفوفنا فوالله الذي رفع السماء وبسط الأرض لن تقوم لهم قائمة على ما عندهم من العدة والعتاد.

    قال ابن عثيمين : يستطيع الله بلحظات أن يضرب زلزالاً يدمر من القوى ما لا تستطيع قواهم أن تفعله في سنوات، فبقوة جبار السماوات يضربهم بزلزال يسقط قواهم من أولها إلى آخرها حتى لو اجتمعوا.

    1.   

    الشقاق والنزاع في جيش قريش قبل معركة بدر

    عسكرت قريش بالعدوة القصوى من الوادي، وكانوا خبراء حرب، فبثوا سلاح الاستكشاف والاستخبارات حول جيش المدينة، فدار عمير بن وهب -الذي سيأتي خبر إسلامه- حول الجيش المسلم، وكان من شياطين قريش ومن أشد الناس عداوة للمسلمين، ولكن الله يهدي من يشاء، دار حول جيش المدينة ثم عاد ليخبرهم: بأن جيش محمد قرابة ثلاثمائة، يزيدون قليلاً أو ينقصون، ثم أخذ جولة ثانية خلف الجيش حتى يعرف إن كان هناك كمائن أو مدد سيأتيهم ثم رجع يطمئن جيش مكة: أن لا مدد أو كمائن، فلا وجود لأي كمين خلف جيش المدينة.

    وهذا عمل عسكري احترازي، ولا بد أن نعطي كل ذي حق حقه، حتى لو كان كافراً، فلابد أن نقول: فيه من الصفات كذا وكذا، والله تعالى يقول: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا [الأنعام:152]، لكنه عمل عسكري عمله ونصح به قادة مكة وحذرهم وهو يصف جيش النبي صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: ماذا رأيت؟ قال: رأيت البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، ثلاثمائة رجل كأنما يتطاير الشرر من أعينهم! وقوله: (نواضح يثرب)، يعني: الجمال، تحمل الموت الناقع، يعني: الموت المؤكد، ثم قال: قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، ووالله! ما أرى أن الرجل منهم يقتل قبل أن يقتل رجلاً منكم، فإن أصابوا منكم بعددهم فما قيمة البقاء؟! فسمعوا كلامه، وبدأت المعارضة من جديد، وبدأت الانشقاقات والخلافات، فهناك اتفاق ووفاق، وهنا خلافات وانشقاقات.

    وقد ذكرنا أن الأخنس بن شريك رجع في ثلاثمائة رجل لما علم أن القافلة قد نجت، فحقن دماء قومه، ثم بدأت معارضة ثانية ضد أبي جهل تدعو إلى إعادة الجيش إلى مكة دونما قتال، وكانت هذه المعارضة أكبر من المعارضة الأولى.

    ففي المعارضة الأولى قال الأخنس بن شريك لقومه: اجعلوا جبنها فيّ أنا أتحمل جبنها وارجعوا ولا تقاتلوا القوم، لكن هذه المعارضة كانت أقوى من التي قبلها، فقد قادها عتبة بن ربيعة سيد بني عبد شمس، يسانده حكيم بن حزام ، وحكيم أسلم وحسن إسلامه، ومن مناقبه أنه الوحيد الذي ولد داخل الكعبة.

    فظهرت الخلافات قبل المعركة بيوم أو بعض يوم، فكيف ستكون معنويات جيش بدأت الخلافات فيه قبل ساعة الصفر؟

    وقد دعت هذه المعارضة إلى عدم الاصطدام مع جيش المدينة، والموادعة والرجوع إلى مكة دونما قتال، ومشى حكيم بن حزام بين الجيش حتى يدعوهم إلى مثل هذا الأمر، وتأييد هذه المعارضة، فجاء حكيم إلى عتبة يعرض عليه الأمر -وكان عتبة أول قتيل بين الصفين- فقال: يا أبا الوليد ! إنك كبير قريش، ورجل عاقل، وسيدها المطاع، فهل لك إلى خير تذكر به إلى آخر الدهر، قال: وما ذاك؟ قال: ترجع بالناس، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي ، يعني: تتكفل بديته، قال عتبة : قد فعلت، إذا كنت ضامناً بذلك، وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن يفلحوا فبرأي صاحب الجمل الأحمر).

