وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (دَبَّر رجل من الأنصار غلاماً له) . وفي لفظ: (بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً له عن دُبُر لم يكن له مال غيره، فباعه بثمانمائة درهم، ثم أرسل بثمنه إليه)].
هذا باب بيع المُدَبَّر، والمدبر هو: أن يعلق العتق على الموت بأن يقول: إذا مت فهذا العبد حر بعد موتي، أو أعتقته بعد موتي، فيسمى مدبراً؛ لأن هذا المالك دبَّر حياته، يعني: انتفع بالعبد واستخدمه في حياته، وحصل له أجر العتق بعد مماته، فجمع بين كونه دبر حياته ودبر مماته.
وعليه فيبقى العبد في ملك سيده، فإذا مات السيد أعتق العبد، ويكون عتقه من رأس المال؛ وذلك لأنه جعل عتقه معلقاً، والمعلق إذا وُجد الشرط الذي عُلق عليه حصل العتق سواءً كان التعليق بأجل أو كان التعليق بصفة، فلو قال مثلاً: إذا بلغ هذا العبد ستين سنة فقد أعتقته، فإنه يعتق بمجرد بلوغه، ولو لم يقل: أنت حر، وإذا قال مثلاً: إذا وُلِد لهذا العبد ثلاثة أو عشرة أولاد فإنه حر أو فإنه عتيق، فمتى تم أولاده ذكوراً وإناثاً عشرةً أعتق، ولو لم يعتقهم وذلك لوجود الشرط، وكذلك لو قال: إذا خدمتني -مثلاً- بعمل كذا .. بغرس كذا وكذا نخلة، أو بخياطة كذا وكذا ثوباً، أو بعمل كذا وكذا نعلاً، أو ما أشبه ذلك فأنت حر، فيعتبر هذا أيضاً تعليقاً على صفة، فكذلك إذا قال: إذا متُّ فأنت حر، فهذا تعليق للعتق على صفة وهي موت السيد، وكذلك إذا قال: إذا جاء رمضان فأنت حر، أو إذا شفيت من المرض فعبدي حر، أو إذا قدم ولدي الغائب أو وجدت دابتي الضالة فعبدي فلان حر أو فهو عتيق، فإذا حصلت هذه الصفة حصل العتق؛ لأنه علق العتق عليها.
فعُرف بذلك أن العتق يكون له أسباب، فمن جملتها هذا السبب الذي هو تعليق العتق على الموت، الذي يسمى التدبير، ومنها الكتابة، وهي مذكورة في القرآن في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرَاً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33] وذلك بأن يشتري العبد نفسه بمال مؤجل، ويقسط هذا المال على أقساط محددة شهرية أو سنوية، فإذا أداها كلها أعتق، فلو كانت قيمته -مثلاً- خمسة آلاف واشترى نفسه بعشرة آلاف يؤدي كل سنة ألفاً، فإذا أدى العشرة آلاف أعتق، ويسمى هذا مكاتباً.
كذلك أم الولد وهي التي يستولدها سيدها بأن يطأها فتلد له ولداً قد تبين فيه خلق الإنسان يعني: تلد ولداً حياً أو ميتاً، بشرط أن يكون قد تبين فيه خلق الإنسان إذا ولد ميتاً، فإنها تعتق بعد موته وتخرج من رأس المال، كالمدبر الذي يعتق أيضاً من رأس المال.
وبهذا استدلوا على أن التدبير لا يخرج العبد من الملكية حيث يجوز بيعه، وإذا باعه بطل التدبير، والذي يشتريه يتملكه؛ لأنه اشتراه على أنه عبد، فيبقى مملوكاً له، ولا يعتق لا بموت الأول ولا بموت الثاني، أي: لا بموت المدبر الذي دبره، ولا بموت الذي اشتراه؛ لأنه انتقل من ملك ذلك الذي دبره، فزالت حريته المعلقة وبقي رقيقاً.
لكن لو قُدِّر أن الذي دبره اشتراه مرة ثانية أو وُهب له فعادت إليه ملكيته، فإن صفة التدبير تعود إليه، فلو أن هذا الأنصاري أخذ ثمنه ثمانمائة درهم وأنفق منها ما أنفق، ثم وجد عبده يُباع فاشتراه بمائة أو بمائتين فإنه يعود إليه التدبير، بمعنى: أنه إذا مات الأنصاري أعتق عبده، وكذلك لو أن نعيم بن النحام وهبه للأنصاري فقال: وهبتك هذا العبد الذي اشتريته منك -أو اشتريته بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم- ورددته عليك، فإنه يعود إليه وصف التدبير بحيث إذا مات الأنصاري أعتق العبد من رأس المال.
فأم الولد مملوكة لسيدها، وقد ولدت منه ولداً واحداً أو عدداً من الأولاد، فإذا مات مالكها فإن ولدها يكون قد ملك جزءاً من أمه فتُعتق، والصحيح: أنها تعتق من مال الوالد، أي: من رأس المال، وهناك من يقول: تعتق من نصيب أولادها من الإرث، فيحررونها من نصيبهم، ولكن الصحيح أنها تعتق من رأس المال، حتى لو كان ولدها ميتاً؛ وأنه قد انعقد عتقها بوجود هذا الولد الذي ملك جزءاً من أمه.
وقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه) يعني: إذا أعتق أباه أو أعتق أمه أو أعتق جده أو جدته فقد جازاهم على حضانتهم وعلى تربيتهم له.
وأخبر أيضاً في حديث آخر بقوله صلى الله عليه وسلم: (من ملك ذا رحم محرم عتق عليه) ويراد بالرحم: كل من لو كان أنثى لحرمت عليه، فإذا ملكته فإنه يعتق عليك بمجرد الشراء، أو بمجرد الملكية، كأن تكون ملكته بإرث، أو ملكته بشراء، أو بهبة، أو بغنيمة، أو نحو ذلك فإنه يعتق عليك وويدخل في ذلك الأصول: كالأم والجدات كلهن، وكذلك الأب والجد، والجد أبو الأم، والأجداد من كل جهة، ويدخل في ذلك الفروع: كالأبناء والبنات وأولادهم ذكوراً وإناثاً وإن نزلوا، ويدخل في ذلك الإخوة وبنوهم وإن نزلوا، ويدخل في ذلك الأعمام والأخوال، ولا يدخل ابن العم وابن الخال في ذلك؛ لأنهما ليسا من المحارم.
والحاصل: أن هذا ونحوه دليل على أن الشرع كما أباح الرق فإنه جعل هناك أسباباً كثيرة ترغب في تحرير هذه الرقبة التي وقع عليها الرق، حتى تتفرغ لعبادة الله، وتقوم بأداء حقوقه.
وكذلك رغَّب المملوك في العمل لله، والعمل لسيده، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة يؤتَون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بكتابه ثم آمن بهذا القرآن فإنه يؤتى أجره مرتين، ومملوك أدى حق الله وحق سيده -حق الله هو العبادات، وحق سيده هو الخدمة- فإنه يؤتى أجره مرتين، ورجل كان له جارية فعلمها وأدبها ثم أعتقها وتزوجها يؤتى أجره مرتين).
وهذا ونحوه دليل على أن الإسلام لما أباح الرق أمر بمعاملة الأرقاء المعاملة الحسنة، ونهى عن معاملتهم بالشدة والتضييق والأذى، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هؤلاء المماليك إخوان لنا، وفي حديث أبي ذر أنه سابَّ رجلاً فعيَّره بأمه التي هي مملوكة وقال: يا ابن السوداء! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم خَوَلُكم -يعني: خدم لكم- جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم) فكان بعد ذلك أبو ذر رضي الله عنه يستوي في الكسوة هو وغلامه، فإذا لبس حلة ألبس غلامه حلة، وإذا لبس رداءً ألبس غلامه مثله، وكان يُجلسه إلى جانبه إذا أكل فيأكل هو وإياه سواءً، وما ذاك إلا حرصاً منه على العمل بهذا الحديث.