    فالنبي صلى الله عليه وسلم يعرف عقول الرجال، ويعرف عقلية أبي جهل ، ويعرف عقلية عتبة ، قال عتبة لـحكيم : ائت ابن الحنظلية ، يعني: أبا جهل ، فإني لا أخشى على الناس غيره، يعني: أنه متكبر متجبر، وكان قد ولى نفسه على الجيش من دون أن يختاروه، ثم قام عتبة خطيباً في الجيش داعياً للانسحاب دونما قتال فقال: يا معشر قريش! إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً، يا معشر قريش! إنكم ستلاقون آباءكم وإخوانكم وبني عمومتكم، ووالله لا أراك إلا ستنظر إلى وجه تكره أن تقتله، فارجعوا وخلوا بين محمد والعرب، فإن كفيتموه كفيتموه بغيركم، وإن ظهر فعزه عزكم. يعني: لماذا نتواجه مع الآباء والأبناء وبني الأعمام وبني الأخوال؟! فكلنا عشيرة واحدة، فارجعوا، وخلوا بين محمد وبين سائر العرب.

    فكانت هذه المحاولة من عتبة مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى الجيش: (إن يكن في القوم من خير ففي راكب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا).

    وما أن سمع أبو جهل بدعوة عتبة حتى استشاط غضباً، وركبه الشيطان، ثم اتهم عتبة بالجبن والخوف على ابنه أبي حذيفة الذي أسلم، وهو من السابقين الأولين في الإسلام، فقال أبو جهل : والله ما منعه إلا الجبن وخوفه على ابنه، فقال لـحكيم رسول عتبة : قد انتفخ -والله- سحره، يعني: انتفخت رئتيه، والعرب كانت تقول هذا لمن بلغ منه الخوف مبلغه، فقال: والله ما أراه إلا قد انتفخ سحره من الخوف والجبن من لقاء محمد وأصحابه، كلا والله لا نرجع، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وما بـعتبة إلا أنه رأى أصحاب محمد أكلة الجزور وفيهم ابنه فخاف عليه، والله! لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد.

    ثم تزايد غضب أبي جهل وجرد سيفه وضرب حصانه على عاتقه، فقال إيماء بن رحضة الغفاري : والله بئس الفأل هذا.

    ولما بلغ عتبة قول أبي جهل : انتفخ -والله- سحره، قال: سيعلم من ينتفخ سحره أنا أم هو؟

    فما رأيكم في هؤلاء القادة الآن؟ قيادة الجيش بدأ بينها هذا الشقاق وهذا النزاع لأمر يريده الله، وتغلب الطيش على الحكمة والروية، فهدمت معارضة صاحب الجمل بسبب الطيش والتكبر والتجبر، فكان لا بد من الاصطدام بين جيش تغلب عليه الطمأنينة والاستقرار وأمرهم شورى، وبين فريق آخر بدأ المعركة بشقاق وخلافات، ولذلك بين الله لنا في سورة الأنفال كيف يكون النصر؟ وأنه يكون بالاتصال بالله، فلا بد أن تتصل القوة الأرضية بالقوة السماوية فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:45-46].

    فقد ذهبت ريحهم بسبب الخلافات لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا [الأنفال:42]، ما الذي قاد أبا جهل إلى مثل هذا؟ إنه الحقد والكراهية لمحمد ولأصحابه، وهذا هو الذي يقودهم اليوم أيضاً، هذا هو الذي يقود اليهود والنصارى ضدنا، إنه الحقد والكراهية وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:8].

    ما ذنب خمسين ألف في أفغانستان؟! وما ذنب مليون ونصف على مدى عشرة أعوام يقتلون؟! إنه الحقد على الإسلام وأهله، لكنهم لن يضروا أهل الإسلام لا من قريب ولا من بعيد.