ولما رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في العتق كان من جملة ما رغَّب فيه كون الولاء لذلك المعتق لقوله: (الولاء لمن أعتق) وأخبر بأن ذلك العتيق يُلحق بقبيلة المعتِق فيصير منهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مولى القوم منهم). وقوله: (الولاء لمن أعتق) فيه ترغيب للسيد في أن يعتق غلامه؛ لأنه إذا عرف بأنه إذا أعتقه أصبح ولياً له، وأصبح كأنه من قبيلته، وأصبح معدوداً في أسرته وفي قبيلته، كان ذلك مما يرغِّبه في إعتاقه له.
ولهذا يعرف العلماء الولاء فيقولون: الولاء عصوبة سببها نعمة المعتق على عتيقه بالعتق، فيرثه هو وعصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم، ولا مع غيرهم.
ويعرف آخرون الولاء بأنه: لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث، أي: أن مولاك الذي اعتقته يصير مثل ابن عمك، فيواليك وينصرك ويؤازرك ويقوم معك فكأنه أحد أقاربك، ويصبح من الأسرة ومن القبيلة التي أنت منها، وذلك لأنك مننتَ عليه بهذا العتق، فيصبح كأنه واحد من قبيلتك، هذا معنى كون الولاء لمن أعتق.
وبكل حال فإن هذه الترغيبات دليل على أن الشرع جاء بكل ما يوافق العقول وما يناسبها، وأنه ليس فيه ما يرميه به أعداؤه من أنه يمكن الإنسان من بيع أخيه الإنسان كما تباع البهيمة، ومن تحكمه فيه، ونحو ذلك مما يقولونه ليشوهوا به صورة الإسلام ما دام أن هذا أصل الرق وهذا منتهاه.
الجواب: قد يُتسامح في مثل ذلك إذا عرفتَ صدقه، ورأيت -مثلاً- هويته أو بطاقة الأحوال الشخصية الخاصة به، وعرفت من سيماه أنه لا يتعمد كذباً، وعرفت أن مثل هذه الشهادات لا يترتب عليها ظلم لأحد، أو أخذ مال من هذا لهذا، وإنما هي استخراج ملكية أو بطاقة شخصية أو حفيظة نفوس أو ما أشبه ذلك، فكل ذلك لا بأس به؛ ولكن بعد أن تتثبت أنه من أهل الصدق.
الجواب: ما داما في هذه السن فينبغي المحافظة عليهما؛ ولكن يكون ذلك بالتربية والتنشئة والتعليم، وليس ذلك بحبسهما في المنزل، وعليها وعلى جيرانها الصالحين أن يراعوهما ويراقبوهما، وأن يحفظوهما من خلطاء السوء الذين يفسدون أو يلقنون العبارات السيئة، أو يهمزون ويعيبون أو يدعون إلى شر وفساد، أو يوقعونهما في مفسدة كشرب دخان أو ما أشبه ذلك، فإذا تحققوا من ذلك فلا يضرهما إن شاء الله الذهاب إلى المساجد.
الجواب: ترتيب السور اجتهادي، وأما ترتيب الآيات فلا شك أنه توقيفي، فمثلاً سورة البقرة من أولها إلى آخرها هكذا كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حفظها الصحابة عنه على هذا، كما في حديث حذيفة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة البقرة، ولا شك أنها على هذا الترتيب، ثم قرأ بعدها سورة النساء، ولا شك أنها على هذا الترتيب، ثم قرأ بعدها سورة آل عمران، ولا شك أنها على هذا الترتيب، وكذلك قرأ ابن مسعود من أول سورة النساء إلى قوله: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ [النساء:41] ولا شك أنها على هذا الترتيب، وهكذا بقية السور.
فالآيات ترتيبها توقيفي، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت آية قال لأصحابه: (اجعلوها في موضع كذا من سورة كذا) فتُجعل في موضعها.