    وكذلك كان أبو جهل من أشد الناس حقداً وعداوة على المسلمين وبغضاً للنبي صلى الله عليه وسلم، فلقد تميز من الغيظ لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، وكان هو صاحب المشورة بقتل النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: نجمع مائة من الشباب من شتى القبائل حتى يضيع دم محمد هدراً بين القبائل، ولا تستطيع بنو هاشم أن تطالب بدم محمد، فهو صاحب ذلك الرأي، فتخيل شعوره يوم أن خرج النبي صلى الله عليه وسلم ووصل إلى المدينة، وتخيل تلك الفرصة التي ينتظرها عندما أخبر أن جيش المسلمين ثلاثمائة رجل فقط، وهو قد دبر ألف حيلة حتى ينتقم من المسلمين ويصب عليهم جام غضبه ولَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا [الأنفال:42]، فقد كان يرى أنها فرصة ذهبية للفتك بالمسلمين خاصة لما علم بقلة عددهم، فقال: اليوم نفعل بهم الأفاعيل، وما درى أنهم سيفعلون به الأفاعيل، وستنقلب عليه الموازين، مع العلم أن أبا جهل يعلم في قرارة نفسه أن محمداً صلى الله عليه وسلم على حق، لكنه الحقد الأسود.

    1.   

    من أخبار الدعوة قبل الهجرة

    وسأرجع بكم قليلاً إلى الوراء، وبالتحديد إلى الأيام التي كانت الدعوة في مكة في بدايتها، يوم أن أنزل الله على نبيه: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل:1-2]، فهذه بداية الدعوة لماذا؟ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا [المزمل:5-6]، فكيف ستتحمل أعباء الدعوة إلا إذا كنت صادقاً في الليل؟ وكيف ستكون فارساً بالنهار قبل أن تكون فارساً بالليل؟ فعلى مدى سنة كاملة والنبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل كله؛ فما جاء التخفيف إلا بعد سنة! وكانت خديجة تقوم معه، وكان الصحابة الذين أسلموا يقومون معه، ولما علم الله صدقهم أنزل التخفيف فقال: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ [المزمل:20]، فقد كان يقوم الليل كله، ويقرأ القرآن، وإذا قرأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فلا أجمل من تلك القراءة، يقول أحد الصحابة: (صلى النبي صلى الله عليه وسلم بنا العشاء ليلة وقرأ: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ [التين:1]، يقول: والله الذي لا إله إلا هو ما سمعت أجمل صوتاً منه في تلك الليلة) فإذا قرأ القرآن الذي أنزل عليه فلك أن تتخيل كيف يكون وقع القرآن على النفوس!

    وفي بعض تلك الليالي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته يقوم الليل ويقرأ القرآن حدث أن ثلاثة من صناديد قريش وعظمائها جاءوا يتسللون في الليل من دون أن يعلم بهم أحد، وكل منهم جلس عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فما الذي أجلسهم؟ لقد أجلسهم القرآن! واليوم أمة الإسلام تجلس على جلسات غنائية حتى مطلع الفجر، وكفرة قريش يجلسون حتى طلوع الفجر يستمعون القرآن، والله إنه أمر عجيب! فما قدرنا هذا الكلام حق قدره، فقد ظهر أثر القرآن على النفوس الكافرة، ولم يظهر على كثير من أبناء المسلمين اليوم!

    فالقرآن لا يدخل البيت الخرب، فإذا جاء القرآن إلى قلب المؤمن ووجد فيه خراباً خرج، فلا يجلس الحق مع الباطل في مكان واحد، ولا يجتمع الغناء وكلام الرحمن في قلب كما قال ابن القيم :

    حب الكتاب وحب ألحان الغنا

    في قلب عبد ليس يجتمعان

    واليوم نحن أمة ألحان وأغان، حتى في حرب السبعين، يوم أن عبر المسلمون أقوى خطوط دفاعية في العالم، عبروها أول الأيام بالتكبير والتهليل، وما هي إلا أيام حتى انقلبت الموازين، وبدأت الإذاعات تقول: أم كلثوم وفلان وفلان يقيمون الحفلات الغنائية لانتصار المجاهدين!

    ويوم أن انتصر المسلمون في بدر وقف النبي صلى الله عليه وسلم يثني على ربه، ويخاطب ربه بالدعاء، فما أقام حفلات غنائية كما قال أبو جهل : لننحرن الجزور، ونشرب الخمور، وتضرب لنا القينات، حتى تسمع بنا العرب قاطبة فتخافنا، إنما أثنى على ربه.

    ولما دخل مكة في ساعة الانتصار -وساعة الانتصار هي أعظم الساعات واللحظات- دخل على ناقته مطأطئ الرأس يخاطب ربه بالدعاء، وهكذا دخل المنتصر، فما دخل بطراً ولا رئاء الناس.

    جاء الأخنس بن شريك وأبو سفيان وأبو جهل يتسللون في ظلام الليل فيجتمعون من دون أن يعلم أي منهم بصاحبه، ويجلسون يستمعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن، حتى إذا أقبل الفجر وخافوا أن يراهم الناس رجعوا، فجمعهم الطريق فسأل كل منهم الآخر: من أين أتيت؟ وكل يدري من أين أتى صاحبه، فتلاوموا، كيف تصدون الناس عن القرآن، ثم بالليل تجلسون تستمعون إليه؟! فتعاهدوا ألا يرجعوا إلى مثل هذا، والوعد والعهد عند العرب له معنى عظيم، ثم ينكثون العهد مرة ثانية، وفي الوقت المحدد أوى كل منهم إلى مكانه خلف بيت النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون القرآن مرة ثانية، فلما بزغ الصباح وتنفس الفجر جمعهم الطريق: ماذا بكم؟ ماذا بك يا أبا الحكم ؟ وماذا بك يا أبا ثعلبة ؟ وماذا بك يا أبا حنظلة ؟! فقد أثر القرآن على تلك النفوس، وعلموا أن الكلام ليس بكلام بشر، ثم نكثوا العهد للمرة الثانية، فلما جاءت تلك الساعة التي يعرفون أن النبي صلى الله عليه وسلم سيقوم فيها، إذا كل واحد منهم في مكانه في الوقت المحدد حتى إذا أصبح الصباح في اليوم الثالث ورأى بعضهم بعضاً تلاوموا نقضهم العهد والميثاق للمرة الثالثة، فما الذي جعلهم ينقضونه؟! إنه أثر القرآن، ثم تجد أن القرآن اليوم ليس له أثر في نفوسنا، وأن كلام الرحمن ليس له أثر في نفوس كثير من المؤمنين، ونحن لا نخاطب كفار اليوم، بل نخاطب المؤمنين الذين أنزل عليهم القرآن.

    سبحان الله! تعاهدوا ثلاث مرات، فإذا بهم ينكثون العهد والوعد في كل مرة، ولما أصبح الصباح وقد آوتهم منازلهم، خرج الأخنس بن شريك فذهب إلى أبي سفيان فقال: يا أبا حنظلة ! أسألك بالله! الكلام الذي سمعته من محمد في ثلاث ليال ماذا تقول فيه؟ قال: والله ما سمعت مثله قط، عرفت بعضاً منه، ولم أعرف بعضاً منه، لكنني وجدت له أثراً في قلبي، من الذي يعترف بهذا الكلام؟ إنه أبو سفيان عابد الأوثان، فقال الأخنس : وأنا والله كذلك، فوالله! إن لهذا الكلام أثراً واضحاً في قلبي.

    ثم ذهب إلى أبي الحكم -وهو أبو جهل - فقال: يا أبا الحكم ! الكلام الذي سمعته من محمد في ثلاث ليال، ماذا تقول فيه؟ قال: والله! إني لأعلم أنه حق، ما كذب محمد على بشر، فهل يعقل أن يكذب على الله؟! من الذي يقول هذا الكلام؟ إنه أبو جهل ، يقول: ما كذب على البشر على مدى أربعين سنة، وهو الصادق الأمين، فقد أثر عليهم قبل الرسالة فكيف لا يؤثر عليهم بعد الرسالة، إذاً ما الخبر؟ قال أبو جهل للأخنس بن شريك : نحن وبنو عبد مناف تنافسنا الرئاسة، أطعموا فأطعمنا، وسقوا فسقينا، وأعطوا فأعطينا، وبذلوا فبذلنا، حتى تحاذينا نحن وإياهم الركب في الشرف والمنافسة، فإذا بهم يقولون: فينا نبي يأتيه الوحي من السماء، وأنى لنا بمثل هذا؟! والله لا نؤمن به ولا نصدقه. مع العلم أنه يدري أنه على حق، كما علم فرعون أن موسى على حق، ومع ذلك: قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا [الإسراء:102]، قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24]، وهو أدرى الناس بكذبه، كما علم أبو جهل بصدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أول المكذبين، والدافع: هو الحقد والكراهية وبغض المسلمين قال تعالى: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل:14] لكن: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53].

    والآن يقودون نفس الحملة من نفس المنطلق، وإلا فهم يعلمون في قرارات أنفسهم أننا على حق، وأن قرآننا حق، وديننا حق، ومعتقدنا حق، لكنها العداوة كما قال الله: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى [البقرة:120]، فالكفر ملة واحدة لا تتغير ولا تتبدل، وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء:89]، تغيظهم كثرة سواد المسلمين، وصحوة المسلمين، وصفوف المسلمين في الصلوات، وإقبال الشباب على الطاعات، هذا والله الذي يغيظهم، فكلما ظنوا أنهم تمكنوا من شباب المسلمين إذا بشباب المسلمين أفواج يملئون المساجد من جديد، فتجد عندهم الاستعداد والتضحية والبذل من أجل هذا الدين.

    - يقول أحدهم: كنت أعجب من ابن السادسة عشرة والسابعة عشرة على جبال أفغانستان بربطته الحمراء، لكن ما الذي يحركهم؟ إنه: المعتقد، حب الشهادة، فهو حب لا يستطيعون أن يطفئوه في الأمة، فحب الشهادة والموت من أجل دين الله، لا يستطيع أحد أن يطفئه في هذه الأمة، شاء من شاء وأبى من أبى، فليفعلوا ما يريدون، فوالله لن يموت حب الجهاد في الأمة، وحتى النساء فلن يموت حب الجهاد في أنفسهن.

    فقد خرجت امرأة تقول لـأبي قدامة : مات أبي ومات أخي ومات زوجي في الجهاد، والله لو أن الله كتب الجهاد على النساء لخرجت مجاهدة في سبيل الله!

    ولا زالت نساؤنا يرددن مثل هذا الكلام، قال الله: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة:32-33].

    ولك أن تتخيل الثلاثة الكفار يتركون فرشهم في الليل، ويتسللون ويمكثون ساعات الليل كلها يستمعون إلى القرآن! فأين أثر القرآن اليوم في حياتنا؟! فنحن لا نستطيع أن نجد للقرآن أثراً والمعازف والألحان في كل مكان. فالقضية اليوم في حياتنا صارت قضية خوف، فعندنا الطاعات، ولكن في المقابل تجد قارئ القرآن يسمع الأغاني! يسمع كلام الرحمن وكلام الشيطان، فيجمع بين المتناقضات، فهو يطيع في ساعة، ويعصي في ساعة، فلن يستقيم الحال هكذا، وإنما يستقيم الحال إذا سرنا على طريق الطاعات، وتعبدنا الله بترك الفواحش والمنكرات، فمتى يكون هذا إذا لم نصدق الآن في شدة الظروف والأحوال؟ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [محمد:21].

    وقد أرسل إلي أحد الشباب رسالة أبكتني والله، قال: وأنا أرى أبا الوليد ومن قبله خطاباً يمضون، ويختار الله لهم الشهادة، وما اختارنا الله لأننا لا نصلح للشهادة!

    وأقول: لا، نحن نصلح بشرط أن نصدق مع الله، فسيرة محمد صلى الله عليه وسلم مليئة بصور البطولات والتضحيات.

    فأسأل الله أن يطهر بيوتنا وأسماعنا ومجتمعاتنا من معازف الشيطان والألحان، وأن يردنا إليه رداً جميلاً، وأن يردنا إلى القرآن، وأن يملأ مسامعنا بذكره، وأن يشغل ألسنتنا بحمده وذكره، وأن يجعلنا فداءً لهذا الدين، شاء من شاء وأبى من أبى.

    اللهم إنا نسألك حياة السعداء وميتة الشهداء، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا، اللهم خذ من أنفسنا ومن أموالنا ومن أولادنا حتى ترضى يا رب العالمين.

    أسأل الله أن يجمع شملنا ويوحد صفنا، ويصلح ولاة أمورنا، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.

    اللهم من حاد عن الطريق فرده إليه يا رب العالمين.

    اللهم اجمع كلمتنا وكلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين! اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وسنة نبيك يا رب العالمين.

    اللهم اجعلهم سلماً لأوليائك، حرباً على أعدائك يا حي! يا قيوم!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756632149