وأما السور فقد رُوي أن بعض الصحابة كانوا يقدمون بعض السور على بعض؛ ولكن اتفقت كلمتهم على ترتيبها على هذا الترتيب الموجود، ولو كان عن طريق الاجتهاد.
وآخرون يقولون: إنه لابد أن يكون عندهم تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم بترتيب السور.
الجواب: نعم؛ لأنه لا يتحكم فيه ولا يقدر على إمساكه، فإذا علم أنه مستمر الخروج ولا يتوقف فهو كصاحب سلس البول، ويتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها.
الجواب: تحل له، ولا يضره رضاع إخوته إذا كان هو لم يرضع من أم هذه الجارية، والجارية ما رضعت من أمه، إنما إخوته رضعوا من أمها، فإخوته يصيرون إخوة لها، وأما هو فلا تعمه الأخوة، وهو لم يرتضع.
الجواب: لا شك أن هذا داخل في الوعيد، وأنه مما يُنتبه له ومما يُنكر، ومثل هذا يحصل كثيراً وبالأخص من الشباب أو الصغار الذي لا يبالون بما يقع على السماط ونحوه من اللحوم والأكل دون أن يأكلوها، فيتساقط منهم شيء كثير بحيث لو جُمع لكان غذاءً لعدة أشخاص، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها وليُمط ما فيها من الأذى -وظاهره أنها تقع على التراب فيعلق بها- وليأكلها ولا يدعها للشيطان) وكذلك كان يأمر بلعق الصحفة التي يكون فيها الطعام، ويأمر بلعق الأصابع، ويقول: (إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة) فيُنتبه لمثل هذا.
الجواب: الحكم فيها بالحرمة تغليباً لجانب التحريم؛ لأن كل شيء متولد من حلال وحرام فإنه يغلب فيه جانب التحريم لحديث: (من اتقى الشبهات ) لأنه مشتبه، فالبغل متولد من الحمار والخيل، ولما كان أحد أبويه حلالاً والآخر حراماً غلَّبنا فيه جانب الحرام.
الجواب: ما أذكر في ذلك شيئاً أو دليلاً واضحاً؛ ولكن إذا كان قد جُرِّب فالأمر تبع للتجربة، وأما القراء المشهورون فما أذكر أنهم جربوا شيئاً من ذلك.
وعلى كل حال فالاقتصار على قراءة القرآن وقراءة الأدعية النبوية فيه الكفاية إن شاء الله.
الجواب: ينتظر حتى يشرع؛ لأنه ما دام في البلد فلا يجوز له القصر، ولا يُشرع له القصر إلَّا إذا فارق البلاد العامرة، وما دام أنه دخل عليه وقت الظهر وهو في البلد فإنها تجب عليه كاملة، ولا يجوز له قصرها، إنما يجوز القصر بعدما يخرج، فما دام أنها وجبت عليه ودخل الوقت وسمع المؤذن فلابد أن يصليها أربعاً، سواء قبل الخروج أو بعده.
الجواب: ليس فيها استفتاح، إنما بعد الاستعاذة والبسملة يقرأ الفاتحة.
الجواب: إذا كان دونها حواجز منيعة فلا مانع، يعني: ما دام أن بين المصلي وبين دورات المياه حواجز من حيطان فلا مانع حتى لو كانت بينه وبين القبلة، كما أنه لا مانع من أن يصلي فوق البيَّارات التي قد صُب فوقها صبات مغطية لها ومحكمة لها، وبينه وبينها فُرُش وحواجز، فمثل هذا لا مانع من الصلاة فوقها إن شاء الله.
الجواب: الظاهر أنها من العادات، وأنها من الأغطية التي تُلبس عادةً، فإذا كان فيها منفعة مثل أنها تقي من الشمس فلا مانع من لبسها، ولا يكون فيه تشبه، وإذا لم يكن له قصد في لبسها إلا التشبه أو الشهرة أو التزيّن فيُنهى عنها لهذا القصد.
الجواب: الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يُزكَّى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدَّين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنياً، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه ولو طالبه ثم طالبه، قد يدعي الإعسار ويدعي العُدْم ويدعي الفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه، واختُلف في زكاته بعد القبض، فقيل: يزكي عن السنوات كلها إلى ألَّا يبقى إلَّا أقل من النصاب؛ ولكن هذا فيه شيء من الضرر، والأقرب أنه يزكيه عن السنة الواحدة ولو بقي عشرات السنين.
الجواب: نرى أن مطار الرياض تابع للرياض وأنه لا يجوز له -والحال هذه- أن يجمع بين المغرب والعشاء ولا أن يقصر حتى يفارق البلد، وما دام في المطار فإنه في حكم المقيم؛ لأنه تابع للبلد.
الجواب: ننصح بعدم أكله، وإن كنا لا نجزم بحرمته؛ لكن القرائن ترجح أنه لم يُذبح ذبحاً شرعياً؛ لأن القصد من الذبح قطع الحلقوم والمريء حتى يخرج الدم، وحتى يصفو اللحم إذا خرج ذلك الدم منه، والغالب أن أولئك الذين يبيعونه يحرصون على أنه لا يخرج دمه؛ لأنه يأتيهم بهذا الدم زيادة ثمن، يعني: الدجاجة إذا وُزنت ودمها فيها زاد وزنها، ولو قيراطاً أو أقل قليلاً؛ ولكن يجتمع من ذلك الشيء الكثير؛ لأنهم إذا باعوا مثلاً مائة ألف أو ألف ألف دجاجة، وكان في كل دجاجة زيادة وزن بمقدار جرامين أو نحوهما بهذا الدم، حصل لهم مبالغ كثيرة بهذا الدم، يعني: يزيد في وزنها، فهم -فيما سمعنا- يحرصون على ألَّا يخرج دمها، وسمعنا أنهم يغمسونها وهي حية في ماء حار حتى ينضج جلدها ثم بعد ذلك تموت، وإذا ماتت مرت على ماكينة تضربها حتى يتساقط الريش، وماكينة أخرى تقطع الرأس، ومثل هذا دليل على أنها ماتت ولم يقطع الرأس إلَّا بعدما ماتت.
فأنا أنصح بالاقتصار على الدجاج الوطني الذي تُحُقِّق إن شاء الله أنه قد صُفِّي دمه، وأن هؤلاء الذين يقولون: إنها ذبحت على الطريقة الإسلامية مشكوك فيهم؛ لكن بعضهم كما ذكروا أنه يرسل من يتأكد من ذبحها فيتأكدون تأكداً واضحاً كما ذكر عن (شركة المنَّجِّم) أنه يرسل إلى هناك من يذبح أو يشرف على الذبح، وإذا تؤكد ذلك فلا مانع من الأكل إن شاء الله.
الجواب: لا يقال ذلك، ما دام أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره وأُكل على مائدته، وما دام أنه من الطيبات، إنما كرهه لأن نفسه لا تطمئن إلى شيء لم تتعود عليه.
الجواب: لا مانع من أكله، فاليربوع دابة معروفة يحتفر في البر ويتوالد، وهو مما تستطيبه العرب، وقد أباحوه، وذكروا فيه فدية إذا قتله المحرم، مما يدل على أنه من الصيد، وكذلك أيضاً جعلوه من الطيبات ولو كان شبيهاً بالفأر؛ لكن الفأر ورد أنه نجس، ومفسد وجُعلت الفأرة من الخمس الفواسق، وأُمر بقتلها في الحل والحرم، فدل على تحريمها، وأما اليربوع فلا مانع من أكله.
الجواب: لا أدري ما مدى صحة هذا الحديث فهو مشكوك فيه! والنبي صلى الله عليه وسلم قد أقر الصحابة على صيده وعلى أكله في الحديث الذي في الصحيحين عن أبي أوفى قال: (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد).
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر